
*
أغلق “عمر” باب الشقة بعدما تأكد من رحيله، فوجد زوجته تتمدد على الأريكةٍ بتعبٍ بدى له مصطنع للغاية، وتأكد حدثه حينما قالت وهي تمسد بيدها على بطنها المنتفخة بصوتٍ تصنع الوهن:
_”عمر” نضف المكان لإني تعبانة أوي ومش قادرة أقف.
رمقها بنظرةٍ منزعجة، ثم إنحنى ليجمع الكؤؤس وبعض الأطباق، ليحملهما للمطبخ، وعاد مجدداً حاملاً لأحد الأكياس، فجمع به المهملات ثم أعاد ترتيب الصالون والردهة، وحينما إنتهى عاد ليجلس جوارها، ثم جذب ريموت التلفاز ليلهي نفسه قليلاً، وخاصة حينما وجدها مشغولة بقراءةٍ إحدى الكتب، تفاجئ “عمر” بها تضع قدميها على قدمه، ثم تخبره بدلالٍ:
_تدليك بقا لحسن الحمل تعبني أوي.
ألقى الريموت لجواره بتعصبٍ أخرجه من سكينته:
_وبعدين معاكي بقا يا “إيمان”.. هو مفيش حد في العالم حامل غيرك!
أغلقت الكتاب ثم تركته جانباً، لتستقيم يجلستها قبل أن تهاجمه بكلماتها:
_كل ده عشان بتساعدني شوية ما أنت طول الليل بره البيت وسيبني هنا زي أي جهاز موجود في الشقة، وبالرغم من كده عمري ما اتكلمت.
إبتلع ريقه الجاف بصعوبةٍ، فعلى ما يبدو بأنه فتح لنفسه باب من جحيمٍ، لذا كان عليه أن يسرع في إغلاقه، فجذب”عمر” ساقيها، ثم أخذ يدلكها برفقٍ، وهو يردد بإبتسامةٍ واسعة:
_وعلى أيه يا روحي الطيب أحسن.
عادت لتسترخي بجلستها، ثم جذبت الكتاب لتعود لرحلةٍ قراءتها، هامسةٍ بغرورٍ:
_ناس مبتجيش غير بالعين الحمرا.