منوعات

غنوه

-حد قال لك قبل كدة إن إنتَ بجح قوي؟

إتسعت عينيها وبات يتطلع إليها شزرًا فاسترسلت بنفس الحِدة بإبانة:
-يعني حضرتك ماشي ورايا ومش عامل بينا مسافة كافية، وخبطت فيا ووقعت لي حاجتي وكنت هتوقعني أنا شخصيًا، وبعد كل ده جاي تلوم عليا؟!
واستطردت مؤكدة:
-لا،حقيقي بجح
-إنتِ واحدة قليلة الذوق ولولا إن عندي محاضرة مهمة وهتأخر عليها أنا كنت عرفتك مقامك صح.

نطق بكلماته اللاذعة ثم تخطى وقوفها مستكملاً صعود الدرج تاركًا إياها وسط ذهولها من ذاك عديم الذوق الذي تركها ولم يكلف حاله عناء لملمة أشياءها التي سقطت فوق الأرض بسببه
برامج إدارة علاقات العملاء (CRM Software)
أخذت نفسًا عميقًا وزفرته بقوة كي تستعيد هدوءها مرةً أخرى، مالت وبدأت بلملمة ما تبعثر منها واتجهت صوب الكافيتريا لجلب قنينة المياه ثم تحركت سريعًا إلى مقر قاعة المحاضرات
دقت باب القاعة بعدما وجدته مغلقًا ثم قامت بفتحه وابتسامة أمل إرتسمت تلقائيًا فوق ثغرها على الفور تلاشت تلك البسمة وهي تري معيد المادة يقف أمام السبورة مصوبًا وجهه إلي طلابه الجُدد
إتسعت حدقة عينيها عندما تفاجأت بأن مُعيد المادة هو بذاته ذاك الشخص منعدم الذوق خَشن المعاملة
أما هو فكان ينظر إليها بجبينٍ مُقطب،تحمحمت بخفوتٍ لتنظف حنجرتها كي تستطيع إخراج صوتها ثم تحدثت:
-ممكن أدخل

قوس فاهه ثم ارتسمت ابتسامة شريرة على جانب ثغره جعلتها ترتاب، أشار بكف يده صوب صفوف المدرجات ثم تحدث بحديثٍ ذات مغزى:
-إتفضلي يا أنسة
ثم استطرد بنبرة صارمة وملامح وجه حادة وكأنهُ تحول لآخر:
-بس دي آخر مرة هسمح لك فيها تدخلي المدرج بعدي، والكلام موجه للجميع

إبتلعت لعابها خجلاً بعد حديثه الذي أصابها بالحرج الشديد بين زملائها بالفرقة، أومأت بسكونٍ ثم خطت بساقيها للداخل وباتت تحرك عينيها مُتجولة بين صفوف المُدرج لتجد مكانًا مناسبًا كي تجلس به
كان يتابعها بنظراتٍ متوعدة وما أن جلست حتى أردف قاصدًا إياها بحديثه:
-هعرف نفسي من جديد علشان الأستاذة اللي بادئة السنة باستهتار وتأخير

استشاط داخلها وسئمت حديثه وكلماته المهينة لشخصها حتى أنها كادت أن تجادله بالحديث وليحدث ما يحدث لكن تراجعت تجنبًا لافتعالها للمشاكل من اليوم الأول
استرسل وهو ينظر لها بتحدي:
-تيم نصر الدين.
وبإسلوبٍ أشبه بساخر أشار لها بيده في دعوة منه بالتعريف عن حالها:
-ممكن الفنانة تتكرم وتعرفنا عن نفسها

شعرت بالإِزدراء بعد تفوهه بتلك الكلمات لكنها تماسكت وارادت ان تحرق روحه فوقفت واردفت برأسٍ شامخ:
-غنوة، إسمي غنوة فاروق سلطان
ثم استطردت بمقلتين يملؤهما التحدي:
-وإن شاء الله ناوية أكون من فناني الصف الأول في الفن التشكيلي في العالم كله مش بس في مصر

إبتسامة ساخرة خرجت من جانب فمه مع إيماءة بسيطة من رأسه ليتحدث بتوعد:
-خلي الأيام تورينا يا…
ثم ضيق عيناه وسألها مدعيًا سهوه عن إسمها الذي حُفر بعقله مُنذ نطقها بحروفه:
-قولتي لي إسمك إيه؟

-غنوة
نطقتها على عُجالة بصوتٍ صارم مما جعلهُ يبتسم ويسعد داخلهُ لقدرته على إثارة حفيظتها، سمح لها بالجلوس واسترسل مكملاً تعارفه بالطلاب وتعريف مادته التي سيقوم بتدريسها لهم

إنتهى من محاضرته وخرج الجميع وتحركت غنوة لتتجه صوب الكافيتريا كي تتناول وجبة خفيفة مع مشروب بارد وذلك لشعورها بالجوع المفاجئ، تقاجأت بإحدي الصديقات التي أمسكت ذراعها لتحثها على التوقف، استدارت لها لتقابلها فتحدثت الأخرى بابتسامة مشرقة:
-أنا إسمي دنيا ومعاكِ في نفس القسم، قسم الجرافيك

ضيقت غنوة عينيها باستغراب فاسترسلت الأخيرة بهدوء:
-ممكن نقعد شوية مع بعض، أنا أصلي ارتحت لك قوي وحابة نبقى أصحاب
إرتفاع في أسعار الذهب
ابتسامة هادئة خرجت من فم غنوة وأردفت بنبرة ودودة:
-أهلاً يا دنيا، أكيد طبعاً يشرفني نبقى أصحاب
جلست كلتاهما بعد أن جلبتا طعامهما وبدأتا بتناوله، وبعد حديثٍ دام لمدة ثلاثون دقيقة أردفت دنيا قائلة بنبرة تحذيرية:
-على فكرة يا غنوة، الطريقة اللي اتكلمتي بيها مع دكتور تيم غلط جدًا، إنتِ كدة بتدخلي نفسك في مشاكل إنتِ مش قدها

مجرد نطق اسمه أصابها بالاستياء وجعلها تهتف بنبرة ساخطة عكس طبيعتها الهادئة:
-ده إنسان سخيف ومغرور وانا كلمته بالطريقة اللي تنفع مع أشكاله
-وطي صوتك لحد يسمعك وتوقعي نفسك في مشكلة.
نطقتها بتحذير ثم استرسلت بإبانة:
-شكلك كدة ماتعرفيش تيم ده يبقى مين

-هيكون مين بسلامته؟
نطقتها متهكمة،فعقبت الاخرى باعلام:
-هو انتِ ما اخدتيش بالك من الإسم؟
،تيم نصر الدين ده يا بنتي يبقى إبن سيادة عميد الكلية دكتور حاتم نصر الدين

ضحكة ساخرة إرتسمت على ثغرها لهتفت متهكمة:
-قولتي لي بقى سبب النفخة الكدابة اللي هو فيها
واستطردت بنبرة ساخطة:
-يعني الدكتور المحترم طلع متعين بالكوسة؟

همست الأخرى لتحثها على الصمت:
-يا بنتي اسكتي لحد يسمعك، إنتِ شكلك كدة من الناس اللي قلبها جامد ومستبيعة

ضحكت ساخرة وتابعا تناول طعامهما سويًاً
انتهى اليوم الأول وتحركت غنوة صوب بوابة الخروج لتتجه إلى المترو كي تستقله للعودة مرةً أخرى لمنزلها، وأثناء سيرها بشارع الجامعة استمعت إلى صوت بوق سيارة مرتفع يأتي من خلفها، ارتعبت ثم استدارت سريعًا لتجد ذاك السخيف الذي قرر داخل سريرته أن يُزعجها ويُصيبها بالضجر قبل أن ينتهي اليوم، رمقته بنظرة حادة ثم غمغمت بنبرة ساخطة:
-فرحان قوي بالعربية اللي أبوك جايبها لك، أمال لو جايبها بفلوسك كنت عملت فينا إيه!

تخطاها ثم انطلقت منه ضحكة رجولية عالية جلجلت داخل السيارة، هو علي يقين أنها تسبه الآن وتنعتهُ بأفظع الكلمات، وهذا الامر أسعدهُ كثيرًا لوصولها لهذا الحد من الغضب

انت في الصفحة 2 من 8 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل