منوعات

بقلم قوت القلوب ج1

شقه ورد وحسام …

فتحت “ورد” باب الغرفه باحثه عن “حسام” ، نظرت فى غرفه المعيشه فلم تجده …

ثم سمعت صوتاً قادماً من المطبخ فإتجهت نحوه لترى ماذا يفعل كل هذا الوقت هناك …

المطبخ …

دلفت “ورد” لتجد “حسام” واقفاً بمنتصف المطبخ يحمل زجاجه غريبه الشكل قاتمه اللون ، وأخذ يشرب منها بشراهه ..

فور أن رآها “حسام” وضع الزجاجه سريعاً فوق المنضده الخشبيه المستطيله بداخل المطبخ …

اقتربت منه “ورد” متسائله ….

ورد: إيه ده … إنت بتشرب إيه …؟؟؟

•• الفصل الثاني ••
* حلبه مصارعه *

ورد …
بحثت “ورد” عن “حسام” الذى تأخر كثيراً عنها لتجده بالمطبخ يقف حاملاً زجاجة غريبه الشكل قاتمه اللون يشرب منها بشراهه وقد شعر بالإرتباك فور رؤيتها ليضعها مسرعاً فوق المنضده المنصفه للمطبخ …

إقتربت منه “ورد” متسائله بشك ….

ورد: إيه ده … إنت بتشرب إيه …؟؟؟

حسام : ولا حاجه .. دى حاجه كده بتنشطنى شويه … النهارده يوم مش عادى … وأنا من ساعه ما شفتك وأنا مش على بعضى ….

تسائلت “ورد” مستفهمه فهى لم تدرك بعد ما يقصده وما نوع هذا المشروب الذى يحمله بين يديه …
ورد : أيوه .. يعنى بتشرب إيه … ؟؟؟

تبدلت طريقه حديثه اللطيفه بأخرى تميزت بالبجاحه وعدم الإكتراث بتساؤلها …
حسام : مالك !!!! … بقولك حاجه كده تنشطنى … ما هو إللى يشوفك مينفعش يبقى إنسان طبيعى بصراحه …

ورد: حسام … بالله عليك مش عايزين نبدأ حياتنا بنغضب ربنا … إوعى تكون بتشرب حاجه حرام ..؟!!!!

دار “حسام” بعيناه بتملل قبل أن يجيبها مستهزءاً من طريقتها بالحديث …
حسام: إنتى حتعملى لى فيها ست الشيخه ولا إيه ..؟؟ أنا عشت عمرى كله بره وده عندهم عادى يعنى .. بلاش تحبكيها بقى ..

صدمت “ورد” حقاً من تأكدها من إحتسائه للخمر لتردف بغير تصديق ..
ورد : ده فعلا خمره … إنت إزاى بتعمل كده !!!!…حرااام …!!!

حسام: بقولك إيه .. أنا مش بحب الطريقه دى … مش كل حاجه حتحبكيها كده من أولها … وتقوليلى حرام ومش حرام …

لم يكن هذا ما تمنته بزوجها ، فقد تمنت بزوج يخاف الله بأفعاله لكن “حسام” متهاون للغايه يستحل هذا الحرام ولا يشعر بهذا الذنب العظيم …

رفعت “ورد” إصبعها محذره “حسام” …
ورد: إنت عارف إنت كده بتعمل إيه !!! … إنت بتغضب ربنا … أوعى تفتكر أنى ممكن أعيش معاك وأنت فى الحرام ده …!!!!!

سقط من وجه “حسام” قناع اللطف والحنو ليظهر وجه مقيت متجبر وهو يهتف بسخط تام من تصدى “ورد” لأفعاله ونهرها لما تشتهيه نفسه بتحكمها بالحلال والحرام ….
حسام: لا بقولك إيه ….؟ إنتى مراتى .. فاهمه .. يعنى ليا حقوق عليكى … براضاكى بقى غصب عنك ميهمنيش …

بتفاجئ تام وإندهاش شديد عقبت “ورد” برفض تام وقد أخذ تنفسها يضطرب لأنفعالها الشديد …
ورد: إنت بتقول إيه يا بنى آدم إنت ؟؟؟ .. إستحاله تقرب لى طول ما أنت بتشرب القرف ده …!!!

بوقاحه شديده وجرأه غريبه لم تعتاد عليها “ورد” مطلقاً أردف “حسام” بتهكم …
حسام: نعم ..!! ……. إنتى مراتى وحقى حاخده منك …!!!

ورد: إستحاله فاهم .. إستحاله تلمسنى ولا تقرب منى حتى .. فاهم …

أنهت عبارتها محذره “حسام” لتستدير متجهه لغرفه نومهم مبتعده عن “حسام” الذى شعرت به تهديداً لإستقرارها النفسى بوجودها بقربه …

لكن تحذير “ورد” لم يلاقى نفعاً لدى “حسام” بل تملكته رغبته الذكوريه فى فرض قوته وسيطرته وتملكه لها ، فأسرع بخطواته تجاهها ممسكاً من ذراعها من الخلف بقوة وعنف ، حملها عنوة فوق كتفه فلن يتنازل عن حقه بها لتلك الليله …

تفاجئت “ورد” برد فعل “حسام” ليثير الفزع بنفسها وحمله لها بغته جعلها تثور وهى تضرب بقدميها بقوة تحاول الفرار منه بأى صورة …

أفلتها حسام من شده حركتها الملتويه وفور أن وصلت أقدامها الأرض وشعرت بصلابتها أسفلها حاولت الركض بخفه تبحث عن أى شئ بطريقها يمكنها الإحتماء به ..

لكن سرعتها كانت أبطء من حركته حين عاد وحملها مرة أخرى لتبدأ ورد بتسديد اللكمات الضعيفه له محاوله الهرب من بين قبضتيه القويتين …

وكانت الغلبه لهذا الثور الذى عميت عيناه تماماً عن الهواده لتسيطر رغبته وقوته على تلك الضعيفه ليدفع بها إلى إلى داخل غرفه النوم بقوة …

أفلتها من يده ومن ثم أغلق الباب بالمفتاح ووضع المفتاح بجيبه حتى لا تستطيع “ورد” الفرار منه …

أخذت تتراجع إلى الخلف تحاول أن تلتمس بأى شئ يعصمها من ثوره هذا المجنون فعيناه تتوهجان ببريق غادر مخيف …

أردفت “ورد” بنبره مهتزه للغايه …
ورد: “حسام” … مينفعش إللى إنت بتعمله ده …. حرام عليك كده …!!!

حسام: لا حرام عليكى إللى أنتى عاملاه فيا ده .. إنتى مراتى ولا نسيتى؟!!!! … وليا كل حقوقى كزوج …

إبتلعت “ورد” ريقها الجاف وهى ترتجف بقوة محذرة “حسام” من أن يقترب منها رغماً عنها …
ورد: لا مش كده يا “حسام” … مش كده … اااه ..

لم تكد “ورد” تنهى عباراتها إلا وكان “حسام” قد إنقض عليها كالثور ممسكاً شعرها بقوة يجبرها على الحركه معه …

أخذت “ورد” تصرخ بقوة وهى تركل “حسام” بكل قوتها بساقه محاوله إبعاده عنها …

صرخ “حسام” متألماً من ركلاتها القويه وإضطر لترك شعرها للحظه ..

لكنه عاد يمسكها من ذراعها مره أخرى بقوة ، ظلت تتحرك بعشوائيه تحاول الهرب من قبضه يده القويه ….

لم تجد بُد من أن تصرخ عالياً تلك المرة فربما ينجدها أحدهم من براثن يده التى تبطش بها …

بدأت بالإنهيار وإزداد بكائها حده فهى تيقنت هزيمتها بتلك اللحظه وهى تعلم تماماً ماذا تعنى هزيمتها فى هذه المعركه …

ورد: ااااه … إلحقونى …. حد يلحقنى …

اسرع “حسام” بوضع يده فوق ثغرها بسرعه يمنع صرخاتها من التحرر ..

إشتعلت عيناها الزرقاوتين ليصبح لونهما أحمر نارى أثر بكائها الحاد ، ظلت تنظر برعب نحو “حسام” الذى أصبح كالثور الهائج نحوها …

ألقاها بقوه فوق السرير فقد تملكته فكرة واحده فقط إنها لن تسمح له بقربها برضاها وهو لن يتوانى عن أخذ مراده رغماً عنها ولو بالقوة …

ورد : سيبنى بقولك … إبعد عنى …!!!

نظراته إليها تلك النظرات الممزوجه بين القسوة والرغبه والوقاحه كانت كفيله بأن تدب بنفسها الضعيفه الهلع على الفور ليتقدم نحوها بخطوات حيوان شرس لاقى فريسته المنشودة ليردف بنبره يملؤها الفحيح كلأفعى السامه ….

حسام : أسيبك !!! ….أسيبك إزاى ؟؟؟ …. ده أنا مصدقت بقيتى تحت إيدى …

لم يتبقى لها سوى سلاح واحد فقط … التوسل … لتهتز نبرتها المتوسله وسط دموعها التى بدأت تتساقط بغزارة

ورد : بالله عليك يا “حسام” مينفعش كده !!! … مش بالعافيه … لأ ….

حسام : أنتى إللى أجبرتيني على كده … وأنا خلاص طلعت فى دماغى ومش حسيبك النهارده …

كانت نهايه عبارته بدايه لملحمه قاسيه بدأها بالإقتراب منها دفعه واحده وهو يلقى بجسده الثقيل فوقها …

حاولت التملص منه بإستماته لكنها كان أقوى وأشد منها ، أنفاثه الكريهه أخذت تحاوطها بإختناق وهى تحاول جاهده الهروب منها لكن قوة “حسام” أجبرتها على البقاء …

أخذت تركل بشده ولم ينقطع صوتها عن الصراخ المتواصل فربما ينجدها أحدهم ، وبقوة غاشمه أخذ “حسام” يثبت “ورد” بقوة لكنها ظلت تتحرك وتتلوى وتركل كثيراً فلم يجد بُد سوى أن يضربها حتى تنصاع له …

رفع يده بقوة ليهوى فوق وجنتها الحمراء ليزيدها إلتهاباً وإحمراراً ، سالت بعض قطرات الدماء من جانب فمها إثر تلك الصفعه التى تركت بصمات واضحه لأصابعه فوق وجنتها البيضاء الممتلئه …

إزداد بكائها من شده الألم الذى تشعر به فلم يعد ألماً نفسياً فحسب بل تعدى بالألم الجسمانى أيضاً لكن ذلك لم يمنعها من محاوله الهرب مراراً من ذلك الوحش الذى يحاول إفتراسها ومنعها من الحركه …

صفعها عده مرات حتى تستكين له ، قاومت كثيرا لكن “حسام” أقوى منها فكانت له الغابه دائماً ….

فهذه الليله كانت أشبه بمصارعه عنها كليله زفاف …..

____________________________________

المسجد ….

بعد انتهاء المصلين من أداء فريضه صلاة الفجر وقف “عبد المقصود” برفقه “يوسف” قبل مغادرة المسجد …

أبو محمد: أبقى خلينى أشوفك يا أبنى …

يوسف: أكيد يا أبو محمد … أنا كل يوم هنا بصلى الفجر …

للحظه شعر “عبد المقصود” بدوار خفيف وصداع مفاجئ جعله يترنح قليلاً ليهرع “يوسف” لإسناده بحرص متسائلاً بتخوف وإهتمام …

يوسف: مالك يا أبو محمد أنت كويس ….؟!!!!

ابو محمد: اه .. دوخه خفيفه وعدت الحمد لله … الواحد تعب النهارده أوى …

يوسف: ألف سلامه على حضرتك … أنا حوصل حضرتك للبيت …

ابو محمد: لا يا أبنى مفيش داعى …

يوسف : إزاى بس … وعموماً طريقنا قريب من بعض .. أهو نتمشى شويه ….

ابو محمد: كتر خيرك يا أبنى ….

شعور “يوسف” بالإمتنان لهذا الرجل لما قام به معه منذ سنوات طويله وحتى الآن أرسخ بداخله حباً وتقديراً له ، فلم يكن إهتمامه مفتعلاً إطلاقاً …

رافق “يوسف” “عبد المقصود” حتى وصلا لبيته ليصافحه “عبد المقصود” بود بالغ قائلاً …

ابو محمد: معلش يا أبنى تعبتك معايا …

يوسف : لا تعب ولا حاجه .. ده ربنا إللى يعلم معزه حضرتك عندى قد إيه .. وإن حضرتك فى مقام والدى الله يرحمه … ده جميلك فى رقبتى دين مقدرش أوفيه …

أبو محمد: جِميل إيه يا إبنى بس … إنت تستاهل كل خير …

إبتسم “يوسف” مجامله قبل أن يترك “عبد المقصود” عائداً إلى بيته ليستعد للذهاب لعمله بالشركه ….

___________________________________

شقه حسام ….

كانت أغراض الغرفه مبعثره بصوره عشوائيه حزينه ،جلس “حسام” على طرف الفراش منكساً رأسه بين كفيه بصمت ..

بينما جلست “ورد” أرضاً بأحد أركان الغرفه متكوره على نفسها ممزقه الملابس ….

كان وجهها مختلطاً بألوان عدة من آثار مستحضرات التجميل التى تلطخت ببكائها الحار ، وآثار صفعات “حسام” لها التى جعلت وجهها بين الحمرة واللون الازرق مع جروح عميقه بفمها أثر هذه الصفعات ….

رفع “حسام” رأسه وأخذ يهز ساقيه بصوره عصبيه حين قام متوجهها نحو “ورد” بغضب ، والتى ما أن رأته مقبل نحوها نظرت إليه بإرتعاب شديد وإرتجفت أوصالها من قربه ثم تكورت أكثر وأكثر على نفسها …

نهج صدره “حسام” بقوة وهو يرفع إصبعه تجاه “ورد” محذراً إياها بتهديد غليظ …

حسام : عارفه لو نطقتى بكلمه واحده من إللى حصل ده … حقتلك بإيدى فاهمه …

إبتلعت “ورد” ريقها وهى تحاول أن تشرأب بعنقها إعتزازاً فلن تقبل بهزيمتها أمام هذا المتوحش لتهتف بنبرات ثائره متقطعه محاوله التحلى ببعض القوة ..
ورد : إقتلنى .. أنا عندى أموت أرحم من أنى أعيش مع واحد زيك … إنت فاكر إنى حسكت ومش حتكلم .. لا يا “حسام” .. أنا حتكلم وأقول على كل حاجه حصلت …

حسام : على الله فاهمه .. على الله تفتحى بوقك بكلمه واحده .. حتشوفى منى إللى عمرك ما شفتيه …

بإستهزاء شديد أكملت “ورد” بنبره يغلبها التحدى من وضع “حسام” المخزى …
ورد: حتعمل إيه تانى .. بعد ما ربنا غضب عليك من كتر الحرام إللى إنت عايش فيه وبقيت عاجز … فاهم .. عاااااجز ….

ترددت صدى كلمه (عاجز) بأذنيه فأعماه غضبه من أن تفضحه وتتكلم عن عجزه المخزى وأنه لم يستطيع أن يقوم بواجباته كزوج … ستفضح عجزة … هذا ما سيطر على تفكيره ….

إقترب منها بغضب عارم خوفاً من الفضيحه وأن تطعن فى رجولته ….

أخذ يضربها بقوة وعصبيه ، أعمى تماماً وتملكه الغضب والغيظ منها خشى من الفضيحه والعار الذى سيلاحقه طوال عمره ، ضربها بقوة غاشمه حتى أنها لم تستطع الحركه والهرب …

حملها وألقاها بعيداً لتسقط أرضاً فوق ساقها اليمنى لتشعر بألم بالغ بها ، حاولت أن تزحف إلى الخلف لتحتمى بالفراش بعيداً عنه بطشه قائله …

ورد: كفايه يا “حسام” … كفايه …

لكن “حسام” أصم أذنيه وجل ما يفكر فيه هو خوفه من فضيحته أمام الناس ….

أخذ يضرب فيها بقوة حتى إرتمت على أرضاً مسجيه دون حراك أو مقاومه …

لكنه لم ينتهى ظل يضرب ويضرب حتى خارت قواه من الضرب …

أفاق ليجدها كالجثه الهامده لا تصدر أى صوت مطلقاً …. فقط غارقه فى دمائها … ملقاه على الأرض بسكون تام …

حينها أفاق فنظر إليها فى ذُعر مما فعله بها … خشى أن يكون قد قتلها دون وعى منه …

نظر حوله برعب وأسرع نحو باب الغرفه فى فزع …

أخرج المفتاح من جيبه بتوتر فسقط على الأرض فإنحنى يلتقطه بإرتجاف ثم أمسكه محاولاً فتح الباب وهو ينظر نحو ورد مفزوعاً …

توجه إلى المطبخ حيث ترك جاكيت سترته منذ قليل مخرجاً منها هاتفه باحثاً عن رقم والدته للحاق به …

بعد عدة دقات وصله صوتها الناعس …
ام حسام: ألو …

حسام : إلحقينى .. إلحقينى يا ماما ….. !!!!!

إنتفضت “ناهد” من نومتها بفزع وهى تتسائل بتخوف …
ام حسام: حسام …!!! إيه إللى حصل ..؟؟

حسام : أنا فى مصيبه … مصيبه يا ماما …

بقلق بالغ أجابته بعصبيه من عدم إيضاحه ما حدث …
ام حسام : حصل إيه … أتكلم على طول ..؟؟

حسام : ضربتها .. ماتت … ماتت .. أنا قتلت ورد يا ماما ….!!!

إتسعت عيناها بصدمه وهى تشهق ضاربه صدرها بقوة …
ام حسام: يا نهار إسود …. أنت بتقول إيه …؟؟

حسام : بقولك موتها … محستش بنفسى وموتها … قتلتها … أنا رحت فى داهيه خلاص ..

____________________________________

شقه يوسف …
دلف “يوسف” إلى شقته بعد عودته من صلاته ليجد والدته جالسه بإنتظاره …

نظر لها بعيون معاتبه فهى متعبه للغايه ولا يريدد أن يثقل عليها بقلقها عليه لتلك الدرجه كل يوم …

يوسف : إيه إللى مصحيكى بدرى كده يا ماما …؟؟

ام يوسف: كنت مستنيه أطمن عليك يا أبنى .. مش عارفه حسيت قلبى مش مطمن قلت أستناك لحد ما ترجع ..

دنا منها “يوسف” يقبل رأسها بحنو مردفاً …
يوسف: متقلقيش عليا يا ست الكل .. أنا الحمد لله كويس … أنا بس كنت بوصل الأستاذ “عبد المقصود” بيته كان تعبان شويه بعد الصلاه ..

ام يوسف: الراجل ده الله يكرمه … شوف وقف معانا إزاى بعد وفاه أبوك وهو لا يعرفنا ولا نعرفه …. ربنا يكتر من أمثاله ويبعد عنه ولاد الحرام …

يوسف : أه والله يا ماما .. ده لولا رعايته لينا ولا كنا عرفنا نعيش ولا نتعلم خصوصاً إن بابا الله يرحمه مكنش ليه معاش ولا أى حاجه نصرف منها …

ام يوسف: خد بالك منه وأسال عليه .. راجل زى ده ميتعوضش … وإنت كمان يا أبنى تعبت عشانا أوى …

يوسف : الحمد لله كله جه بفايده … أمال فين “دعاء” هانم مقضياها نوم ولا كإن عندها جامعه بدرى …!!!

ام يوسف: حصحيها أهو تصلى وتفطر معاك وتروح كليتها …

أشفق “يوسف” على حال والدته ممتلئه القوام فهى تعانى من خشونه بالغ بقدميها ولا تستطيع الحركه جيداً ليمنع والدته بلطف …
يوسف : لا يا أمى خليكى أنتى عشان رجليكى … أنا حروح أصحيها وأنتى إدخلى إرتاحى شويه …

ام يوسف: يريح بالك دايما يا أبنى ويرزقك بنت الحلال يا رب …

•• الفصل الثالث ••
* قتلتها ….!!! *
حسام …
أخذ “حسام” ينفعل بقوة وهو مازال يحادث والدته عبر الهاتف قائلاً …
حسام : بقولك موتها … محستش بنفسى وموتها … قتلتها … أنا رحت فى داهيه خلاص ..

نهضت “ناهد” من فراشها وهى تحذر ولدها من التصرف بأى تصرف مجنون قائله …
ام حسام : أنت عملت إيه يا مجنون إنت !!! … إستنى متعملش أى حاجه أنا جايه لك …

أنهت “ناهد” مكالمتها مع إبنها لترتدى ملابسها بسرعه لتلحق له وترى ماذا سيفعلان بتلك المصيبه التى وقعت برؤسهم …

أخذت تمام بسخط تلعن ولدها وتصرفاته الهوجاء قائله ..
أم حسام : إنت هببت إيه بس دلوقتى … يوووه يا “حسام” …

عاد “عبد المقصود” من المسجد ليفاجئ بـ”ناهد” ترتدى ملابسها على عجاله ليسترب بالأمر ، تقدم نحوها بضع خطوات بقلق وهو يتسائل بتعجب …
ابو محمد: إيه ده .. إنتى بتلبسى ليه دلوقتى من بدرى كده …؟!!

إرتبكت “ناهد” فور سماعها لصوت “عبد المقصود” فهى لا تدرى بم تخبره حقيقه لتحاول إصطناع إبتسامه واهيه وهى تردف …

ام حسام : مفيش أصل حسام إتصل … وعايزنى اروح .. ااا …

لم يكن “عبد المقصود” منتظراً لسماع أكثر من إسم “حسام” ليتوجس خوفاً على إبنته ويدب القلق بقلبه …

تحرك مسرعاً دون إنتظار سماع توضيحها تجاه الخارج لتهتف “ناهد” به …

ام حسام : إستنى يا أبو محمد .. خدنى معاك …

أسرعت “ناهد” بخطواتها لتلحق بزوجها قبل أن ينطلق بسيارته لتجلس إلى جواره لاهثه إثر ركضها خلفه للحاق به …

أسرع “عبد المقصود” محرماً سيارته متجهاً صوب شقه إبنته العروس التى لم يمر عليها سوى ساعات قليله بتلك الشقه …

إضطرابه بسبب تلك المكالمه التى كان توقيتها مسبباً للقلق والذعر بنفسه متيقناً بأن هناك خطأ ما لطلب “حسام” حضور أمه بعجاله بهذا الوقت ليتسائل “عبد المقصود” دون الإلتفات إليها بقلق شديد …
ابو محمد: إيه إللى حصل يا “ناهد”…؟؟

بكذب واضح تجلى على ملامحها الباهته ..
ام حسام : متخفش .. كل حاجه تمام …

ابو محمد: تمام إزاى إنتى مش شايفه وشك عامل إزاى …!!!!

ام حسام : عادى يعنى يا أبو محمد .. دلع عرايس بس …. حنعمل إيه ….

ضيق ” عبد المقصود” حاجبيه بشك غير مصدق لما تتفوه به زوجته …
ابو محمد: بيتدلعوا علينا ليله فرحهم …!!!

ام حسام : يوه .. أنا عارفه بقى ….

ابو محمد: ماشى … ربنا يستر …

صف “عبد المقصود” سيارته أمام البنايه التى تقع لها شقه “ورد” و “حسام” ، تلك البنايه الجديده كلياً خاليه من السكان فهى لم يسكن بها سواهما حتى الآن …

أسرع “عبد المقصود” صاعداً نحو شقتهم بصدر ناهج من سرعته التى يجتاز بها درجات السلم ولحقت به “ناهد” مباشرة ….

طرق الباب الذى سرعان ما فتح ووجد أمامه “حسام” وقد شحب وجهه متلوناً باللون الأصفر ، لكن ما أفزع “عبد المقصود” حقاً هو رؤيته لبعض قطرات الدماء تلوث قميصه الأبيض ….

جن جنون “عبد المقصود” لرؤيته لتلك القطرات الحمراء المخيفه ليدفع بـ”حسام” نحو الداخل صارخاً بصوت عالٍ ….
ابو محمد: بنتى فين !!!!!! … عملت إيه فى بنتى …؟!!!!!

ظن “حسام” أن أمه قد أبلغته بما حدثها به بمكالمته معها ليترجى “عبد المقصود” مرتعباً من رده فعله ….
حسام : والله ما كنت أقصد أقتلها …!!

ذُهل “عبد المقصود” ووقف مصدوماً للحظات مما سمعه للتو ليتشتت بصمت يحاول إستيعاب ما حدث لينقبض قلبه بقوة غير مصدقاً لما يتفوه به هذا الأحمق …

ابو محمد: إيه ….؟؟ إنت بتقول إيه …؟؟ قتلتها …؟؟!!!!!!!!!!!!

حسام : والله يا أبو محمد .. أنا بس …

أزاح “عبد المقصود” “حسام” من طريقه بقوة لا تتناسب مطلقاً مع ضعف بنيته صارخاً بلوعه …

أبو محمد: بنتى …!!!! بنتـــــــى …!!!!

دلف “عبد المقصود” إلى غرفه النوم ليجد “ورد” مسجيه أرضاً ، جسدها مغطى بالدماء السائله على الأرض من تحت رأسها بمشهد مروع …

تملكه الفزع لرؤيه إبنته بهذا المنظر البشع فقد تخيل أنه الآن يطمئن على إبنته بزواجها قبل أن يتوفاه الله …

لكن ما حدث أنه ألقاها لحتفها … ألقاها فى النار بيديه ….

دنا “عبد المقصود” من “ورد” محاولاً السيطره على نفسه بألا ينهار إلى جوارها وهى جثه هامده …

نادى بإسمها فى ضعف يترجى أن تنهض وتجيبه فهو لن يتحمل خسارتها أبداً …

أبو محمد : “ورد” …”ورد” .. ردى عليا يا بنتى … ردى عليا يا حبيبتى …

إنحنى “عبد المقصود” ليمسك برأسها ويسندها إلى صدره بيداه المرتعشتان ، ضمها بقهر وقد إنهمرت دموعه الموجعه لفراق إبنته الوحيده …

ابو محمد: ااااه يا بنتى … اه … النهارده كنت بزفك لفرحك ولا لقبرك …ردى عليا يا “ورد” … ردى عليا يا بنتى … لا مش حتروحى منى لا … لا مش حتروحى زى ما أمك راحت منى … قومى يا غاليه … أنا مقدرش أستحمل الدنيا من غيرك .. أنا مقدرش على فراقك زى ما فارقت أمك ….

وقفت “ناهد” من خلفه تحدثه بنبره مستهزئه غاضبه …
ام حسام : هو ده إللى مأثر فيك !!!! … أمها الغاليه … أما صحيح ناس تخاف متختشيش … ولما هى الغاليه … أنا أبقى إيه بقى إن شاء الله … هه ..!!!!! .. ما ترد عليا ؟!!!! … ما كفايه بقى إللى بتعملوه إنت وبنتك …!!!!

اقتربت “ناهد’ من “ورد” لتهزها بيدها بعنف وقد إعتلت قسماتها تعبيرات مشمئزه وهى تنهر “ورد” بقساوة ..
ام حسام: قومى .. قومى وبطلى تمثيل بقى ….. قومى يا هاه …. غاليه …!!!

أنهت جملتها الأخيره بسخريه و إستهزاء وهى تنظر إلى “عبد المقصود” ….
ام حسام : ما كفاياك دلع فيها بقى .. ما خلاص كبرت وبقت شحطه أهى .. الدور والباقى على أبنى “محمد” خليله شويه من دلعك وحنيتك دول ولا هو مالهوش نصيب يعنى …. !!! وإنتى يا “ورد” .. قومى يلا .. أنا متأكده إنك مفيكيش حاجه وبتستعبطى علينا ….

أوقفها “عبد المقصود” بضيق شديد يبعد يدها القاسيه عن ابنته …

ابو محمد: كفايه .. كفايه … مش شايفه نتيجه عمايل إبنك …. مش شايفه عمل فيها إيه … هى كانت عملت له إيه ..؟؟ ما تردى .. عملت له إيه..؟؟ أنا حوديها دلوقتى المستشفى .. وحساب ابنك ده معايا بعدين إما سجنته ………
المهم أطمن على بنتى الأول ….

ام حسام : أنت بتقول إيه .. إنت…أأ…..

وقبل أن تكمل حديثها أمسك “عبد المقصود” إسدال الصلاه الخاص بـ “ورد” ليغطيها به ثم حملها بصعوبه متجهاً بها إلى المستشفى …….

إقترب “حسام” من والدته بتخوف وعيناه تتابع “عبد المقصود” الذى حمل “ورد” وخرج مسرعاً بها ثم قال بفزع شديد …
حسام : إلحقى يا ماما ده حيبلغ عنى .. أنا كده رحت فى داهيه رسمى ..

ام حسام : إستنى بس أنا رايحه وراه المستشفى .. متقلقش محدش يقدر يأذيك وأمك عايشه على وش الدنيا …

حسام : انا خايف .. خايف أوى …

ام حسام : الله ..ما قلت لك متخفش … بس قولى .. إنت ضربتها أوى ليه كده .. هى عملت لك إيه ….؟؟؟؟

حسام :مكنتش فى وعيى .. شربت شويه ومدرتش بنفسى بعمل إيه …

ام حسام : يوووه …ما أنا قايلالك متشربش قدامها …أهى عملتلك فيه الشيخه “ورد” ..كنت شويه شويه وهاتلها الموضوع بالتدريج ….

حسام : إللى حصل بقى …

أرادت “ناهد” أن تتيقن من أن “عبد المقصود” وإبنته مازلا بقبضتها لتسأل ولدها أولاً ليطمئن قلبها …
ام حسام : ده كان قبل الدخله ولا بعدها …؟؟

إرتبك “حسام” من سؤال والدته وخشى أن يلحق بوصمه عار على رجولته ليجيبها بكذب …
حسام : هه … لا .. بعدها .. بعدها …

لتتسائل “ناهد” بسؤال متوارى له مغزى ….
ام حسام : طب إيه … ؟؟ طمنى …!!!!

حسام : كله تمام يا ماما .. إبنك راجل .. ده سؤال برضه .. إطمنى ..

رفعت “ناهد” كتفيها براحه وقد إرتسمت إبتسامه منتصره فوق شفتيها وهى تردف بثقه ….
ام حسام : طيب كويس … أهى كده راجعه لك راجعه لك … أمال إيه … يلا أنا رايحه المستشفى وألحق الراجل المجنون ده ليعمل حاجه …

حسام : ماشى .. أنا قاعد جنب التليفون .. طمنينى …

____________________________________

شقه يوسف …
خرجت “دعاء” أخت “يوسف” الوحيده ومازال النعاس يغلب جفونها تلقى تحيه الصباح على والدتها بصوت ناعس للغايه وهى تحك شعرها بفوضاويه تتمنى لو تنال بعضاً من النوم بعد ….

دعاء: صباح الخير يا ماما …

ام يوسف: صباح الخير يا بنتى … يلا حضرى الفطار عشان أخوكى ميتأخرش على الشغل ..

دعاء: حاضر ثوانى أهو …

يوسف بضحك: بلاش ثوانى من بتاعتك الله يكرمك .. عندى شغل مهم وكده مش حلحق ….

دعاء: والله أنا غلبت معاكم فى البيت ده … ممرمطنى كلكم ولا كأنى الخدامه إللى إشتريتوها .. وكل واحد فيكم هاتى يا “دعاء” … شيلى يا “دعاء”… حطى يا “دعاء” ..

لم تصمت “دعاء” إلا بعد أن أسرع “يوسف” تجاهها مهدداً لها بالضرب …

يوسف: هو الواحد مش حيسلم من لسانك ده .. يا ساتر أنتى إيه ..

بمزاح لطيف أجابته “دعاء” تحاول إستفزازه …
دعاء : أنا “دعاء”..

يوسف: أنتى تانى .. يلا حضرى الفطار …

دعاء :والله من غيرى البيت ده دمه تقيل ولا ليه أى لازمه …

يوسف بضحك: اللهم طولك يا روح .. يا بت روحى حتأخر كده ..

دعاء: أهو .. أهو … حنبتدى .. روحى يا “دعاء” هاتى يا “دعاء” ..ودى يا “دعاء”…

ركض “يوسف” خلف “دعاء” التى أسرعت بخوف مصطنع فور رؤيته يتجه نحوها …

ثم عاد مرة أخرى لوالدته ومازالت الإبتسامه تشق وجهه بسعاده …

يوسف: كِبرت أوى يا ماما …

ام يوسف: ربنا ما يحرمكم من بعض ولا من حنيتك عليها … ويفرحنى بيك يا رب

يوسف: آمين يا رب …

طلت دعاء برأسها من المطبخ …

دعاء : سامعاكم على فكرة … مش بقولكم .. متقدروش تستغنوا عنى أبداً …

ثم حركت حاجبيها لهم ضاحكه …
ضحك “يوسف” ووالدته على أخته “دعاء” فهى فرحه هذا البيت بالفعل ….

تناول يوسف إفطاره وتوجه نحو الشركه حتى لا يتأخر ….

ام يوسف: ربنا ينور لك طريقك يا إبنى يا رب …

عقبت “دعاء” مصطنعه الحزن قائله …
دعاء : طب وأنا طيب … أى حاجه طيب على الصبح .. ده أنا حبيبتك ..

ام يوسف بإبتسامه: إنتى … ربنا يهديكى … وينجحك و نخلص منك بقى ….

دعاء: مش عارفه الدعوة دى قالبه على تريقه ليه … بس ولا يهمك .. كل إللى منك حلو يا ست الكل …

ام يوسف: اااه … قومينى يا بنتى أدخل جوة رجليا خلاص مش مستحمله وجعها …

دعاء: تعالى .. إتسندى عليا …

ام يوسف: أيوه كده .. شايفه الأدب حلو إزاى …

دعاء : هو أنا نطقت .. اللهم طولك يا روح … بقولك يا عسل أنتى .. ما تجيبى قرشين أحسن أنا مقشفره على الآخر …

ام يوسف: يا بنت .. حسنى ألفاظك مش كده ..

دعاء: حاضر .. بس هاتى بقى أى حاجه .. أنا مفلسه على الآخر ..

ام يوسف: خدى .. ربنا يكرمك يا “يوسف” يا أبنى زى ما أنت مش مخلينا محتاجين حاجه ….

بإمتنان شديد عقبت “دعاء” وقد إنتبهت لشئ ما …
دعاء : آمين يا رب … إلا بقولك يا ماما .. ما إحنا ظروفنا بقت كويسه أوى الحمد لله ما تيجى نخطب لـ”يوسف” بقى ..

ام يوسف: أه والله يا بنتى … بس مش عارفه هو رأيه إيه فى الموضوع ده ..

دعاء: سيبيه عليا بس وأنا أول ما حيرجع حكلمه … يلا حبيبتى أنا رايحه الكليه مش عايزة حاجه أجيبهالك …

ام يوسف: لا يا بنتى ..أعوزك طيبه … خدى بالك من نفسك …

تركتها دعاء متوجهه لجامعتها فهى مازالت بعامها الأول وعليها الإهتمام بالدراسه والمذاكرة ..

ام يوسف: ربنا يفرحنى بيكم ويبارك لى فيكم .. ويعوضك خير يا “يوسف” على حرمانك وتعبك السنين إللى فاتت دى يا رب …

•• الفصل الرابع ••
* الكاذبان *

المستشفى ….
وقف “عبد المقصود” أمام غرفه الطوارئ فى إنتظار الإطمئنان على “ورد” ، فمنذ أن دلفت إلى الداخل لم يطمئنه أحد عنها ولا يعلم بعد ماذا حدث لها ليقف بتوتر وخوف شديد ….

لم تسقط “ناهد” نظرها عنه بل ظلت تحملق به بتوجس شديد تتمنى لو أن أحدهم يخرج لهم ليقطع هذا التوتر بالإنتظار فهى تخشى أن مكروه يصيب “حسام” بسبب تلك المعتوهه “ورد” ….

قطع إنتظارهم الطويل خروج الطبيب من غرفه الطوارئ ليسرع “عبد المقصود” متعلقاً بذراعه برجاء شديد كالطفل الصغير حين تحدث بنبره مهتزه خائفه للغايه ….
ابو محمد: دكتور طمنى بالله عليك .. أخبار “ورد” بنتى إيه …؟!!!

تطلع به الطبيب لوهله ثم تسائل بمهنيه ..
الطبيب : أنت والدها ….؟؟

ابو محمد: أيوه أنا …؟؟ طمنى الله لا يسيئك …

لم تتوانى “ناهد” أن تقفز إلى جوار زوجها تسترق السمع بتلهف خوفاً من أن تكون ماتت بالفعل ووقتها سينساق “حسام” للشرطه لا محاله …

أجابهما الطبيب وهو يتطلع بوجوههم بتأثر شديد …
الطبيب : للأسف حالتها مش كويسه أبداً … بس إن شاء الله حتتحسن وتبقى كويسه إطمن …

تهللت أسارير “عبد المقصود” بفرحه لتيقنه أن “ورد” مازالت على قيد الحياة ليهتف بسعاده …
ابو ورد: بنتى عايشه الحمد لله .. الحمد لله ..

الطبيب : للأسف هى إتعرضت لإعتداء شديد جداً .. وده سبب لها شرخ فى أيدها اليمين و كسر فى رجلها اليمين وجرح فى رأسها .. دة غير االرضوض والكدمات .. وبعض الجروح سطحيه الحمد لله بس حتاخد وقتها وتلتئم وتبقى كويسه ..

ابو محمد: الحمد لله .. قدر الله وما شاء فعل …

الطبيب : بس للأسف …

تجهمت ملامح “عبد المقصود” لسماعه تلك الكلمه من الطبيب ليردف بتخوف …
ابو محمد : خير .. فى إيه يا دكتور … ؟!!

الطبيب : هى لحد دلوقتى مفاقتش .. أظن ده نوع من الإغماء و إللى حيحدد ده الدكتوره النفسيه لأن واضح إنها إتعرضت لإنهيار نفسى شديد .. يعنى هى إللى رافضه تفوق …. زى ما تكون نايمه كدة ….

ابو محمد: أى حاجه مطلوب مننا نعملها حنعملها .. المهم “ورد” تقوم بالسلامه …

الطبيب : إن شاء الله …. الدكتوره النفسيه حتمر عليها عشان تقيم حالتها بالضبط وتكتب تقريرها عشان نبدأ العلاج … لكن من الواضح إنها إتعرضت لضرب شديد جداً …. والعنف إللى من الدرجه دى أنا آسف إنى أبلغ حضرتك إننا بلغنا النيابه وهى حتيجى تحقق فى الموضوع ده …

ابو محمد: طبعاً طبعاً .. فاهم يا دكتور … لازم إللى عمل كده ياخد عقابه ..

أنهى “عبد المقصود” عبارته وهو يرمق “ناهد” بعينيه قاصداً ولدها المدلل “حسام” بنظرة ذات مغزى جعلها تتوتر للغايه …

لم تتمالك “ناهد” غضبها من تهديد “عبد المقصود” الواضح بالإبلاغ عن ولدها لتسرع بالإتصال بـ”حسام” لتبلغه بالأمر …

ام حسام: أيوه يا حسام .. تعالى المستشفى ..

حسام: طمنينى إيه … ؟؟ ماتت …؟؟

نظرت “ناهد” تجاه “عبد المقصود” الذى مازال يتحدث مع الطبيب حتى لاينتبه لحديثها مع “حسام” فأخفضت صوتها للغايه مستكمله حديثها …
ام حسام: لا متخافش لسه عايشه .. تعالى بس عشان نخلص الموضوع مع أبوها أحسن حيعملوا بلاغ …

إرتعب “حسام” مما قد يحدث له لو أن “عبد المقصود” أبلغ عنه بالفعل ليهتف بإنهيار …
حسام : يا نهار إسود … حيبلغ …!!!

نهرته “ناهد” بحده حتى يتمالك أعصابه قائله …
ام حسام : أمسك نفسك كده أمال .. يلا مستنياك … سلام …

إستدارت “ناهد” مره أخرى نحو “عبد المقصود” فهى تود أن تلهيه عن هذا المحضر فهى لن تخسر ولدها مطلقاً ….

ام حسام: جرى إيه يا أبو “محمد” .. إنت ناوى على إيه …؟؟

ابو محمد: حكون ناوى على إيه يعنى … ؟.. مصلحه بنتى طبعاً .. بس المهم أطمن عليها الأول …

حدجها “عبد المقصود” بنظرة جامده قبل أن يدلف إلى داخل الغرفه التى تقبع بها “ورد” التى لا تدرى عن كل ما يحدث حولها …

زمت “ناهد” شفتيها بغيظ وهى تغمغم بسخط تسُب “عبد المقصود” على نواياه التى يبيتها لولدها “حسام” لكن ليس بيدها شئ الآن سوى إنتظار مجئ “حسام” أولاً للتفكر بحل بتلك المشكله التى لم تحسب لها حساب وعليهم تدبر أمر هذا الرجل …

____________________________________

شركة الأقصى ….
بعد فترة من الغياب عن العمل عاد “يوسف” لعمله بالشركه ليقابل فور دخوله لزميله وصديقه “شريف” ليلقى عليه التحيه أولاً ….
يوسف: السلام عليكم …

شريف: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته … حمد الله على السلامه …

” شريف شاب ثلاثينى نحيف أبيض البشرة ذو شعر بنى مميز يتمتع بخفه ظل وروح محبه .. إجتماعى جداً تعرف على (يوسف) بالشركه وتصادقا بسرعه ليرتبط كل منهم بالآخر فى العديد من المواقف التى قربتهم ووطدت من صداقتهم… ”

يوسف: الله يسلمك يا “شريف” .. أخبارك إيه …؟؟

شريف : أنا كويس الحمد لله .. إنت إللى عامل إيه بعد دور الأنفلونزا الجامد ده …؟!!!

يوسف: الحمد لله ..

بلوم لطيف أخذ “شريف” يطلب من “يوسف” الإهتمام أكثر بصحته وتغذيته …
شريف: الصراحه يا “يوسف” لازم تاخد أى حاجه تقوى مناعتك شويه .. إنت الدور بيجيلك من هنا ويرقدك على طول …

يوسف: أنا كده من صغرى .. الحمد لله على كل حال…

حاول “شريف” إخبار “يوسف” بصورة ملتويه عن سفرهم المقرر إلى أوروبا …
شريف: لا .. إتجدعن كده … أمال لما تسافر حتعمل إيه … ؟؟ … دى أوروبا يا أبنى ..

تعجب “يوسف” لسماعه خبر سفره دون علمه ليردف بتساؤل …
يوسف: أسافر .. أسافر فين …؟؟

شريف: نسيت اقولك مش إحنا إختارونا نسافر تبع لجنه المشتريات مع الوفد الإيطالي ندرس العقود قبل التوقيع …

صدم “يوسف” لهذا القرار المفاجئ فهو حقيقه لا يستطيع السفر مطلقاً …
يوسف: بس أنا مقدرش أسافر و أسيب أمى وأختى … دول ملهمش حد غيرى …

شريف : دول أسبوع ولا إتنين بالكتير مش فتره طويله يعنى …!!!

يوسف : طب ما تروح أنت كفايه …

بطريقته المازحه خفيفه الظل أجاب “شريف” صديقه المتجهم قائلاً …
شريف : كان على عينى … أنا خيبه فى الإنجليزي زى ما أنت عارف والعقود كلها مكتوبه بالإنجليزى ولو سافرت لوحدى حبوظ الدنيا …

يوسف: أنا مش مصدقك والله … يا جدع أنت ما تاخد كورس ولا حاجه ..!!!

شريف: طب ما تعلمنى أنت ينوبك فيا ثواب .. ده إنت الإنجليزي بتاعك إيه …

يوسف : ححاول معاك .. بس برضه لازم تاخد كورس .. بيرفع معانا فى الشغل أوى …

لمعت عينا “شريف” ببريق مميز وخفه ظل معهوده وهو يرحب بحفاوة زائده عن الحد بعودة صديقه بعد غياب لعده أيام …
شريف: ماشى ماشى … المهم إن إنت جيت دلوقتى المكتب كان مضلم من غيرك ..

رفع “يوسف” حاجبه الأيمن وقد فهم مقصد “شريف” المتوارى خلف ذلك الترحيب المبالغ فيه ليردف مازحاً …
يوسف: المكتب برضه … ولا وحشك الغداء كل يوم …!!!

شريف: ما أنت عارف مبحبش أكل لوحدى … والمطعم إللى تحت ده أكله حلو أوى .. يرضيك صاحبك يروح جعان …

يوسف: لا يا سيدى ..فى البريك ننزل نتغدى زى كل يوم …

شريف : أيوه كده طمنت قلبى …

ضحك “يوسف” من محبه “شريف” العجيبه لتناول الطعام على الرغم من نحافته الظاهره ليبدأ عمله الذى تراكم عليه لأسبوع كامل ….

____________________________________

فرنسا ….
تقدمت نحو منضده الطعام حيث جلس والديها يتناولون كوب من الشاى الصباحى لتلقى عليهم تحيه الصباح بإسلوبها المميز الذى يدل على رقيها البالغ …
لامار: صباح الخير يا بابا .. صباح الخير يا ماما ….

” لامار فتاة سمراء جذابه ذو عينان عسليتان وأهداب طويله وشعر أسود فحمى أعطاها سحر وجاذبيه … مرحه للغايه تحب الضحك ولها العديد من العلاقات الإجتماعيه نتيجه تعرفها الدائم وبسرعه على أصدقاء جدد .. مما سهل لها التفكير فى إنشاء شركه جديده خاصه بها …”

ام لامار: صباح الخير يا “لامار” ..رايحه فين من بدرى كده …؟؟
لامار: رايحه أشوف توضيب الشركه وصل لحد فين … نفسى أبدأ الشغل بقى ..

والد لامار: مستعجله على طول كده يا بنتى …

لامار : طبعاً مستعجله .. ده أنا بدأت أحدد أول الإجتماعات كمان بس مستنيه آخر فرش فى الشركه عشان أبدأ …

ام لامار: يااه .. يا بنتى أنتى بتلحقى تعملى ده كله إمتى …؟!!

رفعت “لامار” هامتها بثقه وهى تتغنج بوقفتها بإعتزاز بقدراتها الإجتماعيه المييزة بكسب الأصدقاء …
لامار : أنا واحده بيزنس وومن دبلوماسيه وبنت راجل دبلوماسى على أعلى طراز عايزانى أعمل إيه يعنى …!!

نظرت والدة “لامار” نحو زوجها المعجب بإبنته وتفكيرها العملى لتلومه بشده قائله …
ام لامار: إنت يا “نشأت” إللى عملت فى البنت دى كده …

بإعجاب واضح أجاب “نشأت” زوجته متفاخراً بإبنته الوحيده …
والد لامار: “لامار” مش زى أى حد .. لازم تكون واثقه من نفسها كده …. دى عندها معارف أكتر منى فى السلك الدبلوماسى ….

عقبت والدة “لامار” ضاحكه …
ام لامار: فعلا والله .. إنت بتقول فيها …

تطلعت “لامار” بساعه يدها لتهتف بعجاله …
لامار: أنا كده إتأخرت .. يلا سلام بقى ..

قبّلت “لامار” والديها بسرعه ثم إتجهت نحو مقر شركتها الجديده لتطمئن على آخر التطورات فى تجهيز المكتب لتبدأ عملها …

____________________________________

المستشفى ….
دلف “عبد المقصود” لغرفه إبنته ليتمزق قلبه حزناً على هيئتها النائمه بإستكانه فوق هذا السرير المعدنى البارد وقد إختفت ملامحها تماماً وسط تلك الفافات من الشاش الأبيض حول رأسها وتلك الجبائر التى إحتلت ذراعها وقدمها …

لمعت عيناه بدمعه حزينه ترقرقت على جفنيه من هيئه إبنته الغاليه …

دنا منها قليلاً متمعناً بالنظر فى وجهها الجميل ، وجهها الذى تبدلت ملامحه تماماً فقد تورم كلياً أحاط اللون الأزرق والأحمر قسمات وجهها الجميل لتختفى كل ملامحها بصورة محزنه للغايه …

امسك يده إبنته بحنان أبوى بالغ هامساً بقربها ….
ابو محمد: سامحينى يا بنتى … أنا إللى طلبت منك تتجوزيه .. معرفش إنه حيوان وحيعمل فيكى كده !!! … أنا كنت بفكر فى مصلحتك .. وإنك تتجوزى وتفرحى زى البنات إللى فى سنك … معرفش إنى ظلمتك أوى للدرجه دى …!!! بس أنا أعرف منين ؟!! ده كان فى منتهى الأدب والرجوله .. مش عارف إيه إللى قلبه كده ؟؟!!!!!!! .. سا محينى يا بنتى .. فوقى عشان خاطرى … أنا مقدرش أستحمل إللى إنتى فيه ده …

أسند “عبد المقصود” رأسه بحافه الفراش شاعراً بالأسى والأسف على حاله وحيدته الغاليه ….

خارج الغرفه ….
وقفت “ناهد” برفقه “حسام” الذى وصل للتو وقد توجس من رد فعل “عبد المقصود” تجاهه بعدما فعله بـ”ورد” …
ام حسام : كويس إن أنت جيت ..

حسام : أنتى جبتينى ليه ؟!!! .. أنا خايف ليقبضوا عليا …!!!

ام حسام: متخفش …”عبد المقصود” ده مش من النوع القوى يعنى .. نقدر نضحك عليه ونخليه يتنازل عن المحضر …

تسائل “حسام” بغير إقتناع لما تقوله والدته …
حسام : إزاى يعنى .. مش شايفه منظر “ورد” ..؟؟

ام حسام: ما أهو أنا جبتك عشان كده تتمسكن عليه وتفهمه إنها عصبتك وكان غصب عنك … وهو مش حيهون عليه جوز بنته يترمى فى السجن …

أكمل “حسام” بغير إقتناع مرة أخرى ..
حسام : إنتى شايفه كده !!! .. وده حيدخل عليه برضه ..؟؟؟

ام حسام: أمال أنا بقولك إيه … ده طيب وينضحك عليه بسرعه ..

لمعت نظرة خبيثه بعينا “حسام” مردفاً بموافقته لوالدته …
حسام : ماشى .. إللى تشوفيه …

ام حسام : يلا إدخل معايا الأوضه وإعمل نفسك متأثر من حاله “ورد” …

حسام : بس كده … متقلقيش ….

داخل الغرفه ….

أخذ “عبد المقصود” يربت على كف صغيرته محاولاً بث الطمأنينه بها و إشعارها أنه إلى جوارها ولن يتركها لأى شئ يظلمها بعد الآن ….

دلف “حسام” ووالدته إلى داخل الغرفه محاولين تمثيل تأثرهم بما حدث لـ”ورد”….

ضيقت “ناهد” عيناها وعقصت ملامحها كمن يبكى تأثراً برؤيتها لـ”ورد” وما أصابها …
ام حسام: حبيبتى يا بنتى … حتبقى كويسه خالص إن شاء الله …

تلا حركات “ناهد” المصطنعه إقتراب “حسام” من “ورد” راسماً قناع المحبه والعشق المتيم شاعراً بالذنب لما إقترفته يداه بحبيبته دون قصد ووعى منه …
حسام: “ورد” حبيبتى .. فوقى بالله عليكى …

فور أن سمعت “ورد” لصوت “حسام” وهى مازالت تغيب بإغمائتها عن الواقع حتى إرتعشت يدها بيد والدها الذى شعر برجفتها على الفور كما لو أنها فزعت لسماع صوته مما جعل “عبد المقصود” يزجره بغضب …

ابو محمد : إنت جاى تعمل إيه هنا ؟!! .. مش كفايه إللى عملته فيها !!!!! … إبعد عنها ملكش دعوه بيها …

ام حسام : جرى إيه يا أبو “محمد” .. يعنى هم أول ناس ولا آخر ناس يحصل بينهم سوء تفاهم … وحد الله كده ..

ابو محمد: لا إله إلا الله … خلى إبنك يبعد عن “ورد” وملهوش دعوه بيها .. كفايه إللى عمله .. ومش حسيبه على فكرة ….

نظر “حسام” بتخوف نحو والدته التى لكزته بمرفقه وهى تشير له بعينيها على التقدم بالإعتذار لـ”عبد المقصود” ليفهم “حسام” مقصدها على الفور فيدنو من زوج والدته يدعى التأثر والحزن …

حسام : يا عمى .. أنا غلطت وإتهورت غصب عنى … بس أنا زى إبنك برضه ودى غلطه ومش حتتكرر تانى …

ام حسام: أيوة يا أبو “محمد” ..و”حسام” إبنى زى إبنك برضه ميرضكش يتبهدل عشان غلطه صغيره …

نهض “عبد المقصود” من جلسته بإنفعال شديد هاتفاً بغضب …
ابو محمد: صغيره .. بقى كان حيموت بنتى وتقوليلى غلطه صغيره …!!!!!!

ام حسام: وأهى كويسه أهى وحتقوم بالسلامه … ده بدل ما تهدى ما بينهم …

ابو محمد: أنا مش حسيب حق بنتى أبداً ….

قاطعت حديثهم إمرأه أربعينية ترتدى معطف الأطباء الأبيض فى حده …

“مينفعش كده يا جماعه .. ده مش كويس عشان المريضه .. متنسوش إن إحنا فى مستشفى برضه ..!!!”

صمت الجميع بعد تدخل هذه الطبيبه التى بدأت بالتعريف عن نفسها فوراً …

الطبيبه : أنا الدكتورة “سماح” ..الدكتورة النفسيه فى المستشفى وجيت عشان أشوف الحاله بتاعه المريضه وأعمل التقرير … بس من الواضح إن الحاله باينه من الحوار الغريب إللى أنا سمعته …

ابو محمد: يا ريت تطمنينا الأول على حاله “ورد” وتقوليلنا هى حتفوق إمتى …؟

سماح: طيب لو سمحتم سيبونى لوحدى معاها وحبقى عايزة أشوفكم كلكم وأسالكم على إللى حصل ….

خرج الجميع من الغرفه وبقيت “سماح” فقط ومعها إحدى الممرضات التى لحقتها مباشرة بعد دخولها …

سماح: لو سمحتى عايزه حد يعمل لها كشف عذريه لأن واضح إن فيه إعتداء عنيف هنا ولازم نحدد كل حاجه قبل الشرطه ما تيجى وتقفل المحضر ..

الممرضه : حاضر يا دكتوره …

____________________________________

خارج الغرفه …
وقف “عبد المقصود” بنفس إنفعاله يهدد “حسام” بحده …
ابو محمد: أنا مش حسيب حقها فاهم …!!!

ام حسام: يا أبو “محمد” زى ما أنت خايف على “ورد” ومصلحتها انا كمان خايفه على “حسام” وعلى مصلحته … ومينفعش نبقى أهل ونعمل كده فى بعض ..!!!!!

ابو محمد: يعنى أنتى عايزة إيه دلوقتى ….؟؟

ام حسام: تتنازل عن المحضر …

صمت “عبد المقصود” للحظات متفكراً ثم هتف بالموافقه قائلاً …
ابو محمد : موافق ..حتنازل عن المحضر بس بشرط …

ام حسام بإستنكار: شرط …؟؟ شرط إيه ….؟؟!!!!!!!

•• الفصل الخامس ••
* مساومه … *

المستشفى …
وقف “عبد المقصود” قباله كلاً من حسام وأمه متحدثاً معهم بحدة وقوة تفاجئت بها “ناهد” بشدة حتى “عبد المقصود” نفسه تعجب لقوته التى طرأت عليه …

لكنه لن يترك غاليته تضيع منه بتلك الطريقة ويجب أن يأخذ حقها من هذا المتوحش الغير آدمى ليقف مهدداً إياهم ولا ينتوى نيه التراجع مهما حدث …
ابو محمد: أنا مش حسيب حقها فاهم …

ام حسام: يا أبو محمد زى ما أنت خايف على “ورد” ومصلحتها أنا كمان خايفه على “حسام” وعلى مصلحته … ومينفعش نبقى أهل ونعمل كده فى بعض ..

ابو محمد: يعنى أنتى عايزة إيه دلوقتى ….؟؟

ام حسام: تتنازل عن المحضر …

صمت “عبد المقصود” لبعض اللحظات متفكراً بتأنى قبل أن يهتف بالموافقه …

ابو محمد : موافق .. حتنازل عن المحضر بس بشرط …

ام حسام بإستنكار: شرط ….؟؟ شرط إيه … ؟؟

أعلى “عبد المقصود” من عنقه بصرامه لم تعتادها “ناهد” منه مطلقاً خلال سنوات زواجهم …
ابو محمد: “حسام” يطلق “ورد” …

شعر “عبد المقصود” أن تلك هى رغبه “ورد” خاصة وقد شعر بخوفها المكنون لحظه دخول “حسام” الغرفه منذ قليل ، لكن “ناهد” شعرت بأن كل ما خططت له يضيع سدي لتهتف بصدمه …

ام حسام : يطلقها …. ؟؟!!! إنت بتقول إيه ؟!!!!!!!!! .. إنت واعى للى بتقوله ده فرحهم كان إمبارح ..!!!!!!!

ليؤكد لها “عبد المقصود” أن هذا ما يريده بالفعل وهو يعي تماماً لعواقب هذا الشرط المفاجئ …
ابو محمد: أنا معنديش إستعداد أخسر بنتى لأى سبب …

تهدجت أنفاس “ناهد” بقوة فخسارتها الآن فادحه للغايه لتحاول إثناء “عبد المقصود” عن هذا الشرط المجحف لها ولولدها …
ام حسام: إهدى كده وإفهم الأمور كويس .. لأن أكتر حد حيتضرر فى موضوع الطلاق ده هو بنتك “ورد” .. الناس حتقول عليها إيه …؟

ابو محمد: مصلحه بنتى وحياتها أهم عندى من أى حاجه فى الدنيا …

ضمت “ناهد” شفاهها بغيظ وهى تعقب بتحدى وقد جحظت عيناها بإنفعال ..
ام حسام : طب لو مطلقهاش …. ؟؟؟!

ابو محمد: يبقى خلاص هو الجانى على نفسه … أنا كده كده مش حسحب البلاغ إللى قدمته المستشفى وحقول لهم إن “حسام” كان عايز يموتها …

هتف بتلك اللحظه “حسام” بإرتعاب شديد مترجياً “عبد المقصود” ألا يفعلها …
حسام : لأ… أبوس إيدك يا ابو محمد …..

ثم نظر “حسام” نحو والدته مستنجداً
حسام : ماما .. إلحقى …

أخذت “ناهد” تقلب نظراتها بين “حسام” المرتعد خوفاً وبين “عبد المقصود” المتشبث برأيه بقوة عجيبه لتهتف بغيظ مرغمه على ذلك …
ام حسام : ماشى … حيطلقها … بس لما تتنازل الأول …

ليجيبها “عبد المقصود” بإصرار شديد …
ابو محمد: لأ … يطلقها الأول اتنازل فوراً عن المحضر …

أمسكت “ناهد” نفسها من ألا تنفلت منها ما يظهر ما بداخلها من غضب مشتعل فهذا غير الذى تخيلته ورسمته فى مخيلاتها مطلقاً …

ثم ردت من بين أسنانها …
أم حسام : ماشى يا أبو محمد …”حسام” حيطلقها … ماشى …

____________________________________

فى غرفه ورد بالمستشفى …

أوقعت الطبيبه النفسيه “سماح” بالكشف عن “ورد” وحالتها النفسيه لتتحقق من السبب النفسى المسبب لهذه الإغماءه حتى تستطيع مساعدتها ….
لكنها أيقنت فى داخل نفسها أن السبب لابد أن يكون من هذا المدعو زوجها كما سمعت قبل قليل قبل دخولها غرفه “ورد” ….

خرجت “سماح” من غرفه “ورد” لتجد ثلاثتهم ينتظرون أمام باب الغرفه وقد بدا على ملامحهم الإنفعال والضيق لتردف بمهنيه شديدة ….
سماح: لو سمحتم عايزة حضراتكم فى المكتب عندى …

ابو محمد: حاضر .. يلا بينا …..
أنهى “عبد المقصود” عبارته ناظراً نحو “حسام” ووالدته وكأنه يهددهم بضرورة الذهاب معها لينصاعا لهما مرغمين على تلك الجلسه لإنهاء تلك الأزمه ….

____________________________________

مكتب الدكتوره سماح ….

أشارت لهم “سماح” بالجلوس بينما جلست هى خلف مكتبها ممسكه بقلمها لتدون أهم المعلومات التى ستستخلصها منهم للوقوف على حاله “ورد” بدقه …
سماح: إتفضلوا أقعدوا .. ممكن أفهم إيه إللى حصل لـ “ورد” بالضبط …؟؟؟

أسرعت “ناهد” بالإجابة على سؤال الطبيبه وقد رسمت إبتسامه كاذبه على ثغرها قبل أن يتفوه “عبد المقصود” بشئ يدين ولدها ..
ام حسام: ولا حاجه … النهارده كان فرحهم وهم بس إتدلعوا على بعض شويه … بتحصل عادى …

حدجها “عبد المقصود” بنظرات غاضبه فكيف قلبت كل الحقيقه بكذبها الواهى حتى لا تورط ولدها ليهتف بها بإنفعال شديد …
أبو محمد : هو إيه إللى عادى !!!!! … النهارده يا دكتوره كان فرح بنتى “ورد” و”حسام” .. وبعدين لقينا “حسام” بيكلم والدته بيقولها إنه ضرب “ورد” وبقت زى ما إنتى شايفه …. رحت البيت عنده لقيتها غرقانه فى دمها من ضرب “حسام” ليها وجبتها على هنا …

تابعت “ناهد” حديث “عبد المقصود” بغيظ شديد وترقب لرد فعل تلك الطبيبه حين وجهت “سماح” سؤالها التالى لـ”حسام” …
سماح : و إيه سبب إنك تضربها بالصوره دى ….؟؟

فرك “حسام” كفيه بإضطراب وهو ينظر لوالدته أولاً قبل أن يجيب بإرتباك واضح …
حسام : إحنا .. اااا … يعنى كنا لسه ما أخدناش على بعض .. هى بس إستفزتنى وأنا إتعصبت …. غصب عنى مدرتش بنفسى والله …

سماح: طيب ممكن لو سمحتم أقعد مع الأستاذ “حسام” لوحدنا …

أومأ “عبد المقصود” تفهماً ليدعو “ناهد” للخروج من مكتب “سماح” بينما ظل “حسام” بالداخل منتظراً أن ينتهى من تلك الجلسه التى تسبب ضيق نفسه بشده …

حاولت “سماح” الإبتسام برسميه لتحث “حسام” على التحدث بينما تشعر بالغضب من داخلها لتصرفه المتوحش مع تلك الضعيفه ….
سماح: أظن كده تقدر تتكلم براحتك ….

بإنكار شديد حاول “حسام” الثبات على ما تفوه به منذ قليل كما أوصته والدته …
حسام: مفيش حاجه أقولها غير إللى أنا قلتها …

سماح: طيب وطبيعه العلاقه بينكم إيه ….؟؟

إستمر “حسام” بإنكار ما حدث فهو لن يثبت شئ يمس رجولته وبالتأكيد “ورد” لن تتفوه بشئ فعليه الكذب فلن يكشف كذبه أحداً …
حسام: لا … “ورد” مراتى … أيوة طبعاً .. إحنا بس شدينا فى الكلام .. بس …

سماح: فهمت .. عموماً متقلقش يا أستاذ حسام .. بإذن الله زوجه حضرتك حتفوق وتبقى كويسه …

هز “حسام” رأسه بتوتر عده مرات ليستأذن خارجاً من المكتب ليدلف بعدها “عبد المقصود ليتحدث بدوره مع “سماح” ليصف لها حاله “ورد” الحقيقيه لتساعدها على الشفاء مما وصلت إليه ….
ابو محمد: بصى يا دكتوره ..”حسام” و”ورد” ميعرفوش بعض كويس وهى وافقت على الجواز منه عشان أنا قلت لها أنه كويس وأنى نفسى أفرح بيها … ده حتى جه من السفر قبل الفرح بيوم بس … عشان كده أنا حاسس أنى ظلمتها .. أرجوكى إعملى أى حاجه عشان “ورد” تفوق …

شعر “عبد المقصود” بدوار شديد مرة أخرى ليجلس بإنهاك فوق المقعد ممسكاً برأسه التى بدأت تؤلمه إثر هذا الصداع الذى تملكه مرة أخرى …

حين إستطردت “سماح” حديثها قائله …
سماح: عموما حضرتك أنا بدأت أفهم ليه “ورد” رافضه الواقع بالصوره دى … لأنها حساسه جداً و إللى حصل النهارده فى ليله فرحها سبب لها صدمه كبيره … بس أحب أوضح لحضرتك إنها لما تفوق محتاجه رعايه من نوع خاص عشان نقدر نعيد التوازن تانى لنفسيتها بعد الصدمه الكبيره دى …

ابو محمد بألم: طبعاً إللى تشوفيه حنعمله …. لو سمحتى معندكيش أى حاجه مسكنه للصداع لأنى تعبان جداً …

أخرجت “سماح” حبه مسكنه من درج مكتبها ومدت بها إلى “عبد المقصود” …
سماح: أيوه حضرتك … إتفضل .. أكيد النهارده كان يوم مرهق ليك جداً ….

أبو محمد : جداً جداً…

تناول “عبد المقصود” ذلك القرص المسكن محاولاً التخفيف من أثر هذا الألم قبل أن يعود لـ”ورد” مرة أخرى …

____________________________________

المطعم ….
جلس “يوسف” متعجباً من “شريف” الذى كان يتناول طعامه بشراهه لا تتناسب وحجمه الضئيل مطلقاً …
يوسف: سبحان الله يا أخى .. مع إن إللى يشوفك ميفتكرش إنك بتحب الأكل أوى كده ….

شريف: يا راجل … محدش واخد منها غير اللقمه الحلوة …

ضحك “يوسف” ساخراً من صديقه الذى يستحوذ الطعام على كل تفكيره ..
يوسف: اللقمه الحلوة !!! … ده بس إللى أنت عايزه من الدنيا ..؟!!

توقف “شريف” عن مضغ الطعام ليجيب “يوسف” بوله مازحاً …
شريف: لأ طبعاً … يا سلام بقى لو ربنا يكرمنى كده بواحده حلوة ونحب بعض من أول نظره زى ما بيقولوا ونتجوز وتطبخ لى هيا بقى …

يوسف: يبقى أنت مش عايز عروسه إنت عايز طباخ .. أنا عموما مش بقتنع بموضوع أول نظره ده .. لازم الواحد يكون عارف إللى قدامه كويس عشان يحبه …

لوح “شريف” مستنكراً حديث صديقه معقباً …
شريف: يا عم إنت عايش فين !!! … موضوع الحب من أول نظره ده مؤكد …. ياما ناس وقعت ولا حدش سمى عليها … إنت قلبك إللى بيختار مش عقلك …

بإقتناع تام بأنه ليس هناك ما يسمى بالحب من النظرة الأولى فالعشق لابد وأن يتوغل بالقلب ولن يتوغل بالقلب إلا بعد أن يعرف الشخص الذى يقابله جيداً حتى يعشقه … فكيف سيعشقه وهو لا يعرفه بعد …
يوسف: لأ طبعاً غلطان … لازم الجواز والإختيار يبقى بعقلك .. بلاش كلام الناس الضعيفه إللى إنت بتقول عليه ده … الواحد يقدر يتحكم فى اختياراته كويس ويدرسها زى العقود إللى بندرسها فى الشركه كده ….

شريف بسخريه: عقود …!!! هو أنت حتعمل مناقصه على عروسه ….!!

يوسف: خليك إنت فى أوهامك دى … وحنشوف فى الآخر …

شريف: بس ألاقيها بس … الواحد داخل فى الثلاثين أهو ومش لاقى بنت الحلال إللى تلمنى من أكل الشارع مع أمثالك …

يوسف بصدمه: بقى كده !!! … طيب أبقى شوف مين حيهاودك ويتغدى معاك تانى ….

نهض “يوسف” من مقعده مستعداً للذهاب حين أمسكه شريف من ساعده متوسلاً …

شريف: خلاص يا يوسف بالله عليك … أقعد مبحبش أكل لوحدى كفايه عيشتى لوحدى أنت ما صدقت يا أخى ولا إيه ..؟؟!!! … إلا الأكل .. هزر فى أى حاجه إلا الأكل … أقولك .. أنا سحبت فكره العروسه أهو .. بس خلينا نتغدى …

ضحك “يوسف” من خفه دم صديقه المعهوده وبساطه تفكيره وجلس مره أخرى يستكمل تناول طعامه معه فقد أصبحت عادة يوميه بالنسبه لهما …

____________________________________

حسام وأمه ….

إنصرفا من المستشفى بضيق بعد طلب “عبد المقصود” وإصراره على أن يطلق “حسام” إبنته “ورد” ….
ام حسام: إتفضل قدامى خلينا نخلص ….

حسام: مش عارف حظ إيه ده …؟؟

ام حسام: حظ !!! … لا مش حظ …دى غباوة …. أنا مش مفهماك كل حاجه !!! ….. دلوقتى حنتصرف إزاى ؟!!!!!! .. و أهو حط لنا العقده فى المنشار ولازم تطلقها ..!!!

بتملل شديد من لوم والدته المستمر أردف “حسام” …
حسام: خلاص بقى … مكنتش فى وعيى … مع إنها خسارة والله ..

ام حسام: المهم دلوقتى تطلقها ونجيب ورقه الطلاق عشان يتنازل وبعد كده كل حاجه حيبقى ليها ترتيب تانى …

حسام: ماشى يا ماما .. يلا خلينا نخلص …

____________________________________

المستشفى…..
مكتب سماح….
دق باب مكتبها لتسمح للطارق بالدخول …
سماح: إدخل …

الممرضه: اتفضلى يا دكتورة التقرير إللى حضرتك طلبتيه …

سماح: شكراً …

نظرت “سماح” بتمعن بذلك التقرير الذى طلبته والذى يخص حاله “ورد” ، ذاك التقرير الذى طلبت به إثبات ما إذا كانت عذراء أم لا لتتسع عيناها بصدمه غير مصدقه لما قرأته ….
سماح بدهشه: إيه …؟؟ أمال جوزها بيقول ليه كده … معنى كده أنها لسه عذراء … أكيد فيه حاجه مش مفهومه خلته يعتدى عليها بالشكل القاسى ده …

____________________________________

غرفه ورد….

جلس “عبد المقصود” إلى جوار إبنته بإنهاك شديد وحزن دامس على حالتها التى وصلت إليها بسببه ، أمسك يدها الصغيره بيد يديه محاولاً التحدث معها لحثها على الإستيقاظ من هذه الإغماءه الطويله ….
ابو محمد: بنتى …قومى بقى متتعبيش قلبى أنتى عارفه أنى ماليش حد فى الدنيا غيرك … قومى .. قومى قوليلى إنك سامحتينى حبيبتى .. و أوعدك مش حظلمك كدة تانى … أنا خلاص حبعدك خالص عن إللى إسمه “حسام” ده وحيطلقك و تبقى حره … مش حضغط عليكى تانى بس فوقى وأرجعى لى … كل إللى أنتى فيه ده مش حيحصل تانى ….

بكى بوهن على حال إبنته وما وصلت إليه بسببه …شعر برعشه يدها فى يده وكأنها تطمئنه عنها ….

رفع بصره تجاه وجهها المتورم وأحس بأنها تتألم فضغط على زر التمريض على الفور لتلبى أحد الممرضات طلبه مهروله …
ابو محمد: هى مالها إيديها بترتعش وكأنها بتتوجع ….

الممرضه: ثوانى حنادى الدكتور يشوفها حالاً …

دلف الطبيب بعد قليل ليفحص “ورد” قائلاً …
الدكتور : إطمن حضرتك هى بدأت تستجيب وبتفوق إن شاء الله .. حخلى الدكتوره “سماح” تكون موجوده عشان تتعامل معاها أول ما تفوق …

أرسل الطبيب فى طلب “سماح” للتعامل النفسى مع حاله “ورد” حين تفيق ….

ورد…
أحست بثقل كبير فى جسدها وألم غير محتمل … حاولت أن تفتح عينيها المثقلتان لكنها لا تستطيع … لكنها مازالت تسمع صوت والدها الحانى يتحدث إليها ويطمئنها … نعم هى فى أمس الحاجه إليه وإلى طمأنته .. حاولت كثيراً وهاهى تفتح عينيها المتورمتين بألم يعاكسها ضوء ناصع يؤلم عينيها فتغلقهما مره أخرى بشده …

ثم تحاول هذه المره فربما ترى والدها فهى تريده الآن .. تريد أن تتأكد من وجوده وأنه ليس حلم عابر ….

فتحت عيناها محاوله إدراك أين هى؟!! …فبالتأكيد عرفت لأول وهله من هذا المكان وألوان الحوائط ورائحه المطهرات القويه أنها بالمستشفى …

نظرت إلى حالها بضيق لترى جبيره يدها وقدمها مسببان ثقلاً لا تستطيع تحريكهم …
لكن هناك ألم لا يجبر … ألم بداخلها كبير للغايه …

بحثت عن مصدر الصوت الذى تنتظره ..ها هو يقف أمامها ممسكاً بيدها بحنان عيناه ممتلئتا بالدموع ينظر إليها بحب تنتظره بشغف ..

ابو محمد: “ورد” … حبيبتى … حمد الله على السلامه …

لم تستطع “ورد” الرد كأنها فقدت شهيتها للكلام حتى دموعها تحجرت لا تستجيب لها لتعبر عن حزنها وآلامها …فصمتت ..

ابو محمد: ردى عليا يا بنتى …. طمنينى ….

فقط نظرت إليه بحزن و إنكسار ونكست رأسها للأسفل ….

سماح: “ورد” … عامله إيه دلوقتى ….؟ .. أنا الدكتوره “سماح” …..

مدت “سماح” يدها لتربت على كتف “ورد” و التى ما أن رأت حركه يدها تمتد ناحيتها حتى حاولت الإبتعاد بذعر وخوف …

أرجعت “سماح” يدها فهى لا تريد توتر “ورد” الآن …

سماح: خلاص … خلاص .. متخافيش … أنا بس بطمنك إن أنتى كويسه ومتخفيش والدك أهو جمبك ومعاكى وأنا كمان لو إحتجتى مساعدتى …

ابو محمد: كلنا جمبك يا بنتى ومحدش حيقدر يقربلك ولا يأذيكى تانى … و”حسام” ده إنسيه نهائى … ولا حتى حخليكى تشوفيه ….

وكأن “ورد” كانت تنتظر هذا النوع من الإطمئنان حتى تستجيب دموعها فى صمت لتسيل على خديها للتنفيس عن هذا الحزن المكتوم بداخل صدرها …

إبتسمت “سماح” لهذا التعبير وسقوط دموع “ورد” فهذا مؤشر جيد وخطوة إيجابية ولو مؤقته لإظهار حزنها بالتدريج … فذلك سوف يساعدها فى جلسات العلاج النفسى لهذه المحطمه الصغيره …..

•• الفصل السادس ••
•• العروس ••

بيت يوسف ….
أخذت “دعاء” تحضر طعام الغذاء بينما جلست والدتها على المقعد الموضوع بالمطبخ تتحادث مع إبنتها بإنصات بالغ حين تسائلت “دعاء” وهى تتلمس ذقنها بتفكير ….

دعاء: طب إيه رأيك يا ماما فى “علا” ….؟؟

ضغطت والدتها عيناها بتمعن تحاول تذكر من هى تلك الـ”علا” التى تتحدث عنها ثم أردفت بعدم معرفه …
أم يوسف: مين “علا” …؟؟

إتسعت عينا “دعاء” بإندهاش وهى تذكر والدتها بتلك الفتاه …
دعاء: “علا” يا ماما بنت طنط “سهير” … جارتنا إللى تحت ….ناظره المدرسه …!!

ام يوسف: ااه .. إفتكرتها … بس دى صغيره أوى على أخوكى “يوسف” …!!!

فغرت “دعاء” فاها بصدمه ولمعت عيناها الواسعتان ببريق مندهش وهى تشهق بغير تصديق …
دعاء: يا واقعه بيضاء … أنتى بقالك قد إيه يا حاجه مطلعتيش بره البيت ده ….؟؟!!! دى أصغر منه يجى كده بثلاث أو أربع سنين بالكتير …

تعجبت أم “يوسف” من عدم إدراكها لذلك لتعقب مبرره ذلك …
ام يوسف: والله !!!!! … الواحد يا بنتى من يوم ما رجليا تعبتنى ومبقتش أخرج ولا أعرف حاجه عن حد … بس هم ناس كويسين وفى حالهم خالص …

بصوتها المرتفع ونبرتها الشقيه إستكملت “دعاء” حديثها …
دعاء : أه .. أينعم “يوسف” أخويا قمر كده وقوى ورياضى وعسل والبت “علا” دى أأقل منه بصراحه بس هى كويسه والله … رغايه شويه بس كويسه …

عقبت أم “يوسف” ممازحه إبنتها وهى تتهكم على وصف “علا” بالثرثاره قائله ..
ام يوسف: هى برضه إللى رغايه … ميصحش يا بنتى تتكلمى عن الناس كده …

دعاء: بهزر والله … بس إيه رأيك فيها …؟؟

ام يوسف: والله هى أمها وأبوها أحسن ناس وعلى قد حالهم زينا والبنت على ما أفتكرها كانت كويسه والله …

دعاء: خلاص ..نبقى نكلم “يوسف” لما يرجع من الشغل ولو عجبته نروح أنا وأنتى نزورهم وكده يعنى .. شغل حموات بقى …

ضحكت أم “يوسف” مؤكدة حديث إبنتها ..
ام يوسف: أنتى بتقولى فيها .. ده إللى يشوفك كده يقول أنتى أمه .. مش أنا ..

دعاء: الله …مش أخويا حبيبى … أمال إيه يعنى نرميه كده وخلاص …

ام يوسف: ترمى مين ؟!!!! … يا بنت صونى لسانك إللى متبرى منك ده لو أخوكى سمعك حيبهدلك ..

إلتفتت “دعاء” حولها متصنعه الخوف من مجئ “يوسف” فجأه ثم أردفت بمزاح شقى …
دعاء: أه صح …

المستشفى …
تقابل “عبد المقصود” بمكتب “سماح” وقد تغلب عليه القلق من حاله “ورد” التى لا تتحسن مطلقاً ليتسائل بتوجس …
أبو محمد: هى حتفضل كده يا دكتوره مبتتكلمش معانا …؟!!!!

سماح: لا ده بس وضع مؤقت وأنا حبدأ معاها الجلسات عشان منتأخرش عليها فى العلاج وأحاول أخليها تتكلم وتحكى عن إللى حصل لها عشان ترتاح …

ولمرة أخرى شعر “عبد المقصود” بدوار عنيف تلك المرة وتزايد بألم رأسه بصورة ملحوظة ظهرت جلياً على ملامحه المتألمه ، إسترعى ذلك إنتباه “سماح” على الفور …
سماح: خير يا أبو محمد .. إنت كويس …؟!!

لم يستطع “عبد المقصود” إخفاء تألمه الواضح كعادته ليجيبها بتألم ..
ابو محمد: شويه صداع ودوخه تانى …؟؟

سماح: لا إنت لازم تكشف .. مش معقول تبقى فى المستشفى ومتكشفش … أقله قيس الضغط يمكن ضغطك عالى ولا حاجه …!!!

بتفهم لوجه نظر الطبيبه فهى مصحه للغايه بهذه النقطه فهو يشعر بالإنهاك والإعياء منذ قبيل زفاف “ورد” وعليه أن يطمئن على حاله …
ابو محمد: ممكن صح … أروح أنا أقيس الضغط وأرجع أطمن على “ورد” … شكراً يا دكتوره …

سماح: لا شكر على واجب … أنا كمان حروح أطمن على “ورد” وأحاول أتكلم معاها ….

بعد أن تبعثرت آمالهم أدراج الرياح وهوت مطامعهم أرضاً إنتهى “حسام” من توقيع وثيقه طلاقه من “ورد” بعدما أجبرهم “عبد المقصود” على ذلك بوضع تحرير “ورد” من قبضه “حسام” بمقابل حريته وعدم الإبلاغ عنه ….

وقف “حسام” برفقه والدته التى لم تنكف عن التوبيخ واللوم منذ لقائهما بالمستشفى ليزفر بتملل وهو يزم شفتاه بضيق قائلاً بلا إكتراث …
حسام: أنا حروح على شقتى …

لمعت عيناها ببريق غاضب وهى توبخه بصوتها الحاد …
ام حسام: تروح شقتك !!!!!!! … يعنى إنت تورطنى وتسيبنى ..؟؟

إلتف “حسام” نحو والدته يصرخ بها فلم يعد يتحمل كل هذا التوبيخ أمام مرأى ومسمع من الماره حولهم …
حسام : أنا إللى ورطتك …..؟؟!!!!!!! أنا إللى أجبرتك على الجوازه دى من واحده لا أعرفها ولا تعرفنى … أنا إللى جبتينى على ملا وشى من أستراليا عشان أتجوز بنت جوزك بسرعه !!!! … جرى إيه يا ماما مإنتى فاهمه …!!!!!

أخفضت “ناهد” من صوتها قليلاً لكنها إستمرت تعنفه بنفس الحدة فخسارتها الآن كبيرة للغايه …
ام حسام: يعنى أنا دلوقتى بقيت أنا الغلطانه …. ؟!! … أنا كنت بضمن لك مستقبلك … لكن إنت ضيعتنا بقله عقلك دى … كنت أصبر شويه وأمسك نفسك …

صمت “حسام” فعلى الرغم من ضيقته منها إلا أنها محقه تماماً ، هو بالفعل كان يسعى للثراء بأى صورة وكان زواجه من “ورد” سيحقق له ذلك وبسهوله تامه ليتغاضى عن توبيخها اللاذع قائلاً …
حسام: أنا ماشى … وحروح أقعد فى شقتى …

لم تجد “ناهد” بُد من الهدوء نوعاً فعليها التفكير وحُسن التصرف لتملى عليه تعليماتها قبل أن يعود لشقته …
ام حسام: طب حود على البيت إطمن على “محمد” والمربيه الأول وبعدين روّح … وأنا حروح المستشفى أدى “عبد المقصود” الورقه بتاعه الطلاق عشان يتنازل عن المحضر ونخلص …

حسام: ماشى .. سلام …

انت في الصفحة 4 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
18

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل