منوعات

بقلم نسمه مالك الجزء الثاني

أغلق الهاتف بوجهه دون إنتظار رده، و أرسل له عنوان المستشفى و رقم غرفة” سلسبيل “، سار بخطواته الواثقه حتى وصل لمكتب الطبيبة المشرفة على حالتها، طرق الباب و دلف للداخل دون إنتظار إذن..
” خير يا عبد الجبار بيه؟!.. المدام حصلها حاجة؟! “..

“أني اللي چاي أسألك عنِها.. كيفها دلوجيت يا دكتورة؟!”..
قالها بهدوء عكس ملامح وجهه الغاضب..

تنحنحت الطبيبة بقلق من قسماته العابسة بشدة قائلة بعملية..
“هي الحمد لله بقت كويسة و تقدر تروح مع حضرتك أول ما المحلول اللي في ايدها يخلص”..

رمقها” عبد الجبار” بنظرة جعلت قدميها ترتجف من القلق، فهي تقف أمام رجل الأعمال ” عبد الجبار المنياوي” أشهر من النار على علم، و تحدث بلهجة حادة لا تقبل الجدال..
“الهانم معوزهاش تخرج انهارده غير لما أبلغك بنفسي، و ممنوع يدخل عندها أي مخلوق غيرك أنتي “..

حركت رأسها له بالايجاب، ليصمت هو للحظة، و تابع بصوتٍ أكثر لينًا بعدما أبتلع لعابه بصعوبة، و قد تسارعت دقات قلبه بجنون و هو يقول..
“و رايدك كمان تعرفيلي إذا كانت الهانم حامل و لا لا و تبلغيني طوالي على الرقم ده “..
وضع يده بجيبه و أعطاها الكارت الخاص به، و سار من أمامها بخطواته الغاضبة عائدًا لسيارته، ينتظر قدوم طقم الحرس حتى يتمكن هو من الذهاب..

ليصدح رنين هاتفه مره أخرى، برزت عروقه و احمرت عينيه حين لمح اسم” حسان”، ضغط على الهاتف كاد أن يحطمه مغمغمًا بصوته الصلب..
” خير يا حسان؟!”..

جاوبه “حسان” و هو يلوك الطعام بفمه بصوتٍ مقزز..
“أم اللي إسمه چابر تعيش أنت يا كبير “..

يا الله !!!.. ما هذا اليوم العجيب الذي يمر على الجميع، أطبق “عبد الجبار” جفنيه بشدة و هو يتخيل رد فعل “سلسبيل” التي ستظل بنت قلبه حتى بعد طلاقها منه..

…………………………………… لا إله إلا الله……

“لن يكسر الله بخاطرك إلا ليرضيك بخيرٍ لم تكن تراه”..
ألقتها”عفاف” مرارًا و تكرارًا على سمع “سلسبيل” الساكنة داخل عناقها تبكي و تأن بضعف، بقلبٍ منكسر و روحًا ممزقة..

رغم أنها كانت على يقين أنّ “عبد الجبار” لن يفضل أحدًا على ابنتيه، حتى لو كان قلبه العاشق لها، سينتزعه و بستأصلة من جذوره فداءًا لهما، و هذا كان غرضها بالأساس، ضغطت عليه بنقطة ضعفه حتى تجبره على طلاقها من شدة قلقها عليه و على جنينها الذي لم تتأكد من وجوده بعد..

حسمت أمرها بالابتعاد عنه، لأول مرة تتخذ قرار بحياتها و تنفذه، لكنه أصعب و أقسى قرار أصابها بإساءةة قوية كادت أن تصيبها بمإيذاء..

حاولت السيطرة على حدة بكائها و هي تقول..
“زعلانة منه أوي يا دادة .. و في نفس الوقت زعلانة عشانه و قلبي بيتقطع عليه”..

تنهدت “عفاف” بحزن على حال تلك الصغيرة، لكنها تحدثت بتعقل قائلة..
“أنتي كنتي عارفة أنه هيختار بناته يا سلسبيل..لو كان صدق كلامك اللي قولتيه على خضرا معنى كده إنه مش هخليها على ذمته بعد ما عرف أنها عايزه تإيذاءه و أقل حاجة يعملها أنه هيطلقها.. بس هو كدب نفسه اللي هي أنتي نفسه دي لأن مهما أم بناته عملت مش هينفع يطلقها عشان خاطرهم و بصراحة أنا احترمته لأنه مطلعش أناني في حبه ليكي و أختارك على حساب بناته اللي هتبقي وصمة عار بالنسبالهم في الصعيد أن أمهم مطلقة من أبوهم”..

أبتسمت” سلسبيل ” إبتسامة يملؤها الوجع و هي تقول..
” و هو مش أي أب يا دادة.. مافيش في حنيته و لا قلقه على بناته.. عبد الجبار أحسن أب شوفته في الدنيا كلها بعد ما كنت فاكرة أن كل الرجاله ملهاش قلب زي أبويا “..

احتضنت ” عفاف ” وجهها بين كفيها و هي تقول بثقة..
“ربنا هيعوضك خير يابنتي..مش عايزاكي تزعلي.. و اتأكدي أن اللي حصل ده خير ليكي لأن رب الخير لا يأتِ إلا بالخير “..

قالت ” سلسبيل ” و هي تحاول السيطرة على بكائها.. ” ونعمة بالله.. الحمد لله.. أنا راضية والله يا دادة عفاف و بحمد ربنا إنك معايا و بتقويني بكلامك اللي بيطمن قلبي”..

ساد الصمت المُطعم بالتنهيد للحظات، قطعه صوت طرقات على باب الغرفة، يليه دخول الطبيبة التي تكلفت الإبتسامة و هي تقول..
“عاملة أيه دلوقتي يا مدام سلسبيل؟ “..

أجابتها ” سلسبيل ” قائلة.. ” الحمد لله يا دكتورة أنا بقيت أحسن و المحلول خلص.. ممكن تشلي الحقنة دي من أيدي.. عايزة أخرج من هنا”..

تطلعت لها الطبيبة بأسف مصطنع قائلة..
“مش هينفع تخرجي دلوقتي.. لسه في محلول كمان غير اللي خلص ده تكملة للعلاج هركبهولك عشان ميحصلكيش أي إغماء “..

كانت تتحدث و هي تتخلص من المحلول الفارغ، و بخفة يد شديدة قامت بسحب عينة آثار من يد
” سلسبيل ” المبتعدة بوجهها عنها بقلق تجنبًا من رؤية الحقنة المنغرسة بكفها..

………………………… سبحان الله وبحمده…..

” عبد الجبار “..

تحرك أخيرًا بسيارته تجاه فرع شركته بالمنصورة بعدما ترك طاقم من اكفاء الحراسات الخاصة داخل و خارج المستشفى المتواجدة بها طليقته،

تأهب جميع العاملين فور رؤية سيارته الفارهه، و هرول تجاهه حشد هائل لستقباله حتى وصل لمكتبه الفخم الذي كان ينتظره بداخله إحدي القيادات الهامة و معه سارق هاتف زوجته الواقف بين رجال الأمن مقيد بالأساور الحديديه ..

“نورت المنصورة يا عبد الجبار باشا”..

مد “عبد الجبار” يده له بالسلام الحار، وهو يقول..

انت في الصفحة 12 من 13 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
14

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل