
-أديني سبب واحد خلاك تصدق كذبتهم يا شريف وتقع فى فخهم؟
تنحنح “شريف” بتوتر وهو جالسًا أمام “جمال” على المقعد المجاور وقال بنبرة خافتة:-
-أنا أسف على الموقف اللي حطت حضرتك فيه، لكن صدقني أنا حست بصدق فى كلامهم والبنت ميبانش عليها أنها بتشتغل فى الدعارة ولا حتى عمرها دخلت كباريه وتقدر تغري رجل، أنا شوفت فى وشها براءة وطفولة ة من العذاب، أزاى هتغري رجل أو حد تحاول تثيره وهي بتخاف من كل الرجالة وبتترعب من وجودهم على طول متعلقة بذراع مربيتها، عقلي وعيني مصدقوش اللي بيتقال؟
صمت “جمال” قليلًا أن يجيب عليه ومرر أصابعه ب على ذقنه ولحيته حركته المُفضلة عندما يفكر وقال:-
-ماشي، معاك 24 ساعة بس تعرف ليا عنها كل حاجة، لكن أفتكر 24 ساعة بس لو مجبتليش اللى يقنعني ببراءتها هرميها برا باب قصري يا شريف
أومأ إليه “شريف” بنعم ثم وقف لكي يغادر من المكان لكن أستوقفه صوت “جمال” القوي يقول:-
-أتصل براغب وقول يعتذر النهار دا عن فتح الوصية أنا مش هفتح الوصية 24 ساعة وخلال هذا ال24 ساعة أعرف كل حاجة عنها مهما كلف الأمر
تبسم “شريف” بحماس شديد لهذا الرجل ثم قال:-
-زي ما تحب يا مستر جمال
غادر “شريف” المكان بينما دلفت “حنان” إلى المكتب وسارت فى خطوات هادئة حادقة بهذه الرجل الذي تحولت حياته الهادئة لفجوة كبيرة مليئة بالمشاكل والكوارث، كان “جمال” مغمض العينين ومُتكأ بظهره على ظهر المقعد من الخلف مُنهكًا بحق، وقفت قرب المكتب بهدوء ثم تنحنحت بخفوت تنذره بوجودها ليقول دون أن يفتح عينيه:-
-فى أية تاني يا حنان؟
تحدثت بنبرة هادئة:-
-أتصل الأمن وبيقولوا أن والد الهانم الصغيرة مريم بيتخانق معهم على باب القصر عايز يدخل ويشوفها
فتح عينيه مع كلماتها وعقله لا يفكر سوى فى شيء واحدًا وهو رجاء “مريم” منه بألا يترك “حمزة” يأخذها وطلبها منه بأنقاذها، كل هذه التصرفات تنذره بوجود شيء خبيث وسيء بوالدها ولهذا تخشاه أكثر من أى رجل أخر فقال ب :-
-روحي أنتِ دلوقت
وقف من مكانه وخرج من مكتبه مُتجهًا إلى الأعلي حيث غرفتها وطرق الباب قليلًا حتى سمع صوت “سارة” تأذن له بالدخول، فتح الباب بلطف ودلف ليراها ما زالت نائمة فى فراشها مُنذ أن جلبها صباحًا من المستشفي لكن الأن قد فتحت عينيها لكن ما زال جسدها كما هو دون حركة فقال بحرج من فعلته:-
-باباكي تحت وحابب يشوفك!
كلمات قليلة تفوه بها لكنها فعلت الكثير بها فجعلتها كلماته تنتفض من فراشها وهى تقول بخوف:-
-لا… سارة أعملي حاجة رجاءًا
نظر إلى “سارة” التى وقفت حائرة لا يمكنها فعل شيء الآن وإذا أمر “جمال” بخروجهما من منزله سيخرجون دون معارضة، شعرت “مريم” بعجز “سارة” لتنظر إليه وهو واقفًا وذهبت نحوه بحزن شديد وتقول:-
-أنا عارفة أني كذبت عليك بموضوع الحمل وفعلًا أنا أسفة لك بس ممكن متخلهوش يأخذني وممكن تعاقبني على كذبتي زى ما تحب
تطلع “جمال” بعينيها الباكية ويديها المتشابكتين أمام وجهها وتترجاه بكل ضعف أن يعاقبها لكن لا يسمح لوالدها بأخذها، نظر “جمال” إليها وقال بخبث:-
-أعاقبك!! أزاى ممكن أعاقبك ؟ أنا مبقدرش أتحمل المخادعين
مسحت دموعها بأناملها الصغيرة ثم قالت:-
-والله زي ما تحب، حتى لو حبت تخلينى خادمة هنا فى القصر مش هعارضك أقسم لك
تسائل كثيرًا ماذا يفعل بها “حمزة” لتفضل الخدمة فى منزله وتكن خادمة علي أن تكن سيدة القصر ولا تذهب معه فقال:-
-معقول!! بعد ما بقيت سيدة القصر بفضل أخي المرحوم أجي أنا أخليكي خادمة القصر…..
_________________________________
وصل “شريف” إلى المزرعة التى كانت تعيش بها “مريم” أن تذهب للقصر، ترجل من السيارة ليري عامل الحديقة يرعي الزرع والخضرة فأقترب منه ليقول:-
-مساء الخير!
نظر العامل له بهدوء مُستغربًا وجود شخص داخل المزرعة فقال:-
-مساء النور يا بيه، أمر؟
-أنا كنت جاي أسأل عن مريم؟
قالها “شريف” بنبرة هادئة لكن رغم هدوءه أشتعلت نيرة الخوف والرعب بهذا الرجل ليعطيه ظهره بخوف من التفوه بشيء ثم قال:-
-أنا معرفش عنها حاجة، من ساعة ما أتجوزت البيه الله يرحمه وهي مخرجتش من باب البيت ممكن تسأل الشغالة هناك، حل عني يا بيه أنا مناقصش مشاكل
حديثه وخوفه جعله “شريف” يشعر بريبة فى الأمر وتأكد بأن هناك شيء غامض وخطير خفي يجعل هذا الرجل يرفض الحديث معه، أتجه إلى المنزل عازمًا أمره على كشف الحقيقة ومعرفة الماضي الذي تحمله “مريم” داخلها وكما يبدو بأنه ليس بأمر هين نهائيًا ……
يتبع…رواية جمال الأسود الحلقة الثالثة
نظرت “مريم” إلى وجهه وهو واقفًا أمامها حازمًا أمره على أخراجها لوالدها فبدأت ترتجف وهى تجيب عليه بصوت متقطع مع شهقاتها القوية هاتفة:-
-صدقنى الخادمة هنا أفضل من كوني سيدة قصر بواسطة حمزة، تمام كالفرق بين الجنة والجحيم
حدق “جمال” بها وهى ترتجف باكية ضعفًا وألمًا وحتى لم تلقب “حمزة” بأبًا لها بل نطقت اسمه هكذا، أزدردت لعابه بتوتر شديد ثم قال بجدية:-
-ماشي، إحنا هنلعب لعبة لو كسبتي هسيبك تقعدي فى قصري وأوعدك أن الرجل دا مش هيلمح ظلك أبدًا لكن لو كسبت أنا هتخرجي من قصري للأبد ومتخلنيش أشوف وشك تاني
ترددت كثيرًا فى الموافقة وهى لا تعلم ماذا ستلعب وكون هناك أحتمال لمغادرتها جعلها ترتعب خوفًا، نظرت إلى “سارة” لتشير لها بألا تفعل لكن “مريم” لم توافقها الرأى وقالت:-
-ماشي موافق، وإذا خسرت هعتبرها إشارة من ربنا على موتي… أيه هي اللعبة؟
غادر الغرفة بوجه حادة غليظ بعد أن أخبرته انها على أستعداد للأنتحار والواد بحياتها على أن تعود مع “حمزة”، قال بحزم:-
-حصليني
_____________________________
“مــــزرعة الفيــــوم”
وضعت السيدة كوب الشاي الساخن علي الطاولة ثم جلست أمام “شريف” ليقول :-
-مريم!!
تنهدت السيدة الخمسينية بهدوء ثم قالت:-
-مريم طفلة عجنها القدر، صدق اللي قالته سارة، أه حمزة أبتزاز ورجل حقير متعاشرش، مريم ما عرفت طعم الحياة والأمان غير من اللحظة اللى بقيت فيها زوجة لمختار بيه، حمزة كان بيجي يشوفها من فترة للتانية وكل مرة لازم يديها علقة والتانية وحرمها من تعليمها وطفولتها دمرها و برائتها، بنت يتيمة الأم وكأن ربنا حرمها من الحب والحنان مع حرمان الأم، ربنا يرحمها بقي له حكم فى كل حاجة
-مريم أتجوزت مُختار بيه أزاى؟
سألها بنبرة هادئة لترتبك كثيرًا أن تجيب عليه وبدأت تتحاشي النظر له فقال بهدوء ونبرة مُطمئنة:-
-أتكلمي وأوعدك أن محدش هيعرف باللي هتقوليه نهائيًا لكن أنا محتاج أعرف اتعرف عليها أزاى
أجابته السيدة بتوتر شديد وبدأت تفرك أصابع يديها الأثنين معًا قائلة:-
-كان دايمًا بيسمع عن البنت اللى فى جنينة اللي عايشة فى الأسطبل مع الخيل مني، مريم كانت قنوعة وراضية رغم حرمانها من التعليم والأحلام زى أى بنت فى سنها لكن قدرت تخلق سعادتها هنا وسط الطبيعي والأرض الخضراء والزرع والخيل، أتعلمت ترويض الخيل مع جوز عمتها اللي جابها هنا تعيش معرفش كانت قساوة منه ولا رحمة لما مراته ماتت ومبقاش موجود فى البيت غيره هو وابنه فخاف عليها بعد ما بدأ جسمها يتغير وتكبر وجابها هنا، كن نص الحكاوي اللى بحكيها للبيه عن المزرعة والناس هنا عن مريم لكن فى مرة جه زيارة مفاجئة لينا وسمع صويت وحد بيطلب النجدة
-كانت مريم!!
سألها “شريف” بفضول شديد لتقول:-
-كانت بتتعذب وتموت بالبطيء، حمزة كان هنا فى زيارتها وكالعادة مجرد ما بيجي بتنطفي وسعادتها بالتدمر كان دايمًا شايف أنها السبب فى موت مراته خصوصًا أنها ماتت أثناء ولادة مريم، كان بيحب مراته جدًا ومن بعد موتها أنتقم من نفسه فى شرب المخدرات ومن مريم بتعذيبها كونها السبب..ـ، وقتها حكيت لمختار بيه عن العذاب اللى بتشوفوا مريم الطفلة الصغيرة وقرر أنه يتجوزها لكن معرفش بأنها طريقة ولما عرف أن حمزة بتعاطي أديله كمية كبيرة وهو عارف انه راجل طفس وطلبه بالفلوس ومكانش معه فقرر أن يكون التمن مريم، أنا عارفة ان كل الناس بتكرهه وشايفين أنه وحش لكن مريم كانت الحسنة الوحيدة فى حياته، كتب عليها وكان دايمًا بيسمع عنها وعمره ما شافها لكنه شافها يوم الجواز ووقتها كان جايبلها هدية حصان وسارة مربية ليها تعتني بيها عوضًا عن امها اللى ماتت…
_____________________________
خرج “جمال” من القصر كاملًا وخلفه “مريم” ثم “سارة” تراقبهما، وقف أمام السياج لترى “حاتم” يخرج من منزل الخيول جالبًا فى يديه الأثنين فرس أبيض جميلًا و”إيلا” فرستها المحبوبة وصديقتها الوحيدة لتبتسم “مريم” بحماس وقد تلاشي خوفها ثم قالت:-
-عايز تركب الخيل؟
نظر لبسمتها المشرقة وكأنه قد نال مراده من هذه اللعبة، تلاشي خوفها وتوقفت عن البكاء فمنذ الوهلة الأولى التى طلبت فيها حصانها عن المال علم جيدًا أنها تعشق الخيول وركوبها على “إيلا” كان بمثابة نيل الحرية من سجنها الأليم، توقف العامل أمامهم وترك الخيول ثم غادر فقالت:-
-أيه هى اللعبة؟
تبسم وهو يرحب بحصانه الأبيض ثم قال:-
-دا مرجان فرسي الغالي ولا مرة سمح لحد يركبه غيري، لو قدرتي تركبي علي ظهره وخلصتي 10 دورات فى 10 دقايق داخل السياج هسيبك تقعدي فى قصري
نظرت إلى “إيلا” بحزن فحماسها وبسمتها كانوا لأجل “إيلا” فرستها الجميلة الساحرة والركوب عليها فقالت بع :-
-خليهم مائة أو ألف لكن على ظهر إيلا
ألتف إليها بوجه حاد ثم قال:-
-أنا عارف أنك ماهرة جدًا فى ركوب إيلا فبكل الأحوال هى حصانك لكن وريني قوتك وماهرتك على مرجان وفى المقابل أنا هركب على ظهر إيلا
أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها ب ة ألجمتها وقالت بسخرية بريئة:-
-إيلا حصان بري مبتسمحش لحد يقرب منها أو يركبها
تبسم بعفوية وهو يقول:-
-دي مشكلتى أنا
تنهدت بأغتياظ شديد وعينيها تحتضن عيني “إيلا” ثم قالت:-
-أتفقنا
ربتت على عنق “إيلا” حتى صعد عليها “جمال” كأنها أخبرت صديقتها أن تكون جيدُا وتحسن معاملته لأجلها فهو قادر على تدمير حياتها بكلمة واحدة ثم قالت بع :-
-أمسك كويس لأن حصاني عنيدة وشقية
أقتربت من “مرجان” ليعود للخلف رافضًا صعودها عليه، أعطي “جمال” الساعة إلي “سارة” لتكن حاكمًا بينهما، أقتربت “مريم” منه وقالت:-
-أهدأ .. اهدأ
أصدر صهيله وهو يرفع عنقه للأعلي رافضًا رفض قاطع ركوبها على ظهره، عكس “إيلا” التى كانت هادئة مما جعل “جمال” يطمن جدًا وبدأ السباق أن تصعد “مريم” على ظهر حصانه، ركضت “إيلا” به بخطوات ثابتة حتى أنهت اللفة الأولي وصعدت “مريم” بدلال على ظهر “مرجان” ودخلت السياج فى هذه اللحظة بدأت “إيلا” فى التذمر والعناد رافضة وجود غريب على ظهرها لتسرع من قوتها وهى تهز رأسها بقوة مُحاولة إفلات شعرها الطويل من “جمال” لكنه كان فارسًا ماهرًا تمامًا كـ “مريم”، ركضت “مريم” بحصانه وهى تتقرب إليه بحنانها ولمساتها الناعم فهى تملك الكثير من الخبرة فى ترويض الأح..صنة، كان “جمال” يسبقها بدورة لكن مع تذمر “إيلا” جعل “مريم” تقترب منه بحماس وهى تصدر صافرة بفمها فهمتها “إيلا” جيدًا وبدأت تهدأ من حركتها وتذمرها فنظر “جمال” إليها بدهشة من ترويضها إلى “إيلا”، تبسمت “مريم” بفخر رغمًا عنها وهى تهز
كتفيها الأثنين للأعلى بمعنى أنها ماهرة لا شك، شعر “جمال” بقشعريرة فى قلبه من بسمتها فعاد للنظر مرة أخرى للأمام بخوف من هذه الفتاة، كان “جمال” يسبقها بفضل ترويضها لـ “إيلا” ومساعدته فى توقف فرستها عن التذمر لكن “مرجان” لم يكن كإيلا رحيمًا مع راكبه فأرتطامًا بالسياج قاصدًا التذمر على “مريم” فقد وصل لأقصي درجات ال من ركوبها عليه لت “مريم” بألم من قدميها التى أعتصرت فى السياج الخشبي، ألتف “جمال” برأسه ليراها تتألم وفرسه ما زال يتذمر ويقفز بجنون لإسقاطها فتمتم بخوف قائلًا:-
-خلينا نروح لها ما يأذيها
وكأن “إيلا” فهمت ما يقول لتسرع فى خطواتها وعينيها على “مريم” لا تفارقها وتصدر صهيلها بخوف شديد على صديقتها، تشبثت “مريم” جيدًا فى لجام الفرس مما جعل “مرجان” غاضبًا فبدأ يدور حول نفسها مرات متتالية لتشعر “مريم” بدوران شديد وتركت اللجام وجسدها فقد توازنه لتسقط من فوق مرجان فأسرعت “إيلا” أكثر نحوها وهى تراها تهتز وعلى وشك السقوط فأمسكها “جمال” وهى تسقط بذراعه وجذبها بقوة إلى صدره، تشبثت به بقوة وهى جالسة أمامه ولفت ذراعيها حول عنقه بأحكام وذراعه يحيط بخصرها حول ظهرها والأخر يمسك بإيلا، شعر بأنفاسها ت عنقه بجنون وصعوبة فقال هامسًا:-
-حصل خير
تساقطت الدموع من عينيها على عنقه ليشعر بحرارتها وسمع صوتها المبحوح قائلًا:-
-ممكن نكرر مرة تانية، أرجوك أوعدك أني هكسب بس أدينى فرصة رجاءً
لم تترك القشعريرة قلبه من قربها إليه وضمه إليها أشعره بدفء لم يشعر به من فلم يتمالك نفسه وبدأ يربت على ظهرها بلطف وهمس قائلًا:-
-ممكن تبطلي عياط، مش هخليه يأخدك خلاص
توقفت “إيلا” أمام “سارة” فأخرجها “جمال” من عناقه وأعطاها إلى “سارة”، تشبثت “سارة” بها جيدًا وقالت:-
-أنتِ كويسة، إن شاء الله ما يكون حصلك حاجة؟
هزت رأسها بالنفي، بينما “جمال” ترجل من فوق “إيلا” وغادر أمامه بحرج وأرتباك شديد فى قلبه، سارت مع “سارة” بتعب وتشعر بألم فى قدمها لتهمس “سارة” إليها قائلة:-
-رجلك بت ك؟
نظرت “مريم” بحرج على “جمال” وهو يسير أمامهم وقالت هامسة حتى لا يسمعها:-
-لا خالص، دى أت ت
أستشاطت “سارة” غضبًا من هذا الرجل لكن “مريم” أربتت على يدها بلطف وصعدت إلى الغرفة مُبتسمة لموافقته على بقاءها وأتصل “جمال” بالأمن ليصرفه “حمزة” أن يتصل “جمال” بالشرطة وبالفعل هرب “حمزة” فور سماعه كلمة الشرطة…
__________________________
خرج “شريف” من المرزعة مذهولًا مما سمعه ونظرت هذا العامل تراقبه عن كثبه وتجعله يرغب فى معرفة المزيد وحتمًا هناك ما يخفيه هذا الرجل، صعد بسيارته ثم أنطلق إلى القصر وفي طريقه حاول يرتب الأحداث والكلمات التي سمعها ليجمع خلاصة حياتها وما مرت به، ربما صدقت “سارة” عندما أخبرته أن “حمزة” هو الجحيم لها وتحتاج لمساعدته حتى تخلصها منه، لكن “جمال” هل سي ببقائها لفترة أطول داخل قصره فربما هي تخشي “حمزة” لأنها تعرف مكره و ه لكنها لا تعرف من هو “جمال” وماذا سيفعل بها وكيف يكون فى قسوته، ما زالت لا تعرف أنها تركت عرين الشبل ودخلت لعرين الأسد ….
_________________________
دق باب الغرفة مساءًا ودلفت “حنان” وخلفها بعض الخادمات يحملون الكثير من الحقائب ثم قالت:-
-مستر جمال بعت لك الحاجات دي
نظرت “مريم” بقلق إلى “سارة” لتقترب من الحقائب وتفتحها وكان بداخلها الكثير من الملابس والأحذية ومستلزمات كثيرًا لأجلها فقالت “سارة”:-
-هدوم عشانك
أومأت “مريم” بهدوء لها فغادر الجميع، قالت “سارة” بقلق:-
-مريم أنا مش واثقة فى الرجل دا، متثقيش فيه كتير
جلست “مريم” على المقعد بصمت ثم وضعت الوسادة على قدميها وقالت بشرود:-
-عارفة لكن تعرفي يا سارة هو دافئ
تعجبت “سارة” من كلماتها وذهبت نحوها بدهشة وبعد أن جلست حدقت بها وقالت:-
-نعم!! مريم متفكريش بأى حاجة نهائيًا غير أنك تأخذي ورثك منه كونك زوجة المرحوم مختار او على الأقل تأخدي أى مبلغ يعرضه عشان نقدر نهرب بيه بعيد عن حمزة وتبدأي حياتك وترجعي لتعليمك وتعيشي، أوعي تنسي إحنا هنا ليا ووصية المرحوم جوازك لازم تتفتح، أوعي تفكري أن قربك من جمال حل وممكن يكون فى صالحك إحنا فى غني عن الوقوع مع الكبار والرجالة وكفاية علينا حمزة، أوعي تنسي أن جمال لو عرف بالماضي واللي حصل هي نا إحنا الأثنين عارفة دا ولا لا؟
تأففت “مريم” ب شديد ثم قالت:-
-أساسًا لو حمزة عرف أني شوفته بي مُختار بأيده هيقلتني أنا كمان، متنسيش أني شوفته يعني شاهدة على جريمة ودا كفيله بلف حبل المشنقة حول رقبته
أنتفضت “سارة” خوفًا من أن يسمعهم أحد ووضعت يديها على فم “مريم” بخوف وقالت:-
-قولتلك تنسي الليلة دى بكل اللي حصل فيها مش بس الجريمة ومتتكلميش عنها حتى قصاد المرايا مع نفسك يا مريم
أحتضت “مريم” وسادتها بخوف وهى تتذكر الماضي ثم قالت:-
-أنسي! سارة أنا ولا مرة نمت فيها بسلام وأنام بعد الليلة دى من بداية اللى عمله مُختار فيا و حمزة له، الكوابيس ملازمني كأن حياتي كان ناقصها اليوم المشئوم دا، أزاى أنسي دا، أنا عارفة أن الجحيم جاي جاي هي بس مسألة وقت
أخذت “سارة” يدها الصغيرة بين راحتى يديها ونظرت إلى “مريم” بدفء ثم قالت:-
-صغيرتي أنا معاكي ومش هسيبك نهائيًا لكن حرصًا مننا متقربيش من جمال وأبعدي عنه قدر الإمكان لحد ما يجي الوقت المناسب ونهرب من هنا…
أومأت “مريم” إليها بهدوء ثم وضعت رأسها على قدمي “سارة” لتنال قسطًا من الراحة فى مأواها الوحيد ربما لا تأتيها الكوابيس وهى بقرب “سارة”..
_________________________
فى الوقت نفسه كان “جمال” جالسًا فى مكتبه وفتح أحد الأبواب السري ثم دلف إلى الغرفة وكانت صغيرة والحائط مليء بالصور والملاحظات ويتوسطه صورة “مُختار” ليقول ب شديد:-
-أنت فين يا مختار؟ إذا كنت ميت فعلًا فين جثتك؟ أنا وأنت عارفين كويس أن الجثة اللي أدفنت مش أنت وأني وافقت الشرطة علي أنها أنت عشان التحقيقات لأني تعبت مش قرفك لكن فين جثتك الحقيقية يا مختار وأيه اللي حصل معاك؟
سمع صوت باب المكتب يدق فخرج من الغرفة مُسرعًا وأغلقها ثم أذن بالدخول ودلف “شريف” بعد أن عاد من المرزعة ليقول:-
-أتمني مكونش أتاخرت؟
هز “جمال” رأسه بلا، أقترب “شريف” منه وهو يقدم له الجهاز اللوحي وقال:-