منوعات

بقلم زكية الجزء 3

الذي تعرضت له، و بعد أن انتهت أردفت بوجع و توسل :- أنا بس عاوزاه يسيبني في حالي كفاية اللي أنا فيه.

تساقطت دموعها بغزارة وهي تستمع لمعاناتها و جروحها العميقة التي لم تلتأم بعد، يا الله! كيف لها أن تتحمل ذلك وهي تضحك و تخفف من أعباء الآخرين.

احتضنتها دون تردد لتنفجر الأخرى في موجة بكاء مرير فلم يعد بمقدورها تحمل المزيد فقواها قد خارت، أخذت تهتف بضعف و تهذي بدون تعقل :- قولوله يسبني في حالي، كلامه بيوجعني بيموتني في كل مرة، إيه اللي رجعه تاني؟ أنا لازم أفض العقد مش هستحمل أشوفه تاني و يهيني في كل ما هيشوفني أيوة هو دة القرار المناسب..

ربتت على ظهرها قائلة بحنو :- خلاص أهدي واللي يريحك أعمليه، بس أهدي و بطلي عياط علشان خاطري. ثم أردفت بمرح وإن كان به بعض الجد :- خلاص والله هعيط معاكي لو مبطلتيش.

ابتعدت عنها و أردفت بابتسامة باهتة :- لا وعلى إيه حكم أنا عارفاكي تحبي النكد زي عنيكي.

أردفت بابتسامة بسيطة :- طيب بطلي وأنا مش هقلبهالك نكد. بقلم زكية محمد

جففت دموعها ليعم الصمت المكان للحظات حتى قطعته هي قائلة بحذر :- بس يا مدام سندس بصراحة يعني هو لازم يعرف، أنتِ بعدتي غصب عنك.

أردفت بحزن :- مبقتش فارقة يا رحيق أنا بس عاوزة يبعد عن طريقي و يسبني في حالي .

أردفت بخبث :- يعني بطلتي تحبيه؟!

ابتسمت بمرار قائلة :- مش هكدب عليكِ يا رحيق، اه لسة بحبه، بس ساعات الصح بيجي في الوقت الغلط. آخر مرة مشيت فيها من عندكم كان نفسي أخنقه من غيظي منه، أنا معنديش الشجاعة الكافية إني أواجهه.

مصمصت شفتيها بتهكم قائلة :- أومال عملالي مديرة و عمالة تشخطي و تنطري على الفاضي، يا خيبتك!

رفعت حاجبها باستنكار قائلة :- دة أنا!

أردفت بابتسامة سمجة ما إن أدركت ما تفوهت به:- إيه دة مش تقولي إن أنتِ المديرة مخدتش بالي.

جزت على أسنانها بعنف قائلة بصرامة :- على مكتبك يلا.

ركضت من أمامها قائلة :- فُريرة . ثم غلقت الباب لتفتحه على حين غرة قائلة بجدية :- لو مكانك هاخد الملف و هروح الشركة ليه هو شخصياً يمضي عليه، و مش هسمحله أبداً يقلل مني أياً كانت الأسباب، بالعربي كدة هطلع عفاريتي عليه.

قالت ذلك ثم غلقت الباب و انصرفت، بينما أخذت تطالع أثرها قائلة بتفكير و تحد :- وليه لا!

______________________________________

ترقد طريحة الفراش وهي لم تفوق من ال ة بعد، فالسكين أكثر حدة هذه المرة لتقطع قلبها إلى أشلاء، فما أوجع من ال ة التي تأتيك ممن ظننته أنه مستحيل أن يفعلها!
كيف كانت تحكي لها أسرارها و أمنتها عليها و وثقت بها ثقة عمياء، لتأتي لها طعنة الغدر منها، ممن ظنتها أختاً لها، حمدت ربها أنها لم تكشف لها سر أحمد من قبل و سرها الذي أخفته عنهم، لكانت استخدمته لصالحها أشر استخدام، وهذا مالا لن ترضى به أن تلحق بالصغير الأذى.
تساقطت دموعها قهراً على خيانتها لها، فهي لا تستحق هذا منها، كانت تقص عليها معاناتها وهي تستلذ بعذابها و قد نجحت في استخدام هذا في الإيقاع بها، فأسماء لم تكن أبداً المقصودة بل هي من كانت، يا للسخرية تلاعبوا بأخرى كي يحققوا مطامعهم! ولكن كان الله لهم بالمرصاد.

دلف الصغير بصحبة إسلام الذي يحمل الطعام بابتسامة جذابة و وضعه بجوارها ليهتف بحب :- صباح الفل على أحلى مريومة، يلا علشان تفطري، أنا و ابنك اتشقلبنا في المطبخ على ما حضرنا الفطار.

هزت رأسها قائلة بروح لا ترغب بالحياة:- مليش نفس.

زفر بضيق ثم جلس على الفراش و سحبها برفق لتنهض و تجلس نصف جلسة، فهتف بهدوء و روية :- ممكن أعرف آخرة دة إيه؟ أنتِ شايفة إنها تستحق تزعلي الزعل دة كله؟

أردفت بوجع شديد :- أنا مش زعلانة عليها أنا زعلانة على نفسي اللي آمنت لواحدة زي دي، إسلام هو أنا وحشة علشان كل دة يحصلي؟

ضمها لصدره قائلاً بهدوء :- هششش بس متقوليش كدة، دة اختبار من ربنا ” إذا أحب الله عبداً ابتلاه” ولا أنتِ مش عاوزة ربنا يحبك!

أردفت بسرعة :- لا عاوزة.

أردف بحب :- يبقى توكلي أمورك لله و تصبري على ما ابتلاكي، و بعدين أنا اللي هقولك يا شيخة مريم مش المفروض إنك عارفة الكلام دة، دة أنا اللي أتعلم منك. بقلم زكية محمد

ثم نظر للصغير قائلاً :- شوف يا ميدو مامتك مش راضية تاكل، شوفلك صرفة يا عم.

حاوط الصغير وجهها بكفيه الدقيقين قائلاً بحزن طفولي :- ماما كُلي علشان خاطري، أنتِ مش قولتي إن اللي مش بيفطر مش شاطر! و أهو أنتِ مش شاطرة وأنا كمان مش هاكل.

قبلته من وجنته بحنان قائلة :- لا يا روحي أنا هاكل علشان أنت تاكل، تعال يا قلبي.

وضعته على ساقيها و بدأت في إطعامه وسط تهليلات الصغير و ضحكه الذي كان بمثابة الشعاع الذي أنار ظلمة قلبها، بينما طالعها إسلام بغيظ قائلاً بغيرة :- طيب و بالنسبة للأهطل اللي عمل الفطار ولا هو ابن البطة السودة!

نظرت له بدهشة قائلة :- إسلام دة ولد صغير هتعمل عقلك بعقله!

نهض من مكانه قائلاً بحنق :- لا لا سمح الله ، أنا سايبهالكم و ماشي.

أنهى كلماته ثم غادر الغرفة بضيق، وهو لا يصدق أنه يغير من طفل تعدى الأربع سنوات منذ مدة قصيرة.
زمت شفتيها بعبوس قائلة وهي تنظر للصغير :- إسلام زعل مننا يا ميدو، هو عنده حق أنا زودتها كتير، مش هفضل في مكاني كدة الحياة مبتقفش على حد و خصوصاً لو كان ميستهلش.

تابعت إطعام الصغير لتنتهي بعد مدة قليلة، ومن ثم نهضت لتبدل ملابسها و تنظر في المرآة فتتأمل وجهها الشاحب بحزن، ومن ثم أخذت تضع بعض المساحيق الخفيفة لمداراة شحوبها حتى يعود وجهها لطبيعته كما السابق، و تركت الصغير يلعب بألعابه، لتخرج و تراه يجلس على الأريكة بالصالة يهز ساقيه بعصبية و ينظر أمامه بحنق وهو يتظاهر بأنه يشاهد التلفاز.

ابتسمت بخفوت و طالعته بحب فهو الوحيد الذي لم يتركها بمفردها في الآونة الأخيرة، لم يكل منها أو يتعب، بل ظل بجانبها يرطب جراحها إلى أن شُفيت، أنه محق لا بد ومن السير قدماً فما مضى قد مضى.

وضعت الطعام أمامه وجلست بجواره قائلة بشجاعة وهي تقترب منه بشدة لطالما تذوب في كل مرة خجلاً ما إن أقترب منها :- إسلام أنا… أنا عاوزة أفطر معاك.

نظر لها بدهشة وكأنها تبدلت ليست تلك التي نالت الحياة منها، و رفع حاجبه لجرأتها الواهية فهي ترتعش حرفياً فابتسم بخبث عليها، و سرعان ما نظر أمامه قائلاً بعبوس مصطنع :- لا مش عاوز أفطر روحي أفطري مع ابنك.

ضحكت بنعومة أذابت جدران قلبه الصلبة، إلا أنه تظاهر بالثبات وظل على موقفه، فزفرت هي بحنق قائلة :- عاوزني أعملك إيه دلوقتي يعني، أنا ما فطرتش مع ميدو علشان خاطرك.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ميدو! إلا عمرك ما عملتيها و قولتيلي كلمة عدلة يا مؤمنة.

قطبت جبينها بتعجب من حالته قائلة بروية :- اممم طيب أقولك إيه؟ سلومة…ولا سلامونتي ولا صاصا..

أردف بحنق :- صاصا! روحي يا مريم قفلتيني.

جعدت أنفها بضيق قائلة :- هوف يعني دة مش عاجبك ودة مش عاجبك أومال أعملك إيه؟

حاوط خصرها قائلاً بخبث :- ولا حاجة متتعبيش نفسك أنا اللي هعمل.

شهقت بخجل قائلة بتوبيخ :- إسلام الولد قاعد عيب على فكرة. بقلم زكية محمد

أردف بغيظ :- بقولك إيه الواد دة تشيليه من دماغك خالص، ومن هنا ورايح في إسلام وبس، و بعدين أنتِ اللي معطلاني افضلي أرغي لحد ما يزهق من اللعب و يطلع، ركزي معايا أنا الله يخليكِ.

لم يعطيها الفرصة للاعتراض و أخرسها بطريقته الخاصة.

_____________________________________

ليلاً تجلس على الأريكة بغرفتهم بعد أن انسحبت من بينهم فهي تشعر بالإختناق منذ أن أخبرتها سندس بحقيقة الأمر، وكم تتألم لأجلها فآخر شيئاً تتوقعه أنها تخفي كل هذا بأعماقها، لطالما تظاهرت بالمبالاة و الضحك و التخفيف عن الآخرين، ليكون هذا قناعاً تخفي خلفه جروحها و أوجاعها.

بدأت شهقاتها تعلو في المكان و أزداد نحيبها حيث لم تستطع أن تسيطر على نفسها.
في نفس الوقت دلف مراد بعد عناء يوم حافل بالعمل، لتلجمه ال ة وهو يراها بتلك الحالة، فوالدها بخير وفي أحسن حال عن ذي قبل، إذًا ما الأمر؟!

ألقى بمتعلقاته و توجه ناحيتها ليمسكها من كتفيها قائلاً بقلق :- في إيه؟ بتعيطي ليه؟

ألقت بنفسها سريعاً ترمي برأسها على صدره العريض قائلة ببكاء :- أخوك حمار و حيوان!……

ذئب يوسف
الفصل الثالث والعشرون

توقف جامداً للحظات وهو يحلل كلماتها التي تفوهت بها منذ قليل، و التي فهمها من خلال حديثها بشكل خاطئ ليهزها ببعض القوة قائلاً بحدة :- ماله أخويا عمل إيه؟ انطقي.

هتفت بخفوت أصابه بالذهول واشعل نيران الغضب بقفصه الصدري:- أخوك الحمار بيضايق سندس وهو مش فاهم حاجة.

ضم قبضته بقوة وهو على وشك أن يلكمها بغيظ، فهو يعلم بقصتهما من قبل، و لكن طريقة حديثها هذه زرعت الشك بداخله تجاه أخيه في أن يكون قد مسها بأذى بأي شكل من الأشكال.

أردف بغضب مكتوم وهو على وشك الجنون منها :- بغض النظر عن إنك غلطتي في اللي اكبر منك، عمل إيه عاصم مخلي الأستاذة منهارة بالشكل دة.

ابتعدت عنه و طالعته بغيظ لتدفعه بصدره ببعض القوة قائلة بحنق وهي لا تعي ما تتفوه به :- يا برودك يا أخي! و كمان مش عارف عمل إيه، أما أنكم جوز فريزرات بصحيح.

رفع حاجبه بوعيد قائلاً بغضب مكبوت :- ها وايه تاني؟ دة الفريزر زاد واحد أهو..

اتسعت عيناها بشدة و وضعت يدها على ثغرها، وهي تستوعب بعقلها الغبي كالعادة ما قالته، لتنهض بحذر قائلة بتلعثم :- أاااا…..مش أنت…مش أنت..دة عاصم بس و شادي..

وحينما رأت نظراته المصوبة نحوها والتي لا تنذر بالخير، ازدردت ريقها بصعوبة، وما إن رأته مقدماً عليها صرخت بهلع و ركضت للخارج بسرعة البرق، وهو يلحق بها وقد تخلى عن كل ذرة تعقل لديه، فقد طفح الكيل منها ومن أفعالها.

أخذت تهتف بخوف :- يا لهوي هيموتني دة قلب على هولاكو، يا لهوي يا لهوي….

ركضت كالبلهاء وهي لا تعلم أين تذهب و تختفي منه وهي تشعر بخطواته خلفها، أسرعت من وتيرة ركضها لتنزل من على الدرج ثم تركض في ممر طويل، لتفتح بعدها غرفة نوم عمها دون أن تقصد لتجد لميس بمفردها التي ما إن رأتها هتفت بقلق :- في إيه يا رحيق؟

توجهت نحوها كالقذيفة و اختبأت خلفها قائلة بدقات قلب مسموعة للعيان :- إلحقيني يا مرات عمي ابنك هياكلني!

قطبت جبينها بدهشة قائلة :- ابني هياكلك! إزاي دة؟

صرخت فجأة ما إن رأته يدلف الغرفة لتلتصق بها أكثر قائلة بصراخ :- أهو أهو إلحقيني منه…

نظرت له قائلة بعدم فهم :- مراد فيه إيه؟

تقدم نحوهن وحاول الوصول لها إلا أنها كانت تراوغ و تتثبث بجسد لميس حيث كانت تحركها يميناً و يساراً في حركة منها للاختباء منه، فهتف هو بغضب :- اطلعي من عندك أحسنلك..

هزت رأسها بنفي قائلة بخوف :- لا لا أنت هت ني.

جز على أسنانه بغيظ قائلاً بتهديد :- بقولك تعالي هنا وبلاش لعب العيال دة.

أتى شادي و عاصم على الصوت وما إن رأى مراد أخيه نزع الجاكيت خاصته واقترب منها و قام بوضعه على رأسه و أحكم غلقه بحيث لا يظهر منها شيئاً، وعلى الرغم من أنه يعلم شقيقه جيداً إلا أن فكرة أن يراها أحد هكذا ولو بمحض الصدفة يضرم النيران بداخله فتقضي على الأخضر و اليابس.

هتف شادي بقلق :- في إيه يا رحيق بتصرخي ليه؟

عضت على شفتيها بحرج شديد فبغبائها تسببت في حدوث جلبة بالقصر أثارت قلقهم، فتدخل هو ليهتف بحنق شديد :- متقلقش يا شادي أختك العيلة و عمايلها الهبلة أنت هتوه عنها..

ضحك بمرح قائلاً :- عملتي إيه يا مجنونة، يا قادرة قدرتي تعملي اللي فشل فيه غيرك كتير، عملتيها إزاي دي؟!

نظرت له بعيونها التي تظهر فقط من فتحة الجاكيت وهي تود لو تنقض عليه بأسنانها لتمحي بسمته الحمقاء هذه، بينما هتف عاصم بهدوء قبل أن ينصرف :- طيب خلاص يا جماعة حصل خير..

بعد أن انصرف عاصم، جذبها مراد من ذراعها قائلاً بحدة:- قدامي ..

إلا أنها تململت منه و دفعت ذراعه بعيداً عنها لتقول بحنق :- لا مش جاية معاك في حتة الا بعد ما تعتزر الأول.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً بصرامة :- اسمعي الكلام وبطلي عند.

هزت رأسها بإصرار قائلة :- لا أعتذر الأول أنت غلطت فيا وقلت عليا هبلة وأنا مش هبلة، أنت فاهم؟

كان شادي و زوجة عمه يتابعان المشهد بابتسامة خبيثة لما يحدث، وكيف نجحت تلك البلهاء في أن تثير حنقه الذي لم يجرؤ أحد أن يحرك عضله بوجهه لا بضحك ولا بحزن، لتأتي هي لتضعه على شفا جرف من الجنون.

نظر لها مطولاً فهي تستغل وجود أمه و شقيقها، لذا ترتدي ثوب الشجاعة و تهذي بهذه الكلمات.
وضع يديه في جيوبه قائلاً بجمود :- براحتك، تصبحي على خير.

قال ذلك ثم انصرف ببرود كعاصفة ثلجية، بينما طالعت أثره ب ة و قامت بالقاء الجاكت أرضاً بغيظ قائلة بتذمر :- شايفين! شايفين!

اقتربت منها لميس و احتضنتها بحب قائلة بابتسامة محببة :- معلش يا حبيبتي أنتِ عارفة طبعه و بصراحة أنتِ زودتيها شوية.

أردفت بحنق :- يرضيكِ يقول عليا هبلة، يرضيكِ؟

كبحت ابتسامتها قائلة بروية :- لا ميرضنيش يا حبيبتي طبعاً، متقلقيش هشدلك عليه..

ضيقت عينيها قائلة بإصرار :- و يعتذر؟

هزت رأسها باستسلام قائلة :- اه إن شاء الله نبقى نشوف الموضوع دة، يلا يا حبيبتي إلحقي جوزك.

هزت رأسها بنفي قائلة :- لا مش رايحة ورا حد أنا، لما يصالحني الأول.

تدخل شادي قائلاً بضحك :- أختي حبيبتي اللي مشرفاني، إيه دة بس يا وحش ! لا أنا هحجز عندك بقى و أخد دروس.

أردفت لميس بضيق وهي تنهره :- ولد! دة بدل ما تعقلها!

أردف بضحك :- أصل بصراحة يا مرات عمي أنا شمتان في ابنك جداً، خليها تطلع القديم والجديد عليه، دة ذنبي أنا و بتخلصهولي أختي.

هزت رأسها بتعب قائلة :- لا دة أنتوا مجانين خالص، استهدي بالله يا حبيبتي و متخليش شادي كلامه يأثر عليكِ.. بقلم زكية محمد

أردفت بخوف :- لا طبعاً هو أنا مجنونة اروح عرين الأسد برجليا! دة مستحلفلي، معلش يا مرات عمي على الدوشة دي، تصبحي على خير بس يا ريت تديني حجاب علشان ما أخدتش بالي وأنا وبجري لأحسن يكون عاصم برة.

أومأت لها بموافقة و أحضرت لها حجاب و التقطت سترة مراد و اعطتهم لها، وضعت الوشاح على رأسها و أخذت منها السترة و انصرفا معاً .

بعد وقت توقفت أمام الغرفة وهي تفرك يديها بتوتر، تخشى أن تدلف فهي تهابه على ما فعلت منذ قليل، و لوهلة فكرت في الذهاب لإحدى الغرف الفارغة و البقاء فيها حتى الصباح.

هتفت بخفوت و توبيخ :- ما هو مكانش لازم أقوله كدة، يا لهوتي دة غير الفريزر اللي قولتها.

سحبت نفساً عميقاً قائلة بتشجيع لنفسها :- يلا أدخلي و زي ما تيجي تيجي، أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله.

فتحت الباب فتحة صغيرة لتطل برأسها و عيناها تجوب بالغرفة، فتنهدت براحة قائلة :- الحمد لله مش هنا.

دلفت للداخل ونزعت عنها الحجاب، و ابدلت ملابسها ثم جلست على الفراش تحدث سندس لمعرفة آخر التطورات، و ما إن ردت عليها هتفت بابتسامة :- عاملة إيه دلوقتي؟ ها روحتي؟ احكيلي عملتي إيه؟ وهو كان رد فعله إيه؟

تأففت بضجر قائلة :- براحة يا ماما حاضر والله هرد بس مش كدة واحدة واحدة. أولاً يا ستي الحمد لله، ثانياً اه روحت.. صمتت قليلاً لتردف بغيظ :- يا ريتني ما سمعت كلامك.

أردفت بانتباه :- ليه حصل إيه؟

تنهدت بعمق لتعود بذاكرتها للخلف تحديداً منذ أن دلفت للشركة الخاصة بهم، و صعدت المصعد لتتوجه بعدها لمكتبه بعد أن سألت عن مكانه، وما إن وصلت و مررت اسمها للسكرتيرة الخاصة به، خرجت لتخبرها بأن تنتظر بعض الوقت، فأومأت لها بتفهم وجلست على الأريكة المريحة تنتظره.

مر الوقت لتأفف بضجر وهي تنظر في ساعتها، فطلبت من السكرتيرة أن تعجله لأنها ليس لديها وقت فلديها أعمال مثله.
دلفت أخيراً بعد أن أمر الأخيرة بأن تجعلها تدخل، سحبت نفساً عميقاً في محاولة منها على الحفاظ على ثباتها الإنفعالي أمامه.

جلست على المقعد قبالته بعد أن ردت عليه التحية باقتضاب، ثم مدت له الملف الخاص بالعمل ليقرأه و يوقعه.
تناوله منها و وضعه إلى جواره وأكمل العمل الذي بيده حيث كان يراجع إحدى الملفات المهمة بصفقة تخصهم ولم يعيرها أي انتباه قاصداً إياه بخبث كي يثير حنقها.

أخذت تهز قدميها بعصبية مكبوتة، وهي تراه يضع الملف بجانبه ولم يشرع النظر فيه، رفعت بصرها نحوه قائلة من بين أسنانها :- ممكن تمضي على الملف ورايا شغل ومش فاضية، وأنت عطلتني كتير النهاردة.

قطب جبينه بدهشة مصطنعة قائلاً :- بس أنا مقصدش إني أعطلك، زي ما أنتِ شايفة …
ثم تابع بسخرية :- ولا أنتِ فاكراني زيك بروح أهش الدبان هناك.

اصطكت أسنانها بعنف منه، فهو يخرج أسوأ ما فيها بكلامه هذا، إذ ت على المكتب بيدها قائلة بصرامة :- والله أظن دي حاجة متخصكش، امضي على الزفت خليني أمشي.

جز على أسنانه بغيظ قائلاً :- أنتِ إزاي تجرأي ترفعي صوتك عليا؟

جعدت أنفها بحنق قائلة بتهكم :- ليه كنت مين إن شاء الله! ابن بارم ديله!

نهض من مكانه و توجه ناحيتها بخطا دبت الرعب بداخلها، و أخذت تلعن رحيق قائلة بندم خافت :- الله يخربيتك يا رحيق، يا ريتني ما سمعت كلامك.

وقف قبالتها ليميل قليلاً ليكون في مواجهتها و وضع كلتا يديه على الكرسي يمنعها من الهرب، بينما انكمشت هي بمحلها تنتظر القادم منه.

أردف بفحيح ساخر :- إيه الشجاعة دي بس! بتردي عليا كمان.

أردفت بصوت متوتر وهي تتحاشى النظر لعينيه :- أنا… أنت اللي بتقول كلام ميعجبش.

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- لا والله! أومال عاوزاني أعمل إيه مثلاً أتغزل فيكِ!

حدجته بغضب قائلة :- أنت قليل الأدب، و أوعى كدة.

لم يستجيب لطلبها بل ازداد دنواً منها قائلاً بسخرية :- إيه مستغربة الكلام دة ليه، مش كنتي شبعانة منه زمان!

أردفت بتماسك :- من فضلك أمضي على الملف عاوزة أمشي، أنت مبتفهمش!

صرخ بوجهها بحدة قائلاً :- أخرسي خالص، أنا على أخرى منك، متختبريش صبري .

ربعت يديها قائلة ببرود :- اللهم طولك يا روح، ماشي اتفضل سيادتك شوف شغلك خليني أخلص.

المقعد بعنف بجوارها كي يفرغ بعضاً من النيران التي أشعلتها بداخله بسبب برودها، فصرخت هي بخوف ظناً منها أنه سي ها.
ابتعد عنها وهو يضم قبضته بقوة كي لا يفتك بها، فكيف تقف هكذا جامدة وهو يحترق! أين تلك الوعود المزيفة التي وعدته إياها! ابتسم بسخرية لطالما أنها مزيفة فما النفع منها الآن.

عاد أدراجه وجلس بجمود هو الآخر و مسك الملف الخاص بها ليراجعه بدقة و سرعة ومن ثم خط باسمه و قام بالقائه نحوها، مما زاد من حنقها ولكنها ابتسمت بمكر فها قد أتت خطة رحيق بثمارها و ثأرت لنفسها منه.
نهضت و مسكت الملف و غادرت المكتب، ليرتعش بدنها عندما سمعت صوت تهشيم بالداخل، لتسرع من خطواتها للخارج تهرب من عرينه وهي لا تصدق أنها نجت من تحت يديه.

بالداخل كان الوضع مزري إذ قام برمي كل ما على المكتب أرضاً فور خروجها، ثم أطلق زئيراً غاضباً و بيده على سطح المكتب قائلاً بوعيد :- ماشي يا سندس وحياة الوجع اللي وجعتهولي لأدوقهولك أضعاف.

أما هي بالأسفل صعدت لسيارتها و قادتها بسرعة كمن تلاحقها الأشباح.

انت في الصفحة 5 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل