منوعات

بقلم زكية أحمد ج1

الفصل الاول.

في منزل بسيط في إحدى الأحياء الشعبية فتحت عينيها على أثر خطوط أشعة الشمس الذهبية المنبعثة من الشرفة الخاصة بها ، و اختلطت بخصلاتها فصبغتها باللون البني اللامع ، كما أعطت بشرتها الناصعة لمعة خاصة . نهضت بتثاقل وهى تتثائب و تتمطأ بكسل ، نظرت فى الساعة وجدتها السابعة فهتفت بصوت ناعس :- بسرعة كدة جات سبعة دول يدوب خمس دقايق اللي نمتهم بعد الفجر.

التقطت منشفتها و دلفت للمرحاض لتغتسل ، و الذي طلبت بتصميمه خصيصاً داخل غرفتها على الرغم من ظروفهم المعيشية المتوسطة ولكنها أصرت على ذلك منذ أن علمت بنوايا ابن خالتها الدنيئة تجاهها . بعد وقت اغتسلت ، وارتدت ملابسها الفضفاضة الباهتة وحجاباً طويلاً ، ثم التقطت حقيبتها بعد أن تأكدت من وجود متعلقاتها بها وتوجهت للباب وفتحته بالمفتاح بعد أن أوصدته جيداً كما تفعل في كل ليلة لتحظى بالأمن و تنام قريرة العين.

وضعت حقيبتها على الطاولة، ومن ثم دلفت للمطبخ لتعد وجبة الإفطار لخالتها المر..

يضة ، وذلك السمج الذي تمقته. انسجمت في إعداد الطعام ، و شعرت فجأة بأن هناك أنفاس ساخنة تحرق وجنتها ، سحبت السكين بسرعة واستدارت ورفعتها في وجهه قائلة بتهديد :- لو قربت يا حاتم سنتي كمان ه ك أنت فاهم ؟

رفع يده باستسلام قائلاً بخبث :- بس في ايه يا رحيق دة جزاتي يعني بصبح عليكي .

جعّدت أنفها بضيق قائلة:- لا يا سيدي صبح من بعيد مش لازم طريقتك القذرة دي هوووف ..

أردف بخبث :- بالراحة على أعصابك يا جميل ليحصلك حاجة .

نفخت وجنتيها بضجر قائلة :- ممكن إذا تكرمت تطلع برة على ما أحضر الفطار ؟

مسح على صدره قائلاً وهو يتلاعب بحاجبيه :- ماشي يا قمر أنت تؤمر . قال ذلك ثم خرج ، بينما قبضت على مقبض السكين الذي بيدها بشدة وهتفت بكره :- ربنا ياخدك يا أخي بني آدم حقير سايب أمه اللي بتموت جوة و عمال يقل أدبه .
ثم أضافت بخوف مبهم :- يا رب اشفيها هي اللي بتحميني منه أنا مش عارفة هعمل إيه لو راحت وسابتني .
بعد ان انتهت توجهت للغرفة المتواجد بها خالتها المريضة بالكلى ، والتي اشتد عليها المرض منذ يومين ولزمت الفراش . دلفت للداخل و على وجهها ابتسامة عذبة عندما وجدتها متيقظة ، وتستند بظهرها على الفراش فهتفت بحنان :- صباح الفل عليكي يا خالتي أخبارك إيه النهاردة ؟

ابتسمت لها بدورها وهتفت بخفوت :- الحمد لله يا بنتي هو أحسن من امبارح شوية .

ساعدتها على النهوض قائلة بحنو :- طيب يلا يا ستي علشان أساعدك تروحي الحمام . ثم أضافت بمرح :- ده أنا عملتلك فطار إنما إيه أول ما تاكلي هترجعي علطول ..

ضحكت بوهن قائلة :- جاتك إيه يا رحيق يا بت أنا مش قدك مش قادر أضحك.

أردفت بلهفة :- معلش يا خالتي لو كنت تعبتك وأنا ما أقصدش.
ربتت على يدها بحنو قائلة :- انتِ عمرك ما تعبتني يا بنتي بالعكس دة انتِ شايلاني على كفوف الراحة لو ليا بنت ما كنتش هتعمل كدة معايا .
ثم أضافت بحزن :- ربنا يقدرني و أرد جميلك دة يا بنتي .
أردفت بعبوس :- جميل إيه يا خالتي انِت زي أمي الله يرحمها بالظبط، انتِ اللي عوضتيني عن غيابها ما تقوليش كدة تاني هزعل منك، ولو في حد بيرد جميل هيبقى أنا مش أنتِ.

ابتسمت لها بحنو و تساءلت بداخلها:- يا ترى الأيام هتعمل فيكي إيه لو ربنا افتكرني ؟ يا رب حلها من عندك خايفة أقولها وخايفة اسكت مش عارفة أعمل إيه ؟! يا رب وكلت الأمر إليك .

خرجت تسندها بعد أن فرغت من كل شئ، فسحبت لها المقعد لتجلس عليه ، و هتفت بصوت مختنق :- يا حاتم …حاتم تعال أفطر .

أردفت صفية بتساءل :- هو لسه ما صحيتش ولا ايه؟!
أردفت بتوتر :- لا صحي يا خالتي بس هو جوه.

هزت رأسها بتفهم قائلة :- طيب روحي ناديه علشان يلحق يفطر ويروح يشوف شغله .

مطت شفتيها بتهكم قائلة بخفوت :- شغل ! هو دة بيعمّر في حتة الحشاش المعفن دة !
ثم هتفت بصوت عالٍ :- حاتم تعال أفطر ما ليش دعوة بعد كدة .
جلست إلى جوار خالتها ، ثم شرعت في تناول طعامها ، بينما أخذت الأخرى تطالعها بأسى وهي تعلم تمام العلم السبب خلف رفضها للذهاب ناحية غرفته ، كما تعلم جيداً بنوايا ابنها البذيئة ، وتعلم ما يريد فعله ؛ لذلك يجب أن تضعها في مأمن قبل أن تصعد روحها لخالقها.

خرج يزفر بضيق من فشل مخططه ، فهو توقع أن تقودها قدميها إلى غرفته لكي تستدعيه لتناول الطعام ، و عندها يحتجزها في غرفته و يفعل بها ما يشاء ، و لكن ذهب كل ذلك سدى ، فقد خالفت كل توقعاته .

جلس على المقعد قبالتهن، و شرع في تناول الطعام بغيظ مكبوت، بينما راقبته هي بابتسامة ظافرة . أردفت صفية بحنو :- هتنزلي بردو النهاردة يا رحيق ؟

اومأت بنعم قائلة بأمل :- أيوة يا خالتي إدعيلي ألاقي شغلانة المرة دي .

خرج صوته الساخر قائلاً :- جرا إيه يا ست الأبلة متخرجة ليكي شهر و عاوزة تشتغلي ! دة إنتي قلبك جامد بقى ، و شكلك عايشة في مية البطيخ.

تأففت بضيق قائلة :- أومال عاوزني أحط إيدي على خدي ؟! أديك شايف الحال ولا البيه مش واخد باله !

أردف بتهكم :- و يا ترى هتشتغلي إيه ؟ هي الحكومة هتعينك أبلة بالسرعة دي ! مش شايفة اللي قبلك رجالة كمان متلقحين على القهاوي وانتي عملالي سبع رجالة في بعض !

جزت على أسنانها ب شديد قائلة :- أنا مليش دعوة بحد ، أنا ليا مستقبلي اللي هبنيه خطوة بخطوة هبتديه و مش هسمح لأمثالك يرجعوني ورا بكلامهم دة .

رفع حاجبه بتهكم قائلاً وهو يوجه حديثه لوالدته :- شايفة يا أما اهه اللي إحنا بنربيها و بنصرف عليها بتقل أدبها و بتعض اليد اللي إتمدتلها صحيح زي القطط تاكل وتنكر .

أدمعت عيناها بقهر قائلة :-شوف صرفت كام يا حاتم وأنا هدفعوا .

ضحك بسخرية قائلاً :- لا يا شيخة ! منين يا حسرة ؟! يكونش اتفتحتلك طاقة القدر وأنا ما أعرفش !

تدخلت صفية تهتف بتعب :- ما يصحش يا ابني اللي بتقوله ده دي بنت خالتك بردو من لحمنا ودمنا.

نهضت تاركة طعامها ، و هي تحاول قدر المستطاع أن لا تزرف دموعها أمامهم ، و هتفت بتماسك :- أنا ماشية يا خالتي زمان آلاء مستنياني .

تبخرت كالبخار حينما نطقت بكلماتها ، و طوت درجات السلم بخطوات سريعة ، و قلبها ينزف من الداخل بجراحه المتعددة ، فهي بلا أب ولا أم ، تركاها بمفردها تعاني الويلات ، وعاشت مع خالتها التي عالتها حتى كبرت بعد وفاة والدتها وهي في سن العاشرة ، ودون أب ، وكلما تسأل عنه يخبروها بأنه سافر لبلاد الخليج ، ولم يعد حتى الآن.

واجهت المصاعب بمفردها دون أن تجد سنداً لها، و على الرغم من أن خالتها تعاملها بالمودة والحنان إلا أنها لم تكن تشاركها أسرارها و أوجاعها التي تؤرقها في لياليها الطويلة . تعودت أن لا تتحدث مع أحد عن شيء يخصها أو يمثل صعوبة لها ، كانت تجتاز كل ذلك بالصبر والمثابرة ، فشكلتها الأيام أن تكون قوية ، و أن يكون لديها صبراً طويلاً ، و أن مهما بلغت الصعوبات فلا بد من مخرج طالما هي مع الله . لقد علمتها الحياة أن تترك جروحها خلفها و تمضى قدماً وأن الحياة لا تقف على أحد وعليها أن تسير للأمام ، وتسعى بكل طاقتها للوصول إلى ما تبغيه ، وأنه لايوجد مجال للوقوف و البكاء على اللبن المسكوب.

مسحت عبراتها سريعاً ، وهي تمر أمام الورشة الخاصة لتصليح السيارات ، والتي يعمل حاتم بها، نفخت بضيق حينما سمعت تطاول أحد الجالسين ، والذي يتأملها بوقاحة قائلاً :- إمتى هتحن علينا يا أبيض يا أجنبي أنت ؟
لم ترد عليه فهي قد اعتادت عليه من قوله لتلك العبارات ، وكم من المرات التي أتى لطلب يدها من خالتها ، ولكنها ترفضه دائماً ، و منذ ذلك الحين وهو يمني نفسه بأن توافق و تقبل به زوجاً لها .

وصلت لآخر الشارع فوجدت زميلتها آلاء تنتظرها فهتفت بمرح :- إيه دة كل دة تأخير يا ست رحيق مخصوم منك تلات أيام .

ابتسمت لها بخفوت قائلة بتهكم :- مش لما نشتغل الأول يا أختي !

هتفت بتمني :- إن شاء الله هتظبط المرة دي ، يلا بينا .

______________________________________

جعّدت وجهها بتذمر ، وهي تلوح بيديها في الهواء ظناً منها أن الفاعل بعض الذبابات إلى أن ذلك الشيء لم يتوقف مانعاً إياها من أخذ قسط وافي من الراحة ، فتحت عينيها قائلة بضيق :- يووه دبان رخم مش عارفة أتخمد منك ….. إلى أنها انتبهت لذلك صوت الملائكي الذي هتف بضيق ، وهو يربت على ذراعها كي تستيقظ :- ماما اثحى ماما ….

نهضت و جلست نصف جلسه وجدته ويقبع بين ذراعها وانهالت عليه بوابل من القبلات في جميع أنحاء وجهه قائلة من بين القبلة والأخرى :- حبيب ماما وروح ماما وعقل ماما أنت يا ميدو يا جميل.

أنهت كلماتها ، ثم أخذت تدغدغه ببطنه فتعالت ضحكات الصغير قائلاً بتقطع :- بث …بث ..خلاث يا ماما بطني وجعني ..

توقفت فوراً قائلة بلهفة :- اسم الله عليك يا قلبي يلا يا بطل أكيد جعان .

أومأ بموافقة قائلاً :- اه جعان ماما يلا قومي.

نهضت بسرعة قائلة :- حاضر يا حبيب ماما أديني قومت أهو .

خرجت للخارج و وجدت والدها ووالدتها على طاولة الطعام ، فألقت عليهم تحية الصباح فردوها بهدوء ، بينما هتف والدها بعدم رضا :- مش تقومي تشوفي طلبات الواد بدل ما أنتي نايمة كدة !

هتفت بهدوء :- والله غصب عني يا بابا راحت عليا نومة من شغل امبارح .

تدخلت والدتها قائلة بحنو :- خلاص يا حاج حصل خير روحي حضري الأكل لابنك يا حبيبتي .

أومأت بحزن ، ومن ثم حملت الصغير و ولجا سوياً للمطبخ ، و تكبح دموعها بصعوبة، فهي منذ أن توفي زوجها وهو يعاملها بخشونة وأحياناً ما تفلت منه زمام الأمور ويهذي بكلمات تزيد من أوجاعها حينما يقول إنها ” وش فقر ” ” اترملت بدري بدري ” “هتقعدلي في البيت ” ، و كثيراً من تلك الكلمات التي تزيد من اتساع فوهة جراحها .

نظرت لطفلها ذو الثلاث أعوام ، والذي بمثابة حبل النجاة لها في بحر الألم الذي تغرق بداخله ، أنه هو الوحيد الذي يرطب تلك الغرز المنتشرة في قلبها ، و هو الوحيد من بني جنسه القادر على جعلها تُشفى بابتسامة واحدة منه . أما الدواء الحقيقي يتمثل في قربها من الله ، والتعبد له ، والدعاء بأن يلهمها الصبر على تلك الاختبارات التي تاتيها واحداً تلو الآخر ، ولم تخرج إلا بقول واحد ” الحمد لله ” .

وضعت صغيرها على المقعد ، و بدأت تعد له وجبة الإفطار التي يفضلها طفلها ، و هي تبتسم له و تبعث له القبلات في الهواء وسط تعالي ضحكاته الرنانة .

بعد وقت عادت به تحمله على ذراع ، والآخر يحمل طبق ” الكورن فليكس” ، ثم جلست قبالتهم ، وشرعت في اطعام الصغير.

نشب صراع بداخلها أتخبره بذلك الطلب أم تصمت ؟!
ازدادت دقات قلبها مع وتيرة أنفاسها العالية ، فا بت شبح ابتسامة تزين ثغرها ، ورفعت رأسها تجاه والدها قائلة بحذر :- بابا كككنت عاوزة أقولك حاجة ..

ترك الخبز الذي بيده قائلاً بانتباه :- خير يا مريم !

حبست أنفاسها ، و أخذت نفساً عميقاً قائلة بسرعة :- بابا كنت عاوزة أشتغل ….

و قبل أن تكمل حديثها أردف ب :- شغل إيه دة إن شاء الله ! هو إحنا من امتى عندنا الكلام دة ؟!

أردفت بروية وهي تضم الصغير الخائف إلى صدرها :- يا بابا أنا واخدة كلية حرام أقعد من غير شغل و….

قاطعها قائلاً ب :- أظن الكلية دي أخدتيها في بيت جوزك الله يرحمه وقتها مكانش ليا يد في الموضوع و طول ما انتي هنا تحت طوعي يبقى تنفذي أوامري لما أبقى أموت أبقي اصرفي على نفسك .

هتفت بلهفة :- ألف بعد الشر عنك يا بابا .

نهض مغمغماً بسخط :- أبقي عقلي بنتك يا توحيدة، أنا نازل الوكالة بالإذن .

قال ذلك ثم انصرف مسرعاً ، بينما هتف الصغير و هو ينظر لوالدته بخوف بعد أن كان يخفي وجهه في عنقها خوفاً من صراخ جده :- جدو مثي يا ماما ؟

هزت راسها وهي ترقص على رقص خليجي حنان ايوه يا روح ماما مشي ما تخافش يلا علشان تكمل باقي أكلك .

أردف بتذمر :- جدو أيوب وحث بث جدو موثى حلو ، جدو أيوب علطول بيزعق.

ابتسمت بخفوت قائلة :- لا يا حبيبي جدو أيوب كمان حلو بس أنا زعلته علشان كدة زعق هبقى أصالحه بعدين.

أومأ ببراءة ثم فتح ثغره ليلتقط الطعام ، بينما هتفت توحيدة بعتاب :- و بعدين معاكي يا مريم مش هنفضها من السيرة دي بقى ؟!

قطبت جبينها بحزن قائلة :- يا ماما أنا الحمد لله جبت تقدير امتياز السنة دي بعد طلوع الروح إني أكمل يقوم دلوقتي يقولي مفيش شغل !
وتنهدت بأسى قائلة بدموع تهدد بالهطول :- حرام عليكم كفاية تغصبوني على كل حاجة ، علطول ماشية بمزاجكم ، خلوني أمشي بمزاجي و لو لمرة واحدة .
نهرتها بحدة قائلة :- قصدك إيه يا بت بغصبينك دي ها قصدك إيه ؟

مسحت عبراتها الخائنة بالعهد، فقد عاهدتها ألا تسقط مجدداً أمام أحد ، و لكنها خانتها ، و ت ببنود العهد عرض الحائط ؛ لذلك قامت بتجفيفها بقسوة ، و كأنها تعاقبها على ما فعلت ، و نظرت لوالدتها قائلة بوجع :- أبداً يا ماما انتوا عمركم ما غصبتوني على حاجة أنا محقوقالكم .

جلست تطعم الصغير ، بينما أخذت توحيدة تهز رأسها بيأس وحزن ، و هي تعلم تماماً ما تقصده من حديثها ، فهي تقصد بذلك زواجها من ابن عمها الذي كان يكبرها حينها بأربعة عشر عاماً ، طلبها عمه لابنه فوافق والدها على الفور دون أن يعرف رأيها ، وكان عمرها ثمانية عشر عاماً ، و ظلت معه لمدة عامين إلى أن توفاه الله بحادث سيارة قبل عامين في الإسكندرية حيث كانت تعيش معه هناك إلى جوار مقر عمله ، و انتقلت عند أهلها مجدداً، و أكملت دراستها وسط اعتراض والدها ، لولا تدخل عمها و شقيقها في الأمر ، و عندما أنهت الدراسة و طلبت منه أن تعمل رفض كالعادة .

شعرت بالحزن الشديد تجاه ابنتها التي نال الحزن منها ما يكفي ، تلك الوردة المنطفئة قبل أوانها ذات الاثنين و عشرين عاماً ، تحملت المسؤلية منذ الصغر و لا زالت .
زفرت بضيق فهي مكتوفة الأيدي أمام أيوب الصارم الذي لا يجرؤ أحد على اعتراض أوامره .

بعد أن انتهى من الطعام ، و اكتفت أمعائه الصغيرة ، قامت مريم بتنظيف البقايا الموجودة على الطاولة ، و بعد أن انتهت هتف أحمد بإلحاح :- ماما عاوز أروح عند جدو موثى و عمو إثلام .

أحدث سماع اسمه زوبعة شديدة بداخلها أطاحت بالمتبقي من قلبها المتهشم منذ سنوات بعد أن كُسِر على يدهم .
بادلته ابتسامة مرتجفة قائلة :- حاضر يا حبيبي تعالى ننزل تحت عند جدو موسى و تيتة عواطف .

صاح الصغير بحماس ، و هو يجذبها من يدها ، و يسير بها نحو الباب بخطوات سريعة :- هاااااااي ، يلا بثرعة يا ماما .

اومأت له باستسلام ، و نظرت لوالدتها قائلة :- ماما أنا هنزل تحت عند مرات عمي و عمي .

أنهت كلماتها ، و نزلت مع الصغير للأسفل ، و دقات قلبها تغني عن ألف سؤال ..

____________________________________

ارتدى ملابسه الخاصة بالعمل ، و كان على وشك الخروج إلا أنه سمع طرقات على الباب فتوجه ليرى من بالباب ، و ما إن فتحه وجد جارتهم سميحة ، و التي هتفت بود :- ازيك يا حاتم يا ابني ؟

ابتسم بتكلف قائلاً بصوت أجش :- أهلاً يا خالتي أم سما الحمد لله بخير ازيك إنتي؟

أردفت بود :- الحمد لله رضا يا ابني ، أومال فين أم حاتم و رحيق مش جوة ولا إيه ؟

أردف بنفي وهو يتنحى قليلاً من أمامها لتدلف للداخل :- لا أمي جوة في الصالة إتفضلي . ثم أضاف بغيظ مخفي :- أما رحيق راحت تدور لها على شغل هي و صحبتها .

أومأت له بتفهم قائلة :- و ماله يا ابني ربنا يفتحها عليهم قادر يا كريم .

أردف بهدوء :- طيب أدخلي انتي يا خالتي أنا نازل الشغل .
دلفت للداخل، تصيح باسمها ، فأتاها صوتها قائلة بتعب :- تعالي يا سميحة أنا هنا .

تقدمت ناحية الصوت ، و هتفت بابتسامة مشرقة ، وهي تصافحها :- إزيك يا أم حاتم ؟ عاملة إيه دلوقتي ؟ العلاج ماشي كويس معاكي ؟

أردفت بوهن ، و تمسك بجانبها :- أهو الحمد لله ماشي لحد ما أقبض آخر الشهر و أروح أغسل .

أردفت بأسى :- يا حبيبتي لسة هتستني لآخر الشهر ؟!

ذمت شفتيها بحزن جلي قائلة :- اعمل ايه يا سميحة ما إنتي عارفة البير و غطاه ، أجيب منين ؟ أنا كل اللي هاممني دلوقتي رحيق لو حصلي حاجة هتروح لمين و مين اللي هيبقى جنبها ؟! خايفة عليها أوي دي أمانة أمنتني عليها أختي قبل ما تموت ، حاسة إني هموت و هسيبها…

قاطعتها قائلة بلهفة :- تفي من بوقك يا صفية متقوليش كدة إن شاء الله هتخفي و تبقي زي الفل و أنتي بنفسك اللي هتلبسيها الطرحة ..

نظرت للأعلى و أردفت برجاء :- يا رب ، دي تبقى أمنيتي الوحيدة و بعدها ربنا ياخد عمري علطول مش مشكلة علشان لما أروح لفاطمة أقولها حافظتلك على الأمانة زي ما طلبتي.

أومأت بخفوت ، و رسمت خطوط الأسى على وجهها ، وهي تشعر بالشفقة تجاهها ، فجمعت رباط جأشها قائلة بحذر :- طيب يا أختي أنتوا دورتوش على أبوها اللي راح الخليج وما رجعش ده لحد دلوقتي؟!

لمع الدمع بعينيها حينما أتتها تلك الذكرى فهتفت بتهكم :- لا يا سميحة ما فيش أخبار عنه من وقت ما سابها هي وبنتها منعرفش عنه حاجة .

هزت رأسها بتعاطف قائلة بغل :- ربنا ياخذه راجل دون ده بدل ما يسأل عن بنته و يقول أربيها كأنه ما صدق و لقاها ! تلاقيه متجوز الواطي وعايش حياته والبنت اليتيمة دي يا عيني طافح الكوتة ، منه لله حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد ظالم بالشكل دة .

جففت دموعها بيدها وهي تمسك جانبها الذي أشتد عليه الألم ، فانتبهت لها الأخرى فهتفت بذعر :- مالك يا صفية أروح أنادي حاتم من تحت بسرعة يشوف دكتور؟

هزت رأسها بالنفى قائلة بوهن :- لا ملوش لزوم اقعدي يا سميحة أنا عاوزاكي في موضوع مهم فيه حياة أو موت بس فيكي من يكتم السر ؟

شهقت ب ة قائلة بعتاب :- أخص عليكي يا أم حاتم بقى بتشكي فيا دة إحنا أهل !

أردفت بتوضيح :- أنا مش قصدي كدة ، أنا مش عاوزة أي مخلوق خلقه ربنا يعرف اللي هقولهولك دة لأن محدش يعرف بالسر دة أبداً ، والكلام اللي هاقوله خطير لو طلع الدنيا هتتقلب أنا هحكيلك سر كتماه يجي من خمسة عشر سنة آن الأوان أنه يطلع ، هطلعه بس عشان البنت الغلبانة دي اللي ملهاش ضهر من بعدي .

أردفت بحذر ، و دقات قلبها تزداد بقلق :- ماشي يا أختي قولي سرك في بير يا حبيبتي .

نظرت لها مطولاً ، و بدأت تقص عليها ما يجثو فوق صدرها طول تلك السنوات بعيون يسيل منها الدمع كالشلال ، وهي تخبرها بمعاناة شقيقتها الراحلة ، وما عانته من ويلات ، بينما اتسعت أعين ذلك الواقف ب ة عندما كان في طريقه للعودة لأخذ هاتفه الذي نساه ، و وقف كالتمثال حينما التقطت أذنه ذلك السر الخطير ، وعينيه تزداد اتساعاً كلما قصت والدته بالمزيد ، و لا يصدق ما يسمعه ، أيعقل ما سمع للتو !

انتهت من سردها قائلة برجاء :- أمانة عليكي يا سميحة ما تقولي لحد دي أمانة حافظي عليها من بعدي .

مسحت دموعها قائلة بصوت متحشرج :- اطمني يا أختي سرك في بير و رحيق هتفضل أمانة و زي بناتي بالظبط و مش هخلي حد يهوب ناحيتها ولا يأذيها اطمني يا أختي و حطي في بطنك بطيخة صيفي .

أومأت لها بخفوت قائلة :- تعيشي يا سميحة بنت أصول بصحيح .

نزل للأسفل و كأن على رأسه الطير ، و عقله في حالة ة ، ثم هتف بخبث :- بقى كله دة يطلع من ورا ست الحسن والجمال دي ! لا دة الواحد يقعد على رواقة بقى و يتكتك و يشوف هيعمل إيه ، لازم استفاد من ورا المصلحة دي كويس أوي و أبقى مغفل لو سبت الفرصة تضيع مني ..

قابل مدحت الذي هتف بمجرد أن رآه :- صباحو يا عمنا …
ثم جلس قبالته بينما هتف الآخر :- صباحك فل ، إيه مش ناوي تلين راس بنت خالتك دي و تخليها توافق ؟!

أردف بغيظ مكبوت :- أعملك إيه يعني ما هو على يدك دي رفضتك يجي خمس مرات ، و لما أمي بتسألها ليها بتقولها إنك متجوز و هي استحالة تتجوز واحد متجوز .

رفع حاجبه الذي يمر به خط طويل نتيجة لإحدى مشاجراته في المنطقة قائلاً باستنكار :- الله ! و فيها إيه أنا راجل مقتدر ، و أقدر أفتح بدل البيتين أربعة ، عمالة تتقنعر عليا ليه مش فاهم ، دة أنا هعيشها ملكة بدل العيشة اللي عيشاها دي .

جعّد وجهه بضيق قائلاً :- أهو العيشة اللي أنت شايفها دي عجباها يا مدحت .

غمغم ب :- لا بقولك إيه أنا عامل حساب للعيش و الملح اللي بينا ، هتعصلج معايا هوريك وشي التاني إحنا بينا إتفاق نسيت ولا أفكرهولك !

جز على أسنانه ب قائلاً بغيظ مكبوت :- لا فاكر يا مدحت ، بس أنت كمان استنى عليا مهلة كدة أكون جبتلك الفلوس كلها .

كاد أن يصل حاجبه أعلى رأسه، و هو ينظر له بدهشة قائلاً :- نعم نعم ! قولت إيه ؟! عيد اللي قولته تاني كدة !

أردف بضجر :- بقولك استنى عليا كام يوم و هجبلك الفلوس كلها لحد عندك .

نظر له قائلاً بسخرية لاذعة :- و دة منين إن شاء الله ! يكونش يلا سر ك محل دهب ولا تلك ! ما هو مش بعيد على الحشاشين اللي زيك .

أردف ب :- حوش أنت اللي شيخ جامع جرا إيه يا مدحت ما إحنا دافنينه سوا بتلبش بالكلام ليه بقى دلوقتي و بتسيحلي في المنطقة ؟

هدر ب :- علشان مبقتش حاتم اللي أنا أعرفه فين كلامك ليا اللي اتفقنا عليه ؟

تأفف بضجر قائلاً :- و بعدين معاك يا مدحت ما تهدى و تخلي صباحيتك تعدي الله ! هو المدام عكننتها عليك في البيت جاي تطلعه علينا هنا !

نهض من مكانه ب كالمرجل ، ثم جذبه من تلابيب ملابسه قائلاً :- لا دة أنت كمان عاوز تتربى ياض وأنا اللي هعلمك الرباية كويس .

قال ذلك ثم انهال عليه ي ه ، و الآخر يسدد و يتلقى ، و سرعان ما تحول الأمر إلى شجار عنيف تجمع أهل المنطقة على أثره ، حيث وقفت السيدات في الشرفات و النوافذ يراقبن الموقف بفضول من الأعلى .
تقدم أحدهم و حاول الفصل بينهما قائلاً بروية :- استهدى بالله كدة يا مدحت أنت و حاتم و أخذوا الشيطان .

و حينما لم يستطع الفصل بينهما نظر للملتفين حولهم قائلاً بحدة :- ما تساعدوني بدل ما انتوا واقفين كدة تتفرجوا مش فيلم هو ..

و بالفعل استجاب له البعض ، و تقدموا ناحية ساحة الشجار ، و استطاعوا الفصل بينهما فصاح مدحت ب المكبل بواسطة بعض الرجال :- سيبوني عليه أعلمه الأدب .

أردف حاتم بنفس ال وهو يحاول الوصول له :- تعلم على مين يالا دة أنا أشرحك مكانك ..

أردف ب :- طب و ديني و ما أعبد لو ما جبت الفلوس يا حاتم لأكون ك بأيدي .

صرخ ب :- على الجزمة هتاخدها فلوسك أنت هتزلني بيها .

تدخل أحدهم قائلاً :- خلاص يا ابني وحد الله كدة منك ليه ، ويلا كل واحد يشوف مصلحته .

أنصرف الجمع الغفير المنتشر ، بينما هتف صاحب الورشة بغلظة :- من النهاردة ملكومش أكل عيش عندي روحوا كلوا عيش في حتة تانية .

أخذا يتفرسان ببعضهما البعض بكره شديد ، ثم انصرف كلاً منهما إلى وجهة مختلفة ، و بداخلهم حقد يتصاعد كألسنة اللهب ………………..

الفصل الثاني

وقفت أمام الشقة الخاصة بعمها ، فرفع الصغير ذراعيه للأعلى قائلاً بتذمر :- ماما شليني عاوز أرن الجرث .

ضحكت بخفة على مشاغبة الصغير ، و بالفعل امتثلت لطلبه ، و قامت بحمله ، فوضع الصغير أصبعه على زر الجرس ولم يتوقف أبداً عن الضغط .

فتحه إسلام ، وما إن رآه حمله بسرعة بين ذراعي والدته بينما كتمت الأخرى انفاسها حينما كان مقترباً منها لأخذ الصغير حتى لا يسلبها منها في كل مرة عندما يهجم بضرواة على أوتار قلبها فتزيد من دقاته الصاخبة .

نظرت أرضاً كي لا تلتقي عيناها بعينيه فيقرأ فيهما سطور العشق المسطرة منذ زمن فيفتضح أمرها ، و عندها سيلومها الجميع أنست زوجها بتلك السرعة لتقع في غرام شقيقه ! و لكنهم لا يعلمون أن عشقه يسكن في ثناياها منذ أن كانت طفلة ، و حاولت الكثير و الكثير أن تمحيه ، و لكن دون جدوى، فمهما هربت تجد طريقها مسدود .

فاقت من شرودها على صوته الذي ما زادها إلا عذاباً حينما هتف بمرح و هو يقبل وجنة الصغير :- أهلاً أهلاً بحبيب عمو ، إزيك يا بطل ؟

هتف الصغير بابتسامة مشرقة :- كويث إثلام .

ضحك قائلاً :- ياض أنا عمك مش إسلام عيب كدة ، تعال يا بطل سلم على جدو و تيتة ..

ثم أضاف بهدوء و هو يوجه حديثه لمريم :- تعالي يا مريم هتفضلي عند الباب كتير !

أومأت له بخفوت ، ثم دلفت خلفهم و ألقت التحية على الموجودين فردوها عليها ببشاشة وجه .
انشغلوا بالطفل فهو عوض الله لهم عن ابنهم الفقيد ، فابتسمت بخفوت و لمع الدمع بعينيها سريعاً ما شكلت طبقة كرستالية محتهم على الفور ، و جاهدت في رسم إبتسامة واسعة على وجهها ، و لا تعلم إلى متى ستصمد ؟

هتف موسى الذي يضع الصغير على قدميه :- فطرت ولا لسة يا أبو حميد ؟

أومأ الصغير بنعم قائلاً :- أيوة يا جدو الحمد لله ، يلا علشان نروح تحت الكوالة .

ضحك الجميع على نطقه الخاطئ فأردف موسى :- اسمها وكالة يا أحمد وكالة ، تمام يا بطل و ماله أهو تتشرب الصنعة من وأنت صغير .

قال ذلك ثم نهض قائلاً ممسكاً بيد الصغير :- يلا كمان يا إسلام علشان تحصلنا زمان عمك فتح الوكالة بدري هو و محمود .

أردف إسلام بطاعة :- حاضر يا بابا ..

غادر بهدوء بصحبة الصغير ، بينما هتفت عواطف بحب :- تعالي يا مريم افطري مع إسلام .

هزت رأسها بنفي قائلة :- تسلمي يا مرات عمي أنا فطرت مع أحمد بالهنا كلوا أنتوا .

توجهت و جلست على الأريكة بالقرب منهم ، تقضم أظافرها بتوتر ، شُلّت حواسها ، و جحظت عيناها ب ة ، و توقفت ات قلبها حينما سمعت زوجة عمها تقول :- بقولك إيه يا إسلام يا ابني أنت أهو ما شاء الله خلصت كليتك ليك سبع سنين و شقتك بقت جاهزة من مجاميعه ، ها فاضل إيه تاني يا حبيبي مستني إيه ؟! نفسي أفرح بيك يا ضنايا بعد ما أخوك الغالي فارقنا مبقاش ليا إلا أنت و أختك .

زفر بضيق قائلاً بشبح ابتسامة :- حاضر يا أما أديني وقت أظبط أموري و هبقى أشوف .

أردفت بلهفة :- ما تقلقش أنا عندي ليك حتة عروسة إنما إيه جمال و أدب و ….

قاطعها قائلاً بضجر :- خلاص يا أما هبقى أشوف أنا نازل الوكالة عند أبويا ..

أنهى كلماته و نزل مسرعاً و تلقائياً وجد عينيه تقع على منزل تلك التي نقضت العهد ، عندما عاهدته بأنها ستكمل معه الطريق ، و لكنها تركته في بدايته حينما أتتها الفرصة للعيش في منطقة أكثر رقياً من هذه المنطقة مع هذا الثرى الذي تشبثت به بقوة لينتشلها من هذه المنطقة الشعبية .
ابتسم بسخرية ، و هز رأسه بندم على ما كنّه من مشاعر لها ، و نزل للأسفل ليتابع عمله بالوكالة ، حيث أنه يدير قسم الحسابات و يشرف على البضاعة بعملهم الخاص .

شعرت بالصقيع يسري في أوصالها فارتجفت بقوة وكأنها في الشتاء رغم حرارة الجو .
دمار تام خيم على مدينة قلبها فأصبحت عبارة عن كوم تراب . ماذا تنتظر ؟! أستظل توهم نفسها بالمزيد من الأحلام التي من المستحيل تحقيقها الآن !

شحب وجهها كالموتى ، و تأكدت اليوم أنه لن يكون لها مثل كل مرة كانت تُمني حالها فيها . تحجرت الدموع بعينيها ، و هدأت وتيرة أنفاسها ، و كم تمنت الموت في هذه اللحظة لتنال الراحة بدلاً من دوامة العذاب التي تغرق فيها .

اقتربت منها عواطف قائلة بابتسامة عذبة :- إيه رأيك يا مريم في بنت عم صالح أسماء ؟

هزت رأسها بضياع قائلة :- ها …بتقولي إيه ؟

لاحظت حالتها فأردفت بقلق :- مريم مالك يا بنتي ؟ وشك أصفر كدة ليه ؟

نهضت تتحامل على ذاتها قائلة بنفس الحالة :- أنا طالعة فوق ماما عاوزة تغسل السجاد وهساعدها ..

و بالفعل تركت المكان بسرعة حتى لا تنهار أمامها ، لم تجد غيرها صديقتها الوحيدة بالشقة المقابلة لهم فطرقت الباب سريعاً ففتحته والدة بثينة التي هتفت بقلق هي الأخرى :- في إيه يا مريم يا بنتي ، حد جرالوا حاجة ؟

هزت رأسها بنفي قائلة بضعف وهي على وشك الصراخ :- لا مفيش …مفيش ..عاوزة بثينة بس..

أومأت بتعجب قائلة :- طيب تعالي هي قاعدة جوة في أوضتها كويس أنها مارحتش الشغل النهاردة .

توجهت بسرعة لغرفتها ، بينما أخذت تتطلع لها الأخرى بدهشة ، و لكن هزت رأسها بهدوء فلتعرف ما بها من ابنتها لاحقاً .

فتحت الباب على حين غرة ، فقفزت الأخرى في مكانها على أثره و ما إن رأتها هتفت بذعر :- مريم مالك يا حبيبتي ؟

احتضنتها بقوة ، وهنا سمحت لنفسها بالانهيار ، إذ سقطت جميع حصونها التي تتظاهر بالقوة ، و انخرطت في موجة بكاء غير معهودة منها .

أتت والدتها على صوت البكاء قائلة بقلق :- في إيه يا بثينة مالها مريم ؟

هتفت بقلق :- والله ما أنا عارفة يا أما ، سيبينا دلوقتي لحد ما تهدى و هعرف مالها .

أومأت بموافقة قائلة :- ماشي وأنا هروح اعملها حاجة تشربها تهديها .

بعد فترة هدأت وتيرة بكائها فأردفت بثينة بهدوء :- ها يا مريومة مش هتقوليلي مالك بقى ؟

أردفت بصوت متحشرج و قد خيم الحزن على كل خلية بداخلها :- تعبت أوي يا بثينة مبقتش قادرة استحمل خلاص جبت آخري .

أردفت بقلق :- ليه بس فيه إيه ؟

السابقانت في الصفحة 1 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
14

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل