
واستغفروا لعلها ساعة استجابة..
الفصل السادس..
جبر السلسبيل2..
✍️نسمة مالك✍️..
.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
كانت “سلسبيل” في حيرة شديدة من أمرها، لا تعلم من أين تبدأ الحديث، كل ما فكرت فيه و جهزته لتخبره به تبخر من عقلها فور رؤيته مقبلًا عليها بلهفة هكذا..
قطع “عبد الجبار” المسافة بينه و بينها بخطوتان لا ثالث لهما، و بلمح البصر وجدت نفسها مرفوعة بين ذراعيه بمنتهي الخفة كأنها لا تزن شيئًا ،جلس هو مكانها على الفراش و إحتوي جسدها الصغير بأكملها داخل عناقه..
“كيفك دلوجيت؟!”..
همس بها داخل أذنها بصوته المزلزل الذي يبعثر كيانها كله دفعة واحدة ، انكمشت على نفسها بين يديه، أراحت رأسها على موضع قلبه النابض بعشقها وحدها، تنهدت براحة و هي تقول بخفوت..
“أنا الحمد لله بقيت كويسة..أطمن”..
مسد على طول ظهرها بكف يده الضخمة يضمها له بقوة مرددًا بتساؤل ..
” هتعاوي معاي على الدار.. مش أكده يا سلسبيل؟”..
أطبقت جفنيها بشدة تكبح عبراتها التي تجمعت بعينيها، أخذت نفس عميق قبل أن ترفع وجهها ببطء و من ثم عينيها الحزينة، و تطلعت له بابتسامتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها، تأملت ملامح وجهه الجذاب رغم صلبته و صرامته، و تحدثت بأسف قائلة..
” مش هينفع.. مش هينفع أرجع معاك و لا حتى أرجع على ذمتك تاني يا عبد الجبار”..
رأت عيناه تتسعان بانفعال، و تبرز حولها الشعريات الدموية بخطورة..مع ذلك تحدثت بتأنٍ بالغ دون أن يخيفها الوضع أو تحذيره..
“جوازي منك كان بالنسبة ليا طوق النجاة اللي هينقذني من جبروت أبويا اللي مش عارفة أيه سبب قسوته عليا بالشكل ده لحد دلوقتي .. و جوازك أنت مني كان غلطة و لازم تصلحها و ترجع لمراتك اللي هتجنن من غيرتها عليك و لبناتك و تنساني خالص من حياتك”..
صمتت لبرهةً تحاول السيطرة على حشرجة صوتها الذي اختنق بالبكاء بسبب نظراته العاشقة لها ، و تابعت بألم نجحت في إخفاءه..
” ليها حق أبلة خضرا في غيرتها الغير متزنة عليك..و في تنبيه قويها ليه لو مبعدتش عنك”..
عقد حاجبيه بدهشه مغمغمًا..
” تنبيه قوي أيه اللي بتتحدي عنه!!! “..
انسحبت الآثار من وجهها، و بدي التوتر شديد و القلق مفاجئ ظاهر على قسماتها و هي تجيبه بصوتٍ مرتجف..
“أبلة خضرا بتهددني بيك.. غيرتها عليك عمتها و قست قلبها و بتهددني أنها هتإيذاءك لو فضلت على ذمتك..و لما قولتلها إنك مش هطلقني بسهولة قالتلي أرفع خلع.. و خلتني عملت لجدي توكيل و طلبت منه يرفع لي قضية خلع عليك.. عشان قلقت منها.. قلقت تنفذ تنبيه قويها و تعمل فيك حاجة يا عبد الجبار “..
أطبق السكون حولهما فور إنتهاء حديثها، بقي” عبد الجبار ” يتطلع لها بصمت أثار بقلبها الريبة، كانت ملامحه المتلهفة تحولت لأخرى جامدة، شعرت بجسده يتخشب من حولها، حبست أنفاسها حين وجدته يبعدها عن عناقه، وضعها ثانيةً على الفراش، و انتصب واقفًا مبتعدًا عنها، حينها شعرت ببرودة لفحتها بفعل نهوضه و مفارقته إياها فجأة هكذا..
“اممم.. يعني أم فاطمة قالتلك إنها هتإيذاءني لو فضلتي على ذمتي!!!”.. تمتم بإيجاز تغلفه قساوة غريبة، حركت “سلسبيل” رأسها له بالايجاب، و قد زحف القلق لقلبها من نظرات العتاب الذي يرمقها بها..
“حديتك ده يخليني أقل حاچة أعملها إني أرمي اليمين على أم بناتي اللي قوتك على عملتك السودة برفع قضية خلع على رچلك اللي بيتمني لك الرضا و شايلك چوه جلبه قبل عينيه!!”..
قالها باقتضاب لا يخلو من الجمود، و مال عليها بجزعه مستند بكفيه على الفراش من حولها، و تابع بألم حاد..
” وأنتي نايمة في عناقي يچيني تليفون يبلغني بالقضية اللي رايده ترفعيها عليا خليتي عقلي يچن مني و أرمي عليكي اليمين من حرقة جلبي.. كنت فاكر إني بكده هطفي النار اللي چوايا من نحيتك .. بس النار دي زادت ببعدك عني و مقدرتش يا سلسبيل و رديتك على ذمتي في وقتها”..
بكت “سلسبيل ” و هي تقول بندم.. “أنا آسفة على اللي عملته.. أنا غلطت في حقك وأنت متستهلش مني كده.. بس والله أنا عملت كده من قلقي عليك يا عبد الجبار “..
أخذ نفس عميق و زفره على مهلٍ مردفًا بنفاذ صبر..
” بكفياكِ بكى عاد.. و خلينا ننسى كل اللي حُصل و هاخدك من أهنه على بيت چديد هيبجي ليكِ لوحدك و ملكيش صالح بحديت خضرا واصل”..
من أجلها تنازل عن كبرياءه و كرمته لأول مرة بعمره، حتى لا يخسرها هي، لا يريد سوي أن تظل زوجته حتى لو كان ما تقوله عن تنبيه قوي “خضرا” حقيقة و كلفه الأمر حياته،
كانت تتمنى أن توافقه على حديثه هذا، لكن قلقها عليه كان أكبر من احتياجها له، خاصةً بعد علمها بأنها ربما تكون حاملة في احشائها منه طفلهم الأول، تمكن منها القلق مفاجئ أكثر و هي تتخيل رد فعل ضرتها على خبر حملها، بالتأكيد ستإيذاءها هي و جنينها في الحال..