
واستدار ليصبح مقابله، فردد “ديكسون” باستغرابٍ:
_لماذا تقص علي هذا؟
رفع كتفيه بحيرةٍ:
_لا أعلم، ربما لأني شعرت بأنني قسوت عليك بعض الشيء وخاصة اليوم.
بتفهمٍ شديد قال:
_ليست قسوة أبي فأنت بنهاية الأمر الملك هنا!
ثم استكمل بحزنٍ:
_أنا من خالف أوامرك، ولكنني كنت أود أن لا يتصعد الأمر بينكم أبي.
احتضنته “لوكاس” وهو يردد بحنانٍ:
_أعلم بني، أعلم.
احتضنتها الفرحة وقبلت شفتيها السعادة باسمة حينما رأت بعينيها ذاك المشهد الذي بعث الطمأنينة لقلبها المجروح، ابتسمت “روكسانا” وهي تتأمل ما يحدث أمامها، فأقتربت لتصبح على مسافةٍ قريبة منهما ثم قالت بمشاكسةٍ:
_أشعر بالغيرة مما أراه، ولكنني لا أنكر سعادتي حقاً.
ابتعد “لوكاس” عنه وهو يتطلع لمن تحدثه ليغمز لديكسون بمكرٍ:
_أشم رائحة حروق بليغة تتصاعد من ذاك الأتجاه هل هذا أنت؟
ضحك “ديكسون” ثم قال بخبثٍ:
_أعتقد بأنها من ذاك الاتجاه التي تقف به ملكتك الفاتنة.
لوت شفتيها وهي تردد بضيقٍ:
_هل عدتما لمضايقتي من جديد!
أشار له “لوكاس” بحزنٍ مصطنع:
_متى حدث ذلك؟ أرأيت بني ماذا تفعل بي؟
_رأيت.
تدخلت “روكسانا” بالحديث، قائلة بانفعالٍ:
_أنك ماكر حقاً “لوكاس”.
أجابها في دهشةٍ:
_ماذا؟ ، هل يتجادل البشر فيما بينهما بتلك الألفاظ المهينة بعالمكم لا تنسي بأنني الملك هنا على الأقل إظهري لي بعض الإحترام .
عبث”ديكسون” بحاجبيه بمللٍ من تلك المشاحنة التي لن تنتهي حتى الصباح، فقال ببسمةٍ مصطنعة:
_حسناً، لأتركما بمفردكم سأغادر الآن.
وتخفى سريعاً قبل أن تتطاول الأمور فيما بينهما، كادت “روكسانا” بأن تستكمل مبارتها الحاسمة فخطفها “لوكاس” ليظهر سريعاً بجناحهما، ثم تمدد لجوارها على الفراش وهو يخبرها بمكرٍ:
_هيا.. لنستكمل ما كنا نفعله بالخارج هنا على الأقل لا يرى أحداً الملك والملكة يتشاجرن ليلاً كالمراهقين!
تشاركا الضحك سوياً، لتغفل بين ذراعيه بعشقٍ يحاوطها أينما كان هو لجوارها، ليفيض عليها بما يتشاركن به سوياً.
********
بجناح “ضي”
استيقظ “لوثر” من نومه حينما وجد الفراش فارغ من جواره، نهض يبحث عنها حتى وجدها تجلس جوار بركة المياه التي تضيئها القواقع الصفراء وعدد من المرجان الذهبي الخالد، تمرر أصابعها على سطحها ببطءٍ وشرود عميق، جلس جوارها ثم وضع يديه على وجهها ليتساءل بلهفةٍ:
_لماذا تجلسين هكذا حبيبتي؟
رفعت عينيها لتقابل نظراته الشغوفة بها، فقالت بهدوءٍ:
_أفكر في الانتقال للعيش مع “إيمون” بمملكة “البيتراء”.
تجاعدت معالمه، فعاد ليتساءل من جديد:
_هل حدث شيئاً لا أعلمه؟
نفت ذلك وهي توضح له:
_أود فقط الإقتراب من” إيمون”.. الا يحزنك تشتت عائلتنا الصغيرة هكذا!
صمت قليلاً ثم قال:
_بلى، ولكن لم يكن ذلك رأيك من قبل كنتِ تودين البقاء هنا لأجل والدك.
سحبت نفس عميق، ثم نهضت لتعود للفراش:
_ابني يحتاج لوجودي أكثر من أبي، فالجميع جوار الملك أما “إيمون” فبمفرده.
اتنقل لجواره بسرعة الرياح، ليمرر يديه على طول ذراعيها بحبٍ:
_حسناً.. غداً سنذهب سوياً.
ابتسمتها أشرقت شمس يومه الجديد، فضمها لصدره بحبٍ شبيه بالطفل الصغير الذي يشدو على عوده يوماً بعد يوم حتى صارت روابطه متينة.
*********
تلألأ قرص الشمس بالسماء معلناً قدوم صباح جديد تصاحبها إشراقة جديدة، لتلامس المرآة الصغيرة التي تحملها “روكسانا” لتتطلع لإنعكاسها بانبهارٍ شديد، فقد ارتدت فستان طويل من اللون الأزرق يكسوه بطانة من اللون الأبيض الذي أضاف رونق خاص له، ومن ثم ارتدت حذاء أبيض اللون،لتحرص على إرتداء أشياء مبسطة لا تلفت الانتباه إليها فاليوم وبعد غياب ستذهب بزيارةٍ بصحبةٍ “ديكسون”، انتفض جسدها فزعاً حينما وجدت من يحاوطها، فاستدارت للخلف بانزعاجٍ:
_ستإيذاء جسيمني ذات مرة”لوكاس”.
أجابها ببراءةٍ زائفة:
_أعتقدت أن قلبك يشعر بي مثلما أشعر بكِ.
أبعدت يديه عنها وهي تشير له بأصبعها بتحذيرٍ:
_لا تجبرني على التفكير جدياً بعآثار إصابة العودة إلى هنا.
ابتسم وهو يجيبها بغرورٍ:
_حاولي فعلها إن شئتي.
منحته نظرة غليظة فتعالت ضحكاته بتسليةٍ، ليظهر بعد قليل”ديكسون” بعآثار إصابةا استأذن بالدخول، ففتح ذراعيه ليشير لها بمرحٍ:
_ملكتي الفاتنة مستعدة لقضاء رحلة ممتعة بعيداً عن هذا التوتر؟
تعمقت بالتطلع للوكاس قبل أن تشدد من إجابتها:
_أجل مستعدة.
ثم تمسكت به، فأشار لها “لوكاس” بوجومٍ:
_ستعودين بنهاية الأمر “روكسانا” وحينها سأرى أي توتر تختبريه!
ضحكت وهي تشير ل”ديكسون”:
_هيا قبل أن يوقفنا.
تخفى بها سريعاً ليجابه الرياح بسرعةٍ تفوقها، كاد الهواء أن يمزق وجهها من حدته فتشبثت به بقوةٍ لتنتهي تلك المعاناة سريعاً، ثم لتجد ذاتها على سطح منزل “لينا”، فركضت للأسفل كطفلة صغيرة تشتاق لرؤية فرد من أفراد عائلتها، طرقت الباب ودقت الجرس سوياً، لينفتح الباب ومن ثم قابلها صوتاً منزعج:
_ماذا يحدث؟