
الحلقه 27
عاد “دياب” الى بيته فى معاده المسائي .. ليجد طفلته الصغيرة نائمة على الفراش الوحيد بالمنزل .. دخل وقبل رأسها .. دخلت “سحر” الغرفة بعدما شعرت بوجوده وأشارت له فى تبرم أن يخرج من الغرفة .. قبل الصغيرة قبلات متتاليه ثم خرج ليلحق بـ “سحر” فى المطبخ .. ابتسم مقبلاً اياها وهو يقول :
– ازيك يا “سحر”
قالت وهى تفتح باب الثلاجة لتخرج منها أحد الأغراض :
– ثوانى والأكل يكون جاهز
قال لها مبتسماً :
– متخليني أصحى “منه” شويه .. وحشانى نفسى ألعب معاها .. بقوم من الصبح على الشغل وهى نايمه ولما برجع بتكونى نيمتيها
قالت “سحر” بنفاذ صبر وهى تضع الطعام فى الأطباق :
– “دياب” أنا مش ناقصة صداع .. أنا ما صدقت نيمتها .. لو صحيت مش هعرف أنيمها تانى
اقترب منها “دياب” وأحاطها بذراعيه قائلاً :
– بقولك ايه متسيبى الأكل ده دلوقتى
قالت بتأفف :
– “دياب ” سيبنى أغرف خلينى أخلص .. أنا مهدود حيلى من الصبح .. أمك طلعت روحى فى الخبيز النهاردة .. وبنتك كملت عليا
قال “دياب” مقبلاً اياها :
– ألف سلامة عليكي .. معلش هى ماما بتحب تخبز العيش بنفسها .. ست كبيرة بأه مش هنيجي نغيرها دلوقتى
التفت وصاحت بغضب :
– وأنا ذنب أهلى ايه .. ما مراة أخوك أعده فى بيتها متهنيه .. مبتخليهاش تعجن معاها ليه .. ولا أنا بنت البطة السودة
قال “دياب” بحنان :
– لا يا “سحر” طبعاً هى بس ممكن تكون مبتقلش على مراة أخويا لان معاها 5 عيال ومش فاضية بس انتى معاكى “منه” بس
هتفت بحده :
– بنت واحدة بس مطلعة عيني .. انت طول اليوم فى شغلك مش مقدر .. بنتك من ساعة ما بتفتح عينها لحد ما بتنام وهى عماله تزن وتعيط .. خلاص روحى بأت فى مناخيرى
مسح على ذراعيها قائلاً :
– معلش أنا عارف انك بتتعبى معاها
التفتت مرة أخرى لتعاود اعداد الطعام .. فابتسم لها قائلاً وهو يجذب يدها :
– سيبك بأه من الأكل دلوقتى .. مش هيطير
جذبت يدها من يده بعنف وقالت :
– انت فايق ورايق .. سيبنى أخلص من تحضير الأكل ده خليني أنام
قال “دياب” بحنق :
– كل يوم الاسطوانه دى .. ايه فى ايه .. مرة مشغولة مرة تعبانة مرة البت هتصحى .. أنا جوزك وليا عليكي حقوق
قالت بحدة وهى تضع الطبق من يدها بحده :
– انت معندكش ذرة احساس .. بقولك طالع عيني من الصبح مع بنتك وأمك .. بس عادى يعني .. ده العادى .. من امتى وانت بتحس بيا
انصرفت بغضب ودخلت غرفة النوم تنام بجوار طفلتها .. بينما وقف “دياب” فى المطبخ يغلى من الغضب !
**********************************
خرج “مهند” من الشركة وتوجه الى الكافيه الذى يقع أمامها .. دخل كعادته وجلس على مقعده الذى يجلس عليه كلما ارتاد ذلك الكافيه .. أخرج دفتر وقلم من جيبه .. وأخذ يرشف قهوته التى وضعها النادل أمامه .. ويدون بضع كلمات على الدفتر .. لم ينتبه “مهند” الى نظرات الفتاة الجالسه على بعد عدة طاولات منه .. التفتت لصديقتيها تقول :
– كنا مع بعض فى رحلة العمل اللى طلعناها تركيا
نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض وقالت احداهن :
– محسسانى انك طلعتى معاه لوحدك .. ده انتوا كنتوا ولا 10 أفراد
قالت الفتاة وهى ترمق “مهند” بنظراتها :
– بس بقينا قريبين من بعض .. بشمهندس “مهند” كان ذوق أوى معايا فى الرحلة .. وكمان كانت أوضته جمب أوضتى وطول الطريق من الشركة التركية للفندق كنا بنقضيه كلام ومناقشات حولين الصفقة . .كان بيهتم انه ياخد رأيى فى كل تفصيلة
ضحكت احدى صديقتيها بسخرية وقالت :
– مش واسعه دى ؟
نظرت اليها ببرود وقالت :
– واسعه ايه يا تعبانه .. بقولك فعلاً كان بياخد رأيى فى كل حاجة انتى نسيتى انى مديرة العلاقات العامة ولا ايه
ثم نهضت من مكانها وتوجهت الى طاولة “مهند” ورسمت ابتسامة على شفتيها قائله بدلال :
– ازيك يا بشمهندس
رفع “مهند” رأسه وقد بوغت بوجودها .. هز رأسه وغض بصره قائلاً :
– أهلاً بحضرتك
اتسعت ابتسامتها .. ودون دعوة .. وتحت انظار “مهند” المندهشة .. جذبت مقعداً وجلست أمامه قائله بمرح :
– بصراحة نفسى أعرف نتيجة تعبنا فى رحلة تركيا .. يعني قولت بما ان حضرتك المسؤل الأول دلوقتى عن الشركة بعد “عدنان” بيه فأكيد حضرتك عارف الصفقة ماشية تمام ولا لأ
ثم ضحكت بمرح قائله :
– عايزة أشوف نتيجة تعبي
ثم رمقت الفتاتان بنظراتها وكأنها تقول “أصدقتم الآن” .. التفت “مهند” بطرف عينيه ليرى الفتاتان على الطاولة وهما ترمقانهما وتتهامسان .. ففهم الوضع .. وقبل أن تعى الفتاة ما يحدث .. نظر اليها “مهند” بحده وقال:
– اتفضلى قومى من هنا
التفتت لتنظر اليه بدهشة قائله :
-نعم ؟
قال “مهند” بصرامة :
– حضرتك سمعتينى .. اتفضلى قومى من هنا .. أنا مسمحتلكيش تعدى
توترت الفتاة واضطربت .. ونهضت قائله :
-أنا آسفة مكنش قصدى أضايقك
هز رأسه وعاود الكتابة فى مفكرته متجاهلاً اياها تماماً .. شعرت الفتاة بالمهانة خاصة بعدما عادت الى الطاولة ورأت صديقتيها يتضاحكان فيما بينهما فهتفت بغضب :
– مش عايزة واحدة فيكوا تفتح بقها بكلمة
ثم التفتت ترمق “مهند” بنظرات غيظ بينما كان لا يزال يكتب فى مفكرته دون أن ينظر تجاهها ولو بنظره واحده .. وهى تتمتم :
– قليل الذوق !
*************************************
– احنا لازم نسيب بعض .. احنا مننفعش لبعض
فتحت “سمر” فاها بدهشة وهى تسمع تلك الجملة يلقيها “باهر” على مسامعها عبر الهاتف .. هتفت بدهشة :
– ايه .. بتقول ايه ؟
فقال بحزم :
– بقولك يا “سمر” احنا مننفعش لبعض .. خلصا كل واحد يشوف طريقه مع واحد تانى
صمتت لا تقوى على الكلام .. ازدادت ضربات قلبها وهى تحاول أن تستوعب ما قال .. هتفت مرة أخرى :
– بتقول ايه ؟
قال “باهر” بسرعة :
– معلش يا “سمر” مضطر أقفل دلوقتى
أنهى المكالمة وهى مازالت تضع السماعة فوق أذنها .. أنزلت الهاتف ونظرت اليه وهى لا تزال تحت تأثير صدمتها .. نعم كانت تشعر برغبته فى تأخير الزواج .. لكنها لم تتوقع أن يتركها ويفسخ خطبتها .. كيف يفعل .. ولماذا يفعل .. أتت فى تلك اللحظة “فيروز” من الخارج لتجد “سمر” واقفة فى الردهة بحالها تلك .. قالت بإستغراب :
– ايه مالك .. فى ايه ؟
قالت “سمر” بحيرة واضطرب :
– “باهر”
– ماله ؟
لمعت عيناها بالعبرات وهى تقول :
– “باهر” فسخ الخطوبة
ابتسمت “فيروز” بخبث وقالت بحماس :
– أحسن غار فى داهية
ثم اقتربت من “سمر” وقالت بسعادة :
– سيبك منه خالص .. ولا تهتمى بيه .. أقولك على خبر يجنن .. فى عريس متقدملك .. حتى لما عرف انك مخطوبة اتمسك بيكي .. لا ومش اى عريس .. ده يبقى …………
لم تستطع “فيروز” اكمال جملتها لأن “سمر” انطلقت كالسهم خارج المنزل .. تمتمت “فيروز” بحنق :
– غبية
انطلقت “سمر” بسيارتها بسرعة عالية وهى تعقد جبينها فى غضب .. أوقفت السيارة أمام النادى الذى تعلم بوجود “باهر” بداخله .. دخلت لتفاجئ بـ “باهر” جالساً على أصدقائهما .. بينما احدى الفتيات تجلس فوق قدميه .. اتسعت عيناها دهشة وتوجهت الى طاولتهم بحنق .. اختفت ابتسامة “باهر” بمجرد أن رآها .. توقف الأصدقاء عن الضحك وهم ينظرون الى “سمر” الغاضبة .. وقبل أن يعوا ما يحدث جذب “سمر” الفتاة من ذراعها بحدة تبعدها عن “باهر” ثم تلتفت الى “باهر” صائحة :
– عايزه أتكلم معاك
نهض “باهر” على الفور وهو يتطلع حوله ودفع “سمر” بيده الى خارج النادى .. وقفت “سمر” بمواجهته وهى تهتف :
– يعني ايه اللى انت قولته ده .. يعني ايه نسيب بعض ؟
قال ببرود :
– زى ما قولتك احنا مننفعش ببعض
صاحت بغضب :
– وجاى دلوقتى تكتشف اننا مننفعش ببعض
لانت ملامحها و ضعق صوتها ولمعت الدموع فى عيناها وهى تقول بألم :
– أنا قولتلك متسبنيش يا “باهر” .. أنا لوحدى .. ومحتجالك .. واحنا بنحب بعض .. قولتلى مش هسيبك .. انت قولت كده يا “باهر” .. قولت مش هسيبك
زفر قائلاً :
– يا “سمر” احنا مش هننفع نتجوز .. احنا مختلفين أوى عن بعض .. كل واحد تفكيره فى جهة
قالت والعبرات تتساقط فوق وجنتيها :
– “باهر” بقولك محتجالك .. أنا مليش حد فى الدنيا دى غيرك .. أنا بجد مش عايزه نسيب بعض .. طيب قولى ايه الاختلاف اللى انت شايفه بينا وأنا هحاول أظبطه
صمت ولم يجب .. مسحت عبراتها المتساقطة وقالت وهى تشعر وكأن الأرض تتحرك من حولها .. وأصبحت الموسيقى الصاخبة تضعف شيئاً فشيئاً :
– رد عليا .. شايفنا مختلفين فى ايه يا “باهر” ؟
قال بنفاذ صبر :
– “سمر” خلصنا
توجه الى سيارته وركب أمام المقود .. اندفعت ٍ”مر” تركب فى المقعد المجاور وهى تصيح :
– يعني ايه .. تخطبنى وقت ما انت عايز وتسيبنى وقت ما انت عايز
انطلق “باهر” بالسيارة بسرعة وهو صامت يزم شفتيه فى غضب .. فهتفت “سمر” بهستيريه وهى تلكمه فى كتفه :
– طالما مش عايز تتجوزنى خطبتنى ليه يا “باهر” .. قولتلى ليه انك بتحبنى .. قولتلى ليه مش هتسيبنى
صاح “باهر” بحده وهى يضغط على دواسة البنزين بعصبية :
– انتى واحدة متخلفة وهتفضلى كده بعقليتك المتخلفة دى .. أنا خلاص قرفت منك ومش عايزك .. ايه هو الجواز بالغصب
تساقطت دموعها وهى تصيح باكية :
– يعني عشان بحافظ على نفسى أبقى متخلفة فى نظرك
لم يجب بل ازادت عصبية وهى تصيح ضاربه كتفه بقبضة يدها :
– عايزنى أبقى زى التييييييييييييت اللى كانت عده على رجلك من شوية
دفعها بيده بعنف فارتطم رأسها بزجاج الشباك بجوارها .. وضعت يدها على رأسها وهى تشعر بدوار وبرغبة فى التقيؤ .. نظرت اليه هاتفه :
– انت تييييييييييييييت يا “باهر” .. وأنا اللى مش عايزاك
التفت ينظر اليها بغضب .. وفجــــــاة .. اتسعت عينا “سمر” فى محجريهما وصاحت بأعلى صوتها وهى تنظر الى تلك السيارة القادمة تجاههما بسرعة كبيرة :
– حااااااااااااااااااااااااااااسب !!
التفت “باهر” ينظر أمامه .. حاول ادارة المقود .. لكــن .. سبق السيف العزل .. واسودت الدنيا أمام أعينهما !!