منوعات

بقلم هناء النمر ج1

طول … استسلمت رانيا لنا أرادوا بغير رضا منها ، وقد ظهر ذلك واضحاً تماما على وجهها . أشارت الحاجة رضا لأحد الواقفين ، وطلبت منه أن يخبر الحاج رشاد أن الحاجة رضا زوجة الحاج حسن سلام تنتظره خارج السرادق . وانطلق الرجل ليفعل ، بينما فتحت رانيا باب السيارة لتدخل ، … رايحة فين يارانيا ، ميصحش كدة ، استنى تسلمى على عمك ، ده بقاله كتير مشافكيش ، هتلاقيه نسى شكلك اصلا … أغلقت رانيا الباب بنفاذ صبر ،ووقفت مستندة على السيارة بظهرها ووجهها فى الاتجاه الآخر من السرادق وأيضا مكان وقوف والدتها وخالتها ، انشرح قلب الحاجة

رضا وكادت تبتسم عنسائل حيويا لمحت الشخص الخارج من سرادق العزاء ، لقد نجحت فكرة أختها ، فمن الطبيعى أن الحاج رشاد لن يخرج لهما ، فقد تعدى السبعين من عمره وأيضا لا يتحرك بسهولة ، فمن اللياقة أن يرسل من ينوب عنه فى السلام على أبناء عمومته ، والأليق أن يكون الشخص المطلوب ،، محسن ،، … ازييك يامحسن ياابنى ، البقاء لله … انتفض قلب رانيا عنسائل حيويا سمعت الاسم لكنها لم تستدير وظلت على وقفتها ، … ونعم بالله يامرات عم ، متأسف اوى ، بابا مقدرش يخرج ، انتى عارفة صحته على قده … … ولا

يهمك ياابنى ، ربنا يديله الصحة ، معلش بقى عمك حسن تعبان اوى ومقدرش ييجى ، قلنا نعزى الحاج بنفسنا لحد ما يقوم بالسلامة ويجيله بنفسه … … ألف سلامة ليه … لاحظت رضا عين محسن التى ترتحل بينها وبين الواقفة بظهرها له ، ولم ترهق نفسها حتى بالالتفات بعد حضوره ، وبالطبع لن تترك رضا الفرصة تضيع هباء” ، … أه ، دى الدكتورة رانيا ، بنتى … سمعت رانيا هذا ، وبالطبع اجبرتها والدتها الآن على الاستدارة وإلقاء التحية وتقديم العزاء ، كانت ترتدى فستان اسود اختارته لها والدتها بعناية تامة ، لم يكن به اى شئ غير

عادى ، كل ما به أنه يظهر تناسق جيدها الجميل بوضوح ، وكانت ترتدى حجاب بسيط ملفوف بعفوية ويظهر قصة شعرها من الامام ، رانيا ليست محجبة ، إنما كان من اللياقة أن تفعل ذلك فى وسط مجتمع من السيدات الكبيرة المحجبات رغم وجود الكثيرات فى العزاء لا يرتدين الحجاب ، بالطبع كل هذا بالإضافة لبعض المحددات البسيطة لعينيها باللون الاسود وشفتيها باللون البنى ، ولا شئ غير ذلك ، كان الانطباع واضح تماما بالنسبة له ، فتاة ارستقراطية بسيطة ، تمتلك ثقة واعتداد بنفسها ، لكن ما استفذه حقا ليس الجمال ، فزوجته الراحلة وخطيبته الحالية أجمل منها طبقا

لمقاييس الجمال المعروفة ، ما استفذه هو النظرة المعادية التى رمقته بها من أول لحظة دون أن تعرفه أو يعرفها ، بالإضافة لخلو هذه النظرة من أى خجل يذكر ، فقد مدت يدها ليسلم عليه بطبيعية تامة ، .. أهلا وسهلا يادكتورة .. … أهلا بيك ، البقاء لله … … ونعم بالله … لم يترك محسن يد رانيا إلا بعسائل حيويا سحبتها هى منه ، وازدادت نظرتها حدة ، فى حين رمقت رضا أختها بنظرة معينة ، وكأنهما قد نجحا فيما ارادا وقد تم المراد من رب العباد ، ويكفى هذا ليوم واحد . قالت رضا … معلش يامحسن

، إحنا هنمشى دلوقتى ، طول النهار هنا ولسة والصين الصبح ، نرتاح شوية ، وهنجيلكم بكرة على طول ، أن شاء الله … … إن شاء الله ، تشرفى يامرات عم ، والدكتورة طبعا … ورمقها بعينيه بنظرة واضحة قطعها قول رضا … إن شاء الله ياابنى ، بعد اذنك … … مع السلامة … ركب الثلاثة السيارة ، رانيا بجانب السائق ، ووالدتها وخالتها فى الخلف ، وأنطلقت السيارة . وصلت السيارة للبيت ، ترجلت منها رانيا ورضا ، ثم انطلقت لتوصل الخالة لبيتها ، تركت والدتها على الباب وهى تقول جملة واحدة ، … تصبحى على خير

، انا طالعة انام … وبعد خطوتين التفتت مرة أخرى وقالت ، … أه ، انا مش هروح هناك تانى بكرة ، لو عايزة تروحى يبقى من غيرى ، مش واحد زى ده هو إللى يؤمرنى. .. وتركتها واسرعت بالدخول حتى لا تعطيها اى فرصة للرد ، فور صعودها ودخولها غرفتها ، أمسكت بهاتفها المحمول واتصلت بوداد ، لتخبرها عما حدث ولتسألها عن هوية الشخص المسمى نادر ، … ايوة فعلا ، محسن عنده أخ أصغر منه ب 8 سنين اسمه نادر ، بس بصراحة أول مرة اعرف انه فى العزا اصلا … .. ليه بقى … .. أصل نادر

ده حكايته حكاية ، فاصل نفسه تماما عن العيلة وعن أبوه وأخوه ، وبعيد عن المزارع والمصانع … … كملى ياوداد ، انتى بتقطعى الكلام ليه … … أفهم الأول انتى مهتمة اوى كدة ليه … ارتكبت رانيا من سؤال وداد لكنها حاولت إلا تظهر ذلك … تصدقى انا غلطانة انى سألتك اصلا ، مش عايزة اعرف منك حاجة ، اقفلى بقى … … استنى بس ، بهزر معاكى ، بصى ياستى ، نادر دخل فنون جميلة غصب عن أبوه ، ووقتها أبوه حلف انه لو دخلها ، ملوش علاقة بيه ومش هيصرف عليه ، نادر عاند وصمم وبالفعل قسائل

حيوي ودخلها ، ولم هدومه وساب البيت ، فضل عند خاله فترة ، وبعدها خد شقة ايجار ، واشتغل عشان يعرف يصرف على نفسه وعلى كليته … … وبعدين … … كان بيرسم حلو اوى ، وفى آخر سنة تالتة ، اتعمل معرض فى الكلية ، زاره رسامين معروفين واساتذة جامعات أوروبية ، واتعرضت لوحاته فى المعرض ، عجبت ناس كتير منهم ، واتعرض عليه انهم يساعدوه يسافر ويكمل شغله فى أماكن مختلفة ، اختار ألمانيا ، ومن وقتها ، واسمه لمع فى الرسم ، لوحاته بيتعملها معارض ، وفى نفس الوقت بييجى مصر كأستاذ زائر للكلية هنا ، بيدى

محاضرات منفردة يعنى … … والعيلة هنا … … محدش يعرف عنه حاجة ، بييجى زيارات بسيطة فى المناسبات وبس … … استنى عندك بقى ، أما هو محدش يعرف عنه حاجة ، انتى جبتى كل المعلومات دى منين … … ههههههههههه ، مش بقولك راح عاش عن خاله … … وانتى ايه علاقتك بكدة … … يانهار ابيض على الذكاء ، انتى ناسية أن حمايا يبقى خاله ، وابن خال رأفت جوزى وصاحبه اوى ، وعلى طول بييجى يزورنا … … نسيت فعلا ، خلاص ، شكرا ياوداد … … هو إيه ده ، هو ايه اللى شكرا ياوداد

، انتى ناوية على ايه اصلا ؟ … فى ايه ؟ … فى الموضوع ده … .. ولا حاجة ، قلتلك أن كل الحكاية أن البنت صعبانة عليا بالذات بعد ما أمها ماتت. … .. طيب ياست الحنينة ، هتعملى ايه بكرة ؟ … ولا حاجة ، هفضل فى البيت ، ويمكن أخرج اتمشى شوية ، الجو هنا حلو … … ماشى ، لو احتاجتى حاجة كلمينى … …. ماشى سلام … اتكأت رانيا على حافة السرير وهى تفكر فيما قالته وداد عنه ، ولماذا تفكر فيه ، والأهم لماذا لا تتركها عينيه وهو يتحدث اليها حتى الآن ؟ نفت

هذه الأفكار من رأسها وهى تنهر نفسها وتقول … نامى يارانيا ، نامى ، انتى مش واقعة اوى كدة ، أما واحد يكلمك مرة واحدة ، تقومى تباتى تفكرى فيه … …………………………………. فى نفس الوقت الذى كانت تتحدث فيه رانيا مع وداد ، كانت رضا تتحدث مع أختها وتخبرها بغضب رانيا وما قالته قبل أن تدخل وقرارها بأن لا تذهب إلى هناك غدا ، وما كان من الخالة ذات الدهاء إلا أن تقول : … سيبيها ، احسن ، نشوف اذا كانت علقت معاه اما شافها ولا لأ … … واحنا هنعرف اذاى .. … جرى ايه يارضا ، متفتحى

سائل حيوياغك كدة ، أن سأل عليها ، يبقى مهتم ، والموضوع وقتها يبقى سهل شوية ، وأن مسألش ، يبقى نشوف طريقة تانية … … عندك حق ، خلاص ، تصبحى على خير … ……………………………………. خطت أولى خطواتها داخل مركز التأهيل بصعوبة شديدة ، شيئا ما داخلها كدافع أجبرها على الحضور لهنا ، شيئا ما يقودها للدخول ، هذا الشئ حاولت السيطرة عليه كثيرا ولم تنجح فى ذلك ، بالطبع لم تدخل طبقا للسبب الحقيقى ، فلن يسمحوا لها بزيارة الفتاة إلا بعد استئذان والدها ، دخلت على أنها زائر لأحد الطبيبات الموجودات فى المركز ، كما كانت تفعل

وداد ، التى بدورها اتصلت بصديقتها لتسهل مهمة رانيا عنسائل حيويا اخبرتها رانيا انها ستذهب اليوم . توقفتا الطبيبتان أمام باب الغرفة ، وقبل أن يدخلا استدارت دكتورة سامية لتواجه رانيا وقالت بطريقة جادة جدا ، … دكتورة رانيا ، انا عايزة اقولك حاجة مهمة جدا ، مع انى مش فاهمة ايه هدفك من انك تفهمى كل حاجة عن حالتها ، وكل الأسئلة إللى سألتيها وطلبتى اجابتها، كل ده مش فارق معايا ، صحيح هى حالة نادرة ودى اول مرة اشوفها ، اللى يهمنى طريقة معاملتك ليها ، أميرة على الرغم من أنها رقيقة جدا ، إلا أنها فى منتهى

الذكاء ، بتفهم اللى قدامها جدا ، وكمان مثقفة اوى ، يعنى أنصحك انك تاخدى الطريق المستقيم فى الكلام معاها ، دا اذا كنتى عايزاها توافق تسمحلك تقابليها تانى ، لأن للأسف الشخص اللى مبيعجبهاش مبيقابلهاش تانى ، فهمتينى. .. .. يعنى أتعامل معاها اذاى … … قولتلك ، خليكى صريحة ، متاخديش طريق الشفقة والصعبانية معاها ، من الآخر ، اتكلمى معاها على أنها شخص عادى جدا … … هحاول … … اوكى ، اتفضلى … طرقت دكتورة سعاد الباب ثم فتحته ، ودخلت ومن خلفها رانيا وهى متوجسة خيفة من هذا اللقاء ، كان الكرسى المتحرك مواجه للشباك

وظهره لباب الغرفة ، فلم تراها فور دخولها ، وكانت تجلس بجانبها ممرضة وفى يدها كتاب ، يبدوا انها كانت تقرأ لها منه ، رغم أنها لم ترها إلا أنها سمعت صوتها وهى تقول … اتفضلى يادكتورة سامية … كان صوتها حقا طفولى ورقيق جدا ، ضحكت سامية وتقسائل حيويت منها وهى تقول … ههههههههه بجد هتجنن واعرف انتى بتعرفينا من بعض اذاى ، وانتى مش راضية تقوليلى. .. .. سر المهنة يادكتورة ، عايزانى اقولك عليه ازاى .. … أه فعلا عندك حق ، بس مسيرى هعرف ، قوليلى بقى ، بتقرى ايه انهارضة ؟ … قوليلى انتى الأول

، مين اللى معاكى ووقفت ورايا دى … اعتدلت أميرة ونظرت لرانيا وكأنها تقول ،، مش قولتلك ،، … دى رانيا ، صاحبتى ، سمعت عنك واد ايه انتى جميلة ورقيقة ومثقفة ، صممت تقابلك ، بس تقريبا هى مكسوفة … … بتعرفى تذوقى الكلام يادكتورة ، بس مش اوى ، قولى الحق ، هى دكتورة وعايزة تدرس الحالة ، ولا حد من عيلتى زى طنط وداد كدة ، اللى قلتى برده عليها صحبتك. .. رفعت سامية عينيها لرانيا مرة أخرى وبنفس النظرة وبنفس المعنى ، لكن هذه المرة من أجابت هى رانيا وهى تستدير لتواجه أميرة ، … الاتنين

انت في الصفحة 5 من 13 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
18

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل