
أومأ “حاتم” لها بنعم فمُنذ حضور هذه الفرسة إلى هنا وهو من يرعاها ويهتم بأمرها لذا يعرف هذا الأمر وقال بحماس:-
-من يوم ما جيت هنا بقالها ثلاثة شهور ولا مرة شوفتها فرحانة كدة، كل مرة كنت بطلب الدكتور عشان يشوفها لأن أكلها ضعيف وحتى صهيلها مسمعتهوش فى معظم الأوقات، فتحت لها الباب أكثر من مرة عشان تجري وتحس بالحرية فى المكان
لكنها كانت واقفة محلها سر، دلوقت بس عرفت مالها وعلاجها اللى الدكتور مقدرش يدهولها، صاحبتها! إيلا كانت عايزة المالكة عن الحرية
فتحت “مريم” الباب الخشبي الجراج بقوة رغم ضعفها وهو الحاجز بينهما وربتت على ظهر “إيلا” فرستها البنية الجميلة ذات الشعر الطويل كصاحبتها مما جعلت من لمستها الحماس ينطلق بها وبدأت تقفز بسعادة وتهز رأسها كأنها تطلب من “مريم” الصعود على ظهرها، تبسمت “مريم” وجلبت مقعد صغير لتضعه جوارها وصعدت على ظهر “إيلا” وتنفست بأرتياح وهى تقول:-
-وحشتينى يا إيلا، مش هتتخيلي حياتي فى غيابك عاملة أزاى
أوقفها “حاتم” ب شديد قائلًا:-
-علي فين، ممنوع ركوب الخيل بالليل دى أوامر جناب البيه….
لم تعطيه “إيلا” المجال لأستكمال حديثه وركضت بسرعة جنونية بـ “مريم” كأنها تحتفل بعودة صديقتها ومالكتها وتشاركها الفرح، خرج “جمال” من المرحاض بعد أن أخذ حمامًا دافئًا وأرتدي تي شيرت أسود اللون وبنطلون أزرق ليجد كوب قهوته موجودًا على الكمودينو فأخذه ودلف إلى الشرفة يرتشف القليل منه وهو يتكأ بذراعيه على داربزين الشرفة ويفكر كثيرًا فيما هو قادم وماذا يجب أن يفعل بهذه الفتاة وغدًا سيفتح الوصية غير كونها حامل قاطع تفكيره وشرود صوت صهيل الفرس بقرب منه، ألتف لزواية الشرف وأتسعت عينيه عندما رأي الفرسة تخرج من منزل الخيول مُسرعة وبحماس وعلى ظهرها “مريم” أستقام فى وقفته وهو يسير معها بل يركض معهما بعينيه، دلفت “إيلا” إلى السياج وكأنها تعود للحياة والركض بحماس وسعادة و”مريم” فوقها تلاشي الخوف والأرتجاف منها تمامًا كأنها تبدلت وأصبحت فتاة أخرى، كانت كفارسة ماهرة فى قيادة الخيال وتمسك فى شعر “إيلا” الطويل بحب وشعرها الناعم يتطاير مع جسدها النحيل الذي يقفز مع ركض “إيلا”، لم ينكر “جمال” أبدًا كونها جميلة لكن تساءل أجمالها يستحق أن يتزوجها رجل بعمر والدها؟، فإذا كان هو والذي يصغر أخاه بعشر سنوات فلن يقبل أبدًا بطفلة مثلها زوجة له، ماذا قدم “مختار” لها كي تقبل به؟ كان هذا السؤال يلازمه دومًا طيلة الليل وهو يراقبها حتى مرت ساعتين أو أكثر فجلس “جمال” على المقعد يراقبها فى جلوسه حتى تعبت وأخذت “إيلا” إلى المنزل
الخشبي لتدخل “إيلا” وتعود وحدها للقصر، لم ينام “جمال” هذه الليلة وكان تفكيره يأخذه للأسوء، أيجب أن يتخلص من جنينها؟، بدل ملا صباحًا وأرتدي قميص أبيض وبنطلون جينز ثم ترجل للأسفل وكان “شريف” قادمًا فتعجب لما يرتديه “جمال” فقال:-
-رايح فين؟ النهار دا إجازتك ولا وراك شغل معرفهوش
أغلق “جمال” ساعة يده بأحكام وهو يجيب عليه قائلًا:-
-رايح معكم للمستشفي خلينا نخلص
أتسعت عيني “شريف” وهكذا “سارة” على مصراعيها وبدأ الأرتباك يظهر عليهما فقال “جمال” بجدية:-
-هي فين؟
أجابته “سارة” بتوتر شديد قائلة:-
-أهي جت
رفع رأسه ليراها تنزل على الردج مُرتدية نفس ملابس الأمس بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بنصف كم وحذاء رياضي أبيض
اللون فهى لم تجلب معها أى ملابس أو أغراض لها، ذهبوا أربعتهم معًا للمستشفى فى سيارة “جمال” فلم يستطيع “شريف” أو “سارة” والخوف من هذا الرجل صنع بداخلها ثقبًا كبيرًا من الخوف بعد أن يعلم “جمال” ما ينوا عليه، وصلوا للمستشفي ولم ينتبه أبدًا إلى سيارة الأجرة الخاصة بـ “حمزة” التى توقفت خلفهم وهو يراقبهم، وصلت “مريم” بأرتباك شديد إلى غرفة الطبيب وكان صديق “جمال” ليقول:-
-اتفضلي
نظرت “مريم” لهما بقلق شديد مما جعل “جمال” ينظر إليها وهى لم تدخل كما طلب الطبيب ليقول بحزم ولهجة صارمة:-
-أدخلي خلينا نخلص من الموضوع دا
تعجب “شريف” لكلمته التي لم يفهمها فدلفت “مريم” وحدها بعد أن منعت الممرضة وجود “سارة”، أخذ “شريف” “جمال” من ذراعيه إلى درج الطوارئ وكان المكان فارغًا ليقول بقلق:-
-حضرتك قصدت أيه بنخلص من الموضوع؟ ناوي علي أيه يا مستر جمال؟
أجابه “جمال” ببرود شديد قائلة:-
-هتجهض، ونخلص من الطفل دا، لازم أنزله أنا مش هقبل بطفل من عاهرة يكون فرد من عائلتي ووصمة عار ليا
أستشاط “شريف” غيظًا من تصرفه دون أن يرجع له وقال بأنفعال دون أن يتمالك ه لأول مرة أمام “جمال”:-
-من قال لك أنها عاهرة؟ وبعدين عذرًا لكن حضرتك أزاى تتصرف من غير ما ترجع لي وتأخذ قرار زى دا.
صاح “جمال” غاضبًا بأنفعال وهو يشير بسبابته نحو الباب قائلًا:-
-عاهرة يا شريف، قبلت تتزوج برجل من عمر أبوها عشان فلوسه بس، باين عليها أنها طفلة منضجتش لسه ولا تعرف حاجة عن الحياة لكن أول ما شافت فلوس لمعت فى عينيها وقالت تبدأ الحياة بمعلقة من الذهب وراحت له، ممكن تقولي الطفل اللى فى بطنها ذنبه أيه؟ ذنبه أيه أن يتولد من أب فاسد مُتعاطي للمخ..درات ومفيش فى سيرته اللى باقية له غير كل أعماله السيئ ومن أم محتاج أتكلم عنها أديك شايف العينة، وفى الأخر أنا هكون عم له وتربطني علاقة أبدية بالناس دي، لا يا شريف أنا مش هسمح بدا نهائيًا، الطفل لازم ينزل ونخلص بقي وبعدها ممكن أديها مبلغ كرم مني وتعوض على أبنها اللى راح وصدقني مش هترفض لأن الفلوس هي الهدف من الأساس فى جوازها من مختار
خرج “جمال” من الباب إلى حيث الرواق وكان كالثور الهائج مُنفعلًا بجنون وعلى وشك “مريم” بهذه اللحظة وهى سبب كل ما يعيشه وتدمير حياته الهادئة، جلست “مريم” بخوف على الفراش مُعتقدة بأنها ستجرى فحصًا بأشعة السونار لكنها صُدمت عندما وضعت الممرضة حنقة فى وريدها لتسألها “مريم” بقلق:-
-أنتِ بتعملي أيه؟
أنهى الممرضة الدواء من الحقنة فى وريدها وهى ترفع رأسها إلى “مريم” لتقول:-
-بخدرك ولا هتجهضي الطفل من غير تخدير؟
صُدمت “مريم” من كلماتها وقبل أن ت أو تتفوه بكلمة واحدة كانت قد غبت عن الوعي بمفعول المخدر وجهزتها الممرضة لتجرى الجراحة، وصل “شريف” للغرفة خلفه وهو يقول:-
-يا مستر جمال صدقني هتندم، هى مش زى ما أنت متخيل نهائيًا، أنا..
قبل أن يكمل حديثه خرج الطبيب من الداخل ونظر إلى صديقه ليقول:-
-جمال!! من اللي قالك أنها حامل ؟
نظر “جمال” لـ “شريف” و”سارة” الواقفة مكانها بقلق ثم سأل بقلق:-
-هي مش حامل؟
نظر الطبيب له بدهشة من سؤاله ثم قال بجدية:-
-هتكون حامل أزاى يا جمال وهي بنت وملمسهاش حد
أتسعت أعين الجميع فيما عدا “سارة” التى تعلم جيدًا أن “مريم” ما زالت بعفويتها لم يلمسها رجلًا من قبل حتى زوجها المتوفي لم يقترب منها، لكنها تفوهت بصدمة ة:-
-أنت عرفت أزاى أنها بنت!!؟
أسرعت للغرفة بصدمة ة لترى “مريم” نائمًا على الفراش وملا ا جوارها وترتدي زى الجراحة مما جعل عينيها تدمع حزنًا وإشفاقًا على هذه الطفلة التى لم يشفق عليها أحد والجميع يتسبب فى إهانتها وألمها حتى هذا الرجل الذي لم
تقابله سوى بالأمس لم تتسبب له بأى أذي صنع لها هو أذي لم تقبل به أى امرأة فى حياتها، ظل “جمال” وافقًا فى صدمة مُتجمدًاوكأن عقله شل مكانه وجسده جُمد فى الأرض، لم تكن عاهرة كما قال بل فتاة عفيفة وشريفة، أتهمها أسوء أتهام بكل مرة يتفوه بالحديث عنها، أم “شريف” ظل واقفًا مصدومًا فهو كان على علم بأنها لم تكن حامل وهو من أخترع هذه الكذبة حتى يبقيها فى القصر بعد أن سمع حكايتها لكن عفويتها لم يتوقعها أبدًا، ألبستها “سارة” ملا ا وهى فاقدة للوعي ثم مسحت على رأسها بحنان وقالت:-
-سامحيني يا صغيرتي، أنا اللي سيبتك لوحدك ووثقت بهما ونسيت أنهم رجالة ميتوثقش فيهم، متقلقيش أنا هأخدك بعيد عنهم كلهم، هنبعد عن كل اللي أذوكي و وكي أوعدك
قبلت رأسها بحنان ودفء، حاولت حملتها كى ترحل لكنها لا تقوى على حملها فذهبت إلى زواية بالغرفة لتجلب المقعد المتحرك الموجود هناك وعادت إلي الفراش، دُهشت عندما رأت “جمال” يحملها على ذراعيه كطفلة رضيعة وألتف كى يخرج بها لتتقابل عينيه مع “سارة”، تطلعت به ب شديد وأشمئزاز من فعلته وقالت:-
-أنت بتعمل أيه، أبعد عنها وإياك تفكر تلمسها مرة تاني، أنت زيهم ومتختلفش عنهم ولا عن قذارتهم، الرجالة كلها زى بعض بنفس الوخشية ما بتصدقوا تلاقوا واحدة ضعيفة تستقوا عليها وكل واحد بطريقته
أجابها بحدة ونبرة غليظة قائلًا:-
-قذارة!! ليه هو أنا جيت أكشف علي عذريتها ولا أتهمتها فى شرفها وقولت ابن حرام، أنتوا اللي قولتوا أنها حامل وأنا مش عايز طفل منها يكون فى عليتي
تبسمت “سارة” بسخرية على كلماته وقالت:-