منوعات

بقلم آية محمد رفعت

مرت ساعة كاملة قضاها “عاصي” بالحديث مع “عمر”، وحينما شعر بالفتورٍ خرج للشرفة ليضع قهوته جانباً والحزن يسيطر على معالمه، مازال يتذكر وجودها لجواره بمثل هذا اليوم الذي بات أتعس يوماً بالنسبة إليه، كل مناسبة تخصه باتت نقمة عليه بدونها، لا يعلم كم ظل على هذا الحال، ساعة أم ساعتين قضاهما وهو يتطلع للنيل بشرودٍ، فأفاق من غفلته حينما وجد أخته تقترب منه بحزنٍ إتبع لهجتها:
_مالك يا “عاصي”؟ إنت لسه منستهاش؟
نظراته الضائعة إليها كانت بمثابةٍ إجابة صريحة لها، فربتت على يديه الممدودة على السور بحنانٍ:
_حاول تنساها، عشر سنين وأنت لسه زي ما أنت كأنها ماتت إمبارح، العمر بيجري يا”عاصي” إمتى هيبقالك ذكريات جديدة متعلقة بيك!
زفر ليخرج العالق برئتيه ومن ثم قال بصوتٍ موجوع:
_مش عايز أتكلم في اللي فات يا “إيمان”.
تحطم قلبها لأجله، لا أحداً يشعر به أكثر منها، فحاولت أن تغير حديثها، فسألته بلهفةٍ:
_عملت أيه في موضوع”عائشة” ، البنت منهارة يا “عاصي”، ” غيث” ظالمها.
رد عليها بضيقٍ برز بإنفعال نبرته:
_حاولت أتكلم معاه أكتر من مرة بس عنيد واللي في دماغه في دماغه.
سكن الحزن قسماتها، فأجلت أحبالها الصوتية:
_مش قادرة أصدق إن خالتي تعمل كل ده عشان تخليه يطلقها.
استدار بجسده تجاهها، ثم قال:
_لإنها من البداية مكنتش موافقة على جوازه منها يا “إيمان”.
رددت بصدمةٍ:
_تقوم تعمل كده!
أجابها بتهكمٍ:
_تصرفها غلط بس هي عمرها ما هتشوفه كده، خليها تتفرج على ابنها الوحيد وهو بيضيع قدام عنيها بسبب اللي عملته.
وتطلع لساعة يديه بإنزعاجٍ:
_الوقت إتاخر، وأنا ورايا شغل كتير بكره، يلا تصبحوا على خير.
وتركها وولج للداخل فوقف مشدوهاً حينما رأها غفلت محلها كالطفلة الصغيرة التي إتبعت أبيها لمشوارٍ هام ثم غلبها النوم، فمرر يديه على طول شعره وهو يردد باستياءٍ:
_أهو ده اللي كان ناقص!

انت في الصفحة 6 من 40 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
1.3K

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل