
بعد مرور شهر، داخل مركز العلاج
كانت تقبع فوق تختِها في إنتظار حضور الطبيب كي تدلف لأخذ جُرعة الإشعاع الكيماويّ،
دلف إليها أحمد وبيدهِ ملفً ملصق بهِ تقريراً بحالتها الصحية
وقف أمامها وشملها بنظرات معاتبة، وتحدث مُتأثراً وهو يُشير إليها بالتقارير :
_ إيه اللي حصل لك يا أمل، التحاليل بتقول إن حالتك إتاثرت بالسلب بعد أخر جرعة، مالك، إيه اللي وصلنا للتراجع ده تاني بعد ما كُنا إتقدمنا الفترة اللي فاتت في العلاج ؟
كانت تستمع لهُ وهي مُثبته بصرها في نقطة اللاشئ، تنهدت وأجابته بنبرة بائسة ومازالت ناظرة في اللاشئ :
_ تعبت يا دكتور، تعبت من المقاومة ومن إني كل شوية أوهم نفسي وأقول لها إنها قوية وهتقدر علي التحدي
ثم نظرت إليه وخانتها دمعة فرت هاربة من مقلتيها وتحدثت وهي تُميل برأسِها بطريقة تُدمي القلوب :
_ بس إكتشفت إني كُنت غلطانة، المقاومة لازم لها حد قوي حواليه ناس بتحبه بجد من قلبها وبتسنده بكل قوتها ، وأنا كل اللي حواليا سابوني في عز إحتياجي ليهم
نظر لها بغضب وتحدث بنبرة صارمة كي يجعلها تستفيق من حالة الإستسلام التي إنجرفت إليها وسيطرت علي داخِلُها :
_ طظ في الناس كلها، إنتِ عاوزة مين حواليكي غير أمك وأخواتك؟
ودول حواليكي ومش سايبينك من وقت اللي حصل لحظة واحدة ،
وأكمل بنبرة صارمة ونظرة عيناي حادة :
_ لو مش هتكملي علشان نفسك يبقا بلاش تكملي الجُرعات
ثم أخذ نفسً عميقً وزفرهُ بقوة كي يستطيع السيطرة علي نوبة الغضب التي إنتابته جراء حالة الإستسلام الذي رأها عليها :
_ نفسك الوحيدة هي اللي تستاهل إنك تحاربي بكل قوتك علشانها، حاربي علشان بنتك اللي محتاجة لوجودك جنبها،
وأستريل بهدوء :
_ مامتك اللي واقفة جنبك بكل قوتها رغم وجعها عليكِ تستحق إنك تتمسكي بالحياة علشانها أكتر من كده
كانت تستمع إلية بقلبٍ يتمزق لصحة ما يتفوه به، حقاً والدتها وصغيرتها تستحقان المحاربة من أجليهما “ولكن” خارت قواها وأستسلمت لضعفها للأسف
تنفس بعُمق كي يستطيع ضبط إنفعالاته بعدما وجدها مازالت علي حالة الإستسلام ثم أردف قائلاً بهدوء مُقدراً حالتها النفسية :
_ إتفضلي معايا علشان تاخدي الجُرعة
إعتدلت بجلستِها وتحركت بجانبه مُنساقة بلا إرادة، بلا قوة، بلا رغبة