منوعات

بقلم نرمين

******************
“يعني ايه لا ديه أن شاء الله!!…”…
_ يعني لا…عندك مراتك التانيه وتقدر تروحلها هي اصغر مني واحلي مني ع الأقل مش مليانه زيي كده…
اقترب منها عابد بغضب وامسك بذراعها بقوة قائلا…
_ انت بقالك مدة سايقة العوج يا تمارا وانا سايبك بكيفي ف اتهدي كده وخدي الموضوع ببساطة مش اول مرة ليكي هي عشان العند ده كله..
اختارت الاستمرار بعندها وهتفت بصوت حاد….
_ وانا بقي مش هينفع تيجي جنبي …ظروف قهرية يا سيدي…
ضحك بسخرية واردف بقسوة…
_ ظروف قهرية …الظروف القهرية ديه بقالها خمس شهور عندك مبتتقطعش أن شاء الله!!…
وهنت نبرتها كثيرا لكنها حاولت أن تتحلي بالقوة وهتفت…
_ اه خمس شهور وده بقي يخليك تفهم أنه نزيف مش ظروف قهرية…ف ابعد عني بقي وروح لمراتك التانية وانا سبني ف حالي انا لا عاوزاك ولا طايقة سيرتك اصلا بستقبلك بس عشان عيالك غير كده انت متسواش حاجة عندي…
ترك يدها بشئ من العنف وضرب الكرسي الموجود بجانبه والتفت إليها قائلا….
_ مش انت مش طايقاني واللي بيخليكي تستقبليني هنا هو عيالي …ماشي يا تمارا حاااااضر…
وخرج من الغرفة وصاح مناديا أطفاله “عدي…سجدة”..
_ يلا يا عيال انزلوا روحوا لتيته عشان هتباتوا عندها النهاردة..
صاح الطفلان مهللين واسرعا بالنزول الي الطابق الآخر نحو جدتهم …
_ عيالي من هنا ورايح هيقعدوا عند امي عشان لما احب اجي اشوفهم مبقاش بتقل عليكي …وانت عاوزة تشوفيهم انزليلهم تحت…وهاتي الكريدت اللي معاكي…
رغم حزنها علي قراره الظالم وأبعاد طفليها عنها إلا أنها تحلت بالصبر وغادرت حتي تجلب له ما طلبه بصمت قاتل ….
_جميل…تجهزي بالليل يا تمارا عشان هوديكي لدكتور وخلي بالك اني

اصلا متجوز عشان متعتي وانت من ضمنها هعالجك واتمتع بيكي…
وخرج من المنزل بأكمله تاركا اياها وراءه ترتعد بخوف…عابد نسخة طبق الأصل من والدها …وهذا يعني أنها لن تنال شفقته أو رحمته حتي ….
*****************
“بس …بس اهدي يا حببتي اهدي..هو ميستاهلكيش اصلا صدقيني ميستاهلكيش والله”…
قالها قدري وهو يربت علي كتف زمزم يحاول تهدأتها حتي تكف عن البكاء ..
_ طلقني منه الله يخليك ساعدني…انا..انا بس عاوزة امشي من هنا ..
_حاضر …حاضر هطلقك منه بس استني ..استحملي شوية بس وهطلقك ع الأقل يكون ابوكي بعد عنك ..
تمسكت بقميصه اكثر قائلة بنحيب..

_مش هقدر استحمل اكتر من كده…كفاية سنتين ونص إهانة بعده عني وإهانة نجاة هانم وخروجي الممنوع والضغط على تعبي كل ده مش هقدر استحمله تاني …
زاد قدري من ضمه لها وتعالي نحيب زمزم اكثر حتي قطعه دخول زوجته التي صاحت بإحدي الكلمات الإنكليزية التي تنم عن دهشتها ثم تبدلت ملامحها للعبوس والغضب قائلة …
_ قومي يا بنت انت روحي شوفي الاكل مع صفيه خلينا نتكلم ف معادنا مش كل يوم تأخير كده…
نهضت زمزم من أحضان قدري ومسحت عبراتها بهدوء وسارت بخطواتها المتعثرة الي أن وصلت للباب عندما سمعت نجاة تقول…

_ لو فضلتي تمشي كده لحد المطبخ مش هناكل ف يومنا ده…
اغمضت عيناها بقوة واعتصرتهم بألم ثم تابعت السير دون أن تتفوه بكلمة حتي سارت الي المطبخ لتباشر عملها المعتاد..
بعد قليل كان الجميع يجتمعون علي طاولة الطعام وبالطبع اخذ مكان زمزم حتي تحتله الزوجة الجديدة والمرحب بها هنا علي عكس زمزم تماما….
“ايه القرف ده…مين البهيمة اللي عملت الشوربة ديه؟؟”…
ردت زمزم بصوت يكاد يكون مسموع…
_ انا…
_ طبعا ما لازم تبقي انت…بتعملي الاكل برجلك أن شاء الله…حاجة تقرف….قومي غوري من وشي ..
نهضت زمزم من مكانها ببطء وارهاق وبمنتصف الطريق لم تستطع التحمل فسقطت علي الارض وهي تلهث بتعب ..هرولت إليها سيلين تتفقدها بقلق قائلة…
_ ايه يا زمزم مالك..رجلك تاني بردو؟؟..
_ اه..بس المرادي صعب اوي يا سيلين مش قادرة..
حاولت سيلين أن تجعلها تنـ,ـهض من مكانها لكـ,ـنها لم تستطع الا بمساعدة والدها …
بالغرفة استطاعت سيلين أن تجعل زمزم تعري قدـ,ـمها إذ أنها خجولة جدا …كانت ساقها بداية من ركبتها الي آخرها تنتشر عليها بقع زرقاء وبنفسجية اللون…

_ يا نهار اسود…ايه ده انت لازم تروحي لدكتور فـ,ـورا…بص يا بابا ..
_ زمزم سيلين عندها حق …لازم تروحي لدكتور فـ,ـورا المنظر ده ميتسكتش عليه …
ردت زمزم بارهاق…
_ حاضر يا بابا هروح والله…بس دلوقتي عاوزة انام انا تعـ,ـبانة بجد…
_ لا مينفعش انا هتصل بياسر ييجي يشوفك لازم دلوقـ,ـتي…
حاولت زمزم الاعتراض لكن حديثها ضاع وسط مكالمة عمها مع ذلك الطبيب…
بعد مرور ساعة تقريبا كان الطبيب يقف بالغرفة يحاول الكشف علي ساقها لكن خجلها هو ما جعله يتأفأف بضيق قائلا…
_ يا آنسة زمزم مش كده…انا دكتور محترم والله يعني لا هبص بصة كده ولا كده ع رجلك يعني..
استشعرت زمزم ضيقه منها فلم تجد إلا أن تنظر إلي عمها وسيلين وما كان من ياسر إلا أن هتف…
_ معلش يا جماعة اطلعوا برا لحد م اكشف ع المريضة بعد اذنكم…
اذعن كل من قدري وسيلين اليه وخرجا من الغرفة التفت ياسر اليها قائلا…
_ اهم خرجوا يا ستي انا اصلي كنت عارف انك محرجة منهم ممكن اكشف بقي؟؟…
اومأت برأسها إيجابا ثم رفعت الغطاء حتي وصلت الي مكان الإصابة بالضبط…

_ يا ساتر يا رب…ده صعب جدا…كنت مستحملاها ازاي اصلا اكيد ديه مش بين يوم وليله …
ردت زمزم برقة قائلة..
_ هي فعلا بقالها فترة بس مكانتش بالحجم ده…وده اللي خلاها تعبتني النهاردة…
اقترب منها ياسر ووضع يده على قدمها قائلا….
_ انا هفحصك بس لو فيه اي وجع قوليلي…ممكن يبقي فيه وجع جامد …بس هي الإصابة ديه من ايه؟؟…انا ملاحظ أن رجليكي فيها إعاقة..
_ أأأ…أأيوة هي ديه سببها حادثة …
_اها تمام..لو فيه اي وجع قوليلي …

اومأت برأسها إيجابا وبدأ ياسر يباشر عمله وضغط علي جلد ساقها …لم تتأوه أو تصدر صوتا حتي…
_ مش حاسة بحاجة كده؟؟..
_ لل…لا..

غرس اصبعيه بساقها بقوة حتي وصل إلى عظامها قائلا…
_ ولا كده؟؟..
صرخت زمزم بقوة وحركت ساقها بعيدا عن مرمي يديه …
_ اوكي ..اوكي …خلاص …واضح أن المشكلة ف العضم شوفي انا مقدرش اكتبلك الا ع مسكن ولازم تيجي المستشفي عشان الفحوصات والأشعة عشان نعرف سبب الالم ده..بس انا أرجح أنه سببه إرهاق لان الزرقان لأخر الرجل ده وخصوصا الجزء التاني من رجلك بس يبقي حضرتك محملة عليه زيادة…
سار ياسر نحو باب الغرفة حتي يأذن لوالدها وشقيقتها _كما يعتقد_ بالدخول …
_ خير يا دكتور؟؟..
_ الآنسة عندها مشكلة ف العضم وطبعا انا مقدرش احدد المشكلة بالظبط إلا بعد الإشاعة عشان ابقي متأكد من كلامي …ولازم تتعمل ف اسرع وقت ممكن…عن اذنكم…
خرج ياسر من الغرفة ووراءه قدري حتي يوصله إلى باب المنزل شاكرا إياه ….

الفصل الثالث…
بعد مرور اسبوع…
” اهو جبتلك طلبك…ايدك بقي ع الحلاوة…”..
تعلقت عينا زهرة بما بيد تلك الممرضة بسعادة مرضية وهي تتأمل ذلك المسحوق الابيض الذي بيده راحتها وسعادتها كما تظن …مدت زهرة يدها حتي تلتقط الكيس الصغير لكن الممرضة أبعدته عن مرمي يديها قائلة…
_ لاااا…حلاوتي الاول …
عبست زهرة قليلا وهتفت بصوت باكي…
_ الله يخليكي اديهوني …ااا..اانا مش معايا حاجة عشان اديهالك..
حولت الممرضة عيناها الي الحلقة الذهبية الملفوفة حول اصبعها فلم تتردد قط في نزعها واعطائها لها وتركت لها الممرضة الكيس وخرجت فرحه بما حصلت عليه من هذه المريضة الساذجة…
بالداخل اسرعت زهرة بفتح الكيس ووضعت بعضا منه علي يدها واستنشقته باستمتاع وكذلك حتي انهت الجرعة كاملة وخبأت الكيس بداخل ملابسها الداخلية حتي لا يراه أحد وذهبت في سبات عميق…
باليوم التالي استيقظت زهرة علي ضوء الصباح يغزو الغرفة ففتحت عيناها ببطء ليطالعها وجه ناير المبتسم وهو يقول…
_ صباح الفل يا زهرتي…عاملة ايه النهارده …
ابتسمت زهرة بشرود قليلا وهتفت..
_ انا الحمد لله…احسن
_ طيب الحمد لله…عملتي مشاكل الاسبوع اللي فات لحد م ربطوكي كالعاده ..
قالها ناير بمشاكسة الزهرة وهو يداعب أرنبة أنفها …
رفعت زهرة قدميها ويديها حتي تريه كيف يقيدونها وقالت بسخرية…
_ حبيت اتسلي شوية..خصوصا انك سبتني الاسبوع اللي فات كله ومجتليش خالص…
ناير يأسف…
_ سماح المرادي يا زهرتي صدقيني كان عندي شغل ضروري ومكانش ينفع يتأخر…
رفعت حاجبيها الكثيفين بطريقة ساخرة وهي تمط شفتاها…
_ اممم…شغل …ضروري…وميتأخرش…الكلام ده مبيفكركش بحاجة؟؟…
تغيرت معالم وجهه الي الجمود والألم ونهض من مكانه يقرب منها الطاولة الموجود عليها الطعام …
_ سيبك من شغلي يا ستي اديني رجعت اهو وهجيلك كل يوم كمان …اتفضلي افطري بقي…
_ عاوزة العلاج الاول…
ابتسم ناير بخفة واقترب منها حتي يحرر يدها قائلا…
_ تاكلي الاول وبعدين تاخدي علاجك..يلا انا هفطر معاكي اهو ..
اضطرت زهرة أن تتناول طعامها اولا حتي تحصل على ما تريده …
_ بالهنا…كده بقي تاخدي علاجك..
تناولت علاجها ثم بدأ الصداع يخمد قليلا ونظرت إليه قائلة…
_ عاوزة اروح الحمام ممكن تفكني ؟؟…
ضحك ناير بقوة ثم هتف..
_ قولي انك عاوزاني افكك مفهاش مشكلة بس بلاش حوارات يا زهرتي..انت عارفة انا مش بخاف منك يعني..
ابتسمت له بسماجة هاتفة…
_ فعلا…ممكن بقي تفكني ؟؟..

انت في الصفحة 2 من 14 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
172

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل