
أشاحت أمنية ببصرها خجلاً بعيداً عن مرمي عيناها، فـ استرسل بدموعها التي خانتها وسالت فوق وجنتيها بهدوء:
-كنتوا بتحسوا بإيه في كُل مرة كُنا بنتجمع فيها وناكل علي سُفرة واحدة من نفس الطبق؟!
بنبرة قاسية وجبروت تحدثت الأم:
– إبني ما عملش حاجة غلط يا ريهام،إبني إتجوز علشان يخلف له حِتة عيل يشيل إسمه ويورثه ويحافظ علي تعبه وشقاه
إتسعت عيناها بذهول ثم هتفت باستنكار وهي تُشير علي حالها:
-وأنا فين حقي،فين حق وقفتي معاه بعد ما دمرني وكان السبب في إن عُمري ما هكون أم طول حياتي؟!
أبعدت الأم بصرها بعيداً ثم أردفت بملامح وجه صارمة:
-إبني مالوش ذنب في اللي حصل لك،ده نصيبك اللي ربنا كاتبهُ لك ولازم ترضي بيه
وأنا رضيت،المهم إنتوا كمان ترضوا…جُملة نطقتها بكل شموخ مما جعل الجميع ينتبه لها بإنصات فاسترسلت بقوة:
-إبنك قبل ما يتوفي كتب لي كُل أملاكه بيع وشرا ومحامي الشركة سجلها في الشهر العقاري من يومين
كلام إيه الفارغ اللي بتقوليه ده يا سِت إنتِ؟…جملة غاضبة نطق بها الحاج راجح الذي دخل من البوابة للتو بعدما إنتهي العزاء الذي أُقيم بحديقة المنزل الواسعة بالخارج،يجاورهُ نجلاه حيثُ يسانداه لكِبر سِنه،صالح نجلهُ البكري،وحسن نجلهُ الأوسط
وتلاهم بالدخول عُمر شقيق ريهام الأوحد
وقفت بمقابلته وتحدثت بإبتسامة ساخرة:
-ده مش كلام فارغ يا عمي،دي حقيقة وموثقة بأوراق رسمية ومختومة بختم الدولة
هتف بحدة مكذباً إياها:
-كذب،كل اللي بتقوليه ده كذب وماحصلش
واسترسل بتأكيد:
-ما هو بالعقل كدة،إيه اللي يخلي واحد عنده إبن يروح يكتب كل أملاكه لواحدة عاقر زي الأرض البُور وعمرها ما هتطرح؟!
إبتسمت بألم علي وصفها المؤلم والمُهين الذي تفوه به ذاك المتجبر دون مراعاتهُ لشعور تلك المبتلية،أردفت بنبرة جاهدت لإخراجها جادة:
-للأسف،الوحيد اللي كان يقدر يجاوبك علي سؤالك ده هو عُثمان بنفسه
واسترسلت وهي ترفع ساعديها للأعلي بلامبالاة:
-كدة ما فيش قدام حضرتك غير إنك تصدق الورق الرسمي وموظف الشهر العقاري اللي جه الشركة واتأكد بنفسه من موافقة عُثمان،وتقدر حضرتك تروح بنفسك تسأله
جحظت عيناه وهتف بنبرة حادة:
-موظف فاسد ورشتيه أكيد،ولو فاكرة إن علي أخر الزمن حِتة عيلة زيك هتضحك علي عقل الحاج راجح المنياوي تبقي عبيطة،وأنا من بكرة هقدم فيكي بلاغ وهوديكي في ستين داهية
واستطرد بريبة:
-ومش بس كدة،ده أنا هقدم بلاغ وأتهمك فيه إنك كُنتي السبب في موته
ثم ضيق عيناه واسترسل بنبرة إتهامية:
-مش يمكن تكوني إنتِ اللي قتلتيه بعد ما عرفتي إنه إتجوز عليكِ واستغليتي غياب مراته وروحتي ضربتيه بالنار،علشان تخلصي منه وتلهفي كل حاجة لوحدك؟!
بكامل صوته صاح عمر شقيق ريهام:
-خلي بالك من كلامك يا حاج راجح،ولو كُنت فاكر إن أختي ما ورهاش رجالة تبقي غلطان
بنبرة حادة هتف حسن شقيق عُثمان:
-الراجل اللي بجد ما يقبلش إن أخته تزور ورق وتفتري علي راجل بقي بين إيدين ربنا،علشان تنتقم وتاكل حق العيل اليتيم وتحرم أبوه وامه من حقهم في ورثهم الشرعي
هتفت تلك الغاضبة بنبرة حادة بعدما فاض بها الكيل:
-هو إنتم ما بتفتكروش الشرع وتتبعوه غير في اللي يفيدكم وينفعكم وبس؟!
واسترسلت شارحة بإبانة وهي تنظر إلي راجح موجهة حديثها إليه:
-وبالنسبة لموضوع جواز إبنك عليا فأنا إتفاجأت بيه قدامكم كلكم في القِسم وده كان واضح جداً من رد فعلي