منوعات

خيوط الغرا,م بقلم روكا ج1

بالافلات من عواقب أقوالها، ولن يستسلم لدموعها أو دقات قلبه الخائن الذي صار كالخادم المطيع يسعى لإرضاءها… وصلهم صوت أطفال ظافر ولوهله ظن إنهم سيطرقون بابه، لم يدم فضوله فقد تكفلت زوجته الغاضبة بفتح الباب وسد تساؤلاته بما يحدث، رأى شروق تعافر لفتح باب شقتها القديمة مع يحيى رحمه الله، ويوسف يحمل يحيى الصغير بين ذراعيه بينما فريدة تقف خلفها بملامح طفولية عابسة، سألت منار بخضة:
-شروق؟ في حاجه ولا إيه؟!
ارتبكت شروق واستدارت نحوهم بخجل وقبل ان تنطق سبقتها الصغيرة :
-احنا طفشانين من بابي!!
احمر وجه شروق وهمست موبخة:
-فريدة!!
ضاقت عيون منار بتفكير قبل ان تلتفت لمروان الذي أرتفع حاجبه بتعجب حين قذفته نظرة تكسوها التحدي ثم تركته واتجهت نحو صديقتها، حملت فريدة وسندتها علي خصرها وهي تقول بنبرة حازمة:
-انا هبات معاكي إنهارده!
لم تبالي شروق تلك المرة بلعب دور الصديقة العاقلة بل امتنعت عن المظر نحو مروان وقالت بمؤازة إنثوية:
-بيتك و مطرحك!!!

دلف جميعهم وانغلق الباب في وجهه مروان المنغمس في حالة من الذهول، زم شفتيه ثم اغلق باب شقته بعنف، حسنًا فلتفعل الوقحة ما تريد، وإن كانت تظنه سيحفي ويتوسل لتشفق عليه برضاها فهي مخطئة و مخطئة تمامًا….

***

حمحم مروان بحرج وحاول إعادة إنتباهه المشتت بذكرياته إلى ظافر الذي يتحدث بأمرٍ ما وانهاه بجديه تامة :
-حالتي دي مع شروق، المعنى الحقيقي لجملة يارب هرمونات الحمل تموت!!

تنهد فلن يفهم عمق تلك الكلمات سواه، تبادل الثلاثي النظرات بريبة قبل ان تملئ ضحكاتهم الرجولية السيارة، ضحكات كانوا بحاجة إليها، ضحكات أظهرت لهم كم يشتاقون لسيدات عرفوا مذاق المحبة و السعادة من أطراف ملاعقهن ….

حلقة اهوووه اتفاعلوا بقى ♥️🙈الفصل الثاني

 

مشطت شروق خصلات فريدة لتتابع حديثهم العميق بمقدار عمق طفلة لا تزال في الخامسة من العمر :

-يعني أنا صح، هو كان المفروض ميستسلمش، بالعكس ده زي اللي ما صدق نغضب كام يوم!

هزت فريدة رأسها بنعم مؤكدة:

-ده حتى ماجابليش دوبي لما نسيته او فكر يطلعهولي!

زمت شروق شفتيها و هزت رأسها بموافقة قائلة:

-انسان مش طبيعي عمره ما هيثق فيا، لو بيحبني مكنش خبى عليا حاجة !!

التفتت نحوها فريدة لتقول بحزن :

-لا بابي أكيد بيحبك بس هو أناني يا مامي !

هزت شروق رأسها بتفكير قبل ان تتسع عيناها وتقول بقطعية ورفض :

-فيري! متقوليش على بابي كده، بابي مش اناني ده احن أب في الدنيا.

زفرت الصغيرة وت جبينها بكفها قائلة:

-يووه، انا رايحة العب يا مامي لحد ماتحددي موقفك!

مطت شروق شفتيها و للحظة شعرت بالشفقة علي نفسها للجوئها إلى طفلة ولكنها طفلته وهي مشتاقة له و تحن لكل ما هو منه، زفرت بغضب و ربتت على معدتها المنتفخة على أمل إيقاظ تلك الشقية التي تمتنع عن الحركة منذ غياب والدها، تنهدت وشعرت بشوق حار نحو ظافر فحكت جبينها بقوة و انتفضت من مكانها مقررة الانضمام للبائسات في الخارج، رأت سلمى تتثاءب وتخرج من الغرفة المقابلة لها فتأففت قائلة:

-اول مرة اشوف واحده بتتلكك مع جوزها عشان تغضب وتنام، انتي بجد باردة ومستفزة!

هزت سلمي رأسها مرة لتقول بعدم استيعاب و سخرية:

-صباح الخير عليكي انتي كمان!!

-مساء الورد يا روحي إحنا العصر، صبرني يارب على العموم تيم صحي من بدري منار اكلته و بيلعب مع الولاد في الاوضة.

تركتها شروق بأنف مرتفع واتجهت للشرفة للانضمام إلى منار المكتئبة، في محاولة لإبعاد تفكيرها عن زوجها الذي توقف عن الاتصال بها ، صحيح إنها امتنعت عن الاجابة عليها إلا إنه أخطأ حين توقف عن الاتصال !

رجل أحمق، فكرت بغضب ..

ذهبت ووقفت بجوار منار وساد الصمت بين كلاهما حتي انضمت إليهم سلمى متسائلة:

-اعملكم هوت شوكليت معايا؟

ألتفت الفتاتان و رمقاها بحده غاضبة قبل إعادة أنظارهم للأمام، ارتفع حاجبي سلمى لتقول بغضب طفولي وهي تخرج:

-إيه الستات النكد دي!

اتاها الرد الساخر من منار:

-متأسفين معلش، اصلنا متخصمين مع جوازنا وبعد الشر عنك يعني متضايقين و دمنا محروق!.

رمت سلمي يدها للخلف في حركة غير مقتنعة بالسبب و قالت :

-لما انتوا مش قد القمص بتتقمصوا ليه !

التفتت منار لشروق حال اختفاء سلمى وهتفت:

-لا بجد مستفزة البنت دي!.

-يا بنتي هي اصلا وخداها اجازة، مش متعاركة هي وجوزها دي بتتلكك عشان ترتاح من زن ابنها!!

 

*****

 

مال ظافر لأخذ هاتفه من المقعد وسأل مروان :

-أنت مش مروح ولا ايه؟

تعلقت عيون مروان بالشرفة حيث تقف الوقحة خاصته يكاد يقسم إنه يرى اشتعال مقلتيها لرؤيته من موقعه هذا، تلك السخيفة تظنه غر صغير سيركض خلفها لإرضائها،لمعت عيناه بخبث وهو يعيد انظاره لظافر ليجيب:

-لا انا رايح مشوار كده!

-اموت واعرف بتروح فين بقالك كام يوم!

ابتسم مروان نصف ابتسامته الجذابة ورد عليه :

-هتعرف قريب، عايز حاجة؟

-لا تسلم، مع السلامة!..

أغلق ظافر باب السيارة ثم جذب نفس عميق ومط جسده عسى أن تنفرد فقرات ظهره فالتقت عيناه بعيون زيتونية مهلكة طردت أنفاسه ببطء وهو يحترق تحت سلطانها.

تعلقت عيون شروق بعيون زوجها وشعرت بجسدها ينتفض بشوق له ولقربه، حاول إبعاد أنظارها عنه ولكن دقات قلبها المتتابعة وانخفاض روحها لأسفل منعها، شعرت بضعف شديد ووهن عندما أبعد أنظاره بملامح مبهمة واتجه نحو المبنى، التفتت تناظر برعب عندما هتفت منار:

-شوفي خد بعضه ومشي ازاي، دي رابع مره كل يوم يروح ظافر و يزيد و يمشي هو فاكر لما يخليني اغضب واسيب البيت هسيبه في حاله، طيب والله ما انا ساكته يا مروان!!

ت منار قدميها في الأرض باعتراض، فهزت شروق رأسها في تعجب لتجيب:

-إهدي يا مجنونة إحنا في البلكونة وبعدين هو مخلكيش تغضبي أنتي اللي استعبطي وغضبتي!

ألقت شروق نظرة على باب المبني و حزنت حين لم تجد طيف مبتغاها، تنفست علي مهل وقد اصابها شعور قبيح يجبرها علي البكاء، اغمضت جفونها بحزن قبل ان تفتحهما وتقرر بلمعة في عينيها :

-انا هنزل أجيب حاجه من الشفة بسرعة!

حركت منار يدها بعدم اهتمام فتحدثت شروق بجديه :

-منار خدي بالك من العيال لحد ما اطلع!

أمسكت معدتها بعزم ثم رمت طرحة بيضاء تستخدمها للصلاة بإهمال فوق رأسها وهرعت إلى باب الشقة ومنه إلى أسفل حيث زوجها هادئ البال مقررة توبيخه و تعنيفه قدر المستطاع!!

 

*****

 

خلع ظافر قميصه بحدة وغضب والقاه بعيدًا ثم ألقى بجسده المنهك على أحد المقاعد بالصالة مفكرًا في من سرقت النوم من مضجعه بتجاهلها إياه، هز ساقه في حركة لا إرادية وأخذ يعصر عقله لحل ما يدور بينهم ولكن عليه كسب ود أبناءه أولاً فقد اكتشف إن لإرضاء زوجته سيكون عليه طلب المباركة من هؤلاء الشياطين الثلاث ناكرين الجميل، لا ينكر إن اختيارهم لشروق ازعجه واشعله بالغيرة لإخراج الجميع له من الحسبان حتي هي، أليس هو من يشقى طوال اليوم ويبعثر ماله على الألعاب الحمقاء وتلك الأفلام الكرتونية الملعونة، زفر بغيظ متمتمًا:

-ماشي يا ولاد الكلب هتروحوا مني فين، ابقوا شوفوا مين هيعبركم بحاجة بعد كده!!

استغفر الله كثيرا وباله يتعجب مما حدث بينهم متسائلًا ماذا فعل ليثور عليه الجميع بتلك الطريقة، كل مبتغاه كان مراعاة مشاعرها وقت حملها المذبذب بهرموناتها السخيفة تلك ولكن ما يضايقه فعلاً بعد تلك الأيام هي قدرتها على تركه كل تلك الأيام بينما هو يتقلب كالسمكة علي المقلاة شوقًا لها ولجودها بجواره، خرج من أفكاره علي طرقات الباب فأرتفع حاجبه بتعجب وتوجه لفتحه بملل.

تفاجأ ظافر بزوجته أمامُه بقامتها الهشة القصيرة مقارنةً بجسده الرجولي الصلب، ارتبكت أنفاسه نوعًا ما و نظراته المعاتبة تتأمل ملامحها و يتفحصها كأنه يطمئن عليها ويشبع شوقه لها.

اضطربت شروق وطارت كافة خططها لمشاجرته مع الريح، التقت أبصارهم للحظات، عيون خضراء أشعلتها عيون كالعسل المحترق، تنثر الشوق والاشتهاء وتتناقل بين عشق وعتاب، ووجدت نفسها كالمغيبة، حركتها مشاعره لتتناسى حملها وتتحرك شفتيها بهمس خافت:

-يا غُلبي يا أني يا أمي!

انهتها وقفزت بين ذراعيه تضمه بقوة متعلقة بعنقه كأنه مصدر الحياة، خبأت رأسها بين صدره ورأسه ودست أنفها هناك تحاول استنشاق رائحته.

تغلب ظافر على صدمته و شد ذراعيه حولها بقوة ومحبة فائقة وأخذ يقبل جانب رأسها بشوق ليقول معاتبًا:

-وحشتيني أوي!

لم تجيبه بكلمات لكنها اكتفت بضم شفتيه بشفتيها في شوق مُضْنٍ، وسمحت لأناملها باستعادة مكانتها الخاصة بين خصلاته السوداء القصيرة في حرية تامة بينما قبض هو على خصلاتها من أسفل حجابها الذي انزلق بين أصابعه وتحرك بجسده يدور بها بحذر ثم ترك لجسده مهمة إغلاق الباب عندما ارتمى خلفه يستند عليه لايزال منغمس بالشعور الذي تمنحه له يداها.

ابتعدت شروق لتلثم كل ما تطوله من وجهه و عنقه متجاهلة ات جنينها المتحمس لقرب والده بعد فراق أيام، رفعها ظافر محاولاً تجنب انتفاخ معدتها قدر الإمكان ورفض الانصياع لفضوله المثار حول هذا التحول في تصرفاتها فشوقه لها كان أقوي من تساؤلاته، تحرك سريعًا إلى مملكتهم الخاصة وتركها تتلاعب بمشاعره بهجومها الفياض المحب لقلبه حتى أكتفى بمداعباتها وقرر اقتحام مشاعرها بما يرضي قلبيهما.

دار بينهم صراع فريد من نوعه، صراع يُذهب العقل في نشوة مخمور، صراع يذيب القلب غير معترف فيه بغالب أو مغلوب…..

 

*****

 

جلست منار وسط الأطفال في محاولة لتهدأ دون جدوى، فزفرت ووقفت بحدة لتقول لسلمى :

-انتوا مش عايزين حاجة من تحت،، انا هتجن عايزة انزل قبل دماغي ما تطق!

أبعدت سلمى تركيزها عن كتاب تقرأه وقالت :

-عايزين عيش بس اعتقد.

هرعت منار نحو الباب قبل ان تكمل سلمى جملتها وهي تسحب حذائها وحقيبتها المعلقة خلف الباب واردفت في عجل وهي تغلق الباب خلفها دون انتظار رد:

-هنزل اجيب بسرعة، خدي بالك من العيال لشروق تك!

تأففت سلمي لتترك كتابها وتثبت عينيها على المشاكسون الأربع!!

 

*****

 

دقائق ودلفت منار بابتسامة واسعه إلي المخبز الذي عملت به يومًا وكان سببًا في لقائها بأروع رجل مزعج قابلته في حياتها.

-مساء الخير يا حاج هلال، أخبار صحتك إيه دلوقتي انت والحجه!

ابتسم العجوز بسعادة لرؤيتها، وربت على يدها الممتدة لتحيته ورد عليها:

-مساء الورد يا غالية، الحمدلله على كل حال رضا!

-عايزة عيش والبسكوت أبو ينسون ده لو عندك طازة!

-عيوني ليكي يا بنتي!

-الله أومال فين الواد السئيل اللي بيشتغل هنا!

انغمس العجوز في تغليف احتياجاتها وهو يشكي همه لها :

-راح يتغدى الله يهده او يهديه، واديني مستني الباشا بقالي ساعتين عشان يقعد بدالي و اروح اسحب الحواله اللي ابني بيبعتها لعلاج أمه ربنا يهديه ده كمان، والمكان اللي بسحب منه قرب يقفل خلاص!

عبست وهي تستلم طلبيتها ثم سألت بشفقة :

-هو المكان ده بعيد يعني؟

-مش اوي ربع ساعة مواصلات!

عضت شفتيها بتفكير قبل ان تعرض بصدق:

-خلاص انا هقف هنا بدالك لحد ما ابن التيت ده يجي وانت روح شوف مصلحتك!

ضحك الحاج هلال ليقول:

-يا بت اهمدي انتي مرات راجل قد الدنيا متبقيش زي الدبور اللي بيزن علي خراب عشه!

شاركته الضحكات وهي تقول بأنف مرفوع وإصرار:

-ما أنا راجل قد الدنيا بردو ومش برجع في كلمتي، يلا يا عم الحاج بقى متعطلناش شوف مصلحتك عشان اخلع أنا!

هز الرجل رأسه بنفي قائلاً وهو يدفعها للخارج:

-لا مالوش لزمة، اتكلي انتي على بيت جوزك!

-يووه طيب يمين بالله ما انا متحركة من هنا…

دفعته بخفه نحو الخارج لتضيف:

-خلص مشوارك بسرعة لو مش عايزني اقف هنا كتير!

العجوز كف على الأخر قبل ان يقول باستسلام :

-أمرنا لله، ربنا يستر ويجيب العواقب سليمة!

ضحكت منار ولوحت له وهو يبتعد قائلة:

-خد بالك من نفسك وبطل برطمه عليا!

استدار نحوها ليوبخها ولكنه اكتفى بهزة من رأسه قبل ان ينتبه لطريقة مرة أخرى.

 

*****

 

ركن مروان سيارته في مكانها المعتاد وبكل احترافيه حاول القاء نظرة على شرفة زوجته وشعر بخيبة أمل لعدم تواجدها فقد اعتاد ملاعبتها بتلك الطريقة يأتي لإيصال أصدقاءه ثم يذهب ويتجول بسيارته مدة من الزمن قبل أن يقرر العودة فيجدها تقف هناك تغلي وترمقه بنظرات غاضبة يكاد يشعر بها تنغرس في جسده، ترجل من السيارة بخيبة أمل وأحكم إغلاقها لكنه توقف مكانه بتساؤل حين وصله صوت مناوشات لا يخطأ صاحبها أبدًا…

*****

 

وقفت منار ت قدمها بغيظ وهي تراه يعود من مكان الله وحده يعلم أين وبرفقة من، أبعدت خصلاتها بحده للخلف وعقدت ذراعها تتوعده في سرها حتي قاطعها شاب مزعج :

-ياست الحسن ركزي معايا بقولك عايز بقسماط!

حركت عينيها إليه باستنكار لتجيب بملل:

-والبيه مشلول ماتمد إيدك تاخد من اللي متعبي ده !

رمقها الشاب من اسفلها إلى اعلاها بحاجب مرفوع ليقول بسخرية:

-فعلاً الحلو مايكملش، قمر بس لسان زفر عايز القطع!

غامت عيونها شرارة وقد تغلب عليها طبعها الحاد لتقول بسخرية:

-طيب يلا يا خفة من هنا عشان ام لسان زفر دي ممكن تلم عليك الناس وتعلمك الصح!

لوى الشاب فمه باستخفاف واتجه إلى الداخل لاختيار ما يحلو له من الأكياس المعبئة بينما أعادت منار عينيها نحو زوجها لتتفاجأ به يقترب منهم بغضب يتناثر من مقلتيه، انحسرت الأنفاس في صدرها برعب والتفتت نحو الشاب لتقول سريعاً :

-شطبنا، شطبنا يلا اتفضل من هنا!

-طيب الحساب!

-مش عايزين اعتبرهم على حساب الفرن، اتكل على الله بقى متودناش في داهية!

ظهر التعجب بشكل واضح علي وجه الشاب ليقول بحنق:

-انتِ هتبقششي عليا ولا ايه!

-اشارت خلفها للوحش الغاضب القادم بقوة نحوهم وقالت بحدة:

-اللي جاي ورا ده يبقى جوزي بص لوشه كويس وقرر هتفضل ولا هتمشي!

انتقلت انظاره نحو مروان الدي يفضل بيه وبينهم خطوات قليلة وتنحنح حين ألتقط تلك النظرة المنذرة بالشر في عينيه ليتنبأ عقله سريعاً بحدوث ما قد لا يعجبه، فقال بخفوت وهو يتخذ قراره بالمغادرة :

-انا ايه اللي جابني اشتري من هنا!

🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺🌹🌺الفصل الثالث:

وصل مروان اللحظة التي غادر بها الفتي وقال من بين أسنانه لظهرها المتصلب أمامه ليتأكد بأنها تعلم بوجوده :
-انتي واقفة بتهببي أيه هنا!
عضت شفتيها واغمضت جفونها بقوة وهي تستشعر سوداوية حروفه قبل ان تستعيد رباطة جأشها وتستدير ببطء تحسد عليه مقررة مجاراة الوضع بقولها:
-ايه ده مروان، انت بتعمل ايه هنا!
مال رأسه لليمين بنفاذ صبر وأردف بغضب:
-انا سألتك سؤال؟ بتعملي أيه هنا يا منار، متختبريش صبري!!!
طالعت أنظاره بتحدي وانف مرفوع لتجيب :
-ليه في حاجة؟
اقترب منها خطوة مهددة وهو يشير بيده في وجهها :
-في إنك خرفتي وواقفة في نص الفرن بتبيعي للناس !
لمعت عيونها بانتصار لأنها أثارت اهتمامه وجنونه أخيرًا كما أثار جنونها بتجاهله فعلى الأقل استطاعت إخراجه من صمته حتى لو كان بدافع الغضب، تنهدت بملل واعتيادية وهي تشير حولها :
-زي ما انت شايف اهو حاجة تسليني!
دلفت سيدتان مسنتان فأشارت لهم منار للمنضدة المفروشة بالمخبوزات قبل ان تعيد وجهها نحوه بابتسامة ة:
-على العموم شكرًا لاهتمامك وسؤالك!
اعاد ابتسامتها بطريقة مرعبة هزت ثباتها ليقول بهدوء حاد:
-الاستهبال حلو أكيد، بس مش معايا يا منار، بصي هو اختيارك أنا على أخري ومش شايف غير سواد قدامي فمعاكي خمس ثواني بالظبط قبل ما انسى انك في الشارع و اخدك من شعرك اللي فرحانة بيه ده و اطلعك شقتنا فوق وانتي ومبررك بقى ، هنتكلم ولا هك أول ما يتقفل علينا باب!!!

تسمرت مكانها في ذهول وارتبكت ملامحها بشكل ملحوظ لتهمس متوترة:
-متتكلمش معايا كده أحسن لك،أنا مش صغيرة!
مال بجسده نحو اذنها كي يتجنب الفضائح قد المستطاع وخبط أصبعه بجانب رأسها ليقول بحده:
-اثبتي علي موقف مش انتي بردو الصغيرة اللي اتحوزت العجوز المهكع…
طالعته بصدمه وعجزت عن الإجابة وهو يتلاعب بكلماتها ولكنه أكمل بعنف :
-علي العموم هوفر عليكي التفكير انتي صغيرة وعقلك أنتهت صلاحيته وانا اللي هعيد إنتاجه من دلوقتي!
-انا….
حاولت التحدث فأوقفها بأن هتف بغضب غير قادر علي تمالك أعصابه:
-يلا !!!!!….
انتفضت بذعر ولكنه لم يتوقف ووجه حديثه للسيدات محاولاً تنظيم انفاسه المفرطة من غيظه:
-لو هتاخدوا حاجه اتفضلوا عشان هنقفل!!
امسك بذراع منار يدفعها بجواره إلى الخارج وجز علي اسنانه وهي تحاسب السيدتان، دفعها للخارج بإهمال وهم لغلق الباب حين أتي الصبي الخاص بالمخبز أخيرًا لتقول منار بصوت مهزوز:
-متقفلهوش مجدي هيوقف لحد ما الحاج هلال يجي!!
لم يجادلها او يلتفت نحوها بل اكتفى بجرها خلفه إلى الداخل، علت دقات قلبها بذعر وهي تتابع العرق يتصبب من وجهه الأحمر وأسفل رقبته ليبلل ياقة قميصه، كدليل قوي على قسوة انفعالاته في تلك اللحظة.

*****

علا صوت تلاحق أنفاس ظافر وشروق على الصمت حولهم وكلاهما نائم بين ذراعي الأخر بعد رحلة متبادلة من غرام عذب المذاق، استدار على جانبه ليقربها منه اكثر ويقبل فمها بقوة وجوع وكأنه لم يتناول وجبة دسمة مصدرها هي، لكنه تفاجأ بها تكشر وجهها وتدفعه بخفة حتي ابتعد عنها وخرجت من بين ذراعيه، بدأت تلملم ثيابها وترتديها سريعًا فتساءل بذهول:
-رايحه فين؟
-رايحه لولادي طبعًا!
-أفندم؟
اعتدل بنصف جسده العاري ليضيف بحدة :
-يعني ايه مش فاهم!
زاد احمرار وجهها الأحمر من الأساس لتقول بتلعثم:
-انا لسه زعلانة على فكرة ومتفتكرش إنك باللي عملته ده هتضحك عليا!
ارتفع حاجبيه في ذهول ليقول بنبرة حانقة:
-نعم يا أختي،أنا اللي عملت!
استدارت نحوه بحده وهي ترتدي أخر قطعة من ثيابها لتتهمه :
-أيًا يكن يعني، انا مش هسامحك غير لما تفتح قلبك ليا وتفهم إنك متجوز ومفيش أسرار بين راجل و مراته وتراعي مشاعري ولا انت فاكرني لعبة في إيدك!
دفع الغطاء بحدة وهم بارتداء ملابسه هو الاخر ليردف بلهجة غاضبة:
-واللي حصل بينا ده مش في بند الاهتمام والمشاعر؟!!
وضعت ذراعيها حول خصرها لتقول بإصرار متجاهلة مقصده عن عمد :
-ده غير انك اخترت تتجاهلني ومعبرتنيش انا او عيالي، بذمتك في اب ينام من غير ما يطمن على عياله!!
اندفع ليقف امامها متهمًا بحدة:
-انهي عيال دول، اللي مش طايقني وخلوكي تغضبي!
-انت اللي خلتني اغضب متجبهاش في العيال الي ميوعوش لحاجة!!
دافعت في غضب وابتعدت للخارج ليهتف:
-عيال ده احنا العيال….
اتبعها بانزعاج ليقول وكأنه تذكر امرًا للتو :
-وبعدين تعالي هنا افهم ايه من اللي حصل ده، انك كنتي بتستغليني!!!
ارتبكت وهي تلتقط حجابها بجوار باب المنزل لتقول بتلعثم :
-ده مش أنا طبعًا!
-اومال أمي!
-لا بنتك هي اللي عملت كده!
طالعها باستنكار ليقول :
-استغفر الله العظيم واتوب اليه، انتي هتكفرينا يا ست انتي !
جزت على أسنانها بخجل واضح لتدافع وهي تفتح الباب:
-انت وحشت اللي في بطني عشان كده لعبت في دماغي!
ضحك بسخريه ليقول بتهكم :
-طيب والله حلو جدًا إن في حد انا بوحشه!
ضيقت عيونها التي لمعت بدموع لا مبرر لها لتقول :
-طبعًا ما أنت أهم حاجة عندك بنتك وعيالك!
كف على الأخر بذهول ليقول بنبرة مجنونة:
-لا إله إلا الله، هو انا مش من شوية كنت مفتري ومش بهتم بعيالي دلوقتي بقيت مش مهتم غير بعيالي،،، ده ليفيل جديد للنكد عشان ابقى معاكي على الخط بس!
ارتعشت شفتيها لتهطل دموعها وهي تقول :
-متشكرة يا محترم!
جذب ظافر ياقة ملابسه وكاد يمزقها بنفاذ صبر ليقول بلهجة مشتتة :
-أنتي بتعيطي لية دلوقتي، أنا كلمتك يا ستي !
أجابته ببحه وبكاء مكتوم وهي تتجه للخارج وتفتح الباب بعنف :
-لا مبتتكلمش كفاية أنك حارق دمي انا واللي في بطني طول الوقت، عن اذنك!
لم يجيبها وقد استوقفهم مشهد صعود مروان الجاذب لزوجته خلفه دون أن يلقوا السلام حتى، جاور ظافر زوجته وتبادلا الأنظار بتساؤل وتعجب قبل ان تتخلي شروق عن فضولها وتتذكر غضبها وتتركه متجهه إلى أعلى، عبث ظافر بخصلاته بغيظ قبل ان يقرر توجيه جام غضبه على مسبب المصائب في حياتهم.

*****

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل