
الفصل العاشر (10)
رواية لم تكن خطـ,,ــيئتي.
بقلم سهام صادق.
ارتفع كفه عاليا يصفعها بقوه
– بقى انا يالطيفه تلعبي من ورايا مع اخوكي الكلب
تعالا صر,,اخها تحمي نفسها بذراعيها من بطشه
– والله ياحامد هو اللي ضحك عليا فهمني ان لو بعنا الأرض هتجيب فلوس كتير وخلاني اعمله توكيل
أظلمت عيناه وهو يتذكر خسارته للارض التي نالها بصعوبه من صاحبها منذ خمس سنوات
– طلاقك… قصاد الأرض… الأرض ترجع اشوف وشك مترجعش متلزمنيش
لطمت صدرها بصدمه تولول بعويل
– تهون عليك العشره ياحامد… تحطني قصاد الأرض
– أنتي عارفاني يالطيفه ماليش غالي ولا عزيز… يلا لمى هدومك وعلي المحروس اخوكي
ومثلما جعلت قلبه كالحجر نحو الأخرين نالت نصيبها أيضاً
****
عادت لعملها مرفوعة الرأس ولكن داخلها كان شيئاً اخر… محبة المزارعين لها وعدم تصديقهم لعودتها كان كفيلاً بأن يجعل السعاده تعود لقلبها… ليس البشر كلهم ك عاصم هكذا حدثت نفسها عندما استلمت زمام عملها ثانية
– ايوه ياباشا… البشمهندسه رجعت الشغل… والعمال حواليها مش مصدقين رجوعها
هاتفه احد رجاله ولم يعرف عاصم لما دق قلبه وكأن شيئاً ينقصه قد عاد.. استقل سيارته سريعاً والابتسامه تعلو شفتيه
– وطلع عودك ناشف يابشمهندسه
وقف بسيارته يُطالعها وهي تقف وسط الأرض تفحص المحاصيل وتساعد المزارعين في حصاد محصول البطاطس
تعلقت عيناه بضحكاتها لتتجمد ملامحه فقد زادتها ضحكتها جمالاً… لتضاف الي قائمه تفاصيلها لديه ” خد مشوهه، أعين زرقاء، وضحكه جميله…”
وعندما غادرت سيارته زفرت أنفاسها براحه وكان هذا حال العمال أيضاً فمغادرة عاصم تعيد لانفاسهم الحرية
*****
ابتسمت سميره بشاشة وهي تفتح الباب تهتف بعباراتها التي يستشيط منه منير حنقاً
– ياالف نهار ابيض العروسه عندنا… ده انا لازم ازغرط
اتسعت عيني منير وهو يتقدم من قدر يرحب بها يضع بكفه فوق فم سميره يكممه
– أنتي تسكتي خالص وبلاش فضايح… ادخلي ياقدر ياحببتي
ابتسمت قدر تكتم ضحكتها رغما عنها وتضع ما تحمله من أكياس أرضاً
– ليه يابنتي كل ده.. هو احنا غرب
تملصت سميره من كفه تلتقط أنفاسها حانقه تقترب من تلك الأكياس
– شايف فاكهة الناس الاغنيه…
تنهد منير بقله حيله من أفعالها يلتقط تلك الأكياس
– ياوليه بلاش فضايح ماكلها فاكهه
لتقع عيني سميره على الشيكولاته تاركه له الفاكهة
– ياحلاوة ياولاد ديه شيكولاته مستورده
– أنتي ناويه علي طلاقك النهارده
رفعت قدر يداها مستسلمه
– لا انا كده اقوم اروح…
وأشارت نحو عيناها التي نالت نصيبها في إحدى مُشاجرتهما التي لا تنتهي… لتتطلع إليها سميره ببراءة
– ماهو بيجر شكلى ياقدر…
– ياسميره عدي يومك.. اومال فين جوزك ياقدر
تسأل منير فتوقفت عن الضحك تتطالع نظراتهم المتسائله
– وراه شغل مهم… وبيعتذر منكم
– لا شكلك عزمتي عليه عزومة نص كوم… ده انا كده ازعل
واخرج منير هاتفه من جيب بنطاله فلم تجد قدر الا الأنسحاب من أمام خالها حتى لا تشعر بالخيبه مجدداً من نظراتهم… لتهتف سميره بعدما اقتربت منه تضع اذنها فوق الهاتف
– ايوه اتصل يامنير… قوله لو مجتش مش هندخل بيتك تاني
دفعها منير يصرخ بها بمقت
– اروح منك فين قوليلي
*****
تعلقت عيناها به وهو يتناول الطعام ويضحك مع خالها وزوجته دون تكلف.. لم تكن تظن انه سيأتي بعد اتصال خالها به…
شعرت قليلا بالخيبه لانه رفض الدعوه منها هي ولكن تجاوزت الأمر برؤية خالها سعيداً بوجوده رغم ان خالها لم يكن يوماً يحب كريم ليس لمكانه شهاب فخالها منير لا يحب الا اولاد البلد كما يسميهم كعادته
– والله انت نورتنا يااستاذ شهاب
قالتها سميره ليبتسم شهاب ببساطه واخذ يمتدح طعامها
– الاكل حقيقي جميل تسلم ايدك.. انا كنت هضيع عليا اكله بالجمال ده بسبب الاجتماعات
ارتفع حاجبي قدر من حديثه فأمس كان لا يعير الدعوه اهتماماً
– لا اجتماعات ايه قدام اكل سوسو العسل
التقط منير كف سميره يُقبله فأسبلت سميره اهدابها.. وتلك المره ارتفعت شفتي قدر متعجبه فمنذ لحظات كانوا يتوعدون لبعضهم بمعالق الطعام
– مش تأكلي جوزك ياقدر.. زي ما انا بأكل خالك
طالع منير شهاب يؤكد على حديث زوجته
– اوعي تكون قدر مش بتدلعك ياشهاب يابني
ارتكزت عيني شهاب بها لتتسع عيناها
– لا قدر بتكسف مني
فتشهق سميره بصوت عالي تلطم صدرها بكفها
– بتكسف
****
صعد خلفها بعدما استأذنت منهم لتجلب بعض الأشياء من شقتها.. أنتهز الفرصه وعلي وجهه ابتسامه لا يعلم مصدرها… ولكن تلك الجلسه العائليه اللطيفه وبالاصح كانت لذيذه وانعشته مما عانته قدر من نصائح في كيفية إسعاده
أغلق باب الشقه خلفه لتلتف اليه بعدما تمالكت حالها بصعوبه بالأسفل
– وشهاب بيه بقى فضي فجأه واتكرم علينا واقبل العزومه
مزاجه كان في أعلي مراحله ليقترب منه مبتسماً
– والله عزومه مكنتش تتعوض واتبسطت بيها جدا
تعلقت عيناها بذراعه وهو يُحاوطها
– انت بتعمل ايه
ذراعه الأخر أجاب عليها يُطاوق خصرها بتملك
– مش هتسمعي نصايح مرات خالك
– والله اسمع نصايحها… مش دول اللي رفضت تيجي العزومه وشوفتهم مش اد المقام
ارتفع حاجبي شهاب يستنكر حديثها
– انا قولت كده برضوه..
حاولت تخليص جسدها من ذراعيه ولكنه ابي تركها
– انا مبسوط وعايز انبسط اكتر
اتسعت عيناها ذهولاً مما يفعله… فالرجل الذي يتحدث أمامها الان لا يمت بصلة ل شهاب العزيزي الذي تعرفه
– هي خالتي سميره كانت حاطه حبوب هلوسه في الأكل
التمعت عيني شهاب يقربها منه أكثر
– بتحلوي في عيني كل يوم ليه
سؤاله العجيب ادهشها لتقطب حاجبيها بحيرة
– انت غريب اوي… شويه تعاملني بتفهم وشويه بتجاهل ودلوقتي حالتك أغرب
– مالها حالتي ياقدر
مال بوجهه فوق عنقها يداعبها بأنفاسه… لم تكد تحرك شفتيها الا وكان يحملها فوق ذراعيه متجهاً بها نحو الغرفه المفتوحه أمامه
ولقاء اخر كانت تقضيه بين ذراعيه فلم تكن الا تلك الطريقه التي ستجعله يُحدد مشاعره نحوها… اهي زيجة العمر ام متعه ارادها ام انه فعل ذلك لمجرد جرح شيرين فلم يعد يفهم نفسه
والكل يؤكد له ان زيجته تلك ليست الا خطأ سيدركه بعد أن يقضي متعته ويجرح شيرين وبين كل تخبطه هذا كانت هي الضائعه تسقط مفتونه به وبتفاصيله… ف شهاب العزيزي رجلاً واحداً لا يُعوض
****
طيلة جلسته وسط ضيوفه كان غائب الذهن شارداً فيها… جاهد لنفضها من عقله الا انه كلما فعل ذلك كانت تظهر صورتها إليه وهي تتحرك خلفه مرتبكه من نظرات خالها وزوجته بعدما وقفوا يودعوهم بعد أن أخذوا يُطالعوهم بنظرات ماكره
زفر أنفاسه بعدما انتهى هذا اللقاء اخيراً ولكن وجود شيرين أمامه في هذا المكان عكر كل شئ ليتجهم وجهه وهو يجدها تقترب منه ومن ضيوفه تصافحهم
انصرف الضيوف وكاد ان ينصرف هو أيضاً لتجذب ذراعه فتعلقت عيناه نحو قبضتها
– اسفه..
ازاحت يدها تنظر اليه برجاء
– ممكن نتكلم شويه ياشهاب… خمس دقايق بس
– شيرين قولتلك مليون مره كلامنا في حدود الشغل وبس
– ما انا هتكلم في الشغل ياشهاب
حدق بها للحظات زافراً أنفاسه يُشير إليها بالجلوس فأبتسمت بأتساع
– مش هاخد من وقتك اكتر من عشر دقايق
– مش كانوا خمسه بس ياشيرين
بهتت ملامحها لهذه الدرجه لا يطيق جلوسه معها ولكن حدثت نفسها بالصبر فهى من اضاعت رجلاً مثله وهي من عليها إعادته
– مشروع جامعه خاصه…. أتعرض علي بابا من صديق لكن انت طبعا عارف معندهوش الامكانيات انه يدخل بنسبه كبيره فيه
وعندما وجدت الاقتراح لا يروقه
– شهاب ده بيزنس وانت عارف بابا بيحترمك اد ايه ويقدرك… فأنسي علاقتنا وفكر كويس
– سبيني ادرس المشروع وبعدين اقرر
ونهض من فوق مقعده يلتقط هاتفه ويعدل ساعة معصمه متنهداً
– ابعتيلي أوراق المشروع وهرد عليكي…
غادر المطعم لتقف تُطالع طيفه متنهده بحسره تتذكر ذكريات بعيده عندما كانت تأتي لهذا المطعم بصحبته وهي زوجته
*****
– أنتي لسا صاحيه ياعهد
عدلت من رقدتها تفرك عيناها الناعسه
– معرفتش انام غير لما ترجع… هو الفرح كان حلو
ابتسم بأتساع وهي يتذكر تلك الفتاه الجميله التي تهاتفت عليها أعين جميع الرجال ولكنها تركت الجميع وكانت عيناها عليه هو وحده
– جدا
خفق قلبها بآلم لا تعرف سببه
– احضرلك العشا
ربت فوق وجنتيها مبتسماً
– لا انا جعان نوم… تصبحي على خير
– انت مش هتحكيلي عملت ايه في الفرح
ارتفع حاجبه الأيسر يضحك على هيئتها فهى تغفو على حالها وتقف تطلب منه أن يقص عليها تفاصيل الحفل
– بكره ياعهد… يلا تصبحي على خير
زمت شفتيها عابسه تسير نحو غرفتها ببجامتها الطفوليه ناسية تماماً نصائح السيده رسميه
****
تقلب شهاب في فراشه حانقاً… كان يظن انه سيجدها في غرفته تنتظره ولكن خابت آماله… ف الزوجه عادت لركنها المنعزل ولم يأتي في عقله الا انها مازالت ترفض تقاربهم ولم تتقبل زواجهم والسبب اكيد هو واحداً انها كانت امرأة عاشقه لزوجها الأول
– مش معقول تكون لسا بتحبه بعد اللي عمله فيها
اتجهت عيناه نحو المرآة التي تقابل فراشه لينهض من فوقه يشعل إضاءة الغرفه متجهاً للمرآه يفحص خصلات شعره
– عجزت ياشهاب والشعر الأبيض بدء يزيد
وتعلقت عيناه بشاربه يزفر انفاسه… يتذكر وسامة عزيمه السابق
استنكر أفكاره ناهراً نفسه
– انا ايه اللي بفكر فيه… بقيت تقارن نفسك براجل تاني ياشهاب.. انت اه معجب ب قدر بس متوصلش لدرجة اغير من طليقها… ما انا اتجوزت قبل كده شيرين وجومانه ومغرتش ان كان في حياتهم راجل قبلي
وعندما وجد الصراع داخله يزداد اتجه نحو فراشه يغمض عينيه متمتماً
– مجرد افتنان وكل حاجه تنتهي… بس اكيد انا مش هظلمك ياقدر
****
ابي النوم يُصاحب جفنيها تلك الليله لتغمض عينيها وتفتحهما تتنهد بحرارة
– انا ازاي قدرت أتجاوز كريم من حياتي… واحس ان شهاب اول راجل يلمسني
وانطفئت ابتسامتها تتعلق عيناها ب باب غرفتها
– ديه مجرد مشاعر مؤقته… شهاب من عالم وانتي من عالم تاني ياقدر… اسمعي كلام هناء اللي زي شهاب بيتجوزوا وبيطلقوا وقت مبيزهقوا
– بس هو قالي انه مش هيظلمني زي كريم
لتهتف بحسره متذكره ما عاشته مع كريم
– ما ياما كريم وعدك… وباعك عشان حبه القديم
لتأتيها اجابه عقلها
– وشهاب برضوه هيبعني لما يخلص انتقامه من شيرين… وهكون انا مجرد محطه مرت
تاهت بين صراع عقلها وقلبها لتسقط بعدها في عالم أحلامها المزعجه الذي لا ترى فيه الا فهمي وعاصم ينهشون بجسدها وكالعاده تجري نحو شهاب تحتمي به
****
جثت فوق ركبتيها تجمع الخضار الذي تساقط من فوق القفص الذي تحمله المرأة العجوز
– الله يكرمك يابنتي
ابتسمت ايمان ببشاشة وبعدها حاولت أن تُساعدها في رفع القفص… مرت سيارة عاصم جوارها فأبطئ سرعته يشاهد ماتفعله من مرآة سيارته
سيارته الفارهة كانت مميزه بالبلدة فلم تغفل عيناها عن معرفة صاحبها الذي فجأة دون انذار اسرع بسيارته التي احدثت صريراً استنكرته المرأة العجوز متمته
– هو عشان محدش عنده عربيات زيهم يزعجوا الناس الغلابه
سارت ايمان جوارها تسعل من أثر الغبار الذي أحدثه عاصم خلفه لتتسأل المرأة
– انتي مش من اهل البلد يابنتي مش كده
اماءت ايمان برأسها تخبرها بهويتها
– انا بنت صابر الصواف
قطبت المرأة حاجبيها تحاول أن تتذكره
– صابر ابن نفيسه… يااا هو رجع تاني البلد.. ده احنا سمعنا انه بقى غني ونسي البلد بلي فيها
– انتوا ايه اللي رجعكم تاني صحيح
تسألت العجوز لتخرج ايمان من شردوها
– بابا حب يرجع يعيش وسط اهله
فتبتسم العجوز ورغماً عنها كان فضولها يأخذها ان تسألها عن سبب تشوه خدها
– ايه اللي حرق وشك كده يابنتي… مش تاخدي بالك من النار
اغمضت ايمان عينيها تتحسس خدعها تتذكر تفاصيل الحادث والسياره تشتعل بها
– حادثه
فتهتف المرأة بتعاطف
– خساره الجمال ده كله يتشوه
والآلم يرفض تركها…مهما حاولت أن تكون قويه
*****
طالع أدهم أوراق المشروع الذي أتت به شيرين لينظر لشهاب الجالس امامه ينتظر رأيه
– مشروع كبير وشكله مدروس كويس اووي… غير أن الشريك ياباني وهيدخل بنص النسبه يعني اكيد مش هيخاطر بفلوسه هنا
– يعنى المشروع عجبك
عاد أدهم يطالع الأوراق ثانية يومئ برأسه
– مبدئياً عجبني
– مدام مبدئياً يبقى نبدء دراسته كويس…
واتبع حديثه وهو ينهض مُتجهاً لمقعده خلف مكتبه يفتح حاسوبه الشخصي
– اخبارك ايه مع عهد
تعجب أدهم من سؤال شهاب لينهض هو الآخر من فوق مقعده
– بتسأل ليه
– عادي ياادهم سؤال واجابته واحده
– نفسيتها اتحسنت الحمدلله وبقت تمام
رغم أنها لم تكن الاجابه التي ينتظرها شهاب الا انه اماء برأسه يضع تركيزه نحو الملف الذي يفتحه..
حك أدهم رأسه ولكن سريعاً ما تذكر الأمر الذي شاهده بالمجله
– انت شوفت الخبر المنشور في مجلة المجتمع
– شوفته…انت عارف ان من ساعه ما شيرين رجعت واي لقاء ما بينا لازم ينزل خبر عن روجعنا
– بس دلوقتي انت متجوز… قدر ايه ظروفها
ولمعرفته البسيطه بأهتمامات قدر
– قدر ملهاش في الحاجات ديه… وعموماً انا لو كنت عايز شيرين كنت رجعتلها ياادهم
فلم يجد أدهم ما يقوله فلا احد يعرف ان يصل مع شهاب لشئ او يفهم كيف يُفكر حتى مشاعره التي غلفها بأطار الجليد منذ زمن لا يتوقع ان تكون قدر اذابتها
وسيظل شهاب كما هو يسير بمبدأ لا اهتمام الا بالعمل والنجاح
*****
انهت محاضرة اللغه وكما اتفقت مع هناء ان يتقابلوا ويثرثروا قليلاً
جلست هناء تنتظرها وهي تنظر نحو المجله التي اخذتها من إحدى زميلاتها بالعمل
– اتأخرت عليكي
هتفت بها قدر بعدما التقطت أنفاسها ووضعت حقيبتها فوق الطاوله
– يعنى شويه…وعشان اعاقبك المشاريب عليكي
– عنينا ليكي ياست هناء
– عامله ايه ياقدر
ضحكت قدر وهي تستمع لسؤال هناء
– الحمدلله
– بجد انتي كويسه
اماءت برأسها ترتشف من كأس الماء الذي أمامها حتى يأتي الجرسون اليهم
– هو انا عشان قولتلك الاهتمام مبيطلبش… هتفضلي تسألي السؤال ده كتير
زفرت هناء أنفاسها تمد إليها المجله مشيره لها
– اقري الخبر ده واتفرجي على الصوره
****
– بتسأل عن مين ؟
ارتبكت الخادمه وهي تنظر اليه تخشي غضبه كما اعتادوا منه منذ أن غادرت زوجته المنزل واحتالت عليه هي وشقيقها
– بتسأل عن الحج ابراهيم الله يرحمه
رمقها حامد بقسوة والف سؤال كان يدور بعقله
– روحي ضيفيها لحد ما اجي وراكي
انصرفت الخادمه تجر اقدامها بخطوات سريعه من أمامه
– ياترى عايزه ايه وتعرف الحج منين… انت لسا هتسأل نفسك ياحامد اخرج شوفها عايزه ايه
ارتدي البشت فوق ثيابه يخرج لتلك المرأة التي لا يعلم هويتها
تنحنح بصوته الخشن لترفع ” رحمه ” عيناها نحوه وقد اجفلتها هيئته وقسوة ملامحه
****
ارتجفت عيناها وهي تتأمل الصورتان اللاتي قد تم التقاطهم لهما… نفس هيئته امس…اغمضت عيناها تُهدء من سرعه أنفاسها وشئ واحد يدور بعقلها.. انها ليست الا وسيلة لاشباع رغبته ينتهي منها فيركض نحو طليقته ويتركها هي كالغريقة لا تعرف اهي زوجه حقيقيه ام مجرد وقتً وسينتهي كل شئ
– قدر انتي لازم تتدافعي عن حقك في جوزك… هتفضلي كده من راجل لراجل
الكلمه كانت قاسية.. تنهدت هناء بمقت من لسانها عندما رأت معالم الآلم ارتسم فوق ملامحها
– انا اسفه ياقدر… بس انتي عارفه انا اد ايه بحبك رغم المده القصيره اللي بقينا صحاب فيها
– انا لولا اني شايفه ان شهاب العزيزي فرصه جواز متتعوضش
– فرصه… ومتتعوضش مكنش ده كلامك ياهناء
قالتها قدر وعيناها عالقه فوق الكلام المكتوب وهذا ما اخبرتها به شيرين انها حتماً ستعود لشهاب مهما طال الجفاء ووضعت الظروف
– ايوه ياقدر مكنش ده كلامي… بس انا شيفاكي مبسوطه
ارتسمت السخريه فوق شفتي قدر فعن اي انبساط تتحدث صديقتها والصور أمام اعينهم
– اللي انتي في ده خوف.. لكن ك ست انتي مبسوطه بكيانك الجديد ووضعك الاجتماعي… احترامه لذاتك… راجل اي ست ممكن تحسدك عشانه
– انا عن نفسي ساعات بخاف احسدك عليه
*****
– عهد اختي…. انتي عرفتي العنوان منين
ارتشفت رحمه من كأس الماء الموضوع أمامها ترطب حلقها الجاف
– من جوز خالتها السيد عفيفى… هي فين عهد
حدق بها بنظرات فاحصة مما جعلها تشيح عيناها بعيداً عنه
– هشوف عهد امتى… بدل تحقيق النيابه اللي عملوا ليا
تقلصت ملامح حامد غصباً ينتفض من فوق مقعده
– عهد اتجوزت ومع جوزها… خلاص كده شرفتيني ياست الاستاذه
أعطاها ظهره منهياً الحديث لتنتفض هي الأخرى من فوق مقعدها
– جوزتوها عشان تخلصوا منها… اكيد رمتوها لراجل اد ابوها
التف نحوها حامد بعدما ضاقت أنفاسه
– أنتي جايه بيتنا ياست انتي عشان تعملي فيها محاميه…قولنالك شرفتي… يلا من غير مطرود
– اما انت راجل وقح صحيح
لم يتحمل حامد سبابها قابضاً فوق كفه بقوة حتى لا يصفعها
– يا صبحي… انت يازفت ياصبحي
ولكن تجمدت ملامحه وهو يسمع صياح لطيفه مع صبحي الذي دفعته لتدلف لداخل المنزل تلطم صدرها
– بقى لحقت تخوني ياحامد
اندفعت رحمه للأمام حانقه مما سمعته علي لسان تلك المرأة
– يخونك ايه ياست انتي… انا هنا …
– مراتي
اتسعت عيني رحمه كما اتسعت عيني لطيفه لتلتف رحمه نحوه ببطئ وبملامح غاضبه
– انت…
ولم تكد تكمل حديثها الا ووجدت دفعة قويه حطت فوق ظهرها ورأسها وبعدها لم ترى الا الظلام
****
فتحت عينيها تآن من الآلم تنظر حولها متسعة العين منتفضة من فوق الفراش… دلوف تلك المرأة التي لم تراها من قبل افزعها لتتسأل وهي تبحث عن نظارتها
– أنتي مين… وايه اللي حصلي
طالعتها السيدة رسميه بنظرات مشفقه
– اسمعيني يابنتي… انتي شكلك بنت ناس وطيبه
حدقت بها رحمه بتوجس فخفقات قلبها تُنبئها بشئ قد حدث
– البلد كلها بقت عارفه انك مرات حامد العزيزي….
– مرات مين… انا مش مرات حد
وآنت من الآلم تمسد فوق جبينها واخيراً وقعت عيناها على نظارتها تلتقطها مغادره الغرفه تصرخ بهياج
– فين شنطتي عايزه امشي من هنا
احتدت نظرات حامد وهو يخرج إليها من غرفة المجلس يتبعه الشيخ إمام زوج ابنة عم والدها رحمه الله… الصدمه الجمتها ولكن سريعاً ما ركضت اليه تُخبره بلهفة
– كويس انك جيت ياشيخ… خدني من هنا… الناس ديه مجانين شكلهم
ضاقت نظرات حامد وتجهمت تعابير ملامحه ولكن احترامه للشيخ إمام جعله يتحلى بالصبر متمتماً بحنق
– هسيبك تفهمها كل حاجه ياشيخ
دارت عيناها بينهم وقد شحب وجهها وهي ترى نظرات الشيخ إمام نحوها ولم تكن الا نظرات آسف
– هتفهمني ايه ياشيخ إمام
****
– انت بتقول ايه ياشيخ… اتجوز مين
اقتضبت ملامح الشيخ إمام وهو يراها تنتفض كالملسوعه من أمامه
– اسمعيني يارحمه يابنتي… البلد كلها بقت عارفه انك مراته…
– مراته ازاي ياناس… ده انا اول مره اجي هنا واشوفه… هو السبب منه لله
تنهد الشيخ إمام بقلة حيله يضرب كفوفه ببعضهم
– انا راجل كبير يابنتي ومش حمل اللي بيحصل وهيحصل… حامد العزيزي محدش بيقدر يقف قدامه ومش هيسيبك يابنتي
واردف متحسراً عليها
– الموضوع خلاص مراته نشرته في البلد كلها… وانتي يابنتي كنتي جايه تعيشي هنا وتشتغلي… هترضي لنفسك الفضيحه
اغمضت عيناها بقهر.. لقد تركت بلدتها لزوجة أخيها ورحلت حتى لا تكون العائق الذي تُحمل عليه مشاكلهم.. تركت لهم منزل والدها لتغترب في بلداً اخري وهاهو يومها الأول فضيحه لن تنسى وكيف ستنسي انه وصمها بأسمه كذباً
– وانت ياشيخ إمام هترضالي الظلم… وانت عارف انا كنت هنا ليه
هز الشيخ إمام رأسه لا يعرف ماعساه ان يفعله يطرق عيناه نحو عصاه
– مين عالم يابنتي يمكن جيتي هنا عشان ده قدرك ونصيبك
صاحت بقهر قد فاض بها
– قدر ونصيب ايه… ده واحد بينتقم من مراته يدخلني بينهم ليه… انا هبلغ عنه البوليس
وعند تلك العباره صدحت ضحكات حامد وهو يدلف الغرفه بعدما ضجر من انتظارهم
– بلغ العروسه ياشيخ انها مش هتخرج من هنا… وبكره كتب الكتاب… وابقى فهمها انا مين كويس
ورحل بروعنته كما دخل تحت نظراتها المفترسة ونظرات الشيخ المشفقه
*****
رغم كل المشاعر السلبيه التي عادت بها الا انها عندما رأت الحج محمود ابتسمت مرحبة به
– عامله ايه يابنتي
– الحمدلله ياحج..نورتنا حقيقي
اتسعت ابتسامه الحج محمود وهو ينظر لملامحها السمحه
تزداد راحته بأن شقيقه احسن الاختيار… مر الوقت بين الحديث الذي دام عن عمر ولبنى وعن شهاب واشغاله الي ان جاء شهاب سعيداً بوجود شقيقه
– مش كنت تديني خبر ياحج
احتضنه الحج محمود رابتً فوق كتفيه
– مراتك عملت الواجب واكتر
تعلقت عيني شهاب بها يرمقها بنظرات ممتنه.. انسحبت من بينهم تاركة لهم بعض المساحه
وبعد وقت كان الغداء يُضع وادهم قد تجمع معهم… كانت جلسة عائلية دافئه والحج محمود كان رجلاً طيب القلب
صعدت لغرفتها بأرهاق لا ترى أمامها شيئاً من شدة إرهاقها
فركت عنقها بتشنج تتثاوب ورغم ان الساعه لم تتخطى التاسعه الا انها شعرت بحاجتها للنوم
التقطت منامتها متجها نحو المرحاض تحلم بحمام دافئ يُرخي عضلات جسدها وقد نست وجود المجلة الملقاه بجانب مذكرات اللغه الخاصه بالمعهد الذي تدرس فيه
الفصل الحادي عشر (11)
لم تكن خطيئتي.
دلف لغرفتها يبحث عنها ولكن عيناه تعلقت بالمجلة التي عرفها علي الفور
لم تنتبه لوجوده بالغرفه بعدما غادرت المرحاض ولكن رائحة عطره نبهتها لتتعلق عيناها به كما تعلقت بما يمسكه لم يسأل كيف وقعت بين يديها فكما التقطها وضعها بمكانها تحت نظراتها
– مش متعود ابرر حاجه لحد ويمكن لأول مره هكون بعملها.. بس خليكي واثقه اني في اللحظه اللي كنت قاعد فيها مع شيرين بنتكلم ف الصفقة الجديده عقلي كان معاكي انتي
واقترب منها وعيناه عالقة بخصلات شعرها المبتله
– انا لا بخون ولا بلعب بالمشاعر … ولما بعوز اعمل حاجه بعملها في النور مش الضلمه
– وانا هتفضل حياتي كده… هفضل اشوف اخباركم واسكت
اتسعت ابتسامته وهو يرى حنقها الظاهر فوق صفحات وجهها
– شهاب العزيزي كله معاكي انتي.. ده مجرد كلام صحافة بيتقال وهيفضل يتقال لحد ميزهقوا وميلقوش في امل
تلاعبه لم يكن يزيدها الا غباءً فلم تعد تعرف على اي شاكلة يكون… اغمضت عيناها تزفر أنفاسها بقلة حيله
– عقلي مش قادر يفهمك
صدحت ضحكته يشعر وكأنه أمام طفله صغيره
– لدرجادي انا صعب أتفهم
رجفة قويه احتلت جسدها وهي تشعر بيديه تطوق خصرها
– الإعجاب بيكبر ياقدر… استغلي كل ده ليكي
وفي ثواني كان يُحررها يخرج من الغرفه…وقفت تُطالع الباب المغلق تلتقط أنفاسها من أثر كلماته
****
حدقت به بنظرات هائمة تمسك قلمها تتلعب به…كل شئ كان يسحرها به.. ابتسامته اليوم كان بها شيئاً مخلتفاً
اصابها الفضول وهي ترى ابتسامته تزين ثغره كلما امسك بهاتفه يُطالع الرساله التي تصله
نهضت من فوق المقعد الذي تجلس عليه واغلقت كُتبها بأرهاق واتجهت اليه متحمسه تجلس جواره وتتعلق عيناها بهاتفه
– هو انت بتكلم مين ياادهم
اغلق هاتفه يرمقها بأبتسامة متسعه
– بقيتي فضوليه الفتره ديه… وبقينا نهمل المذاكره
أدار حديثهم بطريقته المعتاده ولم تعقب هي… فكل ما تريده هو الحديث معه واحساسها بتلك المشاعر التي أصبحت تنبض بقوه كلما كان قريباً منها
– ما انا خلصت مذاكره… وزهقت خلاص عايزه اتكلم مع أي حد
حدقها بنظرات حانيه يرفع كفوفه نحو وجهها يربت فوق وجنتيها
– اسمها ايه البنت اللي قدر عرفتكم ببعض… هاتيها هنا تذاكر معاكي
التمعت عيناها بسعاده تتذكر صديقتها الجديده
– اسمها حنين…قولتلها تجيلي بس مامتها قالتلها مينفعش لما عرفت اني…
وعضت شفتيها لا تعرف كيف تخبره بتلك الكلمه التي تربطهما كمجرد عقد ليس إلا
– انك ايه ياعهد
اطرقت رأسها نحو كفيها المضمومين
– اني متجوزه… وممكن تضايق
ضحك بتلذذ على ملامح وجهها التي توردت والمجهود الذي اتخذته حتى تنطق تلك الكلمه ليمسح فوق وجنتها اليمني
– خلاص ياستي هشتركلك في النادي وابقى خديها وروحوا يوم الاجازه بس اهم حاجه مذاكرتك
لم تشعر بحالها وهي تندفع نحو حضنه تضم جسدها اليه بسعاده
– انت حلو اوي ياادهم…
ورغم تلك الرجفة التي أصابت جسده من فعلتها الا انه لم يفسرها الا لما يُريده عقله ” انه مجرد تعاطف لا أكثر…”
****
اغمضت عيناها بحرج تشعر بخطواته داخل الغرفه.. وجود الحج محمود تلك الليله ارغمهما على تواجدهم في غرفة واحده
حبست أنفاسها وعي تشعر بأنه أصبح يُجاورها لتجفل منتفضه تجد ذراعه تمتد إليها يجذبها نحوه
– نامي ياقدر لاني مرهق جدا
شعرت بأنتظام أنفاسه.. فأدارت جسدها نحو جهتها اليسرى تتأمله
رغبة قويه قادتها بأن تلمس تفاصيل وجهه ولكن قبل أن تصل يدها الي لحيته قبضت فوق كفها تخشي استيقاظه…وحدث ماخشت منه… فتح عيناه ومن دون كلمة أخذها بين احضانه يُقبل قمة رأسها
****
صباحاً كل مختلفاً… استيقظ على وجودها جواره تتماطئ بكسل كعادتها قبل أن تستعيد نشاطها
– صباح الخير
هتف بها شهاب وهو يتكئ على جانبه الأيسر يرمقها بأبتسامه ساحره
توردت وجنتاها تعدل من رقدتها تُطالعه بخجل
– صباح النور… انا هقوم اصلي وانزل احضر الفطار اكيد الحج محمود صحي
اردفت بعبارتها وهي تسحب جسدها من فوق الفراش ولكن قبضت يده فوق مرفقها كانت الأسرع
– الحج محمود زمانه فطر من بدري وفاطمه عارفه مواعيد فطاره كويس
– طب مقولتليش ليه كنت صحيت من بدري ونزلت
التمعت عيناه وهو يرى ارتباكها وتعلثمها… خجلها يروقه بل ويجعله يشعر انه الرجل الأول بحياتها ينسى معاها سلبية حياته مع شيرين… ينسى رفضه لمشاعر الحب.. جذبها اليه لتشهق رغماً عنها تُطالعه
– شهاب
– هو انتي بتصحي ديما حلوه كده
اسبلت جفنيها تحدق بكل ماحولها الا هو
– حلوه ايه ده انا شعري منكوش
صدحت ضحكاته عالياً… تعلقت عيناها به بأفتنان ليلاحظ نظراتها تلك وكأنه كان ينتظرها… ولأول مره منذ سنوات كان يغادر غرفته في ساعه متأخره يهبط الدرج يسرع في خطواته ينظر لساعه يده ويتجه نحو مكان جلوس شقيقه
وقفت أمامه السيده فاطمه تحمل فنجان القهوة الفارغ تسأله
– احضرلك قهوتك
– لا يافاطمه هشربها في الشركه
انصرفت السيده فاطمه نحو المطبخ… لتتعلق عيني الحج محمود به بعبث
– مش بعادتك ياشهاب تتأخر في النوم
ارتبك شهاب قليلاً يتحاشا نظرات شقيقه
– هتيجي معايا الشركه ياحج
اتسعت ابتسامه الحج محمود مُقترباً منه
– خلينا نشوف اشغالنا
وداخله كان يدعو لشقيقه
” يارب تكون جوازه السعد ياخوي عليك واشوف ولادك”
*****
وقفت أمامه تتحاشا النظر اليه تمدّ يدها بالورقه التي كتبت فيها اسماء المبيدات والاسمده التي تحتاجها تلك الفتره
– ياريت الحاجات ديه تكون موجوده على اخر الاسبوع
ظلت يدها معلقه بالهواء لفتره وكأنه يستمتع وهو يراها لا ترفع عيناها نحوه
– لو سمحت مش هفضل مدّ ايدي كتير
طالت نظراته نحوها واخيراً حرك يده ليلتقط منها الورقه
– شايفك رجعتي الشغل وكأن مافيش حاجه حصلت
تجمدت عيناها نحوه لتجده يُطالع ما تحتويه الورقه غير شاغلاً باله بنظراتها
– يعجبني فيكي انك مصممه تكملي…
واردف بتلكؤ قد زاد حنقها
– بس ياريت نعرف مقامنا كويس
ورفع عيناه نحوها حتى يرى صدى كلماته… وقد امتعته تلك النظره المُتقدة بالقوه
– المقامات محفوظه ياعاصم بيه..
وانصرفت من أمامه تخبر نفسها انه لا يُريد الا ان يراها هكذا حانقه ، غاضبه
ابتسامته اتسعت شيئاً فشئ زافراً أنفاسه بسعاده انها تَروقُه بشده
*****
تجمدت عيناها وهي تنظر للقلم الذي يعطيه إليها… رمقته بغل وهي تتمنى لو انقضت عليه تنهش جسده
– امضي
توهجت عيناها غضباً تلتقط منه القلم تنظر لاسمه واسمها الذي سيقترن به
انتهى كل شئ وانصرف الشيخ إمام بعدما ودعها بنظراته الحزينه فلم ينصفها حتى شقيقها الذي حاولت أن تهاتفه وعندما نجحت في مهاتفته أخبرها بسعادته انه اخيراً سيرتاح من همها ويطمئن عليها فلم تعد صغيره ف عمرها تجاوز الثلاثون…
اقترب منها حامد يرمقها بنظرات متهكمة مُغترة
– كنتي فاكره لما تهربي نص الليل رجالتي مش هتعرف تجيبك
احتدت نظراتها فلم يعد لديها جهداً للحديث والصراخ لقد نبح صوتها وتزوجته وانتهى الأمر منتصراً هو كما رغب
– بصي يابنت الحلال عشان انا راجل مبيحبش وجع الدماغ… حظك الأسود وقعك معايا فتستحملي لحد ما اساوم اموري وارجع ارضى
– فين اوضتي
ارتفع حاجبه الأيمن وهو يرى استسلامها
– طلعتي عقله وبتفهمي اه..
ومدّ كفه نحو نظارتها يعدل لها وضعها
– اوعدك هديكي قرشين حلوين
رمقته شزرا ليبتعد عنها يخفى ابتسامته يهتف بصوت حاد
– رسميه… تعالي ورى الاستاذه اوضتها
اقتربت منها رسميه وقلبها يؤلمها عليها فهى تعلم بكل شئ ولكن ماعليها الا الصمت داعيه الله ان يرحم تلك الفتاه من تلك الحرب التي ستدور بين حامد ولطيفه… فنيران الغيرة قد بدأت ولن تصمت لطيفه
– تعالي يابنتي
طالعتها رحمه بصمت عجيب ولكن لم تكن تريد تلك اللحظه الا النوم لعلها تصحو وتجد كل ماحدث بها ليس إلا كابوساً
****
توقف عن مطالعة ما بيده عندما وقعت عيناه عليها مُشيراً لسكرتيرته بالمغادره.. ابتسمت شيرين لرؤيته فأقترب منها يسألها عن سبب وجودها
– اجتماعنا مع نشأت بيه بكره
اختفت ابتسامتها وهي تستمع لكلماته وكأنه لا يُريد وجودها.. حاولت رسم ابتسامتها مجدداً تجلس فوق المقعد
– جايه عشان اشوف رأيك في المشروع ياشهاب
ارتفع حاجبه وهو يتجه خلف مكتبه يضع الأوراق فوق سطحه
– كان ممكن تعرفي جوابي بكره
لم تتحمل ردوده الجافه واسلوبه الذي يفقدها الأمل كل يوم فنهضت من فوق المقعد تهتف بمقت
– في ايه ياشهاب أنت ولا كأنك مش طايق وجودي وبتطردني
– شيرين صوتك ميعلاش
زفرت أنفاسها بعمق وهي تراه يبعد نظراته عنها يلتقط بعض الأوراق يُطالعها
– رأفت بيه هينزل امتى من سويسرا
– بابا مش هينزل ياشهاب… الشغل هيكون معايا انا
رفع عيناه نحوها ينظر إليها بنظرة فهمتها
– متخافش ياشهاب… شيرين القديمه انتهت… واظن انك شايف كويس ان الشغل بقى واخد كل وقتي
واشاحت عينيها بعيداً عن مرئ عيناه التي تسبر اغوارها تهتف بثقه مصطنعه
– وانا فاهمه كويس ان ده شغل والشغل بعيد ديما عن العلاقات
تعالا رنين هاتفه ليخرجه من تركيزه مع كل كلمه تخبره بها بثقة
وعندما رأي اسم المتصل رفع هاتفه فوق اذنه مجيباً بلطف
– أيوه ياقدر
احتدت نظرات شيرين وهي تسمع اسمها تغرز اظافرها المطلية بكفها
– تمام روحي.. بس طمنيني اوك… وخدي السواق مفهوم
عادت عيناه تتعلق ب شيرين التي بذلت أقصى جهدها لتظهر أمامه بهذا الثبات
– ها ياشهاب رأيك ايه في المشروع
– أدهم هيتولي مسئولية المشروع… وياريت المستثمر ينزل مصر عشان نبدء نحط البنود وعقود الشراكه يظبطها المحامين
تهللت اساريرها وهي تستمع لموافقته لتنهض على الفور تحمل حقيبة يدها
– حقيقي المشروع ده مكسب لينا اوي ياشهاب
وداخلها كانت تهتف
” ومكسب ليا انا كمان ياشهاب.. هيبقى ليا حجه اقرب منك اكتر”
*****
سعادتها كانت لا توصف وهي تسير بالشوارع تأكل المثلجات مع حنين التي قررت أن تجولها اليوم في شوارع القاهره الجديده بعدما اشترت الهديه التي رغبت ان تجلبها لوالدتها.. اليوم اختبرت مشاعر عدة منها الحسرة علي حياتها والسعاده وهي تسير بجوار صديقه تستمتع معها
– عجبك الايس كريم
لعقت عهد الكريمه المحاطه بالشكولاته متلذذه بالطعم
– حلو جدا…
طالعتها حنين وهي تلتهم مثلها خاصتها
– المره الجايه ناكل بيتزا.. ايه رأيك
التمع الحماس في عيني عهد تومئ لها برأسها
– اي حاجه انا معاكي فيها
ضحكت حنين وهي تنظر إليها
– يعنى لما اعوز اروح في داهيه تيجي معايا
– لا ديه بقى لوحدك
تعالت ضحكاتهم فتنجذب أعين البعض عليهم… لتخجل عهد متمتمه
– الناس بتبص علينا
فتتركها حنين مقتربه من احد الأشخاص
– ثانويه عامه معلش يااخويا…
لطم الرجل كفوفه مُكملاً طريقه… لتجذبها عهد من مرفقها تلتف حولها
– الراجل زمانه بيقول علينا هبل
مطت حنين شفتيها بأسف فجنونها لا مفر منه
اكملوا سيرهم لتتوقف اقدام حنين عند أحد المطاعم
– هو ده المطعم اللي حكتلك عنه
لتضحك عهد علي تذكرها الحكايه التي اخبرتها بها
– كنت هغسل الأطباق انا وصحابي..انا لحد دلوقتي زعلانه على الخمسمية جنيه اللي دفعناهم
– باين عليه فخم ياحنين
– ياختي قولنا ندلع نفسنا.. دفعنا فلوس الدروس على بطننا
لم تتحمل عهد آلم بطنها من شدة الضحك الذي ضحكته اليوم
– كفايه هموت من الضحك
– خلاص ياستي كفايه كده ويلا نروح … عهد انتي مالك وقفتي متخشبه كده
واردفت وهي تنظر حولها
– مش انتي قولتي لجوزك انك خارجه معايا…
كانت بعالم اخر تشعر بصوت حنين يأتي من بعيد… ابتسامته كانت تتسع وتلك المرأه تقترب منه تمسك يده
غصه مريره ابتلعتها وهي تراهم كيف يجلسون يتناولون الطعام… لولا التفافها للمره الاخيره لداخل المطعم ماكانت رأتهم
– عهد انتي يابنتي بتبصي على ايه
اغمضت عيناها بقوه تلتقط أنفاسها المسلوبة لتلتف بعدها نحو حنين التي تدفعها برفق حتى تفيق من حالة جمودها العجيبه
– خلينا نروح ياحنين
لطمت حنين كفوفها تزفر أنفاسها
– ماهو ده اللي بقوله من الصبح
ودعتها حنين أسفل البناية الراقيه التي تقطن بها واخيراً اصبح لديها القدره على رثاء حالها تهتف بضياع
– هيرميني من حياته… مش هيبقى ليا حد… هيحبها وينساني
*****
ارتشف من كأس الماء الموضوع امامه بعدما اخذ يسعل دون تصديق
– مين اللي حامل
ضحكت على ردت فعله التي لا تختلف كثيراً عن ردت فعل خالها
– مرات خالي
– مدام سميره حامل
اماءت برأسها تهتف بنفاذ صبر
– مالكم في ايه… ديه حاجه بتاعت ربنا
واردفت بآلم وهي تتذكر رفض خالها لذلك الحمل
– في ناس بس بتتمني تجيب حته عيل حتى لو مش هتجيب غيره
– مالك ياقدر انا مقصدش حاجه.. بس مكنتش متوقع مش اكتر
شعر بمشاعرها ليقترب منها يمسح فوق وجهها
– وده فال حلو علي فكره
تعلقت عيناها به تُقاوم ذرف دموعها
– فال حلو ازاي
رفعها نحوه ينهضها من فوق مقعدها
– هتبقى تعرفي… المهم قومي معايا عايزك
نهضت معه تتعجب من سحبه لها تدلف لغرفة مكتبه… تركها تقف وسط الغرفه ليتجه نحو مكتبه يفتح احد الادراج ليخرج منها علبة مخملية عائداً اليها
– خدي افتحيها
– ايه المناسبه
– بمناسبه نجاح المشروع الجديد.. ومش لازم يعني يكون في مناسبه ياقدر
التمعت عيناها وهي تجده يفتحها أمامها ورغم انها خطفت انفاسها من جمالها فلم تكن الا سوار من الذهب الأبيض مطعم بالماس
ابتسم وهو يرى لمعان عيناها ولكن سريعاً ما قطب حاجبيه وهي تخبره
– بس انا مش محتاجه حاجه ممكن هديه بسيطه تكفى وهتفرحني… لكن الهديه ديه غاليه اوي وممكن من فلوسها تساعد كذا حد محتاج
– وانتي فاكره اني مش بعمل كده ياقدر… انا عارف كويس ان كل اللي انا فيه بفضل ربنا…
واردف يشاكسها حتى يخفى لمعت الحب التي انارت قلبه
– امسكي الهديه يابتاعت اي هديه بسيطه… المره اللي جايه هجبلك ورد وشكولاته
اتسعت ابتسامتها وللأسف اختفت تلك الابتسامه عندما اتت ذكرياتها مع كريم ف الهدايا كانت لا تأتي الا حين يجرحها فيخبره صديقه بأن يُراضيها بهديه
تعجب من تبدل ملامحها السريع ليزفر أنفاسه وهو يشك بما جال في خاطرها ولكن شكه لم يكن محوره الا انها تخاف من سعادتها معه وانها ليست الا زيجة مؤقته ولو كانت في البدايه هكذا فلم تعد
التقط يدها يضع السوار حول معصمها لتفيق من شرودها تنظر إلى ما يفعله فتعود ابتسامتها مجدداً
ارتمت بين ذراعيه دون شعور تطوق خصره.. فضمها إليه بقوه وكأنه يخشى ان تضيع منه تلك السعاده
****
سحبت المقعد الملتف حول طاوله الطعام للأمام قليلاً لتجلس عليه..
بدء بتناول طعامه وعيناه لا تحيد عنها يتعجب صمتها.. فمن يراها ليلة امس لا يظن انها نفس المرأة التي وقفت تهدده وسط داره ورجاله
معلقة وراء معلقة تمضع طعامها ببطئ لتنهض بعدها كما أتت
– انخرستي ولا ايه
وقفت تلتف اليه ترمقه بمقت وعادت تُكمل خطواتها نحو غرفتها
– انا مش بكلمك ياست الاستاذه ولا بكلم هوا
زفرت أنفاسها تُدلك جبينها فهى لا تريد الاحتكاك معه حتى تنتهي من تلك البلوة التي اوقعها بها هو وزوجته
لطم الطاوله بقوة فأكثر مايكرهه بحياته التجاهل والاكثر ان يكون من النساء.. اجفلتها فعلته لتلتف نحوه تصك أسنانها غيظاً
– بص بقى مدام هقعد في بيتك الفتره ديه واستحمل السخافه اللي حطتني فيها … وانكتبت عليا جوازه يبقى كل واحد في حاله
قبض فوق كفه يرمقها من أعلى رأسها لأخمص قدميها
– والله عال بقى حرمه لا تسوي تتكلم مع حامد العزيزي كده
– حامد العزيزي على نفسك… زمن الأسياد انتهى خلاص
لم يتحمل تحديها له فلم تأتي امرأة بعد تتحداه… فما يريده يحدث ولا أحداً يقف يناطحه كأنه نداً له
– انا هعرفك دلوقتي مين حامد العزيزي
واندفع صوبها يلتقط ذراعها يضغط عليه بقسوة لتسقط دموعها رغماً عنها
– سيبي دراعي… انت انسان همجي ومعندكش نخوه ولا رجوله
– بقى انا يتقالي الكلام ده
بدأت تتآوه من الآلم ليشعر بالزهو وهو يرى ضعفها يدفعها بعيداً عنه
– ستات مبتحيش غير بالضرب
– لا كده انت اتعديت حدودك… مين دول اللي ميجوش غير بالضرب
ورغم آلم ذراعها الا ان لسانها كان سلاحها الذي لا يتراجع
ولولا رنين هاتفه ماكانت انقطعت تلك المشاحنه… تخطاها لينصرف نحو وجهته ولكن شيئاً صلباً انصدم به ليتآوه من الآلم يضع يده فوق رأسه ينظر الدماء التي لونت كفه
وقفت تتابع ما حدث بأعين متسعة فلم تكن تقصد أن تأتي برأسه… التف نحوها ببطئ
– انا كنت عايزه اجيبها فضهرك بس جات في راسك
****
تابعها بعينيه وهي تضع له فنجان قهوته أمامه تتحاشا النظر اليه
– مالك ياعهد… شكل الخروجه معحبتكيش… هي حنين زعلتك ولا ايه
وجذبها نحوه لتسقط بجانبه فوق الاريكه
– لا ده شكل الموضوع كبير
ابتلعت غصتها وهي تنظر ليده التي امسكتها تلك المرأه
– مافيش حاجه حصلت انا بس مخنوقه شويه
شعر بالقلق وازداد قلقه اكثر عندما بدأت بالبكاء
– لا كده انا بدأت أقلق… هتقولي ايه اللي ضايقك ولا اتصل بالبنت ديه اعرف منها
– حنين مالهاش دعوه
صرخت به وهي تود ان تُخبره انه سبب قهرها
– انا ليه مليش اهل زي كل الناس… كان نفسي يكون ليا عيله
ضمها نحوه حزيناً عليها ورغم تحاشيها لذراعيه الا انها استسلمت لدفئهما
– أنتي من عيله العزيزي ياعهد… عارفه يعني ايه
– لا انا بنت فيروز الرقاصه المنبوذه من العيله الوصمه العار اللي عملها ابراهيم العزيزي
ابعدها عنه يرفع عيناها نحوه
– لا انتي عهد العزيزي مرات أدهم العزيزي
لو كان قالها من قبل لكانت اسعد النساء ولكن اليوم لم تكن الا اتعسهن
ف ابتسامته لتلك المرأة لا تختفي من أمام عينيها… أمرأة كامله كما تبدو وليست
مثلها مجرد فتاه تزوجها اكراماً لخاطر عمه… يشفق عليها
تذكرت حالها وهي تقف أمام واجهة المطعم تلعق المثلجات بضفائرها تكتشف ماحولها بنظرة جديده… وياليت قلبها لم يُسعد اليوم فقد فاقت على الحقيقه التي تنتظرها
ارتجف جسدها وهي تشعر بيديه تلمس وجنتيها يُطالعها بأعين حانية باتت تفسرها انها ليست الا شفقة
– عايز اشوف ضحتك ياعهد… مش هسيبك غير لما تضحكي
وزعماً عنها كانت تبتسم حتى تفر من أمامه ويتركها لخيبتها تبكي فوق وسادتها
*****
وقفت خلف الممرض الذي التي على الفور يضمد له جرحه… تصلبت ملامح حامد يُقاوم الآلم الذي يشعر به يتوعد لها
– سلامتك ياحامد بيه… الف سلامه
انصرف الممرض بعدما اجمع حاجته واوصاها عما ستفعله… رمقها شزراً يشيح عيناه بعيداً عنها… لتقترب منه بكأس العصير الذي جلبته له رسميه
– خد اشرب العصير عشان الدم اللي نزفته
ارتفعت زويتي شفتيه مقتاً ينفض يدها
– مش طايق خلقتك قدامي… فخدي بعضك وامشي من وشي
ضاقت انفاسها من تكبره وتعنته
– يعنى انا اللي طايقه اشوفك
احتدت ملامحه ولكن سريعاً ما تآوه من الآلم.. فمالت نحو جرحه بلهفه
– بلاش تتعصب عشان الجرح
وتجاوزت تلك الحرب التي تندلع بينهم كلما تذكرت مافعله بها ولكن ضميرها كان يؤنبه
– خد اشرب العصير بقى
التقط منها الكوب حانقاً يشربه دفعة واحده يُعطيه لها بغضب لو طالها سيسحقها
– خدي بعضك وامشي من قدامي وياريت متورنيش وشك لأسبوع
التمعت عيناها بعبث وقد أسعدتها هيئته الحانقه
– مدام شوفتي هتعصبك هوريك نفسي كل دقيقه
اندفع نحوها حتى يشفي فيها غليله… ركضت من أمامه كالطفله تُخرج له لسانها
– هخليك تكره اليوم اللي نطقت فيه اني مراتك ودبستني فيك
صرخ بهياج يتبعها.. فرأته إحدى الخدمات بتلك الحاله المزرية
– غوري من وشي
عاد لغرفته يهتف بوعيد للطيفه وشقيقها فبسببهم قد تزوج تلك البلوة التي حطت علي رأسه
****
لطمت فخذيها بقهر لا تصدق انه فعلها وتزوج عليها
– اه ياراسي خلاص هموت من القهره… كده ياحامد تتجوز عليا عايز تقهرني
اقتربت منها زوجة شقيقها تربت فوق كتفها تواسيها ولكن لطيفه كانت كشقيقها
– ابعدي عني انتي جايه تشمتي فيا
– انا برضوه يالطيفه
دفعتها لطيفه بقسوة تنظر إليها بتعالي
– لطيفه حاف كده نسيتي اصلك يابنت الغفير
التمعت الدموع بأعين حسناء تجر اقدامها بحسره من امامها
وثبت لطيفة منتصبة فوق قدميها تمسح دموعها
– والله ما انا ساكته ليك يافتحي… تضحك عليا عشان مصلحتك وتخرب بيتي
واتجهت نحو الغرفه التي يحتلها مع زوجته الأخرى تطرق الباب بغضب
– افتح يافتحي…. افتح ياابن امي وابويا… افتح بدل ما افضحك وابلغ عنك وانت عارفني كويس
اسرع فتحي في وضع جلبابه فوق جسده يفتح لها الباب يجذبها نحو غرفتها
– نهارك اسود عايزه تفضحيني
ودفعها بغضب فقد اصبح يمقت غبائها الذي احتل عقلها منذ زواجها
– ايه يالطيفه نسيتي نفسك لو روحت في داهيه انتي كمان هتروحي في داهيه… وشوفي مين اللي هينجدك
واقترب منها يهمس بفحيح
– فاكره ياقوت ولا افكرك
ابتلعت لعابها وانفاسها تتسارع
– عارفه لو حامد عرف انك سبب في موتها..هيعمل فيكي ايه… مش ديه صاحبتك اللي خونتيها واتجوزتي حبيبها
واردف بعدما وجدها تقف كالمتخشبه لا تقوى على التقاط أنفاسها
– ولا أخواتها لو عرفوا انك السبب في حادثة اغتصابها وموتها
– كفايه يافتحي… كفايه.. انا مكنتش عايزاها تموت انا كنت عايزه اكسرها وبس
وعندما شعر بضياعها اقترب منها يرفع وجهها نحوه
– الأرض وهدفنا بعد سنين وخدناها…يابت الأرض هنكسب من وراها ملايين ونمشي من البلد ديه
هتفت بقلب ملتاع يحرقها
– انا بحب حامد يافتحي… رجعلي جوزي… ابوس ايدك رجعله الأرض
ولكن لم تجد صدى لكلماتها عليه إلا دفعه قاسية ألصقتها بالجدار
لتنتحب بوجع
– منك لله يافتحي
وعاد الشر ينبض داخلها
– مش هسيبهولها تتهني .. حامد جوزي انا وبس
الفصل الثاني عشر (12)
رواية لم تكن خطيئتي.
بقلم سهام صادق.
أوقف سيارته جانب الطريق بعدما لمحها تخفي وجهها بكفيها وقد ابتعد عنها بعض الاولاد الصغار بعدما اصرفها الرجل العجوز الذي اقترب منها يربت فوق ذراعها ثم انصرف في طريقه
ترجل من سيارته مُقترباً منها وقد فهم السبب الذي لا يحتاج لشرح
نبض قلبه بالآلم عليها رغم انه مثلهما ينتظر الفرصه ليتهكم على ملامحها يُنقص من قدرها
– ايمان
التفت نحوه وسريعاً ما اشاحت وجهها بعيداً عنه حتى لا يرى وجهها الغارق بدموعها
– لو عايز تقول حاجه تجرحني بيها قول…
واردفت بآلم اصاب قلبه
– انتهز الفرصه واكسرني ياعاصم بيه
– ايمان انا…
توقف لسانه عن نطق الكلمه لتتجمد عيناه يتذكر وعده لنفسه لا رحمه ولا شفقه بالنساء
انسحبت من أمامه تمسح دموعها تُكمل طريقها بخطوات منكسره وعيناه تترصدها
****
اقترب من مكان جلوسها يُحرك قدميه بصعوبه فعلي ذلك العشب كان يركض خلف صغيره يسمع ضحكاته السعيده وينثر معه العابه… كان هذا الجزء مخصص له وبعد وفاته هجر المكان بل وهجر كل شئ يذكره بخديجة وصغيره صلابته وجمود مشاعره لم يحصل عليهم من فراغ فكل شئ بعدهم أصبح قاتم اللون
اغمض عيناه يهدء من أنفاسه المتسارعه
– بتعملي ايه هنا ياقدر
اجفلها صوته لتغلق دفترها تلتف نحوه
– المكان هنا جميل اوي…
وتسألت بقلق وهي تتذكر اصرار السيدة فاطمه بأن لا تجلس هنا حتى لا يتضايق ولم تظن الا ان هذا المكان كان يجمعه بشيرين
– لو هيضايقك قاعدي هنا..
– بتكتبي ايه
تجاوز حديثها بقصد لتنظر اليه ثم لدفترها
– بكتب خواطر
ارتفع حاجبيه دهشة ليمدّ لها كفه… ارتبكت وهي ترى كفه الممدودة
– مش عايزانى اشوف كاتبه ايه
تضرجت وجنتيها خجلاً تعطيه دفترها
– مش هيعجبك اللي بكتبه وممكن تشوفه تافه
– رأي هقولهولك بصراحه متقلقيش…
حاول أن يبدو طبيعياً أمامه ولكن صوت صغيره وهو يركض ويهتف بأسمه عاد يغزو قلبه آلما
– تعالي ندخل جوه
– الجو جميل في الجنينه خلينا شويه
احتد صوته دون قصد
– قدر
وعندما شعر بأرتجاف جسدها على أثر صوته تنهد بأسف
– ممكن ندخل ياقدر
نهضت تنضف ملابسها من العشب تسير أمامه بملامح جامده عكس ماكانت عليه منذ لحظات
اجتذب ذراعها اليه يقربها منه
– هتتقبلي النقد بصدر رحب ولا هتكوني من الناس القماصه
نفضت ذراعه عنها تشعر بالحنق منه
– لا انا مش قماصه
– واضح على فكره
استطاع ان يجذبها بحديثه فأنساها صراخه الذي ظنت انه ليس إلا أنها تطفلت على مكان كان يوماً خاص به وبطليقته فلم يتحمل المكوث فيه معها
” والظن يضيع احياناً سعادتنا ”
****
اجتذب ذراعها وهو يراها أمام عينيه تتبختر في خطواتها وكأن لا وجود له
– والاستاذه رايحه على فين على الصبح
نفضت ذراعها من قبضته ترفع نظارتها قليلا وترتب خصلات شعرها المعقوده بأحكام
– رايحه شغلي.
واردفت ساخره تنظر اليه بتحدي
– هو انت متعرفش اني مدرسه
امتقع من نظراتها المتحديه
– معنديش حريم بتشتغل… ادخلي يلا على اوضتك
– الحريم دول مراتك اللي سرقت أرضك مش انا…. انا هنا لفتره وهمشي
وقبل ان تكمل باقي عباراتها وجدت عيناه تضج شراً
– صبحى
اسرع صبحي اليه يُلبي نداءه
– امرك يابيه
– خد الاستاذه فسحها في الزريبه واهي تعلم البهايم
لم تكن تستعب ما يقوله الا ووجدت نفسها مسحوبه تصيح بهم
– انت وخدني على فين
ولكن صبحي لم يكن الا لينفذ الأوامر حتى لو على رقبته… وبجسد صبحي الضخم لم تكن الا كالفأر
****
ارتاح قلبها وشعرت ان روحها ردت إليها بعدما فرغت من قص ثيابه وعباءاته الرجاليه الثمينه… حركت المقص بين كفوفها تزفر أنفاسها براحه
فالساعه التي قضتها مع البهائم زادتها مقتاً عليه ولم يُريحها الا الانتقام
دلف لغرفته يخرج من جيوب عباءته هاتفه وعلبة سجائره لتتسع عيناه وهو يرى ماامامه وتحت قدميه من قطع الملابس
– ايه اللي حصل هنا
استمع لضحكاتها الشماته فكيف ظن انها ستصمت على مافعله بها ف الصباح
ارتفعت عيناه نحوها يرمقها بغضب لو طالها سيسحقها تحت قدميه
– ايه اللي عملتي في خلجاتي
– زي ما انت شايف
عقدت ذراعيها أمامها تُخاطبه كالند… لتشتعل عيناه غضباً
– كان المفروض اسيبك في الزريبه وسط البهايم لأسبوع تتربى… بس ملحوقه
واندفع صوبها يقبض على عنقها يهتف بوعيد
– لو فاكره ان اللي بتعمليه ده هيخليني اسيبك مش هيحصل.. عارفه ليه لان حامد العزيزي محدش بيقف قصاده يناطحه ولا حد بيعرف يزهقه في عشته
بدء وجهها يزرق تدفعه عنها بقبضتيها… رطمها بالحائط بقسوه بعدما شعر بأنها ستفقد أنفاسها
– مش عايز اسمعلك صوت بعد كده ولا اشوف خلقتك لا الا ورحمة امي اوريكي وشي التاني وبلاش تشوفي…
واردف بعدما رأي نظرات الرعب بعينيها وهي تحاول التقاط أنفاسها
– خليني اعملك معامله الضيوف العزاز
سعلت بشده تُحاول إخراج صوتها
– مش هقعد في البيت ده… مش هقعد مع راجل مجنون زيك
ارتفع حاجبه سخطاً على سلاطة لسانها
– لسا برضوه ليكي صوت
واندفع لخارج الغرفه يصيح بعلو صوته
– صبحي
لينبض قلبها خوفاً وهي تسمع صوت ذلك الضخم
– امرك يابيه
عاد جامد إليها يجذبها من مرفقها بقسوه
– وديها البيت المسكون تبات فيه… اظاهر الزريبه معملتش معاها حاجه
– لا.. لا
ولم يسمع لها صوتاً بعدها فقد تلاشت الرؤيه أمامها
استيقظت بعد وقت تهتف بخوف
– عفاريت لاء… انا عايزه امشي من هنا
كانت كالطفله الصغيره تتقلب في الفراش راقه خوفها وضعفها فأقترب منها يجلس جوارها يهتف بتهكم
– مكنتش اعرف انك بتخافي من العفاريت
ارتفعت عيناها نحو مصدر الصوت الذي باتت تبغضه تُتمتم بقهر
– انا عايزه امشي من هنا… شوف واحده غيري تعاقب بيها مراتك
التمعت عيني حامد بمكر يرمق انكماشها حول حالها بمتعه تروقه كرجل خشن الطباع
– حظك الواعر وقعك قدامي وبصراحه كده عجباني..وبفكر متمشيش من هنا غير لما تحبيلي عيل
تجمدت عيناها وهي تسمع عبارته الاخيره… لتتسع ابتسامته وهو يراها بتلك الصدمه
– ده هيكون عيل شديد قوي …
واتبع حديثه بوقاحه
– ما اللي زيك مش هتخلف عيل خرع
تركها في صدمته ينسحب من الغرفه ترتسم فوق شفيته ابتسامه خبيثه فهو لم يُخبرها بهذا الا ليراها هكذا
التقطت أنفاسها الهادرة بصعوبه تنظر نحو الفراغ الذي تركه لا تُصدق ما سمعته أذنيها
****
لم تظن انه سيضيع وقته يقرء ما سطرته بقلمها… ولكن كما وعدها اوفي
– ليه وقفتي كتابه ياقدر… اسلوبك في الشعر جميل وفيه احساس حقيقي
التمعت عيناها بسعاده وهي تسمع اطراءه
– بجد يعني عجبك..مس هتقولي ديه تفاهه ومضيعه وقت
تجمدت نظراته نحوها عندما شعر انها تُقارنه بزوجها الأولى… أدركت فداحة حديثها لتخفض رأسها نحو كفوفها المضمومه ببعضهما
– من غير ما أقصد بقارن بينكم… بس صدقني عضب عني
سيطر على مشاعره وهو يرى الآلم الذي ارتسم فوق صفحات وجهها
– مينفعش تفكري فيه وانتي معايا ياقدر… مش هقبل ده ومش هكون متفهم ديما
– انا اسفه
نبرة صوتها الناعمه هزت رجولته اقترب منها حتى لم تعد تفصل بينهم الا انفاسهم
– خطواتنا بتقرب ياقدر.. ومع الوقت بكتشف اني كنت عايز ست زيك في حياتي
****
اتسعت ابتسامته وهو يراها تتقدم منه بذلك الطاجن الذي صنعته اليه بيديها
– مش معقول مع أي كلمتين حلوين هتكفئيني كده
مالت بجزعها نحوه وابتسامتها لا تُفارق شفتيها منذ امتداحه بأشعارها البسيطة
– دوق وقولي رأيك
التمعت عينه يشتم الرائحة المنبعثه يلعق شفتيه
– قدر انتي كده هضيعيني… انا بعدت عن الحاجات ديه من بدري
ونظر لبطنه المسطحه
– الكرش ده مرحش من فراغ
لأول مره كانت تتجلجل ضحكاتها أمامه بتلك الطريقه لينظر إليها مشدوهاً… تخضبت وجنتاها حرجاً وهي ترى نظراته نحوها
– مره واحده بوظ النظام بتاعك ومتكسفنيش ارجوك… ده ام علي اللي بتحبها
هتفت عبارتها الاخيره ببراءة تزم شفتيها كالاطفال فجعلته يتناول المعلقه مسلوب الإراده يضرب بكل انظمته الغذائيه عرض الحائط
لعق المعلقه بتلذذ يغمض عيناه من متعة مذاقها
– طعمها يجنن… تسلم ايدك
– عجبتك يعني ولا بتجاملني
– لا انا زوج مش بيجامل أبداً
وللمره الثانيه كانت ضحكاتها تعلو فلم يتحمل سماع المزيد
ترك المعلقه يجذبها خلفه بعدما نهض من فوق مقعده
– لا كده كتير عليا ياقدر
– شهاب ام علي… انتي وخدني على فين
****
وقف غير مصدوقاً ان الذي كان يقف أمامه منذ دقائق حامد يوصيه على عهد يُخبره بأن ارثها وضعه لها في وديعه خاصه بها وانها ليست بمفردها لو ظن للحظه فهو لن يتهاون بحقها وبيته دوماً مفتوحاً لها
طرق كفوفه ببعضهما مُستعجباً وسعيداً بتغير حامد
****
لم تهتم لرفضه عن عملها فلم يجعلها تقف يوماً على قدميها الا هو… استغلت سفرته التي أتت مفاجأه وخرجت دون أن تهاب شيئاً
خرجت من المدرسه بعدما انقضى اليوم الدراسي ورغم انضمامها المتأخر لزملائها الا ان حاجتهم لمادتها جعلتها تبدء على الفور اول حصصها
وقفت لطيفه على بعد تنظر نحو النساء اللاتي دفعت المال اليهم حتى يشفوا غليلها منها ولا تظهر بالصوره
– أنتي ياابله يابتاعت العلام …ياخطافة الرجاله
طالعتها الأعين من حولها… لتلفت نحو الصوت بعدما شعرت بقبضة أحدهم تدفعها
– أنتي مين… وعايزه ايه… ابعدي ايدك عني
ضحكت المرأة تنظر للنساء اللاتي يُرافقونها ينتظرون اشارتها
– انا مين هعرفك انا مين دلوقتي
صراخ وعويل وهتاف اخذ يتعالا لينتهي بها المطاف بقسم الشرطه
ولطيفه تقف بعيداً شامته تدير ظهرها راحله…تتوعد لها بالمزيد
****
عاد من سفرته على ذلك الخبر الذي أضاع مزاجه… دلف لقسم الشرطه يركض خلفه صبحي يلحقه خوفاً
– اهلا حامد بيه… اتفضل
صافح حامد المأمور بأبتسامه حاول رسمها فوق شفتيه
– كده يايونس بيه المدام تضرب وتتاخد على القسم وكمان تترمي في الحجز
– انت بتقول ايه ياحامد بيه..ازاي ده يحصل مش معقول
وفي لحظات كان ينقلب قسم الشرطه… فتلك فداحة كانت لا تغتفر في قانونهم
وقفت أمامه بحالة ترثي لتتسع عيناه وهو ينهض من فوق مقعده تغلى الدماء بعروقه يضع فوق جسدها المشلح خاصته ويضمها اليه
– عايز الكلاب اللي عملوا فيها كده يتربوا
لم تكن تشعر بشئ حولها فلو شعرت لانهارت صارخه… سارت معه ببطئ يسحبها خلفه برفق ولأول مره يشفق عليها… فماذا فعلت ليدخلها بحربه مع لطيفه وشقيقها
اراد قهر لطيفه وثورتها على شقيقها فهو اكثر العارفين بها
وصلوا للمنزل اخيراً لتستعب مكانها تنظر حولها ولم تشعر الا وهي تهجم عليه بكل قوتها والخدم يقفون يُطالعون ما يحدث بأعين مُتسعه
– أنتي لسا فيكي حيل… وانا اللي صعبتي عليا
هتف بها حامد وهو يُحاول ان يتحكم بقبضتيها لتهتف بصياح
– انت السبب…. انت السبب…. طلقني… طلقني
وعندما وجد نظرات الخدم عليه صاح غاضباً
– واقفين بتعملوا ايه…
لتتجه كل منهن لعملها غير مصدقين ما يروه
انهارت فوق ركبتيها تلطم فوقهما بقهر
– فضحتني منك لله ياشيخ… منك لله
انحدرت دموعها فوق خديها فلو كان لديها اهل وعزوة ماكان حدث لها كل هذا
– لو كان ليا اهل مكنتش عملت فيا كده… منك لله
تجمدت عيناه وهو يسمع دعاءها عليه يؤلمه قلبه رغم ان لا قلب له كما يخبروه دوماً
كاد ان ينحني بجسده نحوها يُنهضها ولكن كالعاده حامد العزيزي لا ينحني ولا يربت فوق كتف احد
*****
جلس جوارها يشرح لها بعض المسائل الرياضيه.. كانت في عالم آخر لا تري أمامها الا صورة تلك الفتاة الحسناء.. دفعها برفق بعدما لاحظ شرودها
– عهد انتي سرحتي تاني
ابتلعت غصتها كلما استمعت لصوته فقريباً سيجعل اهتمامه لامرأة أخرى ليست هي
رنين اهاتفه أوقف الكلام فوق شفتيها لتتعلق عيناها به فوجدته يبتعد عنها
وضع هاتفه في جيب بنطاله مُقترباً منها يتنحنح حرجاً
– عهد انا مضطر اخر
– الساعه عشره هتخرج وتسبني
– معلش ياعهد… انتي ادخلي نامي او اقعدي كملي مذاكره…
حتي عطفه بدء يضيع منها …وقفت تُحادث نفسها وهي تراه يلتقط مفاتيح سيارته ويغادر
حدسها الانثوي يُخبرها انه ذاهب للقاءها… بكت كأيامها الاخيره فالسعاده معها ماهي إلا مجرد وقت
*****
دلف غرفتها بعدما أخبرته السيدة رسمية بأنها استدعت لها الطبيبه تفحصها..
مازال حديث رسمية يدور داخل عقله
” بهدلوها اوي يابني.. صعبت عليا… البنت وشها اتبهدل وجسمها كله معلم من الضرب ”
اقترب من فراشها يسمع آنينها الخافت.. الشفقة ارتسمت فوق ملامحه وهو ينتبه بالفعل لمعالم وجهها
مال نحوها يتحسس جروحها لتنتفض مفزوعة من رقدتها وفور ان تعلقت عيناها به بكت بكاءً مريراً تضم وجهها بكفيها
– خليني امشي من هنا…اعتبرني اختك ترضى ليها ده
تجمدت عيناه نحوها يهتف بجمود
– بس انتي مش اختي.. انتي مراتي يارحمه
– ديه جوازه باطله , انت اتجوزتني بالغصب
وثب منتصباً يزفر أنفاسه حانقاً منها.. فبكل ماهي فيه مازال لسانها سليط
– اه لسانك ده اللي وقعك في كل اللي انتي فيه.. لو كنتي سمعتي الكلام ومشيتي من الاول مكنش كل ده حصل
– انا اسفه
وببراءه لم يكن يتخيل ان يراها بها هتفت بآسفها ليرمقها حامد للحظات
– انا ممكن اسيبك تمشي وابعتلك ورقتك…
وقبل ان يُكمل باقي حديثه نفضت الغطاء من فوق جسدها تلتفت حولها تبحث عن نظارتها حتى تُغادر ذلك المنزل
– انا لسا مكملتش كلامي…
واردف دون أن تحيد عيناه عنها يُطالع ملامح وجهها التي ازدادت شحوباً
– الفضيحه هتفضل طول عمرها محوطاكي ومستقبلك المهني ممكن ينتهي من السمعه اللي هتاخديها هنا
– يعنى ايه هفضل طول عمري هنا… مذلوله ليك بتنتقم من مراتك بيا
– لو فضلتي تعانديني مش هتكسبي حاجه وهتطلعي خسرانه… بكلمه مني ممكن ادمرك وبكلمه ممكن اطلعك فوق
– بفلوسك طبعا مش صح
هتفت عبارتها مشمئزة من غروره الذي يُحيطه
– افهمي زي ما عايزه تفهمي..
لم تتحمل كل ما يسببه لها من مشاعر الغضب لتنقض عليه كاللبوه تدفعه فوق الفراش تعلوه
– حامد العزيزي.. حامد العزيزي خلاص عرفنا انت مين…لو فاكر اني بتهدد متعرفنيش انا مش مكسورة الجناح انا بعرف اخد حقي كويس
ضحكته الرجوليه صدحت عالياً وفي لحظه كانت هي اسفله يقبض فوق كفوفها بقبضة واحده
– مش بقولك بتوقعي نفسك ديما في المصايب
واردف بمكر يضج بعينيه
– مش هيكسرك غير ذكرى حلوه مني ليكي تفتكريها طول العمر
صرخت هائجه وهي ترى نظراته القاسيه تلمع في الظلام ويداه تعبث بجسدها
– لا… لااا
لم يتركها الا عندما اتم مااراد.. ومااراده كان ان يجعلها ترتعب منه
انكمشت فوق الفراش تضم جسدها بذراعيها
– شوفتي عشان انا راجل صح مكملتش للآخر… صوتك مسمعهوش تاني لا الا المره الجايه مش هسيبك مهما صرختي
واقترب منها يجذب خصلات شعرها الحريريه
– شرسه بس لذيذه
بصقت بوجهه فأغمض عيناه يهدء من تلك النيران التي تشتعل داخله…
ارتجف جسدها تخشي ما سيفعله بها ولكن مغادرته للغرفه جعلته تلتقط أنفاسها بصعوبه ودموعها تنساب فوق وجنتيها بغزاره
*****
اتسعت ابتسامه السيد صابر ونظراته عالقه بعاصم الذي تقدم منه مرحباً به
دار الحديث نحو بضعة عبارات معتاده ليهتف صابر بعتاب
– ليه عتاب عندك ياعاصم…
ونظر نحو الحج محمود الذي اخذ يرتشف من كأس الشاي
– انا عارف ان ده شغل يابني ومفيهوش مجاملات… بس براحه على ايمان بلاش تعاملها بشده
احتدت نظرات الحج محمود وهو يستمع لشكوت صديقه
– كده ياعاصم ياولدي بقى ديه وصيتي ليك… ايمان مش موظفه عندنا ديه بنتنا
– انا معنديش دلع في الشغل ياحج..لكن حاضر امرك يتنفذ
ارتسم الفخر فوق شفتي الحج محمود فيُطالع صابر ماحدث بأمل… فمدام كلمة محمود تنفذ سيحصل على المال ويسد بعض ديونه
نهض صابر وقد وجد انها الفرصه ليتحدث فيها محمود مع عاصم ويطلب منه المال
– رايح فين ياصابر اقعد لسا مشربتش الشاي
– معلش يامحمود مره تانيه يااخويا
انصرف صابر بعدما رافقه عاصم لبضعة خطوات وعاد ينظر نحو والده بتوجس
– والمرادي ايه طلبه ياحج
تنحنح الحج محمود وعاد للجلوس فوق مقعده يدب الأرض بعصاه
*****
انتهى من امضت العقود لتتسع ابتسامة شيرين تنظر إلى توقيعه..تُقنع نفسها انها شيئاً فشئ وستستعيده اليها ولكن كما اخبرتها شروق صديقتها ان تصبر لتصل الي ماارادت فزوحته الأخرى لا تُقارن بها وخاصه ان رجل ك شهاب لن يظل مع امرأة لا تُنجب
خرج من غرفة مكتبه يتقدمه الشريك الجديد ومحاميه وادهم الذي فور ان تعلقت عيناه ب قدر اقترب منها مرحباً بحفاوة
تجمدت عيني شيرين وهي تسمع ترحيب أدهم بها ونظرات شهاب عالقه عليها
– مدخلتيش المكتب ليه اول ما وصلتي… المدام اول ما تيجي بعد كده تدخل علطول مكتبي
اماءت أميرة برأسها
– والله يافندم انا قولتلها كده… بس هي أصرت انها تستناك هنا ومتقطعش الاجتماع
التفت نحوه قدر سريعاً بعدما كانت عيناها نحو شيرين التي انصرفت تدب الأرض بقدميها وكأن رؤيتها لها هنا افقدتها آمالها
– انا فعلا اللي اصريت مش عايزه اعطلك عن شغلك
– متتكررش تاني يااميره
أحاط خصرها يتقدم بها لغرفه مكتبه
– عشر دقايق بس واخلص اللي قدامي ونمشي علطول
ابتسمت وهي تجلس مسترخيه فوق احد المقاعد وكيف لا تسترخي وهي تملك رجلاً مثله
طالعها بأبتسامة حانية يتقدم من مكتبه يجلس فوق مقعده يُكمل مطالعة بعض الأوراق
عشره دقائق اتبعتها عشرة دقائق أخرى واخرى صاحبتها أخرى الي ان نظرت لساعة يدها لتجد قد مر ساعه على جلوسها هكذا
ونست ان شهاب أمام العمل ينسى كل شئ
لم ترد مقاطعته ونهضت من فوق المقعد تتجه نحو مكتبه وقد لفتت عينيها صورة صغيره
ألتقطتها من فوق سطح المكتب تتأمله لترتفع عيني شهاب نحوها
– كان جميل اووي
اغمض عيناه بقوه يؤلمه قلبه…يتذكر شيرين وكيف كانت لا تراه الا عاراً لهم تخفيه عن الأعين تكره وجوده
– الله يرحمه
تمتمت بها قدر ليبتلع غصته يسألها ما خطر بخاطره
– لو خلفتي طفل زي سيف ياقدر هتحبيه
قطبت حاجبيه تنظر لملامح الصغير الجميله
– احبه بس… ده انا اديله عمري
– هتتقبلي يبقى عندك طفل من ذو الاحتياجات الخاصة
استنكرت كلمته فما الذي كان ينقص هذا الصغير حتى لا يُحب
– اتقبل… ازاي متقبلش قطعه من قلبي… سيف مكنش نقصه حاجه سيف كان طفل زي باقي الأطفال
التمعت عيناه ب آلم والزمن يعود للوراء وشيرين تثور عليه انها لا تُريد ذلك الطفل وتُريد اجهاضه
– شيرين مكنتش متقبلاه… من اول ماعرفت ان هيكون عندنا طفل محتاج رعايه خاصه… سيف كان عمري ياقدر
ولأول مره ترى ضعفه.. حتى أنه لم يشعر بنفسه وهو يجذبها اليه يضمها لصدره
– رفضت النعمه فضاعت بسببها
دمعت عيناها تشعر به ولكن غالبت دموعها حتى لا تزيد وجعه ولكن هزمتها دموعها فبكت مقهوره على حالها… لقد تمنت ان تحمل طفلاً ل ليالي طويله تدعو ان يرزقها الله وهناك من لا يرى النعمه التي بين يديه
تمالك ضعفه يبتعد عنها ليتفاجئ بدموعها التي تغرق وجهها
– شهاب انا مستعده نروح لدكتور واعمل اي عمليه لو انت عايز تخلف مني
هتفت بها بآلم يحرقها… فأصابه ذلك الآلم… يلعن زوجها الأولى عما اوصلها اليه هو يعلم تماما ان قدر لا تُعاني من شئ وانجابها لم يكن الا مسأله وقت حينا يشاء الله
– مش عايز اسمع منك الكلام ده تاني ياقدر… ولادي هيجوا منك ومن غير عمليات
واردف وعيناه عالقه بعينيها يمسح دموعها بأنامله
– ولو اضطرينا اننا نخوض موضوع العمليه ده مش هيكون غير ف اخر المراحل…
واتبع حديثه يغمز بعينه بعبث يليق به
– اما دلوقتي فأنا عايزك انتي ياقدر… مش عايز حد يشاركني فيكي
اتسعت ابتسامتها وابحرت في عينيه عشقاً تُلقي جسدها بين ذراعيه
*****
وقفت جانبه ترى نظرات الرجل المكسوره نحو أرضه لولا الحاجه ما كان باع اخر شئ يملكه… انتهوا من فحص الأرض وتم الاتفاق النهائي على السعر والرجل يقبله بحسرة
اتجه نحو سيارته تتبعه هي
– حرام عليك مش شايف انها مصدر رزقه الوحيد
هتفت بها ليتوقف عاصم عن السير يلتف نحوها
– انا مضربتهوش على ايده هو اللي جيه يترجاني
دمعت عين ايمان تتذكر نظرات الرجل لارضه فالحاجه للمال تُجبره كما اجبرتها الظروف على العمل مع رجل قاسي مثله لا يعرف الرحمه
– انت الرحمه منزوعه من قلبك… الراجل الغلبان عمال يقولك لولا الحاجه لولا الحاجه وانت ولا هنا وياريتك حد عادي ميملكش حاجه ده انت اغلب اراضي البلد بتاعتكم
الفصل الثالث عشر (13)
لم تكن خطيئتي.
كلماتها أصابته ولكن كالعادة عاصم لا يظهر إلا قسوته وتجبره
– وانتي بتحقدي علينا بقى ياست البشمهندسه ياام قلب كبير
امتعضت من حديثه
– الحمدلله انا عيني مليانه… بس الرحمه مش منزوعه من قلبي
– أنتي اتعديتي حدودك… نسيتي نفسك ولا ايه
احتدت نظراتها فكلماته تنغرز بقلبها كالنصل
– منستش نفسي ولا حاجه يا عاصم بيه… انا عارفه كويس انا مين وانت مين
ارتفعت زاويتي شفتيه سخرية يُلقي نظراته عليها ببطئ شديد
– طب كويس عشان بدأتي تنسى نفسك وانتي بتكلميني
صعد لسيارته ينتظر صعودها ولكن لن تكون ايمان إلا وعاندته… زفر أنفاسه بضيق يترجل من السياره يجذبها من مرفقها بعدما سارت لبضعة خطوات
– مش قولت اركبي
دفعت ذراعه عنها حنقاً مبتعده
– طريقي عارفاه كويس ياعاصم بيه
أكملت سيرها فأغمض عيناه يُهدء من شعله الغضب التي توقدها داخله يتبعه بخطواته يجذبها ثانية
– صوتك مسمعهوش… واركبي يلا
– ابعد عني انت مش طبيعي
قاد سيارته بسرعه جنونيه لتعود اليها ذكريات الحادث لم تشعر بنفسها الا وهي تمسك ذراعه تلتقط أنفاسها بصعوبه تذرف دموعها وهي تترجاه
– أرجوك هدي السرعه
ليستجيب لها ينظر نحوها يرى الآلم مطبوع فوق ملامحها
أوقف سيارته لتضم جسدها المرتجف بذراعيها هاتفه دون وعي
– النار… النار
لم يتحمل عاصم رؤيتها هكذا رغم انه كان يتلذذ دوماً بأنكسارها وضعفها ولكن اليوم كانت مشاعر أخرى تقوده… ضمها اليه يتنفس رائحتها هامساً
– اهدي ياايمان… متخافيش
****
لم تكن يوماً من هواة الروايات الرومانسية فحياتها لم تعطيها تلك الرفاهية ولا الاحلام.. اخبروها دوماً انها ابنة راقصه منبوذة الأصل
بطلة الروايه كانت ضعيفه مثلها راضيه بذلك القدر الذي اختاره لها الناس ولكن عندما تفتح قلبها على حب ابن عمها الذي كان كغيره لا يراها الا تلك الفتاه المنطوية ذو الجسد السمين والملابس البشعه ولكنها كانت تحيا في زمن اندثر به الأخلاق فلم تعد الا المظاهر تُشبع النفس والعين وما كان عليها الا لتتغير
اغلقت هاتفها تزفر أنفاسها بعدما قضت ساعات بين صفحات تلك الروايه التي بعثتها لها حنين حتى يرفهوا عن أنفسهم قليلاً
نهضت من فواق فراشها تقف أمام المرآة وفي لحظه كانت تُحرر شعرها من تلك الضفائر التي تعطيها منظر طفولياً
أنساب شعرها بغزارته وخصلاته المموجة حولها… لتقع عيناها نحو احمر الشفاه تطلي شفتيها به.. ولم يزدها صنيعها الا فتنة.. فتنة جعلتها تنظر لهيئتها بأندهاش تتسأل ” هل أصبحت امرأة كامله ام مازالت تلك المراهقة”
– عهد
تجمدت عيناه وهو يفتح باب غرفتها دون أن يطرقها فهو يعلم تماما انها بهذا الوقت تُذاكر دروسها
اتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها يرمقها بنظرات فاحصه.. يقترب منها
– ايه اللي عملاه في نفسك ده
واجتذب رأسها واخرج منديلا ليزيل عن شفتيها احمر الشفاه
متنهداً بضيق وهو يراها تتملص من قبضته تدفعه بعيداً عنها
– عجباكي المسخره ديه.. وانا اللي فاكرك قاعده بتذاكري
– ابعد عني.. ملكش دعوه
– ماليش دعوه.. لا انتي حالتك بقت عجيبه الفتره ديه.. شكلي دلعتك
اصابتها عبارته في الصميم لتضحك رغماً عنها تتمتم بقهر
– بتدلعني ولا بتعطف عليا بسبب شعورك بالذنب اتجاه خديجه
– عهد
صرخ بها وهو يتذكر شقيقته يدفعها بعيداً عنه
– لمي شعرك واعدلي هدومك وعشر دقايق والاقيكي بره في الصاله
ونظر نحو ساعته يزفر أنفاسه
– استاذ الفيزيا نص ساعه وجاي ولا المسخره عجباكي
وكان هذا اخر مادار بينهم ذلك اليوم… لتقضي باقي اليوم يتجاهلها وكأنه يُعاقبها على شعورها بأنوثتها
*****
وقفت السيده فاطمه أمامه تبتسم وهي تراه يبحث عنها بعينيه… سعادته كانت تُسعدها فهي عاشت معه سنين طويله لم ترى منه إلا خيراً
– في المطبخ يابني… والله انا ديما بقولها ارتاحي واحنا موجودين وديه شغلتنا لكنها مصممه تعملك الأكل بأيديها
ابتسم شهاب والسعاده باتت تملئ قلبه وهو يستمع لكلماتها يُناولها حقيبة عمله حتى تضعها بغرفة مكتبه
اتجه نحو المطبخ لتخرج فتنه على الفور تخفض عيناها تمر من جانبه
اقترب منها لتهتف ب فتنه بعدما تذوقت طعم الطعام
– فتنه ممكن تناوليني الملح
بحث عن علب التوابل لتقع عيناه اخيراً عليهم فيلتقط الملح يمد يده به هامساً
– امممم ريحة الاكل تجنن وتفتح النفس
اجفلها صوته تلتقط انفاسها تلتف نحوه
– خضتني
وابتسمت وهي تراه أمامها وقد وفي بوعده وأتى على موعد الغداء كما اتفقوا قبل ذهابه لعمله صباحاً
– اطلع غير هدومك عقبال ما احضره… خلاص مش فاضل كتير
داعب وجنتيها مبتسماً علي تلك السعاده التي يراها فوق ملامحها
– قدامك ساعه بس وهرجع الشركه تاني
زمت شفتيها بعبوساً لطيفاً أصبح يهوه منها وينعش قلبه
– وانا اللي فرحت انك رجعت بدري وهتقضي اليوم كله معايا
كانت يداه مازالت تتحرك فوق وجنتيها يُداعبهما برقه باتت تسلب دقات قلبها
– أنتي عارفه ياقدر الشغل ووقتي مش ملكي
– ربنا يعينك ياحبيبي ويوسع رزقك يارب
وعندما أدركت تلك الكلمه التي تفوهت بها كان صداها اخترق فؤاده وضاع الكلام وهو يُقربها منه يتناول شفتيها بقبلة دافئه أودع فيها سعادته
جمله واحده اذابت قلبه… جعلته يُقرر انه سيأتي كل يوم يتناول طعامه معها مهما كانت اشغاله…
شهاب العزيزي أصبح يحب المنزل هكذا كانت تُحدث السيده فاطمه حالها وهي تُسرع في تحضير الطعام مع قدر تنظر إليها من حيناً لآخر تتمنى لهم السعاده التي أصبحت ظاهره على وجههم
هبط الدرج يُشمر أكمام قميصه يتلذذ بالرائحه التي خطفت أنفاسه منذ عودته
– لا كده وزني هيزيد.. حرام عليكي ياقدر
التفت نحوه مبتسمه تسكب له طعامه
– خلاص مش هأكلك النهارده الكريم كرميل
جلس فوق مقعده يتناول منها طبقه المملوء
– لا كده كتير انتي عملتي حلف مع فاطمه عليا وبقت تقولك الاكل اللي بحبه وانتي تنفذي وانا اضيع
سكبت لنفسها الطعام بكمية قليله لتتعلق عيناه بها متذمراً
– يعنى عايزانى اتخن وانتي تحافظي على وزنك
– انت بتتحرك كتير لكن انا اغلب الوقت قاعده
ارتفع حاجبه يفحصها بعينيه لتُطالعه ببراءه
– الصراحه عايزاك تتخن ويطلعلك كرش ومافيش ست تبصلك
وقفت فاطمه مصدومه وهي ترى سيد البيت الوقور يحمل زوجته يصعد بها الدرج متوعداً لها
اتسعت ابتسامتها تُشيح وجهها خجلاً عائدة للمطبخ تدعو لهم بالسعاده
*****
كانت عيناه عالقة بها وهي تقف أمامه تُجفف شعرها… ارتبكت من نظراته تشعر بالخجل
– كان اجتماع مهم
عقد شهاب ذراعيه أسفل رأسه زافراً أنفاسه
– يعنى…بس في غيري يقدر يسد
– هو انت ليه داخل في كل حاجه
تسألت وهي تقترب منه فقطب حاحبيه
– كل حاجه ازاي
– بيزنس وسياسه
صدحت ضحكاته مُعتدلاً من رقدته يلتقط ذراعها يجذبها نحوه
– غاوي تعب ياستي…
والتمعت عيناه وهو يلتهم ملامحها الشهيه
– قاعدت معاكي اه زي ما كنتي عايزه…قوليلي بقى ازاي هتخليني مندمش اني ضيعت الاجتماع
ابتعدت عنه تهتف بحماس بعدما فكرت بما تفكر به دوماً
– هعملك….
– لا كفايه ياقدر..كده انا مش هقعد في البيت
عبست ملامحها تنظر اليه ببراءه
– طب انت عايز ايه اعملهولك واعمله علطول
والاجابه كانت واضحه… وضاعت بين ذراعيه خائفه من تلك السعاده التي وهبتها لها الحياه بعد حزن كانت تسأل دوماً حالها هل تستحقه والعوض يأتي لا مُحالة
*****
الاجتماع الأول لها ضمن أعضاء الحزب ورئيسه لم يأتي ليتولي الأمر نائبه… كانت شاردة طيلة الوقت لا تُصدق انه ترك اجتماعاً
نفضت رأسها من تلك الأفكار التي راودتها… فلو فكرت هكذا ستجن.. اقنعت نفسها بأن شهاب لا يتأثر ب امرأة فعمله يأتي بالمقام الأول
انتهى الاجتماع اخيراً ولم تنتبه لأي كلمه قد قيلت فيه فعقلها كان منشغلاً
نهضت على الفور تخرج من مقر الحزب لا تستمع لصوت من يهتف اسمها
*****
الأعين كانت تترصده ولكنه كان لا يهتم.. ارتشف من كأس الشاي الذي يفضله في تلك القهوة التي أصبح معتاد الجلوس عليها
انتبه لتلك الثرثرة التي اخذت تتعالا من حوله لتتجمد عيناه وهو يسمع اسمه واسم ابنته على ألسنتهم
هب واقفاً صارخاً بهم
– قطع لسانكم انا بنتي اشرف من الشرف
تعالت السخريه فوق شفتي البعض والبعض الآخر شعر بالمقت مما يحدث
– روح ربي بنتك ياراجل
فضحك الاخر يلكظ زميله
– راجل ايه ده مطلع بنته تشتغل وهو قاعد زي الحريم في البيت
لم يتحمل صابر سماع المزيد ليندفع نحوهم يُحاول صفع من اغتاب في رجولته
– شوفوا ياناس عايز يعمل علينا راجل وبنته دايره على حل شعرها مع عاصم بيه ومقضياها أحضان…ماهي مش هتلاقي حد يبصلها فلازم تفتح الباب على البحري
– بس عيب ياواد منك ليه… ده شرف ولايا
هتف احد الرجال الاتقياء يشعر بالتقزز مما يسمع… يمد يده لصابر الواقع أرضاً
نهض بخزي ينفض عباءته يسير في الطريق لا يقوي على جر ساقيه
وصل لمنزل الحج محمود يهتف بأحد الرجال
– فينه… فينه اللي خلي سمعت بنتي في الأرض
طالعه الرجل الواقف حالته المزرية يُسرع للداخل مُنادياً على الحج محمود الجالس في مكانه المخصص يرتشف قهوته مع احد الرجال وبينهم مصالح عدة
ولم يكد الحج محمود ينهض من مكانه حتى يري صابر ويفهم مايُخبره به رجله
– كده يامحمود كده يااخويا… ابنك يعمل في بنتي كده
اتسعت عيني الحج محمود ولم يصل لذهنه شيئاً واحداً
****
دلفت للفيلا تحت أنظار الخادمه
– شهاب بيه موجود
– ايوه ياهانم
اقتربت منها فاطمه تُشير لفتنه بأن تذهب لعملها
– فين شهاب يافاطمه
لوت فاطمه شفتيها استنكاراً لتعاليها رغم أنها لم تعد صاحبة المنزل
– شهاب بيه في اوضته مع المدام
شحبت ملامح شيرين مما جعلها تشفق عليها للحظات ولكن في النهايه هي تستحق… نفضت فاطمه شعور الشفقة الذي احتل قلبها للحظات نحوها
سيطرت على مشاعرها تُخرج صوتها بثبات ولكن داخلها كانت تشعر بالانهيار تخشي ما يُخبرها به قلبها
– اطلعي قوليله اني مستنياه في اوضة المكتب
– ياخبر ياشيرين هانم ازاي اطلع للبيه اوضته وانتي عارفه عوايده مبيحبش حد يزعجه
لم تتحمل شيرين سماع المزيد صارخة
– قولت اطلعي قوليله اني موجوده
تنهدت فاطمه بسأم تصعد الدرج بعدما اتجهت شيرين نحو غرفه المكتب تطرق الأرض بحذائها
خمسه عشر دقيقه ظلت تنتظره تشعر وكأنها تجلس على الجمر كلما صور لها قلبها انها بين احضانه تنعم بدفئ جسده الذي اشتاقته
آه مؤلمة خرجت من بين شفتيها تتذكر كل لحظه جمعتهم… هي زوجته وستظل زوجته مهما حدث
– هترجعلي ياشهاب مش هسيبك ليها
تمتمت بها قبل دلوفه لغرفه مكتبه ينظر اليها حانقاً
– خير ياشيرين..
تجمدت عيناها وهي ترى هيئته والحقيقه التي تجاهلتها وانكرتها واضحه
صرخ بها قلبها يؤكد لها ما تخيله
– شيرين انا مش فاضي ليكي… قولي كنتي جايه عايزه ايه
التمعت عيناها تقترب منه بآلم تسأله دون شعور
– كنت في حضنها
احتدت عيناه يمسح فوق شعره الرطب وقد يأس من افهامها بأنها طليقته وليست زوجته
– عايزه ترتاحي ياشيرين… اه كنت في حضنها وحبيتها وعايش سعيد وقريب هجيب ابني منها ابن مش هتكرهه عشان مش من مقام بنت الوزير تخلف طفل زيه
صرخه مكتومه خرجت منها قهراً ترفع كفوفها تدفعه فوق صدره
– انت مش عايز غير توجعني… كفايه ياشهاب كفايه وجع ابوس ايدك
– فاطمه تعالي وصلي مدام شيرين
وانصرف تاركاً لها المكان لتقف ترثي حالها
*****
– هتتجوز ايمان ياعاصم… وكلمه تاني لا انت ابني ولا اعرفك
صاح عاصم بعلو صوته ينظر إلى صابر الذي وقف يشاهد الأمر
– انت هتصدق كلام الناس ياحج… احضان وابوس ايه… كل اللي حصل انها كانت خايفه فهديتها
اتسعت عيني الحج محمود وهو يستمع اليه يستنكر كلمته بوجه جامد
– بتهديها… ومن امتى الراجل مننا بيهدي ست مش من محارمه
واقترب منه يضرب عصاه ارضاً
– البلد كلها الليله ديه هتعرف انك كنت خاطب ايمان وكنا هنكتب كتب كتابكم قريب… وانت ياصابر روح بلغ بنتك
كان قلب صابر يتراقص فرحاً ورغم ماحدث لا ان مصلحته انسته ان التي تحدث عنها الناس ابنته
شرد حالماً بالمال الذي سيجنيه من تلك الزيجه ويسد ديونه ويعود اسمه للسوق مجدداً
اقترب منه عاصم بعدما انصرف والده يتنهد مقتاً
– فرحان طبعا بالنسب ياحمايا…
ابتلع صابر ريقه فأردف بوعيد
– بس خليك متأكد ان بنتك الغاليه هتدفع الثمن
*****
صرخت وثارت وبكت ولكن في النهايه حكم عليها ان تكون زوجته… نظراته الشامته المحتقره لم تُخفي عليها وكأن لها دخلاً بكل ماحدث…
أصبحت زوجته ولا تعرف كيف كل ما تذكرته انه مضت اسمها فوق العقد ووالدها ينسحب بعيداً مع عاصم
عاد والدها اليها وقد انفردوا بإحدى الغرف
– انا راجع القاهره تاني يابنتي… معدش ليا عيش هنا تاني
ابتعدت عنه والصدمه ترتسم فوق وجهها ايزوجها ويرحل فمنذ ساعات كانت تُقبل قدميه حتي يرحلوا من هنا أو سترحل وحدها وهو يُخبرها ان لا وجود لهم الا هنا فمن يتربصون له لأخذ اموالهم كثر ولن يتركوهم
– هتمشي… والديانه والناس اللي ناوين ليك على الشر مش كل دول اللي بسببهم خلتني اتجوز عاصم وارضي بالذل
وصرخت كالمجنونه
– انت صدقت ان ممكن يكون بيني وبين عاصم حاجه… كل ده ظلم.. ظلم
– ايمان اسمعيني يابنتي… عاصم خلاص بقى جوزك وديه الجوازه اللي كنت بحلم ليكي بيها… صحيح الطريقه جات غلط لكن المهم في النهايه حصل اللي اتمنيته
وأخرج الشيك الذي بحوزته
– جوزك سد كل الديون اقدر ارجع رافع راسي
تسارعت أنفاسها وهي لا تُصدق ان والدها باعها وهي التي تحملت كل المهانه والذل من أجله
– بعتني ليه
هتفت عبارتها والخزي يملئ قلبها
– بعتك ليه ايه ياعبيطه… ديه جوازه مكناش نحلم بيها
الكلمه اخترقت اذني عاصم الذي دلف للتو ينظرنحوهم ساخراً
– فعلا جوازه مكنتوش تحلموا بيها… عاصم العزيزي يتجوز بنتك ويدفع كمان فلوس
واندفع احد رجال عاصم للداخل يجر أحدهم خلفه صائحاً
– اتكلم ياخلف قول كل حاجه لعاصم بيه
شحبت ملامح صابر يبتلع لعابه بأرتجاف ينظر لذلك الواقف يترصد حركاته…لقد اكتشف عاصم كل شئ وافتضح امره
– هو اللي قالي يابيه اعمل التمثليه ديه كلها وافضحكم وسط الناس
وارتجف الرجل يجثوا أمام قدمي عاصم الذي تعلقت عيناه بصابر
– انا جيت اقوله اني شوفت البشمهندسه فعربيتك وانه ميصحش كده عشان سمعتها
وابلتع الرجل ريقه خوفاً
– اتفق معايا يديني الف جنيه.. وديه بنته قولت وماله اذا كان ابوها مش خايف على سمعتها
****
سواد غلف عيناها وصدمة كسرت ماتبقى لها… رحل والدها بعدما ودعها بنظرات حزينه يُخبرها مراراً وتكراراً ان مافعله لمصلحتها.. بمال عاصم ستعود لحياتها القديمه المرفهة وستخوض تلك العمليه التي ستعيدها جميله كما كانت
دلف عاصم الغرفه يُشيعها بنظراته المحتقره
– ايه ياعروسه لسا مجهتزتيش لعريسك.. مش الليله دخلتنا ولا ايه
ارتجف جسدها تدور بعينيها هنا وهناك حتى لا يرى حسرتها
– ارجوك سيبني… انت عرفت الحقيقه خلاص وعارف اني مظلومه
صدحت ضحكاته في ارجاء الغرفه…ايدفع المال ويتركها.. اينتصر والدها عليه في النهايه ولا ينال حقه
– عاصم العزيزي مبيسبش حقه ولا ممتلكاته…
واردف بقسوة بعدما اقترب منها فالتصقت بالجدار رهبة من نظراته
– ابوكي عمل الفضيحه وباعك وقبض تمنك… وجيه وقت حقي
واتبع حديثه بسخرية لاذعه
– مش البشمهندسه برضوه بتعرف حقوق غيرها
عادت دموعها تغزو وجهها بغزاره دون تقف
– ارجوك
واهتاجت مشاعره وهو يراها كيف تحمي نفسها بذراعيها منه… لتعود ذكرى قديمه… خديجه تترجاه بأن يصبر عليها وهو يضمها اليه يعدها بصبره.. فحبه لها اكبر من رغبته
اجتذب ذراعها بقسوه بعدما التقط القميص الذي وضع فوق الفراش يلقيه بوجهها
– ادخلي غيري هدومك… صبري بدء يخلص… ابوكي باعك تفتكري انا هرحمك
دفعها نحو المرحاض يهتف بوعيد يُصارع تلك الذكريات التي أبت ان تتركه تلك الليله
– عشر دقايق وتبقى قدامي…فاهمه
نصف ساعه مرت وهي تجلس بالمرحاض تبكي حظها تقبض فوق قماش القميص تنظر نحو باب المرحاض ترتجف من الخوف… لقد أصبحت زوجة ذلك القاسي الذي احبته
يالها من سخريه أحبت من لم ترى منه إلا القسوة
أشعل سيجارته الثانية قبل أن يطفئ الاولي وعقله شارداً مع الماضي…
الظلام عاد يتغلل داخل قلبه بعدما شعر انه بدء يتحرر منه حتى أحلامه أصبحت لا تغزوها الا تلك القابعه داخل المرحاض منذ اكثر من نصف ساعه
اطفئ سيجارته عندما تجلل داخله شعور الرفض مندفعاً نحو المرحاض يطرقه بقوة
– هعد لحد عشرين لو خلصت وملقتكيش قدامي هكسر الباب سامعه
ارتجفت اوصالها تهتف به برجاء
– طب هاتلى حاجه تانيه البسها… مقدرش البس ده… ارجوك
– واحد… اتنين..
وبدء عده ليستولي عليها الخوف تزيل عنها ملابسها بأيدي مرتعشه ترتدي ذلك القميص الذي يكشف عن باقي تشوهها
انتهى العد قبل أن تتمالك أنفاسها وكاد ان يرطم الباب بجسده الا انها أسرعت تفتح الباب تطرق رأسها بخزي ودموعها لا تتوقف
طالعها طويلاً ينظر لكل جزء من جسدها وشعور واحد كان يدور بخلده
” اكان الحادث بشعاً لهذا الحد … اقضت الايام باكيه من الآلم”
– مش قادره أقف كده , ارجوك خليني البس اي حاجه
– ارفعي عينك ياايمان
هزت رأسها رافضه تغمض عينيها فتنساب دموعها على خديها
– ايمان قولت ارفعي عينك
– مش هقدر , مش هقدر استحمل نظرتك لجسمي
ونهارت في بكاء مرير تخفي وجهها بكفيها ترثي حالها… ستقتلها نظراته لا محاله وهو الوحيد الذي لا تتحمل منه هذا
ارتعش جسدها تشعر بيديه فوق جسدها يتحسس موضع الحرق الذي ينحدر على طول شقها الأيمن
– بيوجعك
نفت برأسها تتراجع للخلف دون رفع عيناها نحوه
– بلاش تبص عليه… ارجوك كفايه
– ايمان انا مش قرفان منك زي ما انتي فاكره
ارتفعت عيناها اليه فمن هذا الذي يتحدث… ف مرات عدة طعنها بكلامه جعلها تقضي لياليها باكيه تعض فوق قبضتها تكتم صوت آنينها
– انا عارف اني جرحتك في الموضوع ده كتير… لكن مكنش قصدي اعايرك…
امتعضت ملامحها اكل هذا التنمر الذي عانته تحت يديه وفي النهايه يُخبرها انه لم يكن يقصد… أدارت جسدها بعيدا عن عينيه تبحث عن شئ يسترها
– طبعي أوجع ياايمان… ونصيبك تعيشي في ظلامي ولازم تتحملي
صرخت ملتاعة بعدما باغتها بحملها يسير بها نحو الفراش
– لا مش هتلمسني… انا وانت مننفعش لبعض
والمشهد يتكرر واخرى تُعايره بتعليمه وانحدار ثقافته هتف بقسوه وهو يدفعها فوق الفراش يأسرها بذراعيه
– ومننفعش لبعض ليه
– لأنك بتكرهني ياعاصم
وضاع باقي الحديث… فأي كره هو يكرهه لها وقد اخلف وعده لقلبه وتزوج من جديد امرأه تفوقه علماً
قاومته بضراوة حتى خارت قواها واستسلمت لمصيرها معه…قسوته تلاشت بعدما وجد اللين منها لتشعر بذراعيه تضمها بحنو يهمس بأذنها يُطمئنها وهل حقاً هذا عاصم
****
توقف عن إكمال خطواته نحو الخارج وهو يسمع عصا والده تدب الأرض يصيح بأسمه
– على فين ياعاصم
– رايح اشوف مشاغلي ياحج
اقترب منه الحج محمود يقف قبالته
– شغل ايه يابن محمود والنهارده صباحيتك
ارتسمت ملامح السخرية فوق شفتي عاصم
– صباحية مين ياحج… ما كل حاجه كانت على يدك… وانا متممتش الجوازه ديه ورضخت للعبه القذره غير عشان خاطرك
– مراتك ملهاش دخل بلعبة ابوها… البت ضحيه يابني وانت شايفها غلبانه ومكسورة الجناح… واه ابوها سابها لينا ومشي
واردف بضيق مما فعله صابر بهم بعدما ظن ان الزمن قد غيره
– لو خرجت من الدار الناس هتظن فيها ظن وحش ياولدي
شعر عاصم بالسأم من طيبه والده الدائمه
– ياحج ورايا شغل ومشاغل… انا مش هقعد جانبها وهي عارفه كويس ان جوازتنا تمت ازاي
وقف الحج محمود يشيعه بنظراته يزفر أنفاسه يأساً من طباع ولده متحسراً على تلك التي بالأعلى
****
وضعت السيدة رسمية الطعام أمامها
– كلي يابنتي حرام عليكي اللي بتعمليه في نفسك ده… مش هيغير حاجه
طالعتها بعيني قد فقدت بريقهما ثم اشاحتهما
– يابنتي متوجعيش قلبي عليكي… والله نفسي اساعدك
دب الأمل في قلب رحمه تتعلق عيناها بها
– هتساعديني
والتقطت يدها ترجوها
– انتي من اول ماجيت هنا بتعمليني كويس… كملي جميلك معايا وهشيله فوق راسي طول عمري
واردفت تنظر حولها بخوف
– خرجيني من هنا ومش هتشوفوني تاني
شهقت رسميه وهي تلطم فوق صدرها
– يالهوي اهربك , ده حامد بيه ايده طايله يابنتي
وضاع الأمل بعدما احيته داخلها لتترجع رحمه للخلف تتحسر على حالها
– شيلي الاكل مش هاكل حاجه
وانزوت فوق الفراش تغمض عينيها لا تعرف سبيل للهرب
– بس في واحد يقدر يساعدك وكلمته مسموعه وحامد بيه مش هيقوله لاء ولا يعارض كلامه
الفصل الرابع عشر (14)
لم تكن خطيئتي.
منذ أن علم بخبر زيجة عاصم وصورة شقيقته تقتحم عقله ، آلم نهش قلبه فهاهو عاصم يتزوج وسيعيش حياته
دلف المنزل يزيل عن عنقه رابطته التي تخنقه.. هتف بأسمها لكن لا اجابه
اتجه نحو غرفتها يفتح الباب كالعاده دون طرقه ليجدها تُطالع جسدها بالمرآة بذلك الثوب القصير وكأن رؤيتها هكذا كانت تنقصه صرخ بقوه يُخرج عليها غضبه
– والله عال ياست عهد.. بدفع انا فلوسي في تعليمك عشان ارجع الاقيكي كل يوم في المسخره اللي انتي عملاها في نفسك
ارتجف جسدها من شدة صراخه فتراجعت للخلف
اقترب منها دون أن يحيد عينيه عنها لتشهق بفزع وهي تراه يمزق الثوب الذي اشترته مع حنين في آخر خروجه جمعتهم وقد أصرت حنين عليها ان تشتريه تُخبرها انه سيليق بجسدها
– وادي الفستان اه…ولبس من ده تاني مش عايز اشوفك بي مفهوم
ارتعشت شفتيها تُقاوم ذرف دموعها.. لم يمهلها استعاب مع فعله بثوبها الثمين على قلبها ليجذب رأسها يمسح شفتيها المصبوغتين باللون الأحمر بعدما اخرج محرمه ورقية من سترته… انتقلت يداه لوجنتيها يمسحهما بعنف
– مش عايز اشوف القرف ده تاني… بدل ما ارجعك البلد مدام انتي مش وش علام وعايزه المسخره
سقطت دموعها المقهوره تبكي على حالها… حتى الشعور بأنوثتها يقتلوه داخلها… صوت شهقاتها تعالت وهو مستمر فيما يفعله غير واعي بأن ضيقه لما يخرج الا عليها
انتبه اخيراً لصوت شهقاتها وقبضتي يديها تدفعه بعيداً عنها
ابتعد عنها مفزوعاً مما احدثته يداه… فجثت فوق ركبتيها تهتف بقلة حيله
– مترجعنيش البلد.. مش هعمل كده تاني خلاص
ولطمت موضع قلبها تخبره بأن لا يحلم
– كنت عايزه اشوف نفسي زي بقيت البنات…
ورفعت عيناها نحوه وهو وقف يُطالعها بضياع علي مافعله بها ولا تستحقه
– مش هفكر تاني اكون بنت..اوعدك
كلماتها اصابة قلبه فلم يعد يتحمل رؤيتها هكذا
غادر غرفتها يلطم كفوفه فوق الجدار… فغضبه من فعلت عاصم انصبت فوقها هي وخطأها انها وقفت أمام المرآه تستشعر أنوثتها
****
استمعت لبعض من حديثه وفور ان سمعت اسمه ارتجف جسدها..اغمضت عيناها تنفض تلك الذكرى السيئه التي تركها عاصم داخلها ولن تنساها يوماً
انتبه على وجودها ينظر إليها بعدما عادت من منزل خالها
أنهى حديثه مع شقيقه ليبتسم لها يسألها
– مدام سميره عامله ايه دلوقتي واستاذ منير
ارتخت ملامحها تطرد اسم عاصم من ذهنها فما ذنبه هو
– الحمدلله كويسين وبيسلموا عليك
وضحكت وهي تتذكر خناقتهم اليوم على اسم المولود
– قرروا لو الطفل جيه ولد هيسموه على اسمك
اتسعت ابتسامته وهو يقترب منها يجذبها اليه يرفع كفه يُداعب وجنتها
– طب لو بنت هيسموها قدر
زمت شفتيها عبوساً تتذمر علي اختيارهم لاسم اخر لو كانت فتاه
– مش عجبهم اسمي شوفت
تجلجلت ضحكاته وهو يراها كيف تمط شفتيها
– لاا غلطانين
– شوفت… انا اسمي مش حلو ياشهاب
نعومتها اذابته فتمتم اسمها بمشاعر جياشة
– قدر
رفعت عيناها اليه تستعجب من هتافه بأسمها لتضحك بعدما انتفضت اجسادهم على رنين هاتفه
تنهد بمقت ينظر لرقم المتصل متذكر موعده مع احد الأشخاص بعد ساعه
– اكيد خارج مش كده
قربها منه يضحك على تذمرها الطفولي
– مش هفضل قاعد جانبك ياقدر.. عندي مشاغلي
دفعته عنها فأتسعت ابتسامته التي لم تعد تفارق ملامحه
– ماشي ياشهاب بيه روح لمشاغلك وخساره فيك بيت الشعر اللي كتبته ليك
لتتعالا ضحكاته ينظر لخطاها متمتماً
– ما انا لو فضلت جانبك مستقبلي هيضيع كده
***
رمق الحج محمود تلك التي تتشح بالسواد وتنتظره بغرفة الضيافه تتلفت حولها بخوف
استمعت لصوت عصا تدب الأرض لتقف منتصبة تنظر نحو الرجل الذي وقف أمامها
– خير يابنتي… قالولي انك واقعه في مصيبه
أزاحت رحمه الحجاب الذي تخفي به نصف وجهها
– انا مرات حامد
اتسعت عيني الحج محمود فهو قد سمع عن زيجة حامد الجديده وعرف بتفاصيلها التي لا تعجبه ولكنه يأس وفقد الأمل فيه كما فقده بعاصم
– ارجوك طلقني منه… مش عايزه اعيش هنا… عايزه ارجع بلدي
****
انتفضت مفزوعه تراه يقترب منها وملامح الشر تنبئها بنواياه
– رايحه لعمي محمود تشتكيه… ده انتي وقعتك سوده
ارتجف جسدها وقد ازداد اقترابه منها لتصرخ عالياً وهي تشعر بقبضة يده فوق ذراعها
– طلعتي من البيت ازاي انطقي
نفضت ذراعها من قبضته تبتعد عنه تبحث عن شئ تحتمي به
– عمك هيخلصني منك وهبلغ عنك بس امشي من هنا
صدحت ضحكاته… فالغبيه تُصرح له عن نواياها
– طب ياابله الناظرة خلاص مني مافيش وادباً لخروجك هخليكي تخدمي مع الخدم في البيت
تفادي الزجاجه التي دفعتها به بمهاره لتزداد عيناه قتامة
– عملتي اللي مافيش رجاله بشنبات قدرت تعمله … بقى انا حامد العزيزي حرمه زيك بقت تعلم عليا
– والله لو قربت مني هرمي نفسي من الشباك
لم يعرف ايضحك ام يجذبها من خصلاتها التي انفكت من قعدتها يريها كيف تُهدده
– هترمي نفسك من الشباك اللي طوله متر ونص
حركة يده فوق شاربه جعلت الخوف يدب بأوصالها..فهي تعلم مقدار قوته تماماً
– وعشان اعرفك ان لسانك ده هو السبب في تشرفتك هنا… انا كنت ناوي بعد شهر امشيكي من هنا وأطلقك لكن وحياه شنبي ده لانتي…
وقبل ان يُكمل حلفانه بشنبه الذي تعرف غلاوته في عرفهم اقتربت منه تشبّ على أطراف اصابعها ترجوه
– متحلفش بشنبك.. خلاص اوعدك انك مش هتسمع صوتي بس مشيني بعد شهر زي ما قولت
ابتسم حامد بزهو ولكن زهوه كان مختلطاً بمشاعر لا يعرفها ولن يعترف بها
– تعجبني الست اللي بتسمع الكلام
استمع لسبابها الخافت لتحتد عينيه متوعداً
– كلمه تاني وارجع في كلامي عدي الشهر اللي قاعده معانا على خير وجعتيلي دماغي
وضعا يدها فوق شفتيها تُشير اليه انها ستلتزم الصمت… اعجبته ملامحها الهادئه وصفاء عينيها… رفعت كفها عن شفتيها تهمس بخجل تطرق رأسها أرضاً بطريقه ادهشته
– ممكن اطلب منك طلب
لتتسع عيني حامد من ادبها الذي اذهله
– اطلبي
– عايزه نضاره… نضارتي اتكسرت وعيني بدأت توجعني
تنهد وهو يقطب حاحبيه
– هاخدك بكره اعملك واحده جديده.. عشان تعرفي بس اني راجل ابن بلد وبكرم ضيوفي
****
تسطح فوق الفراش غير عابئ بتلك التي اتخذت الاريكة ملاذاً لها… كانت تشعر بحركته بالغرفه ظنت لوهله انه سيصيح بها يجذبها من مرفقها لتكون جانبه ولكن هاهو الذي كانت طوع بنانه ليله امس هجرها اليوم وكأنه اخذ ثمن ماله وانتهت حاجته منها
بكت بحرقة تكتم صوت أنفاسها حتى لا يسمعها تعض فوق شفتيها… فارق النوم جفنيها كما جفاه هو
كان يعلم انها لم تغفو ولكنه ابي ان يكون الرجل الذليل لامراته كما كان يفعل مع خديجه التي كانت بكلمه واحده حانيه منها تجعل قلبه طوع بنانها
” الضعف ليس من شيماتك ” هكذا خاطب عاصم قلبه ومع صراعه بين قلبه وعقله غطا في نوم عميق
رفعت عيناها نحوه تُطالعه في ظلام الغرفه تبكي حالها لقد نام دون أن يُفكر للحظه بالعناء الذي تشعر به فوق الاريكه الضيقه
مضت ليلتها باكية اما هو قضاها يُصارع أحلامه ليفيق صارخاً
– خاينة… خاينة.. هقتلك
اجفلتها صيحته لتتجمد عيناها نحو عيناه التي علقت بها
****
سارت على أطراف اصابعها نحو الغرفه التي تعلم تماماً ان الخزنة التي يضع بها كل ماهو ثمين تقبع بها
أزالت الصوره تنظر للخزنه تضرب الأرقام التي تحفظها عن ظهر قلب دون أن يعرف
– ماشي يافتحي مدام عايز تخرب حياتي… هسرقك
بحثت عن عقد الأرض بين الاوراق بلهفة تخشي قدومه في أية لحظه
زفرت أنفاسها وقد فقدت أملها في ان تجد العقد
– وده العقد فين انا متأكده ان الارض متبعتش لحد..
بحث في باقي الغرفه الي ان يأست… أعادت الصوره لمكانها كما اعادت كل شئ ..
وأنسحب من الغرفه تعود لغرفتها تضرب كفوفها فوق الفراش
– كده حامد هيطلقني… منك لله يافتحي ضيعتني معاك
أضاء هاتفها برقم حامد فأرتعشت اناملها وهي تلتقطه
– لقيتي العقد
– ملقتش حاجه… فتحي حويط وانت عارفه كويس
وارتعشت اوصاله تسمع صراخه وتهديده الذي يؤرق مضجعها كل ليله
– طلاقك قصاد الأرض يالطيفه وابقى خلي اخوكي ينفعك
– حامد فتحي ضحك عليا
لم ينتظر منها سماع المزيد لتلطم فخذيها تتحسر على حالها
– لا ياحامد مش بعد كل اللي عملته تروح مني… انت بتاعي انا وبس
توقفت عن ذرف دموعها بعدما لمعت عيناها وهي تتذكر كيف كانت بدايه وقوعه في شباكها ومن غيرها سيُساعدها
****
جمعت أوراقها وكتبها بعدما شعرت بخطواته تقترب منها… اتخذت غرفتها عزلاً لها بعد ماحدث.. هو اعتبر مايقدمه له احساناً وهي قررت أن احسانه سيأتي يوماً وترده له ولكن لا بأس أن تتحمل قسوة ما يُمنح لها حتى يكون دافع لها بأن تصل إلى ما ترجو
قبض بقوه على الحقائب الكثيره التي يحملها يتآلم قلبه لرؤيتها وهي تجمع أوراقها وتتحاشا النظر اليه
سارت نحو غرفتها بخطوات سريعه ولكن وقفت وهي تستمع لصوته الذي زاد فوق قلبها آلماً
– عهد
تجمدت في وقفتها تغمض عينيها بقوه تذرف دموعها
– انا عارف اني طلعت غضبي عليكي… اعذريني جنوني زاد لما عرفت عاصم اتجوز
واردف بقلب ملتاع
– افتكرت خديجه غصب عني
طالع ظهرها بحسره ينتظر سماع صوتها ولكنها ظلت واقفه بمكانها لا تقوى على إكمال خطواتها ولا تقوى على الالتفاف نحوه
– ده بيتك ومن حقك تطلع غضبك فيه… الخدم بيستحملوا غصب اسيادهم عليهم عشان لقمه العيش… وانت مش مديني لقمه عيش بس انت بتصرف علي تعليمي ولبسي ومعيشني في بيتك ومتجوزني وموقف حياتك عليا.. فعندك حق
كلماتها كانت كالجمر المشتغل تتقاذف فوق قلبه.. لم يتحمل سماع المزيد منها… ترك الحقائب أرضاً يجذبها نحو صدره
– اوعي تقولي كده ياعهد… البيت ده بيتك زي ماهو بيتي
وضمها اليه بقوه يسمع صوت شهقاتها الخافته ولأول مره يعرف انها باتت غالية بشدة على قلبه
– انا كنت عايزه احس اني بنت… كلكم بتحرموني من اي احساس بحبه ليه بتعملوا فيا كده
– غضبي كان غصب عني…طلعتوا عليكي انتي
وابعدها عنه برفق عندما وجد صوت شهقاته تتعالا
– انا جبتلك حاجات حلوه كتير هتعجبك
وغمز لها حتى يُراضيها فيومين خصام لم يتحملهما مُبرراً لحاله انه اعتادها بحياته كما يعتاد المرء بعض الأشياء
– جبتلك حاجات بنات كمان
احتلي الخجل ملامحها تطرق رأسها أرضاً
– انا خلاص مش عايزه غير اني أنجح… كفايه اللي بتدفعوا ليا
جذب ذراعها نحو الحقائب عندما لم يعجبه حديثها
– الشنط ديه تاخدي تقيسي كل اللي فيها وتفرجيني…
كادت ان تتحرك شفتيها مُعترضه لتجد اصابعه فوقهما يُحذرها
– مش عايز اسمع اي كلمه تانيه
*****
ثوبً وراء ثوب كانت ترتديه حتى يُعاينه بعينيه… ومع كل ثوب كان يفقد قدرته على ارضاخ عقله ان العلاقه التي تربطه بها ليست الا ميثاق ضمير وشفقه
ابتلع لعابه وهو يراها تدور أمام عينيه بذلك الثوب والسعادة تملئ قلبها
– حلو مش كده
– حلو ياعهد
لعن داخله سكرتيرته فقد أخبرها ان تجلب ملابس انثويه طفوليه وليس كما يرى أمامه
اقتربت منه بتوتر وقلبها يتراقص فرحاً لارضاءها …تعجب من اقترابها وصمتها
– مالك ياعهد… في حاجه مش عجباكي
تصلب جسده وهو يراها تُلقي جسدها بين ذراعيه
– حتى لو افترقنا في يوم هتفضل أحسن راجل مر في عيني
” فراقً” لا يعرف لما اهتز جسده من تلك الكلمه بل خشي حدوثها
نفض رأسه من أفكاره العجيبه التي بدأت تراوده هذه الأيام يبعدها عنه يتجاوز حديثهم
– نستيني ميعاد المدرس بتاعك… قومي يلا غيري هدومك واجهزي
انتفضت مفزوعه تركض من امامه
– محلتش الواجب
وعادت الضحكه لشفتيه وهو يرى أفعالها المجنونه
****
الصداع كان يضرب رأسها بقوة لا تستطيع تحمله… اربعه ايام مضت على زواجهم وهي تجلس حبيسة غرفتها تبكي على حالها
هبطت الدرج بخطوات مترنحة تغمض عيناها من شدة الصداع… فلم يعد لديها القدرة للتحمل
وقعت عيناها على احدي الخادمات وهي تتجه نحو المطبخ بصنية موضوع عليها كؤس الشاي الفارغه
اتبعتها تفرك عنقها بآلم لتتجمد قدميها تبتلع غصتها وهي تسمع الحديث الدائر بين الخدم
– وهو عاصم بيه هيفضل حبيسها في الاوضه كده
– الله يكون في عونه مش عارفه ازاي بيصحي كل يوم على وشها
لتهتف الأخرى وهي تكتم ضحكاتها
– هو انتي شيفاه بقى طايق البيت.. ده علطول في غرفه الضيافه او عند حامد بيه
التمعت عين الخادمه الأخرى بضيقاً مما تسمعه بعدما اغلقت مصحفها
– حرام عليكوا اتقوا الله
امتعض وجهي الخادمتان فمالت احداهما على الأخرى
– عارفه يابت يامجيده سمعت من كام يوم الحج محمود بيزعق فيه وهو اللي أجبره عشان يقعد في البيت اليومين دول عشان الناس متتكلمش ويقولوا ساب عروسته
مصمصت الأخري شفتيها تتذكر ملامح خديجة ورقتها التي سمعت عنها وقد رأت صورتها من مقبل في غرفة السيد أدهم
– بقى بعد ماكان متجوز الست خديجه الله يرحمها يتجوز مسخ… ده سي عاصم شكله عمل حاجه في حياته وحشه
نار التهمت احشائها وقلبها لم تشعر بقدميها وهي تُهرول نحو غرفتها عائدة لمسجنها
دارت حولها بضياع تذرف دموعها تلطم فوق صدرها من الآلم
ولم يزيدها مكوثها بغرفته إلا اختناقاً..والحل أمامها لم يعد الا الهرب من هنا
– ست ايمان.. ست ايمان
هكذا صرخ الرجل الذي يقف على البوابه الخارجيه للمنزل يركض خلفها
التفت إليه تلتقط أحد الحجارة الضخمه ترفعها صوبه
– ابعد عني سامع
وعادت تُكمل ركضها لينتبه الحارس ان دهشته من حالتها اضاعتها من أمامه ليسرع نحو دار حامد دون أن يُفكر ان يلحقها
دفعه قويه دفعها عاصم لرجله ثم عاد يلتقطه من تلابيب عباءته
– غبي… تجمع الرجاله وتقلب البلد عليه سامع
اقترب منه حامد يمسك ذراعه
– اهدي ياعاصم وخلينا نفكر هتكون راحت فين
*****
ارتدت إحدى المنامات الجديده التي ابتاعها اليها بسعاده… لم يحرمها من مشاعرها الوليدة التي عادت تزدهر داخل قلبها.. غفرت له مافعله… وهاهي تقف أمام الطاوله تنظر لما اعدته له من طعام بعدما حرمته لايام من طعامها الشهي
داعبت الرائحه أنفه وهو يُغادر غرفته
– اخيراً عهد هانم اتكرمت ورجعت تطبخلنا
اتسعت ابتسامتها وهي تراه ينظر بتلذذ نحو الطعام
تجمدت عيناه بعدما ارتكزت على جسدها… ابتلع لعابه يتجاوز خفقان قلبه
– يلا خلينا ناكل
صوته خرج متعلثماً يُحاول ان يشيح نظراته عنها.. سكبت له الطعام وقد علق شعرها بأنفه فأبتعدت عنه تجذب خصلاتها جانباً
ازداد خفقان قلبه وهو يلعن داخله سكرتيرته… يعلم تماماً ما يشعر به ولكنه يتجاهلها
– ها الاكل عجبك
وبعدما كان الجوع يدب معدته فقد مذاق الطعام وهو يُصارع رغبة عيناه في التهامها
وازداد الأمر سوءً وهو يشعر بيدها فوق يده تشكره
– شكرا على كل حاجه بتعملها معايا
ونهضت من فوق مقعدها تلثم خده..اجفلها نهوضه المفاجئ ينسحب من فوق مقعده… تُطالع خطواته بدهشه فقد كان سعيداً برائحة الطعام
****
أغلق باب المنزل بوجهها… تنظر اليه لا تُصدق ان والدها قد باعه ورحل… رحل وتركها وحيده لا مؤي ولا أحداً
أصبحت الدموع تعرف طريقها لتنساب فوق خديها تهتف بحرقه
– حتى البيت مسيبتهوش… خليتني تحت رحمه الناس
تعلقت عيناها بأسورتها البسيطه الملتفه حول معصمها.. وشئ واحد يدور بعقلها ستبعيها وتعود لديارها مهما كلفها الأمر
– ايمان
وصراخه صم أذنيها في سكون الليل لتركض من أمامه… لا تُريد شئ إلا الهرب من تلك البلده التي زادتها وجعاً
صراخها أجفل الحج محمود من راحته… التقط عصاه يخرج من غرفته بالطابق السفلى ينظر لولده مصدوماً من جره لزوجته خلفه
اندفع صوبه يجذبه من ملابسه
– سيب مرتك… ابعد ايدك عنها ياولد
– الحقني ياحج… ابوس ايدك مشيني من هنا
ازدادت قبضته فوق ذراعها يُكمل جرها خلفه.. ليرفع الحج محمود عصاه يدبها على الأرض بقوه
– شكلي كبرت ومبقاش ليا كلمه في البيت… سيب مرتك ياعاصم لا والله….
ترك ذراعها يدفعها عنه يقبض فوق كفه بقوه يلتف بجسده نحو والده
– الهانم اللي بتدافع عنها عايزه تهرب وتفضحنا
ودب فوق صدره وهو يرمقها بوعيد ليرتجف جسدها خوفاً من بطشه
– عاصم العزيزي مرته تهرب منه وتصغره وسط الناس
وكأنه يُريد اعاده الماضي مع كلماته… ف خديجه خانته مع غيره والأخرى تود الهرب وهو بين هذا وهذا لا يعترف انه رجلاَ ذو عقل متحجر لا يعرف اللين قلبه
زفر الحج محمود أنفاسه وهو يري علامات الذعر بادية فوق ملامحها
– تعالي يابنتي معايا
احتدت نظرات عاصم يرمق والده مقتاً
– تيجي معاك فين ياحج… الهانم حسابها واعر.. يلا قدامي على الفوق
أسرعت في الاقتراب من الحج محمود تخفي جسدها خلفه تبكي بقهر
– خلصني منه ياحج… انا مش عايزه اعيش معاه
لم يتحمل عاصم ما يسمعه منها.. لتمتد يده نحوها
– شوفت قله ادابها… يعني مشتريها بفلوسي وبترفع عينها قدامي
– عااااصم
تنهد عاصم بسأم وهو يري ملامح والده كيف شحبت يدفعه بعصاه
– امشي من قدامي السعادي
انصرف عاصم مرغماً يزفر أنفاسه بوعيد بتلك التي تستنجد بوالده
– اهدي يابنتي وتعالى معايا
سحبها الحج محمود خلفه مشفقاً عليها… اجلسها برفق يربت فوق ظهرها
– اعتبريني من هنا ورايح ابوكي يابنتي
ارتفعت عيني ايمان نحوه تذرف دموعها فوالده تركها ورحل وراء مصالحه ولم يهتم بما ستُعانيه بمفردها مع رجلاً مثل عاصم
– مش كفايه عياط وترجعي ايمان القويه من تاني
هتف الحج محمود عبارته وعيناه تتعلق بها يُخبرها بصراحه
– ايوه عايزه البشمهندسه ايمان اللي استحملت كبر وغرور عاصم ابني ووقفت ليه وكل العمال عندي بقوا يحبوها… ولا انتي فكراني غافل عن اللي بيدور حواليا
– عاصم عرف يكسرني ياحج
بكت وهي تنطق بالحقيقه التي يعلمها الحج محمود تماماً.. فولده لم يدفع المال
لصابر من اجل إرضائه إنما من أجل أن يشعر زوجته انه دفع مُقابلها وأنها ليست الا بيعة لن تعودعليه بنفع
تنهد بأرهاق فطباع عاصم يكرهها بشده ولكنها للأسف طباع والده رحمه الله اورثها لعاصم وحده.. حتى خديجه ابنه شقيقه رغم أنه كان يأمل في ان تهذب طباع ابنه وتستغل حبه الكبير لها لم تزيده الا قسوة
أدار جسده يلتقط أنفاسه يدب بعصاه
– اللي حصل حصل يابنتي وانتي بقيتي مراته… وانا كأب عارف ابنه كويس… عاصم مش بيدفع فلوسه الا لما بيكون عايز حاجه داخله دماغه…يعني لو ابني مكنش عايز يتجوزك لكان سمع كلامي ولا كان همه الناس اللي عارف كويس ومتأكد انه كلمه منه هيعرف يخرسهم
انسابت دموعها فلم يضعها بهذا الوضع الا طمع والدها الذي لم ينتهي رغم كل ماحدث لهم بسببه
– اوعاكي تفكري اني بقولك كده عشان هرضالك بالذل مع ولدي.. لا يابنتي انا عندي بنت زيك.. بس كل اللي هقوله ليكي لو عندك ذرة حب لعاصم اديله فرصه تصلحي منه لكن…
والتف إليها يستطرد باقي حديثه
– لكن لو كل اللي جواكي لابني الكرهه قوليهالي وانا اوعدك اطلقك منه دلوقتي وحالاً
وكلمة أعطاها لها ورغم اصرار قلبها بأن تنطق الكلمه التي ستنهي كل شئ إلا أن قلبها كان كالاحمق
اخفضت عيناها ودموعها مازالت تُشكل خطوطاً فوق وجنتيها
فلم يجد الحج محمود مايقوله الا انه اقترب منها يرفع وجهها نحوه مبتسماً
– نظرتي مخيبتش فيكي من اول يوم شوفتك فيه , رغم ضيقتي من صابر الا انك من اليوم بنتي زي لبنى
***
رتبت هيئتها تنظر لنفسها بالمرآه برضى… التفت اليه لتجده شارد الذهن
– في حاجه مضيقاك
طالعها بنظره طويله لم تفهمها ليشيح عيناه عنها
– لا ياقدر… قوليلي امتحانتي امتحان المستوى
انشرح قلبها وهي تسمع سؤاله وقد ظنت انه لم يعد يُبالي
– الحمدلله كله تمام وعديته بأمتياز
– طب الحمدلله.. مبروك عقبال باقي المستويات
وقفت قبالته تفرك يداها ولكن في النهايه حسمت أمرها.. هو يستحق تلك القبلة ويستحق ان تعطيه كل جميل بقلبها الذي أعاد بريقه ثانية وأصبح ينبض بأسمه
قبلته بحب وبعدما كان كالغريق في أفكاره والحالة التي وصلت إليها شيرين منذ اخر لقاء بينهم والكل ينظر له انه اناني لا يغفر لامرأه ندمت أشد الندم تطلب سماحه تعطيه عمرها إن اراد
جذبها نحوه بحب يغرقها بين ذراعيه.. الكل يراه هو الخاسر ولو عاشوا لحظه مايعيشه وعاشه لعرفوا ان المصالح وكنوز الدنيا وكل السبل التي من الممكن أن تُفتح بطريقه كل شئ بسخاء لا تساوي لحظه مما يعيشه مع قدر.. فلا قرار يوجد ولا توسيع لمشاريع يُريد
الفصل الخامس عشر (15)
لم تكن خطيئتي.
طالع هيئتها في الظلام وهي قابعه فوق الاريكه تدفن رأسها بين ركبتيها.. كان ثائراً من فعلتها ولكن عندما رفعت عيناها نحوه تجمد في وقفتها
الانهيار كان واضحاً فوق ملامحها ، عيناها لا تحمل الا الوجع والكسره والخيبه… وانطفئت زرقة عينيها والسبب هو
اقترب منها زافراً أنفاسه بقوه
– مش هحاسبك الليله ديه… بس اللي اتعمل مش هيعدي بالساهل
السخريه ارتسمت فوق شفتيها تتسأل داخلها كيف اغرمت بطباع هذا الرجل
– لو عايز نتحاسب دلوقتي معنديش مانع
وعاد البريق يدب في عينيها لتنهض من فوق الاريكه تُطالعه
– مش هتعمل فيا اكتر من اللي اتعمل
ثم صفقت بيديها والقهر يغزو قلبها وروحها الجريحة
– هتضربني مثلا ولا هتقولي انا اتفضلت عليكي واتجوزتك وانتي واحده مسخ مشوها… ولا هتقولي انك اشترتني بفلوسك ولا اني السبب في الفضيحه والجوازه… ماترد ياعاصم بيه
صمته ونظراته زادتها غضباً لتدفع فوق صدره بقوة
– لو صابر بيه سبني ومشي وافتكرت ان ماليش حد وتقدر تستقوي عليا بجاهك وتكسرني تبقى غلطان
تجلجت ضحكاته يطرق كفوفه ببعضهما وقد اعجبه تمردها وهاهي ايمان تعود
– يعنى كنتي عايزه تهربي والمفروض تتعاقبي وواقفه قصادي تبجحي فيا… لا طلعتي قطه بتخوف
– وبتخربش كمان ياعاصم بيه
– كنتي عايزه تهربي ليه ياايمان
صمتت تُطالعه بملامح باهته ولكن عيناها مازالت تتوهج ببريق الغضب
– اقولك انا السبب…
وعندما طالعت نظراته التي تبدلت للخبث فهمت مقصده.. نفضت جسدها من اسر ذراعيه ترمقه بوجع
– عقلك بيوصلك حاجات غلط ديما ياعاصم بيه… اوعاك تفتكر اني طايقاك
– ايمان
صرخ بها يقبض فوق ذراعها بقوه وعاد القهر ينبض بقلبها من جديد… فلا امل من هذا الرجل
– عايز تعرف كنت عايزه ههرب ليه
اشارت نحو قلبها وعيناها تفيض بالآلم
– ده جواه نار… عارف يعني ايه نار
وانسابت دموعها والقهر يُغلف صوتها.. يديه اجتذبتها رغم رفضها
– النار ديه انا عايش بيها من زمان ياايمان… حظك تقعي في ظلام عاصم العزيزي… ايه اللي جابك من بلدك لهنا ليه جيتي
والحيرة كانت تدق قلبها تربط بين كوابيسه التي تسمعها كل ليله ثم بروده الذي يحاوطها صباحاً كأنها شاهدته في جرم
ابعدها عنها يمسح دموعها
– نصيبك تعيشي في ظلام وقسوة عاصم العزيزي… ومش هتتحرري منه ابداً
– ده ظلم ياعاصم… ظلم
– ايوه انا ظالم وقاسي ياايمان
اغمضت عيناها وجعاً حتى عندما تشعر ببصيص الأمل فيه تضيع امالها كأنها لم تكن
شعرت بذراعيه حول خصرها ثم بعدها لم تشعر الا بضعفها وهي بين احضانه…يغمرها بعاطفة تسحبها نحو الهاوية تجعلها تُعطيه كل شئ بسخاء وهو كالظّامِئ ينال كل مايريد.. ايمان ليست خديجه التي كانت تنفره.. صرخ بقلبه وعقله ايمان لا تنفره بل تحب لمساته مهما ناطحته وحاربته لا يشعر معها إلا بأكتماله ورجولته
ابتعد عنها ينظر لعينيها والصدمه كانت له.. لم يرى منها الا عشقاً
وعاد لذراعيها ثانية يهمس لها بحنان يُقبل حروقها دون نفور
ومعه كانت تكتمل روحها كما يكتمل هو والقرار كان صعباً بين القلب والعقل
*****
توارت بجانب إحدى الأشجار تخفي حالها.. دقائق مرت وهي تلتف حولها تنظر هنا وهناك خشية ان يراها أحداً
لمعت عيناها بتربص نحو القادمه حتى اقتربت منها
– معلش ياست لطيفه اتأخرت عليكي
أخرجت لطيفة الزجاجه من أسفل ثيابها تعطيها لها
– يالهووي ايه ده ياستي
– هووس هتفضحينا… اسمعيني كويس المايه اللي في الازازه ديه تتفضي كلها في اكل سيدك حامد
شهقت الخادمه بخوف مما سيحدث لها
– يامصيبتي ياستي عايزه تموتي سيدي حامد
لترمقها لطيفه ممتعضه تزفر أنفاسها
– اموت مين يابت.. ده جوزي
وتنهدت بسأم من وقوع اختيارها على تلك الخادمه
– اعملي اللي قولتلك عليه وانتي ساكته ومتخافيش اوي… ديه مية محبه عشان سيدك يرجعني
تهللت اسارير الخادمه عندما رافقت لطيفه كلامها بالمال لتلقط منها المال تشمه بسعاده
– ده جوزك ياستي وانتي أحق بي.. ده حتى جوازته التانيه ديه مفيش بينهم اي حاجه وعلطول صوت سيدي عالي ده بقى حتى بيكره البيت
والسعاده كانت تغمر لطيفه وهي تستمع لكلام الخادمه… وكما حذبته قديماً لها بالسحر ستعيده اليها.. فمعركتها مع فتحي شقيقها مازالت طويله وتلك المره حامد لم يرحمها وانقلب عليها
*****
بصعوبة أخرجت الزجاجه التي دستها في ملابسها… انتهزت فرصه إعطاء السيدة رسمية ظهرها لها وفروغ المطبخ الا منهما لتكسب محتوي الزجاجه في طبق الكوارع الخاص ب حامد وقد طلبه اليوم من السيده رسمية
وضع الطعام لتشتم هي رائحته بتلذذ… فمنذ يوم اتفاقهم على الهدنه وأنها مجرد ايام تقضيها وعاد المنزل يتسم بالهدوء حتى عملها لم يحجر عليها بقرارته بل تركها تفعل ما تُريد ففي النهايه هي زوجة في العقد لا أكثر وانشغل هو ببناء المصنع الذي يُشارك به عاصم كما انشغل في امر فتحي…فحامد العزيزي لا ينسى حقه مهما طال
تعلقت عيناها ب رسمية التي وضعت طبق الكوارع فوق الطاوله
– ايه ديه ياخاله رسميه
ابتسمت المرأة بحب
– ديه كوارع يابنتي… حامد بيه طالبها
شهقت بسعاده تلحس شفتيها
– كوارع… انا بحبها اووي انا اخر مره كلتها من تلت سنين
اندهشت رسمية من حبها لتلك الاكله فلم تتوقع أنها تُحبها.. ألتقطت رحمه الطبق وبدأت في التهامه .. تحت نظرات رسمية المصدومه
استمعت رسمية لنحنحة حامد تخشي غضبه… ولكنه أشار إليها بيده بأن تنصرف
راقته هيئتها الغارقة في الطبق تمصمص شفتيها واصابعها بتلذذ
– مكناش نعرف ان الاستاذه بتحب الحاجات ديه كنا عملنا حسابك بدل ما اخدتي طبقي
هتف عبارته لترفع عيناها نحوه ترمقه شزراً
– ومحبهاش ليه… ابقوا اسألوني بعد كده عن الأكل اللي بحبه ده انا حتى ضيفه وبكره افتكركم بكرمكم
صدحت ضحكته وهو يسحب مقعده حتى يجلس
– وماله نكرمك ونعملك كل اللي انتي عايزاه حق خدماتك برضوه
هزت رأسها تبتلع الطعام وقد شعرت بسخريته
– خدماتي عليك كتير.. مش كفايه وشي اللي لسا مخفش
ارتشف حامد الشربه بصوت مسموع حتى يضايقها
– ياريت تخليكي في الطبق بتاعي االي هجمتي عليه وسيبني اتغدى يابنت الناس , لأحسن انتي كلامك ببلعه بالعافيه من مسخته
التوت شفتيها ممتعضه تُكمل تناول طعامها فالقلوب كما يقولون عند بعضها
*****
طالعته وهو يقف أمام المرآة يتأنق بمظهره كالعاده..التف نحوها يرى ابتسامتها الواسعه التي ترمقه بها فرفع حاجبه مُتعحباً من نظراتها
– ممكن اعرف سر السعاده ديه
– فرحانه بيك
وكلمه كانت بألف كلمه ومعنى.. اقترب منها بعدما طالع هيئته للمرة الاخيره أمام المرآة
– وانا ابتسامتك ديه بتبسطني ياقدر
توردت وجنتيها وعيناها عالقة به تسأله
– انت رايح حفله مش كده
التقط يدها يلثمها وتعلقت عيناه بها
– النهارده حفلة افتتاح المشروع الجديد… نامي بدري ومتستننيش
ورافق حديثه بقبلة وضعها فوق خدها ليتركها بعدها مُغادراً
لا تعرف لما حزنت انه لم يطلب رفقتها فهى لا تخرج من المنزل معه إلا إذا رافقها لمنزل خالها وهم مرتان لا أكثر ومره كانت سفرتهم لبلدته ولا تحب أن تتذكر تلك المره
اغمضت عيناها تزفر أنفاسها حتى لا تجعل شيطانها يُنسيها ما تعيشه معه فبالتأكيد هو يعرف ان الحفل لن تروق لها فهى حفله عمل وما الفائده التي ستجنيها اذا رافقته
خاطبت حالها حانقة
– طب حتى كان قالي تعالي لو بالكدب انا كده كده مكنتش هروح
لتضرب جبهتها ممتعضه من أفكارها
– مالك ياقدر انتي هتدوري على النكد… ديه حفله شغل مش رحله هي
****
تألقت شيرين كعادتها لتكون نجمة الحفل كما اخبرتها صديقتيها
– ايوه كده عايزينك شيرين القويه.. مش مجرد كلمتين قالهم ليكي هتصدقيه
باهتت ملامح شيرين وهي تتذكر اللقاء الاخير بينهم
– مالك يانهال براحه عليها… احنا مصدقنا تخرج من الحاله اللي وصلت ليها
ولم تتم شروق باقي حديثها الا والتمعت عيني نهال
– شهاب جاي لوحده.. مش قولتلكم ديه جوازه متعه مش اكتر
اتسعت عيني شيرين وكأنها كانت تنتظر تلك القشه لتعود وتُعلق آمالها
– والله شكلك يانهال هتكسبي الرهان ونسمع قريب انه طلقها زي ما طلق جومانه فخري
وازدادت جرعات الأمل داخل قلب شيرين وهي تسمع اسم جومانه والي الان لا تُصدق ان شهاب كان متزوج من عامً ونصف من تلك التي تُدعي جومانه وانفصلا بعد شهرين من تلك الزيجة التي لا لم يعرف عنها احد الا القليل ومن بينهم كامل زوج نهال صديقتها
– تفتكروا مش حابب يظهر معاها
هتفت شيرين عبارتها ترغب ان يكون بالفعل حدث بينهما خلافً
– والله ديه اكيد البدايه… وزي مظهرش جومانه قدام الناس معاه كزوجه واطلقوا …. واهي ديه كمان محدش بيشوفها معاه يبقى النهايه واحده
وابتسامه واسعه حطت فوق شفتي شيرين… لتدفعها شروق للأمام
– دلوقتي فرصتك اثبتي نفسك بوجودك حسسيه ان هو الخسران
أكدت نهال على كلامها تهتف بمكر
– وانا هشوف واحد صحفي يلقطلكم كام صوره حلوين , خليها تتقهر وتعرف قيمة نفسها
رفعت شيرين رأسها بأعتزاز تُلقي عليهم قبلاتها
****
استيقظت من غفوتها بعدما شعرت بثقل جسده يُجاورها فوق الفراش… رفعت رأسها تفرك عيناها
– معلش صاحيتك.. حاولت معملش اي حركه عشان عارف نومك خفيف
ارتسمت ابتسامه ناعسة فوق شفتيها
– كنت عايزه استناك بس نمت من غير ما احس
حركت يداها فوق خصلات شعرها ترتبهم جعلته ينتبه لما ترتديه.. التمعت عيناه بوهج لم يعرفه يوماً ينظر لمفاتنها.. والرغبة كما يخبره كامل صديقه انها ستنطفئ بعد فتره مهما كانت شعلتها
– اتبسطت في الحفله
التف نحو الجهة الأخرى ينفض رأسه من الصراع الذي يدور داخله… التقط العلبة المخملية التي وضعها فوق الكومود حينا عودته
– ايه ديه ياشهاب
أعطاها الهديه ينظر لعينيها الناعسة بتوق
– ديه هديتك.. ما انا قولتلك ياقدر مع كل نجاح او صفقة ليكي هديه
– بس نجاحك هو هديتي.. انا مش عايزه حاجه
وعندما وجدها ستستطرد في الحديث ادارها حتى يُصبح ظهرها مقابل له يفتح العلبة المخملية لتشعر بعدها بشئ بارد حول عنقها.. لتتعلق عيناها بالعقد تضع اصابعها عليه وقد راقها
قبلات متفرقة وضعها خلف عنقها متمتماً
– عجبك
اماءت برأسها تلتف نحوه… ليضيع هو مع تلك النظرة التي طالعته بها… انها تُطالعه كأنه أثمن شئ بحياتها
*****
دلفت لغرفته تستعجله حتى يتناول معها وجبة الغداء فاليوم عطلة من عمله.. بحثت بعينيها عنه لتجد ملابسه فوق الفراش
طالعت باب المرحاض المغلق مقربة اذنيها منه فتسمع صوت رذاذ الماء
كادت ان تطرق فوق الباب تُخبره بأنتظارها ولكن صوت رنين هاتفه بتلك النغمة المخصصة للرسائل جعلتها تتراجع نحو الفراش تلتقط هاتفه
لم يكن يوماً لديها فضول اتجاه شيئاً ولكن معه كانت تختبر مشاعر عدة
التمعت عيناها بالغيرة وهي ترى رسالة تلك المدعوة نسرين تُخبره بأنتظارها له في موعدهم
تلفتت نحوها تلقي الهاتف فوق الفراش تتجه نحو غرفتها تنظر لهيئتها
*****
جنون كان يعرف انه أصابه… لم يعد يتحمل رؤيتها كأنثي.. قلبه يُصارع تلك المشاعر التي بدأت تتغير نحوها ولكن قلبه كان الأمراصبح يُعجبه.. عيناه تعلقت بتفاصيلها وهي تجذبها من ذراعه
– يلا ياادهم الغدا هيبرد
قادته نحو طاولة الطعام وكاد ان ينطق بشئ الا انها لم تعطي مجالاً له… تدس بإحدى اللقمات بين شفتيه تسأله ببراءة
– ايه رأيك… بعرف اعمل لازنيا
– عهد انا
ولقمة وراء أخرى كانت تدسها بجوفه حتى اخذ يسعل
– كفايه ياعهد… خلاص مش قادر
ابتسمت بحب تمسح له الطعام العالق على طرفي شفتيه
– عجبك الاكل
– هو لو كنتي مدياني فرصه كنت هتسمعي رأي
صدحت ضحكتها لتُخرج له لسانها تُمازحه
– عشان تسمن وتربرب
التقط يدها يجذبها نحوه يضحك هو الآخرعلي عبارتها
– بما انك زغطيني زي دكر البط تعالي بقى
وكما فعلت كان يفعل معها بالمثل… ولكن كان يطعمها وهي بين ذراعيه
التفت اليه والطعام بفمها
– كفايه ياادهم
وعندما لم تجد منه ردت فعل الا حشر الطعام بفمها التقطت شرائح البطاطس تدسها بفمه
وأصبح الغداء ما بين حشر وسعال
افلتت جسدها من اسر ذراعيه تركض من أمامه هاربه نحو الاريكه ليلتقطها بذراعه يدفعها فوقها ينظر إليها بوعيد
– ليكي مزاج تلعبي وتهزري النهارده
هتفت ضاحكه تنظر اليه تشاكسه
– خلاص ياادهم.. ده انا كان غرضي شريف وبأكلك.. مش كفايه بوظت الدايت اللي انا عملاه
– دايت ايه وانت شبه خلة السنان
احتدت عيناها بطفوله تقف أمامه تضع بيديها حول خصرها
– نعم ايه خلة السنان ديه
ثوبها يميل فوق كتفيها يظهرهما بسخاء..شعرها المشعث يُعطي لهيئتها فتنة عابثه.. عاد خافقه ينبض من جديد بمشاعر يعرفها تماماً يُشيح عيناه بعيداً عنها متمتماً
– روحي يلا ذاكري وانا هلم الاكل وبعدين خارج…
اعترضت بطفوله
– لا انت وعدتني ان النهارده هتقعد معايا… انا بقعد كتير اوي لوحدي
– عهد
هتافه الحاد جعلها تندفع نحو غرفتها حانقه.. تنهد بسأم يحك فروة رأسه
واتجها نحو غرفتها يطرقها يهتف بأسمها
– عهد مش اتفقنا نبطل شغل العياط ده… الاجازه اللي جايه أوعدك تبقى ليكي
– انت كل شويه تقول كده… انا الغلطانه عشان بعشم نفسي
ضحك على عبارتها الاخيره فدلف للغرفه ينظر إليها مُقترباً منها
– عهد عندي ميعاد مهم ولازم اخرج
انتفضت من فرق الفراش تدفعه بعيداً عنها.. فالموعد هي تعرفه تماماً
– روح لميعادك يابشمهندس
تعجب من اللقب الذي تجاوزاه منذ فتره ليرفع حاجبه مستنكراً
– تحبي اجبلك ايه وانا راجع
ولم يجد صدى لسؤاله الا بكاءً مريراً رافقها ..تدس وجهها أسفل الوساده ، سيُقابل تلك الفتاه ويتركها هي
زفر أنفاسه بقوه يجلس جوارها فوق الفراش يرفعها برفق
– بتعيطي ليه دلوقتي
الاجابه كانت على طرفي شفتيها تود ان تصرخ بها ولكن هو أخبرها ان مشاعره لن تتجه نحوها يوماً
ضمها اليه يهتف بحنان
– بطلي عياط… مش عايز اخرج واسيبك كده
انفتحت في البكاء اكثر تدفن وجهها بعنقه… لم يشعر بيديه وهي تتحرك فوق ظهرها ثم ذراعيها العاريان.. يُهدئها كطفلة صغيره
يداه انغرزت في خصلات شعرها الطويله يفرده بين اصابعه يشم رائحته… والقلب يُريد المزيد… والمزيد كان يأتي كلما دفنت وجهها اكثر في عنقه تطوقه بقوه وكأنه هكذا لن يأخذه أحداً منها
يديها تحركت لعنقه تهمس برجاء
– متخرجش النهارده.. خليك
وشئ واحد كان يسمعه… صراخ القلب به يدفعه ان يُجرب ما يتوق اليه… قبلة بسيطه فقط يُريدها وستكون بريئة فوق رأسها
ومااراده القلب كان أكثر… وانتهى الأمر ولم يعد للتراجع شيئاً بعد… كل شئ ناله بسخاء وعطاء
****
تسطحت فوق فراشها تتقلب يميناً ويساراً وتارة أخرى تقضم اظافرها…انها تراه أجمل رجلاً … وتتمنى حضنه
اغمضت عيناها تتذكر رائحته هذا الصباح وزفرة حارة كنت تخرج من بين شفتيها مع تخيلاتها
اعتدلت في رقدتها تضع بيدها فوق قلبها الذي يخفق.. انها تشتاقه بشدة ولم يأتي حتى تلك الساعه
استرقت السمع تستمع الي صياحه بإحدى الخادمات… لتنفض الغطاء من فوق جسدها تلتقط نظارتها وتُسرع اليه
دلفت غرفته دون طرق لتشهق بخجل تُدير رأسها عنه
– البس بسرعه
التوت شفتي حامد تهكماً وهو يرتدي ملابسه
– قولي عايزه ايه واخلصي.. دماغي مش فايقه للخناق
التفت نحوه تشيعه بنظرات لأول مره يراها تحملها له
– مالك بتبصيلي كده ليه
عضت شفتيها ويداها تفركهما لتزداد دهشتة يفصحها بنظراته
– انا مش فايقلك لتنطقي لتمشي
أسرعت نحوه تلف ذراعيها حول خصره والدهشة مازالت ترافق عينيه
– وحشتني
الصدمه تملكته ليرفع عيناه نحوها لتأتيه الصدمة الأخرى
– انت جميل اوي ياحامد… وشنبك حلو
رافقت عبارتها وهي تتحسس خديه ثم شاربه… لتتسع مقلتيه لا يستعب ما يسمعه… دفعها عنه يشعر بالريبة
– أنتي بتخططي لايه
والتمعت عيناه بشر يقبض فوق ذراعها
– عملتي مصيبة ايه , ما انا عارف الحريم تعمل المصايب وبعدين تقلب قطط…
– دراعي ياحامد… وجعتني
رقة ووداعة ونبرة ناعمة والدهشة تتملكه اكثر
– يابوي راسي هتنفجر… انتي مين ياست انتي
تصلب جسده وجحظت عيناه وهو يجدها تتمسح بصدره هامسة
– انا رحمه
– رحمه مين ؟
رفعت عيناها اليه بوداعة اطارت ما تبقي من عقله
– رحمه مراتك… عينك حلوه اوي ياحامد
وحامد أصبح رجلاً وسيماً بعينيها… استنكر تغزلها يدفعها بعيداً عنه ثانية
– عيني حلوة ازاي وهي سوده
اتسعت ابتسامتها تقترب منه مجددا تشب على أطراف اصابعها
– عجباني… وشعرك كمان جميل اوي
– لا انتي تروحي اوضتك دلوقتي
ابعدها عنه ولكنها وقفت متشبثه به تجذبه من تلابيب ملابسه
– انت مش حاسس بمشاعري ليه
حجظت عينيه على وسعهما فاتحاً فاه ببلاهة
– مشاعر
*****
انتفض مفزوعاً من جوارها ينظر اليها بصدمه… لقد تم كل شئ وبعد أن كان يُفكر في تحريرها من هذا الزواج بعد أن يصل بها لبر الأمان انتهى كل شئ ودمغها بأسمه قولاً وفعلاً
فرك عنقه يزفر أنفاسه يتذكر تفاصيل ماحدث… مجرد قبلة انتهى بهم المطاف لما يراه أمام عينيه
فتحت عيناها تبتسم له ولكن نظرات عيناه الجامده أخبرتها بمشاعره
ضمت الغطاء فوق جسدها تخفض عيناها تتحسر علي حالها.. ف السعاده دوماً معها لا تدوم
– عهد انا
– متقولش حاجه.. غلطه ومش هتتكرر تاني
زفر أنفاسه بقوه يُدلك جبهته
– عهد انا حقيقي مش عارف ده حصل ازاي… عهد انا كنت ناوي احررك مني بعد ما اطمن عليكي واسيبك تختاري حياتك وتلاقي الإنسان اللي يحبك
واردف وهو يشيح نظراته بعيداً عنها
– سلمتيلي نفسك ليه بس ياعهد
نيران نهشت احشائها وماعاشته بحياتها لا يأتي ذرة مما تعيشه تلك اللحظه.. لقد اطفئ سعادتها ويسألها لما سلمته حالها برضي
ضحكت ساخره على حال قلبها
– اطلع بره
صرخت بكل ما تحمله من آلم ليجفل هو خائفاً عليها
– عهد
– اطلع بره… بره مش عايزه اشوفك… انا بكرهك
قبضة مؤلمة اعتصرت قلبه وهو يسمع تلك الكلمه منها..انسحب من الغرفه يدفع كل ما يُصادفه يود لو يصب لجام غضبه على أحداً
****
انتظرت الرساله التي اخبرتها بها هناء انها ستبعثها لها… ارتجف قلبها خوفاً ان ترى ما يوجعها
اهتز هاتفها بين ايديها تفتح الرساله … وصوره وراء صوره كانت تقع عيناها عليه والآلم ينهش روحها
انها صور الحفل الذي لم يُفكر في أخذها معه ليُقابل طليقته والصور خير دليل
الشك ينبض بقلبها وماعساها ان تفعل فما عاشته من خيانه لم يكن بالهين ويبدو ان التجربه تعود وشهاب هو كريم وهي الوحيدة المغفلة
انتفض جسدها ورنين هاتفها يتعالا تنظر لرقم هناء
– مروحتيش ليه مع جوزك ياخيبه حفله زي ديه … كل ست بتكون متعلقة في دراع جوزها ومبتسبهوش
والحقيقه التي لا تعلمها هناء ان زوجها هو من لم يدعوها لذلك الحفل…
زفرت هناء أنفاسها مقتاً من سلبية صديقتها كما تظن
– ياقدر بلاش تبقى خايبة وفتحي عينك كويس
وهي كانت بعالم آخر… عالم الآلم الذي لا يُريد ان يتركها
*****
وحضن اخر كانت تحتضنه به امام الخدم وقد اتسعت عيناهم وحامد يتحاشا ذراعيها حانقاً من النظرات التي تحدق به
– والله انا ما بقيت عارف ايه الحب اللي نزل عليكي مره واحده ده
طالعته بعينيها التي أصبحت نقطه ضعفه ترمقه ببراءة
– يعنى مش عايزني احبك ياحامد
اغمض عيناه يتحاشا مطالعتها
– يابنت الناس كفايه رقه… لأحسن انا موعدكيش من اللي هيحصل
التصقت به ترفع عيناها نحوه تداعب صدره
– هيحصل ايه
وبصراخ هتف
– ياخاله رسمية
اقتربت رسمية بعدما افزعه صراخها وجعلها تترك ما بيدها وتسرع اليه
– مالك ياحامد بيه
دفع نحوها رحمه بنفاذ صبر
– خديها من قدامي وشوفيلها دكتور ولا حاجه
اقتربت منها رسمية تسألها
– مالك يابنتي فيكي ايه
– هو ليه مبيحبنيش زي ما بحبه ياخاله
ضمتها اليها رسمية لا تعرف ما تخبرها به… فلا احد يُصدق تلك المشاعر التي أصبحت تحملها له بعدما قرر هو تجنبها واعطاءها حريتها قريباً
– قوليلي ياخاله أعمل إيه عشان يحبني
*****
فعلت كل ما اخبرتها به رسمية ، ارتدت الثوب الذي احضرته لها.. تزينت وخلعت نظارتها … تعطرت وتركت شعرها منسدلاً خلفها
لتصبح في أبهى هيئة تخطف الأنفاس
جميلة هي ولكن جمالها كانت دوماً تخفيه… خرجت من غرفتها بخفه تتجه نحو غرفته
انتفض من نومه يشعر بيد أحدهم على وجهه… تعلقت عيناه بها يهتف بأنفاس مضطربة
– أنتي بتعملي ايه هنا
اندست بين احضانه تتمسح به كالقطة
– انت بتوحشني اوي ياحامد
ابعدها عنه مجفلاً
– يابنت الناس ابعدي عني
– حامد انت بتعمل ليه كده
– بعمل اللي مفروض يتعمل… انتي نسيتي اتجوزنا ازاي
اماءت برأسها تبتسم لا تُلقي بالاً بما تفعله به
– ايوه انا عارفه.. بس حبيتك ياحامد
– حبتيني هو انتي لحقتي , اوعي تكون العلقه اللي اخدتيها من الستات اياها أثرت عليكي
وكأن حديثه لا يفيد بشئ ، ضاقت انفاسه فالحمقاء يُبخها ويبعدها عنه حتى لا يقع في المحظور وهي مازالت أمامه تبتسم له كالبلهاء
الفصل الأخير (1)
لم تكن خطيئتي.
أغمض عينيه بقوه من أثر لمساتها التي أرجفت جسده وجعلته غير قادر على تمالك حاله، وجدها تتحرك نحوه تتحسس شاربه
– انت جميل اوي
ورغماً عنه كان يبتسم
– رحمه روحي اوضتك , .يابنت الناس عايزك تمشي من هنا صاغ سليم عشان متفضليش طول عمرك تدعي عليا
ورحمه كانت في عالم آخر لا ترى الا هو
– مش عايزه ابعد عنك.. خليني معاك
اضطربت مشاعره من قربها ليدفعها بعيداً عنه برفق
– انا مش عايز اتحمل ذنبك طريقنا مختلف يابنت الناس
ابتعدت عنه تمسح دموعها… فقد فعلت كل مااخبرتها به رسمية ولم تجد الا الرفض والنبذ
رؤيته لدموعها جعلته يزفر أنفاسه بقوه يقبض فوق ذراعها
– يابنت الناس ده في مصلحتك
اماءت برأسها تتحاشا النظر اليه
– بكره لمى هدومك اوديكي عند الحج إمام لحد ما نشوف هنخلص من موضوعنا ازاي وكل واحد يروح لحاله… ومتخافيش مش هتطلعي خسرانه من الجوازه الفلوس اللي عايزاها هتاخديها
انهمرت دموعها كالشلال فوق خديها
– مش عايزه منك حاجه
سحبت ذراعها من قبضته تخطو نحو الباب…التفت نحوه تنظر اليه لآخر مره وكأنها تودعه
لحظه كانت فارقة بين القلب يرغب والعقل يرفض وبين هذا وهذا لم يشعر بما يفعله… تعالت شهقتها بعدما اجتذبها قبل أن تخطو خطوة للخارج يضمها نحوه
والقلب اخذ ما يتوق , وانتهى الأمر
****
استيقظت على محاولة نهوضه من جوارها تتشبث فيه كطفلة صغيره
– رايح فين
– رايح اشوف مشاغلي يارحمه
ازاح ذراعها عنه لكنها ابت ان تتركه فتعلقت بعقنه
– انت كل يوم في الشغل مفيهاش حاجه لو مرحتش النهارده
وبدأت تُدندن له بلحان خاص ولأول مره يكتشف انها تملك صوتً جميلاً… ورغم عدم اعترافه بتلك الأشياء او الميل نحوها الا انه جلس يستمع اليها
– كفايه يارحمه
توقفت عن الغناء تمط شفتيها
– لا مش كفايه
ابتسامة ولطافة وغناء ووجه بشوش فلم يعد لديه حصون قوه
همس بلطف لم يكن فيه
– عايزه ايه
وبصراحة أخبرته ما تُريد لتلمع عيناه يجذبها اليه مزمجراً
والقلب يهوي ويميل ولم يعد للصمود معنى
****
منذ أربعة أيام وهو يشعر بتغيرها معه… لا تنتظر عودته.. ابتسامتها اختفت حتى حماسها بدء ينطفئ
اعد كل شئ رغم انه يشعر بالضيق من حاله فعيد ميلادها مر عليه اكثر من شهر وهو يتذكره اليوم
عادت من محاضرة الدورة التي تدريسها دون حماس ولكن المفاجأة كانت أمامها
” السيدة فاطمة وفتنة وعهد وادهم يقفون يصيحون بفرحه”
وهو يقف جانبهم مبتسماً ينظر إلى ملامحها التي اخذت تتغير شيئاً فشئ
– كل سنه وانتي طيبه ياقدر
– الحفله ديه عشان انا.. بس انا عيد ميلادي عدي
هتفت مُتسائله بدهشه… ليقترب هو منها يحتضنها مُقبلاً جبينها
– اسف ياحببتي… الغلط مني انا نسيت
” حبيبتي ” شهاب يُخبرها انها حبيبته بعدما تركها لليالي تُصارع أفكارها، تكره جسدها الذي اشتاق لمساته وتكره بالأخص قلبها الذي احبه وكأنه لم يتعلم الدرس
طالعت عهد ما تراه بآلم…فمن تفتح قلبها على يديها اعتبرها خطيئة لا يجب أن يغفرها لنفسه.. لم يغفل أدهم عنها وبين صراع قلبه وعقله كان العقل ينتصر يجعله يرى ان مافعله ليس إلا الصحيح
مر الوقت وسط الضحكات والمزاح الذي جعل فاطمه تبتعد عنهم تخفي دموع سعادتها فمنذ زمن لم يعش هذا البيت تلك اللحظات
*****
اقتربت الخادمتان من بعضهم يتهامسون عما يحدث… فلا احداً يُصدق ان حامد قضى اليوم في منزله وغرفته مع تلك التي لم يكن يهدء المنزل من شجارهم
ارتشفت رسمية من كأس الشاي تنهرهم عما يتحدثوا به ولكن قلبها كان ينبض بالسعاده
واحداهن تقف بعيداً تلطم خدها
– ست لطيفة هتدبحني , ده العمل اشتغل بالعكس
*****
مرت من جانبه تحمل الطبق المُعبأ بالطعام تتجه نحو غرفتها
– اقعدي كلي طيب هنا
ولكن كالعاده منذ تلك الليله لا رد ولا اجابه يحصل عليها منها
عهد تعاقبة كالاطفال
*****
ضمها اليه يشعر كأن روحه عادت اليه من جديد.. خمسة أيام يعدهم بالتمام والكامل كانت بعيده عنه.. خمسة أيام عرف فيهم أن ضحكتها وحضنها أثمن شئ حصل عليه بالحياه.. خمسة أيام أدرك انه ما يقوده نحوها ليست مرهقة متأخرة كما يُسميها الرجال او لحظة اندفاع قادته لها انما هذه سعادته المُقدرة
– عايز اعترفلك بسر
ارتفعت عيناها نحوه وقد بهتت ملامحها
– مالك اتخضيتي كده
ضحك وهو يعود لضمها بقوه داخل احضانه وكأنه يخشى فقدها
– كنت هتجنن الايام اللي فاتت وانا شايفك بعيده عني وحرماني من ابتسامتك
وانخفض بشفيته يلثم خديها
– اكتشفت اني بقيت احب ارجع البيت عشانك…
واردف وهو يزفر أنفاسه الهائجة من تلك المشاعر التي لم يختبرها يوماً لا مع شيرين او جومانة
– قدر انا مبعرفش الح على حد انه يقولي زعلان من ايه ويمكن احياناً مبهتمش… طبيعتي كده
– يعني انا مهما زعلت مش هتلاحظ
اتسعت ابتسامته وهو يرى شراستها في عينيها
– ما انا لحظت اه… بس بعد حرمان
توردت وجنتيها من مغزى كلماته تدفعه عنها
– وانا بقى مبعرفش اقول لحد اني زعلانه
– طب والحل
– انت الراجل ولازم تلاقي الحل
وإجابتها كانت الفيصل بل مسك الختام… الذي ادركه في صباحه وهو يستيقظ على وجهها المبتسم
*****
وقفت قبالته تُهندم له ملابسه مبتسمه
– تمام كده
التمعت عين عاصم بالدهشة… ايمان التي كانت تتشاجر معه ليله امس.. اليوم تُطالعه بأبتسامتها الدافئه وتهتم به
– يعنى خلاص نسيتي موضوع الشغل وسمعتي الكلام
تجاوزت حديثه كما أخبرها الحج محمود فالعند مع عاصم لا يُفيد… بضعة مفاتيح أعطاها لها وكلما كانت اقتربت منه اكتشفت ما رسخ بعقله وبحاجة لازالتها وما يفعله حتى يظهر أمامهم قاسي… طباع متوارثه وطباع هو من اورثها لنفسه واللغز محير مع كوابيسه
– منستش.. بس انا واثقه انك مش هتحرمني من حاجه بحبها وهتفكر
ارتسمت السخريه فوق شفتيه كالعاده وهو يلتقط زجاجة عطره
– بتتعلقي في حاجه مش هتحصل… انا معنديش ست تشتغل
ابتلعت كلماته مُرغمة… فمدام أحبت هذا الرجل لابد أن تتحمله بعقده وطبعه المتحجر
ولم يترك لها مُهلة لتحاوره فأنصرف بعدما التقط متعلقاته
تنهيده مكبوته خرجت من اعماقها تدب بقدميها فوق الأرض
– ملقتش راجل غيرك احبه
****
خرجت من المنزل تتوعد لتلك التي تُدعي نعيمة… ف حامد لم يأتي الي الان لجلبها وفتحي شقيقها يُلاعبها بدنائة كلما أرادت التكلم
انحبست أنفاسها واتسعت عيناها وهي تشعر بثقل جسدها الذي يُجر ولم تعرف ماحدث لها بعدها
لطمة خفيفه شعرت بها فوق خدها تلتف حولها بخوف.. ثلاث رجال يقفون
وواحد منهم يُطالعها بنظرات لا تفهمها
– هي ديه اخته
هتفت لطيفه بخوف
– انتوا مين
أخرسها الرجل بسلاحه يستمتع بنظراتها الخائفة
– صوتك ميتسمعش
صرخت بقوه فباغتها الآخر بصفعة قويه
– قولنا صوتك ميتسمعش
لحظات مرت ينتظرون تلك المكالمه.. اما تركها او تنفيذ ما امروا به
تعالا رنين هاتف كبيرهم ليرتسم الشر فوق شفتيه
– اوامرك هتتنفذ ياباشا
– الباشا بيقول فكوها ورجعوها
وعندما وجد أعين رجاله تلتهموها بشهوه اردف وهو يقترب منها يرفع ذقنها
– اطلعوا بره
– انت هتعمل ايه… ابعد ايدك عني
عادت لصراخها بعدما فكوا قيدها ورحل الرجلان
جذب ثوبها يشقه بقوه … والمصير الذي اضاعت به صديقتها ضاعت به هي
تناوبوا عليها ثلاثتهم حتى انقطعت أنفاسها وغرقت في دمائها
****
التفت حولها بضجر تزفر أنفاسها تنظر لساعة يدها من حيناً لآخر… تعالا رنين هاتفها لتلتقطه
– كل ده ياهناء… انا بقالي نص ساعه قاعده وحقيقي مش حابه المكان انتي اللي اصريتي نتقابل هنا
اغلقت هناء الأوراق التي أمامها تتنهد بيأس
– يابنتي يعني جوزك يكون مشتركلك في نادي راقي ونضيف ومش بيضم اي حد وانتي تقوليلي مبحبش الأماكن ديه… أظهري شويه خلي طليقته تعرف وتتأكد انك مش مجرد نزوة بحياته
اقتنعت قدر قليلا برأيها ف إلي متي ستظل مبتعده عن عالمه لا تُدافع عن حقوقها
– ماشي ياهناء… خمس دقايق ولاقيكي عندي
– خمس دقايق قلبك ابيض ياقدر… ساعه وتلاقيني عندك
ولم تنتظر سماعها فأغلقت بوجهها
– ساعه ياهناء… الله يسامحك انا غلطانه اني قولتلك تعالي نخرج
– قدر مش كده
التفت خلفها تنظر لصاحبة ذلك الصوت
– اه انا.. انتي تعرفيني
طالعتها نهال بتقيم تسحب المقعد تجلس عليه
– انا نهال مرات المستشار كامل صديق شهاب
ارتسمت ابتسامه هادئه فوق شفتي قدر
– اهلا وسهلا
وابتسامتها بدأت تتلاشى شيئاً فشئ… ف نهال لم تأتي للتودد معاها كما ظنت
– انا سمعت انك مخلفتيش من جوزك الأول… وشهاب اكيد مش هيصبر زي اي راجل
واردفت بقسوة تقصدها بعدما أدركت مدى تأثير كلامها عليها
– لو مبسوط معاكي فده لفتره وبعد كده افتنانه بيكي هيروح وهيدور على اللي تناسبه ويكون ليه منها ولاد…
نهضت قدر من أمامها حتى ترحل.. لقد ضغطت على أصعب جزء تستطيع تحمله، يُعايروها بما لا دخل لها فيه.. انها مشيئة الله وهل يعترض المرء على مشيئته
ولكن نهال لم ترحمها
– مش معقول شهاب العزيزي مش هيفكر يكون ليه ولد ده غير انهم صعيده والعزوة اهم حاجه عندهم…
– كفايه خلاص مش قولتي اللي عايزاه…شهاب عارف اني ممكن مخلفش
– وانا واثقه ان جوزي بيحبني واني غاليه عنده
التوت شفتي نهال خبثاً تعطيها هاتفها
– اتفرجي على الصور.. واعرفي انك زيك زيها , ديه جومانه فخري اعلاميه معروفه لو بتسمعي عنها… طليقة شهاب اتجوزها من سنه ونص
****
تجاهلت رقم هناء للمرة العاشرة تبحث عن بعض المعلومات تخص تلك المرأة… صور رغم عمليتها وجدتها تجمعهم… تاريخها يرجع قبل أكثر من عاماً ونصف
تحجرت عيناها تُلقى بهاتفها وجسدها فوق الفراش تُغمض عينيها قهراً… لما لم يخبرها عن تلك الزيجة.. والله اعلم هل يخفي عليها زيجة أخرى تمت بعيداً عن الأعين
كلمات نهال لا ترحمها كما لم يرحمها قلبها وهو يُخبرها بحماقتها
وعادت صوره تمر أمامها… يحتضن الأخرى… تداعب عنقه واخرى كانوا وكأنهم على وشك تقبيل بعضهم
صرخت بوجع تنهض من فوق فراشها تندفع لاسفل لتجد فاطمه امامها تستعجب حالتها
اتسعت عيني فاطمه وهي ترى تلك المسماه بجمانه في الهاتف الذي تعطيه لها
– كانت مراته مش كده
اطرقت فاطمه رأسها فشهاب مدام لم يُخبرها عن زيجته الأخرى فبالتأكيد لا يُريد ان تعلم
– اعفيني يابنتي من الاجابه
تحركت نحو غرفتها بخطي واهية تلتقط بعض من حاجتها.. انه ك كريم والرجال جميعهم متشابهون حتى لو كانت زيجة قبلها لما اخفاها عنها
شهقت فاطمه مفزوعه وهي تراها تهبط الدرج تحمل حقيبة صغيره بيدها فأسرعت نحوها
– يابنتي ده كان متجوزها قبلك… وانفصلوا بهدوء زي ما تجوزوا بهدوء
ولكن لا شئ كانت تسمعه الا انها ك جمانة وكما تزوجها بهدوء سينتهي كما بدء مع شقة وسياره وحساب بالبنك ك جمانة
****
تجمدت قدمي حامد وهو يسمع هذيانها
” اخدتي حقك مني… بس انا أخذته منك وبقي بتاعي”
لتصرخ بعدها
” ابعدي عني… متضحكيش ليا”
اندفعت الممرضه لداخل الغرفه تعطيها ابرة مهدئة تنظر إليها بشفقه
– على الحاله ديه من ساعه ما وصلت امبارح… منهم لله اللي اغتصبوها
اقترب منها حامد يُطالعها لتنظر له الممرضة بتوجس
– هي مين ياقوت ديه
والآلم عاد ينهش قلبه مُجدداً… طالعها حامد بنظرات قاتمة لتهتف بخوف
– اصلها مش على لسانها غيرها… بتقولها انتي اللي عملتي فيا كده زي ما عملت فيكي
*****
والحقيقه كان يعلمها من إحدى زوجات فتحي اللاتي تركهم بعدما طلقهم ورحل هارباً بالمال الكثير بعدما نصب على احد تجارالسلاح وباع له الأرض بعد وهمه له ان بها مقبرة فرعونية
ارتجف جسد الواقفه وكانت اول زيجات فتحي
– مكنش ينفع اتكلم… فتحي شراني ولطيفه متتخيرش عنه كانوا ممكن يحرموني من ولادي
والصوره اتضحت والآلم عاد لروحه بعدما دواه
حبيبته اغتصب والفاعله كانت تنام بين احضانه ، وهو كان كالمغفل
****
احتدت عيني منير وهو يسألها للمره التي لا يعرف عددها
– يابنتي انطقي زعلانه من جوزك ليه
طرقت عيناها باكية تترجاه ان يُطلقها قبل ان تعود اليه مكسورة ثانية
– طلقني منه ياخالي
انتفض منير من مكانه يخشى سماع المزيد
– هو شهاب اتجوز عليكي
نفت برأسها ليزفر أنفاسه براحه عائداً لمكانه
– ياسميره حضري الاكل عشان نتعشا واقوم اروحها بيتها
– لا مش هروح.. وعايزه اطلق
شهقت سميرة بعلو صوتها تلطم صدرها بعدما استمعت لصراخها
– يامصيبتي تطلقي…
طرق الباب اخرجهم من حالتهم… لينهض منير متجهاً نحو الباب يفتحه وسميرة تجلس جوارها تضمها إليها تواسيها
– تعالا اتفضل يابني
دلف شهاب للداخل يلتقط أنفاسه براحه بعدما وجدتها بأمان… وعندما تلاقت عيناهم نظر لمنير برجاء
– ممكن يااستاذ منير تسمحلي اخد قدر ونطلع الشقه فوق نتكلم
– طبعا يابني ديه مراتك.. قومي ياقدر مع جوزك
وقبل ان تعترض اقترب منها
– بنت اختي الحلوه… اللي بتسمع الكلام
نهضت متأففة تتحاشا النظر نحوه … تخطته صاعده لأعلى وهو خلفها يزفر أنفاسه بقلة حيلة
– انا عايزه اطلق
واخر كلمه اراد سماعها منها لم يشعر الا وهو يدفعها نحو الحائط يلصقها به
– الكلمه ديه مسمعهاش تاني مفهوم
– لا مش مفهوم.. انا مش هستني اكتشف جوازه تانيه ليك..مش هتركني على الرف واكون الزوجة المطيعة الهاديه
اغمض عيناه بقوه يتذكر تفاصيل ماحدث منذ ساعات فقد كان عائداً والتعب يدب في انحاء جسده يرغب في حضنها وابتسامتها التي تزيل عنه تعبه… ولكن كل هذا تبخر في لحظة وفاطمه تقف أمامه تُخبره بتركها للمنزل والسبب اصبح يعرفه
– جوازي من جمانه كان قبلك وقررت انسى الصفحة ديه من حياتي
دفعته عنها وحديث نهال ومعايرتها لها يضج داخل قلبها الجريح
– شهاب ارجوك امشي وسيبني… انا خلاص مش عايزه حد ولا حاجه سيبوني في حالي وكفايه بقى مش هستحمل
وانهارت في البكاء تضرب فوق صدرها… آه مقهورة لفظتها من بين شفتيها ودموعها تغرق وجنتيها لينظر إليها مصدوماً.. فالأمر يبدو اكبر من قصة جومانه
– قدر قوليلي قالتلك ايه..
صمتها وبكائها زاده غضباً نحو شيرين متوعداً لها فمن غيرها ستفعل ذلك… اقترب منها يضمها اليه رغماً عنها
– اهدي ياقدر… اهدي ياحببتي
وارتجف جسده وهو يسمعها تهمس له بصوت مكسور
– طلقني ياشهاب
*****
اتسعت ابتسامتها تُلقي بهاتفها بعدما انهت حديثها مع نهال تُخبرها بتفاصيل ما فعلته.. وهاهي الخادمه تُخبرها بمجئ شهاب إليها
اسرعت بأرتداء ملابسها وترتيب شعرها لتخرج له وعلى وجهها ابتسامة زادت غضبه
– شهاب مش معقول
صرخة متألمة خرجت من شفتيها عندما اجتذب ذراعها يقبض عليه
– أنتي ايه ها.. نفسي افهم ايه الانانيه وحب التملك اللي عندك… عملتي ايه في مراتي انطقي
– متقولش مراتي
صرخ بأهتياج يدفعها عنها
– مراتي ياشيرين… قدر مراتي.. قدر الست اللي حبيتها بجد.. قدر اللي مقدرش استغني عنها.. قدر اللي عوضتني سنين عمري اللي عيشتها معاكي.. قدر اللي رجعت قلبي يدق من جديد وعلمتني يعني ايه دفى وعيله وحب … اقول تاني ولا خلاص
– كفايه… كفايه ياشهاب
– ياريتك بتحسي وبتفهمي
وعاد يجذبها اليه يصرخ بها
– قولتلها ايه وصلها للشكل ده , صور جمانه استحاله تعمل فيها كده
– مقولتش حاجه ديه نهال
– ارجعلي ارجوك ياشهاب… وانا مش عايزه حاجه تاني , انا موافقه ارجع زوجه تانيه ليك… انت كده كده مش هتخلف منها
والحقيقه قد ظهرت وليس هو برجلاً غبي ألا يلتقطها… لقد جرحوها في نفس الشئ الذي طعنها به طليقها
– انتوا ايه الجبروت اللي فيكم … كامل وانا هعرف ازاي اخد حقي منه ومن مراته
ورمقها ببغض حقيقي جعل جسدها يرتجف
– شهاب انا مقصدش
– مش عايز اشوفك بعد كده في حياتي المشروع اللي بينا لو السيد رأفت منزلش يمسكه مكانك او خالد ابن عمك اعتبريني انسحبت منه… حتى السيد نشأت وجودك في معاه هلغي اي حاجه بينا وهتكوني انتي السبب
بكت وصرخت وتوسلت وهو لم يعد لديه طاقه لتحمل المزيد منها
– كفايه ياشيرين كفايه… ضيعتي سنين من عمري معاكي وبعدها ضيعتيني وخلتيني شايف الستات كلها شبهك… لحد هنا وكفايه
ومثلما جاء رحل وانتزع الأمل من قلبها ولم يترك لها الا الندم والقهر
اقتربت منها الخادمه تواسيها تشفق على حالها الذي تستحقه
****
القى بكل مايقع أمام يديه يُحطمه بقدميه…. صرخ حتى تحشرج صوته
وهتف بأسمها معتذراً فقد تزوج ممن قتلتها بل وجعل احشائها تضم طفله
قتلت حبيبته جعلته يعيش ليالي مقهوراً يتخيل مشهد اغتصابها
– كان نفسي اخدلك حقك يا ياقوت…
تعلقت عيناه بتلك التي وقفت في ركن الغرفة منزوية تشهد حاله ضعفه
– امشي من هنا مش عايز اشوف حد
– حامد
هتف بصياح يُلقي نحوها تلك الوساده التي وقعت تحت يديه
– قولت امشي من وشي مبتفهميش
وأنها الحقيقه هي لا تفهم حالها…اقتربت منه وقبل ان ينهرها مُجدداً ضمته إليها
– طلع كل اللي جواك… انا هسمعك ومش هتكلم
استكان بين ذراعيها دون ان يشعر يدفن وجهه بعنقها
– هي السبب يارحمه هي السبب لطيفة موتتها وانا اتجوزت لطيفه
كانت خير من يستمع اليه… وخير من تقبلت غضبه هذه الليله اخرج بها كل طاقته حتى أصبحت لا تقوى على تحريك جسدها ولكنها تحملت
طالعها وهي تنظر له بأبتسامة هادئه يمسح فوق ذراعها العاري
– قولتلك ابعدي عني
وكالقطه الوديعة اندست بين ذراعيه تتمسح به
– وانا عايزه افضل جانبك
******
انتفض من جانبها بعدما فاق من كابوسه يلهث أنفاسه بقوه ، كانت كل ليلة تشعر به ولكنها كانت تخشي ان تفتح عينيها أمامه ولكن اليوم حاوطته بذراعيها دون خوف
– اهدي ياعاصم
لمست صدره برفق تتحسسه حتى هدأت أنفاسه يُطالعها بعيني جامدتين
– ابعدي عني ياايمان
– مش هبعد ياعاصم
اضاءت عيناه بالظلمه التي يخشاها عليها منه ولكنها اليوم كانت مصممه ان تكون جانبه حتى في اسوء حالاته لقد تجاوزت معه الكثير
– عارف مش هبعد ليه زي ما انت مش بتبعد عني وانا خايفه من نظرتك لجروحي بتضمني ليك بتحسسني اني ست كامله ف عينك
ضمته اليها بقوه وقد عاد عاصم الذي تعرفه في لحظاتهم الخاصه دون تعنته وقسوة قلبه
– انا منك ياعاصم… انا حبيتك بعيوبك وبظلامك وبكل نواقصك…
همس اسمها بلحن عجيب على اذنيها
– ايمان
ابتعدت عنه تنظر لعينيه التي دبت الحياه بهما ثانية.. وقد قالها ابن العزيزي قالها بعدما اقسم يوماً ان لا يقولها
– بحبك ياايمان
ودفئ ذراعيه غمرها… كانت تطير معه فوق السحاب..مساوءه بكفه ولحظه تقضيها بين ذراعيه تساوي كل شئ.. عاصم هو النقيض بحد ذاته ومدام احبته فلتحارب ظلامه
*****
والدعوه كانت لهدف وهي قد فهمتها رغم حداثة سنها… تأنقت رغم ما تشعر به الا انها قررت أن تظهر له انها تجاوزته وتجاوزت تلك الليله
وقفت امامه ليُطالعها بأعين مبهورة
– مش هنروح الحفله
ازدرد ريقه يرمقها بملامح شغوفه فسيكون كاذباً لو قال انه نسي تلك الليله التي حُفرت في أعماق قلبه
– متأكده انك عايزه تروحي الحفله ومذاكرتك طيب
احتدت عينيها عندما شعرت برفضه لاصطحابها
– والله انا عارفه مواعيد مذاكرتي كويس وانا محتاجه ارفه عن نفسي قبل الامتحانات
وتخطته تلتقط الهديه التي جلبتها لتلك المسماة ” نسرين ” وقد أتت إليها تدعوها لحفل عيد ميلادها وكأنها تُريد ان تُرسل لها رسالتها
– نسرين تزعل مني ياادهم
وبطريقه متلاعبه هتفت عبارتها لتتسع عيني أدهم
– ولو قولتلك انا مش عايز اروح… وتعالى اذاكرلك
نفضت ذراعه عنها برفق تثير مقته بنظراتها وحركاتها
– وانا قولتلك عايزه اروح اشوف أعياد الميلاد بتتعمل ازاي… ونسرين تزعل ياادهم
وعادت تُكرر عبارتها حتى زادته جنوناً
– ماشي ياعهد
اجتذبها من خصرها يُحاوطها والحنق يغمره اما هي كانت تود لو تصرخ عاليا بالقهر ،فمهما تظاهرت فالجرح غائر
*****
تركت رضيعتها فوق الفراش تركض اليه بخوف من صوته
– مالك ياكامل بتزعق ليه
– يعنى مش عارفه بزعق ليه
طالعته بخوف تخاف ان يعرف مافعلته لقد اوصت شيرين بشده الا تظهرها هي
– وطي صوتك البنت نايمه
اجتذب ذراعها نحو غرفتهما يدفع جسدها بقوه
– لمى هدومك وعلى بيت اهلك يانهال
اتسعت عيناها من الصدمه فكامل زوجها لم ينطقها من قبل وهل بعد هذا العمر ستذهب لأهلها
– غلطه ومش هتتكرر تاني ياكامل
– قولت على بيت اهلك عشان تعرفي تمشي ورا كلام صاحبتك ازاي وتخسريني صاحبي , وانا اللي كنت فاكر ان شيرين اتغيرت
واستطرد متهكما يرمقها بمقت
– خمس سنين اتجوزته كرهته فكل الستات وانا بغبائي بعد ما السعاده رجعت لحياته انضميت ليكم وليل نهار ازن عليه عشان يرجعها ويطلق مراته… منكم لله
وانصرف من أمامها يضرب كفوفه ببعضهما لا يعرف أين كان عقله عندما انحاز لجبهتهم
والحفله كما توقعتها حفل ليست الا لتشعرها الأخرى انها خاسرة وأنها لا تُناسب أدهم كزوجة فمازالت مراهقة في الثانويه تُذاكر دروسها اما هي امرأة كامله تليق بأدهم العزيزي
اينما كان يتحرك كانت تتحرك معه تُعرفه على والديها واصدقائها تلتصق بذراعه
قضمت شفتيها بمقت تنظر اليه وتلتهم قطعة الحلوى بملامح قاتمة
– كريمة بتاكل كريمه
التفت نحو صاحب الصوت ترمقه بأستنكار تدفع الطبق اليه
– خد لان نفسي اتسدت خلاص
تركته يقف مذهولاً ينظر إليها والي الطبق
– لا ده انا مش هسيبك النهارده
احتدت عيناه العالقة بحركاتها يرمق ذلك الملتصق بها… ولكن عند ذلك الحد لم يتحمل رؤية المزيد فالوقح يجذبها من يدها حتى تُراقصه
دفعة قويه لطم بها ذلك المنبطح أرضاً لتتسع اعين الحضور ووالدة نسرين تركض نحو ولدها تهتف بقلق
– حصلك حاجه ياحبيبي
– المتوحش ده يامامي وقعني… واخد البنت الحلوه ديه مني
والمشهد كان لا يذهب من بالها وضحكاتها تصدح بالسياره تضرب كفوفها ببعضهما
– اخرسي خالص
– لا مش هخرس هو حتى الضحك ممنوع
هتفت عبارتها لتزيد من حنقه عمداً تمط شفتيها تنظر لاحمر الشفاه الذي تضعه في المرآة التي اخرجتها من حقيبتها الصغيره
– والله قمر
الغضب كان يتصاعد داخله ولكنه كان يهدء منه حتي يصل بها لشقتهم
وحنقه كان يزيدها غبطة والآلم لا يولد إلا انتقاماً وهاهي تنتقم منه
ابتلعت لعابها بخوف وهو يدفعها للداخل
– معجبه بنفسك وفرحانه مش كده
تجاوزت حديثه وكأنه لا يفرق معها
– انت ليه بتضيع الفرص عليا متسبني اعيش حياتي… وعيش أنت مع نسرين
– بلا نسرين بلا زفت
تراقص قلبها تخفي ابتسامتها تنظر اليه مستنكره
– عيب تقول كده على خطيبتك
دفع المقعد الذي امامه وكلامها لا يزيده الا غضباً
– انا ونسرين مجرد صداقه بتربطنا وبس
واندفع نحوها يقبض فوق كتفيها
– وبطلي برودك واستفزازك … بلاش تختبري صبري
– انا بارده ياادهم… لا انا كده زعلت
اوصله استفزازها للحد الذي لا ترجع فيه
– عهد
– بلا عهد بلا زفت.. حرمتني حتى من الولد الوحيد اللي حبني
دفعته عنها تركض نحو غرفتها تبتسم بمكر لقد القت كلماتها وتركته يقف يستعب ما سمعه منها ليصرخ بجنون
– عهد
دفع باب الغرفه بقدمه يراها وهي تقف أمام المرآة تفرد خصلات شعرها
– والله كان عيل عسل منك لله ياادهم ضيعت مني فرصتي
والكلام ضاع من حلقها وهي تلتف نحوه تنظر لعينيه المظلمة من الغضب وقد أدركت انها وصلت لأقصى درجه معه ولم يعد لمكرها مكاناً
– أدهم انا بهزر… انا
ولم تشعر الا وهو يُلقيها فوق الفراش ينظر اليها بوعيد
– ماشي ياعهد عايز اشوف مين بقى الراجل اللي عجبك
ضربته ودفعته وهو كان ينتقم منها بطريقته الخاصه
وانتهت الليله وحل الصباح لتجد نفسها بين ذراعيه ينام براحه
ألتمعت عينيها ترد له ما فعله بها تضربه فوق صدره تصرخ به
– انا مش عايزه اعيش معاك تاني
والذهول كان يرتسم فوق شفتيه فمن التي تتحدث الان وطيلة الليل تنام فوق صدره تتمسح به كالقطة بوداعة
****
اسبوع مر وهي بعيده عنه لم يعد يشعر بطعم الحياه ولا دفئ منزله حتى فراشه هجره وعاد آله عمل.. اليوم عرف معنى أن تكون المرأة وطن
ليست كل النساء وطن ولكن بعضهن منحهم الله تلك الميزة
شهاب العزيزي بكل مايملك أصبح كالطفل وهي بعيده عنه ولكنه يُعطيها كل المساحه كي ترتاح ولكن اكتفي ولم يعد يحتمل
أغلق حاسوبه يُخبره سكرتيرته ان تُلغي كل مواعيده… كاد ان يتحرك ويُغادر مكتبه ولكن رنين هاتفه اوقفه لينظر لرقم المتصل بقلق
– أيوه يااستاذ منير
– تعالا خد مراتك معندناش ستات بتبعد عن بيت جوزها…
وطالع قدر الباكية بنظرات خبيثه يغمز لها وسميره تقف تضع بيدها فوق فمها حتى لا تطلق زغروطتها
– واه عرفنا خلاص سبب تمرد مراتك…وربنا يصبرك عليها الشهور اللي جايه
قطب شهاب حاجبيه والحيرة ارتسمت فوق ملامحه وهو يدلف للمصعد
– قصدك ايه يااستاذ منير
– عد الشهور من دلوقتي سبع شهور ويشرف ليكم عزيزي صغير
صدمة وسعاده ملئت قلبه… ارتعشت يده فوق الهاتف وهو لا يُصدق ما سمعه… دمعت عيناه يحمد الله على نعمته
كان يعلم أن الله مدام منحه السعاده دون أن يسعى سيتم نعمته عليه
****
ابتسم بسعاده وهو يسطحها فوق الفراش ينظر إليها بحب تأكد منه بعد هجرها
– البيت كان مضلم من غيرك
ارتفعت عيناها نحوه تستنكر كلمته فلو كان اشتاق إليها ماكان تركها تلك المده
– ماهو واضح… سبتني اسبوع
اتسعت مقلتيه ذهولاً وهو لا يُصدق انها في النهايه جعلته حتى في هذا مخطئ.. تنهد بيأس مقترباً منها
– قدر انا كل يوم بجيلك عند خالك…وفي الاخر تقوليلي سبتني اسبوع
– لو كنت عايز تاخدني كنت هتجبني غصب عني
فرك جبهته بكفه والارق ينهش جسده
– يعنى نسيبكم على راحتكم مش نافع نستخدم العنف مش نافع
اشاحت عيناها عنه ليطلق أنفاسه متنهداً
– متعرفيش انا سعيد ازاي… اه ياقدر لو اقولك على فرحتي وسعادتي
ذكرها بفرحتها التي سجدت لله شكراً عليها ولكن لا تعلم لما احبت ان تنكد عليه فرحته
التفت بعينيها نحوه لتجد ماصدمها شهاب يبكي
– انت بتعيط ياشهاب
– بعيط من الفرحه..حياتي اتغيرت في سنه… اتغيرت من ساعه مدخلتيها ياقدر
ندمت على سوء ظنها به…ندمت لأنها للحظة فقدت الأمل
– خفت ياشهاب… خفت منك ترميني لو مخلفتش.. وجعوني .. وانت كمان حسستني اني في حياتك على الهامش ليا وقت وهينتهي
حضنها بقوه يخرج فيه اشتياقه
– مش عايز ادمجك في العالم بتاعي عايزك في عالم ليا لوحدي ياقدر… عارف انها أنانية مني بس انتي السبب حنانك وحبك خلاني كده
وابتعد عنها ينظر إليها يمسح عنها دموعها التي باتت تحزنه
– والله بحبك وحتى لو مكناش خلفنا مكنتش هسيبك… الغبي اللي يسيب السعاده تروح من ايده عشان طمعان في حاجه زياده وناسي يشكر ربنا على اللي في ايده وانا غرقان في نعم ربنا مكنتش هبص لحاجه مش ليا وانسى اللي عندي
القت بجسدها عليه تحتضنه بقوه
– انت ازاي كده
ابعدها عنه يُطالعها بأبتسامه متسعه يميل برأسه يميناً ويساراً يُمازحها
– كده ولا كده
****
سارت بين الأراضي جواره لا تُصدق انه من اقترح عليها هذا بعدما وجدها تجلس حزينة في غرفتها
– الجو جميل اوي ياعاصم
التف نحوها ينظر لعينيها التي تشع سعاده
– بقيتي كويسه دلوقتي
اماءت برأسها والسعاده تملئ قلبها من اهتمامه حتى لو كان بسيطاً
صدح صوت خلفهم وصاحبه يلهث
– ياعاصم بيه. ياعاصم بيه
ولم يكن صاحب الصوت الا صاحب الأرض … هذا الرجل الذي اشفقت عليه وهي ترى نظرته الكسيرة وتعلقه بأرضه
– شكراً يابيه على اللي عملته معايا
وقفت تتابع المشهد بأعين متسعه وقلبها يدق سعادة …فعاصم لم يأخذ ارضه بل ودفع دينه
****
والخبر الذي تلقاه الحج محمود كان اسعد خبر يسمعه ، اقترب منه عاصم بعدما علم الخبر
– مبروك ياحج جالك حفيد ينضم لعيلة العزيزي
دمعت عيني الحج محمود يرفع يديه يحمد الله على نعمه… شهاب بشره بخبر حمل قدر والان يُبشره عاصم بأنجاب لبنى
– عايز اسافر لاختك ياعاصم… عايز اشوف بنتي
وارتفعت عيني الحج محمود وهو يسمع ما لم يُصدقه ، بكى وتلك المره كان بكائه سعاده
– كلنا هنسافر ليها ياحج… انا وانت وايمان
****
طالعت قدر صورة الصغير تنظر لملامحه بسعاده
– ده شبه عمر ياشهاب
اقترب منها يُحاوطها بذراعيه سعيداً لسعادتها
– بس انا شايف انه شبهك انتي
التمعت عيناها وهي تنظر للصغير مجدداً
– هو انا حلوه كده
– طبعا ياحببتي
تعلقت عيناها به ونظرة واحده كانت تحمل كل ماانبته بقلبها
رجلاً أمات داخلها ما سمعت عنه في الحكايات ليأتي اخر يُعلمها كيف يكون الحب
اغمضت عينيها تشعر بيديه تُداعب وجنتيها ثم بعدها لم تعرف كيف أصبحت بين ذراعيه وهذا هو شهاب يخطف أنفاسها دون شعور منها لتسلمه مفاتيح حصونها
****
أتت للبلدة مرغمة بعدما انتهت امتحاناتها ولكن لم تكن تظن ان ارغامها سيجلب لها تلك السعاده… حامد يفتح لها ذراعيه يهز لها رأسه بأن تقترب منه
حدقت به تخشي ان تكون تحلم من شدة توقها لحضنه
ابتلع ريقه بآلم وهو يراها تارة تقترب خطوة وتارة أخرى تتراجع
– تعالي ياعهد
وكأنها كانت تنتظر سماع صوته نظرت لادهم الذي طالعها بحنان يحثها على الذهاب اليه ولم تشعر بتحرك قدميها الا عندما أصبحت أمامه
احتضنها بقوه
– سامحيني ياعهد… انا عمري ماكرهتك بس غصب عني… القسوة اتزرعت جوايا وقلبي كان ضلمة
بكت كما بكى هو لتبتعد عنه ترفع عيناها نحوه
– انا كنت بدعي ربنا كتير انك تحبني… كان نفسي تحضني من زمان اوي
واردفت وهي تمسح دموعها بأكمامها كالاطفال
– بيقولوا حضن الأخ حلو اوي
وعادت تحتضنه ليبتسم وهو يغمرها بين ذراعيه
– عندي ليكي مفاجأة هتفرحك
ابعدها عنه يسحبها خلفه…والصدم كانت من نصيب كلتاهما
– ابله رحمه
ركضت نحو رحمه التي ضمتها بحب تمسح فوق وجهها وقد اشتاقت اليها
– أنتي كويسه ياحببتي… عملوا فيكي ايه
ورحمه القديمه تعود فشرارتها لم تنطفئ الا مع واحداً…
اطرقت عهد رأسها بخجل لا تعرف ما تخبرها به .. فألتقطت عيني رحمه رجلاً يقف خلف حامد
– هو ده جوزك
ارتفعت عيني عهد نحوه ترمقه بخجل لتندفع رحمه نحوه تمسكه من قميصه
– خلاص عهد رجعت لبيتها وحضن اخوها طلقها وشكراً لخدماتك…
– نعم… انا جايب مراتي هنا عشان تخدوها , انطق ياحامد
وقف حامد يشاهدهم.. يضحك على أفعال زوجته.. احتقن وجهه يجذب تلك التي وقفت جوار شقيقها مستمتعه
– هو انا مقولتلكيش يا ابله ..عهد حامل
وشهقه طويله خرجت من بين شفتي رحمه. ، فتخفض عهد عيناها تسبه بسرها , لقد احرجها وانتهى الامر رغم وعده لها بأن يبقى الأمر بينهما
– حامل ازاي
– خد مراتك من قدامي ياحامد… اقولها ايه ديه
واجتذب عهد خلفه رغم أعتراضها يرمق رحمه بنظرات مستنكره ، وحامد يقف لا يفعل شئ إلا الضحك
– اختك وشوفتها… ابقى تعالى لينا عند بيت عمك الحج محمود
****
نظرتها اليه اوجعته تظن انه احضرها للندن حتى تخضع لعملية التجميل… ارتجفت شفتيها تنظر له
– لدرجادي مش حابب شكلي ياعاصم
ضمها اليه يفهم مشاعرها
– لو مش عايزه نبدء المشوار مش هجبرك بس اوعي تفتكري اني بعمل كده عشان ارضى نفسي… انا بعمل ده عشانك انتي… انتي كامله في عيني وهتفضلي كامله طول عمرك
التمعت عيناها بآلم تخفي دموعها عنه, فيسحب يدها مُغادراً المشفى
– خلاص ياحببتي , انا عايزك كده صدقيني
وبعد أن كانت دموعها تُغرق وجهها… أصبحت الابتسامه تشق شفتيها بأتساع وصوت ضحكاتها تتعالا ولأول مره ترى عاصم كالطفل الصغير
رحلة حب نعموا بها حتى عمر كان ينظر اليه متعجباً من تغيره ولكن تغيره كان في صالحه .. ف لبني السعاده عادت لعينيها وهي ترى عائلتها حولها تنعم بدفئهم
فتحت عيناها تنظر اليه وهي تتحسس ملامحه
– مش هتقولي سر كوابيسك ياعاصم
زفرة طويله حملت جميع أوجاعه يغمض عيناه يُحارب ذكرياته وماضيه
– السر اللي بيموت بيدفن يا ايمان
والمعنى كان واضح انه لا يُريد الحديث عن سره.. لم تغضب منه ، تعلم تماماً ان سره ماهو الا بحر ظلامه
اقتربت منه تدفن رأسها بصدره تتمسح به
– انا عايزه اعمل العمليه ياعاصم
****
وقف يُطالعها وكأنه اب يُطالع ابنته وتلك كانت هي الحقيقه.. هو يراها كل شئ بحياته كما تراه هي كل عالمها
اقترب منها يُحاوط خصرها بذراعيه
– هتتأخري كده على أول يوم جامعه
نظرت لوضع حجابها تهتف بحنق
– مش عارفه ماله مش راضي يتظبط
– أنتي ليه صاحيه النهارده تتخنقي مع دبان وشك
والتذمر كالعاده يكون صدى ما لايعجبها منه
– تعالي ياعهد اظبطهولك لان لو فضلنا على مزاجك النهارده لا انتي هتروحي الجامعه ولا انا هروح الشغل
توهجت عيناها بالحب تنظر اليه وهو يهندم لها حجابها ،وبعدها سحبها نحو طاولة الطعام ليطعمها بيديه وهي تُطالع كل ما يفعله بسكون…لقمة وراء لقمة كان يدسها بين شفتيها وهي مستكينة معه حتى اخيراً خرج صوتها
– أدهم
اكمل اطعامها لينظر إليها بعينيه متسائلاً عما تريده
– بحبك
ولو كان يوجد اكثر منها لاخبرته… ورغم الوجع الذي سببه لها من قبل الا ان ما فعله ويفعله يمحي مامضي
والكلمه ونظرتها الهائمة به كانت تفي وتزيد… نبض قلبه واتسعت ابتسامته ونسي انه تأخر عن عمله من أجلها ومن أجلها يفعل ما تُريد
وأمام بوابة الجامعه توقف بسيارته تنظر له وللجامعه بقلب خافق والحلم تحقق دون أن تفقد حلمها الآخر
– يلا يابشمهندسه كده هتتأخري على أول محاضره
****
جاورهم الحج محمود والسعاده تغمر قلبه مُشيراً لهم ان يُكملوا حديثهم في العمل
عيناه لا تُصدق ان عاصم يجلس يُحاور زوجته بل ينصت إليها ويستمع لنصحها في بعض الأمور… لم يتغير عاصم جذرياً ولكن تغيره أصبح واضح وهو سعيد فلم تخيب نظرته ب ايمان التي تمنى داخله لو كان ابنه وجدها منذ زمن
وبنظرة اب علم ان ابنه أصبح عاشق لزوجته… ف اللهفة التي أصبح يراها داخل عينيه كلما توجعت او بكت تُخبره بتلك الحقيقه وهو خير سعيد بهذا
ولم يكذب من قال ان النساء بيدها ان تغير الرجال بحنانها
****
ضجر من تقلباتها عليه… تحبه ولا تطيقه وبين هذا وهذا كان يجن جنونه
خرج صافعاً الباب خلفه يتركها تبكي كالعاده
– خلاص تعبت وقرفت كل يوم نكد
أسرعت نحوه السيده رسميه تشفق عليهم فوحدها من عرفت الحقيقه من نعيمة بعد انتحار لطيفة خشت ان يظل الذنب يلحق بها طيلة عمرها وتنال عقابها فأخبرته بصنيعها نادمه متوسله لها الا تخبر أحداً ، والسحر انتهى مفعوله ورحمه لم تعد تفهم حالها… يُدلل ، يُرعى ، ويصبر وهي لا تخبره الا انها لا تطيق أنفاسه
– استهدي بالله يابني… انا هدخل ليها معلش استحمل ديه حامل
زفر حامد أنفاسه بسأم فلم يعد يتحمل رفضها واخبارها الدائم له انها لا تطيقه
– ادخليلها يارسميه وعقليها… عشان خلاص زهقت
نفذت رسمية طلبه لتنظر لرحمة التي اخذت تبكي حتي مشاعرها المضطربة
– لا حولا ولا قوه الا بالله.. والله ديه عين وصابتكم يابنتي بعد ما رجعتم من الحج
ازدادت رحمه في بكائها تضع بيدها فوق بطنها من شدة آلمها
لتسرع رسميه إليها
– يابنتي كفايه عياط عشان اللي في بطنك
– تعبت ياخاله رسميه تعبت… كل يوم خناق وهو مش قادر يفهم انه غصب عني
– يابنتي ماهو مافيش راجل بيقبل مراته ترفضه وتقوله مش طيقاك… استهدي بالله واخرجي صالحيه
هزت رأسها رافضه فهي تعلم نهايه المُصالحة… فخصام اخر سيحدث بعدها
تنهدت رسمية بقلة حيله تُسرع للخارج تنظر لحامد الذي جلس يزفر أنفاسه بضيق ظاهر فوق ملامحه والحل كان واحداً
– انا لازم اقولك يابني على الحقيقه
والصدمه احتلت معالم وجهه… يعود بذاكرته لتغير رحمه فجأة بعد تلك الليله… دار حول نفسه كالثور الهائج لطيفة حتى بعد مماتها خلف كل شئ
انصرفت رسميه تطرق رأسها أرضاً.. ليهوي فوق مقعده مجدداً يضع وجهه بين كفيه …رحمه لم تعد تحبه لقد بطل السحر
مرت ساعه وهو جالس هكذا لينهض بعدها عازماً انه سيعيد حبها له من جديد
دلف للغرفه يُطالعها لتتعلق عيناها به
– حامد انا والله ماعارفه فيا ايه
ولم يعد غبي لا يفهم شيئاً اسرع إليها يضمها بحب
– خلينا نروح يومين اسكندريه نشم هو.. وانا هصبر يارحمه ومتزعليش مني لما اتعصب عليكي مبقتش قادر تبقى بعيده عني
****
سارت جواره تتعلق بذراعه تسمع مزاحه وتضحك رغماً عنها
– كفايه ضحك عليا
– مش قادر ياقدر… منظرك مش راضي يروح من عيني وانا بشدك زي العيله الصغيره تدخلي الميه وانتي بتضربيني
– اومال عايزني أغرق
تعالت ضحكته فالتفت الأنظار نحوهم في ساحة الفندق ولكنه كان لا يهتم
– هتغرقي على الشط
وكظته بذراعها وهو يلتقط مفتاح جناحهم ومازال يُمازحها ولكن تلك المره بنظراته
تجمدت عيناها نحو المرأة التي كانت على مقربة منها والأخرى تنظر اليها بتدقيق ثم انتقلت عيناها نحو زوجها تُشيعه بنظرات فهمتها
نظرة مشمئزة احتلت شفتيها تجذب ذراع شهاب بعيداً عن عينها ولم تكن المرأة الا ” شمس” التي وقفت تحدق بهم وخاصه بطن قدر المنتفخة
أخرجت هاتفها تلتقط لهم إحدى الصور بعدما توقف بها شهاب بعد بضعة خطوات يسألها عما بها
والصوره لم تكن إلا له ، وكأنها تُريد زيادة أوجاعه وحرقته لم يكفيها مافعلته به لتجعل قلبه يحترق وهو يُحدق في الصوره ودموعه رغماً عنه انسابت فوق خديه وآه مؤلمة استوطنت قلبه
لتنظر له والدته وهي تحمل الطفل الرضيع ذو الأربعة أشهر بحسرة على حالهم… تدعو ليلاً ونهاراً على شمس ومافعلته بولدها وكسرته امام الناس بعدما هربت مع عشيقها الذي لم يكن الا صاحب العقار الذي أمامهم
– مالك ياكريم
والقهر والحسرة وحدهم كانوا ينهشوا روحه ليقترب من والدته يضع الهاتف أمامها… لتهتف سميحه دون تصديق
– ديه قدر, مين الراجل اللي معاها ده
والرد كان واضحاً بطن منتفخة ورجلاً يضمها اليه والسعاده تغمر ملامحها
– جوزها عارفه مين ده , شهاب العزيزي
والاسم نطقه بمراره ليرحل من أمامها… وعدالة الله تحققت ولم يحرمها الله لا من زوج ولا من طفل
وهو حصد ما اراد وجاء له الطفل واختفت السعاده.
النهاية
***
بقلم الكاتبة سهام صادق.