منوعات

بقلم مني سلامه ج 2

الحلقه 28

 

 

– “نهاد” .. “نهاد” .. قوم بسرعة

استيقظ “نهاد” فزعاً على صرخ “بيسان” .. قال بهلع :

– ايه يا “بيسان” .. مالك ؟

قالت وعضلات وجهها تتقلص من الألم :

– باينى بولد يا “نهاد” .. الحقنى

بقفزة واحدة غادر الفراش وأسرع بالاتصال بوالدته قائلاً بقلق بالغ :

– ماما “بيسان” بتولد

– طيب يا حبيبى هاتها على المستشفى وأنا هصحى باباك و عمتك ونحصلك على هناك

أغلق “نهاد” واقترب من “بيسان” التى تتألم قائلاً بقلق :

– “بيسان” متخافيش قومى معايا ……

 

ساعدها على النهوض وهى تصرخ قائله :

– أنا خايفة أوى

ربت على ظهرها قائلاً وهو يلهث من فرط توتره :

– متخفيش يا حبيبتى متخفيش

ساعدها على ارتداء ملابسها وحجابها .. وانطلق بها الى المستشفى .. أدخلتها الطبيبة لإحدى الغرف لفحصها .. ثم ابتسمت قائله :

– متقلقيش كل حاجة ماشية طبيعي الحمد لله

قال “نهاد” بتوتر وهى ينظر اى “بيسان” اتى سكنت قليلاً :

– هتولد دلوقتى

قالت الطبيبة وهى تغادر اغرفة :

– لا لسه شوية .. بس ان شاء الله على الصبح يكون “فريد” شرف بالسلامة

اقترب “نهاد” من فراش “بيسان” قائلاً :

– “بيسان” انتى كويسة

ما كادت تومئ برأسها حتى شعرت بتقلص آخر .. ضغطت بقوة على يد “نهاد” الذى بلغ قلقه وتوتره مبلغه !

 

**********************************

فتحت “سمر” عينيها لترى ضباباً كثيفاَ .. أغمضتهما مرة أخرى ..لحظات وفتحتهما من جديد .. صراخ .. عواء .. أشخاص يرتدون الأبيض .. يركضون .. يحاولون فتح عينيها .. يسلطون عليها ضوء أزعجها .. ألم حاد فى جسدها كله .. أخذت تتساءل .. أين أنا .. من هؤلاء .. ماذا حدث .. حاولت التحدث .. حاولت مناداتهم .. حاولت التحرك .. فلم تستطع .. شعرت بأطرافها مخدرة .. رباه .. ماذا حدث .. “باهر” .. السيارة .. الصدام .. وفجأة .. أظلم كل شئ .. بعد فترة بدت لها كثوانى معدودة .. فتحت عيناها ببطء .. لتجد نفسها فى غرفة مظلمة الا من ضوء بسيط .. حاولت التحرك .. تقلص وجهها لما شعرت به من الألم فى جميع أنحاء جسدها .. حاولت أن ترفع رأسها فشعرت بألم حاد .. مدت يدها اليمنى لتحسس رأسها فوجدت ضمادة كبيرة تلفه .. ما هى الا لحظات حتى حضرت احدى الممرضات .. ابتسمت لها وأخبرتها أنها ستذهب لإحضار الطبيبة .. عادت بالطبيبة التى بدأت فى الكشف على “سمر” .. تطلعت الى الأجهزة الموصله بـ “سمر” .. سألت “سمر” :

– أين أنا ؟ .. ماذا حدث ؟

قالت الطبيبة وهى ماازلت تفحص أجهزتها الحيوية :

– أنتِ بالمشفى .. لقد نقلتِ الى هنا على إثر اصابتك فى حادث سير .. ألا تذكرين

رفعت يدها اليمنى وتحسست رأسها قائله بوهن :

– نعم .. أتذكر

ثم التفتت الى الطبيبة تقول :

– “باهر” .. صديقي .. كان معى بالسيارة

قالت الطبية تطمئنها :

– لا تقلقى انه بخير

أمرتها الطبيبة أن تحاول تحريك قدميها .. حاولت “سمر” ذلك ثم قالت :

– أشعر فيهم بالألم

قالت الطبيبة :

– لا تقلقى هذا طبيعي بسبب الكدمات .. حاولى الآن تحريك ذراعيكِ

حاولت “سمر” مع ذراعها اليمين فإستجابت لها .. حاولت مع اليسرى .. وحاولت .. وحاولت .. دون جدوى .. نظرت الى الطبيبة بقلق قائله :

– لا أستطيع تحريكها

التفتت الطبيبة الى الجهة الأخرى من الفراش ورفع ذراعها تتفحصها .. ثم قالت :

– حاولى قبض أصابعك ثم بسطها

حاولت “سمر” تحريك أصابعها .. ففشلت .. نظرت بقلق أكثر الى الطبيبة وقالت :

– لا أستطيع .. لا اشعر بها على الإطلاق

عقدت الطبيبة جبينها .. وهى تسقط ذراع “سمر” من يدها ليسقط بجوارها على الفراش دون أى مقاومة .. أحضرت ما يشبه الدبوس وشكت “سمر” فى يدها ونظرت اليها بإهتمام قائله :

– أتشعرين بذلك

قالت “سمر” بأعين دامعة وشعور بالخوف يغمرها :

– لا .. لا أشعر

حاولت الطبيبة اجراء الاختبار مرات ومرات بطول الذراع .. دون أى استجابه .. التفتت الى الطبيبة قائله :

– اطلبى رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب

قالت “سمر” ودموعها تتساقط :

– ماذا هناك ؟ .. لماذا لا تتحرك يدي

نظرت اليها الطبيبة قائله :

– لا تقلقى .. هذا طبيعى .. لقد تلقيتيِ ضربة على رأسك .. لا تقلقى

لكن عينا الطبيبة أنبئتها بكذبها .. بدت الطبيبة نفسها كما لو كانت حائرة .. رفعت “سمر” عينيها الى سقف الغرفة وصدرها يعلو ويهبط .. وشعور بالقلق والخوف يغمرها !

 

********************************

 

وقف “نهاد” يتآكله القلق .. ربتت أمه على كتفه قائله :

– متخفش يا “نهاد” .. دى أحسن مستشفى فى مصر

نظر اليها دون أن يجيبها .. أخذ يزرع الردهة سيراً لا يستطيع الوقوف فى مكانه .. قالت “نهال” بقلق :

– اتأخرت أوى

قالت “انعام” مبتسمه :

– متخفيش شوية وتخرج ان شاء الله

التفتت “نهال” تنظر الى “مهند” الذى جلس أمامها على أحد المقاعد .. مطرقاً برأسه .. همست وهى تحرك شفتيها بصوت غير مسموع بينما تنظر اليه فى هيام :

– بحبك يا “مهند

ودت لو استطاعت أن تنهض وتسمعه اياها .. لكنها خشيت من ردة فعله .. نهضت “كوثر” واقتربت من “نهاد” قائله :

– حاجة البيبى جبتوها معاكوا ولا نسيتوها

نظر اليها “نهاد” قائلاً :

– أيوة جبتها فى العربية بره

قالت “كوثر” :

– طيب اديني المفتاح وأنا هروح أجيبها

نهض “مهند” قائلاً :

– خليكي يا عمتو هروح أجيبها أنا

أخذ “مهند” المفتاح من “نهاد” وتوجه الى الخارج ليحضر أغراض الصغير من حقيبة السيارة .. عاد ليفاجئ بـ “نهاد” يحمل الصغير بين ذراعيه والتف الجميع حوله فى سعادة .. ابتسم “مهند” وهو يتطلع اليهم وأمر “نهاد” بأن يؤذن فى أذن الصغير ففعل .. فما لبثت الممرضة أن أخذت الصغير وطلبت أغراضه ودخلت الغرفة مرة أخرى .. جلس “نهاد” على أحد المقاعد والدموع فى عيناه .. جلس “مهند” بجواره ورب على كتفه قائلاً :

– ربنا يباركلك فيه يا “نهاد”

ابتسم “نهاد” وقال وهو يمسح عبراته التى فلتت من عينيه :

– يارب

خرجت “بيسان” على الترولى فوقف “نهاد” وأمسك بيدها قائلاً :

– “بيسان” .. شوفتى “فريد” .. زى القمر

بتسمت بوهن وقالت :

– شكلك يا “نهاد”

اتسعت ابتسامته ودخل معها غرفتها .. ودخل الجميع بإستثناء “مهند” الذى ظل فى الخارج .. خرجت الممرضة تحمل الصغير .. فنهض “مهند” وحمله عنها .. أخذ يتأمله فى حنان .. بوجه الصغير وكفه الرقيق .. لف أصابع الصغير حول اصبعه مقبلاً يده .. تطلع اليه بعينان يملأهما الحنان .. مرر اصبعه على وجنته الملساء الناعمة مقبلاً جبينه فى رقه .. ضمه “مهند” الى صدره بحنان بالغ .. هفت نفسه الى صغير مثله .. خاصاً به هو .. ملكاً له هو .. تذكر زوجته الراحلة .. وأحلامهما بطفل صغير يجمعهما .. لكن كانت ارادة الله أن حرمهما من ذاك الحلم .. نظر اليه مرة أخرى بأعين تغشاها الدموع .. كان قد نسى هذا الحنين الى تكوين أسرة يكن هو قائدها وحاميها .. لكن هاهو ذلك الحنين قد عاوده .. شعر بغصه فى حلقه وهو يقبل جبين الصغير مرة أخرى .. انفتح الباب وتمرت “انعام” فى مكانها وهى تتطلع الى ذلك المشهد .. رفع “مهند” عيناه ينظر اليها .. لمحت تلك العبرات فى عينيه فشعرت بالألم من أجله .. اقتربت منه متنهدة بحسرة .. فأعطاها الصغير .. ثم التفت ليغادر المشفى .. تتابعها بعيناها التى غشيتها العبرات هى الأخرى

 

***********

انت في الصفحة 12 من 14 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل