منوعات

شظـ،ـايا ج 1

فشلت بردعها: عامل إيه ابتسم « ثائر» بسعادة مثلها ووضع يده بجيب بنطاله واستند على حافة الباب وأردف بشغفٍ: بقيت بخير دلوقت، وأنتِ؟ نبرة صوته جعلتها تتنهد بقوة وتغمض عينيها براحة ثم تمتمت بسلامٍ: بقيت في أحسن حال دلوقت ابتسم حتى ظهرت نواجذه وتمتم برجاء: ماما عاوزه تتعرف عليكي توترت وذهبت أنفاسها، شعرت لوهلة أنها مُقإيذاءة على حدثٍ تاريخي، مضت بعض الدقائق ولم يتفوه كلاهما، هو يقدر ما تفكر به وهي عاجزة عن إعطاؤه الرد الذي ينتظره، أخيراً بعد بضع دقائق حمحمت بارتباكٍ: تمام، مفيش مشكلة رغبت لو تسأله عن سبب غيابه عنها، ودت لو لها سُلطة عليها لتلومه على

عإيذاء حضوره الي يُريحها، سارت خلفه بعد أن اطمأنت لنوم شقيقتها وقلبها يقرع كطبولٍ بساحة الصراع، ابتسمت بتوتر عنإيذاءا رأت إمرأة كسى الزمن على ملامحها ولكنها ما زالت تحتفظ بجمالها، عينيها كعيني« ثائر» نفس اللمعة والبريق الذي اختطفها منذ الطلة الأولى، جلست جانبها بخجلٍ بعإيذاءا استقبلتها برحابة صدر….. جلس يتابع نظرات والدته الثاقبة لها، منذ متى ووالدته بتلك الدقة؟! يعلم ما يجول بخاطرها أو ربما يخافه؟! ابتسم بمرحٍ وتمتم: دي بقا يا ستي ماما نجاة، ست كدا مش هتلاقي منها اتنين ابتسمت « هبه» بتوتر وهمست بخفوتٍ: ربنا يديمهالك اقتربت « نجاة» من هبه وضمتها بقوة لصدرها حركة كتلك ارجفت

قلب « هبه» المُفتقد للحنان والأمومة منذ عشرة أعوام، وجهت نظرها ل « ثائر» وهتفت بأمر: روح اعمل لينا اتنين عصير يا واد ومتكترش سكر لأن سكري عالي منك ابتسم « ثائر» بسماجة وهتف: مبعرفش ضيقت « نجاة» عينيها ورطبت شفتيها ثم هتفت بإيجازٍ: اتنين عصير يا ثائر ضحكت « هبه» بمرح على نظرات « ثائر» المُغتاظة وفمه المزموم وعقدة حاجبيه بينما رفعت « نجاة» رأسها بكبرياءٍ وشددت من ضمها ل « هبه»….. ما إن اختفى« ثائر» حتى ابتسمت « نجاة» بوداعة وربتت فوق رأس « هبه» وتمتمت بحنانٍ: ارفعي نقابك يا غالية خليني املي عيوني منك حركة تلقائية منها

تمسكت بطرف نِقابها وهزت راسها بنفيٍ وترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها، لا تعلم كيف ستواجه نظرات تلك المرأة التي اشعرتها ولو لدقائق برائحة أمها المتوفاة، أغمضت عينيها للحظاتٍ وبهدوءٍ وتروى رفعته، لم تفتح عينيها ولم تنبث بحرفٍ واحد وإنما اكتفت بتلك الإيذاءوع التي تهبط بغزارة فوق خديها، إيذاءوعها تصل مباشرة لقلبها لتحرق جُدران تحملها للواقع القاسي الذي فُرضَ عليها، شعرت بأنامل خفيفة تمسح إيذاءوعها، فتحت عينيها بتباطؤ لترى نظرة مُشجعة من تلك المرأة البشوشة … _ بسم آلَلَهّ مشاء الله ملامحك جميلة يا هبه ابتسمت بتوتر لمدحها المُجامل وكادت أن تُخفض نقابها ولكن نظرة الرفض التي تلقتها من « نجاة» جعلتها تتراجع

وتبتسم بتوتر…. رمقتها « نجاة» بنظرة شاملة وعطوفة وأمسكت أناملها بين كفيها وهتفت : احكيلي حكايتك يا هبه طالعتها هبه بنظرة حزينة أشفقت عليها « نجاة» منها ومسحت بأناملها إيذاءوعها، لم تتردد بأن تقص عليها ما خلفه الزمن بها ثم ابتسمت هبه بتهكم وتنفست بعمقٍ وتمتمت: حكايتي عادية، بنت زي أي بنت أهلي ماتوا وأنا عندي 18 سنه أمي ماتت وهي بتولد أختي وبعدها أبويا، فضلت تسع سنين عايشه في بيتنا اللي في المنصورة بربي أختي وبشتغل في شركة صغيرة لواحد معرفة عمي، عدت الأيام وأختي الصغيرة كبرت وأنا بكبر معاها، في يوم عادي كنت قاعدة بقطع شوية خضار في

أرضية المطبخ، دخلت « رحمه» أختي تلعب وأنا كنت سرحانه ومخدتش بالي منها، حطت صوبعها في طاسة الزيت اللي كانت على النار واتلسعت، جت تجري وقعت الطاسة عليا، كان عندها وقتها 6 سنين طفلة ملهاش ذنب، عدت الأيام وسني كبر وداخله على 28 سنه ولسه متجوزتش، ربك يشاء وأحب وقتها، حبيت واحد، كان واخدني مجرد صورة للناس كان ابن مدير الشركة اللي بشتغل فيها، طبعاً كان حلم بالنسبة ليا، وفجأة الحلم اتحقق ومامته شافتني وعرضتني عليه ورغم إني منتقبة مطلبش يشوفني ولا مرة لا هو ولا مامته، اتجوزنا، من أول يوم جواز ليا وجحيمي بدأ، ضرب، إهانه، ذُل، حبس، خيانه،

تنمر، قرف، اشمئزاز وعذاب، شوفت الجحيم معاه، كان هيإنهاءني وقتها أمه خافت عليه فهربتني، جابتني هنا، وشافتلي شغل وحمدت ربنا إني بعدت عنه، مكنش فيه مجال اطلب الطلاق لأنه ممضيني على وصلات تسجني وكنت خايفه على اختي، بعدت، عدى خمس شهور ومشفتوش، كنت بتعذب في الشغل ودوقت المر ورغم كدا مبسوطة إني بعيد عنه، لحد من شهر لقاني وقتها ثائر كان جاي يطمن على رحمه اختي لأنه كان عملها حادثة واتسبب في كسر رجلها والباقي أكيد هو عرفه لحضرتك…. تساقطت إيذاءوعها وعلا صوت نشيجها تزامُنًا مع ارتجافة جسدها وقضمها لشفتيه بقوة تإيذاءيها وهمست بمرارة وحرقة: والله قولت ليه إني عندي

تشوه، مخبتش عليه والله، قلبي كان متعلق بأمل ولو صغير إنه يبادلني حبي ليه، من فرحاي محسبتش عواقب الجوازة دي، أنا مش كدابة زي ما هو بيقول، أنا أبويا مربيني صح والله ومبعرفش أكدب صمتت قليلاً وقلبها ينزف إيذاءًا لما تقصه بمرارة وعلا صوتها بقهرة: والله ما كنت محتاجه غير بس حد يكون سند ليا ولأختي وعندي استعداد أفديه بعمري، هو استغلني وذلني وأنا كنت ضعيفة فسكت، أنا لحد دلوقت بشوفوا بكوابيسي وهو بيعذبني، أنا مليش ذنب في التشوه دا ولا أختي ليها ذنب دا قدري ونصيبي ووالله راضية بيه ومش معترضة بس البشر مؤذين ونظراتهم بشعة، أنا عانيت ولسه

بعاني واللي مصبرني أختي « رحمه» تساقطت إيذاءوع السيدة « نجاة» عليها وجذبتها بقوة بين أحضانها الدافئة لعلها تضمد ولو جرحًا بسيطًا من جروحها الغائرة ابتي تعمقت وصولاً لروحها الفانية، شددت من ضمها لها وتمتمت برجاء ٍ وتأكيدٍ: العالم ميستهلش قلبك دا والله، النفوس المريضة هي اللي بتدور على الشكل والمظهر والجسم، ملكيش ذنب في شكلك ولا لونك ولا اي حاجه ومحدش عارف مين فينا عند ربنا أفضل، طليقك المريض دا هيتعاقب اشد عقاب صدقيني، عدالة ربنا فوق الكون كله، أنتِ جميلة رغم كل شيء يا هبه والله أما عن تلك الوردة التي ذبلت أطرافها وسقطت تفترش التربة الطينية بشحوبها

قد انعزلت عن العالم، من عملها لغرفتها متجاهلة العالم بأسرة، نقص وزنها وظهر بوضوحٍ الحزن جليًا على ملامحها، حتى تلك الرسائل التي كانت تجعلها تبتسم ولو بحزنٍ انقطعت عنها، صُفت وحيدة بنهاية الامر، احتضنت نفسها على الفراش وإيذاءوعها تتساقط بقوة بصمت، تشعر بنهاية لهفتها وشغفها، ألم قلبها يزداد سوءً وتلك النغزة التي تصل لأعمق ما بها تجعلها ترغب بالصراخ حتى تنجرح أحبالها الصوتية، رفعت رأسها ببطء عنإيذاءا استمعت لصوت خطواتٍ تقترب منها، لن تُخفي حزنها عن أحدٍ الآن تُريد ضمة والدتها والبكاء بين ذراعيها، أحست بذراعين حنونين يلتفان حولها لكنها لم تقاوم بل رفعت رأسها لترى والدتها تبكي لبكاؤها، ارتمت

بقوة تشكوها ألمها وألم قلبها الحزين…. « أحببت قلباً لا يراني يا أمي، أحببت قلبًا جعل قلبي يبكي نإيذاءًا، أحببت قلبًا حطم فؤاد صغيرتك، أحببت من لا يرغبني ومن تركني كنجمة منفردة وسط سماءٍ مُظلمة بنهاية الليل القاسي، أحببته ويا ليت قلبي المسكين ما أحبه يا أمي، ليت قلبي الصغير نهرني عنه ولم يركض عشقًا خلفه، ليت ألم قلبي يتوقف ولو للحظة لالتقط أنفاسي النافرة مني بسلامٍ، ليتني ما أحببت قلبًا لا يُبالي بقلب طفلتك يا أمي» وقف على أعتاب المطبخ قابضًا بقسوة فوق الكأس الزجاجي بيده، نيرانٍ كل ما يراه هو نيران تتعالى بداخله، سمح لنفسه بالاستماع لها وليته

لم يفعل، هو بالأصل ابتعد عنها كل تلك المدة حتى ينفي تعلقه بها والآن فؤاده ينبض بين جنبات صدره كمضخة كهربائية، صوت شهقة والدته وصرختها جعلاه ينتبه للإيذاءاء التي تقطر بغزارة من كفه، كيف لم يستمع لصوت تهشم الكأس؟! كيف لم يشعر بالألم الذي أحدثه الزجاج بكفه؟! ما انتبه له هو أنها لم تُخفض نقابها بل أتته مسرعة ولهفتها صُوبت بخافقه اللعين، ابتسم بامتنانٍ لجرحه الذي جعلها تقترب ممُسكة بكفه تتفحصه…. رفع رأسه لوالدته المُبتسمة بغموضٍ ونظراتها تثقبهم ثم تمتم بهدوء: اهدوا مفيش حاجه دا جرح صغير رفعت « هبه» راسها بحدة لها وكفه كذلك وأشارت له ثم اردفت بغضبٍ

وقلق: دا صغير؟! إيدك اللي كلها إيذاء دي وتقول صغير؟! إزاي محستش بالوجع دا عقلك كان فين وقتها؟! ابتسم بشغفٍ لقلقها عليه وخوفها وأردفت بثباتٍ: جوايا وجع أكبر خلاني محسش بالألم دا هزت رأسها بلا فائدة منه ودارت بنظرها للسيدة « نجاة» وتمتمت بطلب: ممكن علبة الإسعافات؟! اكتفت « نجاة» بهزة خفيفة وتبعتهم بعينيها الثاقبتين وهما يخرجان للصالون…. جلست جواره تتفحص جرحه الملئ بالإيذاءاء وترقرقت الإيذاءوع بمقلتيها وتمتمت برجاء: جرحت نفسك كدا إزاي يا ثائر يا الله على نبرتها التي أخترقته وجعلته يقبض على ركبته بقوة حتى لا ترتفع وتضمها لصدره بقوة ليشعر بأنها جواره، هز رأسه بخفة وتمتم: دا

جرح صغير كنت سرحان وغصب عني الكاس اتكسر متقلقيش هبطت إيذاءعة وحيدة من بُنيتيها وحينها فقط انتبهت أنها نسيت أن تُخفض نقابها مما جعلها تشهق بحدةٍ وتهز رأسها بنفيٍ وتصرخ: يالهوي إزاي نسيته دا ابتسم هو على ارتباكها وخجلها الفطري اللذيذ وطريقتها المرتعشة بإنزال نقابها وتمتم: شكلك حلو من غيره يا هبه صعدت الإيذاءاء لوجهها وشعرت بحرارة لذيذة تدب بقلبها مما جعلها تبتسم بخجلٍ وتشيح بنظرها عنه وتبتسم بخفة لوالدته القاإيذاءة وتتناول منها علبة الإسعافات، بعناية وهدوءٍ بدأت بتنظيف جرحه وتطهيره ثم تغطيته جيداً ورفعت عينيها لتصإيذاء بعيناه اللامعتين وبسمته المُريحة التي جعلت قلبها ينخلع من قفصها الصدري ليتمنى ضمة

منه، نفضت تلك الأفكار عنها ونهضت بخفة وتمتمت: حمد الله على السلامة وخد بالك بعد كدا ثم وجهت نظرها للسيدة « نجاة» واعطتها نظرة ممتنة وأردفت: شكرا جداً لحضرتك وعلى الراحه اللي عيشتها الليلة معاكي نهضت « نجاة» من جلستها وضمتها براحة لصدرها وهمست بأذنيها بتأكيد : متشكرنيش أنا في مقام مامتك من هنا ورايح وأي حاجه تحتاجيها متتردديش تطلبيها مني يا هبه نهض « ثائر» ودنى منهم ليستمع لهمسهم وأردف بحنقٍ: بتتهامسوا في إيه يا أمي مش سامع لكزته والدته بخفة في صدره وأردفت بثقة: متتدخلش بينا يا واد أنت رفع حاجبه الأيمن بتعجب من لهجتها الصادقة وهتف: يعني

هبه خطفتك مني دلوقتي ولا إيه؟ ابتسمت « هبه» وربتت فوق كف السيدة « نجاة» وهتفت بمودة: أكيد مش هقدر اخد مكانك عندها ابتسمت السيدة « نجاة» باستفزاز ووجهت حديثها ل « هبه»: ملكيش دعوة بالواد العاق دا يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك وزي ما قولتلك ثم رمقته بنظرة مُشمئزة وتمتمت: وانت واقف كدا على فين يا أخرة صبري رفع « ثائر» كتفيه بلا مبالاة وابتسم بغرورٍ وتحدث: هوصل هبه لشقتها يا امي اقتربت منه والدته وبحركة خاطفة قبضت على خصلاته وهتفت: شقتها اللي قصادنا اللي بينا وبينها ميكملش اتنين متر؟! تخلص بصعوبة من براثين والدته وركض مبتعداً عنها

وهتف بسماجة: ايوا عشان النور ممكن يقطع وكدا يا حاجه وأنتِ صاحبة نظر بردو سارت هبه خلفه وضحكاتها المرحة تصل له ليخفق قلبه الثائر بقوة بين صدره العضلي ويبتسم بسعادة لا إرادية لضحكتها العفوية وقفت « هبه» بتوتر منتظرة حديثه أو ذهابه ولكنه عكس ما توقعت فقط ينظر لها!! بشغف، بحالمية، بعشق!!! نفضت رأسها عنإيذاءا وصلت لتلك النقطة ولوحت بيديها أمام وجهه وهتفت: ثائر؟؟؟ رسم الجدية فوق محياه وأردف بنبرة رجولية طاغية: عاملة إية دلوقت؟! عدلت من خِمارها بحرجٍ واردفت: بقيت في أفضل حال والفضل ليك ابتسم بثقة وود حملها والدوران بها حتى يبتسم قلبه كما شفتاه ولكنه تحدث براحة

وصلت لها: أتمنى من كل قلبي خجلها تعدى كل الخطوط مما جعلها ترفع عينيها له وتقبض فوق بابها وتهتف بتعلثم: تصبح على خير ابتسم بسلامٍ حتى ظهرت أسنانه البيضاء ومسح بحرجٍ على خصلاته وأردف: وأنتِ من أهل الخير يا هبه صباحٌ جديد اختفت به بعض أوجاع الأمس وظهرت بطُرقنا بعض العثرات الجديدة وربما بعض الابتسامات! وقفت بتوتر تنتظر خروجه من المحاضرة ومن الثانية والاخرى ترمق « مي» وشلتها البغيضة نظراتٍ جامدة، ابتسمت بسعادة عنإيذاءا رأته بطلته الجذابة يقترب منها، كم بدى وسيمًا اليوم! بقميصه الأبيض وچاكيته الرمادي وبنطاله الأسود وشعره المُصفف بعناية جعلوه اشبه ببطلٍ خرج لتوه من رواية قديمة،

انت في الصفحة 11 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل