
الفصل السابع عشر
#الفراشة_شيماء_سعيد
#سند_الكبير
+
قبل ساعتين بمنزل سناء..
كانت وعد على نفس حالتها تبكي بصمت لتـ,ـدلف لها سناء قائلة بشفقة :
_ وبعدين معاكي يا دكتورة اللي بتعمليه ده غلط عليكي قبل ما يكون غلط على اللي في بطنك..
ظلت شاردة كما هي لا ترى أمامها الا صورتها وسند يضعها أسفل قدميه قائلا :
_ أخلصي خليني أشوف ليلتي..
ظلت تحرك يدها على قدميه بالماء الساخن قائلة برجاء :
_ بلاش يا سند لو ليا خاطر عندك بلاش ما أنا تحت رجلك أهو وبعمل كل اللي أنت عايزه..
قذفها بعيدا وقام من مكانه يبحث بعينه عن شيء حتى وصل إلى كرباجه المفضل الذي يعاقبها به بعدما وجدها وهي تحاول الهروب منه، بلحظة واحدة صرخت من شدة الألم قائلة :
_ حرام عليك بقى حرام عليك مش قادرة.. أنا حامل
زاد من ضربه لها وهو يردف بتجبر :
: حامل في بنت بومة زيك، اياكي اسمع لك صوت لحد ما أدخل بعروستي لو شوفتك هقتلك يا وعد.. فاهمة..
ظلت تحرك رأسها بقوة وهي تردد :
_ فاهمة بس ابعد عني ارحمني أبوس رجلك..
أقربت منها سناء متعجبة من حالة الانهيار التي أتت لها فجأة مردفة بقلق :
_ مالك يا دكتورة وعد فيكي ايه أنتِ معايا في بيتي محدش هيقدر يعملك حاجة..
كانت وعد خارج التغطية لا يصل إليها الا كابوسها بسند الكبير، ضربت بطنها فجأة وهي تصرخ :
_ حاضر هنزل اللي في بطني بس أنت ارحمني أرجوك..
عادت للواقع على صريخ سناء وهي تقول برعب :
_ يا لهوي يا لهوي أنتِ بتنزفي يا دكتورة..
فتحت عينيها وألقى نظرة سريعة على خيط الدماء الرفيع الذي يسقط من بين ساقيها هامسة :
_ بنتي راحت زي ما انت عايز يا سند…
_____ شيماء سعيد ______
عودة للوقت الحالي..
دلف سند الكبير للوحدة الصحية التـ,ـي انقـ,ـلبت رأسـ,ـا على عقـ,ـب بمجرد دخول زوجة كبيرهم، أقترب من الغرفة المتواجدة بها وعد لتخرج له الطبيبة فور علمها بقدومه، نظر إليها منتظر حديثها لتخفض عينيها مردفة بتوتر:
_ البقاء لله يا سند بيه للأسف الجنين نزل..
زلزال عنيف أصابه، هذا الطفل الذي كان يسكن أحشائها كان طرف الخيط الرفيع المتبقي بينهما، حلمه بسند له وللكفر من بعده مات بنفس اللحظة التي علم بوجوده فيها..
هل هي حزينة الآن على موت طفلهما أم تحمد الله على فرارها منه؟!.. لأول مرة يحاول الثبات وتفر تلك الدمعة رغماً عنه، أعطى ظهره للطبيبة لعدة لحظات قبل أن يعود لهيبته المعتادة وينظر إليها مردفا :
_ مات إزاي؟!..
حدقت به بدهشة مردفة:
_ يعني ايه يا بيه مش فاهمة؟!..
_ هو إيه اللي مش فاهمة سبب نزول إبني إيه يا دكتورة؟!..
هنا عاد جسدها للارتجاف لا تعلم ما تقوله، نظراته بمفردها ارعبتها فكيف سيكون حال تلك المسكينة النائمة بالداخل؟!.. حاولت أخذ أنفاسها المسلوبة ثم قالت :
_ بصراحة يا سند بيه المدام حالتها النفسية مش كويسة خالص، دخلت في نوبة غريبة وفضلت تضرب بطنها والطفل كان في أول شهرين مقدرش يتحمل ده ونزل، بس متقلقش حالة الرحم كويسة جدا وتقدر تحمل على طول بعد ما ترتاح شوية..
كل هذا لا يهمه فقط وقف عند جملة واحدة ” فضلت تضرب بطنها” هي من قتلته، وعد كانت متعمدة تنهي حياة طفله، لم يكن رغماً عنها بل كان بكامل اردتها، قتلته وقتلت معه أخر باب مفتوح للرحمة بقلبه همس بقوة :
_ قصدك قتلت ابن سند الكبير، اكتبي لها على خروج حالا..
_____ شيماء سعيد ______
بمنزل الكبير..
كانت تجلس همت مثل عادتها الأخيرة بعيدا عن الجميع بالحديقة، إلى أن رأت سند يدلف وهو يحمل وعد، ركضت إليهما بلهفة قائلة :
_ أبية هي وعد مالها أنت عملت فيها إيه؟!..
رغم أن حالته كانت خارج السيطرة الا إنه سالها بتعجب وهو يكمل طريقه للداخل :
_ وأنا هعمل فيها ايه يعني يا همت؟!..
حركت راسها بتعب أعصاب وهي تحاول الاطمئنان على وعد ثم همست بتردد :
_ أنت ممكن تعمل أي حاجة لأي حد يقف قصادك يا سند مهما كان هو بالنسبة لك إيه..
صدم نعم صدم هل همت من قالت هذا؟!.. ألقى عليها نظرة سريعاً بها الكثير من العتاب ثم أشار إليها لتفتح باب الجناح ودلف دون رد، شعرت بمرارة جملتها بحلقها لتقترب منه قائلة بندم :
_ سند صدقني أنا مكنتش أقصد أنا بس…
وضعت وعد فوق الفراش ثم رد عليها بهدوء :
_ عندك حق بس أنتِ ووعد مش أي حد لو هبقي ضعيف قصاد قرار هيبقى القرار ده يخصك..
أكمل حديثه وهو يراها تحاول أن تتحدث :
_ لينا كلام كتير مع بعض بس مش النهاردة بالذات يا همت، لو خسرتك النهاردة هبقي خسرت كل حاجة كفاية اللي راح مني في الكام ساعة دول لحد كدة..
أومات إليه ثم اقتربت منه مقبلة أعلى رأسه وخرجت من الغرفة، أخذ نفس طول وجلس على المقعد المقابل للفراش منتظر رؤيته لعينيها لعله يري بهما إجابه تريح قلبه…
_____ شيماء سعيد _____
بعد ساعتين…
عادت وعد للوعي ويا ليتها لم تعد، تذكرت ما حدث هي قتلت جنينها، ذهب منها بلحظة غفلة كان سند الكبير هو شيطانها الذي حسها على ذلك، وضعت كفها على بطنها قائلة :
_ ماتت صح؟!.. بنتي ماتت هي أرتاحت وأنا لأ ليه؟!.. خسرتي تاني يا وعد خسرتي والمرة دي كل حاجة، قتلتها…
لمحت صورة لسند على الحائط!!… وصل إليها؟!.. هذا هو منزله، بعقل مجنون أخذت الفازة الموضوعة بجانب الفراش ثم القتها على صورته لتبقى ألف قطعة..
_ أحسن….. أنت اللي تستحق الحسرة يا سند مش أنا..
انتفض جسدها بفزع على أثر غلقه للباب خلفه ، حاولت القيام من مكانها إلا أن أعصابها لم تسعفها على ذلك ، مرعب الموقف حقا أكثر من مرعب..
ابتلعت ريقها ميشرة إليه بأن يعطي لها فرصة بسيطة للدفاع عنها نفسها ، أشار إليها بالصمت ثم أردف:
_ هربانة من جوزك شهرين ويوم ما أوصل لك تبقي بتنزلي إبني..
رغم كثرة الحديث بداخلها ورغم وجع كل جزء من جسدها بعد المراحل التي مرت بها اليوم إلا إنها قالت:
_ من حقي أختار أبو ولادي وأنا شايفاك ماينفعش تبقي زوج ولا أب ولا إنسان أساسا..
يا ليتها صممت أو كذبت ، كان سيقبل منها أي تبرير إلا ما قالته ، أزال العباءة من على جسده ثم حرك رأسه يميناً ويساراً قائلا وهو يقترب منها بخطوات يعلن بها أنهما على حافة الهاوية:
_ عايز عيل بدل إللي راح يا وعد ، ومش هييجي إلا منك..
نظرت اليه بكراهية واضحة ثم همست بالقرب منه :
_ هنزله برضو اللي زيك لأزم نسله يتقطع، أنت مريض والعالج خسارة فيك..
أبتعد وضحك بجنون، توقع الحرب مع الجميع الا معها هي سألها بنبرة مريبة :
_ مش عايزة عيال مني ليه؟!…
سقطت دموعها وارتجف صوتها وهي تقول :
_ يمكن عشان ده الصح، إبني مش هيبقى منك، دور الجارية اللي انت رسمه مينفعش أكون البطلة بتاعته يا كبير…
صرخ مثل الطير الجريح :
_ كنتي هتبقى سلطانة بحبي ليكي وبوجود العيل ده بنا..
_ صرخت باعتراف قتل ما تبقى منه :
_ بس أنا بكرهك يا سند…
______ شيماء سعيد _______
الفصل الثامن عشر
#الفراشة_شيماء_سعيد
#سند_الكبير
+
أسبوع كامل مر وهو بعيدا عنها كل البعد، لم ينهرها أو يحاول الاعتذار منها، بدأت مرحلة جديدة من العذاب بينهما وهي البعد.
وقفت مثل عادتها الجديدة بالشرفة تنتظر قدومه تراه فقط ثم تنام على فراشها بسلام، دق باب الجناح التفتت بلهفة لعله هو، خاب أملها عندما فتحت الباب ورأت همت أمامها تقف باعين باكية..
أخذتها وعد للداخل وهي تقول بتوتر :
_ مالك معيطة ليه بالشكل ده؟!..
نزلت دموع الأخرى بتعب وشهقاتها ترتفع شيئاً فشي، فتحت وعد ذراعيها لها بلا كلمة لتلقي بنفسها داخل أحضانها تبكي وتبكي حتي تعبت، تنهدت وعد قائلة :
_ ها مرتاحة دلوقتي وحاسة إنك احسن؟!…
أومات برأسها لتبعدها وعد مردفة :
_ طيب الحمد لله قوليلي مالك بقى؟!..
أخذت همت شهيق طويل بعدها قالت :
_ أنا عايزة أتجوز حمد..
ابتسمت وعد بسعادة :
_ طيب بتعيطي ليه يا عبيطة، مش حمد ده حبيبك واهو رجع أتجوزوا..
_ سند مش هيقبل..
زفرت وعد بضيق مرددة :
_ مش هيقبل ليه مش حمد ده حبيبك وهو عارف كدة وكان قابل بيه ايه اللي أتغير بقى…
انهارت همت في البكاء من جديد وهي تهمس :
_ أنتِ مش فاهمة حاجة خالص، الموضوع طلع أكبر من كدة بكتير..
حركت وعد كفها على ظهر الأخرى وقالت بنبرة حنونة :
_ طيب أهدى وقوليلي في إيه وأنا هفهم على طول، ويمكن كمان أقدر أساعدك..
توترت همت بالبداية وترددت بقول ما قاله حمد، فمهما حدث وعد زوجة سند ومن الممكن تأخذ عنه فاكرة خطئة خصوصاً بتلك المرحلة التي يمروا بها، شعرت بها وعد وقالت بصدق :
_ متخافيش وصدقيني هقف جنبك..
أومات لها وقالت كل شيء لتقوم وعد من مكانها بصدمة، ربما رأته يعذب رجل من قبل، عاشت بين يديه وظهر لها الجانب المظلم منه، الا قتل الروح لم ولن يفعلها، ولكن حمد هو الأخر عاشت معه سنوات، كان دائماً خير الظهر والسند هل بالفعل سند هكذا، حركت رأسها سريعا برفض ثم قالت :
_ أكيد في حاجة غلط أو سوء فهم سند مستحيل يبقى كدة.. تفتكري سندك هيبقى وحش كدة يا همت؟!..
حركت رأسها سريعا برفض وهي تقول :
_ سند مش بس أخويا ده كل دنيتي..
ابتسمت لها وعد مردفة :
_ يبقى تعالي ننام مع بعض النهاردة وأنسى الكلام الفارغ ده من دماغك..
STORY CONTINUES BELOW
ضحكت همت قائلة بخجل :
_ طيب وأبيه هينام فين؟!..
ردت عليها الأخرى بسخرية :
_ لأ ده غضبان عند أهله سيبك منه ويلا نعمل حاجة مفيدة بدل الكلام عليه..
_ زي ايه؟!..
_ اتكلمي معايا عن الحرباية بنت عمك وتفاصيل جوازه منها…
____ شيماء سعيد _____
بالمندرة الخاصة بسند..
كان صامت يتابع قول أحد الرجال :
_ يا كبير دي بت عمي وأنا أولى بيها من الغريب..
أشار اليه بالصمت ثم نظر الي والدتها لتقول بخوف :
_ من يوم ما أبوها مات وإحنا عايشين في خيرك يا كبير، أكل وشرب وعلام، لكن اسأله هو وابوه فين ورث بنتي هو عايز يتجوزها بس عشان تبقى تحت رجله، حمدي ابن اختي مربيها على ايده وبيعشق التراب اللي بتمشي عليه..
تدخل ابن العم قائلا :
_ ايه التخاريف دي يا ولية يا خرفانة، بت عمي محدش ياخدها غيري..
باشارة من كف الكبير صمتت كل القاعدة ليقول هو :
_ هاتي سمر بتك يا عزيزة والكلمة الأخيرة هتبقى ليا انا مش عايز صوت بعدها…
حركت عزيزة رأسها مردفة بطاعة :
_ أمرك يا كبير أمرك..
دقائق وكانت الفتاة تقف، نظر لها سند لتجلس على المقعد المقابل له ثم قال بصوت وصل للجميع :
_ عايزة مين فيهم يا سمر؟!..
تعالت دقات قلبها ونظرت لوالدتها التي بعثت لها نظرة حنان لتأخذ نفس عميق قائلة :
_ ولا واحد فيهم أنا عايزة أكمل تعليمي وأبقى زي الدكتورة وعد..
صرخت عزيزة :
_ إيه الكلام ده وابن خالتك يا قليلة الأدب..
_ أنا مش قليلة الأدب ياما، حمدي على عيني ورأسي ولو يستنا لحد ما أوصل لأحلامي مش هبقي لغيره، لكن لو مش قادر يبقى ربنا معاه..
قبل أن تتحدث عزيزة قال سند :
_ رايك ايه يا حمدي..
رد بصوت يفوح منه العشق :
_ هستنها العمر كله..
_ يبقي خلاص سمر لحمدي وأنت يا ابن زهران ورث بنت عمك يبقي عندي الليلة..
رحل الجميع لياخذ نفسه بتعب، دائماً عادل ومعها هي يجعلها تعيش كل أنواع الظلم، فاق على صوت فخر الذي قال :
_ ممكن أتكلم معاك شوية يا كبير..
_ قول اللي عندك يا فخر..
_ هدى بنت شيخة القبيلة عايزها تبقى مراتي..
تستمر القصة أدناه
ضحك سند ثم قال بسخرية :
_ مهي مراتك بقى لها شهرين وعايشة جوا دارك إيه الجديد؟!.. كل ده مش رافع راسنا يا خيبة أملي فيك…
خفض فخر عيناه ثم قال بخجل :
_ جوازنا كان الأول بأمرك وعشان احميها من أهلها، لكن دلوقتي أنا عايزها مراتي بجد وهعمل لها فرح كبير..
أبتسم اليه سند قائلا :
_ حبيتها.؟!..
_ بقت إدمان..
_ يبقى فرحك على حسابي يا فخر..
_____ شيماء سعيد _____
بحديقة المنزل..
كانت حبيبة تقرأ بعض آيات القرآن الكريم بوقت استراحتها من العمل، حتى آت إليها صوت فايز، أغلقت عينيها عدة لحظات مردفة لنفسها بتوتر :
_ اوعي تردي يا حبيبة أنتِ مش حمل وجع جديد..
جلس على المقعد المقابل لها متعجبا من طريقتها، كتم ابتسامته على طريقتها الطفولية في إغلاق عينيها ثم قال بجدية :
_ أنتِ نمتي والا ايه يا بيبة..
انتفضت فهي لم تتوقع أن تأتي له الجرأة ويجلس أمامها، جزت على أسنانها مردفة بغيظ :
_ ايه بيبه دي إحترم نفسك لو سمحت..
غمز لها مردفا :
_ إحنا عيلة زبالة اوي يا بيبة ومفيش عندنا حد محترم، وبعدين لو محترمتش نفسي هتعملي ايه يعني؟!…
كانت على وشك البكاء من شدة الخجل ثم همست :
_ يا أستاذ فايز عيب اللي حضرتك بتعمله ده، أنت عايز مني إيه بالظبط؟!..
رغم بساطة الحديث الا إنه عجز بالفعل عن الإجابة، ماذا يريد منها هو نفسه لا يعلم، فقط يتحمس لرؤيتها، رفض العودة للقاهرة ليبقى بجوارها وبجوار طفليها الذي شعر معهم بالمعنى الحقيقي لكلمة اب، ابتسامتها تعطي له طاقة رهيبة ليكمل يومه بكل نشاط، ليكن صادق أصبحت جزء لا يتجزأ من يومه الا إنه لا يعلم ما العنوان المناسب لتلك المشاعر، أخذ نفس عميق ثم أردف :
_ مش عارف عايز منك إيه بس اللي أعرفه إنك بقيتي حق ليا، وولادك بقوا حاجة مقدرش أكمل يومي الا لما أشوفهم، تفتكري ده إسمه إيه؟!..
ربما تعلم المسمى ولكنها ترفضه وبشده، قامت من مكانها ثم أردفت بقوة :
_ بص يا أستاذ فايز مهما كان أحساسك فده حاجة تخصك لوحدك، أنا معنديش حد في الدنيا غير ولادي فاريت تحترم ده..
آت لعقله فجأة صورتها بأول مرة رأها بها، تذكر ذكرها لاسم رجل وهي نائمة ومع الوقت علم إنه زوجها السابق، قام من مجلسه وسحبها لتبقى بين أحضانه مردفا بقوة :
تستمر القصة أدناه
_ لسه بتحبيه؟!..
تعجبت قائلة :
_ هو مين؟!..
_ طليقك اللي سابك وساب ولاده عشان يتجوز واحدة تانية..
جملة واحدة جعلتها تعود لنتقطة الصفر من جديد، تألم قلبها من فكرة معرفته لما مرت به من اوجاع، صرخت قائلة :
_ أنت قليل الذوق دي حاجة خاصة بيا..
صدمتها الحقيقة كانت في شفتيه التي سقطت على شفتيها منفذا رغبته في إسكاتها أو ليقول الحقيقة تقبيلها، تجمد جسدها من الذهول وظلت تفكر كيف تتصرف الي أن قال علقها، يا حمقاء إنك بداخل حالة مغزية من الاستسلام..
إنتهت القبلة وابتعد عنها متعجبا من سكوتها مردفا :
_ أنتِ كويسة والا حصل لك إيه..
سقطت بكفها على وجهه وفرت هاربة، وضع يده محل الصفعة مرددا :
_ والله لو عملتي ايه لافضل أبوسك يا بسبوسة..
على بعد أكثر من ثلاثون مترا كان يقف شادي وبيده هاتفه مصوراً تلك اللقطة قائلا :
_ حقك عليا يا خالي بس أنا لأزم أمشي من هنا..
____ شيماء سعيد _____
بجناح سند، بعد ما طال به التفكير قرر ولأول مرة يواجه مرضه، دلف ليرأها بعدما كان يهرب منها، أبتسم بحنان على مشهد ضمها لهمت ونومهما بهذا السلام المريح للاعصاب..
بخطوات هادئة أقترب منها ثم حملها بخفة لخارج الجناح، ذهب بها لجناح والده ولا يعلم لما فعلها الا أنها حدثت بالفعل، وضعها على الفراش ثم جلس على الاريكة يراقب تفاصيلها البسيطة أثناء نومها..
شعرت برائحة عطره بالغرفة، فتحت عيناها باشتياق رغم كل شيء، وجدته يتطلع بها كأنه لم يرى امرأة بحياته مثلها، بلعت تلك الغصة المريرة بحلقها ساخرة من نفسها، حمقاء!! قلبها الغبي يجعلها تشعر إنه يبادلها نفس الشعور..
اشاحت بوجهها بعيدا ليقف أخيراً بعدما طال صمته ثم أقترب منها بخطوات مترددة حتى جلس بجوارها على الفراش، رفع وجهها إليه بأحد أصابعه ثم همس :
_ وحشتك؟!..
نفت وقلبها يصرخ يرفض ما تحاول إيصاله إليه ليبتسم لها بوجع مردفا :
_ بس أنتِ وحشتيني وجدا كمان..
رأت ضعفه لتنهار بعض حصونها قائلة بعتاب :
_ أنت شوفت مني كل حاجة حلوة عشان كدة وحشتك، لكن أنت للأسف مش سايب ليا ذكري واحدة حلوة توحشني بيها، بالعكس كل ما أشوفك أحس قد ايه أنا كنت غبية لما وقعت في حبك…
مسح على شفتيها بطرف يده وهو يقترب منها أكثر مقبلا أعلى رأسها باعتذار، قائلا :
_ وعد أنا مريض نفسي، مريض ومن صغري بحاول أثبت العكس، حتى في جوازي الكتير العيب كان فيا مش فيهم، لحد ما قبلتك أنتِ غصب عندي حسيت بحاجات مكنتش عايز أحس بيها بذات معاكي، يمكن عشان كدة وصلنا لهنا..
صُدمت بالفعل صُدمت، لم تتخيل ابدأ أن يعترف بنفسه أن الخطأ به، والأغرب من ذلك لمعت الندم بداخل عينه وهي تعلمها جيدا.. تود لو تضرب بكل شيء عرض الحائط وتأخذه بين أحضانها إلا انها تحلت بالثبات وقالت :
_ اشمعنا أنا اللي مش عايز تحس بالحب معايا..
قام من على الفراش صارخا :
_ كنت رافض الحب من أي ست وخصوصا أنتِ، مش عايز أبقى زي عتمان الكبير وللأسف بقيت، وعد لو بتحبيني فعلا خليكي جانبي..
قامت من مكانها ووقفت أمامه رفعت كفيها لتضم وجهه إليها ثم أردفت :
_ تفتكر الحب لوحده كفاية عشان نكمل؟!..
تعجب قائلا :
_ يعني إيه؟!..
أخذت نفس عميق مردفة :
_ الحب لأزم يبقى معاه ثقة، أمان، إحترام، المفروض إن قيمتي تبقى من قيمتك بس أنت عملت العكس..
رد عليها بلفهة :
_ أنا كمان خايف ومش حاسس بالامان، صدقيني لو اضمن جودك هنعيش زي ما بتحلمي..
تنهدت هامسة :
_ عايزة أطمن في حضنك يا سند، نفسي تبقى سندي زي ما أنت سند الكل..
أخذها بين يديه بحنان وعيناه مثبته على شفتيها قائلا أخيراً ولأول مرة بصدق :
_ بحبك..
2
____ شيماء سعيد _____