
بادلتها “سلسبيل” ابتسامتها بأخرى باهتة، و تابعتها بنظرات زائغة أثناء مغادرتها الغرفة..
فور خروجها دلفت إحدي الطبيبات تطمئن على المحلول المعلق بيد “سلسبيل”، و تقوم بتعقيم جرح جبهتها بأدوات طبية مخصصة للجروح..
ظهرت علامات الاشمئزاز على ملامح” سلسبيل” و شحب لونها فجأة و بدت على وشك التقيأ..
“مالك يا مدام.. أنتي دايخة و لا حاسة بحاجة تعباكي؟”..
قالتها الطبيبة حين لاحظت شحوب وجهها، و تناثر حبيبات العرق على جبهتها..
إزداردت “سلسبيل” لعابها بصعوبة، و همست بصوتٍ مُتعب قائلة..
“ريحة القطن اللي في إيدك ده مضيقاني أوي و حاسة إني عايزه أرجع بسببها”..
قالت الطبيبة بتعجب..
“القطن ملوش ريحة أصلاً !!! “..
صمتت للحظة و تابعت بتكهن..
“لتكوني حامل؟!!”..
يا الله!!
“حامل!!!”.. همست بها” سلسبيل” بأنفاس متلاحقة، و قد تذكرت أن عادتها الشهرية تأخرت عن موعدها هذا الشهر بالفعل..
” تحبي أسحب منك عينة دم و نحللها؟”..
قالتها الطبيبة التي أنتهت للتو من تعقيم جرحها، لتحرك “سلسبيل” رأسها بالنفي سريعًا وهي تقول بتوتر..
“لا لا.. مش عايزه أعمل تحاليل.. أنا مش حامل و لا حاجة”..
قالت الطبيبة بعملية.. “تمام.. زي ما تحبي.. على العموم أنتي بقيتي كويسة و تقدري تروحي أول ما المحلول يخلص”..
………………………………..سبحان الله وبحمده…..
بالخارج..
كانت “عفاف” تتحدث مع” عبد الجبار ” الذي رمق” جابر” الواقف بثبات بنظرة ساخرة، و أبتسم بأنتصار حين قالت له..
“عبد الجبار بيه.. مدام سلسبيل عايزه حضرتك “..
” هي كويسة يا مدام عفاف”..
أردف بها “جابر” بصوته المتلهف الذي يثير جنون “عبد الجبار”..
أجابته “عفاف” بقلق من نظرات “عبد الجبار ” الحارقة..
“كويسة الحمد لله”..
وقف “عبد الجبار” أمامه مباشرةً و تحدث بلهجته الصارمة قائلاً.. “قالتلك أنها بقت زينة.. تقدر تغور بقي دلوجيت لاچل ما تطمن چدك القلقان عليها و كل هبابه يتصل عليك و عليا “..
تطلع له “جابر” بشجاعة دون أن يغمض له جفن، و تحدث بأسف قائلاً..
“هما اللي منعوني عنك”..
قالها و هو يتنقل بعينيه بينه و بين أفراد الأمن الواقفين على أبهى إستعداد لمنعهما إذا اشتبكا ثانيةً، و تابع بوعيد..
” أعمل حسابك أنا لو لمحتك على طريق قدامي تاني هسويك بالأسفلت”..
ضحك “عبد الجبار” ضحكة مدوية وصلت لسمع زوجته بالداخل خطفت أنفاسها و جعلت دقات قلبها تخفق كالطبول، رفع يده ربت على كتفه بشدة وهو يقول..
“اللي بيقول مبيعملش.. و بفضل الله لا أنت و لا بلد بحالها تقدر تعمل حاچة مع راچل صعيدي و خصوصًا لما يبجي الراچل ده عبد الچبار المنياوي يا ابن البندر”..
قالها و هو يسير من جانبه تجاه غرفة “سلسبيل” طرق على الباب، و فتحه دون إنتظار إذن ، و دلف للداخل غالقه خلفه، تاركًا” جابر” يستشيط انفعالًا يكاد أن يدمر الأخضر و اليابس..
يتبع…………