
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
اللهم اني اسألك التوفيق..
الفصل الأول
داخل قرية صغيرة تتبع مركز من مراكز المحافظة الجنوبية الشهيرة لكنها تبتعد بمراحل عن الحضر واوجه التقدم حيث الاحتفاظ بالعادات المتوارثة عبر الأجيال برفض تام عن التخلي عنها حتى لو كانت سيئة وتتسبب بالعديد من المأسي ومن يستطيع محوها او تغيرها مدامت الاذية لا تطول الا الطرف الضعيف وفقط !
امام المراة وقف عرفان الأشقر وهذا اللقب الذي أطلقه اهل البلدة على عائلته نظرا لصفات الشكلية المميزة لعائلته بشړة فاتحة بشدة لأفرادها وبفرق ملحوظ عن باقي العائلات بالإضافة إلى سمات أخرى زادت من تثبيت الأمر كألوان العيون المختلفة
كان في هذه اللحظات يعدل من وضع العباءة السوداء فوق أكتافه لينثر عطره الفواح الثقيل حول جسده الضخم فيتأمل هيئته المتأنقة بتخايل وغرور وكأن العمر لا يمر عليه مدام بصحته وعنفوانه ولا ينقصه شيء.
كفاية بص على نفسك في المراية يا ابو الولاد لتتخايل دا انت رايح شغلك مش بتتهندس لخطوبتك يعني.
صدرت الكلمات من خلفه من زوجته صفا والتي كانت تطالعه بعدم ارتياح فهي الأدرى بغدره ان اراد وقرر فجاءت إلاجابة منه كالعادة بابتسامة مستخفة يغيظها
كل مرة اجف ع المراية جلبك ياكلك يا صفا ھتم*وتي من الخۏف لاعملها واجيب التالتة.
واكمل بضحكاته يتراجع للخلف كي يرتدي ساعة يده غير عابئا بالنيران التي اشتعلت بها حتى صارت تهتز بجسدها أمامه معبرة عن سخطها
طب اغلط واعملها يا عرفان عشان أن ما كنت اولعلك فيها حية مبقاش انا صفا مش انا اللي اقبل بضره يا حبيبي.
اطلق ضحكته عالية يسخر من منطقها في الحديث معه
ما انتي قبلتيها على نفسك زمان تيجي ضرة على اللي سبقتك دلوك لما اتمكنتي بترفضي ان يحصل معاكي اللي حصل مع غيرك صحيح اما عجايب دي والله
سمعت منه لتشتعل ثورتها بذكر عدوتها اللدود منذ أن حطت قدميها بداخل المنزل أو من قبل على الأصح
متجمعش ولا تقارن بيني وما بينها يا عرفان عشان انا مرة كاملة من كله واللي جابني هنا ضرة عليها انها ناقصة عني وعن كل الستات متخلنيش افتح على أول الصبح عشان حسي ميطلعش ويوصلها هي تحتينا في الدور الأول وانت مش ناقص نكد.
استطاعت بكلماتها ان تعكر من صفو مزاجه الرائق صباحا ليحتل العبوس ملامحه فيزجرها محذرا
خلاص اجطمي وفوضيها واصطبحي وجولي يا صبح انا غاير وسايبهالك خالص جفلتيلي اليوم من اوله ببوزك الفقر.
انهى الكلمات يضع محفظته الجلدية داخل جيب الصديري الذي يرتديه ليستدير متوجها نحو المغادرة ولكن ما هو سوى خطوتين حتى التف برأسه قائلا بتذكر
حريم بيت العيسوي احتمال يجوا يزوروكم النهاردة او بكرة متسينش تبلغي ليلى وامها يعملو حسابهم جاكم الهم انتو التلاتة.
بصق كلماته وخرج من المنزل تتبعه ابصار صفا التي تبدل حالها للنقيض وابتسامة شيطانية ارتسمت بثغرها تغمغم بمرح مفاجيء بعد حديثه
حريم العيسوي جاين يزرونا النهاردة يا حلاوة يا ولاد يا ترى رد فعلك هيبجى ايه يا مزيونة لما تعرفي اللي فيها دي شكلها جربت جوي يا صفا
وفي الطابق الأسفل
من خلف نافذة المطبع التي تتوسط الحائط والمؤدية إلى الحديقة الأمامية الصغيرة لمنزلهم حيث الأشجار التي قامت بزراعة معظمها هي وباقي أحواض الخضروات لتتمتع برائحتها ومشاهداتها كما يحدث الآن وهي واقفة تراقب سرب الطيور التي بلغت اصواتها حد الازعاج في هذا الوقت من الصباح تتقافز وتلهو وتطعم صغارها على الأغصان والفروع لتشهد ميلاد يوم جديد تدور معه الحياة في دورتها الطبيعية
ولكنه ليس عاديا بالنسبة لها هو مختلف عن بقية الأيام السابقة فهذا يوم الحصاد حصاد تعبها وتحملها لمرار لا يحتمله بشړ من اجلها من اجل صغيرتها التي تعد لها طعام الأفطار الآن قبل أن تقوم بإيقاظها …