
أجابها ببراءةٍ زائفة:
_أعتقدت أن قلبك يشعر بي مثلما أشعر بكِ.
أبعدت يديه عنها وهي تشير له بأصبعها بتحذيرٍ:
_لا تجبرني على التفكير جدياً بعدم العودة إلى هنا.
ابتسم وهو يجيبها بغرورٍ:
_حاولي فعلها إن شئتي.
منحته نظرة غلـ,ـيظة فتعالت ضحكاته بتسليةٍ، ليظهر بعد قليل”ديكسون” بعدما استأذن بالدخول، ففتح ذراعيه ليشير لها بمرحٍ:
_ملكتي الفاتنة مستعدة لقضاء رحلة ممتعة بعيداً عن هذا التـ,ـوتر؟
تعمقت بالتطلع للوكاس قبل أن تشدد من إجابتها:
_أجل مستعدة.
ثم تمسكت به، فأشار لها “لوكاس” بوجومٍ:
_ستعودين بنهاية الأمر “روكسانا” وحينها سأرى أي توتر تخـ,ـتبريه!
ضحكت وهي تشير ل”ديكسون”:
_هيا قبل أن يوقفنا.
تخفى بها سريعاً ليجابه الرياح بسرعةٍ تفوقها، كاد الهواء أن يمزق وجهها من حدته فتشبثت به بقوةٍ لتنتهي تلك المعاناة سريعاً، ثم لتجد ذاتها على سطح منزل “لينا”، فركضت للأسفل كطفلة صغيرة تشتاق لرؤية فرد من أفراد عائلتها، طرقت الباب ودقت الجرس سوياً، لينفتح الباب ومن ثم قابلها صوتاً منزعج:
_ماذا يحدث؟
بترت الكلمات على لسانها حينما رأتها تقف أمامها فصرخت بحماسٍ وعدم تصديق بآنٍ واحد:
_” روكسانا” لا أصدق!
احتضنتها “روكسانا” بفرحةٍ ليدوم عناقهما طويلاً ومن ثم تتبعه البكاء الحارق الذي يبوح بكلماتٍ من الشوق والحنين لبعضهما البعض، أزاحت “لينا” دموعها وهي تشير لها بالدخول، فولجت للداخل لتجلس على الأريكة ثم تساءلت بفضولٍ:
_أين “إريكا” و”كيفن”؟
جلست مقابلها وهي تجيبها بدموعٍ يملأها الشوق:
_”كيفن” بالخارج و”إريكا” بغرفتها، سأناديها.
خرجت بعد قليل بصحبتها، فاختفت الابتسامة المرسومة على وجهها حينما رأته يجلس أمامها، حتى هو كان يتهـ,ـرب من التطلع إليها، بادرت “روكسانا” باسئلتها الفضولية مستغلة استأذان “لينا” لتحضر لهما العصائر، فسألتها بلهفةٍ:
_أخبريني “إريكا” لماذا عودتي قبل أن تخبريني؟
ارتبكت فلم تجد المناسب لقوله، وبعد صمت مطبق إختارت به ما ستقوله:
_شعرت بالضجر قليلاً، فوددت العودة لقـ,ـضاء بعض الوقت برفقة أصدقائي.
لم تقتنع “روكسانا” بما استمعت إليه؛ ولكنها التزمت الصمت حتى لا تشعر “لينا” بشيئاً، اكتفت بمراقبتها وهي تتطلع لديكسون بشرودٍ وحينما تتقابل أعينهم تستدير للجهة الأخرى، وضعت “لينا” المشروبات على الطاولة ثم قالت بابتسامة عذباء:
_كنت أترقب زيارتك بصبراً كبير، الا تعلمين أني أشتاق لرؤيتك ومع ذلك تبتعدين كثيراً.
ارتشفت من المشروب بتلذذٍ وهي تجيبها:
_وأنا أشتاق لرؤياكي، تعلمين جيداً بأنني لا أمتلك سواكما، أنتِ و”كيفن” عائلتي.
احتضنتها “لينا” بحبٍ كبير، ثم جذبتها لتشير لها بحماسٍ:
_دعينا لا نضـ,ـيع وقتاً فلنذـ,ـهب للتسوق.
ابتسمت بسعادةٍ ثم لوحت ل”ديكسون” قائلة:
_لن نتأخر كثيراً.
وغادروا سوياً ليتركوا المجال لكلاهما بالحديث عما مر من مواجهة حطمت الطرفين، عبث “ديكسـ,ـون” بأصابعه وهو يتأمل الشرفة بصمتٍ، تابعته بعينيها بضيقٍ فطال ترقبها لأن يكسر الصمت فيما بينهما ويبدأ هو بالحديث، وحينما صدح رنين هاتفها استغلت الفرصة لتجيب عليها أمامه متعمدة الحديث بحبٍ شديد:
_مرحباً “جوردن”
أنا بخير وأنت كيف حالك؟
اليوم، حسناً سأراك بعد ساعة من الآن.
وأغلقت الهاتف ثم وضعته على الطاولة، فتساءل “ديكسون” باستيرابةٍ:
_من هذا؟
أخفت بسمتها بفرحةٍ من نجاح خطتها كما ظنت، فأدعت انشغالها بالهاتف وهي تقول:
_صديق لي.
ثم اعتدلت بجلستها، لتتساءل:
_ولماذا تهتم؟
أجابها بثباتٍ:
_ألا يحق لي ذلك؟
تحرك فكيها ناطقاً:
_لم أعني هذا.
ثم قالت بعد تفكيراً خبيث:
_كنت أود الحديث بشأن ما حدث بالمرة الأخيرة.
قاطعها قبل أن تستكمل:
_دعك مما مضى.
صدمت ببدء الأمر كانت تظنه سيحاول إصلاح الأمر ولو قليلاً؛ ولكنها لم تجد أي جدوى فاستكملت حديثها:
_أختلط الأمر علي قليلاً؛ ولكن الآن حينما أحببتك “جوردن” علمت بأن هناك فرقاً كبيراً بين الحب والصداقة.
ابتسم وهو يخبرها براحةٍ:
_أجل، هناك فرقاً بالتأكيد.
ثم استطرد:
_سعيداً لأجلك كثيراً “إريكا”.
التهمت النيران قلبها المـ,ـلتاع، ومع ذلك سيطرت على إنفعالاتها لتردد بصوتٍ محـ,ـتقن:
_فلتذهب معي لتلتقي به.
هز كتفيه بهدوءٍ:
_حسناً، سأذهب معك.
********
بمملكة” البيتراء”.
تعجب “إيمون” كثيراً حينما وجد والدته وأبيه قد أختاروا البقاء معه بتلك الفترة التي بها غريباً بعض الشيء، إن كان هو يميل للعزلة وخاصة بما يمر به بالتحديد فهو سعيداً كونهما جواره بوقتاً شعروا به بوحدته، ولكن بداخله ظل يتردد سؤالاً واحد هل بوجود الأحبة لجواره سيملأ فراع قلبه!
********
بمملكة “الشـ,ـارق”.
تلوت الأوربوروس بخفةٍ لتتبع رائحته العالقة، فوجدته يجلس جوار القصر بمسافةٍ قليلة، تضاعف حـ,ـجمها لتتلوى من أمامه وكأنها تخبره بأنها حصلت على مبتغاه، فسمح لها” سامول” بلدغه لتنقل له ما رأته طوال غيابها الصباحي، فنقلت أمامه صورة حية لها وهي غافلة على الفراش كقطعة من الفيروز الصافي، فتح عينيه بابتسامةٍ شعت بحبٍ صريح لها، فلم ينكر سعادته حينما أرته الأوربوروس أخر مكان زارته، فنهض ليتجه إليها، أما هي فكانت تقترب من الوصول لباب القصر الداخلي حينما وجدته يقف أمامها، بدت السعادة واضحة على وجهها، فاقتربت لتقف مقابله، فتساءل ساخراً:
_الا تخشين غضـ,ـب الملك تلك المرة!
تطلعت له مطولاً قبل أت تجيبه:
_لا أخاف أحداً، أفعل ما أجده صائباً.
أصبح قريباً منها وهو يتحدث بحيرةٍ:
_وما هو الصائب من وجهة نظرك..
تعمقت بعينيه البنية ذات اللون المعسول ولسانه يهمس :
_الصائب أنني أشعر بالإرتياح لهذا المكان،.. لا أعلم إن كان لوجود صديقتي الوحيدة أم لأني أحبك “سامول”.
تلك الكلمات الأخيرة التي نطقتها جعلته عاجز عن إختيار ما سيقول، إرتبك ولأول مرة أمام جراءتها بالإعتراف بحبه، ترقبت سماع أي رد فعل منه؛ ولكنه وجدته ساكناً، هائم الفكر لينهي كل شيئاً قائلاً بحزمٍ:
_عودي إلى رشدك”إيرلا” أي حبٍ هذا الذي تتحدثين عنه.
قالت بثقةٍ:
_حبي لك..
ابتسم ساخراً:
_تقصدين عدو أبيكِ!
_أخبرتك كثيراً أن لا علاقة لي بعداء أبي.
_وماذا إذا انتهى العداء الذي لا يعنيك ب..له أو ب..ي؟
ابتلعت ريقها وهي تتساءل في صـ,ـدمةٍ:
_ست..ل أبي؟
أجابها بجفاءٍ:
_مثلما ..ل أبي.
هزت رأسها وهي تردد بـ,ـشراسةٍ:
_لن أسمح لك بذلك.
ابتسم وهو يردد سـ,ـاخراً:
_أين ذهب حبك الآن.
ابتسمت رغم الدمع الذي يلمع بعينيها:
_إعتدت عدم الحصول على شيئاً رغبت به وأحببته منذ الطفولة.
نهشت كلماتها جوارحه، فشعر بما يؤلمها وكأن تلك الكلمات مختصراً كامل، انزعجت حينما فضحتها دمـ,ـعاتها بذاك الجانب المظلم من حياتها البائسة، فابتعدت لتغادر سريعاً المملكة، فأسرع “سامول” من خلفها:
_انتظري “إيرلا”.
توقفت عن المضي قدماً حينما وقف مقابلها، ليتحرك فكيه ناطقاً:
_لستِ وحيدة، فنحن لجوارك مملكتي باستقبالك كلما أردتي القدوم.
ابتسمت وهي تشير له برأسها:
_أشكرك.
ثم غادرت لتتركه يتأمل كيانها المرئي بشرودٍ، يفهم في هذا الحب الذي نشأ بظروفٍ غامضة، بين بنت عدوه اللدود!
*******