
… رؤيتها لوجه أميرة جعلها تتنهد ، فتاة لا يزيد عمرها عن الثالثة أو الرابعة عشر ، رائعة الجمال ، الجمال المصري الأصيل ، وليس الجمال الغربى ، بشرة صافية بوجه مستديرة ، وعيون رمادية واسعة ، أنف صغير ، وشفاة مكتنزة وصغيرة الحلقة كخاتم سليمان ، بالإضافة لشعر اسود قاتم وناعم ، قصة منه مفرودة على أحد جانبى جبهتها ، والباقى كله متجمع ومنزلق على أحد جانبى رقبتها ومربوط بطوق صغير حتى لا يزعج تثبيت رأسها على الكرسى . لكن للأسف ، كل هذا مع رأس مثبت على ظهر الكرسى العالى مع تثبيت باقى جسدها بأربطة فى الكرسى ،
حتى زراعيها ، لا يتحرك من الفتاة غير حدقتا عينيها من جانب لآخر ، واصابع يدها مثبتة على لوحة صغيرة بها أزرار لتحرك بها الكرسى الذى تجلس عليه ، حاولت رانيا تمالك نفسها و تابعت كلامها .. الاتنين ، دكتورة وفى نفس الوقت قريبتك ، ولما عرفت ان دكتورة سامية موجودة هنا ، قلت اجى اشوفك ، ومش عشان ادرس الحالة زى ما بتقولى ، لأنى بيطرى اصلا ، جيت عشان عايزة اشوفك انتى … تأملتها أميرة لثوانى دون أن ترد ثم قالت … ليه ؟ اسألة هذه الفتاة حقا قوية ومربكة ، … هو ايه اللى ليه ؟ …
عايزة تقابلينى ليه ؟ الصمت كان الطاغي على المكان بعد هذا السؤال ، فرانيا لم تكن تعرف ماذا تخبرها ؟ هل تخبرها الحقيقة ، لكن ما هى الحقيقة من الأساس ، حتى رانيا نفسها لم تكن تعرف سببا لكل ما تفعل ، بادرتها أميرة بسؤال أصعب قائلة ، … بلاش السؤال ده ، مع الوقت هعرف إجابته ، قوليلى انتى جاية من عندنا ؟ … عندكم منين … … عندك حق مينفعش أقول عندنا عشان مبقاش ، جاية من بيت أهلى … استشعرت رانيا الحزن والأسى من كلام أميرة ، يبدوا انها حزينة من وجودها فى هذا المكان ، وبعيدة
عن أسرتها ، … ايوة ، انا جاية من هناك … … تعرفى اى أخبار عن ماما ، هى كويسة ولا لأ … كان هذا السؤال هو حقا من جمد جسد رانيا تماما ، ولم تعد قادرة على الحركة والكلام لثوانى متواصلة ، الآن كيف ستخبرها عما حدث ، وأن لم تخبرها ، ماذا ستقول ، الفتاة لماحة وستكتشف كذبها بسهولة . لم ينقذها غير صوت الشخص الواقف على الباب وهو يقول … مساء الخير … وكما فوجئت رانيا به ، تفاجأ هو الآخر بوجودها ، هنا أتى صوت أميرة بفرحة … عمو نادر ؟ الحلقه 4 👆👆👆 … تعرفى
اى أخبار عن ماما ، هى كويسة ولا لأ … كان هذا السؤال هو حقا من جمد جسد رانيا تماما ، ولم تعد قادرة على الحركة والكلام لثوانى متواصلة ، الآن كيف ستخبرها عما حدث ، وأن لم تخبرها ، ماذا ستقول ، الفتاة لماحة وستكتشف كذبها بسهولة . لم ينقذها غير صوت الشخص الواقف على الباب وهو يقول … مساء الخير … وكما فوجئت رانيا به ، تفاجأ هو الآخر بوجودها ، هنا أتى صوت أميرة بفرحة … عمو نادر ؟ رد نادر وهو قاسائل حيوي من عند الباب وعينيه معلقة برانيا … عيون عمو نادر … … وانتى
ياروحى ، وحشتينى جدا جدا جدا … ومال على رأسها وقبلها ، وجلس وقال … عاملة ايه ياميرة ، اخبارك ايه … … زى اهرامى بالظبط ، ما انت عارف مفيش تغيير … واضح تماما أن الفتاة تحبه ، وهو أيضا ، ويبدوا أنه دائم المرور عليها ، التفت نادر لرانيا وقال .. أول مرة اعرف انك تعرفى أميرة و بتزوريها .. لاحقت أميرة رانيا بالرد وهى تقول … دى اول مرة تيجى هنا ، وكنا لسة بنتعرف قبل ما انت تدخل … … واتعرفتوا ولا لسة ؟ … لسة .. … اعرفك انا بيها ، فاكرة جدو حسن ،
اللى جابلك كتابين للفرابى السنة اللى قبل اللى فاتت … … ايوة طبعا فاكراه. .. … اهى دى ياستى ، تبقى الدكتورة رانيا ، بنته .. .. والله ، أهلا بيكى … ردت رانيا بفرحة رغم دهشتها العارمة من أنه قد علم بهويتها ، معنى ذلك أنه قد سأل عليها هو الآخر . .. أهلا وسهلا بيكى انتى … .. هو مجاش معاكى ليه .. وقبل أن تجيب رانيا ، عادت أميرة فيما قالت ، … ولا خلاص ، وهو هييجى هنا ليه … … لأ صدقينى والله ، بابا تعبان جدا ، حتى مجاش معانا هنا ، وفضل هناك
فى طوخ … لم تحيد عينيه عن رانيا طوال حديثها مع أميرة لكنه التفت فجأة لأميرة وانمحت من على وجهه الابتسامة عنسائل حيويا سألته … ماما أخبارها ايه ياعموا ؟ وعلى اثر رد فعله ، تأكدت شكوك أميرة إنه يوجد شئ لا تعلم به وهم يخفونه عنها ، فسألت بأحرف مترددة … هى جرالها حاجة وانتوا مش عايزين تقولولى، تعبت تانى … لم يرد عليها وصمت الجميع من حوله ، وبدأ تبادل النظرات بينه وبين رانيا عن كيفية أخبارها بالأمر ، فيما بدأت سامية تفهم مسار الحديث الفعلى ، حاولت الهاء أميرة لكن دون جدوى ، مد نادر يده ووضعها
فوق يد أميرة ، وبنظرة حنونة مملوءة بالحزن قال ، .. أميرة ، انتى عارفة أن ماما كانت تعبانة اوى فى الفترة الأخيرة ، وكنا حطين كل الاحتمالات وبعدين …. قاطعته أميرة بنبرة حادة قائلة … ماتت ، صح ؟ تلجم نادر ونزلت عينيه للأرض ، فيما خانت السائل حيويوع رانيا وانسالت على وجهها رغما عنها ، ولم يرد اى منهم عليها ، تحجرت عين أميرة وتثبتت نظرتها للفراغ ، ثم قالت بضعف وحزن معتديين : … من امبارح وانا حاسة ان ماما كش كويسة ، حلمت بيها مرتين ، ودى عمرها ما خصلت ، ممكن لو سمحتوا تسيبونى لوحدى
شوية … لم يعترض نادر وأشار للجميع بالخروج ، وفعلوا ، قبل أن يخرج انحنى عليها وقبلها من رأسها وقال … أنا هكون برة ، وهجيلك بعد شوية ، انا بس هسيبك مع نفسك شوية … خرج من الباب ، وجد سامية ورانيا ينتظرانه فى الخارج ، قالت رانيا … مكانش فى داعى تقولها … … وبعدين ، هتفضلى تأجلى لحد امتى ، كدة كدة هتعرف ، وبعدين أميرة قوية ، متقلقيش عليها … قالت دكتورة سامية … فعلا يارانيا ، أميرة قوية اوى ، أن شاء الله هتعدى الموضوع ده ، زييه زى غيره ، بس معلش ، استأذنكم
انا عشان عندى شغل ، وهرجع لأميرة تانى .. رد الاثنين فى نفس الوقت … اتفضلى .. …………………………………….. مازال عدد المعزيات يتزايد ، البيت من الداخل مزدحم جدا بهم ، لكن هذا لم يمنعه من الدخول والبحث عنها ، فقد طال انتظاره فى الخارج ينتظرها لتخرج ، دخل بين المعزيات وكأن هدفه الاطمئنان على والدته المريضة ،وعينيه تصول وتجول بين النساء من أن لآخر يبحث عنها ، وصلت عيناه لما أراد ، الحاجة رضا ، لكن أصابه الضيق عنسائل حيويا لم يجدها بجانبها ، وترك المكان وخرج سريعا ، وبالطبع لاحظت الاختان هذا ، وسعدا به ، مالت راضية على
رضا وقالت … شوفتى ، كدة واضحة اوى … …أه تصدقى كان باين عليه … … كدة فاضل على الحلو دقة ، نطير بنت منصور ، وبنتك تاخد مكانها ، عايزاكى تعقليها كدة ، عشان نشوف هنعمل ايه … … ربنا يستر ، رانيا سائل حيوياغها زى أبوها ، ميكسرهاش شرخ … ……………………………………… فى نفس الوقت ، كانت رانيا تجلس مع نادر فى كافيتيريا مركز التأهيل ، … زى ما قلتلك سامية ، أميرة قوية وهتتحمل ، ياما شافت ، بالرغم من سنها الصغير … .. بس كدة كتير ، حرام … … المشكلة انها كدة هتحس انها بقت وحيدة
، أمها ماتت ، أبوها جاد وقلبه حجر ، وبابا وماما أصعب واصعب ، انا مش عارف البنت دى هتروح فين … … مهو لازم يكون فى حل نساعدها بيه … … كل الحلول فى ايد أبوها ، هو مفتاح كل حاجة ، وهو رافض يعملها اى حاجة ، ده حتى حابسها ومانع عنها الزيارة تماما ، غير بإذنه هو بس ، ومش فاهم ليه … … ما تتكلم معاه انت ، مش انت أخوه .. … ههههههههههه ، أخوه ايه بس ، محسن لو طال ينفينى من الوجود هيعملها … … وبعدين … أطال النظر لها قليلا ، حتى
لاحظت وسألته … بتبصلى كدة ليه … .. أنتى فعلا مهتمة بيها .. … ايوة … … ليه ؟ … لو قلتلك معرفش ، هتصدقنى … … هصدقك طبعا ، يبقى نفكر سوا هنساعدها اذاى ، بس هقوم اطمن عليها الأول وبعدين ارجعلك … .. لأ معلش ، هقوم اروح دلوقتى وهرجع بكرة … … لأ ، متمشيش .. … أفنسائل حيوي .. … ايوة ، قصدى لأ ، يعنى هترجعى بكرة .. … إن شاء الله … … وعد .. … وعد ، سلام .. .. مع السلامة … وتركته وحملت حقيبتها وخرجت باتجاه الباب ، وصعد هو للدور
العلوى ليطمئن على الفتاة ، أشارت لتاكسى ، وتوجهت لبيت رشاد سلام ، فقد وعدت والدتها أن تقابلها هناك ، دخل نادر من باب الحجرة ، لم يجدها أمامه ، خرج للطرق وسأل أحد الممرضات ، أخبرته بمكانها ، اتجه للحديقة الداخلية ، وجدها على كرسيها وحدها فى أحد الأركان تتابع طفلة صغيرة وهى تلعب ، اقترب منها بهدوء ، حمل كرسى من على أحد الطاولات وهو فى طريقه اليها ، وضعه بجانبها وجلس عليه ، وأخذ يتابع الفتاة الصغيرة هو الآخر لدقائق دون أن يتحدث ، هو يعلم أن مجرد وجوده بجانبها سيعطيها درجة من درجات الأمان والراحة ،
وهذا هو ما تحتاجه الآن . حتى تكلمت هى وحدها ، قالت ومازالت عينيها على الفتاة ، … كدة خلاص ، مش فاضل حد ، الموت ليا انا كمان هو الحل الأمثل … اعتدل نادر لها وعينيه متسعة من المفاجأة ، ابتسمت وقالت … متقلقش ياعموا ، مش هنتحر ، ده مجرد كلام ، بس للأسف حقيقى، امى وماتت خلاص ، وابويا رجل جاحد ملوش قلب ، جدى وجدتى نفسهم بيتمنولى الموت ، وقالتهالى فى وشى ، ناقص ايه بعد كدة … … أنا ياأميرة ، منفعش. .. … منكرش فضلك واهتمامك طبعا ، دا يمكن انت اكتر الأسباب اللى