منوعات

بقلم زكية ج2

ذئب يوسف
الفصل العاشر

صلوا على طه خير الخلق وأحلاها ❤️

___________________ قراءة ممتعة
ظل طيلة الوقت الغافية فيه يراقب كل تفصيلة فيها دون كلل ، تلك الغائبة التي ستعوضه رحيل الأخرى و ستدخل الفرح لجدران قلبه المعتمة .
شعر بها تتململ دليل على استيقاظها فأخذ يطالعها بحماس ، وهو يرتب كلماته التي سيخبرها إياها .

فتحت عينيها بضعف ، و أخذت تجول بأنظارها في المكان ، فوجدت نفسها بغرفة عصرية حديثة ، أخذت تطالعها بإنبهار شديد ، فجلست نصف جلسة ، تدرس كل تفصيلة بها ، غافلة تماماً عن ذلك الذي يود زرعها بين أضلعه ولا يتركها أبداً .

بدأت تتساءل بداخلها عن هوية ذلك المكان ، ومن قام باحضارها إلى هنا ؟!
وقع بصرها على والدها الممدد بجوارها ، فأطلقت ة عالية ، و قفزت من مكانها بذعر قائلة بخوف و تلعثم :- أنت…. أنت مين ؟

ابتسم لها بوجع قائلاً :- مش عرفاني يا حبيبتي !مش فكراني ؟!

هزت رأسها بنفي قائلة بذعر :- لا أنا مش عرفاك …. أنا… أنا عاوزة أروح ..روحوني.. أنتوا عاوزين مني إيه ؟

أردف بحنو و دموع علقت بعينيه :- أنا باباكي يا رحيق ، باباكي يا حبيبتي ، تعالي قربي مني نفسي أحضنك و أشبع منك .

نظرت له ب ة قائلة :- أنت …. أنت أبويا ؟

أومأ بتأكيد قائلاً بلهفة :- أيوة يا قلبي أنا أبوكي يا رحيق ، أبوكي اللي هيموت عليكي كل السنين اللي فاتت كلها و يشوفك .

نظرت له بتهكم قائلة :- والله ! كنت فين السنين دي كلها و أمي بتموت ، وأنا اللي الدنيا بتلطش فيا ، دلوقتي جاي تقولي أبوكي ! أنا عاوزة أمشي، مش هقعد هنا أبداً ، أنت فاهم ؟

وما إن همت لتغادر الغرفة ، أردف بوجع و توسل :- يا بنتي تعالي بس كلميني ربنا يهديكي أنا مش قادر أقوم .

أردفت بتهكم قاس :- ليه مش قادر تقوم ؟! رجليك منملة !

هز رأسه قائلاً بوجع :- لا علشان مشلول يا بنتي ، أنا لو بقدر أمشي كنت قومت حضنتك و مخلتكيش تفارقيني أبداً .

أردفت بتلعثم :- ممشلول!

هز رأسه قائلاً بابتسامة عريضة :- أيوة يا بنتي مشلول ، قربي مني بلاش تتعبيني .

رق قلبها له حينما رأت نظراته المتوسلة لها ، و سارت بخطوات مرتجفة ناحيته ، و جلست على استحياء بالقرب منه ، فابتسم لها بحب قائلاً :- بتبصي للأرض ليه ، مش عاوزة تشوفيني ولا تحضنيني ؟! تعرفي أنا بقالي ثلاث ساعات ببص عليكي وأنتِ نايمة بحفظ ملامحك جوة قلبي ، و أنا طاير من السعادة إني أخيراً لقيتك .

ثم فتح ذراعيه لها قائلاً برجاء :- ممكن أحضنك يا بنتي ؟

شعرت بالذنب ينهش أعماقها من ترجي والدها لها بهذه الطريقة ، فأومأت برأسها بسرعة ، و اندفعت نحوه كالقذيفة لتستقر بين ذراعيه ، احتضنته بقوة وكم شعرت بالدفئ ، وكأنها تملك العالم وحدها ، و سرعان ما شقت دموعها مجراها .

أخذ يقبل رأسها بلهفة و ندم قائلاً :- سامحيني يا بنتي، سامحيني . ليكي حق تكرهيني بس والله دورت عليكم كتير ملقتكمش ..

قاطعته قائلة بلهفة :- أنا… أنا مش بكرهك يا بابا .

ابتسم لها بحب قائلاً بحنين :- يااااه من زمان ما سمعتهاش منك يا نور عيني ، آخر مرة شوفتك فيها كنتي عيلة بضفاير أربع سنين قبل ما تختفوا أنتِ و مامتك .

قطبت جبينها بتعجب قائلة :- نختفي ! أنا مش فاهمة حاجة خالص .

أردف بحيرة هو الآخر :- ولا أنا يا بنتي ! في حلقة ضايعة في النص ، بس مش مهم أهم حاجة إنك معايا و جنبي من تاني ، أنا مش هسيبك أبداً و هعوضك عن كل حاجة ، بس أنتِ سامحيني و أديني فرصة .

أردفت بابتسامة عريضة :- بس أنا مسمحاك يا بابا ! بس متضايقة منك إزاي تنسى ماما و تتجوز عليها و تخلف ، أنا افتكر إنها كانت بتحبك أوي و فاكرة كلامها ليا ، هي ما تستاهلش أبداً كدة !

سحب نفساً طويلاً قائلاً :- دة موضوع طويل مش وقته ، خليني أشبع منك الأول .

أردفت برجاء :- لا قولي دلوقتي .

تنهد بعمق قائلاً :- ماشي يا ستي ، أولاً أنا اتجوزت أم شادي الأول مش العكس .

شهقت ب ة قائلة :- ها ! يعني ماما مراتك التانية ؟

أومأ بتأكيد :- أيوة ، بس لولا الظروف كانت هتبقى هي الأولى و الأخيرة . زمان يا بنتي أتحديت أبويا و أمي والكل علشان أتجوزها بس هما وقفوا في طريقي ، أمي طبعاً كانت مختارة ليا عروسة من الوسط المخملي تشرفها قدام الهوانم بتوعها ، ولما عارضتهم مش قادر أوصفلك عملوا إيه علشان يمنعوني .

نظرت له بفضول قائلة :- عملوا إيه ؟

ابتسم بخفوت عليها قائلاً بوجع :- بلاش أقولك أنتِ أبرأ من إني أقولك حاجة زي دي ، المهم اضطريت أتجوزها و بعدها بمدة خلفت شادي ، كنت عايش من غيرها جسم من غيرها روح ، مقدرتش أعيش من غيرها روحت أتجوزتها وسكنت معاها في شقة لوحدنا بعدما أترجيت أبوها يوافق ، عشت معاها أجمل خمس سنين في عمري كله ، راحت ومش هلاقي زيها تاني لحد ما في مرة روحت لقيتها اختفت بيكي من غير ما أعرف ليه !
ومن وقتها وأنا بدور عليكم زي المجنون ، و مرت سنة ورا سنة وأنا ما اعرفش عنكم حاجة ، لحد ما في مرة كنت سايق ومش واخد بالي فعملت حادثة و اتشليت بسببها زي ما أنتِ شايفة .

أدمعت عيناها بحزن عليه قائلة :- أنا آسفة يا بابا والله ما كنت أعرف .

مسح عبراتها بحنان قائلاً :- ما تتأسفيش يا حبيبة بابا ، أنتِ مش عارفة دلوقتي أنا فرحان قد إيه ، حاسس بجزء من روحي رجعتلي تاني ، و دة كفاية عليا أعيش بيه اللي باقيلي .

قبلت يده بحب قائلة :- بعد الش.ر يا بابا ، دة أنا ما صدقت بقالي أب ، بس يا بابا هو مين جابني هنا ؟! أنا آخر حاجة فكراها إني كنت ماشية في الشارع وفجأة حسيت بحد بيكممني بمنديل و أغمى عليا بعدها .

ضحك بصخب على ذلك الأبله قائلاً :- دة واحد مجنون أعذريه ، شادي أخوكي ..

جعدت أنفها بضيق قائلة :- البارد قليل الأدب ! ثم أردفت بتدارك :- قصدي يعني في الأول مكنتش فاكرة أنه أخويا وكدة .

ابتسم بحنو قائلاً :- دة بيحبك أوي وكان بيجي معايا ساعات ويشوفك ويلعب معاكي ، بش شكلك كدة فقدتي الذاكرة .

أردفت بحرج :- شكله كدة لأن مش فاكرة ، يمكن علشان كنت صغيرة وقتها ، بس دة ما يمنعش أنه مجنون في حد يعمل كدة !

ضحك بخفوت قائلاً :- لا دة طاقة منه ، بس وقت الجد بيبقى راجل و يعتمد عليه ، دة لما عرف إنك لسة عايشة كان هيموت من الفرحة ، أحلى حاجة فيه أنه واخد مني مش من والدته .

أردفت بود :- طيب و أختي ؟ هو قالي أن عندي أخت برده .

ربت على يدها بحنان قائلاً :- أيوة أختك شيري هي أصغر منك بسنة لسة في الجامعة بتدرس ..

صمت قليلاً ليردف بحذر :- رحيق ! في شوية حجات عاوزك تعرفيها هنا ، و مش عاوزك تقلقي أنا هقف معاكي وفي ضهرك .

أردفت بقلق :- حجات إيه دي يا بابا ؟

ضيق عينيه قائلاً بحذر شديد :- بصي هنا هتلاقي البلد مقسومة نصين ، بمعنى أوضح في ناس هتتقبلك وناس لا ، الناس اللي هتتقبلك هما عمك ومراته و مراد عادي الأمر سيان بالنسباله و ضيفي عليهم شادي كمان أما بالنسبة للباقي ..

قاطعته قائلة :- مش مرحبين بوجودي ومش طايقني ، مش كدة ؟

هز رأسه بأسف ، بينما استرسلت هي بهدوء :- بس أنا أقدر أعيش مع مدام سندس ، و هبقى أجي أشوفك كل يوم ، مش عاوزة أسبب لحضرتك مشاكل ، ولا حتى للموجودين هنا .

أردف بعتاب :- تعيشي في مكان تاني و أبوكي لسة على وش الدنيا ! اسمعي يا رحيق مش بعد ما لقيتك تقوليلي إيه ومش عارف إيه ، أنتِ هتقعدي هنا غصب عن الكل ، و لو حد ضايقك أنا اللي هقفله .

أردفت باعتراض :- بس يا بابا …

قاطعها بصرامة قائلاً :- مفيش بس ، كلامي بس اللي يتسمع ، مفهوم ؟

هزت كتفيها باستسلام قائلة :- حاضر يا بابا ..ثم تابعت بشراسة :- بس مش هسكت لحد يهيني هنا علشان تبقى عارف .

ضحك بصخب قائلاً :- أيوة هو دة اللي عاوزه منك ، عاوزك قوية علشان تقدري تواجهيهم كلهم ، تعالي بقى أحكيلي عنك طول السنين دي بالتفصيل الممل ، مش عاوزك تفوتي حاجة مهما كانت تافهة .

_______\\\\\\\\\\\ بقلم زكية محمد//////////////____

بعد أسبوع كانت تضع الأطباق على الطاولة بعنف و غيظ شديدين ، بينما أخذ هو يتابعها بابتسامة مكبوتة ، و يتمعن بدقة لوجنتيها اللتان اصطبغتا بلون الدماء ، و شرد في ما حدث منذ أسبوع .

عودة للزمن للخلف ، أصابته ال ة حينما رأى جسدها متراخي بين يديه فأردف بتذمر وهو يتطلع للصغير الذي يتابعهم ببراءة :- علي النعمة أمك دي ما تنفع ياض يا ميدو طبت من أول كلمة وهبلة ما شاء الله بتصدق كل حاجة ! ثم أخذ ي ها برفق على وجنتيها قائلاً :- مريم …مريم فوقي الله يخربيت اللي يهزر معاكي .

وبعد عدة محاولات فتحت عينيها ، وما إن وجدته قريب منها بهذا الشكل زجته بخجل شديد ، و سرعان ما أدمعت عيناها قائلة بخفوت :- أنت بتضحك عليا صح ؟ قولي اه بالله عليك ، أنا…. أنا معملتش كدة ..

أردف بضحك :- طبعاً مش صح ، أنا بس بشتغلك .

اتسعت عيناها بذهول ، و سرعان ما فارت الدماء بعروقها ، و انهالت عليه ت ه في صدره بكل ما أوتيت من قوة متناسبة لكل شئ ، وهي تردف ببكاء :- يا بارد ..يا تنح…. أنت معندكش دم ..

احكم قبضتيها بقبضتيه القوية قائلاً بضحك :- بس يا هبلة ..بس يا بابا .

ت بتذمر :- أنا مش هبلة وسيب أيدي يا بارد .

هتف الصغير بعدائية مدافعاً عن والدته :- ثيب ماما يا إثلام ، أنت وحش و هقول لجدي موثى .

رفع حاجبه باستنكار قائلاً :- ابن أمك بصحيح ! كدة يا ميدو تبيع عمك بردو ! أنا بلعب مع ماما يا حبيبي زي ما بلعب معاك ، يلا روح استخبى علشان الدور الجاي عليك .

ركض الصغير ينفذ طلب عمه ، بينما هتفت هي بتذمر وهي تحاول الفكاك من حصاره :- سيبني بقى الله !

تركها و رفع يديه باستسلام:- خلاص أهو بس أهدي .

أردفت بانفعال :- يا برودك هو بعد كلامك دة عاوزني أهدى !

ضيق عينيه قائلاً بخبث :- أنتِ اللي ساذجة و بتصدقي أي حاجة ، و بعدين رد فعلك كانت بتدل على حاجة واحدة بس …

صمت قليلاً ليغمز لها بعينه قائلاً بعبث :- إنك خايفة لتفضحي اللي جواكي قدامي .

دق قلبها بعنف قائلة بتلعثم :-أاا…. أنت بتقول إيه ؟ لا طبعاً دة متهيألك ..
ثم استرسلت بغضب لتخفي ذلك الاضطراب بداخلها :- وبعدين يا ريت تلتزم بإتفاقك وتطلع برة .

أردف بفحيح :؛ مش معنى إني ساكتلك من الصبح تقومي تعلي صوتك عليا ، للمرة الأخيرة هحذرك ، وهطلع برة قال يعني طالع من الجنة !
ثم أردف بتهكم قصداً منه أن يضع حداً بينهم ، حتى لا تأخذه جوارحه إلى منعطف لا يريد أن يصل إليه بتاتاً :- أوعي تفكري إني نسيت اللي حصل وهتعامل معاكي عادي ، فياريت أنتِ اللي متتخطيش حدودك و تخلي عقلك يصورلك حجات مش هتحصل أصلاً.

ألقى بكلماته و غادر ، ولم يعبأ بالشرخ الذي أحدثه بداخلها . لمعت دموعها سريعاً بعينيها سرعان ما محتهم بعنف قائلة بغضب وقهر :- لا …لا مش هعيط تاني كفاية …كفاية .. أنا و الوجع بقينا صحاب يعني لا جديد علينا يزود ولا ينقصه ، أيوة مش هعيط
ثم أردفت بوعيد :- ماشي يا إسلام أنا هوريك و هندمك على اللي قلته دة كويس أوي

عودة للوقت الحالي و منذ ذلك الوقت وهي تحاول أن تتجنب الحديث معه ، و تتعامل معه في أضيق الحدود ، و هذا ما زاده غيظاً، ولكن هي محقة في ذلك بالأخير .

هتف بمرح وهو يرى ألسنة اللهب تتصاعد منها :- يا ساتر يارب على ال اللي طالعة دي ! عاوزين خرطوم يا ميدو ونطفي الحريقة .

هتف الصغير ببراءة :- فينها يا إثلام ؟

أردف بعبث :- طالعة من ماما حتى شوف .

ضيقت عينيها وهي تصوب له سهاماً حارقة تكاد تفتك به ، بينما أردف الصغير بتعجب :- فين ال يا إثلام ؟ أنت مش بتشوف !

انفلتت منها ضحكة صاخبة على كلمات الصغير وهتفت بتأكيد :- أيوة يا ميدو ما بيشوفش نبقى نوديه للدكتور و نكسب فيه ثواب .

أردف بغيظ :- اتفقتوا عليا يعني ! طيب هاتي العيش دة خليني أكل لقمة و أقوم أنزل الشغل .

أردف أحمد بلهفة :- وأنا يا عمو إثلام عاوز أروح معاك .

ضحك بصخب قائلاً :- بتبقى مؤدب أوي عند مصلحتك ، ماشي يا حبيب عمو ، يلا خلص فطارك الأول.

بعد تناولهم لوجبة الإفطار ، نهض إسلام قائلاً بهدوء :- يلا يا ميدو ، بس استنى الأول عاوزين نصالح ماما أصلها زعلانة مني .

فكر قليلاً ثم أردف ببراءة :- جبلها حلاوة كتير و بوثة هنا .

قال جملته الأخيرة وهو يشير لوجنته ، بينما اتسعت عينا مريم ب ة ، فأردف إسلام بخبث :- ماشي يا ميدو دلوقتي مفيش حلاوة نجيب لما ننزل ، بس البوسة مقدور عليها .

قالها وهو يغمز لها بعبث ، بينما أخذت تطالعه بذهول وكأن على رأسها الطير ، و تحول وجهها لمحصول فراولة شهي يذهب بالعقول .

شهقت بقوة ، و تراجعت للخلف عندما وجدته يميل ناحيتها فأردف بعبث :- إيه أثبتي أنا بنفذ نصيحة ابنك .

خرجت حروفها المتقطعة بصعوبة :- أااا… أنت هتعمل ايه ؟ أبعد يا قليل الأدب !

طبع قبلة سريعة على وجنتها ، خطفت أنفاسها، و شعرت بدوار عنيف أجتاحها بضراوة ، وبدأت تتنفس بثقل .

أردف بقلق :- إيه ؟ هتفيصي تاني ولا إيه ؟ لا أهدي كدة واتنفسي واحدة واحدة …

بدأت تنفذ تعليماته حتى عادت أنفاسها لطبيعتها ، وانصرفت للداخل تختبئ من تلك المشاعر حتى لا تظهر أمامه و يفتضح أمرها ..

_____________________________________

ليلاً تجلس على إحدى الأرائك بالحديقة الشاسعة المساحة الخاصة بالقصر ، متخذة مكان بمفردها بعيداً عن هؤلاء الذين تشعر بالغربة معهم ، على الرغم من أنهم جزء منها وهي كذلك .
أتذرف الدموع و تنعي حظها العثر ؟ لا لا هذا ليس خياراً متواجداً في قاموسها .

زفرت بضيق بسبب كومة الأوراق التي أمامها ، و التي تخطط فيها ببعض الكلمات . أخذت تبعثر في الأوراق بشكل عشوائي قائلة بتذمر :- و بعدين بقى هتصرف مع شوية الحوش دول لوحدي إزاي ؟

ثم امسكت ورقة لتقرأ ما بداخلها قائلة :- الحرباية يمان هتصرف معاها إزاي ! والحجة اللي مش عاوزة تكبر دي بردو ؟ البت شيري مقدور عليها ، إنما دول عاوزين تكتيك عالي نحطهم على جنب و ناجي للي اسمه جدي دة اللي كل ما يشوفني ضغطه بيعلى .

ضحكت بخفة قائلة بإطراء لذاتها :- بس كويس من يومك حرقاهم يا بت يا رحيق . ثم ت بحماس قائلة :- اه لقيتها أنا عرفت هعمل إيه ، أنا هطفشهم هخليهم يقولوا حقي برقبتي ، ماشي استنوا عليا بس .

ثم أردفت بتذمر :- مطلعتوش للست السكرة مرات عمي دي ليه ، ولا عمي ربنا يباركلهم ، اللي غايظني البارد عليه برود يطفش قارة بحالها ، اه يا عيلة بنت تيت بصحيح .

ثم راحت تتأمل ذلك الفناء الواسع قائلة بغل :- و قاعدين في الهلمة دي كلها يا كفرة والناس قاعدة فوق بعض في الحارة ، هتروحوا من ربنا فين يا ظلمة ؟!

– الله يحرقك ! وأنا أقول ليه من الصبح كل حاجة مش مظبوطة أتاري سيادتك بتنقي علينا !

ت بفزع قائلة بحدة :- إيه الهمجية دي ؟! مش تكح ولا تقول احم ولا دستور !

قطب جبينه قائلاً بعدم فهم :- يعني إيه اللي قولتيه دة ؟

مطت شفتيها بسخرية قائلة :- دي حجات صعب عليكم يا بتوع دادي و مامي تفهموها .

ها برفق على مؤخرة رأسها قائلاً بضحك :- يا بت لمي لسانك و احترمي أخوكي اللي أكبر منك .

أردفت بتذمر :- إيدك تقيلة يا شادي الله !

أردف بضحك :- حقك عليا يا ستي ، ها بتعملي إيه وقاعدة تقري ليه ؟ بتحسدينا يا رورو !

أردفت بحرج :- أنت سمعت !

ضحك بصخب قائلاً :- كله …كله ..

شهقت ب ة قائلة :- ها ! طيب استر عليا ربنا يستر عليك .

جعد أنفه بتعجب قائلاً :- أستر عليكي ! هو أنا قافشك في شقة مفروشة ! أنتِ هبلة يا بت !

زمت شفتيها بضيق قائلة :- يا عم يعني داري عليا و متقولش لحد .

غمز بمكر قائلاً :- متقلقيش سرك في بير يا كبيرة ، وايه الورق دة ؟

أخذ ينظر فيه بدقة قائلاً بدهشة :- يا شيطانة بتخططي لإيه ، لا أنا كدة هخاف منك .

أردفت بابتسامة بلهاء :- لا متقلقش أنت برة القايمة .

تنهد براحة قائلاً :- الحمد لله، يعني أنا براها !

أطلق ضحكاته العالية حينما قرأ ما تلقب به كل شخصية قائلاً :- حرباية ، أم قويق ، الحجة سلوى ، أبو شنب مترين ، الفريزر ! هههههه اه لو سمعك الفريزر يبقى أقري على روحك الفاتحة ، الأحسن تولعي في الورق دة كله .

أردفت باعتراض :- لا دة تعبي من اول ما قعدت ، أنت عاوز تضيع تعبي على فشوش ، أنا هطلع بيه فوق و أحطه في أوضتي ولا من شاف ولا من دري.

ابتسم لها بحب قائلاً :- قاعدة لوحدك ليه ؟

تنهدت بثقل قائلة :- كدة مرتاحة أكتر ، مش عاوزة اسمع حاجة منهم توجعني ، أنا قاعدة هنا علشان بابا و علشان ما اكسرش بخاطره .
عارف يا شادي ! أنا لو أبويا كان واحد عادي ساكن في حارة و في حب و دفى في البيت صدقني أحسن بكتير من هنا ، هنا في مظاهر و استعراض مين الأحسن ، بس الدفى و الرضا مكانهم مش هنا ، مكانهم وسط قلوب ناس طيبة مش جواها شر ولا غل وعلى إيه ما إحنا كلنا هنمشي في الآخر ، فقير غني كله هيدخل بورة ضيقة ومش هياخد حاجة معاه ، لازمتها إيه أكره ، أخطط علشان أذي غيري ، والله مش مستاهلة أبداً .

نظر لها قائلاً بإعجاب من طريقة تفكيرها ، و بشئ من المرح لكي يخفف عنها :- إيه دة أنتِ طلع عندك مخ و بتقولي كلام حكم أهو .

ضيقت عينيها قائلة بغيظ :- تقصد إيه إن مش عندي عقل ؟

هز رأسه قائلاً بمرح :- أيوة مفيش عقل خالص .

ضيقت عينيها بوعيد وهي تشمر ساعديها قائلة بغل :- ماشي يبقى أنا مجنونة ، أنت اللي جبته لنفسك ..

قالت كلماتها الأخيرة ، ثم انقضت عليه ت ه بغضب ، و حينما وجدته يضحك وأن قبضتها لم تؤثر فيه ، قامت بدفعه فسقط أرضاً بعدما اختل توازنه ، ولم تعطيه الفرصة حينما غرست أسنانها الحادة بذراعه ، فأطلق صيحة متألمة قائلاً :- بس خلاص يا زفتة ، أبو اللي يهزر معاكي يا شيخة ، يا بت كفاية مش عاوز أزعلك .

تركت ذراعه قائلة بشراسة :- لا زعلني أنا عاوزاك تزعلني !

هز رأسه بوعيد قائلاً :- كدة ! يبقى أنتِ اللي جبتيه لنفسك . لم تستوعب كلماته ، إذ قام بقلب الوضع لتصبح هي مطروحة أرضاً ، ثم انهال عليها يدغدغ بطنها ، و هي تتلوى وتطلق ضحكاتها الرنانة وبعض ال ات الحادة تنهره فيها بأن يتوقف .

– إيه اللي بيحصل هنا دة ؟!

توقف الإثنان فوراً عند سماعهم لهذا الصوت الجامد ، فاعتدلت هي على الفور بحرج ، و هتفت بغيظ بداخلها :- وايه اللي جاب الفريزر دة عندنا ؟!

نهض شادي قائلاً بمرح :- زي ما أنت شايف أخ وأخت بيهزروا مع بعض .

رفع حاجبه قائلاً بجمود :- أظن البيت دة محترم وانتوا مش صغيرين على حركات الأطفال دي !

هتفت باندفاع :- تقصد إيه يا جدع أنت؟ يعني ايه البيت محترم ، هو أنت شايفنا بنشرب منكر !

لم يعطيها اهتمام ، و أردف ببرود :- يا ريت يا شادي تعلم أختك قواعد البيت و أصوله ، و ياريت إن أمكن تجبلها خبيرة أتيكيت تعلمها الكلام كويس .

قال ذلك ثم انصرف للداخل ، بينما صاحت هي بصوت مسموع :- مين دي يا عمر اللي تعلمها الكلام كويس ؟ كلمني هنا أما إنك فريزر بصحيح ، خد ياض….اممممممم

لم تكمل حديثها عندما كمم شادي ثغرها قائلاً بضحك خافت :- خلاص الله يحرقك بدل ما يورينا الوش التاني .

أبعدت يده قائلة بضيق وحنق :- هو فاكر نفسه مين يعني ؟ دة أنا رحيق اللي علمت على شباب الحارة هيجي دة يستقل بيا ! لا وألف لا .

أردف بمهاودة :- بقولك إيه ما تيجي ندخل جوة وتروحي أوضتك و تخططي في الورق بتاعك !

هزت رأسها بتذكر قائلة :- اه صح فكرتني ، ماشي هروح علشان أقعد أمخمخ مع نفسي .

لملمت أوراقها ودلفت للداخل ، بينما ضحك هو عليها قائلاً :- والله مجنونة ! بقلم زكية محمد

_____________________________________

في صبيحة اليوم التالي نزل لمحل عمله كعادته ، بينما شعرت هي بالضجر ، فمنذ تلك الواقعة وهي حبيسة المنزل ولو خرجت للخارج سيتم ها هذه المرة .
عبست ملامحها الجميلة بحزن لمقاطعة والدها و شقيقها إياها، وعلام ؟ على من لا يستحق ! .
ابتسمت بوجع على سذاجتها ، وأنها أوقعت نفسها في مشكلة عويصة ، يا ليتها ما ذهبت ، ولكن مهما ندمت فلن ينفع الندم بعد زلة القدم .

تنهدت بوجع و قررت أن تصعد لوالدتها في الأعلى، نعم ستتعرض للحديث اللاذع الذي سمعته بالأمس ، ولكنها لن تعطي للأمر أهمية .

نزلت درجات السلم بحذر ، وهي تخشى أن تقابل أحداً يقوم بمضايقتها ، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، إذ قابلت تلك المدعوة أسماء التي أظهرت لها وجهاً آخر لم تتوقع يوماً رؤيته ، جزت على أسنانها بغضب تلك المرة فهي لا تضمن نفسها وما ستفعله إن تحدثت عنها بالسوء .

كانت برفقة أحدى السيدات التي كانت تواسيها عندما هتفت :- معلش يا حبيبتي بكرة يجيلك سيد سيده هي الرجالة خلصت ولا أنتِ وحشة ! دة أنتِ قمر وألف مين يتمناكي ..

ثم عبست ملامحها فجأة حينما ظهرت مريم أمامها لتردف بضيق :- يلا ربنا على المفتري و الستات الكهنة اللي تتمسكن لحد ما تتمكن ، و أردفت بتأكيد وهي تطالعها بخبث :- أيوة يا خالتي ، بنات مش ساهلة أبداً و بتطعن في الضهر من غير خشا ولا حيا ، ربنا يبعدهم عننا و يكفينا شرهم .

نفخت بضيق ، ولم تعيرهن أي اهتمام و أكملت طريقها ، مما أثار غيظ أسماء التي تُلقى عليها بالكلمات السامة حتى تثير غضبها ، ولكن ما تراه يعكس توقعاتها لتردف مجدداً :- أنا مش عارفة ليها عين تمشي وسط الخلق إزاي بعد عملتها دي ! ضحكت عليه و خلته زي الطرطور ماشي وراها.

إلى هنا وكفى ، فلكل شخص طاقة تحمل ، وهي تحملت ما فاق الجبال ، إذ التفت لها فجأة، وقامت بسحبها بقوة صارخة بوجهها بحدة :- سكتالك من الصبح وأنتِ بكل بجاحة عمالة تغلطي فيا ، وأنتِ الغلط راكبك من ساسك لراسك ، حطي في بوقك جزمة قديمة و اسكتي أحسنلك ، سامعة ؟

أردفت الأخرى بغضب وهي تحاول التملص منها :- ابعدي إيديكي دي عني ، واه بتكلم عليكي يا خطافة الرجالة .

اتسعت عيناها بذهول فأردفت ب ة :- خطافة مين يا عيون طنط ؟ أنتِ ملكيش دعوة عيلة في بعضينا أنتِ مالك ، إيه اللي حشرك بينا ، واه خطفته أرتحتي ؟

أردفت بصوت عال تجمهر عليه بعض السيدات و الفتيات بالعمارة :- شوفوا يا ناس أهو بتعترف بغلطها أهو ، صحيح بجحة و أهلك معرفوش يربوكي .

أحمرت عيناها بغضب حارق قائلة بوعيد :- طيب و ربنا لأوديكي علقة مخدهاش حرامي غسيل علشان تحرمي تقفي تاني في طريقي .

أنهت كلماتها ، و انهالت عليها بال ، و تشد شعرها ، و سقطتا أرضاً سوياً ، وكانت الأخرى تدافع عن نفسها ، و ت ها و تشدها من شعرها الذي سقط عنه الوشاح بفعل الشد و الجذب بينهما ، كأي عراك بين إثنتين .

خرجت سامية والبقية ، لتهتف ب ة ما إن تبينت وجهها :- يا نهار مش فايت ! دي البت مريم ، طول عمرها عاقلة ايه اللي خلاها تعمل كدة بس !

هتفت توحيدة بضيق :- أكيد اللي ما تتسمى لقحت عليها كلام ، بالله عليكي لتتصلي بإسلام ولا أخوها يجوا يحوشوا الخناقة دي على ما أشوفها .

أومأت بموافقة و توجهت للداخل ، بينما هتفت عواطف بضيق :- ولسة يا ابن بطني ولسة ، أنا مش عارفة إيه الشبكة السودة دى !

بعد دقائق طوى درجات السلم سريعاً للوصول للأعلى ، ثم عبر بصعوبة وسط هذا التجمهر من النسوة ، وهتف ب ة حينما رأى ما يحدث :- إيه دة ؟! بقلم زكية محمد
ثم صاح بصوته الجهوري :- مرررررررررررررريم …

انت في الصفحة 2 من 15 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل