
الحلقه الثالثه
خرجت “لميس” من الفيلا .. ونظرت الى ذلك الشاب الذى وقف يمسح تلك السيارة الفارهة التى تقف أمام الفيلا .. توجهت اليه مبتسمة وهى تقول :
– صباح الخير يا “بشير”
التفت الشاب اليها وقال بإحترام :
– صباح النور يا مدام “لميس”
قالت بإهتمام :
– عملت ايه فى اللى قولتلك عليه
قال “بشير” بحماس :
– متقلقيش يا مدام “لميس” .. كل حاجة هتبقى مظبوطة ان شاء الله .. والطلبات اللى حضرتك كتبتيهالى جبتها كلها وحطتها عندنا تحت
اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
– تمام أوى .. تسلم يا “بشير”
التفتت .. فرأت “عدنان” الذى خرج من الفيلا متوجهاً اليهما .. أسرع بشير فى فتح باب السيارة قائلاً :
– اتفضل يا “عدنان” بيه
ابتسم له “عدنان” و ركب فى السيارة بينما توجه “بشير” الى مقعد السائق وانطلق بالسيارة خارج الفيلا تودعهما نظرات “لميس”
***************************************
تقلبت “سمر” فى فراشها وهى تفرك عينيها متمطعة .. كادت أن تعود الى نومها مرة أخرى لولا ذلك الصياح الذى سمعته فى الخارج .. جلست فى فراشها لبرهة وهى تستمع الى تلك الأصوات الصاخبة فى تبرم .. أزاحت الغطاء ونهضت عن فراشها مرتدية ذلك الروب الموضوع على أحد المقاعد .. خرجت من غرفتها وهى تفرك عينيها لتتضح لها الأصوات أكثر .. توجهت الى غرفة المعشية .. كان هناك رجل وامرأة يقفان فى مواجهة بعضهما البعض ويبدو أن نقاشاً حاداً يدور بينهما .. تمتمت “سمر” :
– صباح الخير
لم يجيبها أحد .. فكلاهما منشغل بالشجار مع الآخر .. صاح الرجل :
– اللى أنا أقوله يتنفذ .. الست دى مش عايز تعرفيها تانى
صاحت المرأة :
– ليه بأه .. انتى فاكرنى جاريه عندك ولا ايه .. لا فوق .. من امتى وانت بتقولى اعرفى دى ومتعرفيش دى .. احنا فى تركيا مش فى مصر
– اللى قولته يتنفذ يا “فيروز”
– انت ملكش حق فى انك تدخل فى علاقاتى وصداقاتى يا “حمدى”
– لا ليا الحق .. طالما علاقاتك وصداقات هتأثر على شغلى يبأه لازم أتدخل
تمتمت “سمر” بوهن والتى كانت تنقل نظرها بنيهما :
– فى ايه ؟
لم يجيبها احد تلك المرة أيضاً .. صاحت “فيروز” :
– أنا مش فاهمة اشمعنى الست دى اللى عايزنى أقطع معاها
صاح “حمدى” بغضب هادر :
– عشان ست زبالة وسمعتها زى الزفت .. وعندها شقة مفروشة وفيها قمار وسكر ومسخرة وقلة أدب .. أقول كمان يا “فيروز” .. أظن كفاية كده لانك عارفه كويس أوى بلاوى صحبتك
رفعت “سمر” حاجبيها فى دهشة وهى تنظر الى “فيروز” التى صاحت بحنق :
– دى اشاعات
قال “حمدى” بحده :
– لا مش اشاعات وأنا واثق انك عارفه أخلاق صحبتك كويس وعارفه اللى بتعمله .. وواثق ان هى اللى مضيعه الفلوس اللى بتسحبيها منى كل شوية والتانى لما خلاص قربت أبقى على الحديدة
زفرت “فيروز” بحدة :
– بطل بأه .. بطل كل شوية تفكرنى اننا خلاص هنفتقر
– اسمعى يا “فيروز” أنا داخل فى صفقة مهمة ومش مستعد أخسرها عشان مراتى مصاحبه واحدة سمعتها قذرة زى دى
– يا سلام وايه علاقة صحبتى بصفقاتك ان شاء الله
– العلاقة ان سمعتى مش عايزها تتأثر بأى حاجة .. شكلى هيبقى ايه لما شركائى فى الصفقة يعرفوا ان مراتى مصاحبه واحده زى دى وداخله خارجه معاها
– حياتى الخاصة ملكش دعوة بيها يا “حمدى”
– هى كلمة واحدة ومش هكررها تانى يا “فيروز” .. اقطعى علاقتك بيها فوراً
غادرت “فيروز” المكان فى تبرم بينما جلس”حمدى” متهالكاً فوق الأريكة شارداً حزيناً بائساً .. اقتربت منه “سمر” وربتت على كتفه قائله :
– بابا انت كويس
أومأ برأسه دون أن ينظر اليها .. ثم نهض وغادر البيت وأغلق الباب خلفه بقوة .. أسندت “سمر” ظهرها الى الأريكة وهى تتنهد فى حسرة .. لم تكن تلك الشجارات جديدة .. ولا حتى مضمونها غريباً .. ففى الغالب تحدث تلك الشجارات عدة مرات شهرية ويكون سببها الأول والأخير هو .. المــال .. لا تذكر أنها رأتهما يتشاجرات حول أى شئ آخر .. فكل منهما همه مصالحه الخاصة ..
*****************************************
وقفت “سمر” أما المرآة متأنقة تتمم على ملابسها التى أبرزت مفاتنها بذاك البنطلون الذى حدد تفاصيل ساقيها مرتدية فوقه بلوزة ضيقه تغطى بصعوبة نصفها العلوى ! .. نظرت الى لمسات المكياج التى زينت بها وجهها وعادت ضبط أحمر الشفاه على شفتيها .. ثم حملت زجاجة العطر وأخذت تعطر نفسها برشات خفيفه .. قبل أن تحمل حقيبتها وتتوجه الى الباب .. أوقفتها “فيروز” قائله بلامبالاة وهى تحمل كوباً من العصير :
– خارجه ؟
قالت “سمر” وهى تعبث فى هاتفها دون أن تنظر اليها :
– أيوة .. “باهر” مستنيني تحت
قالت “فيروز” بتبرم :
– مش ناويين تتجوزوا بأه .. خليكي ناصحة اتجوزيه قبل ما يهرب منك أو تيجي واحدة تانية ترسم عليه الرجاله ملهمش أمان
نظرت اليها “سمر” بحده ثم خرجت وهى تغلق الباب خلفها بعنف .. وقفت للحظة أمام الباب وهى تتمتم :
– مستفزة
توجهت الى المصعد ومنه الى أسف البناية لتجد “باهر” جالساً فى سيارته المكشوفة .. نظر اليها وأخذ يتأمل تفاصيل جسدها مبتسماً .. ركبت بجواره وقبلت وجنته قائله :
– معلش اتأخرت عليك
عدل من جلسته خلف المقود وهو ينطلق بالسيارة قائلاً :
– بس ايه الحلاوة دى .. موزه موزه يعني
أطلقت ضحكة رنانه تنم عن استمتاعها بكلماته ثم قالت :
– دى أقل حاجة عندى
توقفت سيارته أمام أحد المقاهى .. هبطا معاً محيطاً كتفيها بذراعه .. فظهرت السلسلة الذهبية المتدلية من عنقه من قميصة النصف مفتوح .. أشار لهما أحد الشباب فتوجها الى تلك الطاولة التى ضمت شباب وفتيات يتضاحكون ويتمازحون معاً بالألسن .. وبالأيدى !
كانت سهرة ككل السهرات التى حضرتها “سمر” برفقة “باهر” .. وبدونه .. كانت تلك أكثر اللحظات التى تشعر فيها بالسعادة .. فأصدقائها حولها لا يشغل بال أى منهم متاعب الحياة .. فجميعهم من تلك الطبقة التى تنام ملء جفونها لا يشغل بالها التفكير فى رزق الغد ! .. بعض تلك الوجوه مصرية وبعضها تركية .. لكن العامل المشترك بينهم .. هو تلك الأحاديث التافهة التى تدور بينهم .. وتلك الجرأة التى يتعاملون بها مع بعضهم البعض شباب وفتيات .. نظر أحد الشباب الى “باهر” يغيظه قائلاً :
– خلاص يا ابنى انت وقعت فى الشبكة خلاص .. معدتش طير حر زى الأول .. راحت عليك
قال “باهر” وهو ينظر اليها بلامبالاة :
– راحت على مين يا ابنى .. اتكلم على أدك
اقترب الشاب من “سمر” بجرأة واضعاً ذراعه حول كتفيها وهو يقول بمرح :
– طيب قولى انتى يا “سمر” .. “باهر” حر ولا متكتف بحبك ياقمر ؟
أزاحت “سمر” ذراعه ووقفت تواجهه وهى تنظر اليه بحده قائله :
– انت عارف كويس انى مبحبش الطريقة دى
نظر اليها الشاب بإستخفاف وهو يتناول رشفة من الكأس فى يده وهو يقول :
– طريقة ايه .. هو أنا عملت حاجة
ازدادت حدة “سمر” وهى تقول بوضوح :
– مبحبش حد يحط ايده عليا
صاح أحد الشباب ضاحكاً :
– الا “باهر”
تعالت الأصوات بالضحك .. فتوجهت “سمر” متبرمة الى الخارج مبتعدة عن الموسيقى الصاخبة شيئاً فشيئاً .. مالت احدى الفتيات على الأخرى قائله :
– مالها قافشه النهاردة كده
هزت الفتاة كتفيها بلامبالاة وقالت بحنق :
– سيبك منها .. أصلاً مش عارفه “باهر” معجب بيها على ايه .. دى حتى ميتقالش عليها حلوة .. هى بس شوية الشعر اللى هيا فرحانه بيهم .. وأنا واثقه حتى انه مش طبيعي أكيد بتعمل فير قبل ما تنزل كل يوم
قالت الأخرى ضاحكة :
– انتى بتغيرى ولا ايه
هتفت بإستنكار :
– هغير ايه انتى كمان هى دى واحدة يتغار منها
ثم قالت بثقة شديدة :
– واحد زى “باهر” بوسامته ومستواه وشخصيته المجنونه دى .. أكيد بعد فترة هيمل منها وهيرميها .. وبكرة تشوفى
لحق بها “باهر” وجذبها من ذراعها قائلاً :
– “سمر” .. ايه فى ايه
زفرت “سمر” بضيق وقالت :
– معرفش اتخنقت .. انت عارف انى مبحبش حد يرخم عليا كده
قال “باهر” وهو يزم شفتيه :
– هو كان بيهزر معاكى مكنش قصده حاجه
قالت “سمر” بحنق :
– اضايقت وخلاص
ثم نظرت اليه بأسف قائله :
– معلش يا حبيبى أنا هروح .. بجد مزاجى وحش النهاردة
اقترب منها قائلاً :
– ماشى يا حبى زى ما تحبى .. بس لازم تتعوض بكرة
لمعت عيناها بمرح واتسعت ابتسامتها وهى تقول بدلال :
– كل سنة وانت طيب يا حبيبى
لمعت عيناه بخبث وهو يرفع حاجبيه قائلاً :
– لا مينفعش كده .. بكرة ان شاء الله هعمل حفله صغيره عندى فى البيت .. أنا وانتى وبس .. وتبقى تقوليهالى ساعتها
قالت بمرح :
– اتفقنا
توجها الى السيارة ففتح لها الباب وأحنى قامته وأشار بيده بطريقة مسرحية .. فضحكت وركبت .. وانطلق بها الى بيتها
قبل أن تنام توجهت الى خزينتها وتممت على الهدية التى اشترتها لـ”باهر” .. ارتسمت ابتسامه على شفتيها وهى تتخيل فرحته بهديتها .. أعادتها الي خزينتها وتوجهت الى فراشها وقد داعب النوم جفونها