
في كثير من الأحيان نتعرض لصدمات تقلب حياتنا رأسًا على عقب، خاصةً إن كانت ذهول قوية، حينها يصبح رد الفعل غير متوقع على الإطلاق، نكتشف جانب في شخصياتنا لم نكن نعلم أنه موجود بداخلنا مطلقًا..
و إذا أتت تلك الذهول من مَن نعتبرهم أقرب لنا من أنفسنا، و قتها يصبح العقل غير قادر على الإستيعاب، أو ربما تمر تلك الذهول مرور الكرام بعد أن تعطنا درسًا قاسيًا،
ف لكل منا قدرة على التحمل، تختلف قدراتنا بين كل شخص و آخر، و في حالة “خضرا” لم تستطيع تحمل وجود “سلسبيل” كزوجة في حياة زوجها، رغم أن الكثير من النساء يتقبلون وجود زوجة و اثنان و ثلاثة أيضًا بحياة أزواجهم، و يتعايشون مع الأمر بكل رضي..
بينما هي الآن في حالة نفسية أسوء ما يكون، خاصةً بعد محاولة الإنتحار التي أقدمت عليها توضح مدى تطور حالتها من سئ لأسواء، و كان يجب أن تخضع للعلاج النفسي فترة ليست بقليلة حتى تستعيد توازنها و أدراكها العقلي..
تتصرف بلا أدنى تفكير في أفعالها و ما ينتج عنها من عواقب واخيمة، وصل بها الأمر إلى مراقبة زوجها عن طريق “حسان” الرجل الذي يعتبره “عبد الجبار” ذراعه اليمين الذي أدهشها بموافقته السريعة على طلبها،حتى وصل بهما الأمر إلى تبادل أرقام هواتفهما سرًا، و بدأ بالفعل ينقل لها كل تحركات زوجها..
“اممم يعني قال إنه ردها لعصمته؟!”..
دمدمت بها “خضرا” بصوتٍ خفيض، و تابعت دون أن تعطيه فرصة للرد عليها..
” و هي قالت له أيه لما قالها أكده؟”..
جاوبها “حسان” الجالس داخل سيارة “عبد الجبار” الواقفه أمام إحدي المستشفيات الخاصة بالمنصورة..
“مرضياش ترچعله واصل.. سمعت صوت رفضها و بكاها يا ست الناس”..
انبلجت شبه إبتسامة علي ملامح “خضرا” التي تبدلت للنقيض بعدما كانت تُشع طيبة، تحولت لأخرى جامدة و قد انعكس على وجهها ما تحمله بقلبها من جروح نافذة غلفته بقسوة غريبة عليها كليًا..
“عينك متغفلش عنِهم واصل .. لو حُصل ووافجت المحروقة دي ترچع على ذمته!! “..
صمتت لبرهةً، و قد توحشت نظرة عينيها و تابعت بلهجة حادة لا تقبل الجدال..
“وقتها يچيني خبرهم الليلة..تخلص عليهم اتنين فاهمني زين؟ “..
قال “حسان” بطاعة.. “أمرك يا ست الناس”..
أغلقت الهاتف بوجهه ليبتسم هو إبتسامة يتطاير منها الشرر و الطمع في الحصول عليها بعدما يتخلص من الرجل الذي أستأمنه على نفسه، فعلته هذه تعلمنا أن لا أحد يؤمتن في زمننا المليء بالغدر هذا..
بينما هي تعمدت عدم نطق إسمه ليقينها بأن “بخيتة” تتجسس عليها كعادتها، تفوقت عليها في الجبروت، و أصبحت لا تخشى منها و لا حتى من غيرها..
اعتدلت بمقعدها بوضع أكثر راحة، تنظر للفراغ بشرود تتذكر حديث زوجها معاها بعد خروجها من المستشفى..
.. فلاش باااااااااااك..
جذب “عبد الجبار” مقعد و جلس عليه بجوار الفراش النائمة عليه “خضرا” تبكي و تأن بوهن ، مد يده و أمسك يدها بين كفيه يربت عليها برفق، و هو يتنهد بقوة مغمغمًا ..
“ليه كل ده عاد يا خضرا !!.. أيه اللي حُصل يا غالية وصلك للحالة العفشة دي.. معقول غيرتك عليا تخليكي تموتي نفسك و تحرقي جلب البنتة الصغار وجلب أبو البنتة عليكي!!”..
“مش الغيرة اللي خلتني أعمل أكده”..