منوعات

بشريه اسرت قلبي الفصل السابع من الجزء الثاني بقلم ايه محمد رفعت

أشار له الملك بالجلوس، وبنفس ذات البسمة البشوشة قال:
_حينما اشتد عودك وحملت السيف لأول مرة كدت بقطع أطرافك وحينها هرعت إليك “بُوران” ركضاً وقبل أن تصل إليك أوقفتها وأمرتها بأن تترك.. حينها عاتبتني بأنني أبٍ قاسي القلب ومع ذلك تقبلت ما قالته بابتسامة صغيرة، وحينما مرت الأيام ورأت بعينيها قوتك ومهارتك التي يخشاها الجميع علمت لما كنت أفعل ذلك معك.
والتقط أنفاسه على مهلٍ وهو يستكمل:
_أعلم أن الأمر مختلف كلياً ولكن عليك بأن تتحلى بالصبر بني.. “ديكسون” يحبك كثيراً ولا يعارضك تحدٍ منه بل خوفاً بأن تصنع عقوبتك فجوة كبيرة بينك وبين ابنتك.
تمعن “لوكاس” بما قاله والده بحرصٍ شديد، حتى صعد لجناحه فإنجرفت قدميه لجناح ابنته، وقف لجوار فراشها يتأملها بحنانٍ وهي غافلة باستسلامٍ، ليردد بصوتٍ منخفض:
_إن كانت تجمعك صداقة بمملكة “الشارق” فلينهي أبيكِ العداء الذي يجمعه بملكها.
ثم طبع قبلة صغيرة على جبينها، ليغادر بحذرٍ حتى لا يفيقها، ومن ثم توجه لجناح “ديكسون” فتمدد على فراشه البارد ينتظر عودته، وحينما استمع لصوت احتكاك قوي رفع صوته وعينيه تحدق بالفراغ:
_تتأخر كثيراً بالعودة.
تفاجأ به “ديكـ,ـسون”، فأنحـ,ـنى قليلاً مردداً:
_مولاي.
ثم تساءل باهتمامٍ:
_هل حدث مكروه؟
اعتدل”لوكاس” بجلسته، ليجيبه بابتسامةٍ صغيرة:
_أهدأ، أردت الحديث معك فحسب.
رد بوقارٍ:
_بأمرٍ من الملك.
تطلع له مطولاً ليختمها بإشارة يديه:
_اقترب “ديكسون”.
إنصاع اليه ثم اقترب ومن ثم جلس لجواره مثلما أراد، ليبدأ”لوكاس” بالحديث والابتسامة تلاحق كلماته:
_ذكرني أبي بطفولتي فابتسمت حينما تذكرت بعضاً منها، شعرت وكأنني اهتديت لشيئاً فقدته منذ زمناً بعيد.
ووضع يديه على كتفيه وهو يسترسل:
_أتعلم “ديكسون” حينما إختارني السيف لأكون حامله شعرت بذلك اليوم وكأن عبئ المسؤولية وقع على عاتقي، وبالرغم من ذلك كنت أطمح بالمزيد حتى وإن كانت ستزداد متاعبي، التهيت بالحروب ولم يستنى لي التفكير بأن يكون لي يوماً ولداً!
ونهض عن الفراش ليحلق بجـ,ـسده عالياً فأتبعه “ديكسون” ليخرج من الجناح المنـ,ـحوت من الكـ,ـهوف والصخر الغامض، ليصبح أمام الحاجز الذي يحب تأمله، فعاد ليستطرد بحبورٍ:
_لا أعلم ما الذي دفعني للاستماع إلى “ضي” فوجدت نفسي أقبل بك وأرغم برؤيتك.. كنت تستمد قواك مني والآن أستمد منك قوتي.
واستدار ليصبح مقابله، فردد “ديكسون” باستغرابٍ:
_لماذا تقص علي هذا؟
رفع كتفيه بحيرةٍ:
_لا أعلم، ربما لأني شعرت بأنني قسوت عليك بعض الشيء وخاصة اليوم.
بتفهمٍ شديد قال:
_ليست قـ,ـسـ,ـوة أبي فأنت بنهاية الأمر الملك هنا!
ثم استكمل بحزنٍ:
_أنا من خالف أوامرك، ولكنني كنت أود أن لا يتصعد الأمر بينكم أبي.
احتضنته “لوكاس” وهو يردد بحنانٍ:
_أعلم بني، أعلم.
احتضنتها الفرحة وقبلت شفتيها السعادة باسمة حينما رأت بعينيها ذاك المشهد الذي بعث الطمأنينة لقلبها المجروح، ابتسمت “روكسانا” وهي تتأمل ما يحدث أمامها، فأقتربت لتصبح على مسافةٍ قريبة منهما ثم قالت بمـ,ـشاكسةٍ:
_أشعر بالغيرة مما أراه، ولكنني لا أنكر سعادتي حقاً.
ابتعد “لوكاس” عنه وهو يتطلع لمن تحدثه ليغمز لديكسون بمكرٍ:
_أشم رائحة حروق بليغة تتصـ,ـاعد من ذاك الأتجاه هل هذا أنت؟
ضحك “ديكسون” ثم قال بخبثٍ:
_أعتقد بأنها من ذاك الاتجاه التي تقف به ملكتك الفاتنة.
لوت شفتيها وهي تردد بضيقٍ:
_هل عدتما لمضايقتي من جديد!
أشار له “لوكاس” بحزنٍ مصطنع:
_متى حدث ذلك؟ أرأيت بني ماذا تفعل بي؟
_رأيت.
تدخلت “روكسانا” بالحديث، قائلة بانفـ,ـعالٍ:
_أنك ماكر حقاً “لوكاس”.
أجابها في دهشةٍ:
_ماذا؟ ، هل يتجادل البشر فيما بينهما بتلك الألفاظ المهينة بعالمكم لا تنسي بأنني الملك هنا على الأقل إظهري لي بعض الإحترام .
عبث”ديكسون” بحاجبيه بمللٍ من تلك المشاحنة التي لن تنتهي حتى الصباح، فقال ببسـ,ـمةٍ مصطنعة:
_حسناً، لأتركما بمفردكم سأغادر الآن.
وتخفى سريعاً قبل أن تتطاول الأمور فيما بينهما، كادت “روكسانا” بأن تستكمل مبارتها الحاسمة فخطـ,ـفها “لوكاس” ليظهر سريعاً بجناحهما، ثم تمدد لجوارها على الفراش وهو يخبرها بمكرٍ:
_هيا.. لنستكمل ما كنا نفعله بالخارج هنا على الأقل لا يرى أحداً الملك والملكة يتشاجرن ليلاً كالمـ,ـراهـ,ـقين!
تشاركا الضحك سوياً، لتغفل بين ذراعيه بعـ,ـشقٍ يحاوطها أينما كان هو لجوارها، ليفيض عليها بما يتـ,ـشاركن به سوياً.
********
بجناح “ضي”
استيقظ “لوثر” من نومه حينما وجد الفراش فارغ من جواره، نهض يبحث عنها حتى وجدها تجلس جوار بركة المياه التي تضيئها القواقع الصفراء وعدد من المرجان الذهبي الخالد، تمرر أصابعها على سطحها ببطءٍ وشرود عميق، جلس جوارها ثم وضع يديه على وجهها ليتساءل بلهفةٍ:
_لماذا تجلسين هكذا حبيبتي؟
رفعت عينيها لتقابل نظراته الشغـ,ـوفة بها، فقالت بهدوءٍ:
_أفكر في الانتقال للعيش مع “إيمون” بمملكة “البيتراء”.
تجاعدت معالمه، فعاد ليتساءل من جديد:
_هل حدث شيئاً لا أعلمه؟
نفت ذلك وهي توضح له:
_أود فقط الإقتراب من” إيمون”.. الا يحزنك تشتت عائلتنا الصغيرة هكذا!
صمت قليلاً ثم قال:
_بلى، ولكن لم يكن ذلك رأيك من قبل كنتِ تودين البقاء هنا لأجل والدك.
سحبت نفس عميق، ثم نهضت لتعود للفراش:
_ابني يحتاج لوجودي أكثر من أبي، فالجميع جوار الملك أما “إيمون” فبمفرده.
اتنقل لجواره بسرعة الرياح، ليمرر يديه على طول ذراعيها بحبٍ:
_حسناً.. غداً سنذهب سوياً.
ابتسمتها أشرقت شمس يومه الجديد، فضمها لصدره بحبٍ شبيه بالطفل الصغير الذي يشدو على عوده يوماً بعد يوم حتى صارت روابطه متينة.
*********
تلألأ قرص الشمس بالسماء معلناً قدوم صباح جديد تصاحبها إشراقة جديدة، لتلامس المرآة الصغيرة التي تحملها “روكسانا” لتتطلع لإنعكاسها بانبهارٍ شديد، فقد ارتدت فستان طويل من اللون الأزرق يكسوه بطانة من اللون الأبيض الذي أضاف رونق خاص له، ومن ثم ارتدت حذاء أبيض اللون،لتحرص على إرتداء أشياء مبسطة لا تلفت الانتباه إليها فاليوم وبعد غياب ستذهب بزيارةٍ بصحبةٍ “ديكسون”، انتفض جسدها فزعاً حينما وجدت من يحاوطها، فاستدارت للخلف بانزعاجٍ:
_س..ني ذات مرة”لوكاس”.

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل