
تقول … مرات محسن رشاد … … ايوة هى … رغم أنها لا تعرفها ولم تراها من قبل ، إلا أن خبر وفاتها سبب لها صسائل حيوية حقيقية ، حتى أن الفضول سيطر عليها منذ أسبوع ، فسافرت للفيوم ، واتجهت للمستشفى التى هى بها والتى اخبرتها عنها وداد ، صعدت لغرفتها وطرقت الباب دون إجابة ، فتحت بهدوء ودخلت ، وصسائل حيويات من المنظر التى رأته والذى جعلها تفر هاربة ، هوايدا منحنية على سلة المهملات ويدها على بطنها وتصرخ من الالم ومن ارهاقها من القئ المستمر ، تسندها سيدة كبيرة فى السن، لم تنتظر رانيا أن تقابلها أو
تجعلها تراها ، ولم تتبين ملامحها جيدا ، كل ما رأته إمرأة قد أخذ منها المرض ما أخذ ، منزلق حجابها و شعرها كله متساقط وكأنها صلعاء ، ويبدوا أنه من العلاج الكيميائي ، رؤيتها هكذا زادت من كراهيتها لرجل لم تراه ولم تعرفه ، حتى أنها لا تريد ذلك . … إيه يارانيا ، مبترديش ليه … … إيه ياوداد … … عمالة بكلمك ومبترديش … … معلش ، سرحت … … قوليلى ياوداد ، هى بنتها فين … … أميرة ، ياحبيبتى ، مش عارفة قالولها ولا ايه ، سألت عليها فى العزا ، قالولى انهم مجابوهاش من
المركز عشان متتصسائل حيويش … … عنوان المركز ده ايه … … ليه ، هتروحيلها … … ادينى بس العنوان … سجلت رانيا العنوان ، وقررت أن تذهب لرؤية هذه الفتاة ، مهما كلفها الأمر ، عادت للبيت بعد السادسة مساء ، كانت الحركة بين الخاسائل حيويات على قسائل حيوي وساق ، وعنسائل حيويا سألت عن السبب اخبروها أن الحاجة رضا سوف تسافر صعدت لغرفة والدتها وطرقت الباب ودخلت ، … مساء الخير ياماما … … غريبة ، جاية لحد عندى وبتمسى عليا كمان ، دا انتى مبتكلمنيش من شهر ، ايه اللى حصل .. … هو حضرتك رايحة فين
… … رايحة الفيوم ، فى حد مات هناك ، هروح اعزى … … ممكن اجى معاكى .. التفتت لها رضا من دهشتها من عرضها هذا ، … اشمعنى يعنى … … عادى ، عايزة اغير جو ، غير انى نفسى اشوف وداد … … قولتى لابوكى …. … هروح أقوله حالا ، بعد اذنك … تابعتها رضا بنظرة معينة حتى خرجت ، بعدها استدارت للمرآه مرة أخرى وهى تفكر فى شئ معين . خرجت رانيا تجرى وفى طريقها لخارج المنزل أخبرت زينب أن تجهز لها حقيبتها ، واتجهت هى لتبحث عن والدها لتخبره . ………………………………… استقلت كل من الحاجة
رضا ورانيا القطار السريع فى أحد الكبائن الخاصة متجهات للفيوم ، بدون اى حديث بينهما ، فضلت رانيا الاختباء من عين والدتها فى التظاهر بالنوم ، رغم أنها مستيقظة وتفكر فيما ستقوم به هناك ، وفى خضم تفكيرها هذا ، سألت نفسها سؤال اربكها ،، لماذا تهتم بهذا الشكل ؟ كان مجرد عرض وانتهى ، ما الذى يجعل هذا الموضوع يقتحم عقلها بهذه القوة ، ما الذى جعلها تذهب لرؤية إمرأة لم تعرفها ؟ وما الذى يجعلها الآن تذهب للفتاة ؟ ماذا تريد وإلى ماذا ستصل ؟ لم تجد اى إجابة لكل هذه الاسئلة ، لكنها ستكمل ، أرادت وستفعل
، وقد بدأت وستكمل . وصل القطار للفيوم فى السابعة صباحا ، عادة ما كانت تنزل الحاجة رضا كضيفة عند أختها عنسائل حيويا تكون هناك ، لكن الآن فى وجود ابنتها معها قررت أن تفتح منزل والدها القديم لتقيم فيه ، وقد اتصلت بأختها لترسل بعض الخسائل حيوي لتنظيف المنزل وتجهيزه ، قرر الاثنان المثول للراحة لعدد من الساعات أولا ثم يذهبوا للعزاء فى المتوفاه ، ………………………………….. كان القصر يشبه ما يقال فى حواديت قبل النوم التى تحكى للأطفال ، ضخم ، عتيق ، ذات بناء قديم أثرى ، لكن ألوانه وتنسيقها حديثة بعض الشئ ، والفرش والأثاث على الطراز
الحديث ، كانت الصالات مملوءة بالمعزيات ، وبالتأكيد كلهم موجودون بدافع المجاملة وليس الواجب ، مالت رانيا على وداد وقالت بصوت منخفض … كويس انك جيتى معايا ، انا معرفش حد خالص هنا… … أنت تأمر ياقمر ، بس ملاحظة ان كل اللى قاعدين بيبصولك. .. … ملاحظة طبعا ، ومستغربة اوى … .. لأ عادى ، يمكن عشان انتى غريبة ، الكب بيسأل انتى مين ، بقولك ايه … … إيه … .. شايفة البنت اللى قاعدة هناك ، جمب والدتها ، اللى تحت البورتريه دى … … أه ،مالها ؟ … دى العروسة … … بتتكلمى جد ،
دى صغيرة اوى … … 19 سنة ، ما هم عايزين واحدة للخلفة ، لازم ياخدوها صغيرة … اعتدلت رانيا بعض الشئ وهى تقول … تخلف … كان يبدوا أن الحاجة رضا منسجمة تماما مع الجميع ويبدوا انهم تعرفهم ويعرفوها ، لهذا مضت عليها الساعات بينهم دون أن تشعر بها ، والعكس تماما بالنسبة لرانيا ، فبعد استأذنت وداد من أجل ابنها ، سار مرور الوقت بطئ جدا ،وبدأت رانيا تشعر بدرجة ملل لا حد لها ، انسحبت بهدوء تام دون أن تشعر بها والدتها واتجهت للحديقة ، كانت واسعة جدا حتى انها لم ترى لها نهاية ، ومليئة بالأشجار
والزهور النادرة ، ، حاولت رانيا أن تبتعد عن تجمعات الناس ، واستمرت فى المشى حتى اختفى مبنى القصر من حدود رؤيتها ، ، جلست على أقرب حافة تصلح للجلوس ، خاصة أن التيير الذى ترتديه كان باللون الأسود ، أغلقت عينيها بثوانى معدودة لتخفف من الصداع الذى أصابها ، ولم تجد حتى من يصنع لها كوب من الشاى ، فتحت عينيها بعسائل حيويا شعرت بشئ صغير يداعب أحد أصابع يدها ، كانت فراشة صغيرة رائعة الجمال ، ذات ألوان براقة ، ابتسمت رانيا لها وبدأت تداعبها بأصابع يدها الأخرى ، فجأة طارت وأخذت تنتقل من زهرة لأخرى ، وقفت
رانيا وأخذت تجرى خلف الفراشة وكأنها تلهو معها ، غافلة تماما عن العينان التى تتابعها ، ابتعدت الفراشة كثيرا فتوقفت رانيا عن اللحاق بها ، واستدارت لتعود ، فتجمدت مكانها من الشخص الواقف قريبا منها ، واضح جدا انه كان يتابع ما تفعل ، شعرت انها تحتاج الآن لأن تنشق الأرض من تحتها وتبتلعها خجلا من حركات الأطفال التى كانت تقوم بها خاصة فى مثل هذه الظروف الموجودة في هذا المنزل. ازدادت احراجا عنسائل حيويا وجدته يقترب منها حتى توقف أمامها ، … مساء الخير … ردت رانيا بخجل واضح وعينيها فى الأرض … مساء النور ، بعد اذنك …
همت بالحركة بعيدا ، فأمسكها من زراعها وهو يقول … على فين … التفتت رانيا بغضب وهى تنتقل بعينيها بين وجهه ويديه التى تمسك بزراعها ، سحب يده بهدوء ورفعها لأعلى وهو يقول .. انا اسف ، مفيش داعى للاستعجال يعنى ، ولو حكمت انا اللى امشى … … عادى حضرتك ، كدة كدة كان لازم ارجع دلوقتى ، بعد اذنك … … ثوانى ، انا حتى معرفتش اسمك … … وعايز تعرف أسمى ليه … . نتعرف ، مد يده وهو يقول ،، انا نادر رشاد … قالت باندهاش … رشاد مين ، رشاد سلام … .. بالظبط …
… اذاى ، اللى أعرفه أن محسن ملوش أخ … … خلاص ، اعتبريه كدة … … يعنى ايه … …لا ، متخديش فى بالك ، مش هتعرفينى بنفسك بقى … استدارت رانيا لترحل وهى تقول … لأ .. … لأ ليه … … من غير ليه … ثم تركته ورحلت دون أن تعيره اى اهتمام ، وعينيه تتبعها حتى اختفت عن ناظريه .