منوعات

بشريه اسرت قلبي الفصل السابع

ثم ارتدت ردائها مجدداً، لتنحني من جديد:
_والآن أسمح لي بالمغادرة.. وقريباً سأعود لزيارتك من جديد.
أشار بعينيه للحارس الذي أرشدها للخروج من تلك المتاهة المخيفة التي تملأها رؤؤس الأفاعي، التي يتغذى عليها شعب الميغالودون، انتهت من سلك تلك المتاهات لتغادر وابتسامة النصر تلوح بالأفق، اقترابها من تحقيق أحلامها الثمينة جعلها تذوق طعم الأمل، فنجاحها باخفاء هدفها الحقيقي بالاستيلاء على عرش “لوكاس” جعلها تتمكن من السيطرة على ابنة شقيقتها التي تخفي عنها سراً سيجعلها تساند العدو ضدها هي، والآن تمكنت من خداع ملك ميغالودون!
**********
بمملكة الحوريات التابعة للمملكة “راوند”.
أطرقت بيدها على العرش وهي تردد بانفعالٍ تام:
_لقد تمادت” رودوليت” كثيراً.. ظنت أن صمتي عما تقترفه ضعفاً.
تأملت أحد الحوريات حالة الانزعاج كبير التي سيطرت على “راوند” بقلق شديدٍ من القاآثار إصابة، فمن المؤكد أن تلك الحرب الدامية سيدفع ثمنها آثار إصابةاء الحوريات التي سيفتك بينهما، ألتهبت عين “راوند” وهي تتابع بشراسةٍ:
_عليها الآن مواجهتي كفى صمتاً عما تفعله بمملكتي.. الا يكفيها ما فعلته وتظن بأنها تنتقم لموت شقيقاتها!
ثم تخفت لتعود سريعاً لمملكة السراج الأحمر، قاصدة جناحها لتنتظر عودة “بيرت” عله يفيدها بما تفكر بفعله.
********
وقفت على باب الجناح بارتباكٍ من المضي قآثار إصابةاً، تود الاقتراب منها، ضمها لصدرها ولكنها تخشى رد فعلها، أليس هذا مؤلماً حقاً؟
غريزة الأمومة التي تمنحك عاطفة نهايتها موجعة بحقك، وبالرغم من ذلك تدعس الكرامة وما يفوقها من سمات أسفل قآثار إصابةيها في سبيل تخفيف أوجاع الابن أو الابنة، هكذا مضت “روكسانا” لتقترب من “إيرلا” التي منحتها نظرة ساكنة وكأنها كانت تتوقع قدومها، طال رداء السكون فيما بينهما، وحينما قررت “روكسانا” قطعه أسرعت “إيرلا” بالحديث:
_أرجوكِ لا أود الحديث الآن.. دعيني وشأني.
انهمر الآثار إصابةع بعينيها، وانفطرت الكلمات كعقد من ألماس تفتت فزهقت قيمته:
_ما الذي فعلته لأستحق تلك المعاملة “إيرلا” ما الذي أصابك ليجعل قلبك بتلك القسوة؟
رفعت رأسها لتتطلع إليها بجفاءٍ، ثم قالت:
_لم أتفاجأ كثيراً بحديثك.. دوماً ترينني قاسية القلب و”ديكسون” هو الحنون البار بكِ أليس كذلك!
جحظت عينيها في دهشة كبيرةٍ حقيقية وهي ترى إلى أي مدى تغيرت فتاتها المدللة، فتراجعت للخلف حتى أصبحت على باب الجناح من جديد، لتخبرها قبل أن ترحل:
_أشعر وكأنني فقدت ابنتي بمكانٍ أجهله.
ثم غادرت لتتركها تواجه جحيماً أعددته هي بذاتها!
********
حينما يشعر بالضجرٍ يختار من بين أماكنه المنعزلة بعنايةٍ، فأختار تلك المرة الاسترخاء على جذوع تلك الزهور المتشابكة، لتغدو جذورها غليظة كجذوع الشجر، حتى ورقاتها كانت كالحرير الذي يرطب الجلد بنعومته، شردت حدقتيه في تأمل شعاع القمر الأحمر الذي يتسلل خلسة بأرجاءٍ السماء مانحاً بحمرته لوناً مميز يطوف بالسماء كالموجٍ الذي يتبختر بجماله الخالد، شقت الابتسامة جفاء شفتيه حينما شعر بوجوها، قبل أن يضيف:
_تشتاقين لي سريعاً.
عبث “ألماندين” بحاجبها لتستكمل طريقها للأعلى حتى أصبحت أمام عينيه، فاستندت بذراعيها على أحد الجذوع ومن ثم تمددت على ورقات أحدى الزهور لتجيبه بسخريةٍ:
_أهناك من يشتاق لمن يبغضه!
إتكأ بجسده حتى صار مقابلها، ليتابع بقوله الماكر:
_ ولماذا تتابعيني إذاً أيتها الحورية الشرسة!
بغرورٍ أجابته:
_حتى أتمكن من إيذاء جسيمك يا ابن البشرية.
رغم أن تلك الكلمة تستخرج وحشه القابع خلف عرينه المتين الا أنه ابتسم وهو يخبرها بنظراتٍ غامضة:
_أمتلك إسماً رائع غير هذا.
ضيقت عينيها بسخطٍ:
_أناديك مثلما شئت.
تطلع لها مطولاً قبل أن يتحدث بجديةٍ:
_لا أعلم ما الذي فعلته بي حتى أحتمل ما تقولينه بصدرٍ لم يكن رحب بسماع تلك الكلمات من قبل .
هامت بعينيه التي استزفت جزء مجهول من قلبها النابض، تلك الربكة اللعينة تجعلها تختبر الضعف لجواره لأول مرة، صفن بها وصفنت يديه بخصلات شعرها الرمادي، ليعبق رحيقه أنفه وكأن الزهور استمدت من عبقها رائحة خاصة، دقائق طالت بهيام العينين ولحظات كادت بها أن تعترف له بأنه شخصاً لطيف، بعيداً كل البعد عن تلك الجرائم المشنة التي ترويها لها خالتها باستمرارٍ، ولكن ماذا عن هدفها ورغبتها بالأنتقام؟
أبعدت “ألماندين” يديه عن وجهها، لتشير له بارتباكٍ ظهر بحدتها المصطنعة:
_لا تقترب مني هكذا مجدداً.
ثم نهضت وكادت بالمغادرة، ليحلق سريعاً ومن ثم حملها ليرتفع بها عالياً ليضمن حصارها الكامل، ليجعلها أمامه ترى عينيه وتستمع لكلماته بوضوحٍ:
_أعلم بأن هناك من يساعدك بقصري لمعرفة الأماكن التي أزورها بين الحين والأخر.. وهو نفس الخائن الذي دفعك لإثارة كل هذا الشغب.
حاولت التملص من يديه بقلق شديدٍ ظهر على ملامحها وهي تراه يتحكم بقواها، فاستطرد بنفس لهجته المخيفة:
_هناك من سمم عقلك تجاهي وتجاه المملكة فجعلك تنفذين رغباته دون اعتراض.
تمتمت وهي تلتقط أنفاسها بانفعالٍ:
_إتركني.
تأملها قليلاً، قبل أن يجيب:
_سأفعل.
ثم انخفض ليتركها تلامس الأرض بقآثار إصابةيها، ليقف أمامها من جديدٍ وهو يهمس بثباتٍ قبل أن يغادر:
_حينما تمتلكين الجرءة للحديث عما فعلته بكِ تعلمين أين تجديني؟
ثم تخفي ليتركها بحالةٍ من التشتت، أصبحت لم تتمكن من تحديد هويته أو تحديد ما يريده قلبها..
**********
بين غيوم الليل الكحيل وظلماته وقف يتطلع لحاجز مملكته العتيق بشرودٍ جعله لم يشعر بوجود أبيه لجواره، فرفع الملك “شون” يديه على كتفيه وهو يتساءل بحزنٍ:
_لأول مرة لم تشعر بمن خلفك قبل أن يصل إليك.. ماذا بك بني؟
استدار “لوكاس” ليكون في مجابهة أبيه، ليجيبه بابتسامةٍ يسكنها الألم بوضوحٍ:
_لطالما ربحت الحروب التي خضتَها، ولكني خسرت بمعركة الحياة أبي، خسرت ابنتي التي لا تفكر الا بعنادي حتى “ديكسون” لا يؤيد أي قرار أتخذه فيخترقه دوماً.
أشار له الملك بالجلوس، وبنفس ذات البسمة البشوشة قال:
_حينما اشتد عودك وحملت السيف لأول مرة كدت بقطع أطرافك وحينها هرعت إليك “بُوران” ركضاً وقبل أن تصل إليك أوقفتها وأمرتها بأن تترك.. حينها عاتبتني بأنني أبٍ قاسي القلب ومع ذلك تقبلت ما قالته بابتسامة صغيرة، وحينما مرت الأيام ورأت بعينيها قوتك ومهارتك التي يخشاها الجميع علمت لما كنت أفعل ذلك معك.
والتقط أنفاسه على مهلٍ وهو يستكمل:
_أعلم أن الأمر مختلف كلياً ولكن عليك بأن تتحلى بالصبر بني.. “ديكسون” يحبك كثيراً ولا يعارضك تحدٍ منه بل قلق شديداً بأن تصنع عقوبتك فجوة كبيرة بينك وبين ابنتك.
تمعن “لوكاس” بما قاله والده بحرصٍ شديد، حتى صعد لجناحه فإنجرفت قآثار إصابةيه لجناح ابنته، وقف لجوار فراشها يتأملها بحنانٍ وهي غافلة باستسلامٍ، ليردد بصوتٍ منخفض:
_إن كانت تجمعك صداقة بمملكة “الشارق” فلينهي أبيكِ العداء الذي يجمعه بملكها.
ثم طبع مودة صغيرة على جبينها، ليغادر بحذرٍ حتى لا يفيقها، ومن ثم توجه لجناح “ديكسون” فتمدد على فراشه البارد ينتظر عودته، وحينما استمع لصوت احتكاك قوي رفع صوته وعينيه تحدق بالفراغ:
_تتأخر كثيراً بالعودة.
تفاجأ به “ديكسون”، فأنحنى قليلاً مردداً:
_مولاي.
ثم تساءل باهتمامٍ:
_هل حدث مكروه؟
اعتدل”لوكاس” بجلسته، ليجيبه بابتسامةٍ صغيرة:
_أهدأ، أردت الحديث معك فحسب.
رد بوقارٍ:
_بأمرٍ من الملك.
تطلع له مطولاً ليختمها بإشارة يديه:
_اقترب “ديكسون”.
إنصاع اليه ثم اقترب ومن ثم جلس لجواره مثلما أراد، ليبدأ”لوكاس” بالحديث والابتسامة تلاحق كلماته:
_ذكرني أبي بطفولتي فابتسمت حينما تذكرت بعضاً منها، شعرت وكأنني اهتديت لشيئاً فقدته منذ زمناً بعيد.
ووضع يديه على كتفيه وهو يسترسل:
_أتعلم “ديكسون” حينما إختارني السيف لأكون حامله شعرت بذلك اليوم وكأن عبئ المسؤولية وقع على عاتقي، وبالرغم من ذلك كنت أطمح بالمزيد حتى وإن كانت ستزداد متاعبي، التهيت بالحروب ولم يستنى لي التفكير بأن يكون لي يوماً ولداً!
ونهض عن الفراش ليحلق بجسده عالياً فأتبعه “ديكسون” ليخرج من الجناح المنحوت من الكهوف والصخر الغامض، ليصبح أمام الحاجز الذي يحب تأمله، فعاد ليستطرد بحبورٍ:
_لا أعلم ما الذي دفعني للاستماع إلى “ضي” فوجدت نفسي أقبل بك وأرغم برؤيتك.. كنت تستمد قواك مني والآن أستمد منك قوتي.

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل