
“غـ,ـصن من نـ,ـار”
بقلمي سارة مجدي
مقدمة
في أكبر كوابيسها لم تتخيل أن يحدث معها ما قاله لها الأن .. لكن نظراته الباردة التي تنظر إليها الأن بدون شفقة أو رحمة تجعلها تصدق .. لقد سقطت فريسة لذلك الشيطا,ن وأنتهت حياتها .. والمسمى زواج
البداية
تحمل الكثير من الحقائب وتسير ببطئ شديد حتى وصلت أمام باب بيتها لتطرقه بقدمها وأنتظرت عدة ثوان لتطرقة من جديد .. ولكن قبل أن تصل قدمها إلي الباب فُتح بقوة وظهرت من خلفة سيدة أربعينية تلون وجهها بالكثير من مساحيق التجميل يرتسم الغضب على ملامحها وهي تقول:
-يعني متأخرة وكمان عمالة ترزعي .. أيه في أيه؟ هو أنا واقفه ورى الباب.
تراجعت “غصن” إلى الوراء بخـ,ـوف وقالت بصوت مرتعش:
-أنا أسفة يا مرات عمي .. بس الشنط تقيلة أوي
لتنظر “عطيات” إلى الحقائب في يدي “غصن” ورفعت حاجبها وهي تقول:
-اه طبعًا أيدك إللي ما كنتش بتشيل الياسمين من على الأرض .. هتقدر تشيل كيسين خضار
ومصمصت شفتيها وأكملت :
-أهو بعمل فيكي ثواب وبعلمك علشان لما تتجوزي .. تقدري تفتحي بيت وتشرفي أهلك الله يرحمهم قدام جوزك
قالت كلماتها الأخيرة وهي تلوي فمها بطريقة تدل على السخرية .. كل ذلك ومازالت “غصن” تقف أمامها تحمل الحقائب الثقيلة بدون شفقة من تلك السيدة التي نزعت الرحمة من قلبها
وبخطوات بطيئة تحركت تفسح لها المجال حتى تعبر الباب .. وحين أصبحت أمامها مباشرة قالت:
-حضري الغدا بسرعة علشان عمك وأبن عمك في الطريق .. وأنا وسوسن كمان جُعنا علشان خاطر غصن هانم كانت بتـ,ـدلع في السوق
نظرت “غصن” إليها والدموع تلمع في عيونها .. لكنها لم تنحدر فوق وجنتيها علها تريح قلبها قليلًا .. لكنها أومأت بنعم ومباشرة إلي المطبخ ترتب الأغراض وتبدء في تحضير الطعام
جسدها يأن بألم قوي وقدميها لم تعد تحملانها .. فمنذ أستيقاظها .. وهي تنظف البيت تقوم بتجهيز الطعام .. تذهب إلى السوق وتهتم بغسيل الملابس .. لا راحه .. ولا طعام حتى تنتهى .. هذه أصبحت حياتها منذ وفاة والديها منذ ثلاث شهور حتى أنها ومن كثرة الألـ,ـم والحـ,ـزن لم تستطع الحزن على والديها والبكاء عليهم .. أصبحت الأن تبكي حالها .. وتشفق على نفسها من ذلك العـ,ـذاب
زوجة عمها ومنذ حضرت إلى بيتها بعد أيام العزاء وكأنها وجدت كنز شيئاً في شيء حملت فوق كتفي “غصن” مسؤلية المنزل وأصبحت هي و إبنتها لا يضعون يديهم في أي شيء .. وبالمعنى الحرفي أصبحت “غصن” في بيت عمها مجرد خادمة
………………………..
فتحت عيونها رغمًا عنها .. فهي لم تأخذ كفايتها من النوم .. لكن صوت المنبه .. وأيضًا صوت زوجة عمها .. الذي يأتي لها من بعيد وكأنه كابوس تتمنى أن تستيقظ حتى تنتهى منه .. لكنه لا يتوقف حتى بعد أن فتحت عيونها
أعتدلت جالسة وهي تآن بآلم من تلك الأريكة غير المريحة التي تتمدد عليها يوميًا منذ حضورها إلي ذلك المنزل .. لتقتحم “عطيات” الغرفة وهي تقول:
-خير يا ست هانم هنفضل مستنين جناب معاليكي لحد أمتى علشان تحضريلنا الفطار
أبعدت “غصن” الغطاء عن جسدها .. وأنزلت قدميها أرضًا وهي تقول بأرهاق واضح:
-انا أسفة يا مرات عمي حالًا هجهزه
وتحركت تغادر الغرفة لتلوي “عطيات” فمها .. ثم غادرت الغرفة حتى تجلس أمام التلفاز كعادتها.
مر اليوم ككل يوم منذ ثلاث أشهر … “غصن” تعمل في المنزل .. وتجلس “عطيات” وأبنتها أمام التلفاز .. وصل “بشر” إلى البيت ويبدوا على ملامحة التفكير .. لا يعلم ماذا عليه أن يفعل وماذا ستقول “عطيات” في ذلك الأمر هو يعرف موقفها جيدًا من “غصن” .. يشعر بالشفقة على أبنة أخيه لكن ليس بيده شيء يفعله من أجلها .. لو حاول مد يد العون والمساعدة .. إليها سوف تنقلب حياة الفتاة لعذاب حقيقي أضعاف ما تعيش فيه الأن .. لاحظت “عطيات” وقفة “بشر” عند الباب لتقترب منه وهي تقول بأستفهام:
-مالك يا بشر أنت تعبان ولا أية؟
لينظر إليها ببعض التردد وقال :
-تعالي على الأوضـ,ـة عايز أقولك على حاجة
وتركها على وقفتها ودلف إلي الغرفة .. لتقطب جبينها بحيرة ولكنها لحقت به سريعًا حين دلفت أغلقت الباب وهي تقول بنفاذ صبر:
-في أية يا بشر قلقتني
-بصراحة كده ومن الأخر في عريس متقدم لغصن
قال كلماته وكأنه يلقيها .. ويتخلص من ثقلها .. نظراته تتفحصها وينتظر أن يستمع لصراخها عليه الأن لكنها ظلت صامته تنظر إليه ببرود وقالت بعد عدة دقائق مروا عليه كاساعات
-مين العريس ان شاء الله