
دموع ممنوعة …………….. الفصل العاشر
رنين هاتفها أخرجها من شرودها الغريب الذى بدأت تعيشه مؤخرا ، منذ زمن كانت تسير فى رحلة انتقامها هذه كالألة ، فاقدة تماما لأى مشاعر إيجابية ، الغضب والحزن فقط هو ما كان يحكمها ويحركها تجاه أهداف معينة ، انا الان فيبدو عليها بعض المشاعر الدخيلة التى لا تعلم حتى مصدرها ، وبدأت تصبح عقبة فى طريق أهدافها .
كان المتصل هو عادل ، وكأنه أحس أنها تفكر فيه فى هذه اللحظة ،
…بتعملى ايه …
…قول سلام عليكم الأول …
…سلام عليكم الأول ، ها ، بتعملى ايه بقى …
…لو قلتلك أنى واقفة قدام الشباك وبفكر فيك ، هتصدقنى …
…ياجامد ياجامد ، و بتفكرى فيا فى ايه تحديدا بقى …
…اكيد هقولك ، بس بعدين ….
…أمال امتى ؟
….أما ييجى وقتها ، وانت بتعمل ايه ؟ …
…كنت هنزل أمر على المكن بس قلت أطمن عليكى الأول ، أصله اول يوم ترجعى بقى …
..تطمن عليا ، ااه ، انتى محسسنى أنى راجعة من إجازة مرضى ، مش إجازة جواز ….
…إيه ده ، انتى اتجوزتى ، الف مبروك ، مش تقوليلى. ..
…الله يبارك فيك ، وعقبالك فى المرة التالتة بقى …
ألجمه كلامها تماما ولم يرد ولم يفهم إلى ماذا تلمح
وفى هذه الأثناء دخلت ريهام
…أستاذ محسن ياأستاذة فريدة ..
…خليه يتفضل …
سألها عادل …محسن مين …
..عميل عندى ، انا هقفل بقى وابقى اكلمك بعدين ، سلام دلوقتى ..
…أهلا ياأستاذ محسن …
…ازيك ياأستاذة فريدة ، ومبروك على الجواز ، مع انك معزمتناش …
…كأنك جيت يافندم ، وعملت الواجب كمان ، اتفضل اقعد ، تحب تشرب ايه …
…متشكر اوى ، شربت قهوتي برة …
.. كويس ، خير ، المفروض ميعادنا لسة بعد بكرة …
…عارف ، لكن مش قادر استنى ، فى مصايب بتحصل فى شركتى ، الشركة فى بداية انهيار ، ومش عارفلها سبب أو مصدر مبقتش عارف أتصرف ازاى ، وحضرتك لحد دلوقتى معرفتليش أى معلومة أبدأ بيها …
تنهدت فريدة وكأنها غير جاهزة لابلاغه بما لديها
…طيب ياأستاذ محسن ، انت جاهز تسمع اللى عندى …
…طبعا جاهز ، آمال انا جاى ليه …
… تمام ، اخوك مازن ، تعرف عنه ايه …
…يعنى إيه مش فاهم ، اخويا وتوأمى وشريكى وشريكى فى الشركة ، ورثناها عن المرحوم بابا ، وبنشتغل مع بعض فيها …
…بتثق فيه …
…إيه لازمة الكلام ده ؟
…جاوبنى لو سمحت …
…أيوة طبعا بثق فيه ، صحيح ليه بعض التصرفات مبتعجبنيش ، بس هو فى النهاية اخويا …
…ولو قلتلك انه هو السبب فى كل المصايب اللى بتحصلك دى …
… نعم ، انتى عارفة انتى بتقولى ايه ..
…أيوة طبعا ، الملف ده فيه كل حاجة تثبت كلامى …
…اكيد انتى غلطانة ، مستحيل ، ليه اصلا ، لو الشركة ضاعت ، مش انا لوحدى اللى هخسر ، هو كمان ، الشركة بينا بالنص ..
…بالظبط ، انت كدة وصلت لأهم نقطة …
…يعنى إيه ؟
…يعنى لما حضرتك جيت هنا واتفقت معايا على البيانات اللى انت طالب تعرفها ، وقتها سألتك مين اكتر حد بتشك انه بيعمل ده كله …
…أيوة حصل ، قولتلك شركة النصر ، صحيح هى شركة جديدة ، لقد قدرت تكبر بسرعة ، وكل المناقصات اللى بخصرها ، بتطلع بإسمها …
…أنت تعرف ايه عنها …
..اعرف اللى يعرفه كل الناس …
…اللى هو تعاملاتها التجارية والبنكية مثلا …
…أيوة ، بالظبط …
..تعرف مين صاحبها ، أو الممول ليها …
…مش بالظبط ، بس ايه علاقة كل ده بمازن اخويا ، عايزة تقولى انه بيشتغل لحسابهم مثلا …
…احنا أول ما عرفنا انه هو اللى بيسربلها بيانات شركتك ، وهو اللى بيعمل كل المشاكل دى فى الادارة ، سألنا نفس سؤالك ده ،، ايه مصلحته ؟
المفروض أن مصلحته معاك انت ، من وقتها وبدأنا نتابعه كويس اوى ، اكتشفنا أنه بيقابل مدير شركة النصر كتير جدا ، وتقريبا فى أماكن محددة ، بدأنا نتابعه ونسجله ، وقدرنا نوصل لبعض الأوراق ، وصورناها، وصورها عندك فى الملف …
… وبعدين ، لو سمحتى اتكلمى على طول …
… اخوك ياأستاذ محسن ، هو نفسه صاحب شركة النصر …
…مش ممكن ، مستحيل …
…لأ ، ممكن ومش مستحيل ، وده بالفعل اللى حصل ، وكل ورقة أو تسجيل فى الملف اللى معاك بتأكد الكلام اللى انا بقوله …
…ازاى ، جاب فلوس شركة زى دى منين ؟
…هى دى مشكلتك بس ، جاب فلوسها منين …
يبدوا ان غضبه بدأ يسيطر عليه ولم يعد يسمع منها شيئا ، وبالطبع هى لاحظت ذلك ، وتقدر حالته الآن ، لكن للأسف هى تعلم عقباها جيدا ، فلطالما عاشت هذه الحالة ، ودائما تكون الخاسرة بعد المواجهة .
هم بالوقوف وهو يقول … عموما انا متشكر جدا على تعبك معايا ، وباقى الحساب اللى اتفقنا عليه هيوصلك فى ميعاده ، بعد اذنك …
قبل أن يصل للباب ، نادته فريدة
…أستاذ محسن …
التفت لها دون أن يرد
…أنت هتروح على فين دلوقتى ؟
اندهش من سؤالها
…معرفش …
…طيب ممكن دقيقتين لو سمحت ، اتفضل هنا ..
تركت مكتبها وجلست على الانتريه المقابل للمكتب ، وأشارت له ليجلس أمامها ،
…أنا عارفة أن الكلام اللى هقولهولك ده غريب ، وممكن كمان متصدقهوش ، بس هو ده اللى حصل ،
فى اليوم اللى والدتى اتوفت فيه ، كانت محجوزة فى مستشفى السيد جلال ، حاولت تنتحر بعد مشكلة مع والدى ، كنت لوحدى معاها زى ما طول عمرى لوحدى ، وفجأة قال الدكتور انه مقدرش يسعفها ، فضلت ساكتة وراكنة على الحيطة اكتر من نص ساعة ، الكل بيتفرج عليا ومحدش قرب منى ، فى حالة زهول تامة ، مخرجتش منها غير لما شوفته جاى يجرى من بعيد ، فى لحظتها اتجسد كل حزنى وغضبى من اللى حصلها مع خوفى من مستقبل من غيرها ، اتجسد كله فى شكله قدامى ، فضلت اصرخ واضرب فيه ، شتمته وقلتله يبعد عنى وانى مش عايزة اشوفه وان هو السبب الأساسى فى موتها ،
كان فى راجل طيب واقف ، كان بيتفرج زى اللى واقفين ، بس هو الوحيد اللى قرب منى ومسكنى ، وحاول يطبطب عليا ، دخلنى الاوضة اللى جمب اوضة والدتى ، اتضح أن كان فيها مراته ، كانت تعبانة ومحجوزة هناك …
…بابا …
…أيوة ، الراجل ده كان باباك ، أيام ماكانت والدتك بتعمل قلب مفتوح ، الكلام ده طبعا عرفته بعد كدة ، لما صممت اعرف مين هو ، المهم ، قعد يتكلم معايا اكتر من ربع ساعة ، قاللى حاجات مش فاكراها اصلا ، لكن مجرد صوته واهتمامه وطيبته ، هو ووالدتك ، هديت ، كدة كدة انا مببكيش ، مبعرفش اعيط ، لكن تمالكت اعصابى تماما بعد كلام والدك معايا ، وأقسمت أنى هردله اللى عمله معايا فى يوم من الأيام ، بعد كدة عرفت خبر وفاته من الجرايد ، بس ربنا مزعلنيش ولقيتك قدامى ومحتاج اللى يساعدك. ..
…يعنى انتى كنتى بتساعدينى عشان تردى دين والدى …
…مساعدتى ليك شغل وانا قبضت تمنه ، رد جميله هيكون بدايته معاك دلوقتى …
…مش فاهم …
…يعنى ، انت كنت خارج دلوقتى وناوى تروح تواجهه ، صح …
… منا لازم أعمل كدة …
…تبقى غلطان لو عملت كدة ، وانت اللى هتخسر كل حاجة ، مش هو …
…وضحى اكتر لو سمحتى …
… اوكى ، ببساطة اوى ، انت هتروح دلوقتى وهتواجهه ، والنتيجة ايه ، يااما هيكدب الكلام ده ، يااما هيكون وقح ويقولك بمنتهى البجاحة ، ايوة انا اللى عملت كدة ، فى الحالتين هينسحب من شركتكم سوا ، وانسحابه طبعا هيوقعلك شركتك ، وفى نفس الوقت عنده شركته هيقف قدامك بيها ، يعنى فى كل الأحوال ، انت اللى هتضيع مش هو …
أعاد ظهره للخلف ببطئ ، وبدأ يفكر فيما تقول ،
…مفكرتش فيها بالطريقة دى …
…أنت مفكرتش اصلا ، الغضب والمفاجأة عموا عنيك عن الصح …
…والحل ؟
…مش لازم حد يعرف انك اكتشفت الموضوع ، الملف اللى معاك ده فيه معظم أسماء الناس اللى بتساعده فى شركتك ، وكمان معظم طرقه ، وصور من كل أوراق شركته ، اقعد مع نفسك ، ورتب اوراقك من جديد ، افصله عن شركتك من غير ما يحس ، وفى نفس الوقت تبدأ تهد فى شركته ، زى ما عمل معاك بالظبط. ..
…تفتكرى هقدر …
..لازم تقدر ، فكر وانا معاك ، لو عايز أى معلومات عن أى شئ ، بس بلغنى …
يبدوا أن حل فريدة لاقى تجاوب واضح مع عقله وقلبه فى آن واحد ، استأذنها ليمشى بعدما اتفق على اللقاء مرة أخرى ، بعدما يفكر ويقرر ماذا سيفعل ، وكيف ستساعده . وبعدما خرج تنهدت فريدة وتمنت أن تكون بما فعلت ردت الجميل لصاحبه.