منوعات

بقلم نسمه مالك الجزء الثاني

وقف “جابر” محله على مضض، و نظر لها بعينيه التي لمعت بالدموع، و قد تحولت نظرته الآن إلى نظرة طفل صغير لم يتم عامه الخامس مذعور من رؤية والدته تصارع الموت أمامه..

تأملت “سعاد” ملامح وجهه الجذابة بابتسامة دافئة و حب شديد، هبطت عبراتها على وجنتيها ببطء و هي تقول بندم..
” سامحني.. و قول ل سلسبيل هي كمان تسامحني يا جابر و عرفها إن اللي قولته كان كلام وقت انفعال لكني والله ما كنت هتصل بأبوها “..

انفجرت “صفا” بنوبة تأثر شديدة أشبه بالنداء عال، ليصطك “جابر” على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها، و تابع سيره من جديد بوالدته، و لكن هذه المرة كان يركض بها حتى وصل لسيارته، فتحت بابها “صفا” التي لحقت بهما، فوضع” جابر” والدته على المقعد الخلفي، و هم بالابتعاد عنها، لكن “سعاد” تمسكت بقميصه جذبته عليها حتى أصبحت أذنه مقابل فمها و همست بأنفاس تتلاشى..
“خلي بالك من بنت خالتك و حاول تصلح بينها وبين جوزها لأنه بيحبها و هي كمان بتحبه و مش هتحب غيره فمتعلقش قلبك بأمل كذاب يا حبيبي.. و بوصيك على صفا.. صفا يا جابر.. صفا يتيمة أم و!!”..

صمتت لبرهةً و شهقت بقوة مكملة بحرفين فقط قالتهما بتقطع..
“أب!!”..
كانت أخر كلمة نطقت بها، و سكت لسانها إلى الأبد بعدما فارقت روحها جسدها و هي داخل عناق وحيدها..

” لااااااا.. ماما سعاد”..
صرخت بها” صفا” و هي تدفع” جابر” بعيدًا عنها، و ترتمي فوق صدرها مرددة بنداء عال يقطع نياط القلوب..
“متسبنيش بالله عليكِ.. متعمليش فيا كده.. أنا مليش غيرك.. متسبنيش أعيش في مرارة اليُتم تاني أبوس أيدك”..

الموت المفاجيء فاجعة حطت على رأس “جابر” دون سابق إنظار، فاللهم إنا نعوذ بك من فواجع الأقدار..

…………………………. سبحان الله العظيم……

” عبد الجبار “..

كان يستعد للذهاب، لكنه ظل مكانه حين رأي “جابر” غادر المكان مهرولاً تاركًا “سلسبيل ” برفقة “عفاف” بمفردهما، زحف القلق لقلبه و شعر أن هناك شيئًا خطير أجبره على المغادرة فجأة هكذا..

جلس داخل سيارته ينتظر إتصال “حسان” الذي أرسله خلفه، ليصدح رنين هاتفه أخيرًا، و لكن برقم أخر كان ينتظره أيضًا على أحر من الجمر، فصغط زر الفتح بلهفة قائلاً..
“ها أيه الأخبار ؟!”..

“كان عندك حق يا عبد الجبار باشا.. الواد اللي سرق تليفون سلسبيل هانم كان مزقوق عليها فعلاً، و لما قرصنا عليه شوية قال إن في واحد كان متفق معاه يإيذاءها بس هو خاف و اكتفي بالسرقة لما سأل و عرف أنها مراتك يا باشا”..

“إسمه أيه اللي أتفق معاه؟! “.. قالها “عبد الجبار ” مستفسرًا بصوته الأجش،ليأتيه الرد الذي كان أكبر ذهول بالنسبة له حين قال الأخر بأسف ..
” إسمه حسان.. دراع سيادتك اليمين “..

” حسان!!! “.. تمتم بها بعدم تصديق، و الكثير من الأمور بدأت توضح أمام عينيه، ساد الصمت طويلًا حتى قطعه” عبد الجبار” يقول بأمر..
” قدامك أقل من ساعة وتشيعلي طقم حرس على العنوان اللي هبعتهولك دلوجيت، و هاتلي الواد الحرامي و تليفون الهانم و أسبقني على فرع الشركة في المنصورة”..
أردف بها و هو يغادر سيارته متوجهًا لداخل المستشفى ..

انت في الصفحة 11 من 13 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
14

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل