منوعات

بقلم مني سلامه ج 2

الحلقه 26

جلست “بيسان” فى شرفة منزلها تحتسى مشروباً ساخناً .. أخذت تفكر فى أحداث الليلة السابقة .. واستماعها لتلك المكالمة بين “نهاد” وتلك المرأ ة.. تذكرت تبريرات “نهاد” وقسمه بأن لا يخونها وبأن تلك المرأة ما هى الا علاقة قديمة .. وانقطعت .. ظلت الأفكار تراودها .. والأسئلة تلاحقها .. ماذا لو كان يخونها بالفعل .. وأنه يكذب بشأن انتهاء تلك العلاقة بنيه وبين تلك المرأة .. ما هو التصرف الصحيح الذى يجب على أى زوجة محبة لزوجها أن تسلكه .. كيف تحافظ على بيتها .. يكف يكون رد فعلها .. فكرت “بيسان” وفكرت .. الى أن توصلت لقرار .. لن تترك زوجها أبداً لأخرى تحاول هدم بيتها .. سواء خانها أم لم يخونها .. سواء انقطعت العلاقة أم لم تنقطع .. لا يجب أن تبتعد بنفسها عنه .. وتتركه فريسة سهله لتلك المرأة .. أو لأى امرأة غيرها .. إن لم تقدم له التفهم فلعله يبحث عن ذلك مع امرأة أخرى .. يجب أن تحتوى مشاكلهما .. يجب ألا تدع له المجال ليفكر فى غيرها أو ليحتاج لغيرها .. تركت الكوب من يدها ونهضت .. الى حيث يجلس “نهاد” حزيناً فى غرفة النوم .. يفكر فى طريقة يقنع بيها “بيسان” بأنه لم يخونها .. ولن يفعل .. هب من الفراش عندما وجدها تفتح الباب وتدخل .. أراد محادثتها لكنه خشى أن تنفعل عليه مثل اليوم السابق خاصة مع وضع حملها .. واقتراب موعد وضعها .. لكنه شعر بالدهشة وهو يراها يجلس بجواره على الفراش .. نظر اليها متلهفاً على الاستماع الى صوتها .. الى الحديث معها .. الى معرفة رد فعلها .. الى محاولة افهامها الحقيقة .. وأخيراً نظرت اليه وقالت بهدوء :

– احكيلى .. ومتخبيش عنى حاجه

قال بلهفة وحماس :

– والله يا “بيسان” ما خونتك .. زى ما قولتلك دى واحدة كنت أعرفها قبل ما نتجوز وقطعت علاقتى بيها .. وابتدت تحوم حوليا من فترة غيرت الرقم وبرده مفيش فايدة .. والله يا حبيبتى هى اللى بتجرى ورايا .. لكن أنا مش ممكن أخونك

نظرت اليه “بيسان” بإمعان تحاول تبين صدق كلامه .. وأخيراً قالت :

– طيب هاتلى رقمها

نظر اليها بشك وقال :

– عايزه رقمها ليه ؟

قالت بحزم :

– هاتلى رقمها يا “نهاد”

فتح “نهاد” هاتفه وقال :

– طيب سجليه عندك

أخذت الهاتف من يده ولدهشته وجدها تتصل بها .. نظر اليها إستغراب وسمعها تقول :

– ألو .. أنا “مراة “نهاد” .. لو سمحتى ابعدى عن جوزى .. اذا كنتى فاكرة انك بالطريقة دى هتسببى مشاكل بينى وبينه تبقى غلطانه .. احنا الاتنين بنحب بعض وبينا ولد مش هتيجي واحدة زيك وأسمحلها انها تهدم بيتى

قالت ذلك ثم أنهت المكالمة قبل أن تترك للمرأة فرصة الرد .. نظر “نهاد” اليها مبتسماً وقال :

– يعني مصدقانى

بدأت ابتسامه صغيره فى الارتسام فوق شفتيها وهى تقول :

– أيوة مصدقاك

عانقها قائلاً :

– الحمد لله .. كنت خايف أوى متصدقينيش

أبعدت رأيها نظرت اليه قائله :

– ممكن بعد كده متخبيش عنى حاجة .. أى حاجة تحصل قولى عليها واحنا نتكلم بهدوء مع بعض ونحل المشكلة .. ماشى يا “نهاد”

أومأ برأسه وهو ينظر اليها بسعادة قائلاً :

– ماشى يا “بيسان” .. مش هخبى عليكي حاجة تانى

 

*************************************

أوقفت “سمر” سيارتها فى أحد الأماكن الهادئة .. لا ترغب فى الذهب الى البيت حيث زوجة أبيها .. بالتأكيد ستشمت بها ولما آل اليه حال الشركة .. لكن ماذا تفعل وهى قليلة الخبرة بالعمل .. وبالحياة .. وها هو “باهر” لا تستطيع الإعتماد عليه على الإطلاق .. بل يبدو وكأنه لا يريد الزواج الآن .. أخذت تفكر .. تُرى لما يريد تأخير زواجهما .. ألأنها لم تطيعه فيما أراد .. وكيف تطيع .. فتحت باب سيارتها وهبطت وهى تشعر بحنق وغيظ شديد .. غيظ من كل شئ و أى شئ .. لماذا تشعر دايماً بأن حياتها بلا هدف .. بلا وجهه .. بلا معنى .. بلا طعم .. بلا روح .. داعب الهواء خصلات شعرها المتمردة فأعادتها فى عصبيه خلف أذنيها .. مر على بعد خطوات منها شابين .. أخذا ينظران الى سيقانها العارية .. شعرت بالتقزز وهى تلمح نظرتهما وهمساتهما .. لا شعورياً شدت الجيب الى الأسفل وكأنها تود لو كان أطول لتستطيع تغطية سيقانها عن عيونهما المتحرشه .. دخلت الى السيارة وانطلقت بها بحده .. لمعت العبارت فى عينيها .. شعرت بالحنق .. حتى أنها لا تدرى سبب دموعها .. أخذت نفساً عميقاً وأطلقته بقوة .. أدارت المسجل لتنبعث من السيارة نغمات موسيقى صاخبة .. ملأت السيارة بذبذباتها .. حاولت أن تدندن مع تلك الكلمات التى تفتقد كل معنى وذوق .. وهى تحاول أن تخرج ذلك الضيق من صدرها .. وتتناسى ما تشعر به من حزن وأسى .. !

 

*************************************

هتف “حسنى” فى غضب وهو جالس مع “كوثر” و “يسرية” فى بيتهم :

– “مهند” كل يوم شوكته بتقوى فى الشركة .. بعد كده محدش هيقدر يقوله تلت التلاته كام

قالت “يسرية” بحده :

– أخوك اتجنن يا “حسنى” .. مش عارفه ايه الحل معاه

قال “حسنى” بحيره :

– المشكلة لو وقفت قصاده ممكن يفتكر ان أنا اللى دبرت لقـ,ــ,ـتله .. ومش بعيد يقول شكوكه دى للظابط وأبقى متهم رسمى .. ولو سكت كل حاجة هتضيع من بين ايدينا

رفع رأسه ينظر الى “كوثر” و “يسرية” قائلاً :

– “مهند” بأه يعرف أسرار فى الشغل أنا معرفهاش .. “عدنان” بأه معتمد عليه فى كل حاجه

قالت “يسرية” بخبث :

– طيب ما تحاول تقرب من “مهند” .. وتكسبه فى صفك

ابتسم “حسنى” بسخرية قائلاً :

– “مهند” ايه اللى أقرب منه .. وايه اللى يخلى “مهند” يخون “عدنان” .. مصلحة “مهند” مع “عدنان” مش معايا

قالت “كوثر” التى كانت تمعن فى التفكير :

– أنا عندى اقتراح نخلص بيه من “عدنان” وجنانه

نظر اليها كل من “حسنى” و “يسرية” .. فقالت بحماس :

– نحجر عليه

اتسعت أعينهما بدهشة وهما يتطلعان اليها .. هتف “حسنى”:

– عايزانا نحجر على “عدنان” يا “كوثر” ؟

قالت “يسرية” مبتسمه :

– والله فكرة .. يا بنت الايه يا “كوثر”

التفت “حسنى” لينظر اليها فى دهشة قائلاً :

– حتى انتى يا “يسرية”

قالت “يسرية” ببرود :

– ده عين العقل .. مفيش حل غير كده

نهض “حسنى” هاتفاً :

– انتوا اتجننتوا باين عليكوا .. ازاى يعين نحجر عليه .. عشان نحجر على حد لازم يكون بيتصرف تصرفات مش طبيعيه .. و”عدنان” عقله يوزن بلد وتصرفاته موزونه جداً .. ازاى بأه هنقدر نثبت ان عقله مش مظبوط

قالت “كوثر” بحسرة :

– أووه مفكرتش فى دى

قالت “يسرية” بحماس :

– أكيد واحد فى سنه بيعمل حاجات مش طبيعيه .. احنا بس نركز معاه .. ونحاول نثبت انه مش موزون

قال “حسنى” مغادراً :

– والله باين انتوا الاتنين اللى اتجننوا بجد

 

**********************************

هتف الرائد “عادل” وهو جالس فى مكتبه :

– غريبة أوى !

قال مساعده الذى جلس أمامه :

– زى ما بقول لحضرتك يا فندم .. “لميس” كانت شغاله زمان خدامه فى بيت “حسنى” و “يسرية” .. وبعدها بفترة سبت الشغل عندهم وبطلت تشتغل خالص .. وبعد فترة رجعت تانى للشغل بس مشتغلتش عند “حسنى” .. لأ اشتغلت عند “عدنان” مديرة منزل

قال “عادل” شارداً :

– ممكن أوى يكون ولائها لسه لـ “حسنى” و “يسرية” وهما اللى خلوها ترتكب الجريمة دى .. هى الوحيدة اللى محدش شاف هى فين وقت الجـ,ـريمة .. وهى اللى اكتشفت الجثة .. يعني سهل أوى تروح المرسم وتقـ,ــ,ـتله وترجع الفيلا من غير ما حد يحس بيها

قال المساعد بحماس :

– بالظبط كده يا فندم

قال “عادل” وهو يجعد جبينه :

– بس ازاى خدامه أو مديرة منزل تقدر تنشن على القلب ومن المسافة اللى اضربت منها الرصاصة

مط مساعده شفتيه وهو يقول :

– ضربة حظ يا فندم .. جت معاها كده

قال “عادل” بتهكم :

– لا جبت التايهة .. طيب لو فى جديد فى القضية بلغنى

قام مساعده وأدى التحية العسكرية وهو يقول :

– تمام يا فندم

أرجع “عادل “ظهره الى الخلف وهو محتار فى أمر هذه القضية .. هل “لميس” لها علاقة بالقاتل ؟ .. أو هى نفسها القاتل ؟ .. وما هو دافعها لارتكب جريمتها ؟ .. ظلت هذه الأسئلة تلاحقه حتى نهض وخرج من القسم وهو يرتدى نظارته الشمسية التى أخفت لون عيناه البنيتان .. ليجد سيارة تقف لتسد الطريق .. فالتفتت الى اثنين من العساكر على باب القسم وهتف :

– عساكر انتوا ولا أسدين قصر النيل .. مين الحيوان اللى وقف عربيته أدام باب القسم ؟

ارتبك الإثنان وقال أحدهما بإرتباك :

– منعرفش يا فندم

صاح “عادل” :

– متعرفش .. أمال مين اللى يعرف .. أمى

ثم هتف وهو يركب سيارته :

– ادخل يا ابنى شوفلى من اللى راكنلى عربيته هنا خليها يشيلها مش جراج هو

انطلق بسيارته الى منزله .. توقفت السيارة أما تلك البناية لينهض البواب مؤدياً التحية العسكرية .. صعد الى طابقه وفتح الباب ثم أخذ يتشمم الهواء صائحاً :

– الله الله .. وأنا أقول من ساعة ما طلعت من المكتب وعصافير بطنى مش على بعضها .. أتارى قلبى كان حاسس

خردت سيدة كبيرة من المطبخ وهى تبتسم قائله :

– انت جيت يا عادل ؟

قال “عادل” بمرح وهو يقبل رأسها :

– لا لسه مجتش .. نص ساعة وأكون هنا

ضربته أمه على كتفه قائله :

– يلا وله .. غير هدومك على ما أحطلك الأكل

قال “عادل” بسخرية :

– وله ! .. لو سمعك حد من زمايلى فى القسم هتبقى فضيحتى بجلاجل .. الرائد “عادل” اللى بيمشى فى القسم كده يجلجله .. يتقاله يا وله

رفعت أمه حاجبيها قائله :

– آه وله وهتفضل وله .. هتتكبر على أمك ولا ايه

ابتسم مقبلاً يدها وقال :

– حد يقدر يتكبر عليك برده يا جميل انت .. ده انت اللى فى العين والننى

ضحكت قائله :

– طيب يلا يا وله ادخل غير هدومك ده أنا عملالك ملوخية وأنارب ايه زى العسل

قال متهكماً :

– أنارب ؟! .. أكولها ازاى بعد ما قولتى عليها أنارب

دخل غرفته البسيطة التى تزينها بعض اللوحات لآيات من كتاب الله .. وكلمات تحث على الصبر والرضا .. بدل ملابسه بمنامة بسيطة .. وخرج ليجد والدته قد أعدت المائدة .. جلسا معاً أمام الطاولة وهم بأن يتناول طعامه .. عندما ضربته أمه على كفه قائله :

– قوم اغسل ايدك الأول

نهض “عادل” بتبرم وقال :

– حاضر

دخل الحمام وغسل يده وعاد الى مقعده رافعاً كفيه أمام وجهه وهوي قول بمرح :

– فل أهو .. آكل بأه

قالت أمه وهى تبدأ فى تناول طعامها :

– آه يا حبيبى كل

قال “عادل” مستمتعاً بطعامه :

– الله الله الله .. الله عليكي يا حجه وعلى عمايلك .. ملوخيه فى الجون .. وأنارب ملهاش حل .. يا هناه يا سعده اللى ياكل ملوخية وأنارب من ايد الست أم “عادل”

قالت والدته ضاحكة :

– ان شاله تسلم يا وله يا “عدول”

توقف “عادل” عن اكمال طعامه قائلاً وهو يشير بأصابعه بغيظ :

– وله .. و “عدول” .. الاتنين

دست أمه قطعه لحم فى فمه وقالت :

– متتكلمش على الأكل .. وكل كويس شكلك عدمان العافيه .. عايزاك ظابط ملو هدومك كده مش هفأ

رفع حاجبه بغيظ وقال وهو يلوك الطعام فى فمه :

– هفأ .. ده أنا الحمد لله كلمتى ليها شنه .. ابقى تعالى القسم وانتى تشوف ابنك وهيبته

دست قطعة لحم أخرى فى فمه وقالت :

– ما شاء الله .. ربنا يحميك من العين يا ابنى

ربتت على ظهره قائله :

– كل يا حبيبى كل

أشار الى الطعام وقال :

– ما أنا باكل أهو .. تسلم ايدك يا أم “عادل” .. بس بعد الأكل كده تعمليلنا كوبايتين شاى كشرى من اللى هما

ابتست قائله :

– حاضر يا حبيبى من عنيا

 

*******

انت في الصفحة 10 من 14 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل