منوعات

بقلم زكية أحمد ج1

ضحكت بمرار قائلة :- أقولك إيه ولا إيه خليني كاتمة أحسن يمكن روحي تطلع و ارتاح بدل الغلب اللي أنا فيه .

شهقت بصوت عال و أردفت باستنكار :- بقى هي دي مريم اللي أنا أعرفها ! لا لا مش هي أبداً فين مريم القوية اللي بمية راجل .

أردفت بتعب :- خلاص مريم معادتش قادرة تمثل دور مش دورها أنا بقف قدامهم ساكتة و جوايا خراب .

ربتت على ظهرها بحنو قائلة :- أهدي بس و قوليلي في إيه ؟

مسحت عبراتها ب قائلة بكذب :- بابا مش راضي يخليني أشتغل ، هو أنا واخدة الشهادة عياقة يعني !

أردفت بحذر :- طيب بس أهدي كدة الأول ، يعني إنتي مش عارفاه هي أول مرة ! لا لا مش دة السبب أنا عارفاكي كويس ، ها في ايه تاني ؟

هتفت بخزي من حالها و وجع :- مرات عمي جابت لإسلام عروسة و شكله هيوافق عليها المرة دي .

أردفت ب ة :- بتقولي إيه؟ طب طب وإنتي؟! إزاي ؟

أجابتها بحرقة :- زي الناس يا بثينة هو من حقه يتجوز ولا هيفضل كدة يعني !

هزت رأسها بنفي قائلة:- لا مش قصدي كدة بس …بس وإنتي ؟

أغلقت عينيها ب قائلة بقلب ذبيح تلطخت اعماقها بدمائه :- عادي يا بثينة و إيه الجديد ؟! قلبي أتعود على كدة فمبقتش فارقة خلاص ، أنا هعيش لأحمد وبس كفاية الأنانية اللي أنا فيها دي .

أردفت بشفقة :- خلاص يا حبيبتي متعمليش في نفسك كدة أدي الله و أدي حكمته .

هزت رأسها بحزن قائلة :- و نعم بالله خلاص يا بثينة أنا مش هفكر فيه تاني ، أنا كل مرة بيجي في بالي بحس قد إيه إني واحدة خاينة لجوزها اللي ما صدقت يم.وت علشان تلوف على أخوه .

زفرت بثينة بحزن قائلة :- خلاص بقى يا مريم كفاية تحملي نفسك فوق طاقتها ما إحنا كلنا عارفين انك اتجوزتيه غصب عنك .

ابتسمت بمرار قائلة :- انتوا مين اللي عارفين يا بثينة ؟! هو إحنا هنضحك على بعض ! محدش يعرف حاجة عن الموضوع دة غيرك بس فمتعمميش و تقولي احنا ، على العموم يلا مجاتش عليه و لا جديد عليا إني أتوجع ، معلش يا بثينة تعباكي معايا علطول.

قطبت جبينها بعبوس قائلة :- عيب عليكي إنتي صاحبتي متقوليش كدة .

أردفت بود :- ربنا يخليكي يا بسبس والله من غيرك مكنتش هعرف اعمل ايه ، طيب أنا همشي دلوقتي علشان محدش يحس بغيابي أصل ما قولتش لحد .

هتفت بسرعة :- طيب استني أمي بتعمل العصير .

– لا معلش أبقي سلميلي عليها أنا مروحة أشوفك بعدين .

وما إن همت لترحل عاجلتها بسؤال أعاد الحزن لها مجدداً و كأنها والدته و هو لا يريد تركها :- هي صحيح مين دي اللي أم إسلام عاوزة تجوزهاله؟

ابتسمت بوجع قائلة :- أسماء بنت عم صالح .

اتسعت عينيها بدهشة قائلة :- أسماء !

أومأت بموافقة قائلة بتهكم :- أيوة أسماء صغيرة و متجوزتش قبل كدة يعني مناسبة له كتير ، بالإذن يا بثينة .

قالت ذلك ثم غادرت بخطوات أشبه بالسلحفاة عائدة أدراجها بعد أن جففت دموعها ، و جاهدت في رسم إبتسامة باهتة سرقتها خلسة من الزمن ، و طرقت الباب لتفتحه توحيدة ، فدلفت لغرفتها مباشرة بينما وقفت والدتها تطالع أثرها بقلب جريح على حال ابنتها التي تراها كالشاه المذبوحة وهي تقف تشاهدها دون أن تمد لها يد العون .

رفعت انظارها للسماء تتضرع إلى الله بأن يخفف عن ابنتها و يرزقها كل الخير .

دلفت لغرفتها بخطوات بطيئة، و ألقت بنفسها ب على الفراش ، و أخذت تحدق في سقف الغرفة التي شهدت على الكثير من معاناتها طوال تلك السنوات .
بهتت ملامحها كعجوز في الثمانين تحمل من الهموم مما يفوق الجبال ، و زادت هالاتها السوداء حول عينيها البندقية الواسعة ، و نقص وزنها كثيراً عما كانت عليه سابقاً .

تحملت الكثير دون أن تشكو ، لا تحب أن تشارك غيرها أوجاعها لأنها تخصها وحدها ، ولن يشعر أحد بالحزن لذا لم تتحدث .
ابتسمت بسخرية ، لمن ستتحدث ؟ لوالدها كي ي ها إن علم أنها تحب شقيق زوجها الراحل ! ، ام لوالدتها التي تتبع والدها في كل شئ تجنباً ل ه ! ، واما لشقيقها الذي ورث الطباع الحادة من والده !

أخذت تبحر بذاكرتها للخلف ، تمر عند كل مرسى به حدث أو ذكرى ، زادت من وتيرة بكائها المكتوم الذي لا يدري به أحد من الأساس ، تود أن تصرخ و تثور ولكن إن فعلت ستصبح عاقة لهما ، وهي لا تريد ذلك أبداً ، لا تريد أن تقطع أي حبل يوصلها بطريق الله ، لذلك توافق والدها على أي قرار يتخذه حتى وإن كان هذا سيضر بمصلحتها ، أو يعارض رغبتها .

أخذت تنتحب بصمت لتفرغ شحنتها السلبية ، و لتنهار الآن لكي تستطيع أن تقف على قدميها قوية في الأيام المقبلة التي ستشهد على م ها بالبطيئ .

___________________________________

صعد للأعلى بوجه متجهم للغاية ، و اغلق الباب خلفه بقوة ، و جلس بإهمال على أحد المقاعد المتهالكة ، و أخذ يهز قدمه ب ية شديدة.

تحاملت والدته على نفسها و أخذت تسير حتى وصلت لعنده ، و جلست بتعب قبالته قائلة بوهن :- بردو دي عمايل تعملها يا ابني بتقطع عيشك بأيدك !

هتف بانفعال :- يعني كنتي عاوزاني أعمل إيه يا أما ! دا ابن **** عاوز الحرق .

هزت رأسها بأسى قائلة :- يعني من كتر الشغل دا الواحد بيتعلق في قشاية في زمان ما يعلم بيه إلا ربنا.

أردف ب :- كله من بت أختك لو رضيت تتجوزني مكانش دة حصل .

جعّدت أنفها بغرابة قائلة باستنكار :- و إيه دخل دة بدة ؟! انت بتخلط الأمور ببعضها ليه؟ و يعني هي وافقت وأنا قلت لا ، البت مش راضية وأنا مش هغصبها على حاجة يا ابن بطني .

نظر لها بخبث قائلاً :- ماشي يا أما براحتها .

تأوهت بألم قائلة :- آه ألحقني يا حاتم هموت مش قادرة جنبي واجعني ..
قالت ذلك ثم فقدت وعيها على الفور …

______________________________________

نزل من طيارته الخاصة ، يحاوطونه الحراس الخاصين به كالحصون الفولاذية المنيعة ، يمشي بخطوات سريعة عندما أتى له اتصالاً أثناء رحلته إلى بلجيكا في صفقة عمل بمرض عمه الشديد الذي يرقد في الفراش لا حول له ولا قوة .
صعد للسيارة بسرعة ، و جلس في المقعد الخلفي، بينما أنطلق السائق حيث مكان عمه بالمشفى الضخم الخاص بهم .

بعد وقت توقفت السيارة أمام المشفى ، و نزل السائق يسرع بفتح الباب الخلفي ، فنزل ببرود كحالته ، و مشي بخطوات للداخل حتى ابتلعه المبنى .

استقل المصعد متوجهاً للطابق المتواجد به عمه و البقية وما إن رآهم هتف بجمود و هو يقف بثباته المعتاد :- عمي حالته إيه دلوقتي ؟

هتفت ناريمان زوجة عمه ببكاء :- حالته متأخرة أوي يا مراد مفيش أمل أنه يمشي تاني .

قوس حاجبيه ب مكبوت قائلاً بحدة :- و البهايم اللي هنا وظيفتهم إيه ؟ لو مش عارفين يعملوا حاجة حالاً نسفره برة .

هتف والده بحزن :-يعني هيعملوا إيه اللي برة ؟! المستشفى هنا فيها أحسن الدكاترة كلهم قالوا إن حالته متأخرة .

زفر بضيق و استعاد ثباته قائلاً بجمود :- و جدي فين ؟
ثم نظر لجدته التي ورث منها الغطرسة قائلاً :- جدي فين يا نانا ؟

هتفت بهدوء :- تعبان شوية يا مراد ، قاعد جوة في الأوضة اللي جنب عمك .

أردف بهدوء :- طب أنا عاوز أشوفهم .

اقتربت ابنة عمه التي تغرق الدموع عينيها ، و هي تقدم على احتضانه، إلا أنه أوقفها بإشارة من يده بأن لا تقترب من تلك المنطقة المحظورة التي لم تقترب منها أي أنثى من قبل .

جزت على أسنانها بغيظ منه ، ودت لو تلكمه ، و لكن هيهات أن تعبث مع ذلك الجامد كالثلج . هتفت بدموع في محاولة منها لكسب عطفه نحوها :- بابا يا مراد خلاص مفيش أمل أنه يمشي تاني .

لم يتحدث بكلمة فهو غير جيد في تلك الأمور العاطفية، فهو كالآلة يتحرك بوقت ، و يعمل بوقت ، أو بالأحرى يقدس العمل و الوقت .

نظر لوالده قائلاً :- أنا هدخل أشوف جدي على ما يطلع الدكتور و نطمن على عمي .

استدار مولياً إياهم ظهره بينما هتف شادي بخفوت :- يخربيت برودك يا أخي إيه دة ؟!

بعد دقائق أتى الطبيب للإطمئنان على صحة مجدي و بعد أن فحص مؤشراته خرج و على وجهه إمارات الأسى فهتف عمران بلهفة :- طمني يا دكتور أخويا حالته إيه ؟

هز رأسه بحزن قائلاً :- للأسف العملية فشلت و فرصة أنه يمشي من تاني ضئيلة دة إن مكانتش مستحيلة مش قدامنا حاجة نعملها دلوقتي.

أتاه صوته الحاد قائلاً :- يعني إيه مش قدامك حاجة تعملها أنت بتهزر !

زفر الطبيب بضيق قائلاً :- يا باشمهندس مراد حالة عمك مفهاش أمل ، إحنا عملنا اللي علينا و زيادة ولو عاوز تاخده تسفره برة براحتك .

رُسم الأسى على الجميع فأردف الطبيب بهدوء :- هو فايق دلوقتي و طلب مني إنك تدخله لوحدك .
حالة من الدهشة و التعجب خيمت عليهم بما فيهم هو . أومأ بهدوء ثم دلف لغرفة عمه .

قطبت ميس جبينها بتعجب قائلة :- غريبة ! يا ترى عاوزه في إيه ؟

هز عمران كتفه بعدم معرفة قائلاً :- ما أعرفش يا ميس علمي علمك .

كانت تقف و بداخلها فضول لمعرفة سبب طلبه له بالداخل بمفرده ، و تمنت أن تقرأ الأفكار الآن لتعلم السبب و ترضي فضولها .

بعد وقت قضاه بالداخل ، خرج و وقف بعيداً عنهم قليلاً ، بينما أخذ البقية يتفرسونه بعمق لعلهم يستشفون أي شئ ، و لكن ملامح وجهه الجامدة حالت دون ذلك .

تقدمت منه زوجة عمه التي ي ها الفضول و هتفت بحذر :- هو …هو مجدي قالك إيه جوة ؟ يعني …يعني طمنا عليه هو كويس ؟

أردف بجمود :- اطمني يا مرات عمي هو كويس ، وهو وصاني عليكم وإني أخد بالي منكم .

هزت رأسها بهدوء ، و بداخلها غير مقتنع بما أملاه عليها ، و اشتعلت نيران غاضبة بداخلها نستها منذ زمن بعيد ، و جزت على أسنانها بغل إن كانت ما تفكر به صحيح .

______________________________________

تعبت قدميهما و صرخت باستغاثة كي يكفوا عن السير و ينالوا قسطاً من الراحة .

هتفت آلاء بصراخ و تذمر :- رحيق أبوس إيدك كفاية أنا رجليا ورمت مش قادرة خلاص أمشي تاني .

هتفت بتعب هي الأخرى :- يلا بس معلش تعالي على نفسك شوية مش هنرجع و أدينا فاضية .

هزت رأسها بنفي قائلة باعتراض :- لا ، لا كفاية أنا جبت آخري ، طب نرتاح شوية .

غمغمت بضيق :- خلاص يا آلاء تعالي نقعد تحت الشجرة هناك على ما رجل سيادتك تخف و ترتاح .

ابتسمت بسماجة قائلة :- ربنا يباركلك يا رب ، اللعب ربنا ينصرك ، اللهي …..

قاطعتها قائلة باستياء :- خلاص يا آلاء إنتي مش قاعدة على باب السيدة هنا قدامي .

ضحكت بخفة، ثم توجهتا تحت الشجرة ، و جلستا على. الأريكة الخشبية ، و هن يلتقطن أنفاسهن بتعب من السير الطويل .

أخذت تمسد على قدميها قائلة بتعب :- اه يا اني يا أما كان مالي ومال التعب دة بس يا ربي .

ابتسمت بألم قائلة :- معلش استحملي علشان خاطري أنا عاوزة ألاقي شغل بأي شكل من الأشكال و بسرعة إن شاء الله اشتغل خدامة بس أهو اسمه بشتغل .

أردفت بتوبيخ و تمني :- بس يا هبلة خدامة إيه دة كمان ! إنتي فاكرة إحنا لسة عايشين في عصر البهوات دة ولا إيه ؟ لا إن شاء الله هندور تاني وتالت و رابع و ربنا معانا. .

زفرت بضيق قائلة برجاء :- يااااارب …

بعد فترة نهضتا سوياً و أكملتا السير ، و بينما كانتا تبحثان اصتدمت رحيق بسيدة فهتفت بسرعة :- أنا آسفة ما أخدتش بالي .

ابتسمت لها بود قائلة :- لا عادي ولا يهمك ، واضح انك تعبانة …

تدخلت آلاء قائلة :- اه أصلنا بنلف من الصبح على شغل .

هتفت بدهشة :- إيه دة انتوا بتدوروا على شغل ؟!

أومأت بنعم فضحكت بخفة قائلة :- و اللي يجبلكم ؟

أردفت آلاء بمرح :- أديله بوسة كبيرة .

ضحكت بصخب عليها قائلة :- لا إنتي شكلك مشكلة . آه يا ستي ليكم عندي شغل .

هتفت رحيق بتعجب و قلق :- شغل إيه دة يا أستاذة ؟

أردفت بخفوت :- طيب هنتكلم كدة إحنا و واقفين ، تعالوا نقعد في أي كافيه قريب من هنا .

و حينما رأت التوتر مسطر في أعينهن أردفت بمرح :- متقلقوش تعالوا هعزمكم أنا زي أختكم ولا إيه ؟! تعالوا مش هخطفكم.

وزعن أنظارهن بينهن و بين تلك الماثلة ، و حسموا أمرهم أخيراً و توجهوا معها .

جلستا قبالتها بتوتر ملحوظ ، بينما أردفت هي بود :- ها بقى تحبوا تشربوا إيه ؟

أردفت رحيق بتوتر :- لا لا شكراً مفيش داعي .

قطبت جبينها قائلة بتذمر :- بت هو إنتي بخيلة ولا إيه ؟
ضحكت آلاء بمرح قائلة :- سيبك منها أنا عاوزة أشرب عصير مانجا ، و هاتيلها هي عصير فراولة أصلها بتعشقها .

دفعتها بقدمها بغيظ من تحت الطاولة فأردفت آلاء بتذمر :- في إيه يا بنتي هو أنا بكدب يعني ولا بكدب !

ضحكت بغيظ لتخفف من حدة الموقف، و وجدت لو ت ها في الحال ، بينما هتفت الأخرى بتهذيب :- هعرفكم بنفسي أنا سندس عامر خريجة تجارة إنجلش و بعد سنين من الكفاح فتحت ليا مكتب تسويق و مبيعات و محتاجة موظفين جداد ومن حظي لقيتكم في وشي .

نظرت رحيق لها بتردد قائلة :- أاا…هنبقى نشوف و نرد على حضرتك .

ضحكت بنعومة قائلة :: يا بنتي أسمي سندس و بس مش حضرتك ، هو أنتوا صحيح أسمكم إيه ؟

أردفت آلاء بمرح :- محسوبتك آلاء خريجة تربية قسم لغة إنجليزية و الأخت دي بقى رحيق مزة الدفعة و معايا في نفس التخصص .

ضحكت بخفة قائلة :- تشرفت بمعرفتكم يا قمرات .

أردفت رحيق بتعجب :- بس أظن إحنا تخصصنا مينفعش مع نوع الشغل عندك .

أردفت بروية :- بالعكس دة ينفع و بزيادة كمان هو أنتوا مش perfect في اللغة ولا إيه ؟!

أردفت آلاء بسرعة :- لا والله إحنا واخدين كورسات فيها جنب دراستنا تحبي تختبرينا ؟

هزت رأسها بهدوء قائلة :- اه إن شاء الله بس لما تشرفوني في الشركة بكرة ….
ثم مدت لهم بكارت قائلة :- و أدب الكارت و العنوان لو حبيتوا تيجوا أنا مستنياكم بعد أذنكم علشان ورايا مواعيد ضروري دلوقتي.

قالت ذلك ثم تركتهن يتخبطن في حيرتهن فهتفت آلاء :- مالك يا رحيق مصدرة الوش الخشب ليه ؟

أردفت ببساطة :- علشان بصراحة مش واثقة فيها ، إيه اللي ضمني أنها صادقة ؟

رفعت حاجبها قائلة باستنكار :-نعم يا أختي ! دة اللي هو إزاي يعني ؟ هو إنتي بتتفرجي على مسلسلات كتير ؟!

أردفت بضجر :- الحكاية مش كدة بس بصراحة أنا قلبي مش مطمن للموضوع دة .

أردفت بروية :- يا ستي نبقى نروح نشوفها و بعدين لو معجبناش الوضع نبقى نمشي ، متخافيش مش إحنا مع بعض ايه اللي قالقك؟

هزت رأسها بموافقة قائلة :- على رأيك ماشي بكرة نشوف إن شاء الله .

قاطع حديثهم رنين هاتف رحيق فالتقطته ، و ما إن رأت المتصل هتفت بضيق :- يوووه كانت نقصاك انت كمان .

أردفت بضحك :- ابن خالتك اللي مسجلاه التنح آه بس لو شافك طيب ردي ..ردي لا يكون في حاجة مهمة .

أومأت لها ثم أجابت على الهاتف ، و ما إن وضعته شحب وجهها ، و ظلت كالتمثال ، و تحدثت دموعها فقط حينما هطلت بغزارة كالشلال حينما أتاها رده قائلاً :- انتي فين ؟ أمي ماتت …ماتت ….

هتفت آلاء بقلق :- في إيه يا رحيق ؟ مالك يا حبيبتي ؟

سقط الهاتف من يدها و هتفت بضياع :- خالتي ماتت ..ماتت يا آلاء ماتت ..

عند هذه النقطة شعرت بأن الجدار الذي تحتمي خلفه أنهار فما عاد لها حصن يؤيها …

بعد مرور أسبوعين ، تجلس على الأريكة ، والحزن نال منها تلك المرة و طرحها أرضاً بأشد ما لديه من قوة .
ملابس سوداء ، سيدات من الجيران و الحي أتوا لتقديم العزاء ، تستقبلهم بجسد هربت منه الحياة . بجوارها تجلس صديقتها آلاء ، و على الجانب الآخر تجلس جارتها سميحة التي تساقطت دموعها حزناً على رفيقتها ، و كأنها كانت تشعر بقدوم ساعتها لذلك أوشت لها بذلك السر الكبير .

نظرت لرحيق بطرف عينيها قائلة بحزن و خفوت :- شيلتيني أمانة كبيرة أوي أنا مش قدها يا صفية ، ربنا يعيني و يقدرني .

هتفت آلاء بدموع :- قومي كلي يا رحيق ما تعذبيش نفسك ، فكرك كدة هي فرحانة يعني و مبسوطة ! قومي ربنا يهديكي .

هزت رأسها بنفي قائلة بصوت متحشرج :- مليش نفس يا آلاء .

أردفت بنفاذ صبر و هي توجه حديثها لسميحة :- قوليلك حاجة يا خالتي .

أردفت بحزن :- والله يا بنتي تعبت معاها ، سبيها دلوقتي على ما الستات تمشي .

احتضنت جسدها الهزيل بحماية ، و دموعها تتسرسل كحبات اللؤلؤ، قلبها ينزف بغزارة ، لقد فقدت تلك السيدة الحنون التي كانت بمثابة والدتها ، لم تبخل يوماً أن تظهر فيه عاطفة الأمومة نحوها في حبها و خوفها و معاملتها الحسنة لها ، تركتها وحيدة للأيام تقذفها من هنا و هناك وسط أمواجها العاتية ، ولا تعلم ما تخبئه لها الأيام .

بعد وقت غادرن النسوة ، و أحضرت آلاء لها الطعام فتناولت بعض اللقيمات تحت ضغط سميحة التي أصرت و بعد عناء من المماطلة رضخت لطلبها ، فتناولت القليل والذي كان كالعلقم بالنسبة لها .

انت في الصفحة 2 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
14

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل