
المستشفى …
نظرت “سماح” لتلك الحقيبه الصغيرة الموضوعه بمقدمه السرير المعدنى قائله بضيق بسيط فهى لا تنكر سعادتها بتلك الخطوة الجديده لـ “ورد” …
سماح: خلاص حتمشى ….!!!
أومأت “ورد” بخفه وهى تردف بإيضاح …
ورد: بابا زمانه جاى فى السكه .. حفك الجبس بتاع ذراعى ده و أمشى …
سماح: معاكى رقم تليفونى العادى والخاص .. لو فيه أى مشكله كلمينى فى أى وقت … ومعادنا هنا زى النهارده تمام …
ورد: تمام .. بجد مش عارفه أشكرك إزاى يا “سماح” على إللى عملتيه معايا فى الأسبوعين إللى فاتوا ..
سماح: أنا بجد حبيتك زى أختى الصغيره يا “ورد” … وده كان أأقل حاجه أعملها معاكى … وأنتى دلوقتى بقيتى أحسن كتير من الأول … ويا ريت متخليش أى حاجه تأثر فيكى وتزعلك بسرعه .. خليكى قويه …
ورد: إن شاء الله …
وصل “عبد المقصود” لطبيبه المعالج أولاً قبل أن يمر بـ”ورد” ليلقى التحيه فور دخوله ..
عبد المقصود: السلام عليكم ..
الطبيب : أهلاً يا أبو “محمد” ….
أثار الاسم غصه و ألما فى نفسه بعد إكتشافه أن “محمد” ليس ولده فطلب من الطبيب مناداته باسم غاليته “ورد” …
عبد المقصود: قولى أبو “ورد” …
الطبيب : زى ما تحب يا أبو “ورد” … أخبارك إيه النهارده …؟!!!
أبو ورد : الصداع بقى يزيد أوى وألمه صعب .. كنت عايزك تكتبلى نوع مسكن قوى يساعدنى …
الطبيب : يا أبو”ورد” المسكن ده مش علاج .. إنت كده إتأخرت جداً فى جلسات العلاج إللى قلت لك عليها ..
ابو ورد: ورايا حاجات مهمه أوى أخلصها و آجى المستشفى هنا أقعد فيها وأخد العلاج وكل إللى انت عايزه …
الطبيب : بس أنا بحذرك إن الفتره إللى جايه الموضوع ممكن يزيد عن مجرد دوخه أو صداع … الموضوع ممكن ييجى بنوبات إغماء أو لا قدر الله غيبوبه … وكده مش كويس أبداً …
ابو ورد: ربنا هو الشافى المعافى …إكتب لى بس نوع المسكن وإن شاء الله قريب أوى حتلاقينى هنا …
لم يحبذ الطبيب إهمال “عبد المقصود” لنفسه وعلاجه لكنه كان مرغم على أن يلبى طلبه مؤقتاً …
الدكتور: أنا مش موافقك بصراحه .. بس أدى إسم المسكن ويا ريت تسمع نصيحتى … العلاج أهم حاجه ….و أى حاجه تانيه تيجى بعدين …
ابو ورد: إن شاء الله …
قالها “عبد المقصود” بلا إكتراث لحالته فما يشغله الآن هو “ورد” فقط …
إتجه لغرفتها الخاويه فيبدو أنها ذهبت منذ قليل لإزاله تلك الجبيرة الموضوعه بذراعها فجلس قليلاً فى إنتظارها ….
دلفت “ورد” بعد قليل تمسك بعكاز تستند عليه ومازالت جبيرة قدمها كما هى بينما إستبدلت الجبيرة الموضوعه بذراعها بلفافه من الشاش الخفيف تعلقها برقبتها …
إتجه “عبد المقصود” تجاهها يساعدها على الحركه قائلاً بمحبه عطوفه ….
ابو ورد: حمد الله على السلامه يا “ورد” …
ورد: الله يسلمك يا بابا …
ابو ورد: هى إيدك لسه مربوطه ليه كده مش خلاص فكيتى الجبس …؟؟!
ورد: أيوه بس الدكتور ربطلى الرباط الضاغط ده وقالى يومين بس وأفكه …
أومأ بإيجاب وهو يشير لحقيبه صغيرة أحضرها معه قائلاً …
ابو ورد: الحمد لله على كل حال … المهم أنتى بخير .. خدى الشنطه دى “نجاح” حضرتهالك فيها هدوم تانيه … غيرى بقى هدومك عشان نروّح وتنورى بيتك تانى …
ورد : حاضر يا بابا …
أبدلت “ورد” ملابس المستشفى بملابسها التى أحضرها والدها وإرتدت فستانها الطويل ذو اللون الإسود يعلوه جاكيت باللون الوردى فكم إشتاقت للألوان بعدما تحلت أيامها السابقه بألوان المستشفى الباهته …
أسدلت شعرها الذهبى لأول مره بعد إزاله عصابه رأسها من الشاش الذى أحاط برأسها منذ مجيئها للمستشف ، لكن وجهها مازال متعب … نعم قد زالت آثار التورمات كلها ما عدا هذه الرقعه من اللاصق الطبى فوق حاجبها الأيمن .. لكنها مازالت جميله كما هى من الظاهر …
تطلعت بإنعكاس صورتها بالمرآه وهى ترى ما لم يراه غيرها ، هى الوحيده التى ترى تلك الجروح الأخرى لم تزال جبيرتها بداخلها مازالت محطمه مهشمه .. لكنها لن تستسلم مثلما إتفقت مع “سماح” …
خرجت من المرحاض يعلو وجهها بسمتها الرقيقه حين هتف بها والدها بإشتياق بعودتها …
ابو ورد: بسم الله ما شاء الله … إنك واقفه على رجلك تانى دى أكتر حاجه تسعدنى فى الدنيا …
ورد بإمتنان: وأنى أشوفك مبسوط … دى أكتر حاجه بتمناها فى الدنيا … أنا حاسه إن فيه حاجه إنت مخبيها عليا مش عارفه ليه حاسه إنك تعبان ومش مبسوط يا بابا …
ابو ورد: مين إللى قال كده !!!!! … ده أنا مش قادر أوصف لك فرحتى النهارده قد إيه وأنتى خارجه من المستشفى … عشان كده إحنا مش حنروح على طول …
ورد: أمال إيه ….؟؟؟
ابو ورد: إيه رأيك أعزمك على الغدا زى زمان أنا وأنتى بس ..؟؟
إتسعت إبتسامتها العذبه بإشراقه وهى تجيب بالايجاب على الفور …
ورد: بجد …!! … بس ..أأأ ….
ابو ورد: بس إيه …؟؟
ورد: ورجلى دى حمشى كدة قدام الناس ..؟؟
ابو ورد: ولا يهمك وده باقى أسبوع واحد بس ونفك الجبس ده كمان وتبقى زى القمر …
تحركت “ورد” مستنده على عكازها قائله بمزاح …
ورد: ماشى .. بس إمشى معايا واحده واحده زى العواجيز بقى ..
ابو ورد بضحك: على أساس مين إللى عجوز .. أنا ولا أنتى ..؟؟
بفخر شديد به أجابته غاليته بمحبه وإمتنان لوجوده بحياتها ….
ورد: أنت ….؟؟؟!!! … هو فيه فى الدنيا زيك أنت يا بابا .. ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابدااااااااا …
نظر لإبنته بحزن بالغ كيف سيتركها ببساطتها وبرائتها ونقيها الشديد تصارع الدنيا بمفردها خاصه بعد ما حدث ، شرد للحظات حين تسائلت “ورد” بإهتمام ….
ورد: فيه حاجه يابابا ..؟؟
ابو ورد: لا يا بنتى … يلا بينا …
تحركا معاً وهو يسند إبنته إلى خارج المستشفى لتستقل “ورد” السياره بمساعده والدها من ثم ذهبا إلى المطعم القريب من المستشفى لتناول الطعام …
جلسا بإحدى الطاولات بعدما ساعدها للجلوس أولاً ثم إلتف نحو المقعد المقابل لها لينظر لوجهها العذب الذى يملأ دنياه بالسكينه ….
مدت ورد قدمها المجبره أمامها فهى مازالت غير معتاده على الجلوس بهذا الشكل على المقعد فقد كانت طوال الوقت ممده بفراشها بالمستشفى ….
ابو ورد: المطعم ده مع إنه صغير إلا إنه بيعمل أكل جميل جداً .. حيعجبك أوى … إختارى بقى إللى نفسك فيك وأنا حجيبهولك ….
مد ابو محمد يده بقائمه الطعام لهذا المطعم لتنظر بها “ورد” تحاول أن تختار الطعام الذى تشتهيه ….
شركه الأقصى …
بتحايل شديد وقف “شريف” بمقابله مكتب “يوسف” يحثه على الإنتهاء من عمله فقد تأخرا على موعد طعامهما ….
شريف: يلا بقى .. الساعه خلصت من بدرى … عايز أكل …
يوسف: تمام .. ححفظ بس الملف ده وننزل على طول …
شريف: أيوه كده .. عصافير بطنى بتصوصو يا أخى ….
أغلق يوسف الحاسوب الخاص به بعد حفظ الملف ثم تحرك برفقه “شريف” بإتجاه المطعم لتناول غذائهما …
دلفا لداخل المطعم يبحثان عن إحدى الطاولات الشاغره لتناول وجبتهما حينما طرق إلى آذان “يوسف” صوتاً مألوفاً للغايه ينادى بإسمه ….
تلفت يوسف نحو مصدر الصوت ليجد “عبد المقصود” يلوح له بيده وهو يناديه بوجه مبتسم …
تمعن “يوسف” قليلاً للتأكد أن هذا هو “عبد المقصود” بالفعل فقد لاحظ جلوس إحداهن معه لا يستطيع رؤيتها بوضوح فقد أولته ظهرها …
ابو ورد: إيه ده … ده باينه يوسف …. يوسف …. يوسف ….
إنتبه “شريف” بنداء أحدهم على صديقه ليلكزه بخفه …
شريف: فيه حد بينادى عليك يا “يوسف” ..؟!!
يوسف: ااه … ده أبو “محمد” …. تعالى يا “شريف” …تعالى أعرفك عليه …
شريف: مين ده ….؟؟
يوسف: حقولك يا أخى إمشى بس الراجل بينادى …
•• الفصل الثاني عشر ••
•• من النظرة الأولى ••
المطعم …
دفع “يوسف” رفيقه بخفه ليتقدما نحو الطاوله التى يجلس عليها “عبد المقصود” بعدما أشار إليه بالإقتراب داعياً إياه بوجه مبتسم …
ألقى “يوسف” التحيه عليهم وهو يرحب بـ”عبد المقصود” الذى تفاجئ بوجوده بهذا المطعم …
يوسف: السلام عليكم … أخبارك إيه يا أبو “محمد” …
تغاضى “عبد المقصود” عن نعته بهذا الإسم فلا داعى الآن لإثقال الأمر على “ورد” أكثر من ذلك ليرحب بهذا الشاب الخلوق بحفاوة …
ابو ورد: الحمد لله .. إنت عامل إيه يا “يوسف” يا إبنى … تعالوا إتفضلوا نتغدى سوا أنا عازمكم …
لم يشأ “يوسف” الإثقال على هذا الرجل الطيب ليرفض بشده عرضه السخى …
يوسف: لا والله مش عايزين نزعج حضرتك …
لكن “عبد المقصود” أصر وبشدة على مرافقتهم لهم ليردف بإصرار …
ابو ورد: وده كلام برضه .. أقعد يا إبنى أقعد … إتفضل إنت كمان …
أشار “عبد المقصود” لـ”شريف” لمشاركتهم أيضاً ليومئ له “شريف” بإمتنان …
شريف: شكراً يا فندم ..
أردف “عبد المقصود” معرفاً إياهم بـ”ورد” …
ابو ورد: دى “ورد” بنتى .. أعرفك يا “ورد” ده “يوسف” ساكن فى آخر الشارع عندنا بس إنتوا عمركم ما شفتوا بعض قبل كده ..
للحظه كان يتركز إنتباه “يوسف” بـ”عبد المقصود ” فقط لكنه حين إستمع إليه يقدم إبنته إليه إتجه بنظره نحوها راسماً إبتسامه رسميه للغايه …
رفعت “ورد” رأسها بعدما تركت قائمه الطعام الخاصه بالمطعم من يدها واضعه إياها فوق الطاوله لترحب بـ”يوسف” ..
تلاقت عيناهما بنفس الوقت لتتلاشى تدريجياً تلك الإبتسامه الرسميه التى رسمها “يوسف” على ثغره ليشعر بإضطراب غريب تجاه تلك الفتاه جعله يطيل النظر بها على غير عادته مع جميع الفتيات …
نظرت “ورد” لهذا الشاب مطولاً رغماً عنها وكأنها تعرفه ويعرفها منذ زمن بعيد …
ألفه غريبه إجتاحتها تجاه هذا الشخص الغريب عنها جعلها تشعر بإضطراب لا داعى له ، إضطراب غير معتاد لكنه ممتع .. مبهج لقلبها الذى دق بقوة حتى أنها ظنت أنه يدق بصوت مسموع للجميع …
وجدت نفسها تنجذب لمظهره الجذاب و القوه والفراسه التى تنبع من عينيه اللامعتين …
بينما شعر “يوسف” بتوقف الوقت وخلو المكان إلا منهما بلحظه تلاقى لعيونهم فقط …
سحرته بملائكيتها وبحور عينيها الزرقاء الصافيه … شعر بأن روحه سحبت فجأه وكأنه يعرفها من قبل حق المعرفه …
لم يستطع فهم ما هذا الشعور الغريب برؤيته لها ، حاول قطع تلك الحاله العجيبه التى إجتاحته بالتحدث لكنه أخفق تماماً وشعر بالتلعثم للحظه …
أغمض عيناه لوهله ليخرج من هذا الإحساس الجارف المسيطر عليه فجأه ثم أردف بترحاب ..
يوسف : أهلاً .. وسهلاً …
ضاعت كل كلماتها لحظه سماعه لكلماته البسيطه لتكتفى بإبتسامه هادئه وإيمائه لطيفه كرد لتحيته …
جلس “يوسف” بهدوء إلى جوار “شريف” دون أن ينحى عيناه عن “ورد” .. لكنه تدارك نفسه ليعدل نظرته تجاه “عبد المقصود” وهو يكبح جماح قلبه المنفعل بالحديث معه …
يوسف: أول مره أشوف حضرتك هنا يعنى …؟!!
ابو ورد: لا قلنا بس نتغدى هنا .. و أهى صدفه جميله جمعتنا كلنا .. مش تعرفنى بالأستاذ ..!!!
أشار “عبد المقصود” نحو “شريف” الذى نسيه “يوسف” تماماً ، ليتنحنح بحرج شديد معتذراً بشده …
يوسف : أه صح !!!! .. آسف .. ده “شريف” زميلى فى المكتب … إحنا أصلنا بنتغدى هنا كل يوم .. ما هو زى ما حضرتك عارف الشركه قريبه أوى من هنا …
ابو ورد: أنا كمان بحب المطعم ده جداً … يلا إختاروا بقى تاكلوا إيه وميهمكوش … إللى نفسكم فيه حجيبه كله عشان وردتى الحلوة النهارده …
أنهى عبارته ناظراً نحو إبنته بحنان بالغ لتنكس “ورد” رأسها بخجل من طريقه حديث والدها عنها أمام هذان الشابان ..
ابو ورد: ها يا “ورد” … تأكلى إيه …؟؟
بدون أى تفكير طرأ بتفكيرها ما تشتهيه حقاً لتردف بتلقائية …
ورد: كشرى ….
فغر “شريف” فاه ليردف مازحاً بإسلوبه الساخر المرح للغايه معقباً على إختيار “ورد” لذلك الطبق خصيصاً …
شريف : لا إله إلا الله … أنتى منهم ….؟!!!!
نظرت له “ورد” متعجبه فهى لا تفهم مقصده إطلاقاً خاصه وهى لا تعرفه جيداً بعد حتى يمزح معها ..
ضيقت بين حاجبيها بقوة مستفهمه ماذا يقصد بالضبط حين لحقها شريف بتوضيح على الفور …
شريف: أسف معلش … بس أصل معانا الأستاذ فقرى .. مبيطلبش إلا الكشرى لما معدتى باظت …
أنهى عبارته مشيراً تجاه “يوسف” وهو يضع كفه خلف ظهره ، مما جعل أنظارهم جميعاً تتجه إليه ليردف “عبد المقصود” مندهشاً …
ابو ورد: هو أنت كمان يا “يوسف” بتحب الكشرى ؟!!! .. دى “ورد” بتحبه جداً لدرجه إن كل ما نيجى نطلب أكل تقول عايزة كشرى …
إبتسم “يوسف” لهذه المصادفه التى أسعدته للغايه دون أن يعلم ولم يسعد لتلك الصدفه الغريبه …
يوسف : الصراحه يا أبو “محمد” أنا بحبه جداً وعندى إستعداد أكله كل يوم .. مش بزهق منه …
إبتسمت “ورد” لتخفى إبتسامتها وهى تنظر للأسفل قليلاً بهدوء …
ابو ورد: وأنت يا “شريف” عايز كشرى برضه …؟؟
إنتفض “شريف” رافضاً بقوة وقد لاحت بوجهه علامات الإمتعاض المازح فهو لم يرتاح بعد من إصرار “يوسف” على تناوله يومياً ليهتف متصنعاً قله الحيله …
شريف: لأ يا أبو “محمد” لأ !!! … أنا تعبت … عايز حاجه كده ترم البدن …
ضحكوا جميعاً لخفه ظل “شريف” صاحب الجو المبهج ليطلب “عبد المقصود” الطعام للجميع …
بعد تناول وجبتهم بهدوء تام إستأذن كل من “يوسف” و”شريف” فمازال لديهم عمل يقومان به …
إتجه “عبد المقصود ” بأنظاره تجاه غاليته متسائلاً …
ابو ورد: مبسوطه حبيبتى …؟؟!!
ورد: جداً يا بابا ….
ابو ورد: طب يلا بينا نروح …
أسند “عبد المقصود” إبنته وصولاً إلى السياره أولاً للعودة بعد ذلك إلى البيت …
شركه الأقصى ….
تحرك “يوسف” بآليه وذهن شارد وهو يتجه لمكتبه فى صمت ليثير صمته هذا فضول “شريف” فهو لم ينطق حرفاً منذ ترك “عبد المقصود” وإبنته بالمطعم ليهتف بصديقه مخرجاً إياه من تلك الحاله الهائمه التى سيطرت عليه …
شريف: إيييييه .. إنت رحت فين …؟!!!
إنتبه إليه “يوسف” ليفيق من شروده قائلاً …
يوسف: هاه .. بتقول حاجه …؟؟؟
إبتسم “شريف” إبتسامة جانبيه ذات مغزى بداخل نفسه قائلاً …
شريف: بقول حاجات … سرحان فى إيه … ولااااااا … أقولك أنا …؟؟
يوسف: قصدك إيه …؟؟
شريف: القمر المدغدغ إللى شفناه تحت … إللى من ساعه ما شفتها و إنت مش على بعضك ..!!
هتف به “يوسف” بحده فقد شعر بالإرتباك الشديد ربما لكشف ما يفكر به حقاً وربما لظنه بشئ لم يحدث من الأساس …
يوسف: “شريف” .. إتلم …!!!!!!!
رفع “شريف” حاجباه كاشفاً ما يعتمل من إضطراب بداخل نفس صديقه ربما هو بنفسه لا يدرى سببه حتى الآن …
شريف: متزعلش أوى كده .. إنت بس مش شايف إنت كنت بتبص لها إزاى …. ولا عامل إزاى دلوقتى … عشان أقولك إن الحب بيجى خبط لازق كده من أول نظره مش بتصدقنى …
تهدجت أنفاس “يوسف” رافضاً بالمرة ما يتفوه به صديقه فلا شئ يسمى بالحب من النظرة الأولى ، إنه وهم يظنه البعض ، العشق لابد وأن يتوغل بالعقل أولاً حتى يتملك القلب وليس العكس …
يوسف: حب إيه وهبل إيه !!!!!! .. هو أنا أعرفها أصلاً … متتخيلش حاجات لايمكن تحصل …
شريف: يا سلام ..!! … لايمكن ليه بقى….؟؟ وحشه ؟!!! .. أبداااا …دى بدر منور .. دى ولا الــ…
ثارت نفسه وهو يعدد مزاياها أمامه ليهتف به بغضب حاد مقاطعاً إياه …
يوسف: وبعدين معاك يا “شريف” …!!!
شريف: الله … وأنت زعلت ليه كده بس ؟!!! .. أنا بهزر معاك .. خلاص خلاص متزعلش حسكت خالص أهو …
زاغت عينا “يوسف” قليلاً بعد حديث “شريف” الغير صحيح بالمرة ، فهو متأكد أنه ليس هناك شئ من هذا القبيل ليستطرد موضحاً ما يظنه بالفعل ولا شئ آخر مما يعتمل بعقل صديقه هذا …
يوسف: الراجل ده بعزه زى أبويا بالضبط وليه أفضال عليا وعلى عيلتى وجميل فى رقبتى مش حقدر أوفيه … ده بعد وفاة أبويا كان هو إللى متكفل بينا من غير ما يعرفنا ولا نعرفه … عرف بحالنا من الجيران وإن أبويا كان على باب الله ولا ليه مرتب ولا معاش …
زاد إعجاب “شريف” بهذا الرجل الوقور بالفعل …
شريف: يااه … ربنا يجازيه خير ..
يوسف: مش بس كده .. ده هو إللى إتوسط لى هنا فى الشركه عشان يعينونى بعد ما إتخرجت من الجامعه .. لأن المدير يعرفه كويس …
شريف: ليه هو الراجل ده يبقى مين …؟؟
يوسف: إسمه “عبد المقصود العالى” …
بإندهاش شديد أبدى “شريف” إعجابه بتلك العائله العريقه …
شريف: العالى ..العالى .. !!!! دى عيله كبيره أوى وغنيه أوى …
يوسف: أيوة هم …
إستطرد “شريف” غامزاً ما بين الجد والمزاح يعدد مزايا تلك الجميله أمام “يوسف” مرة أخرى …
شريف: طيب إيه المشكله .. لما يبقى الراجل كويس أوى كده …. وعيله محترمه ….. وبنته ما شاء الله عليها مشفتش فى جمالها وشكلها هادى وخجول … زيك كده .. زعلان ليه لما بقولك تحبها ..؟!!
زفر “يوسف” مستكملاً الإيضاح لصديقه ربما يفهمه هذه المرة …
يوسف: أولاً .. أنا مش بعترف بالحب والنظره الأولى والكلام الفارغ بتاعك ده … ثانياً الأسباب كتيــييييـر جداً … تقف بينى وبين واحده زى دى …
شعر “شريف” بأن هناك أسباب حقيقيه تدفعه لرفضه هذا ليتسائل بجديه …
شريف: ليه ….؟؟ …ممكن تفهمنى …!!!
يوسف: البنت دى إتجوزت من أسبوعين .. و ….. إتطلقت تانى يوم ….
شريف مندهشا: إيه ….؟؟ ليه ….؟؟
يوسف: معرفش .. أبوها مقالش .. وده سبب كبير يخلينى مفكرش حتى فيها ..
شريف: عشان إتجوزت !!! … ولا عشان إتطلقت بسرعه …؟؟!!!
يوسف: الإتنين … أنا عايز البنت إللى أختارها تكون أول واحده فى حياتى … وأنا أول واحد فى حياتها …
بتهكم واضح من تفكير “يوسف” المحدود أردف “شريف” …
شريف: وهى لو إتطلقت عيبها إيه …؟!!! .. ميبقاش تفكيرك راجعى ..!!!
يوسف: الموضوع ده جوايا مسأله تقبل .. مش حقدر أتقبل فكره إنها كانت مع غيرى قبلى …
شريف: ده إنت مُعقد يا أخى … وفيه أسباب تانيه ولا خلاص كده ..؟!!!
يوسف: إنها غنيه … وأنا على قد حالى … مينفعش أتجوز واحده فى مستوى أعلى منى …
شريف: مش بقولك مُعقد .. بس بس .. أسكت بقى متعصبنيش بأفكارك دى !!!! … حكمت على البنت إنها لو عدت تجربه فاشله تفضل عايشه فيها طول عمرها لأنها بقت معيوبه !!!! … وحكمت على ظروفها الماديه إنها لا ينفع تحب وتتحب من واحد من طبقه أأقل شويه ..!!!!
يوسف : إنت مش فاهمنى !!!! … أنا عايز واحده تفهمنى …. تفهم عيشتى وتكون هاديه .. واحدة زى دى أنا مقدرش أعيشها فى نفس المستوى إللى هى عايشه فيه …!!!
ضرب “شريف” بكل أعذار “يوسف” عرض الحائط رافضاً تفكيره بالمجمل …
شريف: الحب مبيعترفش بإللى إنت بتقول عليه ده ….!!!
يوسف: قلتلك كل حاجه بتيجى بالإختيار الصح والعقل والتفكير .. الجواز ملهوش دعوة بالحب …
بنظرة ساخره تطلع “شريف” نحو صديقه قبل أن يردف بتحدى لما سوف يحدث …
شريف: تفتكر ؟!! … بكره نشوف …!!
وأكمل فى نفسه … ” ده إنت وقعت وأنا شفتك … مكنتش قادر تبعد عنيك عنها … بكره نشوف مين إللى حيغير مين … ؟!!! ”
ورد …
ويعود الورد لمنبته وتعود الحياه إليه …
دلفت “ورد” لداخل بيتها تشعر بالأمان والراحه الذى إفتقدتهما بشده …
جلست قليلاً برفقه والدها ملتزمه الصمت لبعض الوقت لتتخذ القرار بسؤالها لوالدها هذا السؤال الذى شغل تفكيرها منذ لقائها به لتردف بنبره مرتبكه خفق لها قلبها الصغير بقوة …
ورد: بابا … هو مين “يوسف” ده …؟؟
ابو ورد: جارنا هنا أعرفه من زمان من سنين و هو صغير … بشوفه كل يوم فى صلاة الفجر ..
مجرد ذكره بحرصه على الصلاة وخاصه صلاة الفجر التى لا يداومها منافق مطلقاً أطلقت دهشتها وإعجابها معاً فلم يعد هناك من يلتزم بذلك إلا نادراً …
ورد : كل يوم ..!! .. بيصلى الفجر فى المسجد كل يوم …؟!!
ابو ورد: أيوة يا بنتى .. راجل بجد .. شال مسؤوليه أمه وأخته بعد وفاة أبوه … وإشتغل .. عزيز النفس بصراحه …
زادت إعجاباً به وفخراً بما فعله منذ صغره لكنها تعجبت من عدم ذكر والدها عنه من قبل …
ورد: بس أنت عمرك ما إتكلمت عنه ..؟!!!
ابو ورد: مجتش فرصه بس … يلا إدخلى إنتى إرتاحى … أنا خليت “نجاح” تنقل حاجتك فى الأوضه إللى تحت عشان رجلك .. عارف إن السلم حيبقى صعب عليكى …
ورد: تسلملى يا أحن أب فى الدنيا … أنا داخله أرتاح شويه ..
ابو ورد: وأنا كمان حاسس إنى تعبت من السواقه حطلع أنام شويه …
مع شعوره بالإعياء الشديد وإزدياد الالم الملم به جعله منهك غير قادر على الوقوف لكنه أخفى ذلك عن غاليته ولم يشأ أن يسبب لها القلق …
حاول أن يستريح قليلاً على فراشه بعدما تناول من تلك تلك الأقراص المسكنه التى وصفها له الطبيب ، معلقاً عيناه بتعب لينال قسطاً من النوم فربما يرتاح قليلاً …