
المستشفى ….
إستقبلت “سماح” يومها بالمستشفى بالمرور بـ”ورد” مريضتها وصديقتها الجديده أولاً والتى ما أن وجدتها مستيقظه أقبلت نحوها ببسمه خفيفه فوق ثغرها ..
سماح: صباح الخير يا “ورد” …
ورد: صباح الخير …
تمعنت “سماح” أكثر بملامح “ورد” الهادئه نوعاً ما قائله …
سماح: لا أنتى النهارده أحسن كتير …
أمالت “ورد” رقبتها بصعوبه بالغه وهى تردف ساخرة من رؤيه “سماح” لها بالتحسن …
ورد : تفتكرى …؟!!!
سحبت “سماح” المقعد إلى جانب “ورد” وهى تلومها بلطف لتحثها على تقبل الأمر بصورة أكثر تفاؤلاً ….
سماح: وبعدين يا “ورد” … مش لازم تبقى متشائمه كده !!! … بقى فيه واحده زى القمر كده تبقى زعلانه أوى للدرجه دى …..؟؟
بإيمان شديد وثقه بأرزاق الله المقسمه على عباده …
ورد: كل واحد فى الدنيا له نصيب زى التانى بالظبط ويمكن كان نصيبى فى شكل بيعجب الناس … بس حظى ……!!!
سماح: يا “ورد” مفيش حاجه بتيجى بالساهل كده حتى الورد الجميل إللى زيك كده بيبقى حواليه شوك .. لازم متخليش الشوك ده هو كل حياتك بالعكس حوليه لحاجه إيجابية تدفعك للأحسن ….
لم تكن مطلقاً من تلك الشخصيات السلبيه التى تلقى باللوم على كل ما يحيط بها ، لم تكن متشائمه أو كئيبه قط لكن ما أصابها بالفعل أثر عليها بصورة مخيفه …
ورد: أنا بحاول والله بس مش عارفه أنسى … ده أنا كل ما أغمض عينى بشوف “حسام” قدامى …. مش عارفه أنام …
سماح: دى فترة مؤقته بس ومع الوقت حتنسى وتحبى وتتحبى وحياتك حتتغير ….
عقبت “ورد” بلا إهتمام برأى “سماح” العجيب وربما تحثها على ذلك دون درايه بالفعل بما تشعر به ، فالمصاب مصابها هى فقط ، هى من تألمت وتحطمت وليس غيرها …
ورد: إللى أنتى بتقوليه ده صعب أوى .. يمكن كمان مستحيل …
بفطنتها أدركت “سماح” مقصد “ورد” لتستكمل دفعها للأمام وتجاوز تلك المحنه …
سماح: ليه مستحيل ….؟؟ هم يعنى إللى مروا بتجربه وحشه كانت هى بس إللى فى حياتهم … ياما ناس عدوا بتجارب سيئه وقوتهم للأحسن …
ورد: ده كلام … مش على أرض الواقع …
بذكاء شديد ألقت “سماح” تساؤل مفاجئ تاركه “ورد” تتمعن به ..
سماح: طيب لو أنتى شايفه إن كل الناس زى “حسام” … أمال باباكى ده إيه …؟؟
ورد: بابا ده مفيش منه فى الدنيا أبداً … ولا فيه حنيته ولا طيبته وخوفه عليا ….
سماح: هو كده بالضبط زى ما الدنيا فيها “حسام” فيها باباكى … مش كل الناس زى بعض ….
تركت “سماح” “ورد” تتمعن بحديثها لبعض الوقت فربما رغم عدم إقتناعها إلا أنها تعطيها الفرصه لرؤيه نظرة بعيده عن وضعها الحالى …
لكن “ورد” ظنت أنها ستظل حبيسه تلك التجربه الفاشله طوال حياتها لكن عليها أن تدرك أن الدنيا بها “حسام” وبها أيضاً والدها هى لا تنكر ذلك …
فلتسقط الراحه أرضاً و ينحى الجميع جانباً فليس هناك أهم من وردتى اليانعه التى تحتاج إهتمامى ورعايتى …
فور إستيقاظه بعد أن غفا بإنهاك شديد إتجه “عبد المقصود” إلى المستشفى مباشرة غير مبالى بغير غاليته …
طرق الباب بخفه وهو يطل بوجهه المتعب وإبتسامته المحبه العطوفه …
ابو محمد: صباح الخير على أحلى ورده ….
ببسمه رقيقه فوق ثغرها المجروح أردفت “ورد” بنبرتها الحنونه الناعمه …
ورد : بابا … صباح الخير …
بتفاؤل شديد دنا “عبد المقصود” من إبنته معقباً …
ابو محمد: لا … ده إحنا بقينا بنبتسم كمان أهو …
ورد: ربنا يخليك ليا يا بابا ….
ابو محمد: أنا شايف إن أنتى بقيتى بتتحسنى أهو الحمد لله …
بإمتنان بالغ أومأت “ورد” وهى تثنى على مجهود “سماح” معها …
ورد: والله يابابا “سماح” دى إنسانه كويسه أوى … وبجد برتاح أوى لما بتكلم معاها .. بس أنا زهقت أوى من النوم على السرير كده ….
ابو محمد: معلش هم بس كمان عشر أيام ونخرج من المستشفى على بيتك …
تهدجت أنفاسها للحظات وهى تتسائل بتخوف واضح …
ورد: بيتى … !!! إللى هو إيه يعنى ..؟؟
ملامحه المطمئنه أكسبتها راحه فوريه حين تلفظ بعبارته موضحاً …
ابو محمد: بيتك … بيتنا يا “ورد” …
ورد : أيوه .. أنا إفتكرت إن لسه “حسام” …. يعنى .. اااا .. !!
ابو محمد: لا متخافيش أنا كمان حقول لـ أم “حسام” متخليهوش ييجى البيت نهائى وأنتى هناك …
ورد: حبيبى يا بابا … مش عارفه من غيرك كنت حعيش إزاى ….
ابو محمد: ربنا يفرح قلبك يا بنتى …
شعر “عبد المقصود” بدوار مفاجئ و إستند إلى طرف السرير المعدنى لتفجع “ورد” برؤيه والدها بهذا الحال هاتفه بتخوف وفزع ….
ورد: بابا !!! …. مالك يا بابا …؟؟؟
ابو محمد: مفيش يا بنتى … حرتاح أهو …
تلمس “عبد المقصود” المقعد بيده ليرتمى فوقه بتألم ظاهر على ملامحه الممتعضه محاولاً إخفاء تألمه عن صغيرته لكن رغماً عنه كان بادياً بوضوح إعيائه الشديد على تقاسيم وجهه الشاحب …
أمسك بكوب الماء الموضوع فوق المنضده ليرتشف منه قبل أن يسند رأسه للجنب قليلاً متلمساً بعض الراحه ….
رؤيه هذا السند القوى يتراخى أمام أعينها جعلها تشعر بالخوف الشديد لتهتف بقلق عميق …
ورد : بابا إنت تعبان ؟؟!! … فيه إيه ؟!!! .. إيه إللى حصل ….؟؟
ابو محمد: أبداً يا بنتى متقلقيش ده بس من تعب اليومين إللى فاتوا الضغط عالى شويه …
قلبت “ورد” شفتيها بحزن طفولى وهى تعده بأنها ستتحسن فقط حتى لا يشعر بالتعب …
ورد: طب خلاص متزعلش نفسك أنا حبقى كويسه ومتشيلش همى خالص بس أنت متتعبش ….
ابو محمد: ربنا يراضيكى يا بنتى أنا ميهمنيش فى الدنيا غير سعادتك أنتى وأخوكى ….
مر وقت الزيارة كاملاً ثم خرج “عبد المقصود” من المستشفى وهو ينظر لتلك الورقه المطويه التى كان يحملها بجيبه ، تلك الورقه التى قد أعطاها له الطبيب والمسجل بها أسماء التحاليل المطلوبه والتى لم يتسنى له أن يقوم بها لإنشغاله بـ”ورد” ….
ابو محمد: مبدهاش بقى أروح أعمل التحاليل والأشعة دى وأبقى أوريهم للدكتور لما تطلع النتيجه وأشوف سبب الصداع والدوخه دول إيه ….؟؟
إتجه “عبد المقصود” لقسم التحاليل للقيام بهذا الفحص وإجراء التحاليل والأشعة التى طلبت منه لينتظر نتيجتها بعد يومين ….
شركه الاقصى …
أمسك “شريف” بورقه يتمعن بها قليلاً ثم تسائل مستفهماً من صديقه المنكب فوق مكتبه يدقق بأحد العقود الموكله إليه …
شريف: شفت الفاكس ده يا “يوسف” …؟؟
يوسف: فاكس ..!! لا مشفتهوش خير ..؟؟
شريف: الشركه الإيطاليه باعته لنا عايزة المواصفات بالتفصيل …
يوسف: كويس أوى … يعنى هانت أهو ونمضى العقود ….
نهض “شريف” بخفه من فوق مقعده متقدماً نحو مكتب “يوسف” قائلاً بعمليه …
شريف: أيوه يا “يوسف” بس الموضوع ده بالطريقه القديمه حياخد وقت كبير .. معنى كده إننا لازم نحضَّر المواصفات ونراجعها عشان نمضى العقد …
ضم “يوسف” ذقنه بإصبعيه متفكراً ثم أردف …
يوسف : مضبوط … والموضوع ده قدامه على الأقل إسبوعين …
شريف : يعنى إحنا كده قدامنا حوالى أسبوعين نحضر العقود ونحدد معاد السفر على طول …
يوسف: مش عارف !!!! … موضوع السفر ده صعب أوى …حسيب أمى وأختى لمين بس …؟؟
بوجهه المازح أجابه “شريف” ببساطه فعليه ألا يعقد الأمور …
شريف: متكبرهاش بقى … ده إحنا مش حنكمل أسبوع .. متعملهاش مشكله …
يوسف: طيب سيبها على الله دلوقتى خلينا نخلص بس إللى المفروض نعمله هنا …
إعتدل “شريف” بوقفته وهو يغمز بإحدة عينيه قائلاً بغموض …
شريف: طب إيه …؟؟؟
تطلع به “يوسف” بعدم فهم لمقصده …
يوسف: إيه ….؟؟؟ عايز إيه ….؟؟
شريف: مش حناكل ولا إيه …؟؟
فور إدراكه لمقصد صديقه هتف “يوسف” بإندهاش …
يوسف: يا ساتر يا رب .. إنت جُوعت …
شريف: أووى …
أغلق “يوسف” الملف الموضوع أمامه قائلاً بمزاح …
يوسف: يلا يا أخويا .. أنا اخاف على نفسى لتاكلنى …
عقب “شريف” بمزاح مماثل وهو يتطلع نحو “يوسف” بتقزز …
شريف: مش للدرجه دى !!! .. إنت مش النوع إللى بحبه …
ضحكا الصديقين من ثم توجها إلى المطعم المجاور لتناول الطعام فى منتصف اليوم كعادتهم … ليعودا بعد ذلك إلى مقر الشركه ليكملا عملهما حتى المساء ….
فى المساء …
شقه يوسف …
ألقى “يوسف” التحيه على والدته وأخته وهو يتمعن بهما حين وجدهم يتهامسون كمن يخططون لشئ ما …
يوسف: مال شكلكم النهارده بيخطط لحاجه …
دعاء : ولا بنخطط ولا غيره … الرحله بس يوم الخميس وكنت برتب مع ماما حنعمل إيه …
تذكر “يوسف” الرحله التى ستذهب بها “دعاء” برفقه أصدقائها قائلاً …
يوسف: ااااه …الرحله … ماشى ماشى …المهم فيه غدا النهارده ولا إيه … ؟؟
دعاء: يا سلام … إنت تؤمر … أدخل بس غير هدومك كده عقبال ما أحضر لك الغدا …
يوسف: ده إيه الرضى ده كله .. ماشى يا ستى …
نظرت “دعاء” إلى والدتها كمن تطلب منها التدخل وإخبار “يوسف” عن مرادها الحقيقي …
ام يوسف: لا هى بس مش عايزة تقولك إنها عايزة فلوس تجيب حاجات قبل الرحله …
يوسف: اااه … صح كده… خدى يا مستغله … لما نشوف أخرتها …
أخرج “يوسف” محفظته وأعطى “دعاء” بعض المال لتشترى ما يلزمها قبل الرحله فهو لن يتركها تحتاج لشئ مطلقاً دون أن يلبيه لها …
•• الفصل التاسع ••
•• خطه …!!!••
وظننا أن الوقت لن يمر من الألم لكن ما أسرع من مرور الأيام ، وظننا أن النسيان مستحيل لكن الوقت للنسيان كفيل …
فبعد مرور أسبوع كامل على تلك الليله البشعه التى فرقت بين “ورد” و”حسام” وصولاً لنهايه الأسبوع بعد أن مر الوقت بكل ما فيه من لحظاته المؤلمه و البدايه الجديده …
يوم الخميس ..
تقابل “يوسف” مع “عبد المقصود” بصلاة الفجر بكل ليله لكنه لم يجرؤ على سؤاله الذى شغل تفكيره كثيراً عن إبنته خوفاً من تدخله فيما لا يعنيه خاصه فى مسألة شديده الخصوصيه مثل هذه لكن لا ينكر أنها سببت عنده نوع من الفضول لمعرفه ما حدث فقط للإطمئنان على هذا الرجل ذو الأفضال والطيبه …
وبتلك الليله خاصه بعدما إنتهى من أداء فريضته وإتخذ طريقه عائداً إلى منزله لترتسم إبتسامه مداعبه على ثغره وهو يتابع أخته الصغرى “دعاء” وهى ترتب حقيبتها بعشوائية تماثل حياتها الفوضاويه التى تعيش بها …
يوسف: ده إيه النشاط ده كله !!! … يا ريت كل يوم رحله عشان نشوف النشاط ده …
رفعت “دعاء” كفيها ملوحه براحتهما أمام مرأى “يوسف” وهى تردف بإسلوب مازح مرح للغايه ..
دعاء: إيدى على كتفك …. لو على الرحلات معاك من الفجر …
ألقى نظرة خاطفه على حقيبتها وهو يردف بنوع من الجديه ..
يوسف: خلاص حضرتى كل حاجه …؟؟!!
دعاء: كله تمام متقلقش ….
ليبدأ “يوسف” تعليماته وتنبيهاته المشددة على مسامع “دعاء” التى تلقتها بود ومحبه فهى تدرك أن “يوسف” يتشدد بتلك التعليمات خوفاً عليها وليس تحكماً وفرض سيطرته بالقوة …
يوسف: تليفونك معاكى ومشحون كويس …؟!! أنا حكلمك كل شويه أطمن عليكى ..
دعاء: والله ما تخاف … إنت وراك رجاله …
تطلع بها “يوسف” بنظرة مازحه يسخر من إجابتها …
يوسف: ما أنا عارف …
إتسعت عينا “دعاء” الواسعه بشقاوة وهى تردف بنوع من التهديد اللطيف …
دعاء: قصدك إيه بقى ؟!! … أنت إللى بتجر شكلى على الصبح أهو …!!!
يوسف: خلاص خلاص .. يلا عشان أوصلك للباص …
هزت “دعاء” رأسها بطفوليه وهى تغمز بعينها بمرح …
دعاء: ماشى كلام الحلوين …
ضربها “يوسف” بخفه على رأسها ثم أردف مصطنعاً الجديه …
يوسف: يا بنت إتأدبى … يلا قدامى …
أصطحب “يوسف” أخته إلى الحافله التى تنتظرهم ليطمئن أولاً على تحرك الحافله بأمان لتنظر صديقه “دعاء” نحو “يوسف” بإعجاب قائله بهيام لصديقتها وهى تجلس إلى جوارها ….
مريم: “دعاء” …. جوزهونى أبوس إيدك …
رفعت “دعاء” رأسها بتعالى قائله …
دعاء: بعينك …
مريم: بقى كده … وأنا إللى حاجزه لك الكرسى جمبى من الصبح وجايبالك شيكولاته .. خساره فيكى …
دعاء: إيه شيكولاته … سحبناها سحبناها … تعالى أول الشهر وأنا أجوزهولك …
إستمرت “دعاء” تمازح صديقتها الحميمه “مريم” حتى إكتُملت أعداد الطلاب بالرحله وبدأت الحافله فى التحرك نحو الإسكندريه …..
فى شركه الأقصى ….
تهللت أسارير “شريف” وهو يهتف فرحاً بصديقه ..
شريف: أبسط يا عم … السفر إتحدد بقى كمان أسبوعين بالضبط …
بهدوء شديد أجابه “يوسف” وهو يميل رأسه قليلاً حتى يستطيع النظر لـ “شريف” الذى يقف بمقابلته أمام مكتبه الذى يجلس خلفه …
يوسف: كويس .. وحنقعد أد إيه …؟؟؟
رفع “شريف” مقلتيه للأعلى متفكراً قبل ان يردف بتخمين …
شريف: أسبوع تقريباً .. أو منين ما نخلص نرجع على طول …
يوسف: تمام … حظبط أنا أمورى هنا عشان والدتى وأختى إنت عارف …
شريف: ماشى …
عاد “شريف” بإتجاه مكتبه لينشغل هو الآخر بعمله قبل حلول موعد الراحه لتناول الطعام كالعاده …
المستشفى ….
بعد مرور أسبوع كامل بدأت بعض التورمات فى الإختفاء وأخرى إضمحلت بشكل ملحوظ لتظهر عيناها الزرقاوتين كبحر من الموج الأزرق ، حتى جرح شفتيها المتوغل أصبح أقل حجماً وتأثيراً …
إستندت “ورد” جالسه تتابع أحد المشاهد الهزليه المضحكه بالتلفاز الموضوع بغرفتها بالمستشفى كنوع من التسليه حين دلفت “سماح” تطل بوجهها الضحوك تجاه “ورد” ثم أردفت بإعجاب حقيقى …
سماح: لا ده إحنا كل يوم أحلى من الأول … ده أنا كده أغير بقى …
كان بـ”سماح” جمال من نوع آخر ، جمال لا يقل ولا ينضب ، جمال يقبع بروحها العذبه ونفسها الشفافه …
ولكن لم يمنع ذلك من ملامحها الرقيقه المحببه التى تدلف للقلب بدون حاجز أو إستئذان لتجيبها “ورد” بإعجاب مماثل ..
ورد: هو فيه زيك إنتى … ده أنتى قمر …
لم تجلس “سماح” بالمقعد المعتاد بل إتخذت موضع إلى جوار “ورد” بالفراش مردفه بأريحيه شديدة …
سماح: مش عارفه ليه مش بعتبرك مريضه عندى وحاسه إننا بقينا أصحاب ده ماسك فى قلبى كدة …
ورد: وأنا كمان .. أنا طول عمرى ماليش أصحاب …
سماح : إزاى ده …؟؟
لم تكذب “ورد” بهذا الشأن فهى كانت دوماً محط أنظار الجميع لكنها لم تكن صديقه لهم مطلقاً ، كانت دوماً تشعر بأنها تعيش بعالم آخر منزويه عن الجميع وربما يتخوف الجميع من مصادقتها حتى لا تقارن إحداهن بها ، لكنها كانت حقيقه تسعى لصداقه حقيقه بملء قلبها لكنها لم تجد سوى النفور منها …
ورد: طول عمرى لوحدى كده ليا زمايل كتير بس ماليش أصحاب قريبين أوى …
سماح : وأنا يشرفنى إننا نكون أصحاب …
ورد: أنا مش عارفه من غيرك كنت إرتحت كده إزاى …!!
تماثل “ورد” للشفاء و إرتفاع روحها المعنويه بهذا الشكل جعل “سماح” تستثمر ذلك فى تحفيزها على الإستمرار بالعلاج …
سماح: أنا عايزاكى ترجعى أحسن من الأول كمان … متخافيش من حاجه …تتعرفى على أصحاب جداد وتعيشى حياتك ومتفكريش فى إللى فات خالص …
ورد: يا ريت أقدر …
سماح: أكيد … وعموماً أنتى باقى لك أسبوع كمان فى المستشفى وتفكى إيدك دى ويتبقى بس رجلك والشرخ البسيط إللى فى إيدك التانيه .. أهو حتى تعرفى تتحركى شويه فى البيت لما تروحى … وقتها حيكون العلاج مختلف وتبدأى حياتك ويومك من جديد وسط الناس ..
شعرت “ورد” لوهله بالتخوف مما هو قادم ، وكيف ستستمر حياتها بعد ما حدث …
ورد: أنا خايفه أسيب المستشفى …
سماح : لا دى خطوة ضروريه جداً إنك تواجهى الدنيا دى من تانى …. وأنا طبعاً حبقى معاكى خطوة بخطوه على التليفون …. ولينا جلسه كل أسبوع هنا فى المستشفى …
أومأت “ورد” بتفهم لتتسائل بإستراب عن والدها الذى تأخر اليوم على غير عادته بالأيام الماضيه …
ورد: هو بابا إتأخر النهارده كده ليه ….؟؟؟
سماح: الغايب حجته معاه .. يمكن جاى فى الطريق … أنا حروح مكتبى بقى ورايا شغل كتير النهارده …
بيت عبد المقصود العالى ….
شعوره ببعض التحسن بالأيام الماضيه جعله يتراخى نوعاً ما من عرض نتائج تلك التحاليل والأشعة على الطبيب كما طلب منه ، لكن مع إستيقاظه هذا الصباح شعر بدوار أقوى من سابقيه وعاد ذلك الألم مرة أخرى ليتخذ قراراً بعرض تلك التحاليل على الطبيب اليوم أثناء زيارته لـ”ورد” بالمستشفى …
إرتدى ملابسه متحضراً للذهاب حين سألته “ناهد” بفضول …
ام حسام: إنت خارج يا أبو محمد …؟؟
ابو محمد: أيوه حروح لـ “ورد” المستشفى ويمكن أتأخر شويه …
بإبتسامتها الغير مريحه للنفس عقبت “ناهد” …
ام حسام: طيب أنا نازله وسط البلد عايزة أجيب شويه حاجات ضرورى …
ابو محمد: ماشى .. حروح أنا بقى عشان متأخرش على “ورد” ….
إستقل “عبد المقصود” سيارته متجهاً إلى المستشفى ليقف بمنتصف الطريق بعد إحساسه بوخز مفاجئ جعله يشعر بخلل غريب بالرؤيه وكأن كل شئ أصبح ضبابى للغايه …
صف سيارته جانباً حتى بدأت تلك الضبابيه أن تنقشع عن عيناه ليدير محرك السيارة مرة أخرى عائداً إلى البيت فهو غير قادر تماماً على الذهاب الى المستشفى ….
لم يكن مر وقت بعيد لكن حين عودته وجد “ناهد” قد خرجت بالفعل ليدلف إلى غرفته مباشرة باحثاً عن تلك الأقراص المسكنه التى إعتاد عليها كثيراً فى الآونه الأخيره ….
تناول بضعف وإعياء شديد إحدى تلك الأقراص ومن ثم أراح جسده الضئيل فوق فراشه قليلاً لإستعاده نشاطه فربما وقتها يستطيع الذهاب مره أخرى إلى المستشفى ….
فرنسا…
نظرت “لامار” لأحد تلك الملفات قبل أن تردف بالفرنسيه تجاه مساعدتها “ليزا” …
لامار: جيد يا “ليزا” … سأحضر أنا ذلك … وأنتِ رتبى هذه المواعيد جيداً …
ليزا: حسناً مادموازيل (أنسه) “لامار” … حقاً …مسيو (الأستاذ) “آدم” ينتظرك بالخارج … هل أدخله …؟؟!
لامار: حسناً … دعيه يدخل …
فتحت “ليزا” باب المكتب تدعو “آدم” للدخول الى “لامار” …
ليزا: تفضل مسيو (أستاذ) “آدم”…
آدم: شكراً …
بلحظه تحول حديث “لامار” الفرنسى الشيق إلى اللهجه المصريه ترحب بـ”آدم” بعمليه وجديه بنفس الوقت …
لامار: أهلاً مسيو (أستاذ) “آدم” … إيه الأخبار … عجبك الجدول إللى عرضته على حضرتك ..؟!!
آدم: الصراحه ممتاز .. الطريقه والعرض بتاعه الشركه عندكم بجد مبهر …
لامار : إن شاء الله دايماً نكون عند حسن ظنكم ..
تنحنح “آدم” بإرتباك قبل أن يردف بإبتسامه قد لاحظت “لامار” بها نظرات إعجاب خفيه …
آدم: أنا بس … كنت حابب أدعوكى إننا نتعشى سوا .. حاجه كده بره الشغل يعنى …
بإندهاش بسيط وإعتذار دبلوماسي أجابت “لامار” برفض للدعوة بلباقه قائله …
لامار : مسيو آدم .. أنا أسفه جداً أنى أرفض عرض حضرتك الجميل ده … لأنى مسافره بكرة الصبح … أوعدك أكيد لما أرجع من السفر أعوضها لحضرتك وعلى حسابى كمان …
آدم: فى إنتظارك طبعاً .. وإحنا مصريين مينفعش إنتى إللى تدفعى … عندنا الراجل راجل ..
لامار بابتسامه: وهو كذلك …
آدم: شكراً ليكى ..
لامار: العفو …
خرج آدم من مكتب “لامار” وتنفست الصعداء بخروجه فهو على الرغم من كونه مصرى مثلها وخبير فى الأعمال بالفعل إلا أنه ثقيل الظل تماماً … ولهذا فهى تحاول وضعه دوماً فى مكانه الملائم فهى تحب العلاقات والصداقات بالفعل ، لكن هذا الشخص لا تدرى لم شعرت أنه من النوع المستغل للمكانه والمنصب …..
الاسكندريه ….
وصلت الحافله بطلاب الجامعه إلى الإسكندرية بعد عدة ساعات مرحه مبهجه ..
تحركت بهم الحافله نحو عدد من المعالم الرائعه بهذه المدينه الساحره حتى وصلوا إلى قلعه قايتباى …
ترجل الطلاب من الحافله منهم من توجه إلى متحف الأحياء المائيه وآخرون للتصوير أمام هذه القلعه البهيه العريقه ..
بينما إتجه البعض نحو تلك الصخور الكبيره المطله على مياه البحر للنظر عن قرب لتلاطم الأمواج بها …
شعرت “دعاء” برهبتها من أمواج البحر المتلاطمه فى الصخور فهى غير معتاده عليه وإزداد خوفها من أن تسقط فى الماء أو تنزلق قدميها فوق تلك الصخور ..
تراجعت إلى الخلف قليلاً لتجلس فوق هذا السور المحيط بتلك الصخور بينما إقتربت صديقاتها من الصخور الكبيره للإستمتاع بتلك الأمواج الرائعه …
لم تشعر بجلوس أحدهم قربها إلا عندما إستمعت لصوته يتحدث معها بدون سابق معرفه ببعضهم البعض …
” خايفه من المياه ولا إيه … إنتى أسمك إيه …؟؟”
نظرت له دعاء بإستراب وتقزز فمن هذا المتطاول الذى يعطى لنفسه الحق فى الجلوس والحديث معها بهذا الشكل …
دارت بوجهها مره أخرى بإتجاه صديقاتها متجاهله وجوده تماماً حين إستكمل غير عابئ برد فعلها المحرج له ….
” مش بتردى عليا ليه بس ؟!!! … أسمك إيه طيب ..؟!!”
إلتزمت “دعاء” الصمت وهى تتابع صديقاتها بلا مبالاه لهذا الذى يثرثر إلى جوارها حين هتفت “مريم” صديقه “دعاء” بصوت عالٍ ….
مريم : “دعاااء” … ما تيجى …ده المنظر تحفه …
إقتنص هذا الشاب تلك الفرصه التى واتته على طبق من ذهب ليعقب بعد معرفته لإسمها …
” (دعاء) … إسمك حلوة أوى .. ما تردى عليا يا بنتى فيه إيه هو أنا حاكلك …”
إلتفتت نحوه “دعاء” بغضب شديد من تطاول وتدخل هذا السمج بدون إستئذان مقتحماً جلستها وخصوصيتها قائله بحنق ….
دعاء: بنتك ….؟؟!!!! لااااا .. أنا مش بنتك … أنا ستك وتاج راسك … يا خفيف …
تركته “دعاء” مجبره على الذهاب نحو أصدقائها متحامله على نفسها إرتعابها من السقوط فى الماء …
أقترب الشاب منها حيث وقفت برفقه صديقاتها لكنه قرر التعرف عليها فقد جذبت إنتباهه وبشده هذه الفتاه المميزة …
” مرزوق أحمد مرزوق ….”
ضحكت جميع الفتايات بصوت عال على إسم هذا الشاب الغير متداول ….
بينما أخفت “دعاء” ضحكتها المكتومه بعيداً عن وجه هذا الشاب حتى تثبت على مظهرها القوى الغير مبالى حين إستكمل الشاب ضاحكاً مدعياً المغلوب على أمره …
مرزوق: أعمل إيه طيب .. لعنه وحلّت عليا وسمونى بإسم جدى .. ده أنا غلبان و أستاهل الصدقه والله … متبقوش إنتوا وإسمى عليا ….
مريم: يا حراام …. والله صعبت عليا … إنت عملت إيه فى دنيتك عشان يسموك “مرزوق” …
بإدعاء الطيبه إستكمل “مرزوق” مزاحه …
مرزوق: شفتى بقى … قولى لصاحبتك إللى قلبتنى دى … ده أنا أستاهل الشفقه والله …
مريم: إنت معانا فى الكليه …؟؟
مرزوق: أيوة .. أنا فى سنه رابعه وإنتوا …؟؟
مريم: لا إحنا لسه أولى …
أومأ “مرزوق” بتفهم مستكملاً حديثه مع تلك الفتاه التى لم تعترض إسلوبه للتعرف عليهن …
مرزوق: ااااه … وأنا بقول برضه الناس الحلوة دى أنا مشفتهاش معانا قبل كده …
مريم: إنت قسم إيه …؟؟
مرزوق: آداب تاريخ …
مريم: لا إحنا لغه عربيه …
مرزوق: لا كده بقى إنتوا إللى صعبتوا عليا …
كانت “دعاء” تستمع إلى الحوار بين مريم ومرزوق دون أن تشترك معهم بالحديث فقط تستمع فى صمت ….
بإبتسامه جذابه باغتها “مرزوق” متسائلاً …
مرزوق: مالك مش بتتكلمى معانا ليه …؟ هو أنا دمى تقيل أوى كده …؟
دعاء : لا أبداً …
مرزوق: إحنا زمايل عادى يعنى .. ولاااااا …. أنا مضايقكم فى حاجه ..؟؟
أسرعت “مريم” تنفى ذلك مطلقاً وهى تلكز “دعاء” بقوة بمرفقها حتى تعدل من وجهها المقلوب منذ أن رأت هذا الشاب …
مريم: لا أبداً .. هى بس “دعاء” مش بتحب الإختلاط قد كده …
مرزوق: بجد … آسف طيب لو كنت ضايقتك …
دعاء: لا عادى محصلش حاجه …
بعد إنتهاء جولتهم والمرور بعدد كبير من المعالم والمتاحف ومكتبه الإسكندريه و قرب الموعد المقرر للعوده .. إستعد الجميع بالصعود إلى الحافله للعوده مره أخرى إلى القاهرة ….
جلست “دعاء” إلى جوار “مريم” استعداداً لتحرك الحافله بهم حين إقترب منهم “مرزوق” طالباً من “مريم” تبديل الأماكن معه ليستطيع التحدث مع “دعاء” حين رفضت ذلك بصورة قاطعه …
دعاء: لأ طبعاً .. .هو فيه إيه ….؟؟
مرزوق: عادى يعنى كنت عايز أتكلم معاكى بس …
لوحت “دعاء” بإصبعها السبابه بغضب شديد لتضع حداً لتدخله وتطفله عليها بتلك الصورة …
دعاء: لو سمحت كفايه كده أنا مش بحب الكلام ده …
مرزوق بضيق: خلاص تمام .. متضايقيش نفسك …
عاد “مرزوق” مره أخرى إلى مقعده بينما شعرت “مريم” بأن “دعاء” قد زادتها قليلاً فى رد فعلها مع “مرزوق” …
مريم: كسفتيه يا “دعاء” والله …
دعاء: أنا مش بحب كده وأنتى عارفه يا “مريم” … بتضايق ..
مريم: ماشى بس كنتى يعنى قوليهاله بالراحه ..
تطلعت بها “دعاء” بتهكم وهتفت بضيق …
دعاء: لا يا شيخه … طب ما أروح أطبطب عليه وأعتذر له أحسن …؟؟
مريم: خلاص خلاص … براحتك … بس الواد شكله كيوت كده مش شكل “مرزوق” خالص ..
دعاء: خلصنا بقى اقفلى على السيره دى …..