
-وانا مش هتشكرينى
نظرت إلى صوت “شريف” لتراه يقف فى البهو مع بقية الخدم والطباخ وكل موظفين القصر ومعهم “حسام” و”أصالة” وحتى “حاتم” عامل الأسطبل كان موجودًا و”شريف” يحمل كعكة صغيرة لأجلها، وضعت يدها على فمها بسعادة ودهشة ثم ركضت نحوهم بحب وإمتنان لشكرهم على ما فعلوا لأجلها لكنه الوحيد الذي لم يبارك لها ولم يظهر “جمال” ، الرجل الذي اعتقدت بأنه سيتحجج بنجاحها لرؤيتها لكنه لم يفعل، أخذت حمام دافئ وصعدت إلى فراشها بعد يوم طويل، دلفت “نانسي” للغرفة وقالت:-
-مستر جمال عايزك
نظرت “مريم” بأندهاش من طلبه لرؤيتها بعد ستة أشهر تقريبًا تعيش معه تحت سقف واحد ولم يراها مرة واحدة، تأففت ب من صلابة قلبه وتحجره ثم نزلت للأسفل فأخذتها “نانسي” للخارج لتراه يقف أمام القصر بجوار سيارة من ماركة المرسيدس صفراء اللون فذهبت نحوه ببرود وجه عابس ثم قالت:-
-أفندم
ألتف إليها ليراها بعد كل هذا الفراق رغم قرب المسافات، أشتاق لها بجنون ولبسمتها لكنها الآن عابسة وتعيسة نحفت أكثر عن السابق فأصبحت كهيكل عظمي وقصت شعرها الذي تعتز به كثيرًا فقال بأندهاش:-
-قصتي شعرك
-معتقدش أنك طلبتني عشان قصة شعري
قالتها ببرود شديد لتذكره بأخر مرة رأها بها وصفعته لها عندما كان يغمرها الحب من أجله ليدرك بأنه سبب كل هذا التغيير القائم بها، أخرج مفتاح السيارة وأعطاها له ثم قال:-
-هدية نجاحك
ضحكت بسخرية بعد أن عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بتهكم شديد:-
-هدية نجاحي!! مش المفروض اللى يهدي حد على الأقل يقوله مبروك بس عمومًا أنا مش عايزاها منك لا كلمة مبروك ولا الهدية، أنا أجتهدت ونجحت مش عشان أخد هدية منك بل عشان أخلص منك يا جمال وأمشي من هنا نهائيًا ولحد ما يجي اليوم دا متخلنيش أشوفك أو حتى أسمع صوتك
ألتفت لكي تغادر من أمامه غاضبة، قلبها ي بالشوق الذي يلتهمه وهذا المتحجر يقف كالصانم كعادته لا يهتم سوى بأن يهديها الأشياء رغم قسوته لطالما أرادت أن تخبره بأنها لا تحتاج للهدايا والمال بل تريد اللطف والحنان، دمعت عينيها وهي تغادر من أمامه بعد أن جاهدة بقوة ألا تسقط دموعها أمامه…
مرت أربعة سنوات بالفعل على لقائهما الأخير
ترجل “جمال” من الطائرة بعد أن وصلت لأرض مصر وقبل أن يرحل جاءت له “سلمي” كابتن الطيران التى كانت تحلق به وصديقته، غادرا المطار معًا وهى ترتدي زي طيرانها وهو يرتدي بدلته الرمادية فقالت بلطف:-
-قولي أنك موجهتكش صعوبة فى رحلتك معى
تبسم “جمال” بلطف وقال:-
-أنتِ عارفة أنك كابتن طيران رائع يا سلمي
خرج معًا من صالة الطيران ليرى “شريف” فى انتظاره مع سيارته فقال:-
-تعالي نوصلك
أشارت له على شاب هنا ينتظرها وقالت:-
-شكرًا معايا توصيلة، لكن هيجيلك أكيد لأاني حابة أتعرف عليها
سألها “جمال” بنبرة جادة وعينيه تحدق بها:-
-هى مين؟ مريم!
ضحكت بعفوية ثم قالت بتلقائية:-
-اللى خليتك تنطق أسمها باللطف دا كله واللي هتجنن عشان تشوفها وتسمع صوتها، لازم أقابل اللي قدرت تقلب كيان جمال المصري وأهو بالمرة أحاول أصلح بينكم قبل ما يجي حد يخطفها منك
-مستحيل أسمح لحد يخطفها مني
قالها بغرور وكبرياء بعد أن عزم أمره على أمتلاكها خصيصًا بعد أن كبرت الآن فلم تعد الطفلة التي جاءت لمنزله، صعد إلى سيارته وبعد ترحيب “شريف” بعودته بدأ يخبره بتطورات الشركة والقصر وهو يستمع جيدًا حتى وصل إلى الجزء الأهم له بالحديث عن “مريم” عندما قال “شريف” بخبث:-
-مش هتصدق أن زميلها فى الجامعة طلب أيدها مني الأسبوع اللى فات لكن أنا مدتهوش كلمة طبعًا وقولت له لما ولي أمرها يجي
صمت “جمال” تمامًا ولم يعقب على الحديث الذي سمعه للتو فهل أصبحت الآن عروس وسيتقدم لخطبتها كل من يعجب بها، تبسم “شريف” بمكر على هذا الرجل الذي يحبها كثيرًا وقد سكنت قلبه بالفعل والآن بعد أن بلغت الرابعة والعشرون من عمرها وما زال كلا منهما يتجنب الأخر لكنه غُرم بها كليًا فى بُعدها عنه، الفتاة التى دخلت قصره خائفة وترتجف وتترجاه ألا يتركها.. هى نفسها الآن الفتاة التى سكنت قلبه ولن يتركها مهما ترجته، وصل للقصر بسيارته لتفتح الأبواب تلقائية وسارت السيارة فى طريقها إلى القصر ليراها على ظهر “إيلا” تركض بعفوية كالطير المحلق بجناحيه بحرية دون قيود، تركض “إيلا” بها بسرعة تعادل سرعة سيارته فى الحديقة فوق العشب، تتطلع بها من خلف الزجاج الفتاة التى كبرت أمام عينيه وتسللت إلي قلبه مع كل يوم مر عليها فى منزله وأمام نظره والآن حتى بعد أن أصبح عمره 38 عامًا لم تجرأ امرأة أو فتاة على هز كيانه كما فعلت هذه الفتاة وأحتلت قلبه كليًا، تمني كثيرًا أن يعود الوقت لهذه الليلة التى أعترفت فيها بحبها له لأخبرها بأنه يحبها بدلًا من صفعها ورفضها فحينها لم تكن تمر كل هذه السنوات فى خصام وفراق طال بينهما….
يتبع…رواية جمال الأسود الحلقة الحادية عشر
أوصلت “مريم” فرستها الجميلة إلى منزلها وعادت إلى القصر وهى تعلم بأنه عاد من سفره فرأت سيارته من قبل تدخل القصر، أخذت نفس عميق ودلفت للقصر لتراه يقف هناك مع “حنان” التى ترحب بعودته بحرارة وسعادة وتنزع عن أكتافه البلطو الخاص به، وقع نظره عليها لتتقابل عيونهما معًا وهى تقف محلها على بُعد منه رغم أرتطام قلوبهما فى عناق طويل كل المسافات بدقاتهما، قلبها لا يقل حاله عن حال قلبه المُتسارع بجنون لأجل رؤيتها، همس بنبرة خافتة مُرعبة:-
-خست يا حنان
أبتلعت “حنان” لعابها بخوف منه وهو يلومها هى على فقد وزن “مريم” لتقول بتوتر:-
-والله يا مستر جمال بأكلها كويس جدًا
سارت “مريم” بخطوات ثابتة بعد أن تحاشت النظر إليه وأتجهت إلى الدرج دون أن تستمع لتمتمه مع “حنان” وأتجهت إلى غرفتها، دلفت للداخل وأوصدت الباب جيدًا ثم وضعت يدها على قلبها وهى تلهث كأنها كانت تغرق أسفل المحيط وقالت:-
-أهدا يا قلبي، أنا قولتلك تنساه
لم يستمع قلبها إليها، بل ظل ي لأجل هذا الحب الكامن بداخله فتمتمت ب”مريم” بسعادة خفية بداخلها:-
-كل ما كبر أحلوي أكتر
قفزت فوق الفراش بحماس وسعادة تغمرها لعودته فهى كانت كالوردة المُشتاقة لراويها حتى تحيا من جديد وظلت تنتظره كثيرًا حتى تراه خفيًا دون أن يعلم بأنها تراقبه خلسًا،
______________________________
“داخل الملهي الليلي”
عاد “حمزة” إلى مكتب “سارة” وقال بجدية:-
-مبعتيش الحاجة مع الواد ليه؟
نظرت “سارة” له ب شديد من أخذه للمخدرات دومًا دون أن يدفع بحجة أنه سي “مريم” لأجلها لكن لقد فاض بها الأمر وقالت بأختناق:-
-مش لما تدفع اللى عليك يا حمزة
-قولتلك ه ها
قالها بأنفعال وهو يفرك جبينه ب من شدة حاجته لجرعة المخدرات فى الحال لتضحك “سارة” ساخرة منه وقالت:-
-اه أمتي أن شاء الله، أنت جبان يا حمزة وخايف تموتها عشان هى بنتك
جلس على المقعد أمامها وقال بأختناق سافر:-
-أنا مش خايف، أنا لو عايزاها دلوقت يكفى أني أتصل بها وأنتِ أكتر واحدة عارفة دا
تبسمت “سارة” بمكر شديد وأقتربت للأمام قليلًا ثم أخرجت كيس صغير يحمل جرعة من المخدرات وقالت:-
-أيوة جينا للمهم، أنت مسيطر عليها كلينا بأيه، ماسك عليها أيه وبتهددها بقي لما قولت أنك هتقول لجمال
نظر إلى كيس المخدرات بطماع ومرر لسانه على شفتيه بحماس ثم قال:-
-هقولك
أخذ منها كيس المخدرات وتناول جرعته ليسترخي جسده كثيرًا وعاد بظهره إلى الخلف وبدأ يقصي لها الحكاية من ناحيته…
( فــــــلاش بـــــاك )
عندما ذهب إلى المنزل بيوم “مختار” ووجده هناك مع أصدقائه يحاولون الأء على ابنته “مريم” لكن بمجرد أن رأه وجهه فروا هاربًا ليبقي “مختار” الذي نظر له بأشمئزاز، نظر “حمزة على ابنته فاقدة للوعي وملا ا ممزقة كليًا ليدخل فى شجار مع “مختار” ثم سحب المسدس من أسفل وسادته كما أخبرته “سارة” بمكانه من قبل وأطلق الرصاصة فى رأسه وجلس ينظر كثيرًا إلى ابنته وماذا يفعل ليقرر أن يشركها فى هذه الجريمة حتى لا تتفوه بكلمة واحدة وتخطع لخطته مع “سارة” فى أخذ الورث بالأكراه وتوافق على الذهاب إلى “جمال”، وضع المسدس فى يدها وغادر الغرفة وظل ينتظر فى الخارج حتى سمع صوت بكاءها وأدرك بأن “مريم” أستيقظت ليدخل إلى غرفة مُصطنع الجهل كأنه يرى الجثة لأول مرة، قال بصدمة مُصطنعة بأتقان:-
– تيه
لم تتفوه بكلمة واحدة بل ظلت ترتجف كثيرًا حتى فقدت الوعي من وهل الصدمة وأنها ت أحد، عندما أستيقظت رأت “حمزة” جوارها وقد تخلص من الجثة وقال:-
-أنتِ تيه يا مريم
ظل يردد هذه الكلمة كثيرًا حتى أقنعها تمامًا بانها مرتبك الجريمة الكاملة وأنه تخلص من الجثة لأجلها لكن إذا عارضته فى الحصول على الورث سيخبر الجميع بأنها ال ة وأين الجثة وسلاح الجريمة الذي يحمل بصمات أصابعها وتذهب للسجن….
(عـــودة للــواقـع )
ت “سارة” كفيها معًا بسخرية من حاله ثم قالت:-
-ههههه دا أبليس يصفقلك يا راجل بس حلوة منك، اتصل بيها بقي وقوليها تيجي للمكان اللى هقولك عليه وفى نفس الميعاد وإلا هتتصل بالبوليس
نظر “حمزة” مُطولًا إليها لترفع حاجبها إليه كأنها تجبره بنظرتها على فعل ذلك…