
هتفت آلاء بصراخ و تذمر :- رحيق أبوس إيدك كفاية أنا رجليا ورمت مش قادرة خلاص أمشي تاني .
هتفت بتعب هي الأخرى :- يلا بس معلش تعالي على نفسك شوية مش هنرجع و أدينا فاضية .
هزت رأسها بنفي قائلة باعتراض :- لا ، لا كفاية أنا جبت آخري ، طب نرتاح شوية .
غمغمت بضيق :- خلاص يا آلاء تعالي نقعد تحت الشجرة هناك على ما رجل سيادتك تخف و ترتاح .
ابتسمت بسماجة قائلة :- ربنا يباركلك يا رب ، اللعب ربنا ينصرك ، اللهي …..
قاطعتها قائلة باستياء :- خلاص يا آلاء إنتي مش قاعدة على باب السيدة هنا قدامي .
ضحكت بخفة، ثم توجهتا تحت الشجرة ، و جلستا على. الأريكة الخشبية ، و هن يلتقطن أنفاسهن بتعب من السير الطويل .
أخذت تمسد على قدميها قائلة بتعب :- اه يا اني يا أما كان مالي ومال التعب دة بس يا ربي .
ابتسمت بألم قائلة :- معلش استحملي علشان خاطري أنا عاوزة ألاقي شغل بأي شكل من الأشكال و بسرعة إن شاء الله اشتغل خدامة بس أهو اسمه بشتغل .
أردفت بتوبيخ و تمني :- بس يا هبلة خدامة إيه دة كمان ! إنتي فاكرة إحنا لسة عايشين في عصر البهوات دة ولا إيه ؟ لا إن شاء الله هندور تاني وتالت و رابع و ربنا معانا. .
زفرت بضيق قائلة برجاء :- يااااارب …
بعد فترة نهضتا سوياً و أكملتا السير ، و بينما كانتا تبحثان اصتدمت رحيق بسيدة فهتفت بسرعة :- أنا آسفة ما أخدتش بالي .
ابتسمت لها بود قائلة :- لا عادي ولا يهمك ، واضح انك تعبانة …
تدخلت آلاء قائلة :- اه أصلنا بنلف من الصبح على شغل .
هتفت بدهشة :- إيه دة انتوا بتدوروا على شغل ؟!
أومأت بنعم فضحكت بخفة قائلة :- و اللي يجبلكم ؟
أردفت آلاء بمرح :- أديله بوسة كبيرة .
ضحكت بصخب عليها قائلة :- لا إنتي شكلك مشكلة . آه يا ستي ليكم عندي شغل .
هتفت رحيق بتعجب و قلق :- شغل إيه دة يا أستاذة ؟
أردفت بخفوت :- طيب هنتكلم كدة إحنا و واقفين ، تعالوا نقعد في أي كافيه قريب من هنا .
و حينما رأت التوتر مسطر في أعينهن أردفت بمرح :- متقلقوش تعالوا هعزمكم أنا زي أختكم ولا إيه ؟! تعالوا مش هخطفكم.
وزعن أنظارهن بينهن و بين تلك الماثلة ، و حسموا أمرهم أخيراً و توجهوا معها .
جلستا قبالتها بتوتر ملحوظ ، بينما أردفت هي بود :- ها بقى تحبوا تشربوا إيه ؟
أردفت رحيق بتوتر :- لا لا شكراً مفيش داعي .
قطبت جبينها قائلة بتذمر :- بت هو إنتي بخيلة ولا إيه ؟
ضحكت آلاء بمرح قائلة :- سيبك منها أنا عاوزة أشرب عصير مانجا ، و هاتيلها هي عصير فراولة أصلها بتعشقها .
دفعتها بقدمها بغيظ من تحت الطاولة فأردفت آلاء بتذمر :- في إيه يا بنتي هو أنا بكدب يعني ولا بكدب !
ضحكت بغيظ لتخفف من حدة الموقف، و وجدت لو تقتلها في الحال ، بينما هتفت الأخرى بتهذيب :- هعرفكم بنفسي أنا سندس عامر خريجة تجارة إنجلش و بعد سنين من الكفاح فتحت ليا مكتب تسويق و مبيعات و محتاجة موظفين جداد ومن حظي لقيتكم في وشي .
نظرت رحيق لها بتردد قائلة :- أاا…هنبقى نشوف و نرد على حضرتك .
ضحكت بنعومة قائلة :: يا بنتي أسمي سندس و بس مش حضرتك ، هو أنتوا صحيح أسمكم إيه ؟
أردفت آلاء بمرح :- محسوبتك آلاء خريجة تربية قسم لغة إنجليزية و الأخت دي بقى رحيق مزة الدفعة و معايا في نفس التخصص .
ضحكت بخفة قائلة :- تشرفت بمعرفتكم يا قمرات .
أردفت رحيق بتعجب :- بس أظن إحنا تخصصنا مينفعش مع نوع الشغل عندك .
أردفت بروية :- بالعكس دة ينفع و بزيادة كمان هو أنتوا مش perfect في اللغة ولا إيه ؟!
أردفت آلاء بسرعة :- لا والله إحنا واخدين كورسات فيها جنب دراستنا تحبي تختبرينا ؟
هزت رأسها بهدوء قائلة :- اه إن شاء الله بس لما تشرفوني في الشركة بكرة ….
ثم مدت لهم بكارت قائلة :- و أدب الكارت و العنوان لو حبيتوا تيجوا أنا مستنياكم بعد أذنكم علشان ورايا مواعيد ضروري دلوقتي.
قالت ذلك ثم تركتهن يتخبطن في حيرتهن فهتفت آلاء :- مالك يا رحيق مصدرة الوش الخشب ليه ؟
أردفت ببساطة :- علشان بصراحة مش واثقة فيها ، إيه اللي ضمني أنها صادقة ؟
رفعت حاجبها قائلة باستنكار :-نعم يا أختي ! دة اللي هو إزاي يعني ؟ هو إنتي بتتفرجي على مسلسلات كتير ؟!
أردفت بضجر :- الحكاية مش كدة بس بصراحة أنا قلبي مش مطمن للموضوع دة .
أردفت بروية :- يا ستي نبقى نروح نشوفها و بعدين لو معجبناش الوضع نبقى نمشي ، متخافيش مش إحنا مع بعض ايه اللي قالقك؟
هزت رأسها بموافقة قائلة :- على رأيك ماشي بكرة نشوف إن شاء الله .
قاطع حديثهم رنين هاتف رحيق فالتقطته ، و ما إن رأت المتصل هتفت بضيق :- يوووه كانت نقصاك انت كمان .
أردفت بضحك :- ابن خالتك اللي مسجلاه التنح آه بس لو شافك طيب ردي ..ردي لا يكون في حاجة مهمة .
أومأت لها ثم أجابت على الهاتف ، و ما إن وضعته شحب وجهها ، و ظلت كالتمثال ، و تحدثت دموعها فقط حينما هطلت بغزارة كالشلال حينما أتاها رده قائلاً :- انتي فين ؟ أمي ماتت …ماتت ….
هتفت آلاء بقلق :- في إيه يا رحيق ؟ مالك يا حبيبتي ؟
سقط الهاتف من يدها و هتفت بضياع :- خالتي ماتت ..ماتت يا آلاء ماتت ..
عند هذه النقطة شعرت بأن الجدار الذي تحتمي خلفه أنهار فما عاد لها حصن يؤيها …
بعد مرور أسبوعين ، تجلس على الأريكة ، والحزن نال منها تلك المرة و طرحها أرضاً بأشد ما لديه من قوة .
ملابس سوداء ، سيدات من الجيران و الحي أتوا لتقديم العزاء ، تستقبلهم بجسد هربت منه الحياة . بجوارها تجلس صديقتها آلاء ، و على الجانب الآخر تجلس جارتها سميحة التي تساقطت دموعها حزناً على رفيقتها ، و كأنها كانت تشعر بقدوم ساعتها لذلك أوشت لها بذلك السر الكبير .
نظرت لرحيق بطرف عينيها قائلة بحزن و خفوت :- شيلتيني أمانة كبيرة أوي أنا مش قدها يا صفية ، ربنا يعيني و يقدرني .
هتفت آلاء بدموع :- قومي كلي يا رحيق ما تعذبيش نفسك ، فكرك كدة هي فرحانة يعني و مبسوطة ! قومي ربنا يهديكي .
هزت رأسها بنفي قائلة بصوت متحشرج :- مليش نفس يا آلاء .
أردفت بنفاذ صبر و هي توجه حديثها لسميحة :- قوليلك حاجة يا خالتي .
أردفت بحزن :- والله يا بنتي تعبت معاها ، سبيها دلوقتي على ما الستات تمشي .
احتضنت جسدها الهزيل بحماية ، و دموعها تتسرسل كحبات اللؤلؤ، قلبها ينزف بغزارة ، لقد فقدت تلك السيدة الحنون التي كانت بمثابة والدتها ، لم تبخل يوماً أن تظهر فيه عاطفة الأمومة نحوها في حبها و خوفها و معاملتها الحسنة لها ، تركتها وحيدة للأيام تقذفها من هنا و هناك وسط أمواجها العاتية ، ولا تعلم ما تخبئه لها الأيام .
بعد وقت غادرن النسوة ، و أحضرت آلاء لها الطعام فتناولت بعض اللقيمات تحت ضغط سميحة التي أصرت و بعد عناء من المماطلة رضخت لطلبها ، فتناولت القليل والذي كان كالعلقم بالنسبة لها .
صعد حاتم بعد أن استقبل الرجال بالأسفل الذين أتوا لتقديم واجب العزاء ، و ما إن دلف امسكت هي تلقائياً يد سميحة و كأنها حبل النجاة تتعلق به . شعرت الأخرى بها لتربت على يدها بحنو ، ولا تعلم حقيقة خوفها ، بينما هتفت بمواساة :- البقاء لله يا حاتم يا ابني شد حيلك .
هتف بصوت أجش :- الشدة على الله يا خالتي .
نهضت قائلة :- طيب همشي أنا و هبقى أجيلك الصبح .
هزت رأسها بنفي قائلة :- لا لا خليكي معايا يا خالتي بالله عليكي .
هتفت بهدوء وهي تربت على ظهرها :- حاضر يا بنتي حاضر .
أخذ يطالعها بغيظ شديد على موقفها هذا فانصرف مسرعاً للداخل لغرفته .
______________________________________
بعد مرور يومين تعالت الطرقات على الباب بصخب عندما كانت تطعم صغيرها فنهضت من مكانها بفزع و توجهت لترى من الطارق ، فأصابتها الدهشة عندما وجدتها أمامها ، اغتصبت شبح ابتسامة قائلة بهدوء :- إزيك يا أسماء عاملة إيه ؟ اتفضلي ..
هتفت بصوت مهزوز :- أاا…. أنا .. أنا عاوزة أتكلم معاكي لوحدنا .
قطبت جبينها بتعجب قائلة :- ماشي تعالي ادخلي .
دلفت و أغلقت الأخرى الباب و بداخلها ألف سؤال .
رحبت بها والدتها قائلة :- أهلاً وسهلاً يا أسماء ، عاملة إيه ؟ و أمك أخبارها إيه ؟
هزت رأسها بتوتر قائلة :- الحمد لله يا خالتي بخير .
هتفت مريم بهدوء :- ماما خلي بالك من أحمد على ما أشوف أسماء عاوزاني في إيه .
أومأت لها بخفوت ، بينما دلفت هي بها إلى غرفتها الخاصة ، و جلستا على الفراش فهتفت مريم بحذر :- ها أدينا قعدنا لوحدنا في إيه يا أسماء ؟ مش على بعضك كدة !
فركت يديها بتوتر وهي في حيرة من أمرها أتخبرها أم لا ! و لكنها حسمت أمرها أخيراً و نظرت لها قائلة بوجه شاحب :- إلحقيني في مصيبة ………….