منوعات

بقلم نسمه مالك الجزء الثالث

ما تفوهت به الآن جعلته يفقد السيطرة لوهلة على التركيز في الطريق أمامه، و كاد أن يصتطدم بسيارة تسير بجواره في حادث سير مروع لولا عناية الله و ستره عليهما..

أطلقت “سلسبيل” تنهيدة قوية و كادت أن ترتطم بالوجهة الأمامية للسيارة عندما فرمل “عبد الجبار” فجأة لولا أنه أمسك ذراعها بأحكام على أخر لحظة..

لم تكد تلتقط أنفاسها من أثر المفاجأة المفزعة، لتسمع صوته من جانبها ينطلق بلهجة خفيضة لا تخفي انفعاله المشحون أبدًا..
“قولتلك ألبسي الحزام الطريق اهنة واعر”..

“معرفتش أقفله والله.. أنا أسفة”..تحدث بصوت منخفضت بها بصوت مرتجف و هي تحاول غلق حزام الأمان بتوتر، و جسد ينتفض بوضوح..

نفخ”عبد الجبار” بضيق و أوقف سيارته بمكانٍ جانبي قليلًا على الطريق السريع خالٍ من الناس، و استدار نحوها أمسك هو الحزام يضعه حولها بنفسه فأصبح محاصرها بجزعه الضخم بين ذراعيه،

رغم حرصه الشديد حتي لا يلمسها إلا أن قربه منها إلى هذا الحد جعل أنفاسها علقت بصدرها، تطلع له بأعين هائمة، و كالمغيبة رفعت يدها و لمست بأصابعها ذقنه الكثيفه، هنا رفع وجهه لها بذهول و تقابلت عينيهما حينها تزلزل كيانها كله دفعه واحده،

بينما هو يرمقها بنظرة جامدة و ملامح منذهلة من فعلتها الجريئة بالنسبة له، و هم بالابتعاد عنها لكنها أسرعت و أمسكت ياقة جلبابه، جذبته عليها أكثر حتي اختلطت أنفاسهما، و نظرت بعمق داخل عينيه و هي تقول بغصة مريرة يملؤها الأسى..
“أبلة خضرا بس اللي منعاني عنك”..

بكت بنحيب و تابعت بتقطع من بين شهقاتها..
“حاولت أدور على غلطة واحدة امسكها عليها تكون مبرر ليا أريح بيه ضميري لو ختك منها.. بس ملقتش.. معاملتها الطيبة معايا و حبها الصادق لكل اللي حواليها خلاني أدوس على قلبي اللي حبك و هبعد عنكم.. و بالذات عنك أنت يا عبد الجبار”..

لجم نفسه عنها بشق الأنفس حتى لا يإساءة كل شيء عرض الحائط و ينهال عليها بإيماءات وديةه المتلهفة،لكن قلقه عليها أكبر من شوقه إليها..

” معاملتها الطيبة و حبها الصادق كيف و أنتي قولتيلي أنها رايده تإيذاءني!!”..
أردف بها بضحكة ساخرة و هو يبتعد عنها بالامبالاة مصطنعة..

قالت “سلسبيل” بتوتر بسبب قربها منه الذي بعثر مشاعرها.. “أكيد غيرتها عليك هي اللي خلتها توصل لكده و ليها حق في غيرتها دي الحقيقة.. و بما إننا بقي مستحيل نرجع لبعض وأنت أخترت مراتك و أم بناتك فحبيت أريح ضميري من ناحيتها عشان لما قولتلك على تهديدها كنت قاصدة اقلبك عليها و أبعدك عنها من غيرتي عليك أنا كمان”..

“مستحيل!! “..
الكلمة الوحيدة التي علق عليها في حديثها بأكمله، لتنظر هي له نظرة بدت جامدة مرددة بأسف..
” أيوه رجوعنا لبعض بقي مستحيل يا عبد الجبار و أنت أكيد عارف كده كويس أوي.. لأن وجودنا مع بعض مش هيبقي في راحة لحد أبدًا “..

” خلصتي حديتك!! “..
قالها بانفعال من حديثها الذي يثير عدم اتزانه، فأجابته بتنهيدة وهي تعتدل بمقعدها بوضع أكثر راحة و تنظر إليه بشغف تحفر ملامحه بعقلها، و يدها تسللت ببطء نحو بطنها تمسد عليها بمنتهي الرفق و تدعو الله من صميم قلبها أن لا يخيب ظنها و تكون حامل في طفل منه يورث كل ملامحه بكل تفاصيلها..

“أسمعي بقي حديتي اللي هقوله ليكي دلوجيت و أفهميه زين”..
أردف بها بلهجة محذرة بثت الريبة بقلبها، و جعلتها تستمع له بكل آذانٍ صاغيه..

…………………………… سبحان الله وبحمده….

“خضرا”..

أستغلت غياب “بخيتة” التي ذهبت لتزور قبر إبنها المتوفي و أطلقت وابل من الزغاريط حين هاتفها “حسان” و أبلغها بالخبر الذي تتوق له منذ زمن، وهو انفصال سلسبيل من زوجها..

كانت الفرحة الحقيقية تغمرها و قد ظنت أن زوجها عاد لها من جديد، هدأت نيران قلبها المتآججة و انطفأت تمامًا..
“خلاص أكده مهمتك إنتهت و هبعتلك باقي أتعابك كيف ما أتفقنا”..

“أتعاب أيه اللي بتتحددي عنِها!! .. أني معوزش أتعاب”..
صاح “حسان” بانفعال عارم أدهشها به فقالت مستفسرة..
“أمال رايد أيه؟!”..

أجابها بمنتهي الوقاحة و البجاحة معًا قائلاً بجراءة..
“رايدك أنتي تكوني ملكي بعد ما نخلص من راچلك و أبقى أني راچلك كيف ما اتمنيت يا خضرا”..

شهقت” خضرا” وجحظت عينيها بذهول من تصريحه الغير متوقع مرددة..
” وه وه وه.. كانك اتچنيت إياك و نسيت بتتحدد ويا مين يا مخبل أنت!!”..

تحولت نبرة صوتها إلى أخرى غاضبة، و تحدثت بتهديد قائلة..

انت في الصفحة 4 من 15 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل