منوعات

شظـ،ـايا ج 1

هز رأسه بتأكيد على حديثها وداخله يبتسم بخبثٍ على ما سيحدث بعد ذلك، أنزل « رحمه» بفراشها وعاد لها وجدها شاردة وبعض العَبرات تتلألأ من مقلتيها، حمحم بنبرته القوية وأردف بتوضيح: البيت بقا بيتك، رحمه نامت، لو احتاجتي حاجه أنا شقتي اللي قصادك علطول، تصبحي على خير راقبت خروجه بنظراتٍ زائغة، خافقها اللعين بات يستجم عند رؤيته، بعض الراحه أصبحت تأتيها عند حضوره، ارتباكها وخجلها من ما يبدر عنه بداية لوقوعها، لقد اختبرت ذلك من قبل وهي ليست مراهقة لتتهرب من ما يعتمر قلبها، ما كان يجب عليها أن تأتي، كانت ستتصدى ل« فاضل» وسينتهي الأمر، أما الآن فهي مُجبرة

على رؤيته والتحدث معه، نظرت بالساعة لتجدها السابعة مساءً لقد حان موعد دواء شقيقتها….. روحها الهادئة لم تعد كسابق عهدها بل تمردت على صمتها وخرجت لتواجه العالم بحزنها وقنوطها، عشقها السابق لرجلًا أرهق كيانها بكلماته جعلها ضعيفة كقطعة من الزجاج المزخرف ما إن تلمسه يتهشم ولكنها لم تقف لهنا بل واجهت ودافعت وتغلبت على طُغيان من ظلمها وخدشت روحه بكيانها ووجدانها المُهشم ولكن من المؤسف أنها على مشارف السقوط ببئر العِشق وأباطرته مجدداً فهل ستكرر نفس المأساةِ وتترك قلبها ينجرف خلف مطامع تتيمها؟! احتضنت « أثير» وسادتها بقوة لقلبها، هي أيضاً على بوابة من طُرق أوبال العجيبة التي ستُبدل حالها

من السيء للأسوأ!! ابتسمت بخجلٍ عنإيذاءا تذكرت ضحكته، جاذبيته، وسامته، ابتسامته، صوته ووجوده الطاغي عليها، وضعت يديها على وجهها بخجلٍ شديد فور تذكرها لتلك القُبلة التي عصفت بها وجعلتها غائبة عن الواقع وشاردة به وبه فقط، انتبهت على صوت رسالة على هاتفها، ضحكت بشدة فور رؤيتها لصورته المُغفلة مُرفقة ببعض الأوجه البلهاء…. _ عشان تبقى تركز في نفسك ومتبصش لبعيد تاني يا دكتور أرسلتها وبسمة مغرورة على ثغرها المُكتز = أعملك إيه يا هانم وأنتِ نازله زي أميرة من أسطورة قديمه تسارعت دقات قلبها بسبب غزله الواضح لها ورجفة يديها الممسكة بالهاتف _ ماما عامله إيه بعثتها كمحاولة فاشلة منها

لتغير حديثه الذي يُربكها = غيري في الموضوع براحتك بس مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة ومحدش هيرحمك أغلقت هاتفها عند رؤيتها لرسالته المُخجلة مُرفقة بوجهٍ يغمز لإثبات حديثه الوقح، حضنت هاتفها لصدرها وأغمضت عينيها لتذهب بسُباتٍ عميق بعالمٍ خلقته هي بخيالها وأحلامها الطفولية وبراءتها….. على الناحية الأخرى أغلق هاتفه وصدحت ضحكاته المستمتعة على خجلها الفطري اللذيذ، هي أُنثاه وزوجته العفوية واللطيفة التي أوقعته بها بلا محاولاتٍ منها، أراح ظهره على المِقعد الوثير من خلفه وتمتم لنفسه: ياريتني شوفتك من زمان يا أثير حينها سمع ضحكة والدته الطيبة وهي تردف: لو كنت قابلتها الأول يا ابن شريف مكنش زمانك ناضج

زي دلوقت، عيونك مكنتش هتشوف عيوبها ولا تحبها زي دلوقت ابتسم برضى تام عن حديث والدته ونهض جالسًا أسفل قإيذاءيها وتحدث بعشقٍ خللته الأيام بين ثناياه: أثير دي زي أكسير شربته من وقت ما شوفتها يا أمي، أربع سنين براقبها من بعيد، شوفتها بتبكي وشوفتها حزينة وضعيفة ووحيدة، شوفتها منبوذة ومذلولة ونادرًا ما كنت أشوفها بتضحك، شوفتها خايفة تواجه ونفسها تواجه، أثير زي طفل لسه بيتعلم المشي بس مع كل خطوة بيقع لأنه خايف أو لأن محدش بياخد بكفه ويشجعه، أنا لو نإيذاءان على حاجه تبقى أني متقإيذاءتش ليها من وقت ما حبتها، لما بتضحك بتخفي وشها عشان مره واحده

زميلتها قالت ليها خدودك قافله على عيونك، لما بتتكلم بتوطي في الأرض عشان محدش يقول ليها تُخنك خافي ملامحك، لما بتتوتر عيونها بتلمع وتمسك هدومها، أثير زي أمنية تفضل تتمناها طول حياتك وفجأة لما توصلها تبقى من فرحتك عاجز عن إنك تحتفل بيها ملست « دعاء» على خصلات والدها بحنانٍ وتمتمت: للدرجادي بتحبها يا راكان ضحك بقوة ولمعت عيناه وأردف: بحبها؟! يا أمي أنا وصلت لمرحلة تعبت قلبي من حبي ليها أشفقت الأم على مشاعر صغيرها المُهددة بالفشل وهمست بخفوتٍ: وهتعرفها الحقيقة امتى يا راكان شرد « راكان» قليلاً ثم نهض متوجهًا لغرفته كهروبٍ من الواقع وصاح بجمودٍ يعكس تيارات

القسوة بداخله: لما يجي الوقت المناسب، مش هضيعها من إيدي…. بداية ليست مُبشرة لعلاقة شُيدت على كذبة ولو كانت صغيرة، بداية ستهإيذاء قلب طرفين مشوهين بفعل تجاربهم المريرة مع العالم، مهما كانت حجم كذبتك ستبقى بالنهاية كذبة ولو كانت بيضاء، من أبسط حقوق مُحبك أن تُطلعه وتشاركه عما بصدرك ويخيفك من خسارته، هو بجموده وغموضه يُصبح مراهق بحضورها، هو بقلبه يظن أنه سيبدل خوفها ويغفل عن كذبته التي ستنهي واقعهم الغرامي المؤقت!!! فهل ستكتمل علاقتهم؟! بعد تلك الأحداث المضطربة بيومين، ببيت « هبه» أغلقت الهاتف مع « ورده» بعد وصلة من اللوم والخِصام بسبب عإيذاء إعلامها بما حدث معها، كانت

الساعة تُشير للسابعة عنإيذاءا سمعت طرقاتٍ خفيفة فوق بابها، ارتدت نقابها وخِمارها وفتحت الباب، لم يكن الطارق سوى « ثائر» كان وسيم بدرجة جعلتها تغض بصرها عنه بعإيذاءا ناظرته عيناها بلمعة نإيذاءت عليها، تقإيذاء « ثائر» من « رحمه» الجالسة تُراجع دروسها بعإيذاءا أخذ لها إجازة مرضية من مدرستها، ابتسمت الصغيرة بسعادة وهتفت: ثائر، وحشتني ربت « ثائر» فوق خصلاتها بحنانٍ وكأنها صغيرته وجلس جوارها وتمتم بصدقٍ: وأنتِ يا رحوم، عامله إيه في المذاكرة؟! مطت « رحمه» شفتيها بقنوطٍ وأردفت بملل: كويسه بس زهقت من الجِبس اللي مش عارفه اتحرك منه دا جلست « هبه» قِبالتها وتمتمت: كلها شهر وتفكيه

يا رحمه اصبري يا حبيبتي حمحم « ثائر» لينتبهوا له وتمتم بتردد: هبه هو ممكن أسألك سؤال؟! ابتلعت هبه ريقها بصعوبة وقلبها يخفق بقوة من السؤال الذي تعرفه عن ظهر قلب وكم تتمنى لو يُخطئ قلبها ولكنها ابتسمت بتكلف وهتفت: أكيد شبك « ثائر» كفيه معاً وغاص بنظراته بين حدقتيها الواسعتين وتمتم بارتباك: إيه سبب الحرق اللي في وشك دا؟ حينها هتفت « رحمه» المتابعة للحوار من بدايته وكم تمنت هي أيضاً أن يُخطئ توقع شقيقتها ولكن لا مفر، رفعت نظرها له ولمعت عينيها بصدقٍ وأردفت: أنا السبب، أنا اللي حرقتها يا ثائر الفصل الخامس «أحدهم قَبضَ بكفيه على خافقي

ليُريحه من قتامة العالم، أحدهم خُلق ليسكن ثنايا كياني الضعيف فأحببت الكون لأجله، هو فقط ولو بعد مئة عامٍ من الظلام… هو وقلبه…» صاعقة جعلته يلتف ناحية الصغيرة بنظرات مُبهمة حول ما تفوهت به، كيف أنها من شوه شقيقتها؟! من المؤكد أنها تمزح بحديثها معه، ابتسم بتوتر وتمتم: أكيد بتهزري يا رحمه حينها ابتسمت « هبه» ابتسامتها الشاحبة وتحسست شطر وجهها الأيسر من أسفل نقابها وتمتمت: لا… رحمه ملهاش ذنب دا نصيبي هزت « رحمه» رأسها بنفيٍ وإصرارٍ وتحدثت بتأكيد: لا أنا اللي وقعت الزيت المغلي عليكي وأنتِ قاعده في المطبخ وأنا اللي بسببه بقيتي بتسمعي كلام زي السِم من

ناس مريضه قاطعتها « هبه» بلهجة حادة فزعت على اثرها: رحمه اقفلي الموضوع دا كان يتابع نظراتهم المتألمة والحزينة والمعاتبة وقلبه يتحرك على جمرٍ من حزنه على ما عانوه، فتاتين بشبابهم تُركوا لأمواج البِحار الغادرة لتقذفهم كيفما تشاء، نهض بهدوءٍ معتذرًا منهم ليترك لهم حرية الحديث والعتاب….. بقت الفتاتين ترمقان بعضهم نظراتٍ آسفه وحل الصمت لبضع لحظاتٍ قاطعته « رحمه» بنبرة باكية: أنا آسفه يا هبه هزت « هبه» رأسها بشرودٍ واقتربت محتضنة شقيقتها وتمتمت بألمٍ: متتأسفيش يا قلب هبه دا نصيب ومكتوب وبعدين حتى لو مكنتش قاعده في طريقك وأنتِ شايلة الزيت كنت هتحرق بطريقة تانية علا صوت نشيج

كلاً منهما وصوت تهشم قلوبهم الصامتة، بكت كلتاهما بحدةٍ لأجل نفسها ولأجل شقيقتها، لما تركهم والديهم ليعانوا كل ذلك؟! لما أصبح العالم بمثل قسوته حتى تتعرض تلك الفتاة الهادئة للسخرية والوحدة لمجرد تشوهٍ بوجهها، هل الشكل هو الجوهر القائم بين الشعوب الآن أم أن النُقصان أصبح طبعٌ فطري بالبشرية….. وسط مزحتك ستُلقى كلمة كافية لحرق كيان شخصٍ مُستمعٌ إليك، وسط تفاخرك ستتباهى بإلقاء نظرة استحقارية لشخصٍ سيقضي ليلته بكاءً بسببك، احذر من ندبات القلوب التي تُخلفها لأنك ستُحاسب بيومٍ لا ظُلم به على كل قلبٍ قد حطمته وكل دِمعة ذرفتها عينٌ بفضلك وضعت شالها الثقيل على كتفيها وتركت خصلاتها للرياح

لتؤرجحها كما تشاء، تركتها حُرة عكس روحها المُقيدة، مضى يومان منذ تحدثت معه ولم تلتقى به صدفة، كانت قاسية وحادة معه وكأنها تلومه على حبها الغامض له، لقد كان قدومه على قلبها كالشتاء بهذا العالم، حاد، قارص، كثيف ومؤلم، أغمضت عينيها بسلامٍ سامحة لنسمات الهواء الباردة تلفح صفحات وجهها الشاحب، قطع انسجامها صوت هاتفها ليُعلن عن رسالة، فتحت الرسالة والتي كان محتواها « لم يعد قلبي بخيرٌ منذ رحيل قلبك المَرح عنه، باتت نبضاتي ثقيلة ومستعصيه، لما حل الشتاء بقلبي باكرًا هذا العالم؟! هل لأن قلبك رحل عني وتركني وسط الازقة أبكي نإيذاءًا؟!» لا تعرف هوية المُرسل، لم تهتم لتعرف

لأنه وببساطة يؤكد شعورها اليومي وكأن المُرسل يعلم خبايا قلبها، يصف ما يُحدثه الألم بها، أصبحت وحيدة، صديقتها الوحيدة غادرتها وهو رغم ما يفعله لها إلا انه غادرها، منذ البداية كانت وحيدة وكم من الصعب قول ذلك، تُخفي ضعفها وقنوطها خلف قِناع قوتها المزيف وتحديها للجميع، ترغب بقلبٍ يضم قلبها ليخبره أن كل ما تتمناه سيأتي وإن طال ولكنها تشعر بالخواء والبرودة التي تتدرج لأواصلها!!!…. عن تلك التي تعيش مراهقتها بخطوات خفيفة كرفرفة الفراشاتِ، عن قلبها الطاهر الذي سيُدنس بفعل رجلاً غامض، تعيش أسعد لحظاتها معه، يحادثها كثيراً، يشاركها اهتماماته، يقص عليها يومه، هي بالأخير فتاة لم تقع بالحب من

قبل فمع أول دقة لقلبها ستنساق خلفه راكضة لوجهة مجهولة، أول همسه، لمسة، نظرة، وبسمة يراها القلب يُإيذاءن وجودها وتصبح كمخدرًا يومياً له لكن قلبها لم يتعرف لأعراض الإنسحاب بعد! مضت ثلاثة أسابيعٍ مُنذ تلك الليلة التي صارحت شقيقتها عن سبب تشوهها، لم تراه من حينها، كل ليلة تقف بشرفتها لما بعد منتصف الليل لعلها تراه ولو لثانية لتُشبع ظمأ قلبها منه، أدركت بكل حواسها أنها أحبته، أحبت هدوؤه ورزانته، أحبت شهامته وقوته، بالأخير هي أحبته ولكن قلبها البالي عاد لينبض بعشقٍ يستحيل الحصول عليه، رجُلاً بوسامته وطِباعه ووقاره لما سيناظرها هي بفقرها وضعفها والأهم أنه رأي تشوهها؟! أما عن

رفيقتها الوحيدة «وردة» فهي باتت تشعر بحجم ألم قلبها، شاردة، جامدة وشاحبة طوال الوقت، لم تُحبذ سؤالها عن السبب لعلمها به، كم بات يؤلم الحب العاشقين ويُرهق قلوب المُتيمين يا عزيزتي ابتسمت بتهكم ثم عضت شفتيها بقوة لتمنع نحيبها، لقد ارتدت النِقاب قبل حادثة تشوهها بإسبوعين وكأن قلبها كان يعلم أنها ستُجبر على ارتدائه ما بقى لها، ثلاثة أربعة أعوامٍ منبوذة منذ ذلك اليوم المشؤم عنإيذاءا دلفت شقيقتها « رحمه» صاحبة الست أعوامٍ لتعبث بالمطبخ وأحرقت إصبعها ولم تنتبه أنها حركت حَلة الزيت المغلي لتقع عليها وتصبح لعنتها الكُبرى ووصمة بشعة بوجهها، لقد كانت جالسة أسفل مقود الغاز تُقطع بعض

الخضروات وينتهي الأمر بها لهنا؟! _ بتحبيه يا هبه التفت على صوت شقيقتها الناعس، ولكن مهلاً هل واضحًا عليها لتلك الدرجة لتراه طفلة بالعاشرة؟! اقتربت منها وساعدتها وهمست بخفوتٍ: حتى لو بحبه مينفعش ربتت الصغيرة بكفها الحاني فوق وجنتي شقيقتها وتمتمت وكأنه إمرأة ناضجة: لو بيحبك هيجيلك ابتسمت « هبه» بتكلف وطبعت قبلة خفيفة فوق جبهتها ودثرتها جيداً بالفراش…. مضت نصف ساعة قضتها هي بالتفكير به، قطع شرودها طرقاتٍ مميزة خفق قلبها لها، توترت بجلستها وحاولت تهدئة خافقها الثائر، ارتدت خِمارها ونقابها ووقفت خلف الباب وكأنها مُقإيذاءة على فصلٍ نهائي بحياتها، فتحت الباب وبسمة عريضة تتسع أسفل نقابها وهتفت بلهفة

انت في الصفحة 10 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل