
_من التي س..تله؟
فركت جبينها بارتباكٍ:
_ابنة الملكة”رودوليت”، كنت أساعدها بالمعلومات التي أرادت معرفتها عنه، مكانه المحبب وأوقات خروجه من المملكة وهي وعدتني بأنها ستحرص على إبعاده عن العرش.
وقف” سامول” مندهشاً مما يستمع إليه، حتى ما ود قوله هرب على لسانه وكأنه لا يستعب بأنها فعلت كل ذلك، فقال ساخطاً:
_فعلتي كل ذلك من أجل العرش!
واستطرد بجفاءٍ:
_ت..لين أخيكِ لأجل السلطة!
أشارت برأسها نافية تلك التهمة عنها:
_لا لم أطلب منها قتله.
قـ,ـست تعابيره وقد أخشونت نبرته وهو يقول:
_ لا أصدق ما أسمعه.
واستطرد دون أن يرف له جفن:
_بالرغم من العداوة التي تجمعني به الا أني لم أفعلها لصلة القرابة بيننا..وحتى إن كنت أفكر يوماً بفعلها ستكون بساحة المعركة وجهاً لوجه أما أنتِ!
وعجز عن استكمال جملته التي ستحطمها لا محالة، ابتعد “سامول”عنها وهو يحاول أولاً تهدئة نفسه، فهمس بصوتٍ منخفض:
_ كيف طاوعك قلبك على التأمر ضد أخيكِ؟
جاب الجناح ذهاباً وإياباً وهو يزن الأمور جيداً، يفكر ما الذي يدفع الملكة”رودوليت” لقتل “ديكسون”؟، بدأت الأمور تتضح إليه تدريجياً حينما تذكر الأوربوروس عندما نقل له زيارة الملكة لمملكة”ميغالودون” ومن قبلها مهاـ,ـجمته ل”زمرد”، علم الآن ما الذي يخططان له سوياً، أنفض عنه تلك الأفكار التي تحصره بالتفكير بكيفية الإنتقام منهما ثم أسرع إليها ليخبرها بتريثٍ:
_ما زال أمامنا فرصة لإنقاذ “ديكسون” “أيرلا”.. أريدك أن تخبريني بكل شيء عن تلك الأماكن التي يتردد إليها.
ردت عليه بنبرة تضم في طياتها الإنكـ,ـسار:
_سأخبرك.
*********
التفتت يميناً ويساراً باحثة عنه، فلم يكن له وجود مطلقاً فقط تستمع لصوته، إلى أن ظهر أمامها كيانٍ ومن ثم تشكل بجسده ليبدو قريباً منها لا يفصلهما الكثير، نظراته الدافئة تذيب شيئاً بداخلها تجهله، تود لو تعمقت بالتطلع إليه عل هذا الدفء يذيب قوقع الحقد بداخلها تجاهه، استند بجبينه على جبينها، فلفحت أنفاسه الساخنة وجهها:
_اشتقتي لرؤيتي سريعاً!
تهدجت أنفاسها كلما شعرت باقترابه منها، فدفعته عنها ثم كادت بالإبتعاد لمسافةٍ آمنة، مد كفيه ليلتقط يديها مداعباً بابهاميه ظهر كفيها، فسرت رجفة قاتلة بانحاء جسدها جراء لمساته الحنونة، نظرات عينيه الشغوفتين أفتكت بما تبقى بداخلها، أغلقت عينيها بقوةٍ وهي تكبت كل ما بداخلها من أحاسيس مرهفة تقودها إليه، فرددت بتلعثمٍ:
_لا تقترب مني.. ابتعد.
أخذ شهيقاً عميقاً قبل أن يحرره هامساً:
_عجباً لكٍ تخبريني بكرهك لي وحينما أقترب منك لاع قلبك عشقاً ويرتجف جسدك عنفاً!
تقوس فمها بابتسامةٍ باهتة:
_مكانك بالقلب مرتبط بالكراهية.. أرتجف حينما تقترب نفوراً منك وليس عشقاً، أكرهك فحسب.
نظراته الساكنة جعلتها تكاد تجن، تراه لا يصدق ما تخبره به، فجذبت الخاتم الذي ترتديه لترفعه أمام وجهها وهي تشير له بأصابعٍ مرتجفة:
_أترى أتيت إلى هنا لأقتلك بهذا السم!
ابتسم بجمودٍ ثم قطع المسافة التي تفصله بينها، واضعاً كلتا يديه حول خصرها، ثم قربها منه لينحنى برقبته قليلاً:
_فلتفعلي إذاً.
سقط الخاتم من يدها من صدمتها الغير متوقعة لرده وخاصة حينما استكمل قائلاً:
_كنت أترقب تلك اللحظة التي ستهاجمنني بها، وحينما أتت بحثت بعينيكٍ فلم أجد سوى العـ,ـشق والتردد مما تفكرين بفعله.
أحنت رأسها للأسفل لتترك العنان لدمعاتها المنهزمة، حاوط خديها الساخن بيديه ليجبرها على التطلع له مجدداً، ثم قال:
_أتعلمين “ألماندين” ما هو الفرق بيننا وبين البشر؟
نظراتها المهتمة جعلته يستكمل حديثه:
_البشر لا يثقون بأحداً سريعاً لذا ليس من السهل أن يقع أحداهما بالحب.. أما نحن فينبض بداخل القلب من الوهلة التي يبلغ بها لذا حينما يجد النصف الأخر يخفق بقوةٍ منذ أول لقاء، يعلمه بأنه وجد من شاركته تلك اللحظات من قبل أن تلتقي به.
ورفع يديه ليضعه على موضع قلبها، مسترسلاً:
_قلبك يعرفني جيداً “ألماندين”.
سقط الدمع على يده التي تستمع دقات قلبها المندفعة بقربه منها، جلدته تلك القطرات وكأنه فاقد لقواه غير قادر على المحاربة، فأزاح بيديه الأخرى تلك اللعنات التي ستقضي على قلبه، ثم قال بألمٍ صاحب صوته الرخيم:
_أعرف جيداً ما الذي اختبرتيه منذ الطفولة.. لذا لن أوقفك اليوم.
لم تفهم مقصده الا حينما إنحنى ليجذب الخاتم الملقى أرضاً ثم كسر رأسه المستطيل ليقربه إليه وهو يردد بابتسامةٍ صافية:
_إن كان هذا سيجعلك سعيدة سأفعلها دون تردد.
اتنشلت من يديه الزجاجة لتلقيها أرضاً وهي تصـ,ـرخ بشراسةٍ:
_لا.. لن أسمح لك.
جذبها بقوةٍ إليه وبنظرةٍ خبيثة قال:
_لماذا تبالين بموتي إذاً؟
تطلعت لعينيه مطولاً قبل أن تنطق بتوترٍ:
_لأنك تعني لي.
أشار بيديه ليضيف بتريثٍ:
_ماذا أعني لكِ.
رددت باستسلامٍ:
_ أحبك.. لا أعرف متى أو كيف ولكني أحبك حقاً.
طغى وجهه ابتسامة ساحرة، فجذبها لأحضانه، رفعت يدها ببطءٍ ومن ثم حاوطته هي الأخرى، انهمرت دمعاتها تباعاً وهي تحطم بيدها كل عهداً أتخدته يوماً، تعلقت به وكأنه اختيارها الأخير بعد طريق حـ,ـفرته نيران الـ,ـكره والإنتـ,ـقام، أخر شيئاً توقعته أن تقع بحبه هو!
لا تعلم كيف سيكون مسرى تلك العلاقة ولكنها تريده مهما كلف الأمر، ابتعد عنها “ديكسون” ليشير لها بيديه:
_هيا سأصطحبك إلى مملكتي.. لن أتركك وحيدة بعد اليوم.
خطت خلفه خطوتان متتاليتين ثم توقف حينما تذكرت شيئاً، فاستدار إليها متعحباً من توقفها المفاجئ، فقالت:
_سأتي معك، ولكن علي الذهاب قليلاً.
وقف مقابلها ليتساءل باستغرابٍ:
_إلى أين؟
قالت بهدوءٍ وهي تتمسك بيديه:
_سأعود مجدداً.. أعدك.
فتح ذراعيه ليردد بمرحٍ:
_حسناً سأنتظر هنا لحين عودتك ، وربما أساعدك على الهبوط لحين استعادة طائرك الأخرق!
ضحكت فأشرق وجهها المنطفئ، ثم أسرعت إليه فحملها ثم هبـ,ـط بها سريعاً ليرتفع لأعلى بعدما لوحت له لتستكمل طريقها..
*********
بأسفل الكهف..
تعجب “سامول” و”إيرلا”حينما شاهدوا ما حدث، استدارت “إيرلا” إليه، ثم تساءلت بتشتتٍ:
_هل فهمت شيئاً؟
أجابها بعد تفكيراً:
_علها لا تريد تنفيذ خـ,ـطتها الآن!
سألته بدهشة إعتلت ملامحها:
_ربما، ولكن ماذا سنفعل الآن.
أشار لها بأن تتابعه حتى لا يشعر بهما “ديكسون”، فدنا معها من”تارا” التي تنتظرها فما أن رأتها حتى إنحنت برأسها تحوم بالأرض بطاعة، فقال “سامول” بهدوءٍ:
_عودي إلى القصر وغداً سنتحدث.
كاد بالمغادرة فأمسكت به وما أن تطلع لها حتى سحبت يدها بتوترٍ:
_لا ترحل.
اعتدل بوقفته، ثم وضع يديه على ذراعيها ليبث لها الطمأنينة:
_لا تقلقي “إيرلا”.. أنا لجوارك لن أتركك أبداً.
اتسعت ابتسامتها وهي تهز رأسها بفرحةٍ، فرفعها بذراعيه حتى وضعها على جسد”تارا” التي حلقت عالياً لتعود بها للمملكة.
********
بمملكة “البيتراء”
عاد للمملكة مهموماً، لم يعد يعلم ماذا تريد، ما زالت تشغل تفكيرها بالإنتقام من “ديكسون”، مازال الحب يأسرها ويدفعها للمحاربة حتى بالرغم مما حدث، أغلق”إيمون” عينيه ثم فرد ذراعيه باستقبال نسمة الهواء العليلة التي اتدفعت تجاهه وكأنها تشعر بما يختبره، كاد بأن يستسلم لجسده الذي يحثه على التحول بالحال، الا أن صوت “ضي” أمسك به ليعيده على أرض الواقع، فتح اجفانه الثقيلة ليجدها تضع يدها على كتفيه وهي تخبره بحزنٍ:
_عادت للمملكة مجدداً أليس كذلك؟
لعق شفتيه وهو يسألها بارتباكٍ: