
بترت الكلمات على لسانها حينما رأتها تقف أمامها فصرخت بحماسٍ وعآثار إصابة تصديق بآنٍ واحد:
_” روكسانا” لا أصدق!
احتضنتها “روكسانا” بفرحةٍ ليدوم عناقهما طويلاً ومن ثم تتبعه البكاء الحارق الذي يبوح بكلماتٍ من الشوق والحنين لبعضهما البعض، أزاحت “لينا” آثار إصابةوعها وهي تشير لها بالدخول، فولجت للداخل لتجلس على الأريكة ثم تساءلت بفضولٍ:
_أين “إريكا” و”كيفن”؟
جلست مقابلها وهي تجيبها بآثار إصابةوعٍ يملأها الشوق:
_”كيفن” بالخارج و”إريكا” بغرفتها، سأناديها.
خرجت بعد قليل بصحبتها، فاختفت الابتسامة المرسومة على وجهها حينما رأته يجلس أمامها، حتى هو كان يتهرب من التطلع إليها، بادرت “روكسانا” باسئلتها الفضولية مستغلة استأذان “لينا” لتحضر لهما العصائر، فسألتها بلهفةٍ:
_أخبريني “إريكا” لماذا عودتي قبل أن تخبريني؟
ارتبكت فلم تجد المناسب لقوله، وبعد صمت مطبق إختارت به ما ستقوله:
_شعرت بالضجر قليلاً، فوددت العودة لقضاء بعض الوقت برفقة أصدقائي.
لم تقتنع “روكسانا” بما استمعت إليه؛ ولكنها التزمت الصمت حتى لا تشعر “لينا” بشيئاً، اكتفت بمراقبتها وهي تتطلع لديكسون بشرودٍ وحينما تتقابل أعينهم تستدير للجهة الأخرى، وضعت “لينا” المشروبات على الطاولة ثم قالت بابتسامة عذباء:
_كنت أترقب زيارتك بصبراً كبير، الا تعلمين أني أشتاق لرؤيتك ومع ذلك تبتعدين كثيراً.
ارتشفت من المشروب بتلذذٍ وهي تجيبها:
_وأنا أشتاق لرؤياكي، تعلمين جيداً بأنني لا أمتلك سواكما، أنتِ و”كيفن” عائلتي.
احتضنتها “لينا” بحبٍ كبير، ثم جذبتها لتشير لها بحماسٍ:
_دعينا لا نضيع وقتاً فلنذهب للتسوق.
ابتسمت بسعادةٍ ثم لوحت ل”ديكسون” قائلة:
_لن نتأخر كثيراً.
وغادروا سوياً ليتركوا المجال لكلاهما بالحديث عما مر من مواجهة حطمت الطرفين، عبث “ديكسون” بأصابعه وهو يتأمل الشرفة بصمتٍ، تابعته بعينيها بضيقٍ فطال ترقبها لأن يكسر الصمت فيما بينهما ويبدأ هو بالحديث، وحينما صدح رنين هاتفها استغلت الفرصة لتجيب عليها أمامه متعمدة الحديث بحبٍ شديد:
_مرحباً “جوردن”
أنا بخير وأنت كيف حالك؟
اليوم، حسناً سأراك بعد ساعة من الآن.
وأغلقت الهاتف ثم وضعته على الطاولة، فتساءل “ديكسون” باستيرابةٍ:
_من هذا؟
أخفت بسمتها بفرحةٍ من نجاح خطتها كما ظنت، فأدعت انشغالها بالهاتف وهي تقول:
_صديق لي.
ثم اعتدلت بجلستها، لتتساءل:
_ولماذا تهتم؟
أجابها بثباتٍ:
_ألا يحق لي ذلك؟
تحرك فكيها ناطقاً:
_لم أعني هذا.
ثم قالت بعد تفكيراً خبيث:
_كنت أود الحديث بشأن ما حدث بالمرة الأخيرة.
قاطعها قبل أن تستكمل:
_دعك مما مضى.
صآثار إصابةت ببدء الأمر كانت تظنه سيحاول إصلاح الأمر ولو قليلاً؛ ولكنها لم تجد أي جدوى فاستكملت حديثها:
_أختلط الأمر علي قليلاً؛ ولكن الآن حينما أحببتك “جوردن” علمت بأن هناك فرقاً كبيراً بين الحب والصداقة.
ابتسم وهو يخبرها براحةٍ:
_أجل، هناك فرقاً بالتأكيد.
ثم استطرد:
_سعيداً لأجلك كثيراً “إريكا”.
التهمت النيران قلبها الملتاع، ومع ذلك سيطرت على إنفعالاتها لتردد بصوتٍ محتقن:
_فلتذهب معي لتلتقي به.
هز كتفيه بهدوءٍ:
_حسناً، سأذهب معك.
********
بمملكة” البيتراء”.
تعجب “إيمون” كثيراً حينما وجد والدته وأبيه قد أختاروا البقاء معه بتلك الفترة التي بها غريباً بعض الشيء، إن كان هو يميل للعزلة وخاصة بما يمر به بالتحديد فهو سعيداً كونهما جواره بوقتاً شعروا به بوحدته، ولكن بداخله ظل يتردد سؤالاً واحد هل بوجود الأحبة لجواره سيملأ فراع قلبه!
********
بمملكة “الشارق”.
تلوت الأوربوروس بخفةٍ لتتبع رائحته العالقة، فوجدته يجلس جوار القصر بمسافةٍ قليلة، تضاعف حجمها لتتلوى من أمامه وكأنها تخبره بأنها حصلت على مبتغاه، فسمح لها” سامول” بلدغه لتنقل له ما رأته طوال غيابها الصباحي، فنقلت أمامه صورة حية لها وهي غافلة على الفراش كقطعة من الفيروز الصافي، فتح عينيه بابتسامةٍ شعت بحبٍ صريح لها، فلم ينكر سعادته حينما أرته الأوربوروس أخر مكان زارته، فنهض ليتجه إليها، أما هي فكانت تقترب من الوصول لباب القصر الداخلي حينما وجدته يقف أمامها، بدت السعادة واضحة على وجهها، فاقتربت لتقف مقابله، فتساءل ساخراً:
_الا تخشين انزعاج كبير الملك تلك المرة!
تطلعت له مطولاً قبل أت تجيبه:
_لا أخاف أحداً، أفعل ما أجده صائباً.
أصبح قريباً منها وهو يتحدث بحيرةٍ:
_وما هو الصائب من وجهة نظرك..
تعمقت بعينيه البنية ذات اللون المعسول ولسانه يهمس :
_الصائب أنني أشعر بالإرتياح لهذا المكان،.. لا أعلم إن كان لوجود صديقتي الوحيدة أم لأني أحبك “سامول”.
تلك الكلمات الأخيرة التي نطقتها جعلته عاجز عن إختيار ما سيقول، إرتبك ولأول مرة أمام جراءتها بالإعتراف بحبه، ترقبت سماع أي رد فعل منه؛ ولكنه وجدته ساكناً، هائم الفكر لينهي كل شيئاً قائلاً بحزمٍ:
_عودي إلى رشدك”إيرلا” أي حبٍ هذا الذي تتحدثين عنه.
قالت بثقةٍ:
_حبي لك..
ابتسم ساخراً:
_تقصدين عدو أبيكِ!
_أخبرتك كثيراً أن لا علاقة لي بعداء أبي.
_وماذا إذا انتهى العداء الذي لا يعنيك بإيذاء جسيمه أو بإيذاء جسيمي؟
ابتلعت ريقها وهي تتساءل في دهشة كبيرةٍ:
_ستإيذاء جسيم أبي؟
أجابها بجفاءٍ:
_مثلما إيذاء جسيم أبي.
هزت رأسها وهي تردد بشراسةٍ:
_لن أسمح لك بذلك.
ابتسم وهو يردد ساخراً:
_أين ذهب حبك الآن.
ابتسمت رغم الآثار إصابةع الذي يلمع بعينيها:
_إعتدت عآثار إصابة الحصول على شيئاً رغبت به وأحببته منذ الطفولة.
نهشت كلماتها جوارحه، فشعر بما يؤلمها وكأن تلك الكلمات مختصراً كامل، انزعجت حينما فضحتها آثار إصابةعاتها بذاك الجانب المظلم من حياتها البائسة، فابتعدت لتغادر سريعاً المملكة، فأسرع “سامول” من خلفها:
_انتظري “إيرلا”.
توقفت عن المضي قآثار إصابةاً حينما وقف مقابلها، ليتحرك فكيه ناطقاً:
_لستِ وحيدة، فنحن لجوارك مملكتي باستقبالك كلما أردتي القدوم.
ابتسمت وهي تشير له برأسها:
_أشكرك.
ثم غادرت لتتركه يتأمل كيانها المرئي بشرودٍ، يفهم في هذا الحب الذي نشأ بظروفٍ غامضة، بين بنت عدوه اللدود!
*******
استعدت”إريكا” للذهاب بصحبة “ديكسون” للقاء بصديقيها، ارتدت فستان أحمر طويل ثم تركت العنان لشعرها القصير الذي لامس أكتافها، فذهبوا سوياً للقائه، تعجب “جوردن” كثيراً حينما رأها تهم بالإقتراب منه مع شابٍ غريب يراه لأول مرة، جلست “إريكا” على أحد المقاعد ولجوارها جلس “ديكسون”، فتطلع الأخير لها في دهشةٍ، فقالت:
_أعرفك” ديكسون”.
جلس مقابله وهو يتفحصه ساخراً:
_هل هذا هو ابن خالتك الخارق!
تطلعت له بنظراتٍ حـ،ـارقة :
_تحدث بتهذبٍ “جوردن”.
حاول”ديكسون” فهم ما يحدث فيما بينهما، فحينما اشتد الشجـ،ـار بينهما صاح بحدةٍ:
_ما الذي يحدث هنا؟
كاد بأن يجيبه فقاطعته “إريكا” قائلة:
_لا شيء “جوردن” يمزح فحسب.
ثم برقت بعينيها إليه فتحلى بالصمت وهو يتطلع لديكسون بنظرةٍ فضولية تستكشفه بتعجبٍ، مر الوقت على “ديكسون” ببطءٍ قد أفتقد به رؤياها، أما “إريكا” فكانت تفعل المستحيل حتى ترى الغيرة واضحة في عينيه؛ ولكنه لم يعنيه الأمر مما زاد انزعاج كبيرها كثيراً، انتهى اللقاء وحان وقت العودة، فنهض “جوردن” ليجذب مفاتيح سيارته ومتعلقته الشخصية قائلاً:
_دعني أوصلكما للمنزل.
قالت بدون أي تعابير:
_حسناً.
لحق بهما “ديكسون” للخارج، فما أن وصلوا للسيارة حتى صعق “جوردن” حينما وجد السيارة يملأها الزجاج المكسور من كل ناحيه ولجوارها يقف عدد من الشباب المشاغبين الذين يعلمهم جيداً، وخاصة حينما ردد أحداهما:
_أخبرتك بأننا سنعود مجدداً!
*********_________********