منوعات

بقلم آية محمد رفعت

بمنزل “عمر”.
إستحوذت الصدمة عليهما، فلأول مرة منذ سنوات يصطحب “عاصي سويلم” فتاة معه، كانت “هند” الإمرأة الاولى والوحيدة بحياته، وكلما حاولت شقيقته “إيمان” أن تجد له عروس مناسبة إليه، ولكنه رفض في كل مرة أتت له بفتاة مختلفة، وأخبرها بأنه لا يفكر بالارتباط بعد موت خطيبته وحبيبته “هند”، وهي الآن تراه يقف أمامها وبصحبته فتاة جميلة للغاية، تجاهل”عاصي” السؤال المطروح، فعادت شقيقته لتسأله من جديدٍ:
_مين دي يا”عاصي”؟
ابتسمت وهي تقترب منها، لتجيبها بابتسامةٍ عذباء:
_أنا”لوجين” ، وأنتي إسمك أيه؟
انتقلت نظراتها المتعجبة تجاهه، ومن ثم أشارت له هامسة:
_قولي يا “عاصي” مين دي؟
جذبهما برفقٍ للغرفة القريبة منه، وأغلق بابها ليلتفت إليهما ومن ثم قص على مسماعهما ما حدث، فقال “عمر” بصدمةٍ:
_سيبني أركز بس في اللي قولته، يعني البنت اللي برة دي تبقى خطيبة “قاسم خلدون” اللي المفروض في صفقة هتم بينكم في نفس اليوم اللي كان فيه خطبتهم، فخطفتها أنت لأنها مش عايزة تتجوزه، أيه الورطة السودة دي!
ابتسمت “إيمان” لتقطع حديث زوجها بحماسٍ بعد تفكير جعلها تنجرف بعيداً:
_ كل قصص العشق والغرام بتبدأ بأحداث زي دي بالظبط، أنا دلوقتي متفائلة بالبنت دي وحاسة إنها هتعمل اللي فشلنا إحنا فيه.
استدار تجاهها”عاصم” ثم صاح بها بانفعالٍ:
_إهدي يا “إيمان”،مفيش حاجة من اللي بتقوليها دي هتحصل، قولتلك ألف مرة إن قلبي مات في اللحظة اللي “هند” ماتت فيها..
ثم تركها وخرج من الغرفة ليجلس على الاريكة مقابل”لوجين” التي تنتظرهما بالخارج، فما أن جلس جوارها حتى قالت بخجلٍ:
_أتمنى أني مكنش سببتلك إحؤاج مع عيلتك .
لمس بحديثها خجل يتخفى خلف نبرتها الهادئة، وها قد إستكشف بها جانب جديد جوار مشاكستها وجرائتها التي أثارت اعجابه، لم ينكر بأن تلك الفتاة بها شيئاً يثير إعجابه، ولكنه علل لذاته بأنه لم يتخلى عن أحداً قط حتى يتخلى عنها وهي بحاجة لمساعدته، فقال بصوته الرخيم:
_لا أبداً… إختي كانت عايزة تطمن عليا بس.
قاطع “عمر” الهمس المتلهف بينهما، حينما قال بترددٍ:
_إتفضلوا جوه..
لم يفهم “عاصي” لماذا يريد منه الدخول، فغمز بعينيه وهو يخفض من صوته خشية من أن تستمع له زوجته:
_المفاجأة اللي قولتلك عليها، أنت لحقت تنسى ولا أيه؟
إبتسامة شبه ساخرة رسمت على محياه على طريقته بالحفاظ على سر زوجته، فنهضت “لوجين” عن مقعدها وهي تشير إليه بحماسٍ:
_مفاجأة أيه دي،قولي بسرعة.
أشار لها بأن تتبعه، فأتبعته للداخل ومن خلفهما “عاصي”، فوجد شقيقته قد زُينت الغرفة بأكملها بالبلالين الحمراء، والشموع، ووضعت طاولة كبيرة بمنتصف الغرفة، تحوى قالب عملاق من الكعك المغرق بالشوكولا الشهية، وكتبت على سطحها بالكريمةٍ
“عيد ميلاد سعيد عاصي”…
تطلع تجاهها وهو يمنحها ابتسامة حنونة، فلم يعد يملك بهذا العالم سواها هي وأصدقائه”غيث” و”عمر”، لا يعلم ماذا كان سيفعل بدونهما!
ساد الصمت بينهم حتى طوت صفحته صفقات تلك الفتاة واتبعها صياحها:
_أنا هنا في الوقت الصح، يالا نقطع الكيك لأنه شكله يجوع بصراحة.
ابتسمت لها “إيمان” بلطفٍ، ثم قالت:
_تعالي نجيب السكينة وأطباق..
أومأت برأسها بخفةٍ ومن ثم اتبعتها للمطبخ ومازالت نظرات “عاصي” تتبعها بدهشةٍ،فسرعان ما تأقلمت مع إناس تراهم لأول مرة، تتابعتها نظراته حتى خرجن من الغرفة، فأسرع “عمر” تجاهه ثم جذبه على الأريكةٍ ليردف بشكٍ:
_إنت هتقولي الحقيقة ولا أجيبك يوم عندي في عيادتي ووقتها مش هتخبي حاجة، فتعالى دغري كده وقولي مين البت دي؟
أبعده “عاصي” عنه ثم قال بسخريةٍ:
_فاكر إن كلامك الساذج ده هيجيب معايا نتيجة زي ما بيجيب مع المختلين اللي بتعالجهم لا فوق.
رد عليه بضيقٍ:
_وظيفتي اللي مش عجباك دي بتجبرني أنبش في ماضي الناس وحاضرهم يا أسناذ، لإني دكتور في النهاية.
دفعه بشراسةٍ قبل أن يجيبه:
_يبقى تمارس مهنتك الغبية دي بعيد عني والا هقطع رقبتك،فاهم يا دكتور!
إبتعد عنه ببعض الخوف:
_إهدى، ده مجرد نقاش عادي، إنت انزعجت ليه كده!
إستقام “عاصي” بجلسته ثم عدل من قميصه، لينتبه كلاً منهما لصوت الضحكات المرتفع الذي يقترب، حتى بات بالغرفة نفسها، فما كانت سوى ضحكات “إيمان” و”لوجين”المرحة بعدها تعرفت كلا منهن على الاخرى، فكونت صداقة سريعة بوقتٍ لم يستغرق الثلاث دقائق!

انت في الصفحة 2 من 40 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
1.3K

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل