
كانت تنظر عليه باستغراب من انطلاقه نحوها وصراخه باسمها، ابتعد الجميع مهرولين بعدما رفعوا أعينهم ورأوا اللوحة وهي تتأرجح عدا تلك المتعجبة التي وقفت وحيدة بمكان سقوط اللوحة، لحظات مرت على الجميع بقلوبٍ هلعه وأجسادٍ ترتجف رُعبًا منتظرين حدوث الكارثة، دققت النظر على نظراته المرتعبة والمتنقلة بينها والأعلى على الفور رفعت بصرها لاستكشاف ما يصيبه بذاك الهلع، تسمرت بمكانها وتسارعت دقات قلبها بقوة حين وجدت اللوحة تهبط في الهواء وتكادُ تقتربُ منها،أغمضت عينيها مستسلمة لقدرها وتراخى جسدها بعدما تيقنت أن نهايتها أصبحت حتميةً لا محال
شعرت بجسدٍ يرتطم بها ويسحبها للخلف ليِطرح جسدها ويستقرُ أرضًا، وبعدها استمعت لصوت ارتطام قوي هز نوافذ المبنى وزلزل قلبها معه،فتحت عينيها على صوت ذاك العاشق الذي هتف باسمها وهو يسألها بنبرة متلهفة مغلفة بالإرتعاب:
-غنوة،إنتِ كويسة؟
شعرت ببرودة غريبة تسري بجميع انحاء جسدها لتشعر وكأن غيمة سوداء تبتلعها بداخلها فاستسلمت لها وبالفعل أغلقت عيناها على صورة ذاك الصارخ باسمها،صرخ بكامل صوته واعتدل ثم قام بحملها بين يديه وهرول سريعًا نحو غُرفة العيادة الطبية الخاصة بالجامعة
شعر بروحه تكاد أن تتركهُ وترحل جراء هلعهُ من فكرة أن تكون قد أصابها مكروهًا،وصل إلى الغرفة فساعده بعض الطلاب الذين قاموا بفتح الباب له وتحرك هو صوب الشازلونج الطبي ليمددها عليه لتتحدث اليه الطبيبة التي أسرعت للتأهب بالكشف عليها:
-اخرج برة من فضلك يا دكتور
نطق برفضٍ تام:
-مش هقدر أخرج وأسيبها لوحدها
تطلعت عليه بتعجب لامره فاسترسل متلهفًا:
-من فضلك إبدأي الكشف وطمنيني
مش هينفع أكشف عليها في وجود حضرتك.
نطقتها بايضاح واسترسلت بنبرة حازمة غير مبالية بمركزه أو أبيه:
-من فضلك اطلع برة يا دكتور
وعى على حاله فخرج سريعًا لينتظر أمام الباب وما أن استقر بوقفته حتي وجد والده سيادة عميد الجامعة يأتي مهرولاً إليه بعدما أخبرهُ أمن مكتبه بما حدث، تحدث وهو يتفحص جسده بعينين هلعتين:
-إيه اللي حصل يا تيم، طمني يا ابني إنتَ كويس
-غنوة يا بابا،غنوة.
جملة نطق بها بعيناي صارخة وقلبٍ يحترق فزعًا على حبيبته،تعجب والدهُ من أمر حديثه فاسترسل بنبرة مرتعبة:
-لو غنوة جرا لها حاجة أنا مش هقدر أعيش بعدها
عَلم على الفور أن تلك الفتاة القاطنة بالداخل هي من شغلت بال نجله واستطاعت أن تغير من طباعه طيلة الفترة الماضية حيث لاحظ هو وزوجته تغيرًا جزريًا في طباع ولدهما الذي أصبح تائهًا مشتت الذهن وهائم النظرات،فما كان من والده سوى تهدأة روع نجله حيث تحدث وهو يربت عليه بحنان:
-ماتقلقش،إن شاء الله هتبقى كويسة