
حين أردف عزت قائلاً بنبرة مُستاءة يائسة :
_ أوان إيه بس يا أحمد اللي بتتكلم عنه، يا أبني كل أصحابك اللي من سنك بقا عندهم أولاد طولهم وإنتَ مش عاوز تريح قلبي أنا والمسكينة أمك دي ليه ؟
واسترسل حديثهُ مُشيراً بكف يده إلي حمزة نجلهُ الأصغر :
_ وأهو أخوك الصُغير أكبر مثال قدامك، أصغر منك بأربع سنين ومتجوز وعنده ولدين ومستقر في حياته
تحدث شقيقهُ حمزة مؤازراً شقيقه الأكبر الذي يكن له الإحترام :
_ إن شاءالله كل اللي بتتمناه هيحصل يا باشا، وقريب جداً هتشوف أولاد الدكتور وهما بيتنططوا حواليك زي القرود، ما تقلقش حضرتك
وأكمل وهو يلاطف شقيقهُ بدُعابة واستحسان :
_ وبعدين ده اللي بيشوفني جنب أحمد بيفتكرني أبوة مش أخوة الصغير
ضحك أحمد ثم نهض وتحدث مستأذنً كي يتجنب الحديث بذاك الموضوع :
_ أنا طالع أخد شاور وأرتاح شوية
تساءلت إنتصار مستفسرة :
_مش هتتغدي يا حبيبي ؟
أجابها بإختصار :
_ لا يا حبيبتي أكلت في المركز
وصعد إلي جناحهُ ليستحِم ويقوم بتبديل ثيابهُ بآخري مُعقمة ونظيفة وأيضاً كي يُنهي حديث الصباح والمساء الذي ملَ من كثرة الإستماع إليه، فدائماً والديه يلحان عليه من أجل الإستقرار والزواج الذي يرفضه بتاتً بحجة أنه لم يعثر حتي الآن علي فتاة أحلامه الذي رسمها بمخيلتهِ
بعد مرور ما يُقارب الساعة
كان يقف أمام مرأتهِ يُهندم من منامته المُنمقة كمعظم أشيائة المُوضوعة برتابة شديدة ، أمسك فرشاتهُ الخاصة وبدأ يُمشيط شعرهِ الفحمي اللون ذو المظهر الحريري، لقد كان وسيمً وجذابً للغاية مما جعل الفتيات يُلاحقنهُ إينما ذهب وظهر أمامهن ولكن، إين هو من تلك الجميلات الساحرات اللواتي تتمنين ولو نظرة من أعين ذاك الوسيم
أما بالنسبةِ له فبالرغم من سنواته الست وثلاثون إلا أنهُ وإلي الآن لم يشعر بالإنجذاب إلي أي أنثي مهما بلغ جمالها وسِحرُها ،كان دائم الإنتظار بظهور فتاة أحلامهُ التي ستأسِر عيناه وتسحبهُ من وحدته إلي عالمُها الحَالم الذي ينتظرهُ كي يحيا معها حياة العاشقين الأبدية ويُذيقها من عِشقهِ الهائل الذي إكتنزهُ لها وفقط
إستمع إلي بعض الطُرقات الخفيفة فوق باب جناحهِ فتحدث بصوتهِ الجهوري :
_أدخل
فُتح الباب ودلف من فتحته شقيقهُ حمزة قائلاً بدُعابه :
_ ممكن أدخل ولا الدوك هيهرب مني أنا كمان
إبتسم لشقيقهُ بجانب فمهِ وتحدث بهدوء وبنبرة ذات مغزي :
_ وليه بتسميه هروب، ده إسمه الإنسحاب الهادئ من المناقشات الحادة التي لا تُجدي ولا تعود بنفع علي متناقشيها