منوعات

غصن من نار بقلم سارة فتحى

-سعيد إبن حسنين عليوه
أجابها بتردد .. ثم أكمل موضحاً
-عايز يتجوزها ويسافر على طول علشان جاله عقد عمل بره
ظلت صامته تنظر إليه وعلامات الغضب ترتسم على ملامحها جعلته يتراجع إلى الخلف … قالت من بين أسنانها:
-يعني أنت يا راجل عايز تجوز خدامتي لسعيد وياخدها ويسافر بيها وتعيش ملكة …. طيب وبنتك يا راجل يا ناقص
-هو إللى طلبها يا عطيات .. أقوله أنا بقى لأ أتجوز سوسن .. هي بنتك شوية ولا أيه
رد على كلماتها ببعض العصبـ,ـية وبعد ذلك قال بأبتسامة صغيرة
-وبعدين أهي تتجوز وتسيبلك البيت وتريحك منها .. وبعدين هو كدة مش عايز لا جهاز ولا أي حاجة هيتجوزها ويسافر بيها على طول ولا بقى نرفضة ويجي واحد يقولك عليا وعليكم
-وإحنا هنجهزها منين .. الفلوس على قد إننا نجهز سوسن .. ونساعد علاء
قالت برفض قاطع لكلماته .. ليبتسم حين وجد أن كلماته قابلت القبول لديها .. تحركت من أمامه وجلست على الكرسي تضع قدم فوق الأخرى وهي تقول:
-خلاص أنا موافقة .. خلية يجي يوم الجمعة
ليقترب منها وهو يقول بتردد:
-طيب مش هنقولها..
لترفع عيونها إليه بغضب وقالت بصوت عالي:
-نقولها إيه يا بشر .. ناقص تقولي ممكن ترفض
ضـ,ـربت على قدميها بكلتا يديها ثم وقفت أمامة وهي تقول بأمر:
-بنت أخوك هتتجوز سعيد يا بشر وده إللي عندي و أبقى أسمع أي حاجة تانية غير كده
وبالفعل خلال أسبوعان كان تم كل شيء لم يؤثر فيها بكاء “غصن” أو رفضها وخوفها .. حتى أن قلبها لم يحن لها حين جلست أمامها أرضًا تتوسلها .. واليوم ها هي تقف في صالة منزل عمها بفستان زفافها تنتظر عريسها المنتظر التي لم تراه ولا تعلم عنه أي شيء .. اليوم تطوي صفحة عذاب وألم .. وتبدأ صفحة جديدة من الخوف
………………………..
داخل سيارة مزينه بالكثير من الأشرطة الملونة تجلس بصمت جواره .. ذلك الرجل الذي أصبح زوجها .. هو لم يقل كلمة واحدة منذ أخذها من بيت عمها حتى أنها ظنت أنه أبكم .. فلا صوت ولا حركة سوا قيادته للسيارة
رفعت عيونها تنظر إليه بطرفها لترى وجه أبيض بذقن خفيفة وشارب .. يد قويه تمسك المقود لكنها إنتفضت حين وصلها صوته وهو يقول:
-أرفعي راسك كويس وأتأملي ملامحي براحتك عادي … من حقك
أبتسمت بخجل ونظرت إلى يديها المستريحة على قدميها ليضحك بصوت عالي وهو يقول بمرح:
-أنتِ لُقطة والله
لم تفهم معنى كلماته خاصة مع أسلوبه الساخر .. هل هي مدح أم ذم لكنها شعرت بأنقباض في قلبها وخوف يسري في عروقها وصلا إلي المطار ومباشرة إلي الطائرة لم يتحدث معها في أي شيء أخر حتى جلسا في أماكنهم لينظر إليها وقال ببرود:
-نامي .. الرحلة طويله ومنتظرك هناك حاجات كتير أوي فأرتاحي
وأخر كلماته قالها ببرود وهو ينظر أمامه بعيون باردة .. شعرت بغصه قويه تؤلم قلبها وتجمعت الدموع في عيونها بسبب ذلك الخوف الذي تسلل إلى قلبها .. أومئت بنعم دون أن تقول أي كلمة … رغم أن هناك داخل عقلها الآف من الأسئلة أراحت رأسها على الكرسي ونظرت إلى النافذة .. تحاول أن تتجنبه لكن الخوف بداخلها منعها من النـ,ـوم ( من ذلك الرجل الذي أصبح زوجها ؟ والتي تذهب معه لمكان بعيد لا تعلم عنه شيء.. رجل غريب لا تعلم من هو .. لا تعلم شيئ عن أخلاقه .. لا تعلم سوا إسمه فقط )
أنحدرت تلك الدمعـ,ـه الحـ,ـارقة وهي تهمس
-الله يسامحك يا عمي .. الله يسامحك
كان هو يشعر بها جيدًا ويعلم بما تفكر لكنه لم يهتم بذلك كثيرًا ومتى كان يهتم بأي أنسان على وجه الأرض كان كل تركيزة على جهازه اللوحي يقوم ببعض المحادثات ويرسل بعض الصور وهو يبتسم … مر الوقت هي ثابته على حالها كلما شعرت به يتحرك أغلقت عينيها دون أن تنتبه أنه يرى إنعكاسها في الزجاج ويعلم أن عيونها لم تنم للحظة
وصلت الطائرة إلى وجهتها أخيراً وطوال فترة سيرهم داخل المطار يلتقط لهم الصور وينظرون إليها بسعادة وبلغتهم يلقون عليها الكثير من التهاني
أنتهت كل أجرائاءت المطار ومباشرة إلى تلك السيارة التي تنتظرهم أمام الباب بسائق خاص حيا زوجها بأحترام شديد وفتح لهم الباب ليشير لها بالدخول .. أغلق الباب ودار حول السيارة وصعد جوارها وكذلك السائق وبدأت السيارة في التحرك وحين بدأت ترى الطريق العام لكنها شعرت بعيونها تغلق فجأة ولم تعد ترى شيء
………………………..
بدأت تفتح عيونها بتثاقل ولكن الرؤية كانت مشوشة بشكل كبير .. تشعر أنها تود أن تصرخ بسبب الألم التي تشعر به في ذراعيها وقدميها ولا تفهم سبب ذلك الألم … لكنها لا تستطيع تحريكهم بأي شكل من الأشكال .. لا تعلم إذا كانت مقيدة بشيء أو أنها فقدت كل قدراتها على الحركة … تحاول أستجماع وعيها .. وكل ذره عقل فيها .. حتى تستطيع إستيعاب ما يحدث معها وتلك الأصوات من حولها وتلك الكلمات التي تصل لها تجعل الدم يتجمد في عروقها رغم أنها لا تفهمها جيدًا
( برافوا عليك يا سعيد … نادي الموظف .. أرمي اليمين يا سعيد … أكتب عقد جديد يا أستاذ )
من ذلك الرجل الذي يسبب لها صوته كل هذا الاحساس بالخوف .. والتقزز .. وأيضًا ذلك الشعور القوي بالغثيان .. من سيطلق من .. ومن سيتزوج من؟ أين هي؟ وماذا يحدث معها؟ .. ولماذا هي في تلك الحالة؟ عيونها مفتوحه على أتساعها .. لكنها لا ترى جيدًأ .. تستمع لكل حديثهم لكنها لا تدركه … سطع ضوء عالى جعلها تغمض عيونها بقوه .. وبعدها حل الظـ,ـلام من جديد .. أصوات متداخلة .. وشعور بهتزاز جسدها وكأنها داخل سيارة نقل تجعل جسدها يرتفع وينخفض بقوة وسرعه.. وتتحرك يمينًا ويسارًا تصطدم بشيء ما ثم تعود إلى مكانها من جديد .. وكل ذلك وسط ضجيج وأصوات كثيرة وهمهمات أيضًا.
بعد الكثير من الوقت .. هي لا تعلم كم من الوقت مر عليها إلا أنها لم تعد تشعر بجـ,ـسدها من كثرة الألم .. تتمنى أن تغمض عيونها ولا تعود لتفتحها من جديد .. كيف يعيش الإنسان مع كل هذا الخوف والجهل والألم أيضًا .. ومجهول ينتظرها .. أين هي من تلك العروس التي كانت تسافر مع زوجها .. صحيح أين ذلك المدعو زوجها هي لا تعلم أين ذهب .. هل خطفوه عن طريق إحدى العصابات؟ وهل قُتـ,ـل سعيد وهو يدافع عنها؟ أم تركها وهرب؟

انت في الصفحة 2 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
12

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل