
-هل من الممكن أن يكون ما حدث اليوم هو موعدي المنتظر؟
هز رأسه وحدث حالهُ باستنكار:
“انتبه وعُد إلى وعيك ” تيم” أفقدت رُشدك يا فتى؟ منذ متى أصبحتُ تؤمن بالحب من النظرة الأولى!
أوليس أنت من كنت تستخف حديث هؤلاء الذين يتحدثون عن الحب من النظرة الأولى وتراهم سفهاء،ماذا تغير الآن يا رجل؟”
إنتهت الجلسة بعد أن أشاد تيم برسومات الجميع وخصوصًا تلك التي تخص غنوة، تحركت للخارج بعد أن لملمت أشياءها وأثناء خروجها من المكان تقابلت به فالتقت العيون من جديد وتبادلا الابتسامات ثم اتجه كُلاً منهما إلى وجهته
«««»»»
توالت الأسابيع وما زالت النظرات حائرة بين كلاهما، وفي أحد الأيام كانت تجلس داخل قاعة المحاضرات تنظر إليه بعقلٍ مُشتت ما بين تركيزها بشرحه للماد وما بين عينيه التي بات النظر بداخلهما هلاك لقلبها البرئ،لم يختلف حالهُ عنها كثيرًا،فقد كان يحاول إبعاد عينيه عن مرمى خاصتها تجنبًا لشتات كيانه،فمؤخرًا أصبحت عينيها تمثل خطرًا كبيرا عليه،حيث باتت وكأن بهما مغناطيسًا يجذبهُ إليها ليتوه ببحورهما العميقة،وصل به الأمر أنه في بعض الأحيان كان يتناسى حاله ويفقد تركيزه بالشرح
إنتهت المحاضرة وخرج سريعًا بعد أن ألقى نظرة أخيرة وكأنه يُشبع عيناه برؤياها قبل المغادرة،كانت تتلقي نظراته بكثير من السعادة الممزوجة بالخجل
توجهت صوب الكافيتريا بمفردها وذلك لتغيب صديقتها المقربة “دنيا” عن الجامعة بذاك اليوم،جلبت شطيرة بحشو لحم الدجاح المُدخن وأحد المشروبات الغازية الباردة ثم جلست حول إحدى الطاولات وكادت أن تشرع بتناول الطعام لكنها توقفت في الحال فور رؤيتها لذاك الوسيم وهو يدخل من باب الكافيتريا بطوله الفارع وجسدهِ الممشوق،باتت تترقبه وهو يبحث بعيناه عن طاولة خالية ليجلس حولها لكنه لم يجد بفضل الزحام الشديد، واثناء بحثه عن مقعدًا التقت عينيه بخاصتها الساحرة،ابتسم لها بادلتهُ إياها بآخري مُشرقة وبدون وعيٍ تحرك صوبها وكأنهُ منساقًا إلى أن وصل لعندها وتحمحم متحدثًا بنبرة هادئة:
-تسمحي لي أشرب قهوتي معاكِ؟
_أكيد طبعًا…نطقتها بوجنتين متوردتين جراء خجلها الذي اعتراها وهي تنظر إليه ثم استرسلت وهي تُشير بكفها إلي المقعد المقابل لها:
-إتفضل يا دكتور
سحب المقعد بهدوء وانحنى ليجلس ثم تحدث بنبرة شاكرة وعينين ممتنتين:
-متشكر يا غنوة
هزت رأسها بإيماء وكادت أن تتحدث لولا اقتراب العامل الذي تحدث وهو يحنى رأسه قليلاً باحترام:
-تحت أمرك دكتور تيم
تحدث بهدوء:
-هاتي لي قهوتي ومعاها قطعة كيك
ثم نظر على غنوة وسألها مستفسرًا:
-تشربي قهوة معايا ولا أطلب لك عصير؟
هزت رأسها سريعًا وتحدثت نافية:
-ميرسي يا دكتور،أنا معايا مشروبي
أومأ بتفهم بعدما انتبه لتلك الشطيرة وذاك المشروب البارد الموضوعان أمامها، بعد قليل جلب العامل قطعة الحلوى والقهوة وبدأ بتناولهما بتلذُذٍ لم يحصل عليه من قبل، ويرجع ذلك لجلوس تلك الجميلة أمامهُ،كان يتابع تناولها لشطيرتها بقلبٍ يكاد ينخلع من صدرهُ لقوة دقاته العاشقة،نظر لصحنه ليقتطع قطمة من الحلوى ويضعها بفمه وما أن رفع بصرهِ حتى نظر متلهفًا علي تلك الخجولة حيث كانت تنظر إليه بعينين لم تستطيع مداراة العشق داخلهما، أنزلت بصرها بخجل وحالة من الهيام سيطرت علي قلبها الرقيق،تحمحمت فتحدث هو لمشاكستها:
-تحبي تدوقي الكيك؟
رفعت عينيها لتنظر إليه ثم هزت رأسها بنفي فاسترسل وهو يُمرر لسانه فوق شفتاه بطريقة مُثيرة بعثرت كيانها:
-هيفوتك طعمها على فكرة
إبتسمت خجلاً وتحدثت بنبرة رقيقة:
-بالهنا والشفا
سألها بنبرة جادة:
-فيه حاجة واقفة معاكِ في المنهج مش فهماها؟
تحدثت بلباقة:
-لا خالص،كل حاجة تمام لحد الوقت
أجابها عارضًا عليها المساعدة:
-لو فيه أي حاجة مش فهماها في أي مادة ياريت تجي لي المكتب وأنا هساعدك فيها
_ميرسي بجد يا دكتور،واكيد لو احتجت لأي مساعدة هلجأ لحضرتك…نطقت جملتها بعينان ممتنة فتحدث إليها من جديد:
-تمام يا غنوة
وقف منتصب الظهر وتحدث بنبرة هادئة:
-أنا مضطر أتحرك لأني عندي سيكشن هيبدأ كمان عشر دقايق
واستطرد بعينين تنطقُ عشقًا:
-على فكرة،طعم فنجان القهوة النهاردة كان غير
نطقها وتحرك سريعًا تاركًا إياها وسط حيرتها والتفكير بأمر جملته وما تعنيه،هل يعني أن فهوتهُ كانت مميزة الطعم والسببُ وراء جودة نوعها وحُسن صناعة العامل لها،أم أنه يرجع الفضل إلى جلوسهُ بصحبتها ولذا “فطعمها غير”
زفرت بضيق ولعنت صمته الدائم وحديثه المحدود والذي يخرج منه بصعوبة بالغة،حدثت حالها بضجرٍ:
“أشعُر بكلمة أحُبِك تقف على طرف لسانك،ألمحها داخلُ عيناك التي تكادُ تصرخ لتُعلنها،لقد فضحت عينيك سرك حبيبي،إذاً ما الذي يمنعك من إعلانها يا رجُل؟ هل تراني لستُ أهلاً للعشق والغرامِ؟ أم تراني ما زلتُ على الحُب صغيرةٌ؟ ”
أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته لتهدأة روعها وتحركت هي الأخرى إلى قاعة المحاضرات
««الرهن العقاري (Mortgage)«»»»»
بعد مرور اسبوعين أخرين قضتمها غنوة في حيرة من أمر ذاك العاشق الصامت
فعيناه بالعِشق تنطقان،لكن لسانه مُتمسكًا بالكِتمان
بنهاية اليوم تحرك هو لسيارته ليستقلها، فتح الباب وقبل أن يستقل مقعده تجول بعيناه بساحة الجامعة ليبحث عنها علهُ يحظى برؤياها قبل انتهاء يومه،وجدها تخرج من باب القاعة،إبتسم تلقائيًا وشعر بانتفاضة عنيفة هزت قلبه،لفت انتباهه اهتزاز تلك اللوحة المعدنية المعلقة بواجهة سطح المبنى فرفع بصره إليها رأها تتأرجح في الهواء،صرخ بإسمها وما شعر بحاله إلا وهو ينطلق إليها مهرولاً بأقصى سرعة لديه