منوعات

بقلم مني سلامه ج 2

الحلقه 23

 

عبرت سيارة صديق “نهال” بوابة الفيلا .. أوقف أحد الحرس السيارة وألقى نظرة على صديق “نهال” وصديقتها الجالسه بالخلف .. قالت “نهال” بتأفف :

– خير فى حاجه ؟

قال الحارس الذى يرتدى اليونيفورم ويحمل بيده هاتفاً لاسلكياً :

– لا أبداً يا فندم .. اتفضلى

انطلق صديق “نهال” بالسيارة .. التفت اليه أحد زملائه قائلاً :

– ايه يا “دياب” .. فى ايه ؟

التفت “دياب” اليه وقال :

– الواد ده شكله مش مريحنى

ضحك زميله وقال :

– مريحك ولا مش مريحك احنا مالنا ومالهم

 

توقفت السيارة أمام الفيلا فهبكت منها “نهال” ملوحة لصديقيها مودعة .. قبل ن تتمكن من صعود الدرجات سمعت صوتاً من خلفها يقول :

– آنسه “نهال”

التفتت “نهال” وابتسمت قائله :

– أيوة يا “بشير”

صعد “بشير” الدرجات التى تفصله عنها وهى يلقى نظرة على السيارة المغادرة .. ثم نظر اليها بقلق وقال :

– الولد ده مش مرتاحله خلى بالك من نفسك

قالت بلامبالاة :

– لا أبداً ده لذيذ أوى

قال وهو ينظر اليها بإمعان :

– خلى بالك من نفسك

أومأت برأسها فى لا مبالاة وأكملت صعود الدرجات الى الفيلا

 

غادرت السيارة .. فقال “دياب” بحنق وهو يجلس على أحد المقاعد بجوار البوابة :

– مش فاهم ايه العالم دى .. سايبين بنتهم داخله خارجه مع شاب ملزق زى ده .. خلاص مفيش نخوة .. الله يرحمك يا رجولة

قال زميله وهو يعطيه كوب الشاى الخاص به :

– اشرب يا ابنى .. رجولة ايه .. الناس اللى زى دى بيشوفوا الرجولة تخلف ورجعية

أخذ “دياب” رشفة” من كوب الشاى ثم قال :

– لا بس الشهادة لله البشمهندس “مهند” غير العالم الزبالة اللى عايشين فى الفيلا .. تحسه كده راجل من ضهر راجل

أومأ زميله برأسه قائلاً :

– معاك حق .. حتى طريقته فى التعامل معانا ومع اللى شغالين فى الفيلا .. تحسه راجل محترم كده ومتواضع .. مش متكبر زى “علاء” و “نهاد” وباقى العائلة الكريمة

نظر “دياب” الى ساعته ثم ترك كوبه وقال :

– أنا كده تمام .. معاد الشفت انتهى .. أشوفك بكره يا زُمل

شيعه صديقه بيده قائلاً :

– سلام يا “دياب”

مشى “دياب” الى أن وصل الى نهاية الشارع .. سار بطول شارعاً آخر .. ثم توجه الى احدى مواقف الحافلات ينتظر الحافلة .. بدا عليه الإنهاك والتعب .. وضع كفه على فمه يكتم تثائبه .. أتت الحافلة .. ركب وتزاحم مع الركاب .. عد الدقائق التى مرت كالساعات حتى وصل الى وجهته .. فقط ليركب حافلة أخرى !

عندما وصل الى بيته كان قد بلغ منه التعب مبلغه .. توجه الى بقال صغير وقال مبتسماً :

– مساء الخير يا عم “عبده”

هش الرجل وقال :

– مساء النور يا ابنى .. اتفضل

أخذ “دياب” ينظر الى الحلوى المعروضة .. ثم تخير منها مصاصة صغيرة و طلب من الرجل أن يلف له القليل من البسطرمة .. أخذ “دياب” من البائع من أراد ونقده الثمن بعد الحاح .. صعد الدرجات المتهالكة فى تلك البناية القديمة التى تتوسط أحد الأحياء الشعبية .. أخرج مفتاحه وفتح الباب .. أغلقه خلفه بهدوء نظر يميناً ويساراً .. أقلقه السكون الذى حف المكان .. فنادى :

– “سحر” .. انتى فين ؟

لم يجد رداً توجه الى غرفة النوم ليجد امرأة نائمة فوق الفراش وبجوارها طفلة صغيره .. أشارت له أن يصمت .. كانت تربت على الطفلة وتدندن لها بصوت خافت حتى تتمكن من النوم .. اقترب “دياب” منها على أطراف أصابعه وقبل وجنتها وقال هامساً :

– جبتلك حاجه بتحبيها .. نيميها وتعالى نتعشى

أومأت له رأسها وقالت بضيق هامسه :

– “دياب” اخرج دلوقتى البنت هتصحى ما صدقت انها بتنام

التف “دياب” الى الجانب الآخر من الفراش مقبلاً جبين الصغيرة تحت نظرات “سحر” الحانقه .. فهتفت هامسه :

– “دياب” مش وقته .. اخرج

أومأ “دياب” برأسه وابتسم معتذراً .. خرج من الغرفة وهو يحمل منامته .. دخل الحمام وأخذ دشاً وارتدى المنامة .. خرج يبحث عن “سحر” فى المطبخ فلم يجدها .. توجه الى غرفة النوم ليجدها نائمة تغط فى سبات عميق .. شعر بالضيق .. لكنها ما لبث أن اقترب منها وأحكم وضع الغطاء عليها وعلى طفلته .. خرج وتوجه الى المطبخ بعدما شعر بالجوع ينهش معدته .. أخرج علبة صغيره تحتوى على فتات من الجبن .. وصنع ساندوتش سريع .. التهمه فى نهم .. ثم توجه الى الجهة الأخرى من الفراش .. مقبلاً كف صغيرته قبل أن يغط فى سبات عميق هو الآخر

 

****************************************

قال “باهر” لصديقه بتأفف :

– أنا اتخنقت وعايز أسيب “سمر”

ضحك صديقه وقال :

– أنا استغربت أصلاً انت ايه اللى مصبرك عليها لحد دلوقتى

قال “باهر” بغيظ :

– عمر ما واحده عصلجت معايا كده .. خطوبه وخطبتها عايزه ايه تانى

قال صديقه مازحاً :

– بترسم أكيد على جواز

ابتسم “باهر” بسخريه وقال :

– بتحلم أكيد .. آل أتجوز آل .. أنا ناقص خنقه .. وبعدين دى بنت خنيقه بجد يعني .. على رأيك أنا كان ايه اللى مصبرنى عليها .. أنا هتكلم معاها .. وأنهى كل حاجه

ضرب صديقه كأسيهما ببعضهما البعض وقال :

– أيوه كده .. كنت كده “باهر” صحبى وحبيبى .. كان دمك تقيل أوى وانت خاطب

أطلق “باهر” ضحكه رنانه وقال :

– آل يعني كان فارق معايا خاطب ولا مش خاطب

ضاركه صديقه ضحكاته قائلاً:

– على رأيك ده انت كنت مقضيها

 

****************************************

 

اجتمعت العائلة على طاولة الطعام .. وكل منهم شارد فى أفكاره .. أما عينا “عدنان” فكانت تدور عى الجميع وكأنه يريد النفاذ داخل صدور كل منهم ويعلم بمكنونات قلوبهم .. قالت “نهال” وهى تلقى نظره على “مهند” :

– أنا نفسى أغير جو قبل ما الدراسة تبدأ

قالت “انعام” ضاحكة :

– أمال الرحلة اللى كنتى فيها دى كانت ايه

قالت “نهال” بمرح :

– أصل أنا نفسى أروح اسكندرية .. بجد بحبها أوى ونفسى أزورها

ظهرت سحابة حزن على عيني “مهند” لم ينتبه اليها الى أخته الجالسه بجواره .. قالت “يسرية “:

– خلاص مفيش مشكلة اطلعى مع حد من صحابك

ٌقالت “نهال” :

– لأ .. أنا عايزه أطلعها معاكوا .. ما تيجوا نطلعها سوا

قال “حسنى” :

– انتى فاكرانا فضينلك يا “نهال”

قالت “انعام” ببشاشه :

– حبيبتى “نهال” ولا تزعلى نفسك .. أنا هطلع معاكى .. أنا كمان محتاجه أغير جو

قالت “نهال” بلهفه :

– حلو أوى يا عمتو

ثم نظرت الى “فريدة” وقالت وهى تعى ما تقول :

– متيجي معانا يا “فريدة” أهو تغيري جو

قالت “فريدة” بأسف :

– معلش يا “نهال” بس انتى عارفه انى مينفعش أسافر من غير محرم

قالت “نهال” وهى تلقى نظره على “مهند” :

– يا خسارة يا “فريدة” كنتى هتتبسطى أوى .. حرام والله انتى على طول محبوسة فى البيت ومبتخرجيش ولا بتسافرى ولا بتغيري جو

قال” علاء” بسخرية وهو يرشف من كوب الماء أمامه :

– معلش يا “نهال” أصل ابن عمك عايش فى دور سى السيد حتى مع أخته

التفت اليه “مهند” بحده وقال بحزم :

– لا مش عايش دور سى السيد .. بس البنت مينفعش تسافر من غير محرم معاها .. وده حفاظاً عليها مش للضرر بيها

ثم نظر الي “فريدة” وقال :

– خلاص يا “فريدة” نطلع معاهم

صفقت “نهال” بحماس .. فقد نجحت خطتها فى استدراج “مهند” الى تلك الرحلة

قالت “فريدة” بفرح :

– بجد يا “مهند” يعني مش هعطلك ؟

أحاط كتفيها بذراعه قائلاً :

– ولا يهمك يوم واحد مش هيخسر

قالت “نهال” بحنق :

– يوم واحد بس

قال “مهند” بحزم :

– أيوة ومن غير بيات .. لان مش هينفع أسيب الشغل اليومين دول

قال “عدنان” مؤكداً :

– فعلاً مينفعش خالص تبعد عن الشركة يا “مهند” بس لو على يوم من الصبح لآخر النهار مفيش مشكلة .. ولما نخلص الكام صفقة اللى فى ايدينا ابقى خد أجازة كام يوم

أومأ “مهند” برأسه ثم عاد لإكمال طعامه .. ابتسم “عدنان” الى “لميس” التى تشرف على تقديم الحلوى وقال :

– تعبناكى النهاردة يا مدام “لميس”

ابتسمت قائله بأدب :

– لا أبداً يا “عدنان” بيه

التقت عيناها بعيني “يسرية” فلمحت سخرية فى عينيها .. أشاحت “لميس” بوجهها عنها سريعاً .. انتهت السهرة وتوجه “حسنى “برفقة “يسرية” و “كوثر” الى الخارج .. وقف “لميس” تشيعهم بأدب .. بمجرد أن خرجت “يسرية” قالت :

– ثوانى نسيت حاجة جوة اسبقونى انتوا على العربية

هبط “حسنى” الدرج برفقة “كوثر” .. عادت “يسرية” ورأت “لميس” متوجه الى الدور السفلى حيث يعيش العاملون فى الفيلا فجذبتها من ذراعها .. التفتت “لميس” لتنظر اليها ببرود .. قالت “يسرية” بتهكم وهى تنظر الى بنظرات ساخره :

– لسه بتبصى لفوق يا “لميس” مش كده ؟ .. بس خلى بالك مش كل مرة تسلم الجره

امتقع وجه “لميس” وتجمدت ملامحها .. فقالت “يسرية” هامسة بتشفى :

– خلى بالك من تصرفاتك كويس أوى .. واوعى تفتكرى انى مش واخده بالى .. أنا فاهماكى كويس .. وفاهمة بتخططى لايه

ثم قالت بقسوة شديدة وهى تضغط على ذراعها بعنف :

– ده بعدك يا “لميس” .. فوقى لنفسك بدل ما أفوقك

جذبت “لميس” ذراعها بعنف من يد “يسرية” وتوجهت مسرعة الى غرفتها .. أغلقت الباب ووقفت خلفه .. تحاول السيطرة على عبراتها المنهمرة دون جدوى .. تعالى صوت بكائها .. فأخرج معها آهاتها الحبيسة بداخل صدرها !

 

**************************************

انت في الصفحة 7 من 14 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل